{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
زهور و أشواك ترجمية!!!)
skeptic غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,346
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #1
زهور و أشواك ترجمية!!!)


كنت دائمآ أتمنى ان أتقن كل لغات العالم, لكي أرى الشعر عاريآ في معجزة ولادته الأولى.. وأتذوق كلمات النصوص بكل طعمها ورائحتها قبل ان تفقدها الترجمة شيئآ من علاقتها العضوية بالمعنى وتتوه الذائقة قليلآ
, و بما ان هذا مستحيل-إتقان كل لغات العالم- رغم أني خبطت راسي عدة مرات بالحائط عندما سمعت عن دهان هولندي سقط على راسه من سلم , وعندما استعاد وعيه اكتشف فجأة أنه أصبح يعرف 7 لغات لم يكن ربما يعلم بوجودها اصلآ-:D
كان علينا الاتكال على أولئك الجنود المجهولون, المترجمين....نعتمد بعد امانتهم ,على ذائقتهم في تطييب الطبخة الترجمية, فإما أن تخرج بدون نكهتهأ الأصلية ,وحتى بدون طعم , فاقدة لكثير من جماليتها
على الطرف الآخر قد يجتمع التفاني مع إبداع شخصي عند المؤلف , وتكون التتيجة رائعة..
يقال أن جائزة نوبل لم تكن ستعرف طريقها إلى طاغور( وليس العكس.. فقيمة الجوائز هي التي تكتسب قيمتها من المبدعين) لو لم يتيسر من يقوم بترجمة مذهلة مبدعة لأشعاره وبعضهم من شعراء الأنكليز العظام في مطلع القرن الماضي.. تذكرت هدا القول وانا اقرا شذرات من قصائد معربة عن الفارسية للشيرازي العظيم , نقلها بروحها, او اعاد إبداعها - لا أعرف ما التعبير المناسب- الشاعر محمد علي شمس الدين,



قلبي بعيد وها إني أرى جسدي
ينأى كريشة عصفور على الأبد
والثالث الروحُ في أعماق غربته
يرنو ليبصر وجه الواحد الأحدِ
إني قتيل هوىً مالي بسطوته
إلا بقيةُ ما يعطي من المدد

"بوسعي رؤية قلبك
داخل صدرك الشفاف
مثل زمردة في الماء

لا يرجع السهم نحو القوس ثانية فالسهم منطلق في مهمه الريح
فكل يوم مضى رهن بسابقه كالحرب تبدل مجروحا بمجروح
وافى الجميل الى دير المجوس ضحى نشوان تعبق منه خمرة الروح
خبت شموعي في الاء طلعته ولم تضىء وجه من اهوى مصابيحي


يمشي على الموت تياها كأن به من الالوهة سر ليس يخفيه
يمشي الهوينا وقتلاه تمجده كأنما كل ما يرديه يحييه
يعلو على الغيم احيانا واونة يدنو فيصبح ادنى من معانيه


"يا شيخ كنعان حدثني بما سمعت اذناك من نبأ يا شيخ كنعان
عن الفراق وهل اهوال ساعته الا القيامة في شرعي وحسباني
وافى بريد الصبا لكنما حملت منه الرسالة من اودت بعنواني
لا تأمن الريح حتى لو مشت خببا على السماء بامر من سليمان
وادفع همومك في خمر معتقة مخبوءة في زوايا ظلمة الحان


اسدل حجابك حتى لا ترى ابدا واجعل ملاءته من سنبل الطيب
وغطّ وجهك ثم اعبث بما ملكت في الارض كفك من بعض الاعاجيب
وخرّب العالم المشقوق مشفره كالعبد يخدمه رهط الاعاريب
فما عليك اذا اصبحت معتكفا بعد الصلاة على حمر الجلابيب
او كان اكثر من ماتوا بحسرتهم عشاق وجهك مكشوف محجوب"



"يمشي على الموت تياها كأن به من الالوهة سر ليس يخفيه
يمشي الهوينا وقتلاه تمجده كأنما كل ما يرديه يحييه
يعلو على الغيم احيانا واونة يدنو فيصبح ادنى من معانيه
اعطيته كل ما اوتيت من نعم وماندمت فالقاني على التيه"


"لا يرجع السهم نحو القوس ثانية فالسهم منطلق في مهمه الريح
فكل يوم مضى رهن بسابقه كالحرب تبدل مجروحا بمجروح
وافى الجميل الى دير المجوس ضحى نشوان تعبق منه خمرة الروح
خبت شموعي في الاء طلعته ولم تضىء وجه من اهوى مصابيحي"



والشيرازي يعرفه الألمان لإعجاب غوته به..

