تعود الفنان السوري دريد لحام فى اعماله التى تتناول الشؤون السياسية للدول العربية ان يبادر بالتمويه الاسمى للتدليل عليها مستخدما اسماء مثل شمالستان وغربستان وبحرستان و ذلك حرصا منه على عدم اثارة الحساسيات ولضمان انتشار اعماله الى كافة الاقطار العربية ...
ويبدوا ان اختيار دريد لهذه الاسماء فيها اشارة الى ما تعانيه دول الواقعة فى الاقصى الاسيوى والتى كانت تحت الاحتلال السوفياتى او النفوذ الروسى وما استتبع هذا النفوذ من فقر وقهر متلازمين ..
فكأن ستان هذه هي المرادف للطغيان وللتخلف والجمود .... غير ان الازمنة تسير على الضفة الاخرى من الشاطىء فيما نقف نحن نبحلق الى الاعلى كالدجاج نراقب المطر بانشداه فيما يغرقنا رويدا رويدا... حيث توقف الزمن لدينا
ولم تعد كلمة ستان اليوم سوى المرادف لمعنى الانعتاق والتحرر والكرامة ...
ففى حين ان بعضنا يبتهل الى البيت الابيض ليحرره او يبتهل الى القصر الرئاسىء ليمعن فى اذلاله ... تحقق دول فقيرة غير معروفة كانت منزوية فى ركن قصى من العالم .. تحقق هذه الدول اقدارها بمعزل عن المعونات الامريكية وعن الاصلاحات الديناصورية ... فاسقطت انظمتها وحققت حريتها رغم حداثتها على الاستقلال فقد استطاعت فعلا ان تعكس الواقع وان تقلب المفاهيم ولم تعد ستان مجرد غطاء ساخر نخفى ورائه مرارة الوجع ...بل تحولت الى معنى اكبر واهم واشرف ...
فعرب ستان اليوم لم يعد لهم شرف نيل الكلمة والوصف واعتقد ان على اخواننا الفنانين ان يجهدوا فى البحث عن مفردات اخرى غير ستان ولا اظن انهم سيفلحوا فالعالم من حولنا فى حركة دائمة الى الامام لا يكاد يهدأ او يقف ولا اخاله سيهتم بالعرب ولا باحوالهم الا كمن هو زائر لمتحف التاريخ القديم ...
واعتقد ان كان هناك من وصف جديد فلا اجد افضل من عربفئران فتلك الصفة هى الاجدر والاكثر توفيقا وان كنت اعتقد ان الرقابة فى الدول العربية لن تسمح بمرورها لانها صادقة اكثر مما ينبغى
مجرد خواطر اثارتها مقالة للكاتب والناقد رجاء النقاش عن قرغيزستان .. اضعها للفائدة
"" أعترف بأنني قد عانيت في الأيام الأخيرة من الصعوبة الشديدة في نطق اسم دولة «قرغيزستان»‚ فقد قفز اسم هذه الدولة الصغيرة فجأة الى مقدمة الأخبار العالمية‚ بفضل حيوية شعبها وشجاعته واصراره على انتزاع حريته وانهاء الاستبداد والفساد وكل ما يسيء الى حياة الوطن والمواطنين في تلك البلاد وعندما اردت ان أعرف شيئا عن هذه الدولة الصغيرة وشعبها الثائر تبين لي ان اسم الدولة مشتق من اسم الشعب الذي يعيش فيها وهو شعب «القرغيز» وبعد ان عرفت ذلك اصبح الاسم سهلا يستطيع اللسان ان ينطقه دون ان يخطىء فيه‚ وشعب «القرغيز» لا يزيد تعداده كثيرا على خمسة ملايين‚ ومعظم ابناء هذا الشعب هم من المسلمين السنة‚ وهم ليسوا من أغنياء العالم كما انهم ليسوا أيضا من الفقراء‚ فمتوسط دخل الفرد في هذا البلد يزيد على خمسة آلاف دولار وهو ما يفوق متوسط الدخل الفردي في كثير من بلاد الشرق الأوسط ومنها مصر التي لا يزيد متوسط الدخل الفردي فيها على ألف وخمسمائة دولار في العام‚
