{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مناقشه هادئه للاخوه المسحين والهيود
1222
Unregistered

 
مشاركة: #1
مناقشه هادئه للاخوه المسحين والهيود
للشيخ: رحمت الله بن خليل الرحمن الهندى.

الباب الأول: في بيان كتب العهد العتيق والجديد (وهو مشتمل على أربعة فصول)

الفصل الأول: في بيان أسمائها وتعدادها.

اعلم أنهم يقسمون هذه الكتب إلى قسمين: قسم منها يدَّعون أنه وصل إليهم بواسطة الأنبياء الذين كانوا قبل عيسى عليه السلام، وقسم منها يدَّعون أنه كتب بالإلهام بعد عيسى عليه السلام، فمجموع الكتب من القسم الأول يسمى بالعهد العتيق، ومن القسم الثاني بالعهد الجديد، ومجموع العهدين يسمى (بَيْبِل) وهذا لفظ يوناني بمعنى الكتاب، ثم ينقسم كل من العهدين إلى قسمين: قسم اتفق على صحته جمهور القدماء من المسيحيين، وقسم اختلفوا فيه.

(أما القسم الأول من العهد العتيق) فثمانية وثلاثون كتاباً:

[1] سفر التكوين ويسمى سفر الخليقة أيضاً. [2] سفر الخروج. [3] سفر الأحبار. [4] سفر العدد. [5] سفر الاستثناء، ومجموع هذه الكتب الخمسة يسمى بالتوراة وهو لفظ عبراني بمعنى التعليم والشريعة، وقد يطلق على مجموع كتب العهد العتيق مجازاً. [6] كتاب يوشع بن نون. [7] كتاب القضاة. [8] كتاب راعوث. [9] سفر صموئيل الأول. [10] سفر صموئيل الثاني. [11] سفر الملوك الأول. [12] سفر الملوك الثاني. [13] السفر الأول من أخبار الأيام. [14] السفر الثاني من أخبار الأيام. [15] السفر الأول لعزرا. [16] السفر الثاني لعزرا ويسمى سِفر نحميا. [17] كتاب أيوب. [18] زبور. [19] أمثال سليمان. [20] كتاب الجامعة. [21] كتاب نشيد الإنشاد. [22] كتاب أشعيا. [23] كتاب أرميا. [24] مراثي أرميا. [25] كتاب حزقيال. [26] كتاب دانيال. [27] كتاب هوشع. [28] كتاب يوئيل. [29] كتاب [ص 52] عاموص. [30] كتاب عوبديا. [31] كتاب يونان. [32] كتاب ميخا. [33] كتاب ناحوم. [34] كتاب حيقوق. [35] كتاب صفونيا. [36] كتاب حجّي. [37] كتاب زكريا. [38] كتاب ملاخيا، وكان ملاخيا النبي قبل ميلاد المسيح عليهما السلام بنحو أربعمائة وعشرين سنة.

وهذه الكتب الثمانية والثلاثون كانت مسلمة عند جمهور القدماء من المسيحيين. والسامريون لا يسلمون منها إلا بسبعة كتب: الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام، وكتاب يوشع بن نون، وكتاب القضاة. وتخالف نسخة توراتهم نسخة توراة اليهود.

وأما القسم الثاني من العهد العتيق فتسعة كتب:

[1] كتاب استير. [2] كتاب باروخ. [3] جزء من كتاب دانيال. [4] كتاب طوبيا. [5] كتاب يهوديت. [6] كتاب وزدم. [7] كتاب ايكليزيا ستيكس. [8] كتاب المقابيين الأول. [9] كتاب المقابيين الثاني.

وأما القسم الأول من العهد الجديد فعشرون كتاباً:

[1] إنجيل متى. [2] إنجيل مرقس. [3] إنجيل لوقا. [4] إنجيل يوحنا، ويقال لهذه الأربعة الأناجيل. ولفظ الإنجيل مختص بكتب هؤلاء الأربعة وقد يطلق مجازاً على مجموع كتب العهد الجديد، وهذا اللفظ معرب كان في الأصل اليوناني (انكليون) بمعنى البشارة والتعليم. [5] كتب أعمال الحواريين. [6] رسالة بولس إلى أهل الرومية. [7] رسالته إلى أهل قورنيثيون. [8] رسالته الثانية إليهم. [9] رسالته إلى أهل غلاطية. [10] رسالته إلى أهل إفسس. [11] رسالته إلى أهل فيلبس. [12] رسالته إلى أهل قولا سائس. [13] رسالته الأولى إلى أهل تسالونيقي. [14] رسالته الثانية إليهم. [15] رسالته الأولى إلى تيموثاوس. [16] رسالته الثانية إليه. [17] [ص 53] رسالته إلى تيطوس. [18] رسالته إلى فيليمون. [19] الرسالة الأولى لبطرس. [20] الرسالة الأولى ليوحنا سوى بعض الفقرات.

وأما القسم الثاني من العهد الجديد فسبعة كتب وبعض الفقرات من الرسالة الأولى ليوحنا:

[1] رسالة بولس إلى العبرانيين. [2] الرسالة الثانية لبطرس. [3] الرسالة الثانية ليوحنا. [4] الرسالة الثالثة ليوحنا. [5] رسالة يعقوب.[6] رسالة يهودا. [7] مشاهدات يوحنا.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنه انعقد مجلس العلماء المسيحية بحكم السلطان قسطنطين في بلدة نائس في سنة 225 ثلثمائة وخمسة وعشرين من ميلاد المسيح، ليشاوروا في باب هذه الكتب المشكوكة، ويحققوا الأمر، فحكم هؤلاء العلماء بعد المشاورة والتحقيق في هذه الكتب: أن كتاب يهوديت واجب التسليم، وأبقوا سائر الكتب المختلفة مشكوكة كما كانت وهذا الأمر يظهر من المقدمة التي كتبها (جيروم) على ذلك الكتاب.
ثم بعد ذلك انعقد مجلس آخر يسمى بمجلس (لوديسيا) في سنة ثلثمائة وأربعة وستين فأبقى علماء ذلك المجلس حكم علماء المجلس الأول في باب كتاب يهوديت على حاله، وزادوا على حكمهم سبعة كتب أخرى وجعلوها واجبة التسليم وهي هذه: [1] كتاب أستير. [2] رسالة يعقوب. [3] الرسالة الثانية لبطرس. [4] و[5] الرسالة الثانية والثالثة ليوحنا. [6] رسالة يهودا. [7] رسالة بولس إلى العبرانيين. وأكدوا ذلك الحكم بالرسالة العامة، وبقي كتاب مشاهدات يوحنا في هذين المجلسين خارجاً مشكوكاً كما كان.
ثم انعقد بعد ذلك مجلس آخر في سنة ثلثمائة وسبع وتسعين، وتسمى هذا المجلس مجلس (كارتهيج) وكان أهل هذا المجلس الفاضل المشتهر عندهم (اكستاين) ومائة وستة وعشرين شخصاً غيره من العلماء المشهورين، فأهل هذا المجلس أبقوا حكم المجلسين الأولين بحاله، وزادوا على حكمهما هذه الكتب: [1] كتاب وزدم. [2] كتاب طوبيا. [3] كتاب باروخ. [4] كتاب ايكليزيا ستيكس. [5] و[6] كتابا المقابيين. [7] كتاب مشاهدات يوحنا. لكن أهل هذا المجلس جعلوا كتاب باروخ بمنزلة جزء من كتاب أرميا لأن باروخ عليه السلام كان بمنزلة النائب والخليفة لأرميا عليه السلام، فلذلك ما كتبوا اسم كتاب باروخ على حدة في فهرست أسماء الكتب.
ثم انعقد بعد ذلك ثلاثة مجالس: مجلس (ترلو) ومجلس (فلورنس) ومجلس (ترنت) وعلماء هذه المجالس الثلاثة أبقوا حكم مجلس (كارتهيج) على حاله، لكن أهل هذه المجلسين الأخيرين كتبوا اسم كتاب باروخ في فهرست أسماء الكتب على حدة. فبعد انعقاد هذه المجالس صارت هذه الكتب المشكوكة مسلمة بين جمهور المسيحيين، وبقيت هكذا إلى مدة ألف ومائتين، إلى أن ظهرت فرقة البروتستنت فردوا حكم هؤلاء الأسلاف في باب: كتاب باروخ، وكتاب طوبيا، وكتاب يهوديت، وكتاب وزدم، وكتاب ايكليزيا ستيكس، وكتابي المقابيين، وقالوا: إن هذه الكتب واجبة الرد وغير مسلمة، وردوا حكمهم في بعض أبواب كتاب أستير وسلموا في البعض؛ لأن هذا الكتاب كان ستة عشر باباً فقالوا: إن الأبواب التسعة الأولى وثلاث آيات من الباب العاشر واجبة التسليم، وستة أبواب باقية واجبة الرد، وتمسكوا في هذا الإنكار والرد بستة أوجه: [1] هذه الكتب كانت في الأصل في اللسان العبراني والجالدي وغيرهما ولا توجد الآن في تلك الألسنة. [2] اليهود لا يسلمونها إلهامية. [3] جميع المسيحيين ما سلموها. [4] قال جيروم: إن هذه الكتب ليست كافية لتقرير المسائل الدينية وإثباتها. [5] صرح كلوس أن هذه الكتب تقرأ لكن لا في كل موضع، أقول: فيه إشارة إلى أن جميع المسيحيين لا يسلمونها فيرجع هذا إلى الوجه الثالث. [6] صرح يوسي [ص 55] بيس في الباب الثاني والعشرين من الكتاب الرابع: بأن هذه الكتب حرفت سيما كتاب المقابيين الثاني، أقول: انظروا إلى الوجه الأول والثاني والسادس كيف أقروا بعدم ديانة أسلافهم، بأن ألوفاً منهم أجمعوا على أن الكتب التي فُقد أصولها وبقي تراجمها وكانت مردودة عند اليهود، وكانت محرفة سيما كتاب المقابيين الثاني، واجبة التسليم. فأي اعتبار لإجماعهم واتفاقهم على المخالف؟؟. وفرقة الكاثوليك (كاثلك) يسلمون هذه الكتب إلى هذا الحين تبعاً لأسلافهم



الفصل الثاني: في بيان أن أهل الكتاب لا يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد العتيق والجديد.

اعلم أرشدك اللّه تعالى أنه لا بد لكون الكتاب سماوياً واجب التسليم أن يثبت أولاً بدليل تام أن هذا الكتاب كتب بواسطة النبي الفلاني ووصل بعد ذلك إلينا بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل، والاستناد إلى شخص ذي إلهام بمجرد الظن والوهم لا يكفي في إثبات أنه من تصنيف ذلك الشخص، وكذلك مجرّد ادعاء فرقة أو فرق لا يكفي فيه، ألا ترى أن كتاب المشاهدات والسِّفر الصغير للتكوين، وكتاب المعراج، وكتاب الأسرار، وكتاب تِستمنت، وكتاب الإقرار منسوبة إلى موسى عليه السلام، وكذلك السفر الرابع لعِزْرا منسوب إلى عِزرا، وكتاب معراج أشعيا، وكتاب مشاهدات أشعيا منسوبان إلى أشعيا عليه السلام، وسوى الكتاب المشهور لأرميا عليه السلام كتاب آخر منسوب إليه، وعدة ملفوظات منسوبة إلى حيقوق عليه السلام وعدة زبورات منسوبة إلى سليمان عليه السلام.
ومن كتب العهد الجديد سوى الكتب المذكورة كتب جاوزت سبعين منسوبة إلى عيسى ومريم والحواريين وتابعيهم. والمسيحيون الآن يدّعون أن كلاً من هذه الكتب من الأكاذيب المصنوعة، واتفق على هذه الدعوى كنيسة ألكريك وكاثلك والبروتستنت، وكذلك السفر الثالث لعزرا منسوب إلى عزرا وعند كنيسة ألكريك جزء من العهد العتيق ومقدس واجب التسليم. وعند كنيسة الكاثلك والبروتستنت من الأكاذيب المصنوعة كما ستعرف هذه الأمور مفصلة في الباب الثاني إن شاء اللّه تعالى، وقد عرفت في الفصل الأول أن كتاب باروخ وكتاب طوبيا وكتاب يهوديت وكتاب وزدم، وكتاب ايكليزيا ستيكس وكتابي المقابيين وجزء من كتاب استير، واجبة التسليم عند الكاثلك وواجبة الرد عند البروتستنت. فإذا كان الأمر كذلك فلا نعتقد بمجرد استناد كتاب من الكتب إلى نبي أو حواري أنه إلهامي أو واجب التسليم، وكذلك لا نعتقد بمجرد ادعائهم بل نحتاج إلى دليل، ولذلك طلبنا مراراً من علمائهم الفحول السند المتصل فما قدروا عليه، واعتذر بعض القسيسين في محفل المناظرة التي كانت بيني وبينهم، فقال: إن سبب فِقدان السند عندنا وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلثمائة وثلاث عشرة سنة، وتفحصنا في كتب الإسناد لهم فما رأينا فيها شيئاً غير الظن والتخمين، يقولون بالظن ويتمسكون ببعض القرائن، وقد قلت إن الظن في هذا الباب لا يغني شيئاً، فما دام لم يأتوا بدليل شاف وسند متصل فمجرد المنع يكفينا، وإيراد الدليل في ذمتهم لا في ذمتنا لكن على سبيل التبرع أتكلم في هذا الباب، ولما كان التكلم على سند كل كتاب مفضياً إلى التطويل الممل فلا نتكلم إلا على سند بعض من تلك الكتب فأقول وباللّه التوفيق:

إن لا سند لكون هذه التوراة المنسوبة (25) إلى موسى عليه السلام من تصنيفاته ويدل عليه أمور:

(الأمر الأول) ستعرف إن شاء اللّه في الباب الثاني في جواب المغالطة الرابعة في بيان الأمر الأول والثاني والثالث من الأمور التي يزول بها استبعاد وقوع التحريف في كتبهم أن تواتر هذه التوراة منقطع قبل زمان يوشيا بن آمون، والنسخة التي وجدت بعد ثماني عشرة سنة من جلوسه على سرير السلطنة لا اعتماد عليها يقيناً، ومع كونها غير معتمدة ضاعت هذه النسخة أيضاً غالباً قبل حادثة بختنصر، وفي حادثته انعدمت التوراة وسائر كتب العهد العتيق عن صفحة العالم رأساً، ولما كتب عِزرا هذه الكتب على زعمهم ضاعت نسخها وأكثر نقولها في حادثة أنتيوكس .

(الأمر الثاني) جمهور أهل الكتاب يقولون: إن السفر الأول والثاني من أخبار الأيام صنفهما عزرا عليه السلام بإعانة حجّي وزكريا الرسولين عليهما السلام، فهذان الكتابان في الحقيقة من تصنيف هؤلاء الأنبياء الثلاثة، وتناقض كلامهم في الباب السابع والثامن من السفر الأول في بيان أولاد بنيامين، وكذا خالفوا في هذا البيان هذه التوراة المشهورة بوجهين: الأول في الأسماء والثاني في العدد، حيث يفهم من الباب السابع أن أبناء بنيامين ثلاثة، ومن الباب الثامن أنهم خمسة، ومن التوراة أنهم عشرة، واتفق علماء أهل الكتاب أن ما وقع في السفر الأول غلط، وبينوا سبب وقوع الغلط: أن عزرا ما حصل له التمييز بين الأبناء وأبناء الأبناء، وأن أوراق النسب التي نقل عنها كانت ناقصة، وظاهرٌ أن هؤلاء الأنبياء الثلاثة كانوا متبعين للتوراة فلو كانت توراة موسى هي هذه التوراة المشهورة لما خالفوها ولما وقعوا في الغلط، ولما أمكن لعزرا أن يترك التوراة ويعتمد على الأوراق الناقصة، وكذا لو كانت التوراة التي كتبها عزرا مرة أخرى بالإلهام على زعمهم هي هذه التوراة المشهورة لما خالفها، فعلم أن التوراة المشهورة ليست التوراة التي صنفها موسى ولا التي كتبها عزرا، بل الحق أنها مجموع من الروايات والقصص المشتهرة بين اليهود وجَمعها أحبارُهم في هذا المجموع بلا نقد للروايات، وعلم من وقوع الغلط من الأنبياء الثلاثة أن الأنبياء كما أنهم ليسوا بمعصومين عن صدور الكبائر عند أهل الكتاب فكذلك ليسوا بمعصومين عن الخطأ في التحرير والتبليغ، وستعرف هذه الأمور في الشاهد السادس عشر من المقصد الأول من الباب الثاني.


(الأمر الثالث) مَنْ قابل الباب الخامس والأربعين والسادس والأربعين من كتاب حزقيال بالباب الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من سفر العدد وجد تخالفاً صريحاً في الأحكام، وظاهر أن حزقيال عليه السلام كان متبع التوراة فلو كانت التوراة في زمانه مثل هذه التوراة المشهورة لما خالفها في الأحكام، وكذلك وقع في التوراة في مواضع عديدة أن الأبناء تؤخذ بذنوب الآباء إلى ثلاثة أجيال، ووقع في الآية العشرين من الباب الثامن عشر من كتاب حزقيال: "النفس التي تخطئ فهي تموت والابن لا يحمل إثم الأب، والأب لا يحمل إثم الابن، وعدل العادل يكون عليه ونفاق المنافق يكون عليه" فعلم من هذه الآية أن أحداً لا يؤخذ بذنب غيره وهو الحق كما وقع في التنزيل {ولا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَ أخرى}.

(الأمر الرابع) مَنْ طالع الزبور وكتاب نحميا وكتاب أرميا وكتاب حزقيال جزم يقيناً أن طريق التصنيف في سالف الزمان كان مثل الطريق المروَّج الآن في أهل الإسلام، بأن المصنف لو كان يكتب حالات نفسه والمعاملات التي رآها بعينيه كان يكتب بحيث يظهر لنا كتابه أنه كتب حالات نفسه والمعاملات التي رآها، وهذا الأمر لا يظهر من موضوع من مواضيع التوراة بل تشهد عبارته أن كاتبه غير موسى وهذا الغير جمع هذا الكتاب من الروايات والقصص المشتهرة فيما بين اليهود، ميز بين هذه الأقوال بأن ما كان في زعمه قول اللّه أو قول موسى أدرجه تحت قال اللّه أو قال موسى، وعبر عن موسى في جميع المواضع بصيغة الغائب، ولو كانت التوراة من تصنيفاته لكان عبر عن نفسه بصيغة المتكلم ولا أقل من أن يعبر في موضع من المواضع، لأن التعبير بصيغة المتكلم يقتضي زيادة الاعتبار، والذي يشهد له الظاهر مقبول ما لم يقم على خلافه دليل قوي ومن ادعى خلاف الظاهر فعليه البيان.

(الأمر الخامس) لا يقدر أحد أن يدعي بالنسبة إلى بعض الفقرات وبعض الأبواب أنها من كلام موسى بل بعض الفقرات تدل دلالة بينة أن مؤلف هذا الكتاب لا يمكن أن يكون قبل داود عليه السلام، بل يكون إما معاصراً له أو بعده، وستعرف هذه الفقرات والباب في المقصد الثاني من الباب الثاني مفصلاً إن شاء اللّه. وعلماء المسيحية يقولون بالظن ورجماً بالغيب: إنها من ملحقات نبي من الأنبياء، وهذا القول مردود، لأنه مجرد ادعائهم بلا برهان، لأنه ما كتب نبي من الأنبياء في كتابه أني ألحقت الفقرة الفلانية في الباب الفلاني من الكتاب الفلاني، ولا كتب أن غيري من الأنبياء ألحقها، ولم يثبت ذلك الأمر بدليل آخر قطعي أيضاً كما ستعرف في المقصد المذكور، ومجرد الظن لا يغني، فما لم يقم دليل قوي على الإلحاق تكون هذه الفقرات والباب أدلة كاملة على أن هذا الكتاب ليس من تصنيفات موسى عليه السلام.

(الأمر السادس) نقل صاحب خلاصة سيف المسلمين عن المجلد العاشر من أنسائي كلوبيدي يابيني (قال دكتر سكندر كيدس الذي هو من الفضلاء المسيحية المعتمدين في ديباجة (البيبل) الجديد: ثبت لي بظهور الأدلة الخفية ثلاثة أمور جزماً: الأول أن التوراة الموجودة ليست من تصنيف موسى، والثاني أنها كتبت في كنعان أو أورشليم، يعني ما كتب في عهد موسى، الذي كان بنو إسرائيل في هذا العهد في الصحارى، والثالث لا يثبت تأليفها قبل سلطنة داود ولا بعد زمان حزقيال، بل أنسبُ تأليفها إلى زمان سليمان عليه السلام، يعني قبل ألف سنة من ميلاد المسيح أو إلى زمان قريب منه، في الزمان الذي كان فيه هومر الشاعر، فالحاصل أن تأليفه بعد خمسمائة سنة من وفاة موسى).

(الأمر السابع) قال الفاضل (تورتن) من العلماء المسيحية: "إنه لا يوجد فرق معتد به في محاورة التوراة ومحاورات سائر الكتب من العهد العتيق الذي كتب في زمان أطلق فيه بنو إسرائيل من أسر بابل، مع أن بين هذين الزمانين تسعمائة عامٍ، وقد علم بالتجربة أنه يقع الفرق في اللسان بحسب اختلاف الزمان، مثلاً إذا لاحظنا لسان الإنكليز وقسنا حال هذا اللسان بحال ذلك اللسان الذي كان قبل أربعمائة سنة وجدنا تفاوتاً فاحشاً، ولعدم الفرق المعتد به بين محاورة هذه الكتب ظن الفاضل (ليوسلن) الذي له مهارة كاملة في اللسان العبراني أن هذه الكتب صنفت في زمان واحد" أقول: وقوع الاختلاف في اللسان بحسب اختلاف الزمان بديهي فحكم تورتن وظن ليوسلن حريان بالقبول.
(الأمر الثامن) في الباب السابع والعشرين من سفر الاستثناء هكذا: "وتبنى هنالك مذبحاً للرب إلهَكَ من حجارة لم يكن مسها حديد" 8: "وتكتب على الحجارة كل كلام هذه السنة بياناً حسناً" والآية الثامنة في التراجم الفارسية هكذا نسخة مطبوعة سنة 1839: (وبران سنكها تمامى كلمات إين توارت بحسن وضاحت تحرير نما) نسخة مطبوعة سنة 1845: (وبران سنكها تمامى كلمات إين توريت رابخط روشن بنويس) وفي الباب الثامن من كتاب يوشع أنه بنى مذبحاً كما أمره موسى وكتب عليه التوراة، والآية الثانية والثلاثون من الباب المذكور هكذا نسخة فارسية مطبوعة سنة 1839: (درانجا تورات موسى رابران سنكها نقل نمودكه ان رابيش روى بني إسرائيل به تحريراً ورد) نسخة فارسية مطبوعة 1845 (درانجابر سنكها نسخة توريت موسى راكه در حضور بني إسرائيل نوشته بودنوست) فعلم أن حجم التوراة كان بحيث لو كتب على حجارة المذبح لكان المذبح يسع ذلك، فلو كانت التوراة عبارة عن هذه الكتب الخمسة لما أمكن ذلك فالظاهر كما قلت في الأمر الرابع.

(الأمر التاسع) قال القسيس تورتن: "إنه لم يكن رسم الكتابة في عهد موسى عليه السلام" أقول: مقصوده من هذا الدليل أنه إذا لم يكن رسم الكتابة في ذلك العهد فلا يكون موسى كاتباً لهذه الكتب الخمسة، وهذا الدليل في غاية القوة لو ساعد كتب التواريخ المعتبرة، ويؤيده ما وقع في التاريخ الذي كان باللسان الإنكليزي وطبع سنة 1850 في "مطبعة جارلس دالين" في بلدة لندن هكذا: "كان الناس في سالف الزمان ينقشون بميل الحديد أو الصفر أو العظم على ألواح الرصاص أو الخشب أو الشمع ثم استعمل أهل مصر بدل تلك الألواح أوراق الشجر (بيبرس) ثم اخترع الوصلي في بلد بركمس وسُوى القرطاس من القطن والإبريشم في القرن الثامن وسوى في القرن الثالث عشر من الثوب واختراع القلم في القرن السابع" انتهى كلام هذا المؤرخ لو كان صحيحاً عند المسيحيين فلا شك في تأييده لكلام تورتن.

(الأمر العاشر) وقع فيها الأغلاط وكلام موسى عليه السلام أرفع من أن يكون كذلك، مثل ما وقع في الآية الخامسة عشرة من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين هكذا: "فهؤلاء بنو إليا الذين ولدتهم بين نهر سورية، ودينا ابنتها، فجميع بنيها وبناتها ثلاثة وثلاثون نفساً" فقوله ثلاثة وثلاثون نفساً غلط، والصحيح أربعة وثلاثون نفساً واعترف بكونه غلطاً مفسرهم المشهور رسلي حيث قال: "لو عددتم الأسماء وأخذتم دينا صارت أربعة وثلاثون، ولا بد من أخذها كما يعلم من تعداد أولاد زلفا لأن سارا بنت أشير واحدة من ستة عشر، ومثل ما وقع في الآية الثانية من الباب الثالث والعشرين من سفر الاستثناء هكذا: "ومن كان ولد زانية لا يدخل جماعة الرب حتى يمضي عليه عشرة أحقاب" وهذا غلط، ولا يلزم أن لا يدخل داود عليه السلام ولا آباؤه إلى فارض ابن يهودا في جماعة الرب، لأن فارض ولد الزنا كما هو مصرح في الباب الثامن والثلاثين من سفر التكوين، وداود عليه السلام البطن العاشر منه، كما يظهر من نسب المسيح المذكور في إنجيل متى ولوقا، مع أن داود رئيس الجماعة والولد البكر للّه على وفق الزبور، ومثل ما وقع في الآية الأربعين من الباب الثاني عشر من سفر الخروج، وستعرف في الشاهد الأول من المقصد الثالث من الباب الثاني أنه غلط يقيناً.