اأدكر ايضآ أن حمى الأدبين السوفييتي و الأمريكي اللاتيني التي سرت كالنار في الهشيم في فترة عايشتها حيث كنا كالجراد , نلتهم الأخضر واليابس من هدين الصنفين , سهلت لها كثيرآ أقلام رائعة.. لا انسى لحظات موت غولساري, وغرقي الشخصي مع الصبي الدي يحتضن حقيبته والتيار يحمله إلى إينيساي في أدب إيتماتوف...ترجمة يفغيني اونيغين شعريآ.. ابله ديستويفسكي, و عوالم تولستوي .. جدة غوركي.. كولونيلات ماركيز وعشاقه وروائح عالمه والوانها, آمادو ولوركا وبورخيس و الليندي.


عن جد أنا ممتنة جدآ لمترجمين كبار في عالمنا العربي(f)

حاولت مند فترة قراءة عمليين كنت قراتهما مترجمين مند زمن طويل نسبيآ

الأول الخيميائي لكويلو... لم استطع إكمالها.. لا أعرف ربما لأنني لم أنساها رغم الزمن بما يكفي حتى اعيد قراءته؟؟ا, ولكني أشعر ان الترجمة العربية قاربت عالم الواقعية السحرية في ادب أمريكا اللاتينية أكثر من هده الأنكليزية,, او ربما الترجمة الأنكليزية هده لم تكن الأكثر توفيقآ ( رغم ان من قدمها لي دارس في أداب أمريكا اللاتينية..) وإلا كيفأحدثت اعمال هؤلاء نفس المد التأثيري في اغلب البلدان( لا اعرف بالواقع عن صداها في الصين واليابان مثلآ!!)

المهم. الخلاصة يا شباب الطبعة العربي احلى بكتييييييييييرو في شي مختلف.. طعم تانيز, احسه اقرب للجو الاصلي بما أننا اقرب لطبيعة الأمريكيين اللاتيننين الحارة من الأوربييين

الخيبة الثانية-لست متأكدة أنها خيبة تمامآ- عندما أردت بعدها مباشرة قراءة مدكرات هنري ميللر.. لأكتشف أن الطبعة العربية التي كانت عندي هي مجرد الدعايات الفلسفية التي تقاطع السيد ميللر وهو يحاول ان يقص بالتفصيل الممل مغامراته العاطفية( التعبير المهدب) لم استطع ايضآ إكمالها.. بعد اول اثنتين اصبحت اتوقع الثالثة!! ايضآ الأسلوب فاجنئي... لا يرقى إلى ما كونته من قراءات تقدية ومقابلات قراتها لميللر متحدثآ إلى صحف فرنسية... ربما اصبح عقلنا تحليليآ باردآ و ولكن قيمتها الأدبية والنفسية هزيلة لم تشجعني على المضي بعد اول مغامرتين دون جوانيتين وبعد انتهاء تاملاته الفلسفية الصافية في أول الكتاب( كل ما وصلني بالعربي!!)

ربما من المرات النادرة جدآ التي أشكر مقص الرقيب :duh:





ملاحظة : للأمانة الأدبية,عنوان الموضوع نصه ملطوش لزميل هنا (f).. لكن شو .. الدنيا موت وحياة:saint:,
05-11-2005, 07:20 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن العرب غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,526
الانضمام: May 2002
مشاركة: #2
زهور و أشواك ترجمية!!!)
الترجمة مشكلة!

ولكنها أيضا

فن!

يقال أن كلّ لغة يضيفها الإنسان إلى ما يتقنه، تغنيه عن رجل!

وهذا معناه بالطبع أن معرفتي أو معرفتك بالإنجليزية تغنينا عن الحاجة إلى شخص آخر يعرف هذه اللغة حتى نستفيد من خدماته لترجمة رسالة أو فهم ما يقوله أحدهم لنا.

