الزميل الفاضل تروث
أهديك هذه المقالة الصادره من الكاتب المشهور علاء الاسواني ,,,,حتى تضطلع لماذا نستطيع معرفة ما يدور في مصر ولا نعرف ما يدور في دياركم ا
دكتور علاء الأسواني
دكتور علاء الأسواني دكتور علاء الأسواني لمغلقه .... زيارة رايس المهينة

سنغير مصر بأيدينا

1
يفترض أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة، لكن السيدة كوندوليزا رايس لم تجد أدنى حرج فى أن تعطى تعليمات علنية لحكامنا و تحدثت بثقة واستعلاء عن مصر وكأنها من أملاكها الخاصة، أما السيد أبو الغيط فقد بدا بجوارها وكأنه موظف صغير يحاول اقناع المدير العام بكفاءته، أو كأنه ناظر زراعة يقدم كشف الحساب لصاحب الأرض، نفس الانحناءة والابتسامة المرتعدة ومحاولة قراءة وجه السيدة رايس وارضائها بأى طريقة.. والحق أن تصريحات رايس بالاضافة الى كونها مهينة قد حفلت بالأكاذيب.. فالسيدة رايس تطالب بانتخابات رئاسية نظيفة وهى تعلم جيدا أن التعديل الدستورى الأخير قد تم تفصيله على مقاس مبارك وأنجاله حتى يستمروا فى حكم مصر الى الأبد وأن الاستفتاء تم تزويره بالبلطجة وهتك عرض المصريات، وهى تعلم أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون مسرحية من نوع مونودراما ذات البطل الواحد، لأن الرئيس مبارك سينافس نفسه بنفسه أو ربما يُحضرون له بعض الكومبارس حتى ينهزموا أمامه، وقد أعلنت الحكومة أنها ستمنح كل واحد من هؤلاء الكومبارس مكافأة نصف مليون جنيه، تحت مسمى الدعاية الانتخابية، تقتطعها من أموال الشعب المصرى المنهوبة، كل ذلك تعرفه رايس جيدا وتعرف أيضا أن النظام المصرى فاسد من قمته الى أسفله،ولم يعد يطيقه أحد من المصريين ماعدا المنتفعين بالحزب الوطنى، تعرف رايس الجرائم البشعة التى يرتكبها النظام فى حق مواطنيه، لديها وقائع موثقة عن تعذيب آلاف المصريين وهتك أعراض زوجاتهم أمامهم وأرقام دقيقة عن المعتقلين فى غياهب السجون بدون محاكمة لسنوات طويلة.. لأحد من المصريين ماعدا المنتفعين فى الحزب الوطنى، تعرف رايس كل ذلك لكنها أثنت، بلا خجل ، على ديمقراطية مبارك وشجاعته .. ان زيارة رايس الفاشلة المهينة ربما تكون فائدتها الوحيدة تبديد الأوهام من أذهان بعض الطيبين الذين كانوا يتوقعون دعما أمريكيا لانتفاضة المصريين من أجل الحرية... لقد شهدت الادارة الأمريكية بعد 11 سبتمبر صراعا حادا بين اتجاهين للتعامل مع نظام مبارك: الأول يطالب بالضغط لتحقيق ديمقراطية حقيقية حتى ولو أدى ذلك الى سيطرة الاسلاميين على الحكم لأن الديمقراطية فى رأيهم الحل الوحيد لمشكلة التطرف، أما الاتجاه الآخر، المدعوم من اسرائيل، فيعمل على ابقاء نظام مبارك لفترة أخرى على الأقل، لأنه يرى أن أية انتخابات نزيهة فى مصر ستأتى الى الحكم بخليط من الاسلاميين والقوميين والمستقلين، وهؤلاء جميعا معادون لاسرائيل وسوف يكون التعامل معهم صعبا للغاية لأنهم وطنيون و منتخبون ولا يمكن ابتزازهم أوشراؤهم .. وظل الاتجاهان يتصارعان فى الادارة الأمريكية حتى انتصر الاتجاه الاسرائيلى، كالعادة، و هنا أغمضت الحكومة الأمريكية عينها عن الاستبداد والتزوير والبلطجة التى يمارسها النظام واكتفت بأحاديث عامة مثل التى رددتها رايس عن فوائد الديمقراطية، ثم حاولت أن تغطى تواطئها مع النظام بمطالبته بالتحقيق فى ضرب المتظاهرين وهتك عرض السيدات، ولم تتابع بعد ذلك نتائج التحقيق ولا حتى سألت عنه .. ان الانحياز للأنظمة المستبدة تقليد عريق فى السياسة الأمريكية ولا يمكن أن نتصور أن من يقتلون أهلنا ويهتكون أعراضهم فى العراق وفلسطين سيساعدوننا فى مصر على تحقيق كرامتنا.. أما الغريب فعلا فهو هلع النظام المصرى من غضب أمريكا ، فكلما تحدث مسئول أمريكى عن الديمقراطية ارتعد حكامنا فزعا ولأنهم يعرفون أن حب أمريكا لا يتحقق إلا برضا اسرائيل.. فقد قدموا كل ما لديهم لاسرائيل بدون مقابل إلا الشفاعة لدى الحكومة الأمريكية .. واذا راجعنا التواريخ سوف نجد أن كل حديث أمريكى عن الديمقراطية قد أعقبه تنازل من مصر لإسرائيل، فى هذا السياق وقعت اتفاقية الكويز وتم الافراج عن الجاسوس عزام وارتكب النظام المصرى جرائم مروعة فى حق أربعة الآف من مواطنى العريش انتقاما لمقتل الاسرائيليين فى طابا وأخيرا عاد السفير المصرى لاسرائيل، هذه المرة مع زيارة رايس كان لابد من هدية جديدة لاسرائيل،فأكد مصدر رسمى أن الرئيس مبارك قد يزور اسرائيل قريبا وأجرى الرئيس مبارك حديثا مع صحيفة يديعوت احرونوت بشر فيه الاسرائيلين بأن الأمن المصرى قد قبض على خلية ارهابية كانت تنوى مهاجمة أهل اسرائيل الودعاء.. وتم بحمد الله قتل اثنين من هؤلاء الأشرار بينما يجرى التحقيق مع الآخرين وهذه الجملة تعنى طبعا تعذيبهم ببشاعة ان علاقة النظام فى مصر قد توطدت باسرائيل على نحو غريب وغير مسبوق.. وصار حكامنا يعتبرون صداقتهم مع اسرائيل حماية لهم من غدر الزمان و تقلبات المزاج الأمريكى ..منذ أسابيع كشفت صحيفة معاريف الاسرائيلية ، عن صداقة عميقة تربط سيلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلى بالرئيس مبارك لدرجة أنه توسط للابقاء عليه فى منصبه، قال مبارك للمسئولين الاسرئيليين: غيروا وزراءكم كما تشاءون لكنى أتمنى أن يبقى سيلفان شالوم وزيرا للخارجية لأننى معجب به كثيرا وأكن له كل احترام وتقدير كما قالت الصحيفة .. والأغرب أن الصحفى الاسرائيلى سأل شالوم ساخرا : هل يعمل الرئيس مبارك من أجل مصلحة اسرائيل..؟ فضحك شالوم وقال: ماذا يمكننى أن أفعل؟.. هذه حقيقة ما فعله مبارك بلا زيادة ولا نقصان..
وقد شعرت بحزن بالغ وأنا أقرأ هذا الكلام عن رئيس مصر وانتظرت، بل تمنيت، أن أقرأ أى تكذيب من الرئيس مبارك.. لكنه مع الأسف لزم الصمت.. الصورة أصبحت فى بلادنا أوضح من أى وقت مضى .. نظام فاسد انتهى عمره الافتراضى أوصل بلادنا الى الحضيض فى كل المجالات ولا يعنيه إلا الاستمرار فى الحكم بأى طريقة وبأى ثمن، ومستعد من أجل الاحتفاظ بالسلطة لارتكاب كل أنواع الجرائم والتنازلات فى حق الوطن ،.. ان التغيير الديمقراطى لا يمكن أن تمنحه لنا رايس ولا أحد من العصابة التى تحكم أمريكا وتقتل أهلنا فى فلسطين والعراق.. التغيير قد بدأ فى مصر بأيدينا ونحن وحدنا، سوف نتمه كما بدأناه .. ان الانتفاضة التى بدأتها حركة كفاية وانضم إليها قضاة مصر العظام ثم المحامون والصحفيون وأساتذة الجامعة والأدباء والأطباء.. هذه الانتفاضة التى تتسع وتزداد قوة كل يوم ستصنع المستقبل .. نحن، وحدنا، سنغير مصر بأيدينا.. ؟
2
كلما قرأت عن التعذيب البشع الذى يتعرض له المصريون فى أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة ثار فى ذهنى سؤال: كيف يستطيع ضابط شرطة أن يعذب مواطنين مصريين مثله ثم يستأنف حياته بدون شعور بالذنب..؟ كيف يقدر هذا الضابط على النوم مع زوجته والنظر فى عيون أطفاله ويداه ملطختان بدماء الأبرياء..؟.. جاءت الاجابة فى الحملة الصحفية التى فجرها صديقى الأستاذ سعيد شعيب على صفحات العربى، عندما عرض كتاب يوميات ضابط شرطة لمؤلفه العميد السابق محمود قطرى، الذى يكشف بشجاعة وأمانة مدى الذل والمحسوبية والفساد الذى يعانى منه ضابط الشرطة فى مصر يوميا منذ التحاقه بالكلية.. ان التربية القمعية التى يتلقاها الضابط لا يمكن أن تساعده على احترام القانون أو معاملة المواطنين بكرامة، بل هى تدفعه الى العدوانية والقمع واذلال الناس.. لقد نجحت حملة سعيد شعيب وأثارت ردود فعل واسعة حتى صارت تصله يوميا عشرات الرسائل والمكالمات من ضباط ومواطنين عاديين.. وأتمنى أن تمتد هذه الحملة ليفهم الرأى العام فى مصر كيف يتم اعداد الجلادين فى جهاز الشرطة.. وحتى يفهم الضباط أنفسهم أن الحل الوحيد لمعاناتهم أن يتغير النظام الفاسد الذى يقمع الجميع حتى الضباط الذين يعملون فى خدمته .
3
نشرت جريدة الدستور على صفحتها الأولى، نقلا عن صحيفة أمريكية، أن شركة واحدة يمتلكها جمال مبارك تبلغ ميزانيتها 600 مليون جنيه.. ومرت عدة أسابيع ولم يكذب جمال مبارك الخبر مما يعنى ببساطة أنه صحيح.. ونحن نسأل: اذا كانت هذه قيمة شركة واحدة فكم شركة يملكها جمال مبارك وكم تبلغ ثروته..؟ وكيف استطاع أن يحقق هذه الثروة الطائلة؟ وأى نشاط هذا الذى يدر على المرء هذه الملايين؟ والى أى مدى استفاد جمال مبارك من منصب والده فى تكوين الثروة..؟ ولماذا لا يطلعنا الرئيس مبارك على حجم أمواله و ممتلكاته، وأسرته؟.. وماذا نسمى دولة ابن رئيسها الأصغر يلعب بالملايين بينما يعيش 37 مليون من مواطنيها تحت خط الفقر يتضورون جوعا ويبيتون فى العشوائيات والمقابر..؟.. لا أنتظر الاجابة من جمال مبارك فليس لديه مايقوله لكن الاجابة، النهائية الصحيحة، سوف تأتى على أيدى المصريين أنفسهم.. قريبا جدا بإذن الله....