ومثل ما وقع في الباب الأول من سفر العدد هكذا 45: "فكان عدد بني إسرائيل جميعه لبيوت آبائهم وعشائرهم من ابن عشرين سنة وما فوق ذلك، كل الذين كان لهم استطاعة الانطلاق إلى الحروب" 46: "ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسون رجلاً" 47: "واللاويون في وسط عشائرهم ولم يُعَدُّو معهم" يعلم من هذه الآيات أن عدد الصالحين لمباشرة الحروب كان أزيد من ستمائة ألف، وأن اللاويين مطلقاً ذكوراً كانوا أو إناثاً وكذلك إناث جميع الأسباط الباقية مطلقاً، وكذا ذكورهم الذين لم يبلغوا عشرين سنة خارجون عن هذا العدد، فلو ضمنا جميع المتروكين والمتروكات مع المعدودين لا يكون الكل أقل من ألفي ألف وخمسمائة ألف 2500000 وهذا غير صحيح لوجوه:

الأول: أن عدد بني إسرائيل من الذكور والإناث حين ما دخلوا مصر كان سبعين، كما هو مصرح في الآية السابعة والعشرين من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين، والآية الخامسة من الباب الأول من سفر الخروج، والآية الثانية والعشرين من الباب العاشر من سفر الاستثناء، وستعرف في الشاهد الأول من المقصد الثالث من الباب الثاني أن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر كانت مائتين وخمس عشرة سنة لا أزيد من هذه، وقد صرح في الباب الأول من سفر الخروج: أن قبل خروجهم بمقدار ثمانين سنة أبناؤهم كانوا يقتلون وبناتهم تستحيا، وإذا عرفت الأمور الثلاثة أعني عددهم حين ما دخلوا مصر ومدة إقامتهم فيها وقتل أبنائهم، فأقول: لو قطع النظر عن القتل وفرض أنهم كانوا يضاعفون في كل خمس وعشرين سنة فلا يبلغ عددهم إلى ستة وثلاثين ألفاً في المدة المذكورة فضلاً عن أن يبلغ إلى ألفي ألف وخمسمائة ألف، ولو لوحظ القتل فامتناع العقل أظهر.
الوجه الثاني: يبعد كل البعد أنهم يكثرون من سبعين بهذه الكثرة ولا تكثر القبط مع راحتهم وغنائهم مثل كثرتهم، وأن سلطان مصر يظلمهم بأشنع ظلم، وكونهم مجتمعين في موضع واحد ولا يصدر عنهم البغاوة ولا المهاجرة من دياره، والحال أن البهائم أيضاً تقوم بحماية أولادهم.
(الوجه الثالث) أنه يعلم من الباب الثاني عشر من سفر الخروج أن بني إسرائيل كان معهم المواشي العظيمة من الغنم والبقر، ومع ذلك صرح في هذا السفر أنهم عبروا البحر في ليلة واحدة وأنهم كانوا يرتحلون كل يوم، وكان يكفي لارتحالهم الأمر اللساني الذي يصدر عن موسى.
(الوجه الرابع) أنه لا بد أن يكون موضع نزولهم وسيعاً جداً بحيث يسع كثرتهم وكثرة مواشيهم، وحوالي طور سيناء، وكذلك حوالي اثني عشر عيناً في إيليم ليسا (32) كذلك فكيف وسع هذان الموضعان كثرتهم وكثرة مواشيهم.
(الوجه الخامس) وقع في الآية الثانية والعشرين من الباب السابع من سفر الاستثناء هكذا: "فهو يهلك هذه الأمم من قدّامك قليلاً قليلاً وقسمة قسمة، إنك لا تستطيع أن تبيدهم بمرة واحدة لئلا يكثر عليك دواب البر"، وقد ثبت أن طول فلسطين كان بقدر مائتي ميل وعرضه بقدر تسعين ميلاً، كما صرح به صاحب مرشد الطالبين في الفصل العاشر من كتابه في الصفحة من النسخة المطبوعة سنة 1840 في مدينة (فالته) فلو كان عدد بني إسرائيل قريباً من ألفي ألف وخمسمائة ألف، وكانوا متسلطين على فلسطين مرة واحدة بعد إهلاك أهلها لما يكثر عليهم دواب البر، لأن الأقل من هذا القدر يكفي لعمارة المملكة التي تكون بالقدر المذكور.
وقد أنكر ابن خلدون أيضاً هذا العدد في مقدمة تاريخه وقال: "الذي بين موسى وإسرائيل إنما هو ثلاثة آباء على ما ذكره المحققون ويبعد إلى أن يتشعب النسل في أربعة أجيال إلى مثل ذلك العدد" فالحق: أن كثرة بني إسرائيل كانت بالقدر الذي يمكن في مدة مائتين وخمس عشرة سنة، وكان سلطان مصر قادراً عليهم أن يظلم بأي وجه شاء، وكان الأمر اللساني الصادر عن موسى عليه السلام كافياً لارتحالهم كل يوم، وكان يكفي حوالي طور سيناء وحوالي إيليم لنزولهم مع دوابهم، وكان لا يكفي قدرهم لعمارة فلسطين لو ثبت لهم التسلط مرة واحدة. فيظهر لك من الأدلة المذكورة انه ليس في أيدي أهل الكتاب سند لكون الكتب الخمسة من تصنيف موسى عليه السلام، فما دام لم يثبت سند من جانبهم، فليس علينا تسليم هذه الكتب بل يجوز لنا الرد والإنكار.

وإذا عرفت حال التوراة الذي هو أس الملة الإسرائيلية فاسمع حال كتاب يوشع الذي هو في المنزلة الثانية من التوراة فأقول: لم يظهر لهم إلى الآن بالجزم اسم مصنفه ولا زمانُ تصنيفه، وافترقوا إلى خمسة أقوال قال: (جرهارد، وديوديتي، وهيوت، وباترك، وتاملاين وداكتر (33) كرى): إنه تصنيف يوشع وقال داكتر (لائت فت) إنه تصنيف فنيحاس، وقال كالون: إنه تصنيف العازار، وقال وانتل: إنه تصنيف صموئيل، وقال هنري: إنه تصنيف أرميا، فانظروا إلى اختلافهم الفاحش، وبين يوشع وأرميا مدة ثمانمائة وخمسين سنة تخميناً، ووقوع هذا الاختلاف الفاحش دليل كامل على عدم استناد هذا الكتاب عندهم، وعلى أن كل قائل منهم يقول بمجرد الظن رجماً بالغيب، بلحاظ بعض القرائن الذي ظهر له أن مصنفه فلان، وهذا الظن هو سند عندهم، ولو لاحظنا الآية الثالثة والستين من الباب الخامس عشر من هذا الكتاب مع الآية السادسة والسابعة والثامنة من الباب الخامس من سفر صموئيل الثاني يظهر أن هذا الكتاب كتب قبل السنة السابعة من جلوس داود عليه السلام، ولذلك قال جامعو تفسير هنري واسكات ذيل شرح الآية الثالثة والستين المذكورة هكذا: "يعلم من هذه الآية أن كتاب يوشع كتب قبل السنة السابعة من جلوس داود عليه السلام"، وتدل الآية الثالثة عشرة من الباب العاشر من هذا الكتاب أن مصنفه ينقل بعض الحالات عن كتاب اختلفت التراجم في بيان اسمه، ففي بعض التراجم كتاب اليسير، وفي بعضها كتاب ياصار، وفي بعضها كتاب ياشر، وفي التراجم العربية المطبوعة سنة 1844 سفر الأبرار، وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 سفر المستقيم، ولم يعلم حال هذا الكتاب المنقول عنه، ولا حال مصنفه، ولا حال زمان التصنيف، غير أنه يفهم من الآية الثامنة عشرة من الباب الأول من سفر صموئيل الثاني أن مصنفه يكون معاصراً لداود عليه السلام أو بعده، فعلى هذا الغالب أن يكون مؤلف كتاب يوشع بعد داود عليه السلام، ولما كان الاعتبار للأكثر وهم يدعون بلا دليل أنه تصنيف يوشع فأطوى الكشح عن جانب غيرهم وأتوجه إليهم وأقول هذا باطل لأمور:
(الأمر الأول) هو ما عرفت في الأمر الأول من حال التوراة (والأمر الثاني) ما عرفت في الأمر الرابع من حال التوراة (والأمر الثالث) توجد فيه آيات كثيرة لا يمكن أن تكون من كلام يوشع قطعاً بل تدل بعض الفقرات على أن يكون مؤلفه معاصراً لداود، بل بعده كما عرفت، وستعرف هذه الفقرات إن شاء اللّه في المقصد الثاني من الباب الثاني. والعلماء المسيحية يقولون رجماً بالغيب: إنها من ملحقات نبي من الأنبياء وهذه الدعوى غير صحيحة ومجرد ادعاء فلا تسمع، فما لم يقم دليل قوي على الإلحاق تكون هذه الفقرات أدلة كاملة على أن هذا الكتاب ليس تصنيف يوشع. (والأمر الربع) في الباب الثالث عشر من هذا الكتاب هكذا 24: (وأعطى موسى سبط جاد وبنيه لقبائلهم ميراثاً هذا تقسيمه) 25: (حد يَعْزير وجميع قرى جِلْعاد (34) ونصف أراضي بني عمون إلى عَرْواعير التي هي حيال ربا).

وفي الباب الثاني من سفر الاستثناء هكذا: "قال لي الرب إنك تدلو إلى قرب بني عمون احذر تقاتلهم ومحاربتهم، فإني لا أعطيك شيئاً من أرض بني عمون لأني أعطيتها بني لوط ميراثاً" انتهى ملخصاً. ثم في هذا الباب: "أسلم الرب إلهُنا الجميعَ سوى أرض بني عمون التي لم تدن منها" فبين الكتابين تخالف وتناقض فلو كانت هذه التوراة المشهورة تصنيف موسى عليه السلام كما هو مزعومهم فلا يتصور أن يخالفها يوشع ويغلط في المعاملة التي كانت في حضوره، بل لا يتصور من شخص إلهامي آخر أيضاً، فلا يخلو إما أن لا تكون هذه التوراة المشهورة من تصنيف موسى عليه السلام أو لا يكون كتاب يوشع من تصنيفه، بل لا يكون من تصنيف رجل إلهامي آخر أيضاً.

وكتاب القضاة الذي هو في المنزلة الثالثة فيه اختلاف عظيم لم يعلم مصنفه ولا زمان تصنيفه، فقال بعضهم: إنه تصنيف فينحاس، وقال بعضهم: إنه تصنيف حزْقيا، وعلى هذين القولين لا يكون هذا الكتاب إلهامياً أيضاً وقال بعضهم: إنه تصنيف أَرْميا وقال بعضهم: إنه تصنيف حِزقيال وقال بعضهم: إنه تصنيف عِزْرا، وبين عِزْرا وفنيحاس زمان أزيد من تسعمائة سنة، ولو كان عندهم سَنَدٌ لما وقع هذا الاختلاف الفاحش، وهذه الأقوال كلُّها غيرُ صحيحة عند اليهود وهم ينسبونه رَجْماً بالغيب إلى صموئيل فَحَصَلَتْ فيه ستة أقوال.
وكتاب راعوث الذي هو في المنزلة الرابعة ففيه اختلاف أيضاً، قال بعضهم: إنه تصنيف حزقيا وعلى هذا لا يكون إلهامياً، وقال بعضهم: إنه تصنيف عِزرا وقال اليهود وجمهور المسيحيين: إنه تصنيف صَمْوئيل، وفي الصفحة 305 من المجلد السابع من كاثُلك هِرَلد المطبوع سنة 184: (كُتِب في مقدمة بَيْبِل(35) الذي طُبع سنة 1819 في اشتار برك أن كتاب راعوثَ قصة بَيْت وكتاب يونس حكاية) يعني قصة غير معتبرة وحكاية غير صحيحة.

وكتاب نحْميا فيه اختلاف أيضاً، ومختار الأكثر أنه تصنيف نحميا وقال اتهاني سنش، وأبي فانيس، وكريزاستم، وغيرهم: إنه تصنيف عِزْرا، وعلى الأول لا يكون هذا الكتاب إلهامياً ولا يصح أن يكون ست وعشرون آية من أول الباب الثاني عشر من هذا الكتاب من تصنيف نحْميا، ولا ربط لهذه الآيات بقصة هذا الوضع رَبْطاً حسناً، وفي رابع وعشرين آية منها ذكر دارا سلطان إيران، وهو كان بعد مائة سنة من موت نحْميا، وستعرف في المقصد الثاني أن مفسريهم يحكمون بالاضطرار بإلحاقيتها، وأسقطها مترجم العربية.

وكتاب أيوب حاله أشنع من حال الكتب المذكورة وفيه اختلاف من أربعة وعشرين وجهاً و (رب ممائي ديز) الذي هو عالم مشهور من علماء اليهود و (ميكايلس وليكلرك وسمار واستناك) وغيرهم من العلماء المسيحيين على أن أيوب اسم فرضي وكتابه حكاية باطلة وقصة كاذبة، وذمّه (تهيودور) ذماً كثيراً وقال مقتدي فرقة البروتستنت: (إن هذا الكتاب حكاية محضة) وعلى قول مخالفيهم لا يتعين المصنف، ينسبونه رجماً بالغيب إلى أشخاص، ولو فرضنا أنه تصنيف (اليهود) أو رجل من آله او رجل مجهول الاسم مُعاصر لمنسَّا لا يثبت كونه إلهامياً، وهذا دليل كاف على أن أهل الكتاب لا يوجد عندهم سند متصل لكتبهم، يقولون بالظن والتخمين ما يقولون، وستعرف هذه الأمور في جواب المغالطة الثانية من الباب الثاني.

وزبور داود حاله قريب من حال كتاب أيوب لم يثبت بالسند الكامل أن مصنفه فلان ولم يعلم زمانُ جمع الزبورات في مجلد واحد، ولم يتحقق أن أسماءها إلهامية أو غير إلهامية. اختلف القدماء المسيحيون في مصنفه (فارجن وكريزاستم واكستائن وانبروس وبوتهي ميس) وغيرهم من القدماء على أن هذا الكتاب كله تصنيف داود عليه السلام، وأنكر قولهم (هليري واتهاتييش وجيروم ويوسي بيس) وغيرهم وقال هورن: "إن القول الأول غلط محض، وقال بعض المفسرين: إن بعض الزبورات صُنفت في زمان مقاييس لكن قوله ضعيف" انتهى كلامه ملخصاً. وعلى رأي الفريق الثاني لم يعلم اسم مصنف زبورات هي أزيد من ثلاثين، وعشرة زبورات من تصنيف موسى من الزبور التسعين إلى الزبور التاسع والتسعين، واحد وسبعون زبوراً من تصنيف داود، والزبور الثامن والثمانون من تصنيف (همان) والزبور التاسع والثمانون من تصنيف (اتهان) والزبور الثاني والسبعون والزبور المائة والسابع والسبعون من تصنيف (سليمان) وثلاثة زبورات من تصنيف (جدوتهن) واثني عشر زبوراً من تصنيف (اساف) ولكن قال البعض: إن الزبور الرابع والسبعين والزبور التاسع والسبعين ليسا من تصنيفه، وأحد عشر زبوراً من تصنيف ثلاثة أبناء قورح ، وقال البعض: إن شخصاً آخر صنفها ونسبها إليهم، وبعض الزبورات تصنيف شخص آخر وقال (كامت): إن الزبورات التي صنفها داود خمسة وأربعون فقط، والزبورات الباقية من تصنيفات آخرين، وقال القدماء من علماء اليهود: إن هذه الزبورات تصنيف هؤلاء الأشخاص: آدم، إبراهيم، موسى، وأساف، همان، جدوتهن، ثلاثة أبناء قورح، وأما داود فجمعها في مجلد واحد، فعندهم داود عليه السلام جامع الزبورات فقط لا مصنفها، وقال (هورن): "المختار عند المتأخرين من علماء اليهود وكذا عند جميع المفسرين من المسيحيين أن هذا الكتاب تصنيف هؤلاء الأشخاص: موسى، داود، سليمان، أساف، همان، اتهان، جدوتهن، ثلاثة أبناء قورح" وكذلك الاختلاف في جمع الزبورات في مجلد واحد فقال البعض: إنها جُمعت في زمن داود. وقال البعض: جمعها أحباء حِزْقيا في زمانه. وقال البعض: إنها جُمعت في أزمنة مختلفة، وكذلك الاختلاف في أسماء الزبورات فقال البعض: إنها إلهامية. وقال البعض: إن شخصاً من غير الأنبياء سمَّاها بهذه الأسماء.

(تنبيه) الآية العشرون من الزبور الثاني والسبعين هكذا ترجمة فارسية سنة 1845: (دعا هاي داود بسريسي (39) تمام شد) وهذا الزبور في التراجم العربية الزبور الحادي والسبعون لما عرفت في المقدمة، وهذه الآية ساقطة فيها فالظاهر أن هؤلاء المترجمين أسقطوها قصداً ليعلم أن كتاب الزبور كله من تصنيف داود كما هو رأي الفرقة الأولى. ويمكن أن تكون هذه الآية من إلحاقات الفرقة الثانية فعلى كل تقدير التحريف لازم إمَّا بالزيادة أو النقصان.

(كتاب أمثال سليمان) حاله سقيم أيضاً، ادعى البعض: أن هذا الكتاب كله من تصنيف سليمان عليه السلام، وهذا الادعاء باطل يردُّه اختلاف المحاورة وتكرار الفقرات، والآية الأولى من الباب الثلاثين والحادي والثلاثين وستعرفهما، ولو فرض أن بعض هذا الكتاب من تصنيفه فحسب الظاهر يكون تسعة وعشرون باباً من تصنيفه، وما جمعت هذه الأبواب في عهده، لأن خمسة أبواب منها أعني من الباب الخامس والعشرين إلى الباب التاسع والعشرين جمعها أحباء حزقيا، كما تدل عليه الآية الأولى من الباب الخامس والعشرين، وكان هذا الجمع بعد مائتين وسبعين سنة من وفاة سليمان عليه السلام، وقال البعض: إن تسعة أبواب من أول هذا الكتاب ليست من تصنيف سليمان عليه السلام كما ستعرف في جواب المغالطة الثانية من كلام (آدم كلارك) المفسر والباب الثلاثون من تصنيف (آجور) والباب الحادي والثلاثون من تصنيف (لموئيل) ولم يتحقق لمفسريهم أنهما مَنْ كانا ومتى كانا، ولم تتحقق نبوتهما، لكنهم على حسب عادتهم يقولون ظناً إنهما كانا نبيين، وظنهم لا يتم على المخالف، وظن البعض أن لموثيل اسم سليمان، وهذا باطل، قال جامعو تفسير (هنري واسكات): رد هولدن هذا الظن أن لموئيل اسم سليمان، وحقق أنه شخص آخر لعله حصل لهم دليل كاف على أن كتاب لموئيل وكتاب آجور إلهاميان وإلا لما دخلا في الكتب القانونية، قولهم لعله حصل لهم الخ مردود لأن قدماءهم أدخلوا كتباً كثيرة في الكتب القانونية، وهي مردودة عندهم، ففعلهم ليس حجة كما ستعرف في آخر هذا الفصل. وقال آدم كلارك في الصفحة 12 و 25 من المجلد الثالث من تفسيره: "لا دليل على أن المراد بلموئيل سليمان عليه السلام وهذا الباب ألحق بعد مدة من زمانه والمحاورات الكثيرة التي توجد في أوله من اللسان الجالدي ليست أدلة صغيرة على هذا"، وقال في حق الباب الحادي والثلاثين هكذا: "إن هذا الباب ليس من تصنيف سليمان عليه السلام قطعاً"، انتهت الآية الأولىمن الباب الخامس والعشرين هكذا: "فهذه أيضاً من أمثال سليمان التي استكتبها أصدقاء حزقيا ملك يهودا" والآية الأولى من الباب الثلاثين في التراجم الفارسية هكذا نسخة سنة 1828: "اين ست كلمات آجور بن ياقه يعني مقالات كه او براي ايثئيل بلك برأي ايثئيل وأوكال برزبان أورد " نسخة سنة 1845: (كلمات أكور بسرياقه يعني وحى كه أن مرد به ايثئيل به ايثئيل وأو قال بيان كرد) وأكثر التراجم في الألسنة المختلفة موافقة لها وتراجم العربية مختلفة ههنا. مترجم العربية المطبوعة سنة 1811 أسقطها ومترجم العربية المطبوعة سنة 1831 وسنة 1844 ترجما هكذا: "هذه أقوال الجامع ابن القاي الرؤيا التي يكلم بها الرجل الذي اللّه معه وإذا كان اللّه معه أيده" فانظر إلى الاختلاف بين تراجم العربية والتراجم الأخر، والآية الأولى من الباب الحادي والثلاثين هكذا: "كلمات لموئيل الملك الرؤيا التي أدبته فيها أمه" إذا عرفت ما ذكرت ظهر لك أنه لا يمكن أن يدعي أن هذا الكتاب كله تصنيف سليمان عليه السلام، ولا يمكن أن جامعه هو أيضاً، ولذلك اعترف الجمهور أن أناساً كثيرين مثل حِزْقيا وأشعيا ولعل عزرا أيضاً جمعوه.

(وكتاب الجامعة) فيه اختلاف عظيم أيضاً، قال البعض: إنه من تصنيف سليمان عليه السلام، وقال (رب قمجى) وهو عالم مشهور من علماء اليهود إنه تصنيف أشعيا، وقال علماء (تالميودي) إنه تصنيف حزقيا، وقال (كروتيس) إن أحداً صنفه (زروبابل) لأجل تعليم ابنه ابيهود، وقال (جهان) من العلماء المسيحية وبعض علماء جرمن من إنه صنف بعد ما أطلق بنو إسرائيل من أسْر بابل، وقال زرقيل: إنه صنف في زمان (انتيوكس إيبى فانس) واليهود بعد ما أطلقوا من أسر بابل أخرجوه من الكتب الإلهامية، لكنه أدخل بعد ذلك فيها.

(وكتاب نشيد الإنشاد) حاله سقيم جداً قال بعضهم: إنه تصنيف سليمان أو أحد من معاصريه، وقال (داكتر (43) كنى كات) وبعض المتأخرين: إن القول بأن هذا الكتاب من تصنيف سليمان عليه السلام غلط محض، بل صنف هذا الكتاب بعد مدة من وفاته، وذم القسيس (تهيودور) الذي كان في القرن الخامس هذا الكتاب، وكتاب أيوب ذماً كثيراً، وكان (سَيْمُن وليكلرك) لا يسلمان صداقته وقال (وشتن) إنه غناء فِسْقي، فليخرجْ من الكتب المقدسة، وقال بعض المتأخرين أيضاً هكذا، وقال سِمْلز: الظاهر أن هذا الكتاب جعلي، وقال (وارد كاتلك): "حكم كاستليو بإخراج هذا الكتاب من كتب العهد العتيق، لأنه غناء نجس".

(وكتاب دانيال) يوجد في الترجمة اليونانية (لتهيودوشن) والترجمة اللاطينية وجميع تراجم (رومن كاثلك) غناء الأطفال الثلاثة في الباب الثالث، كذا يوجد الباب الثالث عشر والباب الرابع عشر، وفرقة (الكاثلك) تسلم الغناء المذكور والبابين المذكورين، وتردها فرقة البروتستنت وتحكم بكذبها، (وكتاب أَسْتير) لم يُعلم اسمُ مصنفه ولا زمانُ تصنيفه، قال البعض: إنه تصنيف علماء المعبد الذين كانوا من عهد عِزْرا إلى زمان (سَيْمُن)، وقال (فلو يهودي): إنه تصنيف (يهوكن) الذي هو ابن يسوع الذي جاء بعد ما أُطلق من أسر بابل، وقال (اكستاين): إنه تصنيف عزرا، وقال البعض: إنه تصنيف (مردكي وأستير) وستعرف باقي حالاته في الشاهد الأول من المقصد الثاني من الباب الثاني إن شاء اللّه تعالى، (وكتاب أرميا) الباب الثاني والخمسون منه ليس من تصنيف أرميا قطعاً، وكذلك الآية الحادية عشرة من الباب العاشر ليست منه، أما الأول فلأن آخر الآية الرابعة والستين من الباب الحادي والخمسين هكذا ترجمة فارسية سنة 1838: (كلمات يرميا تابدينجا اتمام بدرفت) ترجمة فارسية سنة 1845 (كلام يرميا تابدينجاست) ترجمة عربية سنة 1844 (حتى إلى الآن كلام أرميا) وأما الثاني فلأن الآية المذكورة في اللسان الْكسْدي وسائر الكتاب في اللسان العبراني، ولم يعلم أن أي شخص ألحقهما، والمفسرون المسيحيون يقولون رجْماً بالغيب: لعل فلاناً أو فلاناً ألحقهما، قال جامعو تفسير (هنري واسكات) في حق الباب المذكور: "يعلم أن عزرا أو شخصاً آخر ألحق هذا الباب، لتوضيح أخبار الحوادث الآتية التي تمّت في الباب السابق ولتوضيح مرتبته"، وقال هورن في الصفحة 195 من المجلد الرابع: "أُلحق هذا الباب بعد وفاة أرميا، وبعد ما أُطلق اليهود من أسر بابل، الذي يوجد ذكره قليلاً في هذا الباب" ثم قال في المجلد المذكور: "إن جميع ملفوظات هذا الرسول بالعبري إلا الآية الحادية عشرة من الباب العاشر فإنها بلسان الكسدينر، وقال القسيس (ونما) إن هذه الآية إلحاقية"
وقعت مباحثة بين (كاركرن كاتلك ووارن) من علماء البروتستنت، وطبعت هذه المباحثة في بلدة أكبر أباد سنة 1853 فقال (كاركرن) في الرسالة الثالثة منها: إن الفاضل المشهور (استاهلن الجرمني) قال: "إنه لا يمكن أن يكون الباب الأربعون وما بعده إلى الباب السادس والستين من كتاب أشعيا من تصنيفه"، فسبعة وعشرون باباً ليس من تصنيف أشعيا، وستعرف في الشاهد الثامن عشر من المقصد الثالث أن القدماء المسيحية كافة وغير المحصورين من المتأخرين أن إنجيل متى كان باللسان العبراني وفُقد بسبب تحريف الفرق المسيحية والموجود الآن ترجمته، ولا يوجد عندهم إسناد هذه الترجمة، حتى لم يعلم باليقين اسم المترجم أيضاً إلى الحين، كما اعترف به جيروم من أفاضل قدمائهم، فضلاً عن علم أحوال المترجم، نعم يقولون رجماً بالغيب: لعل فلاناً أو فلاناً ترجمه ولا يتم هذا على المخالف، وكذا لا يثبت مثل هذا الظن استناد الكتاب إلى المصنف، وقد عرفت في الأمر السابع من المقدمة أن مؤلف ميزان الحق مع تعصبه لم يقدر على بيان السند في حق هذا الإنجيل بل قال ظناً: "إن الغالب أن متى كتبه باللسان اليوناني" وظنه بلا دليل مردود، فهذه الترجمة ليست بواجبة التسليم، بل هي قابلة للرد وفي (إنسائي كلوبديابويي) في بيان إنجيل متى هكذا: "كتب هذا الإنجيل في السنة الحادية والأربعين باللسان العبراني، وباللسان الذي ما بين الكلداني والسرياني، لكن الموجود منه الترجمة اليونانية، والتي توجد الآن باللسان العبراني فهي ترجمة الترجمة اليونانية".

