ترى كيف تتم عملية إنتاج الأفكار والخيالات والتصورات في أذهاننا وعقولنا ؟
البعض يقول عن طريق التفكير الإرادي المقصود ؟
والتفكير الإرادي يحتاج إلى وعي وجهد وقصد وأحيانا ً إلى عصر الذهن وهو يمر بعدة خطوات وعمليات معقده يدور رحها في الذهن تشترك فيها الذاكره والمخيله والحاسبه وكل أدوات الربط والضبط والفهم والتحليل والتركيب المتواجده والعامله في ذهن الإنسان !
والبعض يقول أن الأفكار يمكن أن تنتج عن طريق " الخواطر" !؟
والخاطره هي فكرة مفاجئه غير إراديه – قد تكون شيطانيه ! – وقد تكون نورانيه ! - تلمع في الذهن وترد على الخاطر بشكل مفاجئ وقد تفرض نفسها على صاحبها بإلحاح غريب فيقبلها ويطورها أو يرفضها ويطردها !! ... والهلوسه الذهنيه بسبب المرض أو الخمور والمخدرات والحشيش قد تكون نوعا ً منحطا ً من الخواطر المشوشه الخارجه عن نطاق سيطرة العقل !
والبعض يقول أن الأفكار ربما تنتج بالتخاطر وتوارد الأفكار من شخص لشخص بشئ يشبه العدوى أو إنتقال الإشارات والذبذبات اللاسلكيه أو مايسميه بعض علماء النفس بــ" التلباثي " !
والبعض يقول أن الأفكار قد تنتج عن طريق " التداعي " فأنت تنتج فكرة واحده بجهدك وإرادتك ولكنك تتفاجأ أن أفكارا ً أخرى تتداعى وتتوالد وتتكاثر من خلال هذه الفكرة الأساسيه كما هي عملية الإنشطار والتوالد في الجراثيم والكائنات الدقيقه وحيدة الخلية أو متعددة الخلايا !
هذه بعض التفسيرات لعملية إنتاج الأفكار فماهو رأيك أنت وماهو تفسيرك أنت ؟
هل فكرت في هذا الموضوع من قبل ؟ أي كيف تفكر وكيف تأتيك أو تنتج الأفكار في ذهنك ؟؟
سؤال مهم آخر :
هل أنت تفكر ؟
لــماذا تفـــكر ؟
بماذا تفـــــكر ؟
كيف تفـــــكر ؟
متى تفـــــكر ؟
أين تفــــــكر ؟
تسبيح :
" سبحان الله "سبحان الخالق الوهاب الذي وهب لهذا الإنسان نعمة " العقل " وهو آلة عجيبه غريبه .. المجهول منها حتى الان أكثر من المعلوم ! .. سبحان الله .. الذي علم الإنسان مالم يعلم .. وعلمه البيان .. وأمره أن يقرأ ويتدبر ويفكر ويقدر وأرسل رسله لإعانة هذا العقل وهدايته وإرشاده للتفكير فيما يطيق وفيما يفيد وفيما خلق له ! .. سبحان الرحمن الذي خلق الإنسان ونفخ فيه من روحه وعلمه البيان .. علمه مالم يكن يعلم وأقدره على مالم يكن يقدر عليه فإذا به يغوص في أعماق الذرات ويحلق في أفاق المجرات ويحاول أن يعرف ربه وخالقه بل ويحاول أن يفهم نفسه !.. فيسأل ماهو " العقل " ؟؟
مجرد أسئله للتنشيط الذهن وتحفيز العقل على البحث والتفكير !