وهذا أمر رائع، أقصد أن نعرف لغتين أو ثلاث لغات تغنينا عن الحاجة إلى مترجمين.

ولكن هيهات!

هيهات أن نتقن الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية أو الإسبانية، ثم نجد الوقت الكافي للدراسة والعمل لننجح و/أو لنكسب قوت عيشنا.

لذلك، الحلول أمامنا محدودة، إما أن نكتفي بقراءة مؤلفات عربية أصيلة، وما أنتج بلغة أخرى نتقنها،

أو

أن نلجأ إلى المترجمين وما أدوه لنا من خدمات ، أو ربما أدّوه لأنفسهم وذلك لغرض شخصي أو كسب مادي!

والترجمة رسالة، مثلها مثل التأليف!

فإن قام بالترجمة مؤمن برسالة، ما ألذ المنتوج الذي يخرج من بين يديه. أما إن كان المترجم مؤمن بالمصلحة، فبئس ما أنتجت يداه وما أخرج لنا مسعاه!

ليتني أتقنت بعض الألمانية، معظم ما أحبث عنه من مراجع هذه الأيام (ومنذ أيام) أنتجته عقول أبناء هذه اللغة من نوابغ وبحّاثة مقدامين.

تحياتي القلبية
05-15-2005, 06:14 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
skeptic غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,346
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #3
زهور و أشواك ترجمية!!!)
شكرآ لتعليقك االجميل زميلنا الكريم ..

اقتباس:  ابن العرب   كتب/كتبت  

والترجمة رسالة، مثلها مثل التأليف!

فإن قام بالترجمة  مؤمن برسالة، ما ألذ المنتوج الذي يخرج من بين يديه.  أما إن كان المترجم مؤمن بالمصلحة، فبئس ما أنتجت يداه وما أخرج لنا مسعاه!

نعم إن الترجمة رسالة , ويجدر أن تتم رعاية وتكريم المترجمين كما المؤلفين, وهوالآن دون ما يليق بسمو الرسالتين في وطننا العربي...




تقدر الآن من أول عدة صفحات أو حتى من مجرد النظر إلى غلاف الكتاب أو الرواية أن تعرف أن الترجمة ركيكة و سلقت على عجل وكيفما كان للاستفادة من ارتفاع اسهم كاتبها بين القراء ..

نحتاج حقآ إلى *دار حكمة* تكون فيها حركة ترجمة نشطة في العلوم والآداب تعيدنا إلى عصربيروت الزاهي وبعض الدور السورية والمصرية, كمقدمة للحاق بالركب الذي يفوتنا الآن حتى أن نتنشق غباره وهو يعدو بعيدآ..
أنا مؤمنة للغاية بقدرة لغتنا العربية (إذا شدت حالها كتير ونظمت الجهود بين المجمعات العربية) على مواكبة عصر انفجار المعلومات والمصطلحات..

أحس ببعض الشوفينية غير المتطرفة- كما آمل- تجاه اللغة العربية, أحسها حساسة عذبة موسيقية (إن عرفنا العزف على أوتارها)
أغبط كثيرآ الموهوبين الذين يتمتعون بسليقة رائعة تؤهلهم ليقبضوا بالفطرة -وحدها أحيانا -على نواصي الكلمات والعبارات لتسيل بدون لحن أو نشاز,الله يكتر منهم(f)

أذكر بالخير هنا من المترجمين (صالح علماني وعفيف دمشقية) اللذين ترجما لماركيز والمعلوف -على التوالي-
لدي الآن جزء من ثلاثية إيزابيل الليندي باللغة الإنكليزية, ومع قراءة أولى الصفحات,لم تخف حدة ذلك الشعور بأن الترجمة العربية الجيدة نقلت إلي إحساسآ مفعمآ بالطعم والروائح و الألوان و أكثر حضورآ مما عليه في الترجمة الإنكليزية...فخيميائي كويلو قد لا تكون الرواية التي يمكن عليها قياس حساسية الترجمة وتذوقنا لها لأنه ليس من فرسان الواقعية السحرية, ولكن الليندي كلمتني بالعربية بحميمية أكثر منها وأنا اسمعها الآن بالانكليزية... أو قد يكون مكمن الاختلاف هو أن حاسة التذوق بالانكليزية هي الكليلة
ربما!!!
بجميع الأحوال: تحيا لغتنا العربية (بأبنائها الجميلين الله يزيدهم) تحيا تحيا تحيا هييييييييييييييييييييي...
صفقة كشافية:)
(f)
05-26-2005, 02:48 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
skeptic غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,346
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #4
زهور و أشواك ترجمية!!!)
http://www.assafir.com/iso/today/culture/24.html