وقال (وارد كاتلك) في كتابه: "صرح جيروم في مكتوبه أن بعض العلماء المتقدمين كانوا يشكون في الباب الأخير من إنجيل مرقس الأخير، وبعض القدماء كانوا يشكون في بعض الآيات من الباب الثاني والعشرين من إنجيل لوقا، وبعض القدماء كانوا يشكون في البابين الأولين من هذا الإنجيل، وما كان هذان البابان في نسخة فرقة مارسيوني"، وقال المحقق (نورتن) في الصفحة 70 من كتابه المطبوع سنة 1837 في بلدة (بوستن) في حق إنجيل مرقس: "في هذا الإنجيل عبارة واحدة قابلة للتحقيق، وهي من الآية التاسعة إلى آخر الباب الآخر، والعجب من (كريسباخ) أنه ما جعلها مُعَلَّمة بعلامة الشك في المتن، وأورد في شرحه أدلة على كونها إلحاقية"، ثم نقل أدلة فقال: "فثبت منها أن هذه العبارة مشتبهة سيما إذا لاحظنا العادة الجِبِلِّيّة للكاتبين بأنهم كانوا أرغب في إدخال العبارات من إخراجها"، (وكريسباخ) عند فرقة البروتستنت من العلماء المعتبرين وإن لم يكن (نورتن) كذلك عندهم فقول كريسباخ حجة عليهم.‏

ولم يثبت بالسند الكامل أن الإنجيل المنسوب إلى يوحنا من تصنيفه، بل ههنا أمور تدل على خلافه: الأول: أن طريق التصنيف في سالف الزمان قبل المسيح عليه السلام وبعده كان مثل الطريق المروج الآن في أهل الإسلام، كما عرفت في الأمر الرابع من حال التوراة، وستعرف في الشاهد الثامن عشر من المقصد الثالث من الباب الثاني، ولا يظهر من هذا الإنجيل أن يوحنا يكتب الحالات التي رآها بعينه، والذي يشهد له الظاهر مقبول، ما لم يقم دليل قوي على خلافه. والثاني: أن الآية الرابعة والعشرين من الباب الحادي والعشرين من هذا الإنجيل هكذا: "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا ويعلم أن شهادته حق"، فقال كاتبه في حق يوحنا هذه الألفاظ: "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وشهادته" بضمائر الغائب، وقال في حقه تعلم على صيغة المتكلم، فعلم أن كاتبه غير يوحنا، والظاهر أن هذا الغير، وجد شيئاً من مكتوبات يوجنا، فنقل عنه مع زيادة ونقصان واللّه أعلم. والثالث: أنه لما أنكر على هذا الإنجيل في القرن الثاني بأنه ليس من تصنيف يوحنا، وكان في هذا الوقت (أَرينيوس) الذي هو تلميذ (يُوْليكارْب) الذي هو تلميذ يوحنا الحواري موجوداً فما قال في مقابلة المنكرين: إني سمعت من (يوليكارب) أن هذا الإنجيل من تصنيف الحواري، فلو كان هذا الإنجيل من تصنيفه لعلم (يوليكارب)، وأخبر (أرينيوس). ويبعد كل البعد أن يسمع أرينيوس من يوليكارب الأشياء الخفيفة مراراً، وينقل ولا يسمع في هذا الأمر العظيم الشأن مرة أيضاً، وأبعد منه احتمال أنه سمع لكن نسي، لأنه كان يَعْتبر الرواية اللسانية اعتباراً عظيماً، ويحفظها حفظاً جيداً. نقل (يُوسِي بَيَس) في الصفحة 219 من الباب العشرين من الكتاب الخامس من تاريخه المطبوع سنة 1847 قول (أرينيوس) في حق الروايات اللسانية هكذا: "سمعت هذه الأقوال بفضل اللّه بالإمعان التام، وكتبتها في صدري لا على الورق. وعادتي من قديم الأيام أني أقرؤها دائماً". ويستبعد أيضاً أنه كان حافظاً لكنه ما نقل في مقابلة الخصم، وعلم من هذا الوجه أن المفكرين أنكروا كون هذا الإنجيل من تصنيف يوحنا في القرن الثاني، وما قدر المعتقدون أن يثبتوه. فهذا الإنكار ليس بمختص بنا، وستعرف في جواب المغالطة الأولى أن (سلسوس) من علماء المشركين الوثنيين كان يصيح في القرن الثاني: بأن المسيحيين بدَّلوا أناجيلهم ثلاث مرات أو أربع مرات، بل أزيد من هذا تبديلاً كأنَّ مضامينها بدلت، وأن (فاستس) الذي هو من أعظم علماء فرقة (ماني كيز) كان يصيح في القرن الرابع: بأن هذا الأمر مُحَقق،
01-20-2005, 04:42 AM
إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
1222
Unregistered

 
مشاركة: #2
مناقشه هادئه للاخوه المسحين والهيود
الجزء الثانى

[13] في الباب التاسع من سفر الخروج هكذا: "ففعل الرب هذا الكلام في الغد ومات كلُّ بهائم المصريين، ولم يمت واحدة من ماشية بني إسرائيل" فيعلم منه أن بهائم المصريين ماتت كلها. ثم في هذا الباب: "من خاف كلمة الرب من عبيد فرعون هرب بعبيده ودوابه إلى البيوت، ومن لم يخطر على باله قول الرب ترك عبيده ودوابه في الحقول" فبينهما اختلاف
[14] في الباب الثامن من سفر التكوين هكذا: "4 واستقر الفلك في اليوم السابع والعشرين من الشهر السابع على جبال أرمينية، 5 والمياه كانت تذهب وتنقص إلى الشهر العاشر، لأنه في الشهر العاشر في الأول من الشهر بانت رؤوس الجبال" فبين الآيتين اختلاف لأنه إذا ظهر رؤوس الجبال في الشهر العاشر، فكيف استقرت السفينة في الشهر السابع على جبال أرمينية.
الاختلاف الخامس عشر إلى الاختلاف السادس والعشرين: بين الباب الثامن من سفر صموئيل الثاني والباب الثامن عشر من السفر الأول من أخبار الأيام مخالفة كثيرة في الأصل العبراني، وإن أصلح المترجمون في بعض المواضع وأنقلها عن كلام (آدم كلارك) المفسر من المجلد الثاني من تفسيره ذيل عبارة صموئيل.

أيات الباب 8 ألفاظ سفر صموئيل الثاني آيات الباب
18 ألفاظ سفر أخبار الأيام الأول
1-

3-
4-
8-

9-
10-
12-
13-
17- أخذ داود لجام الجزية من يد أهل فلسطين

هدد عزر
ألف وسبعمائة فارس
وأخذ الملك داود نحاساً كثيراً جدا من بطاح وبروث قرى هدد عزر
توع ملك هدد عزر
يورام
من أرام
أرام
اخيملك وسرايا الكتاب 1-

1-
4-
8-

9-
10-
11-
13-
16- أخذ قرية جاث وضياعها من يد
أهل فلسطين
هدد عزر
ألف مركب وسبعة آلاف فارس
ومن طبحات ومن كون قرى هدر عزر أخذ داود نحاساً كثيراً‏
توعو ملك هدر عزر‏
هادورام‏
هادورام‏
أدوم
مالك و شوشا الكتاب

ففي هذين البابين اثنا عشر اختلافاً.

الاختلاف السابع والعشرون إلى الاختلاف الثاني والثلاثين: قال المفسرون المذكور في بيان المخالفة بين الباب العاشر من سفر صموئيل الثاني والباب التاسع عشر من السفر الأول من أخبار الأيام.

أيات الباب
10 ألفاظ سفر صموئيل آيات الباب
19 ألفاظ سفر أخبار الأيام الأول
16-
17-
18-
19-
سوباك رئيس الجيش هدد عزر
وأتى إلى حلام
سبعمائة مركب وأربعين ألف فارس
و سوباك رئيس الجيش 16-
17-
18-
19-
شوفاخ مقدم جيش هدر عزر
وأتى عليهم‏
سبعة آلاف مركب وأربعين ألف راجل
و شوفاخ مقدم الجيش


ففي البابين ستة اختلافات.‏

[33] الآية السادسة والعشرون من الباب الرابع من سفر الملوك الأول هكذا: "وكان لسليمان أربعون ألف مدود 2 يربى عليها خيل للمراكب واثني عشر ألف فارس" والآية الخامسة والعشرون من الباب التاسع من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا: "وكان لسليمان أربعة آلاف مدود واثنا عشر ألف فارس" هكذا في التراجم الفارسية والهندية، وحرَّف مترجم الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 عبارة سفر أخبار الأيام فبدل لفظ الأربعة بأربعين. وآدم كلارك المفسر نقل اختلاف التراجم والشروح ذيل عبارة سفر الملوك أولاً ثم قال: "الأحسن أن نعترف بوقوع التحريف في العدد نظراً إلى هذه الاختلافات".‏
[34] بين الآية الرابعة والعشرين من الباب السابع من سفر الملوك الأول، والآية الثالثة من الباب الرابع من السفر الثاني من أخبار الأيام اختلاف، قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره ذيل شرح عبارة أخبار الأيام: "ظن كبار المحققين أن الأحسن أن تسلم عبارة سفر الملوك ههنا أيضاً، ويمكن أنه وقع لفظ 2 البقريم موضع البقعيم" ومعنى البقريم الثور ومعنى البقعيم العقد، فاعترف هذا المفسر بوقوع التحريف في أخبار الأيام فتكون عبارة أخبار الأيام غلطاً عنده وقال جامعو تفسير هنري واسكات: "وقع الفرق ههنا لأجل تبدل الحروف".‏
[35] الآية الثانية من الباب السادس عشر من سفر الملوك الثاني هكذا: "وكان أحاز يومَ مَلَك ابن عشرين سنة، وملك ست عشرة سنة بأورشليم" الخ، ووقع في حالة ابنه حزقيال في الآية الثانية من الباب الثامن عشر من السفر المذكور هكذا: "وكان قد أتى عليه يومَ ملك خمس وعشرون سنة" فيلزم أن يكون حزقيال ولد لأحاز في السنة الحادية عشرة من عمره، وهو خلاف العادة فالظاهر أن أحدهما غلط، والمفسرون أقروا بكون الأول غلطاً، قال جامعو تفسير (هنري واسكات) ذيل شرح الباب السادس عشر: "الغالب أن لفظ العشرين كتب في موضع الثلاثين انظروا الآية الثانية من الباب الثامن عشر من هذا السفر".‏
[36] في الآية الأولى من الباب الثامن والعشرين من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا: "كان أحاز حين ملك ابن عشرين سنة وملك ست عشرة سنة في أورشليم" وفي الآية الأولى من الباب التاسع والعشرين من السفر المذكور هكذا: "فملك حزقيا ابن خمس وعشرين سنة" وههنا أيضاً أحدهما غلط والظاهر أن تكون الأولى كما عرفت.‏
[37] بين الآية الحادية والثلاثين من الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني، والآية الثالثة من الباب العشرين من السفر الأول من أخبار الأيام اختلاف، وقال (هورن) في المجلد الأول من تفسيره: "إن عبارة سفر صموئيل صحيحة فلتجعل عبارة سفر أخبار الأيام مثلها" فعند عبارة سفر أخبار الأيام غلط فانظروا كيف يأمر بالإصلاح والتحريف، والعجب أن مترجم الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 جعل عبارة سفر صموئيل مثل عبارة سفر أخبار الأيام والإنصاف أنه لا عجب هذه سنيحتهم العلية.‏
[38] الآية الثالثة والثلاثون من الباب الخامس عشر من سفر الملوك الأول هكذا: "في السنة الثالثة لأساملك يهودا ملك بعشا بن أحيا على جميع إسرائيل في ترصا أربعة وعشرين سنة" والآية الأولى من الباب السادس عشر من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا: "وفي السنة السادسة والثلاثين لملك أساصعد بعشا ملك إسرائيل على يهوذا" الخ فبينهما اختلاف وأحدهما غلط يقيناً لأن بعشا على حكم الأول مات في السنة السادسة والعشرين لأسا، وفي السنة السادسة والثلاثين لأسا كان قد مضى على موت بعشا عشر سنين، فكيف صعد في هذه السنة على يهوذا؟ قال جامعو تفسير هنري واسكات ذيل عبارة سفر الأيام: "الظاهر أن هذا التاريخ غلط"، وقال اشر الذي هو من كبار العلماء المسيحية: إن هذا العام سادس وثلاثون من (الانقسام الذي وقع في عهد يور بعام السلطنة لا من سلطنة أسا)، فهؤلاء العلماء سلموا أن عبارة أخبار الأيام غلط أما وقع لفظ السادسة والثلاثين موقع لفظ السادسة والعشرين، أو وقع لفظ الملك أسا موقع لفظ من انقسام السلطنة.‏
[39] الآية التاسعة عشرة من الباب الخامس عشر من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا: "ولم يكن حرب أي بين أسا وبعشا إلى سنة خمس وثلاثين من ملك أسا" وهي مخالفة أيضاً للآية الثالثة والثلاثين من الباب الخامس عشر من سفر الملوك الأول كما عرفت في الاختلاف السابق.‏
[40] في الآية السادسة عشرة من سفر الملوك الأول عدد الموكلين ثلاثة آلاف وثلثمائة، وفي الآية الثانية من الباب الثاني من السفر الثاني من أخبار الأيام ثلاثة آلاف وستمائة، وحرف مترجمو الترجمة اليونانية في سفر الملوك فكتبوا ثلاثة آلاف وستمائة.‏
[41] في الآية السادسة والعشرين من الباب السابع من سفر الملوك الأول: " وكان البحر 2 يسع ألفي فرق" وفي الآية الخامسة من الباب الرابع من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا: "يسع ثلاثة آلاف فرق، والجملة الأولى في الترجمة الفارسية المطبوعة سنة 1838 هكذا: "دوهزاربت دران كنجيد" وفي الترجمة الفارسية سنة 1845 هكذا: (دوهزارخم أب ميكرفت) والجملة الثانية هكذا ترجمة فارسية سنة 1838: (وسه هزاربت دران كنجيد) ترجمة فارسية سنة 1845: (وسه هزارخم أب كرفته نكاه ميداشت) فبينهما اختلاف وتفاوت ألف
[42]من قابل الباب الثاني من كتاب عزرا بالباب السابع من كتاب نحميا وجد بينهما اختلافاً عظيماً في أكثر المواضع، ولو قطعنا النظر عن الاختلاف ففيهما غلط آخر، وهو أنهما اتفقا في حاصل الجمع وقالا: الذين جاؤوا من بابل إلى أورشليم بعد ما أطلقوا من أسر بابل اثنان وأربعون ألفاً وثلثمائة وستون شخصاً، ولا يخرج الحاصل بهذا القدر لو جمعنا، لا في كلام عزرا ولا في كلام نحميا، بل حاصل الجمع في الأول 29818 وفي الثاني 31089، والعجب أن هذا الجمع الاتفاقي أيضاً غلط على تصريح المؤرخين، قال (يوسيفس) في الباب الأول من الكتاب الحادي عشر من تاريخه: "إن الذين جاؤوا من بابل إلى أورشليم اثنان وأربعون ألفاً وأربعمائة واثنان وستون شخصاً"، قال جامعو تفسير (هنري واسكات) ذيل شرح عبارة عزرا: "وقع فرق كثير في هذا الباب والباب السابع من كتاب نحميا من غلط الكتاب، ولما ألفت الترجمة الإنكليزية صحح كثير منه بقابلة النسخ، وفي الباقي تعين الترجمة اليونانية في شرح المتن العبري".
فانظر أيها اللبيب هذا حال كتبهم المقدسة: إنهم في صدد التصحيح الذي هو في الحقيقة التحريف من القرون، لكن الأغلاط باقية فيها، والإنصاف أن هذه الكتب غلط من الأصل، ولا تقصير للمصححين غير هذا، إنهم إذا عجزوا ينسبون إلى الكاتبين الذين هم برآء من هذا، ومن تأمل الآن في هذين البابين وجد الاختلافات والأغلاط أزيد من عشرين ولا أعلم من حال الغد أنهم كيف يفعلون وكيف يحرفون.‏
[43]في الآية الثانية من الباب الثالث عشر من السفر الثاني من أخبار الأيام: "أن أم ابيا ميخيا بنت أوريايل من جبعة" ويعلم من الآية العشرين من الباب الحادي عشر من السفر المذكور أن أمه (معخا بنت أبي شالوم)، ويعلم من الآية السابعة والعشرين من الباب الرابع عشر من سفر صموئيل الثاني أنه ما كان لأبي شالوم إلا بنت واحدة اسمها ثامار.‏
[44] يعلم من الباب العاشر من كتاب يوشع أن بني إسرائيل لما قتلوا سلطان أورشليم كانوا تسلطوا على ملكه: ومن الآية الثالثة والستين من الباب الخامس عشر من الكتاب المذكور أنهم ما كانوا تسلطوا على مملكة أورشليم.‏
[45] يعلم من الآية الأولى من الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الثاني أن اللّه ألقى في قلب داود أن يعدّ بني إسرائيل، ويعلم من الآية الأولى من الباب [ص 96] الحادي والعشرين من السفر الأول من أخبار الأيام أن الملقي كان الشيطان، ولما لم يكن اللّه خالق الشر عندهم لزم الاختلاف القوي.‏
الاختلاف السادس و الأربعون إلى الاختلاف الحادي و الخمسون: من قابل بيان نسب المسيح الذي في إنجيل متى بالبيان الذي في إنجيل لوقا وجد ستة اختلافات: [1] يعلم من متى أنه يوسف بن يعقوب، ومن لوقا أنه ابن هالي. [2] يعلم من متى أن عيسى من أولاد سليمان بن داود عليهم السلام، ومن لوقا أنه من أولاد ناثان بن داود. [3] يعلم من متى أن جميع آباء المسيح من داود إلى جلاء بابل سلاطين مشهورون، ومن لوقا أنهم ليسوا بسلاطين ولا مشهورين غير داود وناثان. [4] يعلم من متى أن شلتائيل بن يوخانيا، ويعلم من لوقا أنه ابن نيرى. [5] يعلم من متى أن اسم ابن زور بابل أبيهود، ومن لوقا أن اسمه ريصا، والعجب أن أسماء بني زور بابل مكتوبة في الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام، وليس فيها أبيهود ولا ريصا فالحق أن كلاً منهما غلط. [6] من داود إلى المسيح عليهما السلام ستة وعشرون جيلاً على ما بَيَّن متى، وواحد وأربعون جيلاً على ما بَيَّن لوقا، ولما كان بين داود والمسيح مدة ألف سنة فعلى الأول يكون في مقابلة كل جيل أربعون سنة وعلى الثاني خمسة وعشرون، ولما كان الاختلاف بين البيانين ظاهراً بادي التأمل تحير فيهما العلماء المسيحية من زمان اشتهار هذين الإنجيلين إلى اليوم، ووجهوا بتوجيهات ضعيفة، ولذلك اعترف جماعة من المحققين مثل (اكهارن وكيسر وهيس وديوت ووى نروفرش)، وغيرهم بأنهما مختلفان اختلافاً معنوياً، وهذا حق وعين الإنصاف، لأنه كما صدر عن الإنجيليين أغلاط واختلافات في مواضع أخر، كذلك صدر الاختلاط ههنا، نعم لو كان كلامهم خالياً عنها سوى هذا الموضع كان التأويل مناسباً وإن كان بعيداً، وآدم كلارك في ذيل شرح الباب الثالث من إنجيل لوقا نقل التوجيهات وما رضي بها وتحير، ثم نقل عذراً غير مسموع من مستر (هارمرسى) في الصفحة 408 من المجلد الخامس هكذا: "كان أوراق النسب تحفظ في اليهود حفظاً جيداً، ويعلم كلُّ ذي علم أن متى ولوقا اختلفا في بيان نسب الرب اختلافاً تحير فيه المحققون من القدماء 8 والمتأخرين، كما أنه فهم في المواضع الأخر الاعتراض في حق المؤلف، ثم صار هذا الاعتراض حامياً له، فكذلك هذا أيضاً إذا صفا يصير حامياً قوياً لكن الزمان يفعله هكذا" فاعترف (بأن هذا الاختلاف اختلاف تحير فيه المحققون من القدماء والمتأخرين) وما قال (إن أوراق النسب كانت تحفظ في اليهود حفظاً جيداً) مردود، لأن هذه الأوراق صارت منتشرة برياح الحوادث، ولذلك غلط عزرا والرسولان عليهما السلام في بيان بعض النسب، وهذا المفسر يعترف به أيضاً، كما ستعرف في الشاهد السادس عشر من المقصد الأول من الباب الثاني، وإذا كان الحال في عهد عزرا هكذا فكيف يظن في عهد الحواريين؟ وإذا لم يبق أوراق نسب الكهنة والرؤساء محفوظة، فأي اعتراف بورق نسب يوسف النجار المسكين، وإذا كان ثلاثة أشخاص من الأنبياء المعتبرين غلطوا في بيان النسب، ولم يقدروا على التمييز بين الغلط والصحيح، فكيف يظن بمترجم إنجيل متى الذي لم يعلم إلى الآن اسمه، فضلاً عن وَثَاقة أحواله وفضلاً عن كونه ذا إلهام، وبلوقا الذي لم يكن من الحواريين يقيناً، ولم يثبت كونُه ذا إلهام، فالغالب أنه حصل لهما ورقتان مختلفتان في بيان نسب يوسف النجار، ولم يحصل لهما التمييز بين الصحيح والغلط، فاختار أحدهما بظنه إحدى الورقتين، والآخر الورقة الأخرى، ورجاء المفسر المذكور بأن الزمان يفعله هكذا رجاء بلا فائدة، لأنه إذا لم يصف إلى مدة ألف وثمانمائة، سيما في هذه القرون الثلاثة الأخيرة التي شاعت العلوم العقلية والنقلية فيها في ديار أوربا، وتوجهوا إلى تحقيق كل شيء، حتى إلى تحقيق الملة أيضاً فأصلحوا في الملة أولاً إصلاحاً مَا، فحكموا على المذهب العمومي في أول الوهلة بأنه باطل، وعلى البابا الذي كان مُقْتَدي الملة بأنه جاهل غدار، ثم اختلفوا في الإصلاح وافترقوا إلى فرق ثم كانوا يزيدون في الإصلاح يوماً فيوماً حتى ترقى المحققون غير المحصورين منهم لأجل زيادة تحقيقهم إلى أعلى درجة الإصلاح، حتى فهموا الملة المسيحية كالحكايات الباطلة والخيالات الواهية، فظن الصفاء في زمان آخر ظن عبث، والتوجيه المشهور الآن هذا أنه يجوز أن يكون متّى كتب نسب يوسف، ولوقا كتب نسب مريم، ويكون يوسف خَتَن هالي، ولا يكون لهالي ابن فنسب الختن إليه، وأدخل في سلسلة النسب وهذا التوجيه مردود لوجوه: الأول: أن المسيح على هذا التقدير يكون من أولاد ناثان، لا من أولاد سليمان، لأن نسبه الحقيقي من جانب أمه ولا اعتبار لنسب يوسف النجار في حقه، فيلزم أن لا يبقى المسيح مسيحاً، ولذلك قال مقتدي فرقة البروتستنت (كالوين) في رد هذا التوجيه: "من أخرج سليمان عن نسب المسيح فقد أخرج المسيح من كونه مسيحاً".
والثاني: أن هذا التوجيه لا يصح إلا إذا ثبت من التواريخ المعتبرة أن مريم بنت هالي، ومن أولاد ناثان، ومجرد الاحتمال لا يكفي لهذا، سيما في الصورة التي يرده المحققون فيها، مثل آدم كلارك المفسر وغيره، ويرده مقتداهم (كالوين) ولم يثبت هذان الأمران بدليل ضعيف فضلاً عن القوي، بل ثبت عكسهما لأنه صرح في إنجيل يعقوب أن اسم أبوي مريم (يهويا قيم وعانا) وهذا الإنجيل وإن لم يكون إلهامياً، ومن تصنيف يعقوب الحواري عند أهل التثليث المعاصرين لنا، لكن لا شك أنه من جَعل بعض أسلافهم وقديم جداً، ومؤلفه من القدماء الذين كانوا في القرون الأولى، فلا تنحط رتبته عن رتبة التواريخ المعتبرة، ولا يقاومه مجرد احتمال لا يكون له سند، وقال (اكستاين) أنه صرح في بعض الكتب التي كانت توجد في عهده (أن مريم عليها السلام من قوم لاوى) وهذا ينافي كونها من أولاد ناثان، وإذا لاحظنا ما وقع في الباب السادس والثلاثين من سفر العدد أن كل رجل يتزوج بامرأة من سبطه وقبيلته، وكذلك كل امرأة تتزوج برجل من سبطها وقبيلتها، ولا تختلط الأسباط بعضها ببعض، وما وقع في الباب الأول من إنجيل لوقا أن زوجة زكريا كانت من بنات هارون ومريم عليها السلام كانت قريبة لزوجة زكريا وهذه كانت من بنات هارون قطعاً، فتكون مريم من بنات هارون، أيضاً، وإذا كانت كذلك كان زوجها المزعوم أيضاً من أولاد هارون، بحكم التوراة، ويكون بيان كل من الإنجيلين غلطاً من جَعليات أهل التثليث، ليثبت أن عيسى عليه السلام كان من أولاد داود، ولا يطعن اليهود في كونه مسيحاً موعوداً لأجل هذا، ولما لم تكن هذه الأناجيل مشهورة إلى آخر القرن الثاني لم يطلع أحد المحرفين على التحرير الجعلي للآخر فوقعا في الاختلاف.
والثالث: أنه لو كانت مريم بنت هالي لظهر الأمر للقدماء، ولو كان لهم علم بذلك لما وَجَّهوا بتوجيهات ركيكة يردّها المتأخرون ويشنعون عليها. والرابع: أن ألفاظ متى هكذا: (يعقوب اكينيسي تون يوسف) وألفاظ لوقا هكذا: (ديوس يوسف توهابي) فيعلم من كلتا العبارتين، أن كلاً من متى ولوقا يكتبان نسب يوسف.
والخامس: لو فرضنا أن مريم كانت بنت هالي فلا يصح ما في لوقا إلا بعد أن يثبت أن اليهود كان زواجهم: أن الختن إذا لم يكن لزوجته أخ كان يدخل في سلسلة النسب، ويكتب فيها في موضع الابن، لكنه لم يثبت هذا الأمر إلى الآن بوجه يعتمد عليه، وهَوْسات بعض علماء البروتستنت واستنباطهم الضعيف القابل للرد لا يتم علينا ونحن لا ننكر انتساب شخص إلى آخر مطلقاً، بل يجوز عندنا أيضاً أنه إذا كان ذلك الآخر من أقاربه النسبية أو السببية أو أستاذه أو مرشده، ومشهوراً لأجل المنزلة الدنياوية أو الدينية ينسب هذا الشخص إليه فيقال مثلاً أنه ابن الأخ أو الأخت أو خَتن لفلان الأمير أو السلطان، أو تلميذ لفلان الفاضل أو مريد للشيخ الفلاني، لكن هذا الانتساب أمر والإدخال في سلسلة النسب بأنه ابن لأبي زوجته، وكون هذا زواج اليهود أمر آخر فنحن ننكر هذا الأمر الآخر، ونقول إنه لم يثبت أنه كان زواجهم كذلك.
(فائدة) إنجيل متى هذا لم يكن مشهوراً معتبراً في عهد لوقا، وإلا فكيف يتصور أن يكتب لوقا نسب المسيح بحيث يخالف تحرير متى في بادئ الرأي مخالفة تحيَّر فيها المحققون من القدماء والمتأخرون سلفاً وخلفاً ولا يزيد حرفاً أو حرفين للتوضيح بحيث يرتفع الاختلاف.‏


الاختلاف الثاني و الخمسون و الثالث و الخمسون : مَنْ قابل الباب الثاني من إنجيل متى بالباب الثاني من إنجيل لوقا وجد اختلافاً عظيماً بحيث يجزم أنه لا يمكن أن يكون كل منهما إلهامياً، وأنا أكتفي بنقل اختلافين:
[1] يعلم من كلام متى أن أبوي المسيح بعد ولادته أيضاً كانا يقيمان في بيت لحم، ويفهم من بعض كلامه أن هذه الإقامة فيه كانت إلى مدة قريبة من سنتين، وجاء المجوس هناك ثم ذهبا إلى مصر، وأقاما مدة حياة هيرود في مصر، ورجعا بعد موته، وأقاما في ناصرة، ويعلم من كلام لوقا أن أبوي المسيح بعد ما تم مدة نفاس مريم ذهبا إلى أورشليم، وبعد تقديم الذبيحة رجعا إلى ناصرة، وأقاما فيها وكانا يذهبان منها إلى أورشليم في أيام العيد من كل سنة، وأقام المسيح في السنة الثانية عشرة بلا إطلاع الأبوين ثلاثة أيام في أورشليم، وعلى كلامه لا سبيل لمجيء المجوس في بيت لحم، بل لو فرض مجيئهم يكون في ناصرة لأن مجيئهم في أثناء الطريق أيضاً بعيد، وكذا لا سبيل لذهاب أبويه إلى مصر وإقامتهما فيها لأنه صريح في أن يوسف لم يسافر قط من أرض اليهود لا إلى مصر ولا إلى غيرها.
[2] يعلم من كلام متى أن أهل أورشليم وهيرود ما كانوا عالمين بولادة المسيح قبل أخبار المجوس، وكانوا معاندين له، ويعلم من كلام لوقا أن أبوي المسيح لما ذهبا إلى أورشليم بعد مدة النفاس لتقديم الذبيحة، فسمعان الذي كان رجلاً صالحاً ممتلئاً بروح القدس وكان قد أوحى إليه أنه لا يرى الموت قبل رؤية المسيح، أخذ عيسى عليه السلام على ذراعيه في الهيكل وبين أوصافه، وكذلك حَنَّة النبية وقفت تسبح الرب في تلك الساعة، وأخبرت جميع المنتظرين في أورشليم، فلو كان هيرود وأهل أورشليم معاندين للمسيح لما أخبر الرجل الممتلئ بروح القدس في الهيكل الذي كان مجمع الناس في كل حين، ولما أخبرت النبية بهذا الخبر في أورشليم التي كانت دار السلطنة لهيرود، والفاضل (نورتن) حام للإنجيل لكنه ههنا سلم الاختلاف الحقيقي بين البيانين وحكم بأن بيان متى غلط وبيان لوقا صحيح.‏
[54]يعلم من الباب الرابع من إنجيل مرقس أن المسيح أمر الجماعة بالذهاب وحدث التموج والهيجان في البحر بعد وعظ التمثيلات، ويعلم من الباب الثامن من إنجيل متى أن الحالين المذكورين بعد وعظ الجبل، وكتب وعظ التمثيلات في الباب الثالث عشر، فهذا الوعظ متأخر عن الحالين المذكورين تأخراً كثيراً، لأن بين الوعظين مدةً مديدة فأحدهما غلط لأن التقديم والتأخير في تاريخ الوقائع وتوقيت الحوادث من الذين يدعون أنهم يكتبون بالإلهام أو يُدَّعى لهم ذلك بمنزلة المناقضة.‏
كتب مرقس في الباب الحادي عشر أن مباحثة اليهود والمسيح كانت في اليوم الثالث من وصوله إلى أورشليم، وكتب متى في الباب الحادي والعشرين أنها كانت في اليوم الثاني فأحدهما غلط، وقال هورن في بيان هذين الاختلافين اللذين مر ذكرهما في هذا الاختلاف والاختلاف السابق عليه في الصفحة 275 و 276 من المجلد الرابع من تفسيره المطبوع سنة 1822 من الميلاد (لا تخرج صورة مّا من التطبيق في هذه الأحوال).‏
[56]كتب متى في الباب الثامن أولاً شفاء الأبرص بعد وعظ الجبل، ثم شفاء عبد قائد المائة بعد ما دخل عيسى عليه السلام كفر ناحوم، ثم شفاء حماة بطرس، كتب لوقا في الباب الرابع أولاً شفاء حماة بطرس ثم في الباب الخامس شفاء الأبرص ثم في الباب السابع شفاء قائد المائة، فأحد البيانين غلط.‏
[57] أرسل اليهود الكهنة واللاويين إلى يحيى ليسألوه: من أنت؟ قالوا: أأنت إيليا فقال: لست أنا بإيليا، كما هو مصرح في الباب الأول من إنجيل يوحنا، وفي الآية الرابعة عشرة: من الباب الحادي عشر من إنجيل متى قول عيسى في حق يحيى عليهما السلام هكذا: "وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي". وفي الباب السابع عشر من إنجيل متى هكذا: 10 "سأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً" 11 "فأجاب يسوع وقال لهم إن إيلياء يأتي أولاً ويرد كل شيء" 13 "ولكني أقول لكم إن إيلياء قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا، كذلك ابن الإنسان أيضاً سوف يتألم منهم" 13 "حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان"، فعلم من العبارتين أن يحيى هو إيليا الموعود، يلزم التناقض في قول يحيى وعيسى عليهما السلام.

