يضطرب مرة أخرى الهلال الخصيب كاملاً، بفعل مسببات داخلية وأخرى خارجية، وتضطرب لاضطرابه أحوال الأمة وقلوبها، وهاهنا ليس من التفات عربي إلا إلى مصر، ليس الى مصر النظام الراهن، ولكنْ إلى مصر المجتمع المفعم بالوعود والمفاجآت، وإلى مصر التاريخ، وإلى مصر أكثرية العروبة والإسلام، وإلى مصر القيادة التليدة التي من بعد ما يُصلح صلاح الدين الأيوبي أحوالها الداخلية، ويضمن تماسكها، ويطمئن عليها، فإنه يُقفل عائداً إلى بلاد الشام لتحرير فلسطين والقدس من الصليبيين وهو مستند على جدار متين.

عاصمة العروبة والإسلام هي مصر، وعاصمة أكثرية الوطن العربي والعالم الإسلامي هي مصر، وعاصمة المصبّ الرئيس هي مصر، والملاذ الذي تلوذ به الأمة هي مصر، عندما تعصف بالأمة الفتن والمحن وتهتز قصباتها ونواحيها. ولقد علمتْ هذه الحقائق عن مصر وعن المصبّ الرئيس للأمة الإمبرياليات الافرنجية والامبريالية الصهيونية والامبريالية الأمريكية والقوى الإقليمية الأقلياتية والشعوبية، ولذلك كانت المؤامرة على مصر بحجم مصر، مؤامرة خطرة وخطيرة وكبيرة محبوكة في ليل من غير قمر، وهكذا يلزم ان تكون مصر ملجومة، وان تبقى هكذا ملجومة، وان تخلي مقعدها الطبيعي عند دفة القيادة والريادة وفي الوسط من المصبّ الرئيس الكريم. لدور مصر في قيادة المصبّ الرئيس للأمة يكرهها أيضاً الشعوبيون وتتشاءم منها القوى الأقلياتية ويبغضها، ويبغض دورها، كل متربص بالأمة عدو للأمة وكل متربص بالمصبّ الرئيس عدو له. ولكنّ مصر حبلى بالمفاجآت ولن تبقى على هذه الحال وستعود لدفة القيادة في هذا الزمن العربي والإسلامي العسير.

حافظ الشيخ صالح
كاتب بحريني

صحيفة أخبار الخليج البحرينية