أحلى زهرة ترجمية(f)للعزيز المبدع ثائر ديب

الطبيب المترجم يساق إلى الخدمة العسكرية في الثالثة والأربعين
ثائر ديب: لا يمكن أن نقيم سياسة على الرفض

أحمد الخليل





ستة وعشرون كتابا مترجما وخمسة قيد الطبع وعشرات المقالات والبحوث المنشورة في الدوريات العربية هي حصيلة خمسة عشر عاما من العمل المتواصل في حقل الترجمة والكتابة، ثائر ديب السجين السياسي السابق، الذي رفضت مشافي الحكومة استقباله طبيباً فيها، حسم أمره مرة والى الأبد وقرر الخوض في حقل الثقافة والوفاء لها، لا لأي ثقافة إنما هي الثقافة النقدية التي تؤسس لمعرفة مختلفة تتجاوز المستقر بخلخلته. انعطافة الطبيب ما كانت لتحدث لولا عمله بالشأن العام وبالتالي تعرضه للاعتقال لأكثر من أربعة أعوام حاول أثناءها التعمق باللغة الإنكليزية والتقليل قدر الامكان من الخسائر التي يحدثها السجن عادة. وفي ذروة عطائه الثقافي قررت الحكومة استدعاءه للخدمة العسكرية بعد تأجيله كل هذه السنوات، مهددة إياه بخسارة عمله في وزارة الثقافة، الذي حصل عليه بصعوبة بالغة. عن الترجمة والثقافة والحياة يتحدث ثائر ديب في هذا الحوار:
قال أحد المراجعين عن ترجمتك كتاب إدوارد سعيد <<تأملات حول المنفى>>، إنها جعلت قراءة سعيد <<صورة من صور المتعة>> بعد سنين من مكابدة القارئ مع ترجمة كتب سعيد الأخرى، ما رأيك بهذا الكلام، خاصةً أننا هنا إزاء ترجمات لكمال أبو ديب مثلاً؟
› يسعدني كثيراً أن يستمتع القارئ بترجمتي. غير أنني لست ممن يتنكّرون لجهد الآخرين، خاصةً إذا ما كانوا بوزن أستاذ كبير مثل كمال أبو ديب. وفي مقدمتي لترجمة كتاب إدوارد سعيد، كنت قد تأمّلت في ترجمة كمال أبو ديب لكتاب <<الاستشراق>> ومدحتُ كثيراً ما أبداه من سعة حيلة وذكاء وتدبّر، لكني انتقدت ما يمكن أن ندعوه <<فلسفة>> كمال أبو ديب التي تقف وراء ترجمته، وهي فلسفة تولي اللغة أهمية تفوق أهمية أي شيء آخر. كما انتقدت عدم قدرته على الوفاء بما تعهّد به في المقدمة من التزام بتمثيل النصّ الأصلي تمثيلاً يجسّد خصائصه البنيوية الكلية، وليس رسالته الفكرية وحسب. كما انتقدت إصراره المتزمّت على ترجمة كل كلمة أجنبية مهما يكن استقرارها في لغتنا المتداولة (مثل <<استراتيجيا>>، <<بيروقراطية>>، <<راديكالية>> ...الخ). وأخيراً فقد انتقدت بعض هفوات أبو ديب غير القليلة في ترجمته <<الاستشراق>>. ومنها، مثلاً، ترجمته عنوان مسرحية يوربيدس <<الباخوسيات>> أو <<عابدات باخوس>> ب<<الباكنتيون>>!! ومصطلح غرامشي الشهير <<الهيمنة>> ب<<التسلّط>>!! و<<الشخصيات البارزة>> ب<<الاشراقيين>>...الخ. بيد أنَّ ذلك كلّه لا ينتقص قطّ من أستاذية أبو ديب التي تعلّمت منها الكثير.
سياسات الترجمة
إضافةً إلى ترجماتك، عادةً ما تكتب عن الترجمة في الصحف والدوريات كما شاركت في عديد من المؤتمرات العربية والدولية المعنية بقضايا الترجمة. ما أهمية ذلك بالنسبة لك؟