(تنبيه) لو تدبر أحد في كتبهم لما أمكن له الإذعان بكون عيسى مسيحاً موعوداً صادقاً، ولنمهد لبيان الملازمة أربعة أمور:
الأول: أن يواقيم بن يوشا لما أحرق الصحيفة التي كتبها باروخ من فم أرميا عليهم السلام، نزل الوحي إلى أرميا هكذا: "الرب يقول في ضد يواقيم ملك يهوذا أنه لا يكون منه جالس على كرسي داود" كما هو مصرح في الباب السادس والثلاثين من كتاب أرميا. والمسيح عندهم لا بد أن يكون جالساً على كرسي داود، ونقل لوقا أيضاً في الباب الأول من إنجيله قول جبريل لمريم عليهما السلام في حق عيسى عليه السلام "ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه".
الثاني: إن مجيء المسيح كان مشروعاً بمجيء إيليا قبله، وكان من إنكار اليهود عيسى عليه السلام أن إيليا 2 ما جاء، ومجيؤه أولاً ضروري وقد سلم عيسى عليه السلام أيضاً أن إيليا يجيء أولاً لكنه قال إنه قد جاء ولم يعرفوه، وإيليا أيضاً قد أنكر أني لست بإيليا. الثالث: أن ظهور المعجزات وخوارق العادات عندهم ليس دليل الإيمان فضلاً عن النبوة ثم فضلاً عن الألوهية. في الآية الرابعة والعشرين من الباب الرابع والعشرين من إنجيل متى قول عيسى عليه السلام هكذا: "سيقوم مُسَحاء كذَبَة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يُضلوا لو أمكن المتارين أيضاً"، وفي الآية التاسعة من الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي قول بولس في حق الدجال: "الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة"،
الرابع: أن من يدعو إلى عبادة غير اللّه، فهو واجب القتل بحكم التوراة وإن كان ذا معجزات عظيمة، ومدَّعي الألوهية أَشنعُ من هذا، ويدعو إلى عبادة غير اللّه لأنه غير اللّه يقيناً كما ستعرف في الباب الرابع مفصَلاً ومدلَّلاً، ويدعو إلى عبادة نفسه فإذا عرفت هذه المقدمات الأربع فأقول: إن عيسى عليه السلام ولد يواقيم على حسب النسب المدرج في إنجيل متى، فلا يكون قابلاً لأن يجلس على كرسي داود بحكم المقدمة الأولى، ولم يجيء قبله إيليا لأن يحيى لما اعترف بأنه ليس بإيليا فالقول الذي يكون بخلافه لا يقبل، ولا يتصور أن يكون إيليا مرسلاً من اللّه ذا وحي وإلهام ولا يعرف نفسه، فلا يكون عيسى عليه السلام مسيحاً موعوداً بحكم المقدمة الثانية، وادعى الألوهية على زعم أهل التثليث، فيكون واجب القتل بحكم المقدمة الرابعة، والمعجزات التي نقلت في الأناجيل ليست بصحيحة عند المخالف أولاً، ولو سُلمت ليست دليلَ الإيمان فضلاً عن النبوة، فيكون اليهود مصيبين في قتله، والعياذُ باللّه، وما الفرق بين هذا المسيح الذي يعتقده النصارى وبين مسيح اليهود، وكيف يُعلم أن الأول صادق والثاني كاذب، مع أن كلاً منهما يدعي الحقيقة لنفسه، وكلٌّ منهما ذو معجزات باهرة على اعترافهم فلا بد من العلامة الفارقة بحيث تكون حجة على المخالف، فالحمد للّه الذي نجانا من هذه المهالك بواسطة نبيه وصفيه محمد صلى اللّه عليه وسلم حتى اعتقدنا أن عيسى ابن مريم عليهما السلام نبي صادق ومسيح موعود بريء عن دعوى الألوهية، وافترى أهل التثليث عليه في هذا الأمر.‏
الاختلاف الثامن و الخمسون إلى الاختلاف الثالث و الستين: وقع في الباب الحادي عشر من إنجيل متى، والباب الأول من إنجيل مرقس، والباب السابع من إنجيل لوقا هكذا: "ها أنا أُرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قُدَّامك"، ونقل الإنجيليون الثلاثة هذا القول على رأي مفسريهم من الآية الأولى من الباب الثالث من كتاب ملاخيا، وهي هكذا: "ها أنا ذا مرسل ملاكي، ويسهل الطريق أمام وجهي" فبين المنقول والمنقول عنه اختلاف بوجهين: الأول: أن لفظ (أمام وجهك) في هذه الجملة (ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي) زائد في الأناجيل الثلاثة ولا يوجد في كلام ملاخيا. والثاني: أن كلام ملاخيا في الجملة الثانية بضمير المتكلم، ونقل الثلاثة بضمير الخطاب، قال (هورن) في المجلد الثاني من تفسيره ناقلاً عن (داكتر ريدلف): "لا يمكن أن يبين سبب المخالفة بسهولة غير أن النسخ القديمة وقع فيها تحريف ما"، فهذه ستة اختلافات بالنسبة إلى الأناجيل الثلاثة.‏
الاختلاف الرابع و الستون إلى الاختلاف السابع و الستين: الآية السادسة من الباب الثاني من إنجيل متى مخالفة للآية الثانية من الباب الخامس من كتاب ميخا، وأربع آيات من الباب الثاني من كتاب أعمال الحواريين من الآية الخامسة والعشرين إلى الآية الثامنة والعشرين مخالفة لأربع آيات من الزبور الخامس عشر على وَفْق الترجمة العربية، ومن الزبور السادس عشر على وَفْق التراجم الأخر من الآية الثامنة إلى الآية الحادية عشرة، وثلاث آيات من الباب العاشر من الرسالة العبرانية من الخامسة إلى السابعة مخالفة لثلاث آيات من الزبور التاسع والثلاثين على وَفْق الترجمة العربية، ومن الزبور الأربعين على وفق التراجم الأخر، والآيتان من الباب الخامس عشر من كتاب أعمال الحواريين أعني السادسة عشرة والسابعة عشرة مخالفتان لآيتين من الباب التاسع من كتاب عاموص، أعني الحادية عشرة والثانية عشرة، وقد سلم مفسروهم الاختلاف في هذه المواضع، واعترفوا بأن النسخة العبرانية محرفة، وهذه الاختلافات وإن كانت كثيرة لكني لما أجملت قلت إنها أربعة.‏


[68] الآية التاسعة من الباب الثاني من الرسالة الأولى إلى أهل قونيثيوس هكذا: "بل كما هو مكتوب ما لم ترَ عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده اللّه للذين يحبونه"، وهي منقولة على تحقيق مفسريهم من الآية الرابعة من الباب الرابع والستين من كتاب أشعياء هكذا: "منذ الدهر لم يسمعوا ولم يقبلوا بآذانهم، العين لم تر اللّهم بغيرك التي هيأت لمنتظريك" ففرق بينهما وسلم مفسروهم هذا الاختلاف ونسبوا التحريف إلى كتاب أشعياء.‏
[69]كتب متى في الباب العشرين من إنجيله: أن عيسى لما خرج من أريحا وجد أْعمَييْن جالسين في الطريق وشفاهما عن العمى، وكتب مرقس في الباب العاشر من إنجيله أنه وجد أعمى واحداً اسمه باريتمارس فشفاه.‏
[70] كتب متى في الباب الثامن أن عيسى لما جاء إلى العبر إلى كورة الجدريين استقبله مجنونان خارجان من القبور فشفاهما، وكتب مرقس في الباب الخامس ولوقا في الباب الثامن أنه استقبله مجنون واحد خارجاً من القبور فشفاه.‏
[71 ] كتب متى في الباب الحادي والعشرين أن عيسى أرسل تلميذين إلى القرية، ليأتيا بالأتان والجحش وركب عليهما، وكتب الثلاثة الباقون ليأتيا بالجحش فأتيا به وركب عليه.‏
[72]كتب مرقس في الباب الأول أن يحيى كان يأكل جراداً وعسلاً برياً، وكتب متى في الباب الحادي عشر أنه كان لا يأكل ولا يشرب.‏
الاختلاف الثالث و السبعون إلى الاختلاف الخامس و السبعين: مَنْ قابل الباب الأول من إنجيل يوحنا ثلاثة اختلافات في كيفية إسلام الحواريين: الأول: أن متى ومرقس يكتبان أن عيسى لقي بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا على بحر الجليل، فدعاهم إلى الإسلام فتبعوه، ويكتب يوحنا أنه لقي غير يعقوب عند عبر الأردن. والثاني: أن متى ومرقس يكتبان أنه لقي أولاً بطرس وأندراوس على بحر الجليل، ثم لقي بعد زمان قليل يعقوب ويوحنا على هذا البحر، وكتب يوحنا أن يوحنا وأندراوس لقياه أولاً في قرب عبر الأردن، ثم جاء بطرس بهداية أخيه أندراوس، ثم في الغد لما أراد يسوع أن يخرج إلى الجليل لقي فيلبس ثم جاء نثنائيل بهداية فيلبس ولم يذكر يعقوب. والثالث: أن متى ومرقس يكتبان أنه لما لقيهم كانوا مشتغلين بإلقاء الشبكة وبإصلاحها، ويوحنا لم يذكر الشبكة بل ذكر أن يوحنا وأندراوس سمعا وصف عيسى من يحيى عليهما السلام وجاء إلى عيسى ثم جاء بطرس بهداية أخيه.‏
[76] مَنْ قابل الباب التاسع من إنجيل متى بالباب الخامس من إنجيل مرقس في قصة ابنة الرئيس وجد اختلافاً قال الأول: إن الرئيس جاء إلى عيسى عليه السلام فقال: إن ابنتي ماتت، وقال الثاني: إنه جاء وقال ابنتي قاربت الموت، فذهب عيسى معه فلما كانوا في الطريق جاءت جماعة الرئيس فأخبروه بموتها، وسلم المحققون من المتأخرين الاختلاف المعنوي ههنا فبعضهم رجح الأول، وبعضهم الثاني، واستدل البعض بهذا أن متى ليس بكاتب للإنجيل، وإلا لما كتب مجملاً، ولوقا موافق لمرقس في بيان القصة غير أنه قال: جاء واحد من بيته فأخبره بموتها، واختلف العلماء المسيحية في موت الابنة المذكورة أكانت ميتة في الحقيقة أم لا، فالفاضل (نيندر) لا يعتقد بموتها بل يظن بالظن الغالب أنها كانت ميتة في الرؤية لا في الحقيقة، وقال (بالش وشلي ميشر والشاشن) إنها ما كانت ميتة بل كانت في حالة الغشي، ويؤيد قولهم ظاهر قول المسيح عليه السلام إن الصبية لم تمت لكنها نائمة، وعلى قولهم لا يكون ههنا معجزة إحياء الميت.‏
[77] يعلم من الآية العاشرة من الباب العاشر من إنجيل متى والآية الثالثة من الباب التاسع من إنجيل لوقا أن عيسى عليه السلام لما أرسل الحواريين كان منعهم من أخذ العصا، ويعلم من الآية الثامنة من الباب السادس من إنجيل مرقس أنه كان أجازهم لأخذ العصا.‏
[78] في الباب الثالث من إنجيل متى جاء عيسى إلى يحيى عليهما السلام للاصطباغ فمنعه يحيى قائلاً: إني محتاج أن أصطبغ منك، وأنت تأتي إليّ ثم اصطبغ عيسى منه وصعد من الماء فنزل عليه الروح مثل حمامة، وفي الباب الأول من إنجيل يوحنا لم أكن أعرفه وعرفته بنزول الروح مثل حمامة، وفي الباب الحادي عشر من إنجيل متى أنه لما سمع يحيى أعمال المسيح أرسل تلميذين إليه وقال له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر، فعلم من الأول أن يحيى كان يعرف قبل نزول الروح، ومن الثاني ما عرف إلا بعد نزول الروح، ومن الثالث أنه لم يعرف بعد نزول الروح أيضاً، ووجه صاحب ميزان الحق في الصفحة 133 من كتابه حل الإشكال العبارتين الأوليتين بتوجيه رَدَّه صاحبُ الاستبشار بأكمل وجه، وهذا الرد وصل إليه، وكذا رددته في كتابي إزالة الشكوك، ولما كان التوجيه المذكور ضعيفاً ولا يرتفع منه الاختلاف بين عبارتي متّى تركته ههنا لأجل الطول.‏
[79] في الآية 31 من الباب الخامس من إنجيل يوحنا قول المسيح هكذا: (إن كنتُ أشهدُ لنفسي فشهادتي ليست حقاً) وفي الآية الرابعة عشرة من الباب الثامن من إنجيله هكذا: (وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق).‏
[80]يعلم من الباب الخامس عشر من إنجيل متى أن الامرأة المستغيثة لأجل شفاء بنتها كانت كنعانية، ويعلم من الباب السابع من إنجيل مرقس أنها كانت يونانية باعتبار القوم، وفينقية ثورية باعتبار القبيلة.‏
[81] كتب مرقس في الباب السابع أن عيسى أبرأ واحداً كان أصم وأبكم وبالغ متى في الباب الخامس عشر فجعل هذا الواحد جماً غفيراً، وقال: جاء إليه جموع كثيرة معهم عُرْج وعُمْي وخُرْس وشلل وآخرون كثيرون فشفاهم، وهذه المبالغة كما بالغ الإنجيل الرابع في آخر إنجيله هكذا: (وأشياء أخرى كثيرة صنعها يسوع إن كُتبتْ واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع المكتوبة) فانظروا إلى ظنه الصحيح، وظناً أنه تسع هذه الكتب زاوية البيت الصغير جداً لكنهم عند المسيحيين ذوو إلهام، فيقولون ما يشاؤون بالإلهام فمن يقدر أن يتكلم.‏
[82] في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى أن عيسى قال مخاطباً للحواريين: إن واحداً منكم يسلمني، فحزنوا جداً وابتدأ كل واحد منهم يقول هل هو أنا يا رب، فقال الذي يغمس يده معي في الصفحة يسلمني، فأجاب يهوذا وقال هل أنا هو يا سيدي، فقال له أنت قلت، وفي الباب الثالث عشر من إنجيل يوحنا هكذا: قال عيسى عليه السلام: إن واحداً منكم يسلمني فكان التلاميذ ينظر بعضهم إلى بعض متحيرين فأشار بطرس إلى تلميذ كان عيسى عليه السلام يحبه أن يسأله، فسأل فأجاب هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه فغمس اللقمة وأعطاها يهوذا.‏
[83] كتب متى في الباب السادس والعشرين في كيفية أسر اليهود عيسى عليه السلام أن يهوذا كان قال لليهود أمسكوا من أقبِّله، فجاء معهم وتقدم إلى عيسى، وقال: السلام يا سيدي وقبله، فأمسكوا. وفي الباب الثامن عشر من إنجيل يوحنا هكذا: فأخذ يهوذا الجند من عند رؤساء الكهنة والفرنسيين فجاء فخرج يسوع وقال لهم من تطلبون؟، أجابوه يسوع الناصري قال لهم عيسى: أنا هو، وكان يهوذا مسلمه أيضاً واقفاً معهم، فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض فسألهم مرة أخرى: من تطلبون؟ فقالوا: يسوع الناصري أجاب عيسى، قد قلت لكم أني أنا هو فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون، فقبضوه وأمسكوه.‏‏
[84] اختلف الإنجيليون الأربعة في بيان إنكار بطرس بثمانية أوجه: الأول: أن من ادعى على بطرس أنه من تلاميذ عيسى كان على رواية متى ومرقس جاريتين، والرجال القيام، وعلى رواية لوقا أمة ورجلين. الثاني: أن الجارية التي سألت أولاً وقت سؤالها كان بطرس في ساحة الدار على رواية متى، ووسط الدار على رواية لوقا، وأسفل الدار على رواية مرقس، وداخل الدار على رواية يوحنا. الثالث: اختلافهم في نوع ما سئل به بطرس. الرابع: صياح الديك مرة كان بعد إنكار بطرس، ثلاث مرات على رواية متى ولوقا ويوحنا وكان مرة بعد إنكار الأول، ومرة أخرى بعد إنكار مرتين على رواية مرقس. الخامس: أن متى ولوقا رويا عن عيسى أنه قال: قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاثَ مرات، وروى مرقس أنه قال إنه قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات. السادس: جواب بطرس للجارية التي سألت عنه أولاً على رواية متى: ما أدري ما تقولين، وعلى رواية يوحنا: لا فقط، وعلى رواية مرقس: لست أدري ولا أعرف ما تقولين، وعلى رواية لوقا: امرأة ما أعرفه. السابع: جوابه للسؤال الثاني على رواية متى كان بعد الحلف والإنكار هكذا: ما أعرف هذا الرجل، وعلى رواية يوحنا كان قوله لست أنا، وعلى رواية مرقس الإنكار فقط، وعلى رواية لوقا يا رجل ما أنا هو. الثامن: أن الرجال القيام وقت السؤال كانوا خارج الدار على ما يفهم من مرقس وكانوا وسط الدار على ما يفهم من لوقا.‏
[85] في الباب الثالث والعشرين من إنجيل لوقا هكذا: "ولما مضوا به أمسكوا سمعان رجلاً قيروانياً كان آتياً من الحقل ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع" وفي الباب التاسع عشر من إنجيل يوحنا هكذا: "فأخذوا يسوع ومَضَوْا به، فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة حيث صلبوه".‏
[86] يفهم من الأناجيل الثلاثة الأول أن عيسى عليه السلام نحو الساعة السادسة كان على الصليب، ومن إنجيل يوحنا أنه كان في هذا الوقت في حضور بيلاطس النبطي.‏
[87] كتب متى ومرقس أن اللصين الذين صُلبا معه كانا يعيرانه، وكتب لوقا أن أحدهما عَيَّره والآخر زجره، وقال لعيسى عليه السلام اذكرني يا رب جئت في ملكوتك، فقال له عيسى: إنك اليوم تكون معي في الفردوس، ومترجمو التراجم الهندية المطبوعة سنة 1839 وسنة 1840 وسنة 1844 وسنة 1846 حرفوا عبارة متى مرقس وبدلوا المثنى بالمفرد لرفع الاختلاف. هذه سجية لا يرجى تركها منهم.‏
[88] يعلم من الباب العشرين والحادي والعشرين من إنجيل متى أن عيسى ارتحل من أريحا وجاء إلى أورشليم، ويعلم من الباب الحادي عشر والثاني عشر من إنجيل يوحنا أنه ارتحل من افرايم، وجاء إلى قرية بيت عينا وبات فيها ثم جاء إلى أورشليم.
[89] يفهم من هذه الأناجيل أن عيسى عليه السلام أحيا إلى زمان عروج السماء ثلاثة أموات الأول: ابنة الرئيس كما نقل الإنجيليون الثلاثة الأولون، الثاني: الميت الذي نقله لوقا فقط من الباب السابع من إنجيله، والثالث: العازار كما نقل يوحنا فقط في الباب الحادي عشر من إنجيله وفي الباب السادس والعشرين من كتاب الأعمال هكذا: "إن لم يؤلم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات" وفي الباب الخامس عشر من الرسالة الأولى إلى أهل قورنثيوس هكذا 30: "قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين" 22 (سيحيي الجميع) 23 "ولكن كل واحد في رتبته، المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه" وفي الآية الثامنة عشرة من الباب الأول من رسالة بولس إلى قولا سائس هكذا: "الذي هو البداية بكرٌ من الأموات، لكي يكون هو متقدماً في كل شيء". فهذه الأقوال تنفي قيام ميت من الأموات قبل المسيح، وإلا لا يكون أول القائمين وباكورتهم، ولا يكون متقدماً في هذا الباب فكيف يصدق أقواله هو أول قيامة الأموات 2 وصار باكورة الراقدين، والمسيح 3 باكورة 4 وبكر من الأموات، ويصدق أقواله ما وقع في الآية الخامسة من الباب الأول من المشاهدات هكذا: "ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين البكري من الأموات"، وما وقع في كتاب أيوب في الباب السابع من كتابه هكذا: 9 "كما يضمحل السحاب ويذهب هكذا مَنْ يهبط إلى الهاوية لا يصعد"، 10 "ولا يرجع أيضاً إلى بيته ولا يعرفه أيضاً مكانه" ترجمة فارسية سنة 1845 (53) 9 (بربرا كنده نابومي شوديهن طوركسي كه يقبرمي رود برنمي آيد) 10 (بخانه اش ديكربر نخوا هد كرديد ومكانش ديكروير انخواهد شناخت) وفي الباب الرابع عشر من كتابه هكذا: 13 (والرجل إذا اضطجع لا يقوم حتى تبلى السماء لا يستيقظ من سباته ولا يستنبه) 14 (لعل إن مات الرجل يحيى) الخ. ترجمة فارسية سنة 1838، 12 (إنسان ميخوابد ونخواهد برخاست مادمكية اسمان محونشودبيدار نخواهذ شدواز خواب برنخواهد برخاست) 14 (ادمي هر كاه بميردا يازنده مي شود) الخ فعلم من هذه الأقوال أنه لم تصدر معجزة إحياء الميت عن المسيح قط، وقد عرفت خلاف العلماء المسيحية في إحياء ابنة الرئيس في الاختلاف السادس والسبعين، وعلم من أقوال أيوب أن قيام المسيح من الأموات أيضاً باطل، وقصة موته وصلبه في هذه الأناجيل المصنوعة من أكاذيب أهل التثليث.
(تنبيه) ما قلت في إنكار معجزات الأحياء على سبيل الإلزام كما علمت في أول الكتاب.‏ ‏
[90] يعلم من متى أن مريم المجدلية ومريم الأخرى لما وصلتا إلى القبر نزل ملاك الرب ودحرج الحجر عن القبر، وجلس عليه وقال: لا تخافا واذهبا سريعاً ويعلم من مرقس أنهما وسالومة لما وصلن إلى القبر رأين أن الحجر مدحرج، ولما دخلن القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين. ويعلم من لوقا أنهن لما وصلن وجدن الحجر مدحرجاً فدخلن ولم يجدن جسد المسيح فصرن محتارات، فإذا رجلان واقفان بثياب براقة.
[91]يعلم من متى أن الملك لما أخبر الامرأتين أنه قد قام من الأموات ورجعتا لاقاهما عيسى عليه السلام في الطريق وسلم عليهما، وقال اذهبا وقولا لأخوتي أن يذهبوا إلى الجليل، وهناك يرونني، ويعلم من لوقا أنهن لما سمعن من الرجلين رجعن وأخبرن الأحد عشر وسائر التلاميذ بهذا كله، فلم يصدقوهن. كتب يوحنا أن عيسى لقي مريم عند القبر.
[92]: في الباب الحادي عشر من إنجيل لوقا أن دم جميع الأنبياء منذ إنشاء العالم من دم هابيل إلى دم زكريا يطلب من اليهود، وفي الباب الثامن عشر من كتاب حزقيان أنه لا يؤخذ أحد بذنب أحد، وفي موضع من التوراة أن الأبناء تؤخذ بذنوب الآباء إلى ثلاثة أجيال أو أربعة أجيال.‏
[93] في الباب الثاني من الرسالة الأولى إلى طيموثاوس هكذا: 3 "هذا حسن ومقبول لدى مخلصا اللّه" 4 "الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" وفي الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي هكذا: 11 "ولأجل هذا سيرسل إليهم اللّه عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب" 12 "لكي يُدانَ جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سُرُّوا بالإثم" فيعلم من الأول أن اللّه يريد أن يخلص جميع الناس، ويصلون إلى معرفة الحق، ومن الثاني أن اللّه يرسل عليهم الضلال فيصدقون الكذب، ثم يعاقبهم عليه وعلماء البروتستنت على مثل هذا المضمون يقدحون في المذاهب الأخرى، فيقال لهؤلاء المعترضين أاغواءُ اللّه الناسَ أولاً بإرسال عمل الضلال ثم تعذيبهم عندكم قسم من أقسام النجاة والوصول إلى معرفة الحق؟.‏
94 و 95 و 96: كتب حال إيمان بولس في الباب التاسع والباب الثاني والعشرين والباب السادس والعشرين من كتاب الأعمال، وفي الأبواب الثلاثة اختلاف بوجوه شتى اكتفيت منها في هذا الكتاب على ثلاثة أوجه وأوردت في كتابي إزالة الشكوك عشرة منها: الأول: أنه وقع في الباب التاسع هكذا: "وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً" وفي الباب الثاني والعشرين هكذا: "والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا، ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني" ففي الأول: (يسمعون الصوت) وفي الثاني: (لم يسمعوا) والباب السادس والعشرون ساكت عن سماع الصوت وعدم سماعه. الثاني في الباب التاسع هكذا: "قال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل" وفي الباب الثاني والعشرين هكذا: "قال لي الرب قم واذهب إلى دمَشق، وهناك يقال لك عن جميع ما ترتب لك أن تفعل" وفي الباب السادس والعشرين هكذا: "قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به منقذاً إياك من الشعب، ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم لتفتح عيونَهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى اللّه، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين" فيعلم من البابين الأولين أن بيان ماذا يفعل كان موعوداً بعد وصوله إلى المدينة، ويعلم من الثالث أنه لم يكن موعوداً بل بينه في موضع سماع الصوت الثالث يعلم من الأول أن الذين كانوا معه وقفوا صامتين، ويُعلم من الثالث أنهم كانوا سقطوا على الأرض والثاني ساكت عن القيام والسقوط.‏
[97] الآية الثامنة من الباب العاشر من الرسالة الأولى إلى أهل قورنثيوس هكذا: "ولا تزن كما زَنَى أناس منهم فسقط في يوم واحد ثلاثة وعشرون ألفاً" وفي الآية التاسعة من الباب الخامس والعشرين من سِفْر العدد هكذا: "وكان من مات أَربعة وعشرين ألفاً من البشر" ففيهما اختلاف بمقدار ألف فأحدهما غلط.
[98] الآية الرابعة عشرة من الباب السابع من كتاب الأعمال هكذا: "فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته خمسة وسبعين نفساً" وهذه العبارة دالة على أن يوسف وابنيه الذين كانوا في مصر قبل الاستدعاء ليسوا بداخلين في عدد خمسة وسبعين، بل مقدار هذا العدد سوى يوسف وابنيه من عشيرة يعقوب، وفي الآية السابعة والعشرين من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين هكذا: "فجميع نفوس آل يعقوب التي دخلت مصر كانت سبعين نفساً" ويوسف وابناه داخلون في سبعين في تفسير (دوالي ورجرد مينت) في شرح عبارة التكوين هكذا: "أولاد ليا اثنان وثلاثون شخصاً، أولاد زلفا ستة عشر شخصاً، أولاد راحيل أحد عشر شخصاً، أولاد بلها سبعة أشخاص، فهؤلاء ستة وستون شخصاً فإذا ضم معهم يعقوب ويوسف وابناه صاروا سبعين" فعلم أن عبارة الإنجيل غلط.‏
[99]في
01-20-2005, 04:46 AM
إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
1222
Unregistered

 
مشاركة: #3
مناقشه هادئه للاخوه المسحين والهيود
الجزء الثالث

هذه الطيور النجسة قبل أن تجيب اللحم لم تتوقف ولم تنزل على الجثث الميتة. على أن هذا اللحم والخبز وصلا إلى إيليا إلى مدة سنة فكيف ينسب مثل هذه الخدمة إلى الغربان، والأغلب أن أهل أورب أو أرابوا فعلوا خدمة طعام الرسول" فالآن الخيار لعلماء البروتستنت في أن يختاروا قول محققهم ويسفهوا باقي مفسريهم ومترجميهم الغير المحصورين، وإما أن يسفهوا هذا السفه ويعترفوا بأن هذا الأمر غلط وضحكة لأرباب العقول غير جائز للوجوه الثلاثة التي أوردها هذا المحقق.‏
[37]في الآية الأولى من الباب السادس من سفر الملوك الأول أن سليمان بنى بيت الرب في سنة أربعمائة وثمانين من خروج بني إسرائيل من مصر، وهذا غلط عند المؤرخين قال آدم كلارك في الصفحة 1293 من المجلد الثاني من تفسير ذيل شرح الآية المذكورة: اختلف المؤرخون في هذا الزمان على هذا التفصيل في المتن العبراني 480 في النسخة اليونانية 440 عند كليكاس 330 عند ملكيور كانوس 590 يوسيفس 592 عند سلبي سيوس سويروس 588 عند كليمنس اسكندر يانوس 570 عند سيدري نس 672 عند كودومانوس 598 عند اواسي يوس وكابالوس 580 عند سراريوس 680 عند نيكولاس إبراهيم 527 عند مستلى نوس 592 يتياويوس ووالتهي روس 520، فلو كان ما في العبراني صحيحاً إلهامياً لما خالفه مترجمو الترجمة اليونانية، ولا المؤرخون من أهل الكتاب ويوسيفس وكليمنس اسكندر ريانوس خالفا اليونانية أيضاً، مع أنهما من المتعصبين في المذهب، فعلم أن هذه الكتب عندهم كانت في رتبة كتب التواريخ الأخر وما كانوا يعتقدون إلهاميتها، وإلا لما خالفوا.‏
[38] الآية السابعة عشرة من الباب الأول من إنجيل متى هكذا ترجمة عربية سنة 1860 "فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلاً ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً" ويعلم منها أن بيان نسب المسيح يشتمل على ثلاثة أقسام، وكل قسم منها مشتمل على أربعة عشر جيلاُ، وهو غلط صريح، لأن القسم الأول يتم على داود وإذا كان داود عليه السلام داخلاً في هذا القسم يكون خارجاً من القسم الثاني لا محالة، ويبتدئ القسم الثاني لا محالة من سليمان ويتم على يوخانيا، وإذا دخل يوخانيا في هذا القسم كان خارجاً من القسم الثالث، ويبتدئ القسم الثالث من شلتائيل لا محالة ويتم على المسيح، وفي هذا القسم لا يوجد إلا ثلاثة عشر جيلاً، واعترض عليه سلفاً وخلفاً وكان بورفري اعترض عليه في القرن الثالث من القرون المسيحية، وللعلماء المسيحية اعتذارات باردة غير قابلة للالتفات.‏
[39]إلى [42] الآية الحادية عشرة من الباب الأول من إنجيل متى هكذا ترجمة عربية سنة 1844 (ويوشيا ولد يوخانيا وإخوته في جلاء بابل) ويعلم منه أن ولادة يوخانيا وأخوته من يوشيا في جلاء بابل، فيكون يوشيا حياً في هذا الجلاء وهو غلط بأربعة أوجه: (الأول) أن] يوشيا مات قبل هذا الجلاء باثني عشر عاماً لأنه جلس بعد موته ياهوحاز ابنه على سرير السلطنة ثلاثة أشهر، ثم جلس يواقيم ابنه الآخر إحدى عشرة سنة ثم جلس يوخانيا ابن يواقيم ثلاثة أشهر فأسره بختنصر وأجلاه مع بني إسرائيل الآخرين إلى بابل (الثاني) أن يوخانيا ابن ابن يوشيا لا ابنه كما عرفت (الثالث) أن يوخانيا كان في الجلاء ابن ثمان عشرة سنة فما معنى ولادته في جلاء بابل (الرابع) أن يوخانيا ما كان له إخوة، نعم كان لأبيه ثلاثة إخوة، ونظراً إلى هذه المشكلات التي مر ذكرها في هذا الغلط والغلط السابق عليه قال آدم كلارك المفسر في تفسيره هكذا: "إن كامت يقول تقرأ الآية الحادية عشرة هكذا ويوشيا ولد يواقيم وإخوته، ويواقيم ولد يوخانيا عند جلاء بابل" فأمر بالتحريف وزيادة يواقيم لرفع الاعتراضات، وعلى هذا التحريف أيضاً لا يرتفع الاعتراض (الثالث) المذكور في هذا الغلط وظني أن بعض القسيسين المسيحية من أهل الدين والديانة أسقط لفظ يواقيم قصداً لئلا يراد أن المسيح إذا كان من أولاد يواقيم لا يكون قابلاً لأن يجلس على كرسي داود فلا يكون مسيحاً كما عرفت في الاختلاف السابع والخمسين، لكنه ما درى أن إسقاطه يستلزم أغلاطاً شتى، ولعله درى وظن أن لزوم الأغلاط على متى أهون من هذه القباحة.‏
[43] الزمان من يهودا إلى سلمون قريب من ثلثمائة سنة، ومن سلمون إلى داود أربعمائة سنة، وكتب متى في الزمان الأول سبعة أجيال، وفي الزمان الثاني خمسة أجيال وهذا غلط بداهة لأن أعمار الذين كانوا في الزمان الأول كانت أطول من أعمار الذين كانوا في الزمان الثاني.‏
[44] الأجيال في القسم الثاني من الأقسام الثلاثة التي ذكرها متى ثمانية عشر لا أربعة عشر كما يظهر من الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام ولذلك قال نيومن متأسفاً ومتحسراً إنه كان تسليم اتحاد الواحد والثلاثة ضرورياً في الملة المسيحية، والآن تسليم اتحاد ثمانية عشر وأربعة عشر أيضاً ضروري لأنه لا احتمال لوقوع الغلط في الكتب المقدسة.‏
[45]و [46]في الآية الثامنة من الباب الأول من إنجيل متى هكذا: (يورام ولد عوزيا) وهذا غلط بوجهين: (الأول) أنه يعلم منه أن عوزيا بن يورام وليس كذلك لأنه ابن احزيا بن يواش بن امصياه بن يورام، وثلاثة أجيال ساقطة ههنا وهذه الثلاثة كانوا من السلاطين المشهورين، وأحوالهم مذكورة في الباب الثامن والثاني عشر والرابع عشر من سفر الملوك الثاني والباب الثاني والعشرين والرابع والعشرين والخامس والعشرين من السفر الثاني من أخبار الأيام، ولا يعلم وجهٌ وجيه إسقاط هذه الأجيال سوى الغلط، لأن المؤرخ إذا عين زماناً وقال إن الأجيال الكذائية مضت في مدة هذا الزمان وترك قصداً أو سهواً بعض الأجيال، فلا شك أنه يسفه ويغلط (والثاني) أن اسمه عزيا لا عوزيا كما في الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام والباب الرابع عشر والخامس عشر من سفر الملوك الثاني.‏
[47]في الآية الثانية عشرة من الباب الأول من إنجيل متى: أن زور بابل ابن شلتائيل، وهو غلط أيضاً لأنه ابن فدايا وابن الأخ لشلتائيل، كما هو مصرح في الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام.‏
[48]في الآية الثالثة عشرة من الباب الأول من إنجيل متى أن أبي هود ابن زور بابل وهو غلط أيضاً، لأن زور بابل كان له خمسة بنين كما هو مصرح في الآية التاسعة عشرة من الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام، وليس فيهم أحد مسمى بهذا الاسم: فهذه أحد عشر غلطاً صدرت عن متى في بيان نسب المسيح فقط، وقد عرفت في القسم الأول من هذا الفصل اختلافات بيانه ببيان لوقا، فلو ضممنا الاختلافات بالأغلاط صارت سبعة عشر، ففي هذا البيان خدشة بسبعة عشر وجهاً.‏
[49]كتب متى في الباب الثاني من إنجيله قصة مجيء المجوس إلى أورشليم برؤية نجم المسيح في المشرق، ودلالة النجم أياهم بأن تقدّمهم حتى جاء ووقف فوق الصبي، وهذا غلط، لأن حركات السبع السيارة وكذا الحركة الصادقة لبعض ذوات الأذناب من المغرب إلى المشرق، والحركة لبعض ذوات الأذناب من المشرق إلى المغرب، فعلى هاتين الصورتين يظهر كذبها يقيناً لأن بيت لحم من أورشليم إلى جانب الجنوب، نعم دائرة حركة بعض ذوات الأذناب تميل من الشمال إلى الجنوب ميلاً مّا لكن هذه الحركة بطيئة جداً من حركة الأرض التي هي مختار حكمائهم الآن، فلا يمكن أن تحس هذه الحركة إلا بعد مدة، وفي المسافة القليلة لا تحس بالقدر المعتَدِّ به، بل مَشْيُ الإنسان يكون أسرع كثيراً من حركته، فلا مجال لهذا الاحتمال، ولأنه خلافُ علم المناظر أن يرى وقوف الكوكب أولاً ثم يقف المتحرك، بل يقف المتحرك أولاً ثم يرى وقوفه.‏
[50]في الباب الأول من إنجيل متى: "وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل، وهوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره اللّه معنا". والمراد بالنبي عند علمائهم أشعيا عليه السلام حيث قال في الآية الرابعة عشرة من الباب السابع من كتابه هكذا: "لأجل هذا يعطيكم الرب عينه علامة، ها العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل" أقول هو غلط بوجوه: (الأول) أن اللفظ الذي ترجمه الإنجيلي ومترجم كتاب أشعيا بالعذراء هو عَلَمَةٌ مؤنث علم والهاء فيه للتأنيث، ومعناه عند علماء اليهود المرأة الشابة سواء كانت عذراء أو غير عذراء، ويقولون: إن هذا اللفظ وقع في الباب الثلاثين من سفر الأمثال ومعناه ههنا المرأة الشابة التي زوجت، وفُسر هذا اللفظ في كلام أشعيا بالامرأة الشابة في التراجم اليونانية الثلاثة أعني ترجمة انكوثلا وترجمة تهيودوشن وترجمة سميكس، وهذه التراجم عندهم قديمة يقولون إن الأولى ترجمت سنة 129 والثانية سنة 175 والثالثة سنة 200 وكانت معتبرة عند القدماء المسيحيين سيما ترجمة تهيودوشن، فعلى تفسير علماء اليهود والتراجم الثلاثة فساد كلام متى ظاهر، وقال (فرى) في كتابه الذي صنف في بيان اللغات العبرانية وهو كتاب معتبر مشهور بين علماء البروتستنت: إنه بمعنى العذراء والمرأة الشابة فعلى قول (فرى) هذا اللفظ مشترك بين هذين المعنيين، وقوله أولاً ليس بمسلم في مقابلة تفاسير أهل اللسان الذين هم اليهود، وثانياً بعد التسليم أقول حمله على العذراء خاصة على خلاف تفاسير اليهود والتراجم القديمة محتاج إلى دليل، وما قال صاحب ميزان الحق في كتابه المسمى بحل الإشكال (ليس معنى هذا اللفظ إلا العذراء) فغلط يكفي في رده ما نقلت آنفاً. (الثاني) ما سمى أحد عيسى عليه السلام بعمانوئيل لا أبوه ولا أمه، بل سمياه يسوع، وكان الملك قال لأبيه في الرؤيا (وتدعو اسمه يسوع) كما هو مصرح في إنجيل متى وكان جبريل قال لأمه (ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع) كما هو مصرح في إنجيل لوقا، ولم يدّع عيسى عليه السلام في حين من الأحيان أيضاً أن اسمه عمانوئيل (والثالث) القصة التي وقع فيها هذا القول تأبى أن يكون مصداق هذا القول عيسى عليه السلام، لأنها هكذا: إن (راصين) ملك آرام (وفاقاح) ملك إسرائيل جاءا إلى أورشليم لمحاربة (أحازين يونان) ملك يهوذا فخاف خوفاً شديداً من اتفاقهما، فأوحى اللّه إلى أشعيا أن تقول لتسلية أحاز: لا تخف فإنهما لا يقدران عليك وستزول سلطتهما، وبين علامة خراب ملكهما أن امرأة شابة تحبل وتلد ابناً وتصير أرض هذين الملكين خَرِبة قبل أن يميز هذا الابن الخير عن الشر، وقد ثبت أن أرض فاقاح قد خربت في مدة إحدى وعشرين سنة من هذا الخبر، فلا بد أن يتولد هذا الابن قبل هذه المدة وتخرب لا قبل تميزه، وعيسى عليه السلام تولد بعد سبعمائة وإحدى وعشرين سنة من خرابها، وقد اختلف أهل الكتاب في مصداق هذا الخبر، فاختار البعض أن أشعيا عليه السلام يريد بالامرأة زوجته ويقول إنها ستحبل وتلد ابناً وتصير أرض الملكين الذين تخاف منهما خَرِبة قبل أن يميز هذا الابن الخير عن الشر كما صرح (داكتربلسن) أقول هذا هو الحري بالقبول وقريب من القياس.‏
[51] الآية الخامسة عشرة من الباب الثاني من إنجيل متى هكذا: "وكان هناك إلى وفاة هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني" والمراد بالنبي القائل هو يوشع عليه السلام، وأشار الإنجيلي إلى الآية الأولى من الباب الحادي عشر من كتابه، وهذا غلط، لا علاقة لهذه الآية بعيسى عليه السلام لأنها هكذا: "إن إسرائيل منذ كان طفلاً أن أحببته ومن مصر دعوت أولاده" كما في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 فهذه الآية في بيان الإحسان الذي فعله اللّه في عهد موسى عليه السلام على بني إسرائيل، وحرف الإنجيلي صيغة الجمع بالمفرد وضمير الغائب بالمتكلم، فقال ما قال وحرف لاتباعه مترجم العربية المطبوعة سنة 1844 أيضاً، لكن لا يخفى خيانته على من طالع هذا الباب، لأنه وقع في حق المدعوين بعد هذه الآية: "كلما دعوا ولوا وجوههم وذبحوا البعاليم وقربوا للأصنام" ولا تصدق هذه الأمور على عيسى عليه السلام، بل لا تصدق على اليهود الذين كانوا معاصريه، ولا على الذين كانوا قبل ميلاده إلى خمسمائة سنة لأن اليهود كانوا تابوا عن عبادة الأوثان توبة جيدة قبل ميلاده بخمسمائة وست وثلاثين سنة بعد ما أطلقوا من أسر بابل، ثم لم يحوموا حولها بعد تلك التوبة كما هو مصرح في التواريخ.‏
[52] الآية السادسة عشرة من الباب الثاني من إنجيل متى هكذا: "حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جداً، فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس" وهذا أيضاً غلط نقلاً وعقلاً. أما نقلاً فلأنه ما كتب أحد من المؤرخين الذين يكونون معتبرين ولا يكونون مسيحيين هذه الحادثة، لا يوسيفس ولا غيره من علماء اليهود الذين كانوا يكتبون زمائم هيرودس ويتصفحون عيوبه وجرائمه، وهذه الحادثة ظلم عظيم وعيب جسيم فلو وقعت لكتبوها على أشنع حالة، وإن كتبها أحد من المؤرخين المسيحيين فلا اعتماد على تحريره، لأنه مقتبس من هذا الإنجيل، وأما عقلاً فلأن بيت لحم كان بلدة صغيرة لا كبيرة، وكانت قريبة من أورشليم لا بعيدة، وكانت في تسلط هيرودس لا في تسلط غيره، فكان يقدر قدرة تامة على أسهل وجه أن يحقق أن المجوس كانوا جاؤوا إلى بيت فلان وقدموا هدايا لفلان ابن فلان، وما كان محتاجاً إلى قتل الأطفال المعصومين.‏ [53] من الباب الثاني من إنجيل متى هكذا 17: "حينئذ تم ما قيل بأرميا النبي القابل 18: "صوت سمع في الرامة نوح وبكاء وعويل كثير، راحيل تبكي على أولادها، لا تريد أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين" وهذا أيضاً غلط وتحريف من الإنجيل، لأن هذا المضمون وقع في الآية الخامسة عشرة من الباب الحادي والثلاثين من كتاب أرميا: ومن طالع الآيات التي قبلها وبعدها علم أن هذا المضمون ليس في حادثة هيرودبل في حادثة بختنصر، التي وقعت في عهد أرميا فقُتل فيها ألوف من بني إسرائيل وأُسر ألوف منهم وأجلوا إلى بابل، ولما كان فيهم كثير من آل راحيل أيضاً تألم روحها في عالم البرزخ فوعد اللّه أنه يرجع أولادك من أرض العدو إلى تخومهم.
(تنبيه) يعلم من تحرير أرميا وتصديق الإنجيلي أن الأموات يظهر لهم في عالم البرزخ حال أقاربهم الذين في الدنيا فيتألمون بمصائبهم، وهذا مخالف لعقيدة فرقة البروتستنت.‏
[54] الآية الثالثة والعشرون من الباب الثاني من إنجيل متى هكذا: "وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة لكي يتم ما قيل بالأنبياء أنه سيدعى ناصرياً" وهذا أيضاً غلط ولا يوجد في كتاب من كتب الأنبياء، وينكر اليهود هذا الخبر أشد الإنكار، وعندهم هذا زور وبهتان، بل يعتقدون أنه لم يقم نبي من الجليل فضلاً عن ناصرة، كما هو مصرح في الآية الثانية والخمسين من الباب السابع من إنجيل يوحنا، وللعلماء المسيحية اعتذارات ضعيفة غير قابلة للالتفات، فظهر للناظر أن سبعة عشر غلطاً صدرت عن متى في البابين الأولين.‏
[55] الآية الأولى من الباب الثالث من إنجيل متى في التراجم العربية المطبوعة سنة 1671، وسنة 1821 وسنة 1826 وسنة 1854 وسنة 1880 هكذا: "وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية" وفي التراجم الفارسية المطبوعة سنة 1816 وسنة 1828 وسنة 1841 وسنة 1842 (ع) هكذا: (أندران أيام يحيى تعميدد هنده دربيا بان يهودية ظاهر كشت) ولما كان في آخر الباب الثاني ذكر جلوس أرخيلاوس على سرير اليهودية بعد موت أبيه، وانصراف يوسف مع زوجته وأبيه إلى نواحي الجليل وإقامته في ناصرة يكون المشار إليه بلفظ (تلك) هذه المذكورات، فيكون معنى الآية لما جلس أرخيلاوس على سرير السلطنة وانصرف يوسف النجار إلى نواحي الجليل جاء يوحنا المعمدان الخ، وهذا غلط يقيناً، لأن وعظ يحيى كان بعد ثمانية وعشرين عاماً من الأمور المذكورة.‏
[56] الآية الثالثة من الباب الرابع عشر من إنجيل متى هكذا: "فإن هيرودس كان قد أمسك يوحنا وأوثقه وطرحه في سجن من أجل هيروديا امرأة فيلبس أخيه"، وهذا غلط لأن اسم زوج هيروديا كان هيرودس أيضاً لا فيلبس كما صرح يوسيفس في الباب الخامس من الكتاب الثامن عشر من تاريخه.‏
[57] في الباب الثاني عشر من إنجيل متى هكذا: 3 "فقال لهم أما قرأتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه" 4 "كيف دخل بيت اللّه وأكل خبز التقدمة الذي لم يحل أكله ولا للذين معه بل للكهنة" فقوله والذين معه ولا للذين معه غلطان كما ستعرف في بيان الغلط الثاني والتسعين عن قريب.‏
[58] الآية التاسعة من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا: "حينئذ تم ما قيل بأرميا النبي القائل وأخذوا الثلاثين من الفضة" الخ وهذا غلط يقيناً كما ستعرف في الشاهد التاسع والعشرين من المقصد الثاني من الباب الثاني.‏
[59] في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا: 51: "وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت والصخور تشققت" 52: "والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين" 53: "وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين" وهذه الحكاية كاذبة، والفاضل (نورتن) حام للإنجيل لكنه أورد الدلائل على بطلانها في كتابه ثم قال: "هذه الحكاية كاذبة والغالب أن أمثال هذه الحكايات كانت رائجة في اليهود بعد ما صار أورشليم خراباً فلعل أحداً كتب في حاشية النسخة العبرانية لإنجيل متى وأدخلها الكتاب في المتن وهذا المتن وقع في يد المترجم فترجمها على حسبه"، ويدل على كذبها وجوه: "الأول" أن اليهود ذهبوا إلى بيلاطس في اليوم الثاني من الصلب قائلين: يا سيد قد تذكرنا أن ذلك المضل قال في حياته: إني أقوم بعد ثلاثة أيام، فمر الحارسين أن يضبطوا القبر إلى اليوم الثالث، وقد صرح متى في هذا الباب أن بيلاطس وامرأته كانا غير راضيين بقتله، فلو ظهرت هذه الأمور ما كان يمكن لهم أن يذهبوا إليه، والحال أن حجاب الهيكل منشق والصخور متشققة والقبور مفتوحة والأموات حية إلى هذا الحين، وأن يقولوا إنه كان مضلاً لأن بيلاطس لما كان غير راض من أول الوهلة ورأى هذه الأمور أيضاً لصار عدواً لهم وكذبهم، وكذا ألوف من الناس يكذبونهم. (والثاني) أن هذه الأمور آيات عظيمة فلو ظهرت لآمن كثير من الروم واليهود على ما جرت به العادة، ألا ترى أنه لما نزل روح القدس على الحواريين وتكلموا بألسنة مختلفة تعجب الناس وآمن نحو ثلاثة آلاف رجل كما هو مصرح في الباب الثاني من كتاب الأعمال؟؟ وهذه الأمور أعظم من حصول القدرة على التكلم بألسنة مختلفة. (الثالث) أن هذه الأمور العظيمة لما كانت ظاهرة ومشهورة يستبعد أن لا يكتبها أحد من مؤرخي هذا الوقت غير متى، وكذا لا يكتب أحد من مؤرخي الزمان الذي هو قريب من الزمان المذكور، وإن امتنع المخالف عن تحريرها لأجل سوء الديانة والعناد فلا بد أن يكتب الموافقون سيما لوقا الذي هو أحرص الناس في تحرير العجائب وكان متتبعاً بجميع الأمور التي فعلها عيسى عليه السلام، كما يعلم من الباب الأول من إنجيله والباب الأول من كتاب الأعمال، وكيف يتصور أن يكتب الإنجيليون كلهم أو أكثرهم الحالات التي ليست بعجائب، ولا يكتب سائر الإنجيلين ولا أكثرهم هذه الأمور العجيبة كلها، ويكتب مرقس ولوقا انشقاق الحجاب ويتركان الأمور الباقية. (والرابع) أن الحجاب كان كتانياً في غابة اللين فما معنى انشقاقه لأجل هذا الصدمة من فوق إلى أسفل، ولو انشق مع كونه كما ذكرنا فكيف بقي بناء الهيكل ولم ينهدم، وهذا الوجه مشترك الورود على الأناجيل الثلاثة. (والخامس) أن قيام كثير من أجساد القديسين مناقض لكلام بولس، فإنه صرح بأن عيسى عليه السلام أول القائمين، وباكورة الراقدين كما عرفت في الاختلاف التاسع والثمانين، فالحق ما قال الفاضل (نورتن) وعُلم من كلامه أن مترجم إنجيل متى كان حاطب الليل، ما كان يميز بين الرطب واليابس، فما رأى في المتن من الصحيح والغلط ترجمهما، أيعتمد على تحرير مثل هذا؟، لا واللّه.‏

[60] و [61] و [62] في الباب الثاني عشر من إنجيل متى هكذا: 39 "فأجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي 40 لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" والآية الرابعة من الباب السادس عشر من إنجيل متى هكذا: "جيل شرير فاسق يلتمس آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي" فههنا أيضاً يكون المراد بآية يونان النبي كما كان في القول الأول، وفي الآية الثالثة والستين من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى قول اليهود في حق عيسى عليه السلام هكذا: "إن ذلك المضل قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم" وهذه الأقوال غلط، لأن المسيح صلب قريباً إلى نصف النهار من الجمعة، كما يعلم من الباب التاسع عشر من إنجيل يوحنا، ومات في الساعة التاسعة، وطلب يوسف جسده من بيلاطس وقت المساء فكفنه ودفنه، كما هو مصرح في إنجيل مرقس، فَدَفْنُهُ لا محالة كان في ليلة السبت، وغاب هذا الجسد عن القبر قبل طلوع الشمس من يوم الأحد كما هو مصرح في إنجيل يوحنا فما بقي في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال بل يوماً وليلتين، وما قام بعد ثلاثة أيام، فهذه أغلاط ثلاثة، ولما كانت هذه الأقوال غلطاً اعترف (بالس وشانر) أن هذا التفسير من جانب متى، وليس من قول المسيح وقالا: "إن مقصود المسيح أن أهل نينوى كما آمنوا بسماع الوعظ وطلبوا المعجزة كذلك فليرض الناس مني بسماع الوعظ" انتهى كلامهما. فعلى تقريرهما نشأ الغلط من سوء فهم متى وظهر أن متى ما كتب إنجيله بالإلهام، فكما لم يفهم مراد المسيح ههنا وغلط، فكذلك يمكن عدم فهمه في مواضع آخر، ونقله غلطاً، فكيف يعتمد على تحريره اعتماداً قوياً وكيف يعد تحريره إلهامياً أيكون حال الكلام الإلهامي هكذا؟‏
[63] في الباب السادس عشر من إنجيل متى هكذا: 27: "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" 28: "الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته" وهذا أيضاً غلط لأن كلا من القائمين هناك ذاقوا الموت وصاروا عظاماً بالية وتراباً، ومضى على ذوقهم الموت أزيد من ألف وثمانمائة سنة، وما رأى أحد منهم ابن اللّه آتياً في ملكوته في مجد أبيه مع الملائكة مجازياً كلاً على حسب عمله.‏
[64] الآية الثالثة والعشرون من الباب العاشر من إنجيل متى هكذا: "ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان" وهذا أيضاً غلط، لأنهم أكملوا مدن إسرائيل وماتوا، ومضى على موتهم أزيد من ألف وثمانمائة سنة، وما أتى ابن الإنسان في ملكوته، والقولان المذكوران قبل العروج، وأقواله بعد العروج هذه.‏
[65] و [66] و [67] و [68]في الآية الحادية عشرة من الباب الثالث من كتاب المشاهدات قول عيسى عليه السلام هكذا: (ها أنا آت سريعاً) وفي الباب الثاني والعشرين من الكتاب المذكور أقوال عيسى عليه السلام هكذا: 7 (ها أنا آت سريعاً) 10 (لا تختم على أقوال نبوّة هذا الكتاب لأن الوقت قريب) 30 ( أنا آت سريعاً) وحال هذه الأقوال كما علمت، فبحسب هذه الأقوال المسيحية كانت الطبقة الأولى تعتقد أن عيسى عليه السلام ينزل في عهدهم والقيامة قريبة وأنهم في الزمان الأخير، وسيظهر لك في الفصل الرابع أن علماءهم يعترفون أيضاً أن عقيدتهم كانت هذه، ولذلك أشاروا إلى هذه الأمور في تحريراتهم كما سينكشف لك من أقوالهم الآتية.‏
[69 ] [75]: [1] الآية الثامنة من الباب الخامس من رسالة يعقوب هكذا: "فتأتوا أنتم وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب" [2] والآية السابعة من الباب الرابع من الرسالة الأولى لبطرس هكذا: "وإنما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعلقوا واصحوا للصلوات" [3] وفي الآية الثامنة عشرة من الباب الثاني من الرسالة الأولى ليوحنا هكذا: "ألا أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة" وفي الباب الرابع من الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي هكذا: 15 "فإننا نقول لكم هذا بكلام الرب إننا نحن الأحياء الباقون إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين" 16 "لأن الرب نفسه يهتف بصوت رئيس الملائكة وبوق اللّه سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولاً" 17 "ثم نحن الأحياء الباقون سنخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب" وفي الآية الخامسة من الباب الرابع من رسالة بولس إلى أهل فيلبس هكذا: (الرب قريب) وفي الآية الحادية عشرة من الباب العاشر من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس هكذا: "نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور" 7 وفي الباب الخامس عشر من الرسالة المذكورة 51 "هو ذا سر قوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير" 52 "في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير" فهذه الأقوال السبعة دالة على ما ذكرنا، ولما كانت عقيدتهم كذا كانت هذه الأقوال كلها محمولة على ظاهرها غير مؤوّلة وتكون غلطاً فهذه سبعة أغلاط.‏
[76] و [77] و [78]في الباب الرابع والعشرين من إنجيل مَتَّى أن عيسى عليه السلام كان جالساً على جبل الزيتون فتقدموا إليه فسألوه عن علامات زمان يصير فيه المكانُ المقدس خراباً، وينزل فيه عيسى عليه السلام من السماء، وتقوم فيه القيامة، فبين علامات الكل، فبين أولاً زمان كون المكان المقدس خراباً، ثم قال وبعد هذه الحادثة في تلك الأيام بلا مهلة يكون نزولي، ومجيء القيامة، ففي هذا الباب إلى الآية الثامنة والعشرين يتعلق بكون المكان المقدس خراباً، ومن الآية التاسعة والعشرين إلى الآخر يتعلق بالنزول، ومجيء القيامة، وهذا هو مختار الفاضل (بالس واستار) وغيرهما من العلماء المسيحية، وهو الظاهر المتبادر من السياق، ومن اختار غير ذلك فقد أخطأ ولا يُصغى إليه، وبعض آيات هذا الباب هكذا ترجمة عربية سنة 1860 (الآية) 29 "وللوقت بعد ضيقي، تلك الأيام تظلم الشمس والقمر، ولا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء، وقوات السماوات تتزعزع، 30 حينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء، وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتياً على [ص 157] سحاب السماء بقوة ومجد كثير، 31 فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السماوات إلى أقصائها، 34 الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله 35 السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول" والآية 29 و 34 التراجم الأخر هكذا ترجمة عربية سنة 1844 [الآية] 19 "وللوقت من بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس، والقمر لا يعطي ضوءه والكواكب تسقط من السماء وقوات السماوات ترتج 34 والحق أقول لكم إن هذا الجيل لا يزول حتى يكون هذا كله" تراجم فارسية سنة 1816 وسنة 1828 وسنة 1841 وسنة 1842 [الآية] 29 (وبعد إز زحمت أن أيام في الفور افتاب تاريك خواهدشد) الخ 34 (بدرستي كه بشمامي كويم كه تا جميع أبن جيرها كامل نكرد داين طبقة منقرض نخواهد كشت) فلا بد أن يكون لنزول ومجيء القيامة بلا مهلة معتدة في الأيام التي صار المكان المقدس خراباً فيها كما يدل عليه قوله (وللوقت في تلك الأيام) ولا بد أن ينظر الجيل المعاصر لعيسى عليه السلام هذه الأمور الثلاثة، كما كان ظن الحواريين والمسيحيين الذين كانوا في الطبقة الأولى، لئلا يزول قول المسيح عليه السلام، ولكنه زال وما زال السماء والأرض، وصار الحق باطلاً والعياذ باللّه،وكذا وقع في الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس، والباب الحادي والعشرين من إنجيل لوقا، فهذه القصة فيها غلط أيضاً، فاتفق الإنجيليون الثلاثة في تحرير الغلط، وباعتبار الأناجيل الثلاثة ثلاثة أغلاط.‏
[79]و [80] و [81]في الآية الثانية من الباب الرابع والعشرين من إنجيل متى قول المسيح هكذا: "الحق أقول لكم إنه لا يترك ههنا حجر على حجر لا يُنقض" وصرح علماء البروتستنت أنه لا يمكن أن يبقى في وضع بناء الهيكل بناء، بل كلما يبنى ينهدم كما أخبر المسيح، قال صاحب تحقيق دين الحق مدعياً أن هذا الخبر من أعظم أخبار المسيح عن الحوادث الآتية في الصفحة 394 من كتابه المطبوع سنة 1846 هكذا: "إن السلطان جولين الذي كان بعد ثلثمائة سنة من المسيح، وكان قد ارتد عن الملة المسيحية أراد أن يبني الهيكل مرة أخرى لإبطال خبر المسيح، فلما شرع خرج من أساسه نار، ففر البناؤن خائفين، وبعد ذلك لم يجترئ أحد أن يرد قول الصادق الذي قال إن السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول" انتهت ترجمة كلامه ملخصة، والقسيس (دقتركيث) كتب كتاباً باللسان الإنكليزي في رد المنكرين، وترجمة القسيس (مريك) باللسان الفارسي، وسماه بكشف الآثار في قصص أنبياء بني إسرائيل، وطبع هذا الكتاب في دار السلطنة أدِنْ بِرْغ سنة 1846، وأنا أنقل ترجمة عبارته فأقول: إنه قال في الصفحة 70 "إن يوليان ملك الملوك أجاز اليهود وكلفهم أن يبنوا أورشليم والهيكل، ووعد أيضاً أنه يقرهم في بلدة أجدادهم، وشوق اليهود وغيرتهم ما كانا بأنقص من شوق ملك الملوك، فاشتغلوا ببناء الهيكل، لكن لما كان هذا الأمر مخالفاً لخبر عيسى عليه السلام، فاستحال، وإن كان اليهود في غاية الجد والاجتهاد في هذا الأمر، وكان ملك الملوك متوجهاً وملتفتاً إليه، ونقل المؤرخ الوثني أن شعلات النار المهيبة خرجت من هذا المكان وأحرقت البنائين فكفوا أيديهم عن العمل" وهذا الخبر غلط أيضاً مثل الخبر الذي بعده في هذا الباب، كتب (طامس نيوتن) تفسيراً على الأخبار عن الحوادث الآتية المندرجة في الكتب المقدسة، وطبع هذا التفسير سنة 1803 في بلدة لندن فقال في الصفحة 63 و 64 من المجلد الثاني من التفسير المذكور هكذا: "عمر رضي اللّه عنه كان ثاني الخلفاء، وكان من أعظم المظفرين الذي نشر الفساد على وجه الأرض كلها، وكانت خلافته إلى عشرة سنين ونصف فقط، وتسلط في هذه المدة على جميع مملكة العرب والشام وإيران ومصر وحاصر عسكره أورشليم، وجاء بنفسه ههنا وصالح المسيحيين بعد ما كانوا ضيقي الصدر من طول المحاصرة سنة 637، وسلموا البلدة فأعطاهم شروطاً ذات عز وما نزع كنيسة من كنائسهم بل طلب من الأسقف موضعاً لبناء المسجد، فأخبره الأسقف عن حجر يعقوب وموضع الهيكل السليماني، وكان المسيحيون ملأوا هذا الموضع بالسرقين والروث لأجل عناد اليهود، فشرع عمر رضي اللّه عنه في تصفية هذا الموضع بنفسه، واقتدى به العظام من عسكره في هذا الأمر الذي هو من عبادة اللّه، وبنى مسجداً وهذا هو المسجد الذي بُنِي في أورشليم أولاً، وصرح به بعض المؤرخين أن عبداً من العبيد قتل عمر في هذا المسجد، ووسّع هذا المسجد عبد الملك بن مراون الذي هو ثاني عشر من الخلفاء"، وفي كلام هذا المفسر وإن وقع غلط مَا لكنه يوجد فيه أن عمر رضي اللّه عنه بنى أولاً المسجد في موضع الهيكل السليماني، ثم وسّعه عبد الملك بن مروان، وهذا المسجد إلى الآن موجود، ومضى على بنائه أزيد من ألف ومائتي سنة، فكيف زال قول المسيح على ما زعموا ولم تزل السماء والأرض، ولما كان هذا القول منقولاً في الآية الثانية من الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس والآية السادسة من الباب الحادي والعشرين من إنجيل لوقا أيضاً، فيكون كاذباً باعتبار هذين الإنجيلين أيضاً فهذه أغلاط ثلاثة باعتبار الأناجيل الثلاثة.‏
[82] الآية الثامنة والعشرون من الباب التاسع عشر من إنجيل متى هكذا: "فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد، متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً" فشهد عيسى للحواريين الاثني عشر بالفوز والنجاة والجلوس على اثني عشر كرسياً وهو غلط، لأن يهودا الأسخريوطي الواحد من الاثني عشر قد ارتد ومات مرتداً جهنمياً على زعمهم، فلا يمكن أن يجلس على الكرسي الثاني عشر.‏
[83] الآية الحادية والخمسون من الباب الأول من إنجيل يوحنا هكذا: "وقال له الحق الحق أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة اللّه يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" هذا أيضاً غلط، لأن هذا القول كان بعد الاصطباغ، وبعد نزول روح القدس ولم ير أحد بعدهما أن تكون السماء مفتوحة وتكون ملائكة اللّه صاعدة ونازلة على عيسى عليه السلام، ولا أنفي مجرد رؤية الملك النازل، بل أنفي أن يرى أحدٌ أن تكون السماء مفتوحة وتكون ملائكة اللّه صاعدة ونازلة عليه، يعني مجموع الأمرين كما وعد.‏
[84] في الآية الثالثة عشرة من الباب الثالث من إنجيل يوحنا هكذا: "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن اللّه الذي هو في السماء"، وهذا غلط أيضاً لأن أخنوخ وإيلياء عليهما السلام رفعا إلى السماء وصعدا إليها كما هو مصرح في الباب الخامس من سفر التكوين، والباب الثاني من سفر الملوك الثاني.‏

[85] الآية الثالثة والعشرون من الباب الحادي عشر من إنجيل مرقس هكذا: "لأني الحق أقول لكم إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون له، فيكون له مهما قال"، وفي الباب السادس عشر من إنجيله هكذا: 17 "وهذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة 18 يحملون حيات وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرؤن" والآية الثانية عشرة من الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا: "الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها لأني ماض إلى أبي" فقوله، من قال لهذا الجيل الخ عام لا يختص بشخص دون شخص وزمان دون زمان، بل لا يختص بالمؤمن بالمسيح أيضاً، وكذا قوله تتبع المؤمنين عام لا يختص بالحواريين ولا بالطبقة الأولى، وكذا قوله من يؤمن بي عام لا يختص بشخص وبزمان، وتخصيص هذه الأمور بالطبقة الأولى لا دليل عليه غير الادعاء البحت، فلا بد أن يكون الآن أيضاً أن من قال لجبل انطرح في البحر ولا يشك في قلبه فيكون له مهما قال، وأن يكون من علامة من آمن بالمسيح في هذا الزمان أيضاً الأشياء المذكورة، وأن يفعل مثل أفعال المسيح بل أعظم منها، والأمر ليس كذلك، وما سمعنا أن أحداً من المسيحيين فعل أفعالاً أعظم من أفعال المسيح لا في الطبقة الأولى ولا بعدها، فقوله ويعمل أعظم منها غلط يقيناً لا مصداق له في طبقة من طبقات المسيحيين، والأعمال التي تكون من أعمال المسيح ما صدرت عن الحواريين وغيرهم من الطبقات التي بعدهم، وعلماء البروتستنت معترفون بأن صدور خوارق العادات بعد الطبقة الأولى لم يثبت بدليل قوي، ورأينا في الهند عمدة زمرة المسيحيين أعني العلماء من فرقة الكاثلك والبروتستنت يجتهدون في تعلم لساننا الأُردو مدة ولا يقدرون على التكلم بهذا اللسان تكلماً صحيحاً، ويستعلمون صيغ المذكر في المؤنث، فضلاً عن إخراج الشياطين وحمل الحيات وشرب السموم وشفاء المرضى، فالحق أن المسيحيين المعاصرين لنا ليسوا بمؤمنين بعيسى عليه السلام حقيقة، ولذلك الأمور المذكورة مسلوبة عنهم، وادعى كبراؤهم الكرامات في بعض الأحيان لكنهم خرجوا في ادعائهم كاذبين، وأذكر هنا حكايتين مشتملتين على حال المعظمين من عظماء فرقة البروتستنت من كتاب (مرآة الصدق) الذي ترجمه القسيس (طامس أنكلس) من علماء الكاثلك من اللسان الإنكليزي إلى لسان الأُوردو، وطبع هذا الكتاب سنة 1851. قال في الصفحة 105 و 106 و 107: "الحكاية الأولى أراد لوطر في ديسمبر سنة 1543 أن يخرج الشيطان من ولد مسينا، لكنه جرى معه ما جرى باليهود الذين كانوا أرادوا إخراج الشيطان، وهو مصرح في الآية السادسة عشرة من الباب التاسع عشر من كتاب الأعمال أن الشيطان وثب على لوطر وجرحه، ومن كان معه، فلما رأى استافيلس أن الشيطان أخذ عنق أستاذه لوطر ويخنقه أراد أن يفر، ولما كان مسلوب الحواس ما قدر على أن يفتح قُفل الباب فأخذ الفاس الذي أعطاه خادمه من الكوة كسر الباب وفر كما هي مصرحة في الصفحة 104 من المعذرة التامة لاستافيلس". الحكاية الثانية "ذكر بلسيك وايل سوريس المؤرخ في حال كالوين الذي هو أيضاً من كبار فرقة البروتستنت مثل لوطر أن كالوين أعطى رشوة لشخص مسمى ببروميس على أن يستلقي ويجعل نفسه كالميت بحبس النفس، وإذا أحضر وأقول يا بروميس الميت قم وأحي فتحرك وقم قياماً مّا كأنك كنت ميتاً فقمت، وقال لزوجته إذا جعل زوجك هيئته كالميت فابكي واصرخي، ففعلا كما أمر واجتمعت النساء الباكيات عندها فجاء كالوين وقال لا تبكين أنا أحييته، فقرأ الأدعية، ثم أخذ يد بروميس ونادى باسم ربنا أن قم، لكن حيلته صارت بلا فائدة لأن بروميس مات حقيقة، وانتقم اللّه منه لأجل هذه الخديعة التي كانت فيها إهانة معجزة الصادق، وما أثرت أدعية كالوين ولا وقاه، فلما رأت زوجته هذا الحال بكت بكاء شديداً وصرخت بأن زوجي كان حياً وقت العهد والميثاق، والآن أميت كالحجر وبارد" فانظروا إلى كرامات أعاظمهم، وهذان المعظمان أيضاً كانا مقدسين في عهدهما مثل مقدسهم المشهور بولس، فإذا كان حالهما هكذا فكيف حال متبعيهما؟ والبابا اسكندر السادس الذي كان رأس الكنيسة الرومانية وخليفة اللّه على الأرض على زعم فرقة الكاثلك شرب السم الذي كان هيأه لغيره فمات، ولما كان حال رأس الكنيسة وخليفة اللّه هكذا فكيف يكون حال رعاياه؟ فرؤساء كلا الفريقين محرومون من العلامات المذكورة.‏
[86] الآية السابعة والعشرون من الباب الثالث من إنجيل لوقا هكذا: "ابن يوحنا بن ريسا بن زور بابل بن شلتيئل بن نيرى" وفي هذه الآية ثلاثة أغلاط (الأول) أن بني زور بابل مصرحون في الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام، وليس فيه أحد مسمى بهذا الاسم، وأن هذا مخالف لما كتب متى أيضاً (الثاني) أن زور بابل ابن فدايا لا ابن شلتئيل، نعم هو ابن الأخ له (الثالث) أن شلتئيل ابن يوخانيا لا ابن نيرى كما صرح به متى.‏

[86] قال لوقا في الباب الثالث (شالخ بن قينان بن أرفخشذ) وهو غلط لأن شالخ بن أرفخشذ لا ابن ابنه كما هو مصرح في الباب الحادي عشر من سفر التكوين، والباب الأول من السفر الأول من أخبار الأيام، ولا اعتبار للترجمة في مقابلة النسخة العبرانية عند جمهور علماء البروتستنت، فلا يصح ترجيح بعض للتراجم لو توافق ذلك البعض إنجيل لوقا عندهم ولا عندنا، بل نقول في هذا البعض تحريف المسيحيين ليطابق إنجيلهم.‏
[88] في الباب الثاني من إنجيل لوقا هكذا: "وفي تلك الأيام صدر أمر من أوغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة 2 وهذا الاكتتاب الأول جرى إذ كان كيرينيوس والي سورية" وهذا غلط لأن المراد بكل المسكونة إما أن يكون جميع ممالك سلطنة روما وهو الظاهر، أو جميع مملكة يهودا، ولم يصرح أحد من القدماء المؤرخين اليونانيين الذين كانوا معاصرين للوقا أو متقدمين عليه قليلاً في تاريخه هذا الاكتتاب المقدم على ولادة المسيح، وإن ذكر أحد من الذين كانوا بعد لوقا بمدة مديدة فلا سند لقوله، لأنه ناقل عنه، ومع قطع النظر عن هذا كان كيرينيوس والي سورية بعد ولادة المسيح بخمس عشرة سنة، فكيف يتصوّر في وقته الاكتتاب الذي كان قبل ولادة المسيح بخمس عشرة سنة؟ وكذا كيف يتصوّر ولادة المسيح في عهده؟ أبقي حمل مريم عليها السلام إلى خمس عشرة سنة؟، لأن لوقا أقر في الباب الأول أن حمل زوجة زكريا عليه السلام كان في عهد هيرود وحملت مريم بعد حملها بستة أشهر، ولما عجز البعض حكم بأن الآية الثانية إلحاقية ما كتبها لوقا.‏
[89] الآية الأولى من الباب الثالث من إنجيل لوقا هكذا: "وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر إذ كان بيلاطس النبطي والياً على اليهودية، وهيرودس رئيس ربع على الجليل، وفيلبس أخوه رئيس ربع على أيطورية وكورة تراخو لينس وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية" وفي بعض التراجم بدل الأبلية أبليني والمآل واحد، وهذا غلط عند المؤرخين، لأنه لم يثبت عندهم أن أحداً كان رئيس ربع على الأبلية مسمى بلسانيوس معاصراً لبيلاطس وهيرودس.‏
[90] الآية التاسعة عشرة من الباب المذكور: "أما هيرودس رئيس الربع فإذ توَّبخ منه بسبب هيروديا امرأة فيلبس أخيه" الخ وهو غلط كما عرفت في الغلط السادس والخمسين، وأقر مفسروهم ههنا أنه غلط وقع من غفلة الكاتب كما ستعرف في الشاهد السابع والعشرين من المقصد الثاني من الباب [الثاني]، والحق أنه من لوقا لا من الكاتب المسكين.‏
[91] الآية السابعة عشرة من الباب السادس من إنجيل مرقس هكذا: "لأن هيرودس نفسه كان قد أرسل وأمسك يوحنا وأوثقه في السجن من أجل هيروديا امرأة فيلبس أخيه" إلى آخره وهذا غلط أيضاً كما عرفت، فغلط الإنجيليون الثلاثة ههنا واجتمع عدد التثليث، وحرف المترجم الترجمة العربية المطبوعة سنة 1821 وسنة 1844 في عبارة متى ولوقا فأسقط لفظ فيلبس، لكن المترجمين الآخرين لم يتبعوه في هذا الأمر، ولما كان هذا الأمر من عادة أهل الكتاب فلا شكاية لنا منهم في هذا الأمر الخفيف.‏
[92]و [93]و [94]في الباب الثاني من إنجيل مرقس هكذا: 25 "فقال لهم أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه" 26 "كيف دخل بيت اللّه في أيام أبياثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة وأعطى الذين كانوا معه أيضاً". وهذا غلط لأن داود عليه السلام كان منفرداً ما كان معه أحد في هذا الوقت فقوله (والذين معه) غلط وكذا قوله (وأعطى الذين كانوا معه) غلط، ولأن رئيس الكهنة في تلك الأيام كان أخا ملك لا أبياثار، وأما أبياثار فهو ابن أخي ملك فقوله (في أيام أبياثار رئيس الكهنة) غلط، فهذه ثلاثة أغلاط من مرقس في الآيتين، وقد أقر بالغلط الثالث علماؤهم كما ستعرف في الشاهد التاسع والعشرين من المقصد الثاني من الباب الثاني، ويفهم كون الأمور الثلاثة أغلاطاً من الباب الحادي والعشرين والثاني والعشرين من سفر صموئيل الأول.‏
[95]و [96]وقع في الباب السادس من إنجيل لوقا أيضاً في بيان الحال المذكور هذان القولان (والذين كانوا معه وأعطى الذين معه) وهما غلطان كما عرفت.‏
[97] في الآية الخامسة من الباب الخامس عشر من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس هكذا: "وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر" وهو غلط، لأن يهودا الأسخريوطي كان قد مات قبل هذا فما كان الحواريون إلا أحد عشر ولذلك كتب مرقس في الباب السادس عشر من إنجيله أنه "ظهر لأحد عشر".‏
[98]و [99] و [100] وقع قول المسيح في الباب العاشر من إنجيل متى هكذا: [19] "فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به" 20 "لأنكم لستم المتكلمين بل الذي يتكلم فيكم روح أبيكم" وفي الباب الثاني عشر من إنجيل لوقا هكذا: 11 "ومتى قدموكم إلى المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون" 12 "لأن روح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه" في الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس هذا القول مذكور أيضاً، فصرح الإنجيليون الثلاثة الذين هم على وفق عدد التثليث أن عيسى عليه السلام كان وعد لمريديه أن الشيء الذي تقولونه عند الحكام يكون بإلهام روح القدس، ولا يكون من قولكم، وهذا غلط في الباب الثالث والعشرين من كتاب أعمال الحواريين هكذا: 1 "فتفرس بولس في المجمع وقال: أيها الرجال الأخوة إني بكل ضمير صالح قد عشت للّه إلى هذا اليوم" 2 "فأمر حنانيا رئيس الكهنة الواقفين عنده أن يضربوه على فمه" 3 "حينئذ قال له بولس سيضربك اللّه أيها الحائط المبيض أفأنت جالس تحكم على حسب الناموس وتأمر بضربي مخالفاً للناموس" 4 "فقال الواقفون أتشتّم رئيس كهنة اللّه" 5 "فقال بولس لم أكن أعرف أيها الأخوة أنه رئيس كهنة لأنه مكتوب رئيس شعبك لا تقل فيه سوءاً" فلو كان القول المذكور صادقاً لما غلط مقدسهم بولس الذي هو حواري في زعم المسيحيين كافة من أهل التثليث باعتبار الصحبة الروحانية التي تشرفت بها ذاته على زعمهم، وهو يدعي بنفسه أيضاً المساواة بأعظم الحواريين بطرس، ولا ترجيح لحضرة بطرس عليه عند فرقة البروتستنت، فغلط هذا المقدس دليل عدم صدق القول المذكور، أيغلط روح القدس؟، وستعرف في الفصل الرابع أن علماءهم اعترفوا ههنا بالاختلاف والغلط، ولما كان هذا الغلط باعتبار الأناجيل الثلاثة فهذا الغلط ثلاثة أغلاط على وفق عدد التثليث.‏
[101]و 102] في الآية الخامسة والعشرين من الباب الرابع من إنجيل لوقا وفي الآية السابعة عشرة من الباب الخامس من رسالة يعقوب: "إنه لم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر في زمان إيليا الرسول" وهو غلط، لأنه يعلم من الباب الثامن عشر من سفر الملوك الأول أن المطر نزل في السنة الثالثة، ولما كان هذا الغلط في إنجيل لوقا في قول المسيح، وفي الرسالة في قول يعقوب، فهما غلطان.‏
[103]وقع في الباب الأول من إنجيل لوقا في قول جبرائيل لمريم عليهما السلام في حق عيسى عليه السلام: "ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" وهو غلط بوجهين: (الأول) أن عيسى عليه السلام من أولاد يواقيم على حسب النسب المندرج في إنجيل متى وأحد من أولاده لا يصلح أن يجلس على كرسي داود، كما هو مصرح في الباب السادس والثلاثين من كتاب أرمياء (والثاني) أن المسيح لم يجلس على كرسي داود ساعة، ولم يحصل له حكومة على آل يعقوب، بل قاموا عليه وأحضروه أمام كرسي بيلاطس، فضربه وأهانه وسلمه إليهم فصلبوه، على أنه يعلم من الباب السادس من إنجيل يوحنا أنه كان هارباً من كونه ملكاً، ولا يتصور الهرب من أمر بعثه اللّه لأجله على ما بشر جبريل أمه قبل ولادته.‏
[104]في الباب العاشر من إنجيل مرقس هكذا: "الحق أقول لكم ليس أحد ترك
01-20-2005, 04:54 AM
إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
1222
Unregistered

 
مشاركة: #4
مناقشه هادئه للاخوه المسحين والهيود

(الشاهد التاسع) وقع في الآية السادسة من الزبور الأربعين: "فتحت أذني" ونقل بولس هذه الجملة في كتابه إلى العبرانيين في الآية الخامسة من الباب العاشر هكذا: "قد هيئت لي جسداً" فإحدى العبارتين غلط ومحرفة يقيناً، وتحير العلماء المسيحيون فقال جامعو تفسير هنري واسكات: "إن هذا الفرق وقع من غلط الكاتب" وأحد المطلبين صحيح، فجامعو التفسير المذكور اعترفوا بالتحريف، لكنهم توقفوا في نسبته إلى إحدى العبارتين بالتعيين، وقال آدم كلارك في المجلد الثالث من تفسيره ذيل عبارة الزبور: "المتن العبراني المتداول محرف" فنسب التحريف إلى عبارة الزبور، وفي تفسير دوالي ورجرد مينت: "العجب أنه وقع في الترجمة اليونانية وفي الآية الخامسة من الباب العاشر من الكتاب إلى العبرانيين بدل تلك الفقرة هذه الفقرة: قد هيئت لي جسداً" فهذان المفسران نسبوا التحريف إلى عبارة الإنجيل.‏
(الشاهد العاشر) وقع في الآية الثامنة والعشرين من الزبور المائة والخامس في العبرانية: "هم ما عصوا قوله" وفي اليونانية "هم عصوا قوله" ففي الأول نفي والثانية إثبات، فأحدهما غلط يقيناً، وتحير العلماء المسيحيون ههنا في تفسير هنري واسكات: "لقد طالت المباحثة لأجل هذا الفرق جداً وظاهر أنه نشأ إما لزيادة حرف أو لتركه" فجامعو هذا التفسير اعترفوا بالتحريف، لكن ما قدروا على تعيينه.‏
(الشاهد الحادي عشر) وقع في الآية التاسعة من الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الثاني: "بنو إسرائيل كانوا ثمانمائة ألف رجل شجاع وبنو يهودا خمسمائة ألف رجل شجاع" وفي الآية الخامسة من الباب الحادي والعشرين من سفر الملوك الأول: "فبنو إسرائيل كانوا ألف ألف رجل شجاع، ويهودا كانوا أربعمائة ألف وسبعون ألف رجل شجاع" فإحدى العبارتين ههنا محرفة، قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره ذيل عبارة صوئيل: "لا يمكن صحة العبارتين، وتعيين الصحيحة عسير، والأغلب أنها الأولى، ووقعت في كتب التواريخ من العهد العتيق تحريفات كثيرة بالنسبة إلى المواضع الأخرى، والاجتهاد في التطبيق عبث والأحسن أن يسلم من أول الوهلة الأمر الذي لا قدرة على إنكاره بالظفر، ومصنفو العهد العتيق، وإن كانوا ذوي إلهام لكن الناقلين لم يكونوا كذلك" فهذا المفسر اعترف بالتحريف، لكنه لم يقدر على التعيين واعترف أن التحريفات في كتب التواريخ كثيرة، وأنصف فقال إن الطريق الأسلم تسليم التحريف من أول الوهلة.‏
(الشاهد الثاني عشر) قال المفسر هارسلي في الصفحة 291 من المجلد الأول من تفسيره ذيل الآية الرابعة من الباب الثاني عشر من كتاب القضاة: "لا شبهة أن هذه الآية محرفة".‏
(الشاهد الثالث عشر) وقع في الآية الثامنة من الباب الخامس عشر من سفر صموئيل الثاني لفظ أرم، ولا شك أنه غلط والصحيح لفظ أدوم، وآدم كلارك المفسر حكم أولاً بأنه غلط يقيناً، ثم قال: الأغلب أنه من غلط الكاتب.
(الشاهد الرابع عشر) وقع في الآية السابعة من الباب المذكور: "أن أبا سالوم قال للسلطان بعد أربعين سنة" ولفظ الأربعين غلط يقيناً، والصحيح لفظ الأربع. قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره: "لا شبهة أن هذه العبارة محرفة" ثم قال: "أكثر العلماء على أن الأربعين وقع موضع الأربع من غلط الكاتب".‏
(الشاهد الخامس عشر) قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره ذيل الآية الثامنة من الباب الثالث والعشرين من سفر صموئيل الثاني: "قال كني كات في هذه الآية في المتن العبراني ثلاث تحريفات عظيمة" فأقر ههنا بثلاث تحريفات جسيمة.‏
(الشاهد السادس عشر) الآية السادسة من الباب السابع من السفر الأول من أخبار الأيام هكذا: "بنو بنيامين بلع وبكر ويدبع بيل ثلاثة أشخاص" وفي الباب الثامن من السفر المذكور هكذا: [1] "ولد بنيامين ولده الأكبر بالع والثاني إشبيل والثالث أحْرَح" [2] "والرابع نوحاه والخامس رافاه" وفي الآية الحادية والعشرين من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين هكذا: "نسخة سنة 1848 بنو بنيامين بالع وباخور وإشبل وجيرا ونعمان واحي وروش ومافيم وحوفيم وارد" ففي العبارات الثلاث اختلاف من وجيهن الأول في الأسماء، والثاني في العدد حيث يفهم من الأولى أن أبناء بنيامين ثلاثة، ويفهم من الثانية أنهم خمسة، ويفهم من الثالثة أنهم عشرة، ولما كانت العبارة الأولى والثانية من كتاب واحد يلزم التناقض في كلام مصنف واحد، وهو عزرا النبي عليه السلام، ولا شك أن إحدى العبارات عندهم تكون صادقة، والباقيتين تكونان كاذبتين، وتحير علماء أهل الكتاب فيه واضطروا ونسبوا الخطأ إلى عزرا عليه السلام، قال آدم كلارك ذيل العبارة الأولى: "كتب ههنا لأجل عدم التميز للمصنف ابن الابن موضع الابن وبالعكس، والتطبيق في مثل هذه الاختلافات غير مفيد، وعلماء اليهود يقولون إن عزرا عليه السلام الذي كتب هذا السفر ما كان له علم بأن بعض هؤلاء بنون أن بنو الأبناء، ويقولون أيضاً إن أوراق النسب التي نقل عنها عزرا عليه السلام كان أكثرها ناقصة، ولا بد لنا أن نترك أمثال هذه المعاملات". فانظر أيها اللبيب ههنا كيف اضطر أهل الكتاب طراً سواءٌ كانوا من اليهود أو من المسيحيين، وما وجدوا ملجأ سوى الإقرار بأن ما كتب عزرا عليه السلام غلط، وما حصل له التميز بين الأبناء وأبناء الأبناء فكتب ما كتب، والمفسر لما أيس من التطبيق قال أولاً: "التطبيق في مثل هذه الاختلافات غير مفيد" وقال ثانياً: "لا بد لنا أن ترك أمثال هذه المعاملات".
(فائدة جليلة) لا بد من التنبيه عليها. اعلم أرشدك اللّه تعالى أن جمهور أهل الكتاب يقولون: إن السفر الأول والثاني من أخبار الأيام صنفها عزرا عليه السلام بإعانة حجّي وزكريا الرسولين عليهما السلام، فعلى هذا، السفران المذكوران اتفق عليهما الأنبياء الثلاثة عليهم السلام، وكتب التواريخ شاهدة بأن حال كتب العهد العتيق قبل حادثة بختنصر كان أبتر، وبعد حادثته ما بقي لها غير الاسم، ولو لم يدون عزرا عليه السلام هذه الكتب مرة أخرى لم توجد في زمانه فضلاً عن الزمان الآخر، وهذا الأمر مسلم عند أهل الكتاب أيضاً في السفر الذي هو منسوب إلى عزرا، وفرقة البروتستنت لا يعترفون بأنه سماوي، لكن مع ذلك الاعتقاد لا تنحط رتبته عن كتب المؤرخين المسيحيين. عندهم وقع هكذا: "أُحْرِق التوراة وما كان أحد يعلمه، وقيل إن عزرا جمع ما فيه مرة أخرى بإعانة روح القدس" وقال كليمنس اسكندر يانوس: "إن الكتب السماوية ضاعت فألهم عزرا أن يكتبها مرة أخرى": وقال ترتولين: "المشهور أن عزرا كتب مجموع الكتب بعد ما أغار أهل بابل بروشالم" وقال تهيو فلكت: "إن الكتب المقدسة انعدمت رأساً فأوجدها عزرا مرة أخرى بإلهام" انتهى، وقال جان ملز كاثلك في الصفحة 115 من كتابه الذي طبع في بلدة دربي سنة 1842: "اتفق أهل العلم على أن نسخة التوراة الأصلية وكذا نسخ كتب العهد العتيق ضاعت من أيدي عسكر بختنصر، ولما ظهرت نقولها الصحيحة بواسطة عزرا ضاعت تلك النقول، أيضاً في حادثة أنتيوكس" بقدر الحاجة إذا علمت هذه الأقوال فارجع إلى كلام المفسر المذكور، وأقول يظهر للبيب ههنا سبعة أمور: (الأمر الأول) أن هذا التوراة المتداول الآن ليس التوراة الذي ألهم به موسى عليه السلام أولاً، ثم بعد انعدامه كتبه عزرا عليه السلام بالإلهام مرة أخرى، وإلا لرجع إليه عزرا عليه السلام، وما خالفه، ونقل على حسبه وما اعتمد على الأوراق الناقصة التي لم يقدر على التمييز بين الغلط والصحيح منها، وإن قالوا إنه هو لكنه أيضاً كان منقولاً عن النسخ الناقصة التي حصلت له، ولم يقدر حين التحرير على التمييز بينها كما لم يقدر ههنا بين الأوراق الناقصة، فقلت على هذا التقدير لا يكون التوراة معتمداً وإن كان ناقله عزرا عليه السلام.
(الأمر الثاني) أنه إذا غلط عزرا في هذا السفر مع أن الرسولين الآخرين كانا معينين له في تأليف هذا السفر، فيجوز صدور الغلط منه في الكتب الأخر أيضاً، فلا بأس لو أنكر أحد شيئاً من هذه الكتب إذا كان ذلك الشيء مخالفاً للبراهين القطعية أو مصادماً للبداهة، مثل أن ينكر ما وقع في الباب التاسع عشر من سفر التكوين من أن لوطاً عليه السلام زنى بابنتيه، والعياذ باللّه تعالى، وحملتا من أبيهما وتولد لهما ابنان هما أبو الموابيين والعمانيين، وما وقع في الباب الحادي والعشرين من سفر صموئيل الأول من أن داود عليه السلام زنى بامرأة اوريا، وحملت بالزنا منه، فقتل زوجها بالحيلة وتصرف فيها، وما وقع في الباب الحادي عشر من سفر الملوك الأول أن سليمان عليه السلام ارتد في آخر عمره بترغيب أزواجه، وعبد الأصنام وبنى لها معابد وسقط من نظر اللّه، وأمثال هذه القصص التي تقشعر منها جلود أهل الإيمان ويكذبها البرهان.
(الأمر الثالث) أن الشيء إذا صار محرفاً فليس بضروري أن يزول ذلك التحريف بتوجه النبي الذي بعده، وأن يخبر اللّه تعالى عن المواضع المحرفة ألبتة ولا جرت عليه العادة الإلهية.
(الأمر الرابع) أن علماء البروتستنت ادّعوا أن الأنبياء والحواريين وإن لم يكونوا معصومين عن الذنوب والخطأ والنسيان، لكنهم معصومون في التبليغ والتحرير، فكل شيء بلغوه أو حرروه فهو مصون عن الخطأ والسهو والنسيان، أقول ما ادّعوه لا أصل له من كتبهم وإلا لِمَ صار تحرير عزرا عليه السلام مع كون الرسولين عليهما السلام معينين له غير مصون عن الخطأ؟.
(الأمر الخامس) أنه لا يلهم النبي في بعض الأحيان في بعض الأمور مع كون الإلهام محتاجاً إليه، لأن عزرا عليه السلام لم يلهم مع كونه محتاجاً إلى الإلهام في ذلك الأمر.
(الأمر السادس) أنه ظهر صدق دعوى أهل الإسلام بأنا لا نسلم أن كل ما اندرج في هذه الكتب فهو إلهامي، ومن جانب اللّه، لأن الغلط لا يصلح أن يكون إلهامياً ومن جانب اللّه، وهو يوجد في هذه الكتب بلا ريب كما عرفت آنفاً، وفي الشواهد السابقة وستعرف في الشواهد اللاحقة أيضاً إن شاء اللّه تعالى.
(الأمر السابع) أنه إذا لم يكن عزرا عليه السلام مصوناً عن الخطأ في التحرير، فكيف يكون مرقس ولوقا الإنجيليان اللذان ليسا من الحواريين أيضاً مصونين عن الخطأ في التحرير؟ لأن عزرا عليه السلام عند أهل الكتاب نبي ذو إلهام وكان النبيان ذوا إلهام معينين له في التحرير، ومرقس ولوقا ليسا بنبيين ذوي إلهام، بل عندنا متى ويوحنا ليسا كذلك، وإن كان زعم المسيحيين من فرقة البروتستنت بخلافه، وكلام هؤلاء الأربعة الإنجيليين مملوء من الأغلاط والاختلافات الفاحشة.‏
(الشاهد السابع عشر) قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره ذيل الآية التاسعة والعشرين من الباب الثامن من السفر الأول من أخبار الأيام: "في هذا الباب من هذه الآية إلى الآية الثامنة والثلاثين، وفي الباب التاسع من الآية الخامسة والثلاثين إلى الآية الرابعة والأربعين توجد أسماء مختلفة، وقال علماء اليهود إن عزرا وجد كتابين توجد فيهما هذه الفقرات مع شيء من اختلاف الأسماء، ولم يحصل له نميز بأن أيهما أحسن فنقلهما" ولك أن تقول ههنا كما مر في الشاهد المتقدم.‏
(الشاهد الثامن عشر) في الباب الثالث عشر من السفر الثاني من أخبار الأيام وقع في الآية الثالثة لفظ أربعمائة ألف في تعداد عسكر آبياه، ولفظ ثمانمائة ألف في تعداد عسكر يربعام، وفي الآية السابعة عشرة لفظ خمسمائة ألف في تعداد المقتولين من عسكر يربعام، ولما كانت هذه الأعداد بالنسبة إلى هؤلاء الملوك مخالفة للقياس غُيَّرت في أكثر نسخ الترجمة اللاطينية إلى أربعين ألفاً في الموضع الأول، وثمانين ألفاً في الموضع الثاني، وخمسين ألفاً في الموضع الثالث، ورضي المفسرون بهذا التغيير، قال هورن في المجلد الأول من تفسيره: "الأغلب أن عدد هذه النسخ" أي نسخ الترجمة اللاطينية "صحيح" وقال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره: "يعلم أن العدد الصغير" أي الواقع في نسخ الترجمة اللاطينية "في غاية الصحة، وحصل لنا موضع الاستغاثة كثيراً بوقوع التحريف في أعداد هذه كتب التواريخ" انتهى كلامه، وهذا المفسر بعد اعتراف التحريف ههنا صرح بوقوعه كثيراً في الأعداد.‏‏
الشاهد التاسع عشر) في الآية التاسعة من الباب السادس والثلاثين من السفر الثاني من أخبار الأيام: "وكان يواخين ابن ثمان سنين حين صار سلطاناً" ولفظ ثماني سنين غلط، ومخالف لما وقع في الآية الثامنة من الباب الرابع والعشرين من سفر الملوك الثاني: "وكان يواخين حين جلس على سرير السلطنة ابن ثماني عشرة سنة" قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره ذيل عبارة سفر الملوك: "وقع في الآية التاسعة من الباب السادس والثلاثينن من السِّفر الثاني من أخبار الأيام لفظ ثمانية وهو غلط ألبتة، لأن سلطنته كانت إلى ثلاثة أشهر، ثم ذهب إلى بابل أسيراً، وكان في المحبس وأزواجه معه، والغالب أنه لا يكون لابن ثماني أو تسع سنين أزواجاً ويشكل أيضاً أن يُقال لمثل هذا الصغير إنه فعل ما كان قبيحاً عند اللّه، فهذا الموضع من السفر محرف".‏
(الشاهد العشرون) في الآية السابعة عشرة من الزبور الحادي والعشرين على ما في بعض النسخ، أو في الآية السادسة عشرة من الزبور الثاني والعشرين وقعت هذه الجملة في النسخة العبرانية: "وكلتا يدي مثل الأسد" والمسيحيون من فرقة الكاثوليك والبروتستنت في تراجمهم ينقلونها هكذا: "وهم طعنوا يدي ورجلي" فهؤلاء متفقون على تحريف العبرانية ههنا.‏
(الشاهد الحادي والعشرون) قال آدم كلارك في المجلد الرابع من تفسيره ذيل الآية الثانية من الباب الرابع والستين من كتاب أشعيا: "المتن العبراني محرف كثيراً ههنا والصحيح أن يكون هكذا: "كما أن الشمع يذوب من النار".‏
(الشاهد الثاني والعشرون) الآية الرابعة من الباب المذكور هكذا: "لأن الإنسان من القديم ما سمع وما وصل إلى أذن أحد، وما رأت عيناً أحد إلهاً غيرك يفعل لمنتظريه مثل هذا" ونقل بولس هذه الآية في الآية التاسعة من الباب الثاني من رسالته الأولى إلى أهل قورنثيوس هكذا: "بل كما كتب أن الأشياء التي هيأها اللّه للذين يحبونه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولم يخطر بخاطر إنسان" فكم من فرق بينهما؟ فإحداهما محرفة. في تفسير هنري واسكات. "الرأي الحسن أن المتن العبري محرف"، وآدم كلارك ذيل عبارة أشعياء عليه السلام نقل أولاً أقوالاً كثيرة وردها وجرحها ثم قال: "إني متحير ماذا أفعل في هذه المشكلات غير أن أضع بين يدي الناظر أحد الأمرين: إما أن يعتقد بأن اليهود حرفوا هذا الموضع في المتن العبراني والترجمة اليونانية تحريفاً قصدياً، كما هو المظنون بالظن القوي في المواضع الأخر المنقولة في العهد الجديد عن العهد العتيق، انظروا كتاب أَوْ وِنْ من الفصل السادس إلى الفصل التاسع في حق الترجمة اليونانية، وإما أن يُعتقد أن بولس ما نقل عن ذلك الكتاب، بل نقل عن كتاب أو كتابين من الكتب الجعلية، أعني مِعْراج أشعياء، ومشاهدات إيلياء اللذين وُجدت هذه الفقرة فيهما، وظن البعض أن الحواري نقل عن الكتب الجعلية، ولعل الناس لا يقبلون الاحتمال الأول بسهولة فأنبه الناظرين تنبيهاً بليغاً على أن جيروم عدّ الاحتمال الثاني أسوء من الإلحاد" انتهى كلامه.‏
(الشاهد الثالث والعشرون إلى الشاهد الثامن والعشرين) قال هورن في المجلد الثاني من تفسيره: "يعلم أن المتن العبري في الفقرات المفصلة الذيل محرف 1 - الآية الأولى من الباب الثالث من كتاب ملاخيا" 2 - "الآية الثانية من الباب الخامس من كتاب ميخا" 3 - "من الآية الثامنة إلى الآية الحادية عشرة من الزبور السادس عشر" 4 - "الآية الحادية عشرة والثانية عشرة من الباب التاسع من كتاب عاموس" 5 - "من الآية السادسة إلى الثامنة من الزبور الأربعين" 6 - "الآية الرابعة من الزبور العاشر بعد المائة" فأقر محققهم بالتحريف في هذه المواضع في الآيات، ووجه إقراره: الموضع الأول نقله متّى في الآية العاشرة من الباب الحادية عشر من إنجيله وما نقله يخالف كلام ملاخيا المنقول في المتن العبراني والتراجم القديمة بوجهين: (الأول) أن لفظ "أمام وجهك في هذه الجملة: ها أنا ذا أرسل ملكي أمام وجهك" زائد في منقول متى لا يوجد في كلام ملاخيا (والثاني) أنه وقع في منقوله "ليوطئ السبيل قدامك" وفي كلام ملاخيا "ليوطئ السبيل قدامي" وقال هورن في الحاشية: "ولا يمكن أن يبين سبب المخالفة بسهولة غير أن النسخ القديمة وقع فيها تحريف ما" وأن الموضع الثاني نقله متى أيضاً في الآية السادسة من الباب الثاني من إنجيله، وبينهما مخالفة، وأن الموضع الثالث نقله لوقا في الآية الخامسة والعشرين إلى الثامنة والعشرين من الباب الثاني من كتاب أعمال الحواريين، وبينهما مخالفة وأن الموضع الرابع نقله لوقا في الآية السادسة عشرة والسابعة عشرة من الباب الخامس عشر من كتاب أعمال الحواريين، وبينهما مخالفة، وأن الموضع الخامس نقله بولس في الآية الخامسة إلى السابعة في رسالته إلى العبرانيين، وبينهما مخالفة، وأما حال الموضع السادس فلم يتضح لي حق الاتضاح، لكن هورن لما كان من المحققين المعتبرين عندهم فإقراره يكفي حجة عليهم.‏
(الشاهد التاسع والعشرون) في الآية الثامنة من الباب الحادي والعشرين من كتاب الخروج في المتن العبراني الأصل في مسألة الجارية وقع النفي وفي عبارة الحاشية وجد الإثبات.
(الشاهد الثلاثون) في الآية الحادية والعشرين من الباب الحادي عشر من كتاب الأخبار في حكم الطيور التي تمشي على الأرض في المتن العبراني وجد النفي وفي عبارة الحاشية الإثبات.‏
(الشاهد الحادي والثلاثون) في الآية الثلاثين من الباب الخامس والعشرين من كتاب الأخبار في حكم البيت في المتن وجد النفي وفي عبارة الحاشية الإثبات، واختار علماء البروتستنت في هذه المواضع الثلاثة في تراجمهم الإثبات، وعبارة الحاشية وتركوا المتن الأصل، فعندهم الأصل في هذه المواضع محرف، ومن وقوع التحريف فيها اشتبهت الأحكام الثلاثة المندرجة فيها، فلا يُعلم يقيناً أن الصحيح الحكم الذي يقيده النفي، أو الحكم الذي يفيده الإثبات، وظهر من هذا أن ما قالوا من أنه لم يفت حكم من أحكام الكتب السماوية بوقوع التحريف الذي فيها غير صحيح.‏
(الشاهد الثاني والثلاثون) في الآية الثامنة والعشرين من الباب العشرين من كتاب الأعمال: "حتى تركوا كنيسة اللّه التي اقتنى بدمه" قال كريباخ: "لفظ اللّه غلط والصحيح لفظ الرب" فعنده لفظ اللّه محرف.‏
(الشاهد الثالث والثلاثون) في الآية السادسة عشرة من الباب الثالث من رسالة بولس الأولى إلى طيموثاوس "اللّه ظهر في الجسد" قال كريباخ "إن لفظ اللّه غلط والصحيح ضمير الغائب" أي بأن يقال هو.‏
(الشاهد الرابع والثلاثون) في الآية الثالثة عشرة من الباب الثامن من المشاهدات: "ثم رأيت ملكاً طائراً" قال كريباخ وشولز: "لفظ الملك غلط والصحيح لفظ العُقاب".
(الشاهد الخامس والثلاثون) في الآية الحادية والعشرين من الباب الخامس من رسالة بولس إلى أهل أفسيس: "وليخضع بعض لبعض لخوف اللّه" قال كريباخ وشولز: "إن لفظ اللّه غلط والصحيح لفظ المسيح" وأكتفي من شواهد المقصد الأول على هذا القدر خوفاُ من الإطالة.


المقصد الثاني: في إثبات التحريف بالزيادة

(الشاهد الأول) اعلم أن ثمانية كتب من العهد العتيق كانت مشكوكة غير مقبولة عند المسيحيين إلى ثلثمائة وأربع وعشرين سنة وهي هذه: [1] كتاب أستير. [2] كتاب باروخ. [3] كتاب طوبيا. [4] كتاب يهوديت. [5] كتاب وزدم. [6] كتاب إيكليز ياستيكس. [7] الكتاب الأول لمقابيين. [8] الكتاب الثاني لمقابيين. وفي سنة ثلثمائة وخمس وعشرين من السنين المسيحية انعقد مجلس العلماء المسيحية بحكم السلطان قسطنطين في بلدة نائس، ليشاوروا ويحققوا الأمر في هذه الكتب المشكوكة، فبعد المشاورة والتحقيق حَكَمَ هؤلاء أن كتاب يهوديت واجب التسليم، وأبقوا باقي الكتب مشكوكة كما كانت، وهذا الأمر يظهر من المقدمة التي كتبها جيروم على ذلك الكتاب، ثم بعد ذلك انعقد مجلس لوديسيا في سنة ثلثمائة وأربع وستين، فعلماء هذا المجلس سلموا حكم علماء المجلس الأول في كتاب يهوديت، وزادوا عليه من الكتب المذكورة كتاب أستير، وأكدوا حكمهم بالرسالة العامة، ثم بعد ذلك انعقد مجلس كارتهيج في سنة ثلثمائة وسبع وتسعين، وكان أهلُ ذلك المجلس مائة وسبعة وعشرين عالماً من العلماء المشهورين ومنهم الفاضل المشهور المقبول عندهم اكستائن، فهؤلاء العلماء سلموا أحكام المجلسين الأولين، وسلموا الكتب [ص 237] الباقية، لكنهم جعلوا كتاب باروخ بمنزلة جزء من كتاب أرمياء، لأن باروخ عليه السلام كان بمنزلة نائب لأرمياء عليه السلام، فلذلك ما كتبوا اسم كتاب باروخ على حدة في أسماء الكتب، ثم انعقد بعد ذلك ثلاثة مجالس أخر أعني مجلس ترلو، ومجلس فلورنش، ومجلس ترنت، وعلماء هذه المجالس الثلاثة سلموا أحكام المجالس الثلاثة السابقة، فبعد انعقاد هذه المجالس صارت الكتب المذكورة مسلمة بين جمهور المسيحيين، وبقيت إلى مدة ألف ومائتي سنة، ثم ظهرت فرقة البروتستنت فردوا حكم أسلافهم في كتاب باروخ وكتاب توبيا وكتاب يهوديت وكتاب وزدم وكتاب إيكليزياستيكس وكتابي المقابيين وقالوا: إن هذه الكتب ليست مسلمة إلهامية، بل واجبة الرد، وردوا حكمهم في جزء من كتاب أستير وسلموا في جزء، لأن هذا الكتاب كان ستة عشر باباً فسلموا الأبواب التسعة الأولى، وثلاث آيات من الباب العاشر، وردوا عشر آيات من هذا الباب، وستة أبواب باقية، وتمسكوا بوجوه منها: أن يوسي بيس المؤرخ صرح في الباب الثاني والعشرين من الكتاب الرابع أن هذه الكتب حرفت سيما الكتاب الثاني لمقابيين، ومنها أن اليهود لا يقولون إنها إلهامية، والكنيسة الرومانية التي متبوعها إلى الآن أيضاً أكثر من فرقة البروتستنت تسلم هذه الكتب إلى هذا الحين، ويعتقدون أنها إلهامية واجبة التسليم، وهي داخلة في ترجمتهم اللاطينية التي هي مسلمة ومعتبرة عندهم غاية الاعتبار، ومبنى دينهم ودياناتهم. إذا علمتَ هذا فأقول: أي تحريف بالزيادة يكون أزيد من هذا؟. عند فرقة البروتستنت واليهود أن الكتب التي كانت غير مقبولة إلى ثلثمائة وأربع وعشرين سنة وكانت محرفة غير إلهامية جعلها أسلاف المسيحيين في المجالس المتعددة واجبة التسليم، وأدخلوها في الكتب الإلهامية، وأجمع الألوف من علمائهم على حقيقتها وإلهاميتها، والكنيسة الرومانية إلى [ص 238] هذا الزمان تصر على كونها إلهامية، فظهر من هذا أنه لا اعتبار لإجماع أسلافهم، وليس هذا الإجماع دليلاً ضعيفاً على المخالف فضلاً عن أن يكون قوياً، فكما أجمعوا على هذه الكتب المحرفة الغير الإلهامية يجوز أن يكون إجماعهم على هذه الأناجيل المروّجة مع كونها محرفة غير إلهامية، ألا ترى أن هؤلاء الأسلاف كانوا مجمعين على صحة النسخة اليونانية وكانوا يعتقدون تحريف النسخة العبرانية، وكانوا يقولون إن اليهود حرفوها في سنة مائة وثلاثين من السنين المسيحية، كما عرفت في الشاهد الثاني من المقصد الأول. والكنيسة اليونانية وكذا الكنائس المشرقية إلى هذا الحين أيضاً مجمعون على صحتها واعتقادها كاعتقاد الأسلاف، وجمهور علماء البروتستنت أثبتوا أن إجماع الأسلاف وكذا اختلاف المقتدين بهم غلط، وعكسوا الأمر فاعتقدوا وقالوا في حق العبرانية ما قال أسلافهم في حق اليونانية، وكذلك أجمع الكنيسة الرومانية على صحة الترجمة اللاطينية وعلماء البروتسنت أثبتوا أنها محرفة، بل لم تحرف ترجمة مثلها. قال هورن في المجلد الرابع من تفسيره نسخة سنة 1822 صفحة 463: "وقع التحريفات والإلحاقات الكثيرة في هذه الترجمة من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر" ثم قال في الصفحة 467: "لا بد أن يكون ذلك الأمر في بالك أن ترجمة من التراجم لم تحرَّف مثل اللاطينية.
ناقلوها من غير المبالاة أدخلوا فقرات بعض كتاب من العهد الجديد في كتاب آخر، وكذا أدخلوا عبارات الحواشي في المتن، وإذا كان فعلهم بالنسبة إلى ترجمتهم المقبولة المتداولة غاية التداول فكيف يرجى منهم أنهم لم يحرِّفوا المتن الأصلي الذي لم يكن متداولاً بينهم مثلها يقيناً؟، بل الأظهر أن من بادر منهم إلى تحريف الترجمة بادر إلى تحريف الأصل، ليكون لفعله ستر عند قومه، والعجب من فرقة البروتسنت أنهم لما أنكروا هذه الكتب لِمَ أبْقَوْا جزءاً من كتاب أستير، ولِمَ لَمْ ينكروه رأساً؟؟ لأن هذا الكتاب لا يوجد [ص 239] فيه من أوله إلى آخره اسمٌ من أسماء اللّه فضلاً عن بيان صفاته أو حكم من أحكامه، ولا يعلم حال مصنفه، وشارحو العهد العتيق لا ينسبونه إلى شخص واحد على سبيل الجزم بالدليل بل بالظن والتخمين رجما بالغيب، فبعضهم نسبوا إلى علماء المعبد الذين كانوا من عهد عزرا عليه السلام إلى زمن سَيْمُنْ، ونسب فلو اليهودي إلى يهوكين الذي هو ابن اليسوع الذي جاء من بابل بعد ما أطلق الأسراء، ونسب اكستائن إلى عزرا عليه السلام، ونسب البعض إلى مرد كي ، وبعضهم إليه وإلى أستير" وفي الصفحة 347 من المجلد الثاني من كاتلك هرلد: "الفاضل مِليتوما كتب اسم هذا الكتاب في ذيل أسماء الكتب المسلمة كما صرح يوسي بيس في تاريخ كليسيا في الباب السادس والعشرين من الكتاب الرابع، وضبط كِرى نازين زن في الأشعار أسماء الكتب الصحيحة، وما كتب اسم هذا الكتاب فيها، وايم في لوكيس أظهر شبهته على هذا الكتاب في أشعاره التي كتبها إلى سَلْيوكَس واتهَاني سيَش في مكتوبه التاسع والثلاثين رد هذا الكتاب وقبحه".‏
(الشاهد الثاني) الآية الحادية والثلاثون من الباب السادس والثلاثين من سفر الخليقة هكذا: "وهؤلاء الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبل أن يملك بني إسرائيل" ولا يمكن أن تكون هذه الآية من كلام موسى عليه السلام لأنها تدل على أن المتكلم بها بعد زمان قامت فيه سلطنة بني إسرائيل، وأول ملوكهم شاول وكان بعد موسى عليه السلام بثلثمائة وست وخمسين سنة، قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره ذيل هذه الآية: "غالب ظني أن موسى عليه السلام ما كتب هذه الآية والآيات التي بعدها إلى الآية التاسعة والثلاثين، بل هذه الآيات هي آيات الباب الأول من السفر الأول من كتاب أخبار الأيام، وأظن ظناً قوياً قريباً من اليقين أن هذه الآيات كانت مكتوبة على حاشية نسخة صحيحة من التوراة، فظن الناقل أنها جزء من المتن فأدخلها فيه" فاعترف هذا المفسر بإلحاق الآيات التسع، وعلى اعترافه يلزم أن كتبهم كانت صالحة للتحريف، لأن هذه الآيات التسع، مع عدم كونها من التوراة دخلت فيه وشاعت بعد ذلك في جميع النسخ.‏
(الشاهد الثالث) الآية الرابعة عشرة من الباب الثالث من سفر الاستثناء: "فياير ابن منْسبا (99) ورث كل أرض أرغوب إلى تخوم جاسور ومعكاني (100) وسمى باسان باسمه جالوث يابر التي هي قرى يابر إلى هذا اليوم"، وهذه الآية أيضاً لا يمكن أن تكون من كلام موسى عليه السلام، لأن المتكلم بها لا بد أن يكون متأخراً عن يابر (101) تأخيراً كثيراً، كما يشعر به قوله إلى هذا اليوم، لأن أمثال هذا اللفظ لا يستعمل إلا في الزمان الأبْعَد على ما حقق المحققون من علمائهم، كما ستعرف عن قريب، قال الفاضل المشهور هورن لبيان هاتين الفقرتين اللتين نقلتهما في الشاهد الثاني والثالث في المجلد الأول من تفسيره: "هاتان الفقرتان لا يمكن ان تكونا من كلام موسى عليه السلام، لأن الفقرة الأولى دالة على أن مصنف هذا الكتاب بعد زمان قامت فيه سلطنة بني إسرائيل، والفقرة الثانية دالة على أن مصنفه بعد زمان إقامة اليهود في فلسطين، لكن لو فرضناهما إلحاقيتين لا يتطرق الخلل في حقيقة الكتاب، ومن نظر بالنظر الدقيق علم أن هاتين الفقرتين ليستا بلا فائدة فقط بل هما ثِقلان على متن الكتاب، سيما الفقرة الثانية لأن مصنفه موسى كان أو غيره لا يقول لفظ إلى هذا اليوم، فالأغلب أنه كان في الكتب بهذا القدر فياير بن مَنَساوَرِث كل أرض أرغوب إلى تخوم جاسور ومعكاتي، وسمى باسان باسمه جالوث ياير، ثم بعد قرون زيد هذا اللفظ في الحاشية ليُعلم أن الاسم الذي سماها ياير به هو اسمها إلى الآن، ثم انتقلت تلك العبارة عن الحاشية إلى المتن في النسخ المتأخرة، ومَنْ كان شاكاً في هذا الأمر فلينظر النسخ اليونانية يجد فيها أن الإلحاقات التي توجد في متن بعض النسخ هي توجد في النسخ الأخرى على الحاشية".
فاعترف أن هاتين الفقرتين لا يمكن أن تكونا من كلام موسى عليه السلام، وقوله: فالأغلب الخ يدل على أنه ليس عنده سَنَدُ هذا الأمر سوى زعمه، وعلى أن هذا الكتاب بعد القرون من تأليفه كان صالحاً لتحريف المحرفين، لأن هذا اللفظ بحسب اعترافه زيد بعد قورن، ومع ذلك صار جزءاً من الكتاب، وشاع في جميع النسخ المتأخرة وقوله: "لو فرضناهما إلحاقيتين لا يتطرق الخلل في حقية الكتاب" يدل على التعصب، وهو ظاهر، وقال الجامعون لتفسير هنري واسكات ذيل الفقرة الثانية: "الجملة الأخيرة إلحاقية ألحقها أحدٌ بعد موسى عليه السلام، ولو تركت لا يقع الفساد في المضمون" أقول: تخصيص الجملة الأخيرة لغوٌ لأن الفقرة الثانية كلها لا يمكن أن تكون من كلام موسى كما اعترف به هورن.
(تنبيه) بقي في الفقرة الثانية شيء آخر هو أن ياير ليس ابن منسا بل هو ابن ساغب كما هو مصرح في الآية الثامنة والعشرين من الباب الثاني من السفر الأول من أخبار الأيام.‏


(الشاهد الرابع) الآية الأربعون من الباب الثاني والثلاثون من سفر العدد: "فأما ياير بن منسا فعمد أخذ دساكرها ودعاها جالوت ياير التي هي قرى ياير" حال هذه الآية كحال آية سفر الاستثناء، وقد علمت في الشاهد الثالث وفي دكشنري (102) بيبل الذي طبع في أمريكا وإقليم الإنكليز والهند، وشرع في تأليفه كالمنت وكمله زابت وتيلر هكذا: "بعض الجمل التي توجد في كتب موسى تدل صراحة على أنها ليسَت من كلامه مثل الآية 40 من الباب 22 من سفر العدد، والآية 14 من الباب 2 من سفر الاستثناء، وكذلك بعض عبارات هذا الكتاب ليس على محاورة كلام موسى، ولا نقدر أن نقول جزماً إن أي شخص ألحق هذه الجمل والعبارات، لكن نقول بالظن الغالب أن عزرا النبي ألحقها كما ينبئ عنه الباب التاسع والعاشر من كتابه والباب الثامن من كتاب نحميا" فهؤلاء العلماء جزموا أن بعض الجمل والعبارات ليست من كلام موسى عليه السلام لكنهم ما قدروا أن يبينوا اسم الملحق على سبيل التعيين، بل نسبوا على سبيل الظن إلى عزرا عليه السلام، وهذا الظن ليس بشيء ولا يظهر من الأبواب المذكورة أن عزرا أَلحق شيئاً في التوراة لأنه يُفهم من باب كتاب عزرا أنه تأسف على أفعال بني إسرائيل واعترف بالذنوب، ويُفهم من باب كتاب نحميا أن عزرا قرأ التوراة عليهم.‏
(الشاهد الخامس) وقع في الآية الرابعة عشرة من الباب الثاني والعشرين من سفر الخليقة: "كما يقال في هذا اليوم في جبل اللّه يجب أن يتراءى الناس" ولم يطلق على هذا الجبل جبل اللّه إلا بعد بناء الهيكل الذي بناه سليمان عليه السلام بعد أربعمائة وخمسين 450 سنة من موت موسى عليه السلام، فحكم آدم كلارك في ديباجة تفسير كتاب عزرا بأن هذه الجملة إلحاقية ثم قال: "وهذا الجبل لم يطلق عليه ذلك الاسم ما لم بين عليه الهيكل".‏
(الشاهد السادس) الآية الثانية عشرة من الباب الثاني من سفر الاستثناء هكذا: "فأما من قبلُ الحواريون سكنوا ساعير، وبنو عيسو طردوهم وأهلكوهم وسكنوها كما فعل بنو إسرائيل بأرض ميراثهم التي وهبها لهم" فحكم آدم كلارك في ديباجة تفسير كتاب عزرا بأن هذه الآية إلحاقية وجعل هذا القول "كما فعل بنو إسرائيل" إلى آخره دليل الإلحاق.‏
(الشاهد السابع) الآية الحادية عشرة من الباب الثالث من سفر الاستثناء هكذا: "من أجل أنه عُوج وحده مَلِكُ باسان كان بقي من نسل الجبابرة هذا سريره من حديد، وهو في راباث بني عمون، طوله تسع أذرع وعرضه أربع أذرع على قياس ذراع اليد" قال آدم كلارك في ديباجة تفسير كتاب عزرا: المحاورة سيما العبارة الأخيرة تدل على أن هذه الآية كتبت بعد موت ذلك السلطان بمدة طويلة، وما كتبها موسى لأنه مات في مدة خمسة أشهر.‏
(الشاهد الثامن) الآية الثالثة من الباب الحادي والعشرين من سفر العدد هكذا: "فسمع اللّه دعاء آل إسرائيل، وسلم في أيديهم الكنعانيين فجعلوهم وقراهم صوافي وسمى ذلك الموضع حرماً" قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره في الصفحة 697: "إني أعلم أن هذه الآية ألحقت بعد موت يوشع عليه السلام، لأن جميع الكنعانيين لم يهلكوا إلى عهد موسى بل بعد موته".‏
(الشاهد التاسع) الآية الخامسة والثلاثون من الباب السادس عشر من سفر الخروج هكذا: "وبنو إسرائيل أكلوا المن أربعين سنة حتى أتوا إلى الأرض العامرة كانوا يأكلون هذا القوت إلى ما دَنَوْا من تخوم أرض كنعان" هذه الآية ليست من كلام موسى لأن اللّه ما أمسك المن من بني إسرائيل مدة حياته، وما دخلوا في أرض كنعان إلى هذه المدة. قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره في الصفحة 399: "ظن الناس من هذه الآية أن سفر الخروج كتب بعد ما أمسك اللّه المن من بني إسرائيل لكنه يمكن أن يكون عزرا ألحق هذه الألفاظ" انتهى كلامه. أقول: ظن الناس ظنٌ صحيح واحتمال المفسر المجرد عن الدليل في مثل هذه المواضع لا يُقْبل، والصحيح أن الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام ليست من تصنيفه كما أثبت هذا الأمر بالبراهين في الباب الأول.‏
(الشاهد العاشر) الآية الرابعة عشرة من الباب الحادي والعشرين من سفر العدد هكذا: "ولذلك يقال في سفر حروب الرب كما صنع في بحر سوف كذلك يصنع في أودية أرنون" هذه الآية لا يمكن أن تكون من كلام موسى بل تدل على أن مصنف سفر العدد ليس هو لأن هذا المصنف نقل ههنا الحال عن سِفْر حروب الرب، ولم يعلم إلى الآن جَزْماً أن مصنف هذا السفر أي شخص، ومتى كان وأين كان، وهذا السفر كالعنقاء عند أهل الكتاب سمعوا اسمه وما رأوه، ولا يوجد عندهم، وحكم آدم كلارك في ديباجة تفسير سِفْر الخليقة أن هذه الآية إلحاقية ثم قال: "الغالب أن لفظ سِفْر حروب الرب كان في الحاشية ثم دخل في المتن" فاعترف أن كتبهم كانت قابلة لأمثال هذه التحريفات فإن عبارة الحاشية دخلت في المتن على إقراره وشاعت في جميع النسخ.‏

(الشاهد الحادي عشر) وقع في الآية الثامنة عشرة من الباب الثالث عشر، وفي الآية السابعة والعشرين من الباب الخامس والثلاثين، وفي الآية الرابعة عشرة من الباب السابع والثلاثين من سفر الخليقة لفظ حَبْرون وهو اسم قرية كان اسمها في سالف الزمان (قرية رابع)، وبنو إسرائيل بعد ما فتحوا فلسطين في عهد يوشع عليه السلام غيّروا هذا الاسم إلى حبرون، كما هو المصرح في الباب الرابع عشر من كتاب يوشع، فهذه الآيات ليست من كلام موسى عليه السلام، بل من كلام شخص كان بعد هذا الفتح والتغيير، وكذلك وقع في الآية الرابعة عشرة من الباب الرابع عشر من سفر الخليقة لفظ (دان) وهو اسم بلدة عمّرت في عهد القضاة لأن بني إسرائيل بعد موت يوشع عليه السلام في عهد القضاة فتحوا بلدة ليث، وقتلوا أهلها وأحرقوا تلك البلدة وعمروا بدلها بلدة جديدة وسموها دان، كما هو مصرح في الباب الثامن عشر من كتاب القضاة، فلا تكون هذه الآية أيضاً من كلام موسى عليه السلام، قال هورن في تفسيره: "يمكن ان يكون موسى كتب قرية رابع وليث، لكن بعض الناقلين حرّف هذين اللفظين بحبرون ودان" فانظر أيها اللبيب إلى أعذار هؤلاء أولي الأيدي والأبصار كيف يتمسكون بهذه الأعذار الضعيفة، وكيف يقرُّون بالتحريف وكيف يلزم عليهم الاعتراف بكون كبتهم قابلة للتحريف.‏
(الشاهد الثاني عشر) وقع في الآية السابعة من الباب الثالث عشر من سفر الخليقة هذه الجملة: "والكنعانيون والغرزيون حينئذ مقيمون في البلد" ووقع في الآية السادسة من الباب الثاني عشر من سفر الخليقة هذه الجملة: "والكنعانيون حينئذ في البلد" فالجملتان المذكورتان تدلان على أن الآيتين المذكورتين ليستا من كلام موسى عليه السلام، ومفسروهم يعترفون بالإلحاق، في تفسير هنري واسكات: "هذه الجملة والكنعانيون حينئذ في البلد وكذا الجمل الأخر في مواضع شتى ملحقة لأجل الربط ألحقها عِزرا أو شخصٌ إلهامي آخر في وقت جمع الكتب المقدسة" فاعترفوا بإلحاق الجمل، وقولهم ألحقها عزرا أو شخص آخر إلهامي غير مُسلم إذ ليس عليه دليل سوى ظنهم.‏
(الشاهد الثالث عشر) قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره في أول الباب الأول من سِفْر الاستثناء في الصفحة 749: "الآيات الخمس من أول هذا الباب بمنزلة المقدمة لباقي الكتاب وليست من كلام موسى عليه السلام والأغلب ان يوشع أو عزرا ألحقها" فاعترف بكون الآيات الخمسة ملحقة، وأسند بمجرد زعمه بلا دليل إلى يوشع أو عزرا وزعمه المجرد لا يكفي.‏
(الشاهد الرابع عشر) الباب الرابع والثلاثون من سفر الاستثناء ليس من كلام موسى عليه السلام، قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره: "تم كلام موسى على الباب السابق، وهذا الباب ليس من كلامه، ولا يجوز أن يقال إن موسى عليه السلام كتب هذا الباب أيضاً بالإلهام، لأن هذا الاحتمال بعيد من الصدق والحسن، ويجعل المطلب كله لغواً لأن روح القدس إذا ألهم الكتاب اللاحق لشخص يَلهم هذا الباب أيضاً لهذا الشخص، وإني أجزم بأن هذا الباب كان باباً أولَ لكتاب يوشع عليه السلام، والحاشية التي كتبها بعض الأذكياء من أحبار اليهود على هذا الموضع مرضية قابلة للقبول، قال: إن أكثر المفسرين قالوا إن سفر الاستثناء تم على الدعاء الإلهامي الذي دعا به موسى عليه السلام لاثني عشر سبطاً على هذه الفقرة "فطوباك يا نسل إسرائيل ليس مثلك شعب مُغاث باللّه" إلى آخرها، وإن هذا الباب كتبه المشايخ السبعون بعد مدة من موت موسى، وكان هذا الباب أول أبواب كتاب يوشع، لكنه انتقل من ذلك الموضع إلى هذا الموضع" انتهى كلامه. فاليهود والمسيحيون متفقون على أن هذا الباب ليس من كلام موسى عليه السلام بل هو إلحاقي، وما قال إني أجزم بأن هذا الباب كان أول أبواب كتاب يوشع، وكذا ما نقل عن اليهود من أن هذا الباب كتبه المشايخ السبعون إلى آخره بدليل وسند، ولذلك قال جامعو تفسير هنري واسكات: "تم كلام موسى على الباب السابق، وهذا الباب من الملحقات، والملحِق إمّا يوشع أو صموئيل أو عِزرا أو نبي آخر من الأنبياء بعدهم لا يُعْلم بالجزم، ولعل الآيات الأخيرة ألحقت بعد زمان أُطلق فيه بنو إسرائيل من أسر بابل" انتهى ما قالوا، ومثله في تفسيره والى ورجرد مينت، فانظر إلى قول هؤلاء "أعني الملحِق إما يوشع" إلى آخر العبارة كيف يشكُّون ولا يجزمون، وأين قولهم من قول اليهود؟، وقولهم أو نبي آخر من الأنبياء بعدهم بلا دليل أيضاً. اعلم إنما قلت في الآيات التي نقلتها من الشاهد الثاني إلى ههنا أنها شواهد التحريف بالزيادة من زيادة الآيات أو الجمل أو الألفاظ فمبنيٌ على تسليم ما يدعي أهل الكتاب الآن أن هذه الكتب الخمسة المروّجة تصنيف موسى عليه السلام، وإلا فهذه الآيات دلائل على أن هذه الكتب ليست من تصنيفه، ونسبتها إليه غلط كما هو المختار عند علماء الإسلام، وقد عرفت في الشاهد التاسع أن الناس من أهل الكتاب أيضاً قد استدلوا ببعض هذه الآيات على مثل ما قلنا، وما يدعي علماء البروتستنت من أن نبياً من الأنبياء ألحق هذه الآيات والجمل والألفاظ خاصة غير مسموع ما لم يبرهنوا عليه، وما لم يوردوا سنداً ينتهي إلى النبي المعين الملحِق وأنى لهم ذلك؟.‏
(الشاهد الخامس عشر) نقل آدم كلارك في الصفحة 779 و 780 من المجلد الأول من تفسيره في شرح الباب العاشر من كتاب الاستثناء تقرير (كني كات) في غاية الإطناب وخلاصته: "أن عبارة المتن السامري صحيحة، وعبارة العبري غلط، وأربع آيات ما بين الآية الخامسة والعاشرة أعني من الآية السادسة إلى التاسعة ههنا أجنبية محضة لو أسقطت ارتبط جميع العبارة ارتباطاً حسناً، فهذه الآيات الأربع كتبت من غلط الكاتب ههنا وكانت من الباب الثاني من كتاب الاستثناء" وبعد نقل هذا التقرير أظهر رضاه عليه وقال "لا يعجل في إنكار هذا التقرير".‏
(الشاهد السادس عشر) الآية الثانية من الباب الثالث والعشرين من كتاب الاستثناء هكذا: "ومن تولد من الزنا لا يدخل جماعةَ الرب حتى يمضي عليه عشرة أعقاب" فهذا الحكم لا يمكن أن يكون من جانب اللّه، وما كتبه موسى عليه السلام، وإلا يلزم أن لا يدخل داود عليه السلام ولا آباؤه إلى فارض في جماعة الرب، لأن داود عليه السلام بطن عاشر من فارض كما يفهم من الباب الأول من إنجيل متى، وفارض ولد الزنا كما هو مصرح في الباب الثامن والثلاثين من سفر الخليقة، وهارسلي المفسر حكم بأن هذه الألفاظ "حتى يمضي عليه عشرة أعقاب" إلحاقية.‏
(الشاهد السابع عشر) قال جامعو تفسير هنري واسكات ذيل الآية التاسعة من الباب الرابع من كتاب يوشع: "هذه الجملة هي إلى هذا اليوم هناك، وأمثالها وقعت في أكثر كتب العهد العتيق والأغلب أنها إلحاقية" فحكموا بإلحاق هذه الجملة، وإلحاق كل جملة يكون مثلها في العهد العتيق، فاعترفوا بالإلحاق في المواضع الكثيرة، لأن أمثالها توجد في كتاب يوشع في الآية التاسعة من الباب الخامس، وفي الآية الثامنة والعشرين، والتاسعة والعشرين من الباب الثامن، وفي الآية السابعة والعشرين من الباب العاشر، وفي الآية الثالثة عشرة من الباب الثالث عشر، وفي الآية الرابعة عشرة من الباب الرابع عشر، وفي الآية الثالثة والستين من الباب الخامس عشر، وفي الآية العاشرة من الباب السادس عشر، ففي ثمانية مواضع أخرى من هذا الكتاب لزم اعترافهم بإلحاق الجمل المذكورة، ولو نقلنا عن سائر كتب العهد العتيق يطول الأمر جداً.‏
(الشاهد الثامن عشر) الآية الثالثة عشرة من الباب العاشر من كتاب يوشع هكذا: "فتوقفت الشمس وقام القمر إلى أن انتقم القوم من عدوهم، أليس هذا مكتوباً في سفر اليسير" وَوُجِد في بعض التراجم "سفر ياصار" وفي البعض "سفر ياشر" فعلى كل تقدير لا تكون هذه الآية من كلام يوشع لأن هذا الأمر مقول من السفر المذكور، ولم يعلم إلى هذا الحين أن مصنفه مَتَى كان، ومَتَى صنّف، إلا أنه يظهر من الآية الثامنة عشرة من الباب الأول من سفر صموئيل الثاني أنه يكون معاصراً لداود عليه السلام أو بعده، واعترف جامعو تفسير هنري واسكات ذيل الآية الثالثة والستين من الباب الخامس عشر: "بأنه يُعلم من هذه الفقرة أن كتاب يوشع كتب قبل العام السابع من سلطنة داود عليه السلام" وولد داود عليه السلام بعد ثلثمائة وثمان وخمسين سنة من موت يوشع عليه السلام على ما هو مصرح في كتب التواريخ التي هي من تصنيفات علماء البروتستنت، والآية الخامسة عشرة من الباب العاشر المذكور على إقرار محققيهم زيدت تحريفاً في المتن العبري، ولا توجد في الترجمة اليونانية، قال المفسر هارسيلي في الصفحة 260 من الملجد الأول من تفسيره: "فلتسقط هذه الآية على وَفْق الترجمة اليونانية".‏
(الشاهد التاسع عشر) قال المفسر هارسلي: "إن الآية السابعة والثامنة من الباب الثالث عشر غلطان".‏
(الشاهد العشرون) وقع في بيان ميراث بني جاد في الآية الخامسة والعشرون من الباب الثالث عشر من كتاب يوشع هذه العبارة: "ونصف الأرض من بني عمون إلى عراوعير التي هي في محاذاة ديا" وهي غلط ومحرفة، لأن موسى عليه السلام ما أعطى بني جاد شيئاً من أرض بني عمون لأن اللّه تعالى كان نهاه كما هو مصرح في الباب الثاني من كتاب الاستثناء، ولما كانت غلطاً محرفة اضطر المفسر هارسلي فقال "المتن العبري ههنا محرف".‏
(الشاهد الحادي والعشرون) في الآية الرابعة والثلاثين من الباب التاسع عشر من كتاب يوشع وقعت هذه الجملة "واتصل بميراث بني يهودا في جانب المشرق من الأردن" وهذه غلط لأن أرض بني يهودا كانت بعيدة جداً في جانب الجنوب، ولذا قال آدم كلارك: "الأغلب أنه وقع تحريف ما في ألفاظ المتن".‏

الشاهد الثاني والعشرون) قال جامعو تفسير هنري واسكات في شرح الباب الأخير من كتاب يوشع: "إن الآيات الخمس الأخيرة يقيناً ليست من كلام يوشع، بل ألحقها فينحاس أو صموئيل، وكان مثل هذا الإلحاق رائجاً كثيراً بين القدماء" فالآيات الخمس إلحاقية عندهم يقيناً، وما قالوا إن ملحقها فينحاس أو صموئيل غير مسلم إذ لا سند له ولا دليلَ، وما قالوا مثل هذا الإلحاق بين القدماء كان رائجاً كثيراً. أقول: هذا الرواج أيضاً فتح عليهم باب التحريف، لأنه لما لم يكن معيباً كان لكل أن يزيد شيئاً فوقعت التحريفات العديدة، وشاع أكثرُها في جميع نسخ الكتاب المحرّف فيه.‏
(الشاهد الثالث والعشرون) قال المفسر هارسلي في الصفحة 283 من المجلد الأول من تفسيره إن ست أيات من الباب الأول من كتاب القضاة من الآية العاشرة إلى الخامسة عشرة إلحاقية.‏
(الشاهد الرابع والعشرون) وقع في الآية السابعة من الباب السابع عشر من كتاب القضاة في بيان حال رجل كان من بني يهودا هذه الجملة: "وكان لاويا" ولما كانت غلطاً قال المفسر هارسلي: "هذه غلط لأنه لا يمكن أن يكون رجل من بني يهودا لاَوِيَّا، وهيوبي كينت بعد ما فهم أنها إلحاقية أخرجها من المتن".‏
(الشاهد الخامس والعشرون) الآية التاسعة عشرة من الباب السادس من سفر صموئيل الأول هكذا: "وأهلك الرب أهل بيت الشمس، لأنهم فتحوا صندوق الرب ورأوه فأهلك منهم خم
01-20-2005, 04:57 AM
إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS