- تسألني، أيها الطيّب، لماذا ما عدتُ أطيقك ! وكأنَّك لا تعرف أنّ الطيبةَ منبتُ أعظمِ الشرور!. هل تذكر لوسيفر، صاحب الشرِّ الأول ؟ ألم يكن ملاك الله الوديع الجميل قبل ذلك: عندما يمتلء قلب أحدنا بالمشاعر الأليفة، عندما تبدأ أحاسيسه تتحول من الافتراسِ - شريعة الغاب - إلى تقديم الآخر علينا، سيأتِ يومٌ أكيد تتمرد به أرواحنا الحقيقية، وتعود مطالبة بحقوقها جميعا- حقوقها التي سلبت لأنّ القلب ارتكب جريمة الطيبة فيما قبل. آنذاك لن تتمكن السماء أو الأرض باقناعنا أنّ الخطأ ليس من الآخر، بل هو خطأنا وحدنا. أقصد أن حالة التفسخ النفسيِّ - البدني التي أصابت الكائِن الوحشي - بذرة الروح - بنا، وأصبحت تكبر وتسوء كلما تمادينا بالآخر وتغاضينا عن الـ"أنا"، حالة التفسُّخِ هذه لن يمكنها استيعابُ أن سلاح الجريمة نحن من منحناه للعدوّ. العدوّ الذي لم نعرف إلّا متأخرا جدا، أنه كل ما يأتِ خارجنا؛ خارجَ الواحِد، خارج الكائن، خارج الإنسان. العدوّ الذي ندمره بأحقادنا المكدَّسة طيبة طيبة، عندما نعي أن الخيرَ مجرد أكذوبة للاستفادة من الآخرين، وأنّ اليد التي تمتد مُعاونةً، لن يكون مآلها إلّا القطع ولو فيما بعد. عندما تعود السلطة الأولى إلينا، سلطة الروح والجسد، عندما نعترف أننا أفضل الموجودين، وأننا أحقُّ هذه الكائنات بأنفسنا الجيدة. آنذاك يولد في الأعماق لوسيفر جديد. لوسيفر الذي ارتفعت عصاه في وجه الإله ليقينه أنه أفضل منه. لوسيفر الذي لم يخجل من الاعتراف: أنا أحسنُ منك يا إلهي. لوسيفر الذي بدأ تجربة العودة إلى الذات، تجربة اليقين بالذات. لوسيفر الذي قالها كصرخةٍ عالية لا تموت : " أنا " بعدما كان الزمان كله يعيشُ على " الآخر " !. وإذ أخبرك كل هذا، فليس لأني أهتم بك، أيها الكائن الطيّب، بل لأني أتفاخرُ بما وصلتُ له من يقين ومعرفة. بما صِرتُ عليه من توحُّدٍ في ذاتي وانفراد. أكتبُ لك متفاخرا بخلاصي من الآخر، أيها الآخر.
----
ملاحظة :
لا يتم مراجعة الإضافات قبل نشرها، ولا بعد ذلك. حُررت المشاركة لتوضيح ذلك الآن، وفيما بعد.
Solo