› لقد غدت الترجمة اليوم فرعاً أكاديمياً علمياً يدرّس في الجامعات ولم تعد مجرد موهبة أو حرفة. وعلاوة على ذلك، فإنني مهتم بما يمكن أن ندعوه <<سياسات الترجمة>> أي بما تنطوي عليه الترجمة من مؤثّرات ومقاصد ومفاعيل، مما يتعلّق بالسياق الذي تتمّ فيه وأسئلة هذا السياق الذي تأتي الترجمة (أو لا تأتي) استجابةً لها، وشكل هذه الاستجابة أو نوعها، إذ تتأثّر بإيديولوجية المترجم وجماع تكوينه المعرفيّ الذي يؤثّر على خياراته وأدائه ومقاصده، ومدى التطابق بين ما يتوخّاه لترجمته من آثار ومفاعيل ما يتحقق لها فعلياً... كلّ ذلك إضافة إلى السياق العالمي الذي تتم فيه الترجمة، وهو سياق يتميّز بتباينات في القوة بين اللغات والثقافات كما يتميّز بوجود سوق دولية تفرض شروطها على ما يُتَرْجَم. والحقيقة أنني أحاول أن أضع كتاباً حول هذه الأمور، أبيّن فيه الدور الكبير الذي لعبته وتلعبه الترجمة كجزء من مشروع ثقافي كبير.
<<سياسات الترجمة>> تولّد لديّ سؤالاً يقول: لم تكن بعيداً عن السياسة بمعناها الحرفيّ، فقد تحزّبت وسجنت، وها أنت الآن، في ترجمتك وفي كتاباتك عن الترجمة وعن سواها، تسعى إلى إعلاء الثقافة على السياسة. هل الثقافة نبيلة والسياسة دنيئة؟
› سبق أن كتبت أن الثقافة لا تقتصر على <<أروع ما أنتجته البشرية>> بل يمكن أن تشير إلى نمط حياتي محدد مما يقرنها بالهوية أشدّ الاقتران، والهوية بدورها لا تقتصر على ما يجمع ويوحّد (في حال وضعها في سياق مستنير) بل تطول أيضاً ما يفرّق ويقيم الاختلاف العنيف (في حال وضعها خارج السياق السابق) وبذلك تغدو الثقافة مصطلحاً مشحوناً بقيمة سلبية مؤذية يمكن أن تنشب الحروب وتطلق مخالب البشر وأنيابهم على حلاقيم بعضهم بعضاً. ومن هنا تلك الدعوات إلى الخصوصية الثقافية التي تردّ كل شيء إلى تقاليد ثقافية معينة ربما ترجع في النهاية إلى دين بعينه يُرى على أنه القوة المحركة الأساسية التي تفسّر كلاً من التاريخ والاجتماع بدل أن تتفسّر بهما.
والخلاصة أن هناك ثقافات وسياسات وليس <<الثقافة>> و<<السياسة>>. وبعض الثقافات دنيئة شأن بعض السياسات، أمّا بعضها الآخر فليس كذلك. والشيء المهم الآخر هو أن نسلّم بأن الثقافة والسياسة مستويان نوعيان مختلفان. فمثل هذا الإدراك لانفصالهما هو الذي يجعلنا نفهم جيداً تلك المساحة المشتركة بينهما، وكيفية الربط بينهما ربطاً إبداعياً وحضارياً ناجعاً. فالسياسة بدون ثقافة أمر عصبوي بائس يجعلك لا تكفّ عن الادّعاء والانتقاد دون أن يكون لديك أي سيناريو حضاري بديل لما تنتقده. والثقافة بدون سياسة أمر نخبويّ ترفيّ غالباً ما يكون سطحياً وتافهاً بعكس الادّعاء أو الوهم السائد.
لست نادماً على مواقفي السياسية السابقة، بل أنا شاكر لها بالفعل، لزعمي أنّها علمتني الكثير. لكن المهم الآن هو رفع مستوى السياسي وتقريبه من الثقافي والحضاري. لا يمكنك أن تقيم سياسةً تستحق هذا الاسم على مجرّد الرفض والاحتجاج، وإذا لم يندفع هذا الرفض والنقد صوب بناء رؤية ومشروع بديلين، عليك أن تبحث عن أشخاص لا يريدون سوى أن يبرزوا ويكونوا زعماء، أو عن أشخاص لا يعرفون أي شيء آخر سوى <<السياسة>> بمعناها المبتذل والجاهل، والعاجز.