على ان القياس على متوسط الدخل الفردي أمر لا قيمة له إلا في حالة واحدة‚ هي ان تكون هناك عدالة في توزيع الدخل القومي العام‚ بحيث يحصل المواطنون بالفعل على نصيبهم النظري من هذا الدخل‚ فإذا كان متوسط الدخل الفردي من الناحية النظرية هو خمسة آلاف دولار‚ وكان الدخل القومي العام يتم استنزافه من جانب طبقة الأغنياء والمحظوظين في المجتمع‚ فإن المواطن العادي لا يمكن أن يحصل على نصيبه المقدر له أبدا‚ وسوف يبقى هذا المواطن فقيرا محتاجا يعاني من الظروف البائسة في حياته اليومية‚ ويبدو ان هذا ما كان يحدث في «قرغيزستان»‚ فقد كانت هناك طبقة حاكمة مستبدة متحكمة وحدها في ثروة البلاد‚ وكان الفساد منتشرا بين هذه الطبقة بقيادة الرئيس المخلوع «عسكر عكاييف» الذي استمر في حكم بلاده حوالي خمسة عشر عاما‚ لم يقدم فيها الى شعبه خيرا‚ ولكن حكمه كان يعتمد على القوة والقهر والارهاب‚ مما أدى الى كراهية المواطنين له وللطبقة الحاكمة معه‚ وقد ظهرت هذه الكراهية بصورة عنيفة في الأيام الأخيرة‚ حيث اندفع الناس في مظاهرات صاخبة‚ واستطاعت الجماهير ان تستولي على مؤسسات الدولة‚ ومن بينها قصر الرئاسة الذي يحمل اسم «البيت الأبيض» تيمنا فيما يبدو باسم البيت الأبيض الأميركي‚
الشعب في «قرغيزستان» يطالب بالحرية وبحقه المشروع في ثروة بلاده‚ وهذه البلاد التي يسكنها «القرغيز» ليست فقيرة‚ ففيها زراعات كثيرة متنوعة وفيها «يورانيوم» و«فحم» و«بترول» والدخل القومي السنوي فيها يبلغ حوالي خمسة وعشرين مليار دولار‚ وهو دخل يجعل «قرغيزستان» بلدا من بلدان العالم المتوسطة في رخائها‚ ولا يوجد سبب واحد يجعل من المواطنين في هذا البلد فقراء تعساء سوى الفساد وانعدام العدالة في توزيع الثروة فذلك هو ما يؤدي الى هذا الوضع السيىء‚
أي ان الفكرة الرئيسية التي حركت ثورة «القرغيز» هي فكرة الديمقراطية‚ فالديمقراطية تضمن المحاسبة والمراقبة وتجعل الفرصة متاحة للتغيير كلما اقتضت الحاجة ذلك‚ اما الاستبداد فمعناه ان يتم كل شيء في الخفاء‚ وألا يعرف المواطنون من الذي يسيء اليهم ويعتدي على حقوقهم ويسرق لقمة الخبز من أفواههم‚ والشعوب الثائرة لا تطلب الديمقراطية لمجرد التظاهر بما في الديمقراطية من حرية وما تضمنه من احترام لآراء المواطنين واختياراتهم‚ بل ان الديمقراطية تعني أولا وقبل كل شيء ضمان العدالة في توزيع الدخل القومي‚ أي ضمان الضرورات الأساسية للإنسان من لقمة الخبز الى السكن والدواء والتعليم‚ والديمقراطية الحقيقية هي الحل الوحيد لاستقرار الشعوب‚ اما الاستبداد فهو يخلق زعماء يهربون مثل الفئران المذعورة عندما تثور شعوبهم عليهم‚ كما فعل الزعيم «الفأر» عسكر عكاييف وكما سوف يفعل كل من يشبهونه من الفئران السياسية .""
انتهى المقال ))