ملحوظه :
لاحظ أنني وضعت بجوار عنوان هذه المقاله كلمة ( خاطره ) .. فالحق أن هذه الفكرة فكرة كيف تنتج الأفكار خطرت في بالي فجأة حينما كنت أكتب موضوعا ً حول حقيقة وطبيعة مايسميه القذافي " الحكم الشعبي " .. داهمت هذه الفكره أو الخاطره ذهني بلا مقدمات ولا إستئذان ولا ( إحم ) أو ( تستور ! ) .. فانا لم أفكر في هذا الموضوع عن قصد وإرادة ومع سبق إصرار وترصد بل موضوع المقاله داهمني فجأة وفرض نفسه على عقلي ليفكر فيه ويسأل : " كيف ينتج العقل الأفكار ؟" ووجدتني أوقف الكتابة في الموضوع السابق وأسكب مجموعة " الخواطر " التي طرأت حول هذا الموضوع في ذهني بشكل مفاجئ لذلك أطلقت عليها خاطره ... وكذلك الحال مع الشعر ومن خلال تجربتي الخاصه والمتواضعه فهو قسمان قسم تستحضره أنت بإرادتك ووعيك وتأخذ في صناعته فقرة فقرة .. وقسم آخر طارئ يداهمك بشكل مفاجئ ويفرض نفسه عليك فتجد القصيده وقد خرجت بشكل متكامل وتكون صناعتك فيها قليلة جديده بعكس النوع الأول !
أخوكم المحب : سليم نصر الرقعي
ليبي يعيش في المهجر
[EMAIL]salimragi1963@yahoo.co.uk [/EMAIL]
الاجابة على هذا السوال ليست سهلة ... و لكنني اعتقد ان مفتاح الاجابةليس معقدا الى حد بالغ .. و على اية حال فانني سابين رأيي في الموضوع او ال"الخاطرة" التي تطرحها ....
انبه بداية الى ضرورة التركيز اثناء قراءة ما يلي, فالقراءة السطحية لن تؤدي الى النتيجة المرجوة على الاغلب...
و اسمح لي ان اعرض وجهة نظري بالاستعانة بمصطلحات عالم الكمبيوتر و البرمجة التي اصبحت شائعة لدرجة جيدة, و التي تتشابه الى حد كبير حسبما ارى مع ما يجري في "عالم الانسان الداخلي".. رغم انني اعترف انني لست متبحرا كثيرا في عالم الكمبيوتر و البرمجة الا ان الخطوط العريضة تكفي ...
يمكن تقسيم الانسان مجازا الى قسمين رئيسيين :
"الهارد وير" و "السوفت وير".
1 " الهارد وير" :
و هو يشتمل على الجانب المادي من الانسان
الدماغ .... و يقابله المعالج و الهارد ديسك في الكمبيوتر
الحواس .... و يقابلها اجهزة ادخال المعلومات كلوحة المفاتيح و الماوس و ...
اعضاء الحركة و الكلام و .. و يقابلها اجهزة اخراج المعلومات او الاجهزة التي قد يديرها و يتحكم بها الكمبيوتر..
اجهزة الهضم و التنفس ... و يقابلها اجهزة تغذية الكمبيوتر بالطاقة الكهربائية و مراوح التبريد و ...
اما اعضاء التناسل ...فليس ثمة ما يقابلها حتى الان في عالم الكمبيوتر على حد علمي ..
2 "السوفت وير" :
و هذا هو الجانب الاكثر اهمية في موضوعنا حسبما ارى, و هو يشتمل على الجوانب الفكرية و الروحية و الاخلاقية و الدينية و النفسية...
و يقابلها في عالم لكمبيوتر نظام التشغيل والبرامج و ما الى ذلك من لغات برمجة و غيرها ...
فبيئة المرء التي تشكل خلاصة تأثير الاسرة و المجتمع و البيئة و نمط التربية .. يمكن مقابلتها الى حد ما..ربما.. بنظام التشغيل كالويندوز و اليونكس و غيرها ..
و مثلما ان بيئةالفرد تتطور و تتغير حسب مراحل العمر و الظروف او بتغير البيئة و المجتمع الذي يعيش فيه فكذلك ثمة تطور في انظمة التشغيل كنسخ ويندوز 95 و 98 و ... XP الخ ..
و مثلما ان لكل فرد شخصية تختلف عن الآخر الذي يشترك معه في نفس البيئة الاجتماعية و ذلك بسبب ان لكل منهما مسيرة حياة و تفاعل مع البيئة خاصة به... فكذلك قد يختلف جهازي كمبيوتر يستخدم فيهما نفس نظام التشغيل الا ان كل منهما قد يحتوي على برامج مختلفة عن الآخر بحسب الشخص او الاشخاص الذين يستخدمونه و بحسب العمل الذي يراد استخدام الكمبيوتر لاجله..
طبعا يمكن الاستمرار ابعد من ذلك في اجراء المقابلة بين الانسان و الكمبيوتر ... الا انني سأكتفي بذلك الآن ... و نعود الى الموضوع الاساسي و هو : كيف تنشأ و تظهر الافكار و الخواطر و الذكريات ...
كما ذكرت اعلاه فان الجوانب المعنوية و الفكرية عند الانسان يمكن مقابلتها بالبرمجيات في عالم الكمبيوتر .. و كوسيلة لفهم كيفية نشوء الافكار لنحاول ان نرى كيف تعمل البرامج و ماذا تعمل ...
ان حللنا برنامجا ما الى مكوناته الاساسية لوجدناه يتكون من رموز مكتوبة بلغة برمجية ما .. و ان تعمقنا اكثر لوجدنا انه حتى لغة البرمجة هذه تتحول في النهاية الى ارقام تستخدم النظام الثنائي الذي يستخدم فقط الصفر و الواحد و الذي يتمثل فيزيائيا على المستوى الالكتروني الخاص بالهارد وير بتغيرات على شكل نبضات او اشارات كهربائية ذات بنية ثنائية ايضا .... ان هذه الاشارت الكهربائية تقابل حسب رأيي تلك الآلية ..التي ربما ماتزال غير معروفة تماما .. و التي تجري في داخل الدماغ البشري على شكل تغيرات كيماوية ذات طابع كهربائي .. اي نبضات و اشارات كهربائية تحملها تغيرات كيماوية في بنية الدماغ ..
ان هذه الاشارات الكهربائية لا تحدث بشكل عشوائي لا في دماغ الانسان و لا في جهاز الكمبيوتر و انما تخضع لقوانين طبيعية فيزيائية و كيميائية موجودة اصلا في الكون الذي نعيش فيه ... و لكن هذه القوانين ذاتها ..ذات الطبيعة الفيزيائية و الكيميائية.. تتحول على المستوى الاعلى الى قوانين ذات طبيعة غير مادية بشكل مباشر ... بمعنى : ان ثمة قوانين و علاقات رياضية و منطقية تنتج من ناحية عن تلك القوانين المادية و في نفس الوقت تستخدم و تدير المادة باستخدام تلك القوانين المادية ذاتها...ان تلك القوانين و العلاقات المنطقية هي ما تشكله الرموز التي نستخدمها لانشاء البرامج في الكمبيوتر ... فالعلاقات الرياضية و المنطقية بين تلك الرموز تترجم اثناء تنفيذ البرنامج الى تلك التغيرات الخاضعة لقوانين الطبيعة المادية ... ثم تعود تلك التغيرات المادية فتترجم من جديد الى رموز اخرى قد تكون صورة او صوتا او كتابة او حركة..الخ
ان تلك البرامج التي تتكون من علاقات رياضية و منطقية مكتوبة بلغة برمجة ما هي في مجملها ما يشكل "خصوصية" كمبيوتر ما .. على المستوى "المعنوي" ان صح التعبير... و تلك البرامج ليست بالضرورة مستقلة .. بل يمكن ان تتفاعل مع بعضها و تتبادل الرسائل و التأثير فيما بينها .. و بالتالي فالنتيجة النهائية لعمل برنامج ما في جهاز ما قد تختلف عن النتيجة التي قد يعطيها برنامج مشابه موجود على جهاز آخر ... لان كل من البرنامجين يتفاعل مع باقي مكونات الجهاز الخاص به بطريقة قد تكون مختلفة عن الآخر...
نعود للانسان و افكاره ... فكما ذكرنا فانه يحتوي على "نظام تشغيل" تشكله البيئة و الظروف و .. الخ , و هذا الجانب قد يتشابه الى حد كبير بين مجموعة كبيرة من البشر الذين يتشابهون بالبيئة و الظروف بخطوطها الكبيرة .. و كل شخص يكتسب لاسباب و بطرق مختلفة "برامج" تنغرس و "تتثبت" في شخصيته بشكل يختلف من شخص لآخر بحسب " نظام تشغيله" و بحسب ما يملكه مسبقا من "برامج" ...و مثلما ان برنامجا ما يمكن تثبيته في جهاز ما بينما يتعذر ذلك في جهاز آخر(لاسباب متعددة) او ربما يتم تثبيته بطريقة غير جيدة بحيث لا يؤدي عمله بالطريقة المطلوبة ... فكذلك فان تقبل او تفاعل الانسان مع "برنامج " ما قد يختلف من شخص لآخر ... ان هذه "البرامج" تقابل عند الانسان الافكار و المعتقدات و القوانين الاخلاقية و الاجتماعية و الدينية و .... الخ
فكل من تلك الامور المعنوية و الروحية تمثل بالتحليل مجموعة من القوانين و العلاقات المنطقية و التي تشكل كل منها نمطا خاصا بها من انماط التفاعل الذاتي او التفاعل مع الافكار و المعتقدات الاخرى, و التي تشكل ارتباطات فيما بينها بحسب طبيعة كل منها بحيث قد تؤدي الى التآلف و الانسجام فيما بينها او ربما الى عدم الانسجام و التنافر و التناقض ... قد يقوي احدها الآخر ... و قد يوقف احدها عمل الآخر ... قد تكون الافكار و المعتقدات و التجارب الشخصية و الذكريات منسجمة فيما بينها و متلائمة مع "نظام التشغيل" فينشأ الانسان "السوي" ... او قد لا تكون تلك الافكار و المعتقدات .. منسجمة فيما بينها او مع "نظام التشغيل" فتنشأ الصراعات النفسية و الفكرية و العقد النفسية و ازدواج الشخصية و المشاكل الاجتماعية و الاسرية و الامراض العقلية .... الخ
كيف تنشأ الافكار و الخواطر اذن؟؟؟
باختصار, من الطريقة التي تتفاعل بها كل المكونات السابقة : من اجهزة الجسد المختلفة من دماغ و حواس ...الى "نظام التشغيل = البيئة ..." و الافكار و المعتقدات و الذكريات ... و التي تترابط كلها فيما بينها بطريقة ما حسب البنية المنطقية لكل منها مما يعطي شكل و شدة التفاعل فيما بينها ... و كل ذلك مترجما في النهاية الى رموز محمولة على تغيرات ذات طبيعة مادية فيزيائية او كيميائية...
و ربما يكون المثال التالي مفيدا لتوضيح افكاري السابقة :
فعندما اسمع نغمة ما -مثلا- يتحول الصوت ذو الطبيعة الفيزيائية الى تغيرات كهروكيماوية في جهاز السمع و ينتقل الى الدماغ .. و ينطلق التفاعل في دماغي بين الافكار و الاهتمامات و الذكريات القديمة و الحديثة و بين ما يأتي عن طريق الحواس الاخرى .... الى آخر ما هنالك من هذا الكلام (بحسب تعبير فيصل قاسم :) ) ... فقد تكون النتيجة ان استرسل في الذكريات الى ان اصل الى ذكرى قديمة مرتبطة بطريقة ما بتلك النغمة التي سمعتها ... او .. ببساطة .. قد لا تكون ذات تأثير يذكر اذا كان اهتمامي و تركيزي منصبين على امر أخر او على صوت آخر ربما ... و بالنتيجة فانني ساشعر و افكر بنتيجة التفاعلات الحسية و الفكرية الاقوى شدة ... فان كنت في جو هادئ و في حالة تأمل فقد تثير ابسط الاحساسات الكثير من سلاسل الذكريات و الافكار التي رغم انها قد تنشأ في ظروف او حالات اخرى الا انها لن تظهر لي لشدة ضعفها مقارنة بالتأثيرات و انماط التفاعلات الاخرى التي قد تكون نتيجة لاحساسات قوية ما او نتيجة لصراعات نفسية اقوى شدة ناتجة بدورها عن تفاعلات اخرى .... و هلمجرا...
ارجو اخيرا ان يكون رايي ذا فائدة... و اهلا بك زميلا جديدا...