الكرسي الألماني
ثائر ديب، أنت طبيب في الأصل، لماذا تركت الطب وكرّست حياتك للثقافة والترجمة. ألست مجنوناً؟ ثمّ أنت لم تدرس اللغة الإنكليزية في الجامعة، فمن أين أتت معرفتك بها، هل من السجن؟ ما العلاقة بين سجنك وترجمتك؟
› سأبدأ من الآخر. كثيراً ما يخطر لي أنَّ <<الكرسي الألماني>> هو السبب. وهذا الكرسي هو إحدى وسائل التعذيب الوحشية التي تترك أطرافك مشلولة لأشهر ولا تزول آثارها تماماً بعد ذلك، ربما كان هذا الكرسي خير معلّم للترجمة. فعلى اعتبار أنّ هذا الكرسي ألمانيّ ويستخدم في سياق عربيّ، فنحن إزاء فعل من أفعال الترجمة إذاً. ما أريد قوله هو أن بمقدورك أن تحوّل السجن والتعذيب إلى فعل مقاومة. لقد قرأت هناك كثيراً، وخرجت ومعي أربعة مخطوطات. ولم أترك للجدران أن تتغلّب على روحي. وقبل الس، كنت في كلية الطب، لكنني درست مناهج السنوات الأربع في كلية الأدب الإنكليزي وكنت أحضر محاضرات تلك الكلية أكثر مما أحضر محاضراتي الطبية. منذ عام 1984 كنت قد خطّطت لحياتي كيف ستكون وفي 1985 ترجمت أول عمل وأرسلته إلى <<سلسلة المسرح العالمي>> الكويتية، وجاء اعتقالي عام 1987 ليتيح لي فرصة الحسم الكامل لهذا الأمر. ومع ذلك، حين خرجت من المعتقل أكملت دراستي الطبية وتقدمت لأكثر من مسابقة للعمل في المشافي التابعة للدولة، ولم أُقْبل على الرغم من معدلي الجيد، ربما بسبب اعتقالي وتهمتي اليسارية.
وإذا ما كان ترك الطبّ من أجل الثقافة جنوناً فإنني سعيد بهذا الجنون. أعتقد انني خدمت ثقافتي العربية بالترجمة أكثر مما كان يمكن أن أخدمها بالطب. ولست أتباهى إذا ما قلت إنني قدّمت للثقافة العربية مكتبة صغيرة (حوالى 40 كتاباً) تشكّل إضافة مهمّة إلى هذه المكتبة، والحبل على الجرار.
قدّمت بعض المساهمة في الكتابة السورية الحالية التي تركّز على ما هو سياسي، لكن مدخلك كان ثقافياً أكثر. ما رأيك بالسجال السوري الدائر، خاصةً المقالات السياسية التي تُكْتَب؟
› إننا نتعلم الكلام في هذه الميادين بعد طول صمت وكَمٍّ للأفواه. ولذلك من الطبيعي أن نتلعثم ونخطئ ونتعثّر. لكن غير الطبيعي أن نبقى كذلك. فالسجال السوري الحالي، في قسمه الأعظم، لم يخرج بعد من منطق الاحتجاج والنقد إلى بناء تصورات بديلة. ما الذي تريده المعارضة السورية الوطنية الديموقراطية على صعيد الاقتصاد والثقافة، والدولة، والعلاقة بالعالم؟ ما تصورها، مثلاً، لقانون الأحزاب الذي ينبغي أن يكون في سوريا، هل ينبغي أن يكون أساسه الأمر الواقع أم فكرة الدولة الحديثة والحزب الحديث؟ في كل هذا لا تكفي العبارات العامة بل نحتاج إلى دراسات دقيقة حول هذه الأمور جميعاً؟ ما نجده الآن هو أن أستاذ الاقتصاد والمختصّ يحاول أن يؤسس حزباً سياسياً تاركاً مهمته الأساسية، وهي أن يقول لنا، علمياً، ما الذي ينبغي أن نفعله باقتصادنا. ومع أن الانشداد صوب السياسيّ هو طبيعي وضروري، لكنك لا يمكن أن تقيم سياسةً على الرفض. وكلما طال بك الأمر عند هذا الحدّ، زاد فساد السياسة والكتابة واقتربت مما هو شخصيّ ومكرور ورفضوي. أما الكتابة السورية الحالية فهي، على الرغم من شجاعتها، تتميز بعدد من السمات القاتلة. فأقلّها ما يشكّل خطاباً نقيضاً فعلاً. وأغلبها لا يتجاوز التنويع على مشاكلنا. وأداؤها، بما هي فعل لغوي أو خطابي، يتميّز بالركاكة والشفاهية (نوادر وحكايات) ولم يرق إلى مستوى الكتابة بالمعنى الفعلي للكلمة، بمعنى امتلاك الأدوات المفاهيمية والأسس الفكرية اللازمة للكتابة، فضلاً عن امتلاك القدرة على الأداء الكتابيّ الفعلي. لا شكّ بأنّ من الرائع أن يأتي الجميع إلى التعبير. لكن لنا انتقاداتنا الضرورية بعد ذلك. لا يمكن لكتابتك أن تتحول إلى مساهمة في إنشاء خطاب جديد وبديل إذا كنت تكتب فقط لإثبات شجاعتك، أو لتأمين دخل ماديّ. وهذه دعوة لكي نرتقي جميعاً من هذه الحالة التي لعبت دوراً مفيداً حقاً إلى مستوى جديد ينطوي على عمل حقيقي وجاد ومتعب باتجاه بناء ثقافة وسياسة سورية عميقة ونقيضة تتّسع للجميع.
وجّهت رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الجمهورية تقول فيها إنك وكثيرين مطلوبون إلى الخدمة الإلزامية، بعد تأجيل أمني لم تطلبوه دام بالنسبة لك أربعة عشر عاماً من عام 1991، حين أطلق سراحك، حتى عام 2004 حين صدر فجأة قرار سحبكم إلى الخدمة. عمرك الآن 43 عاماً ولديك وضع صحي سيئ وأعتقد أنك لا تستطيع أن ترفع دعوى قضائية، ماذا ستفعل؟
› في الحقيقة، هذا ظلم ما بعده ظلم. فأغلبنا في مثل هذا العمر ولديه عائلة وأولاد، ولا يعرف كيف يؤمن لقمة عيشه بعد سنوات من الاعتقال وتخريب أعمارنا. الفارق العمريّ بيني وبين ابني حوالى 40 سنة. والمسألة ليست في الخدمة بحدّ ذاتها، والقانون هو القانون. ولكن ماذا عن <<القانون>> الأمنيّ الذي قرر أن يؤجّل خدمتنا كل هذه المدّة دون إرادتنا؟ ماذا عن القانون الذي سمح باعتقالي لسنوات دون أن أُحال إلى أي جهة قضائية أو يصدر بحقي أي حكم؟ وهل يمكنني أن أحتكم إلى القضاء لنرى من المذنب؟ لا أعتقد أنَّ الرئيس يوافق على تدميرنا وتدمير عائلاتنا، بل إن بعض الجهات استجابت مشكورة لمناشدتنا وقالت إنها لا ترضى عن هذا، ووعدت بأن تحلّ الأمر، وقالت إنَّ علينا أن نعتبره منتهياً ومحلولاً تماماً. وها نحن ننتظر. ولكن في سياق هذا الانتظار سُحِب إلى الخدمة الطبيب عمار جبور بعد تأجيله دون إرادته عشرين عاماً بالتمام والكمال. وهو يعمل بعقد مؤقّت مع وزارة الصحة باللاذقية لا بدّ أنه قد فُكَّ الآن. إنَّ قضيتنا هذه هي من القضايا الملحّة التي تحتاج إلى حلّ. وحلّها يريح ليس 60 أو 100 شخص فقط بل عائلاتهم أيضاً، أي آلاف الأشخاص، كما يسهم من غير شك في تعزيز جوّ العدل والإنصاف في سوريا ويؤكّد على النيّة في التغيير والتطوير الإيجابيين اللذين تحتاجهما سوريا أشدّ الاحتياج.
(دمشق)
06-13-2005, 03:37 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS