{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الأسطورة .. بشكل عام
منى كريم غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 621
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #1
الأسطورة .. بشكل عام


الأسطورة .. بشكل عام .

الأسطورة حقل معرفي

إن الأسطورة حقل غامض من حقول المعرفة ، حيث يرى القارئ المعاصر أنها أمر مستحيل في نظره فالآلهة نساء و الأبطال ذوي أعمال خارقة .
دخولاً في هذا الأساس سأتكلم في موضوعي متطرقة للأساطير المتداولة الآن في أكثر الكتب و المراجع .


ما هي الأسطورة ؟

" أنني أعرف جيداً ما هي الأسطورة ، بشرط ألا يسألني أحداً عنها ، و لكن إذا ما سئلت ، و أردت الجواب ، فسوف يعتريني التلكؤ " أوغسطين (1)

إن مفهوم الأسطورة متشابك جداً حيث يختلف رأي الأديب عن العالم ، إن الأسطورة ليست سوى علم بدائي ، أو تاريخ أولي ، أو تجسيد غير واعي ، أو أي تغيير آخر في هذا المنحى .
و لما كان الناس لا يقتنعون برأي مالينوسكي بأن الأساطير تعني ما هي عليه ، فأنهم قاموا بالبحث لها عن أصول و أسباب لحدوثها ، و لكن الحقيقة تختلف عن ذلك ، فالأسطورة تخفي معنى " حقيقي " في أعماقها . كما أنه من غير المستبعد أيضاً أن تكون الأسطورة أُلفت لمغزاها و عبرتها و ليس لخرافتها أي ( الغاية تبرر الوسيلة ) .
إن الأسطوريين كالمفسرين ( الباونديين ) يشعرون بالارتياح عند تفسير المبهم الغامض بناء على تجاهلهم مسألة أن " الأسطورة استثارة للعجب " ، و لقد شملت الأسطورة مواضيع كالكلاسيكيات و الأنثربولوجي ، الفلكلور ، تاريخ الأديان ، علم اللغات ، علم النفس ، تاريخ الفن . و لنتذكر أن معظم الأساطير أثرت على النتاج الإبداعي للبشر ، فهل تخلو قصائد أوفيد و السياب من الأساطير السومرية ؟ .

يقول سيموندز : " الأسطورة دائمة المطاطية " ، فيقول عنها فولتير : " إنما يقوم بدراسة الأساطير الحمقى ، إن أي امرئ يبحث دراسة الأساطير ، كما أفعل أنا هنا ، ينبغي أن يرتعد من معرفته المؤهلات الدقيقة التي يجب أن يوظفها في هذه المهمة " .
و بالرغم من أن هناك الكثيرين من وضعوا تعريف عملي للأسطورة كـ ( وايت ) فقد قام بوضع تعريفات لبعض المصطلحات الأسطورية لفائدة نقاد الأدب ، رغم أن نقاد الأدب لا يقبلون هذه التعريفات حيث يرفضون أن تستقطب مصطلحاتهم في بضعة مواضيع ثانوية .


أول النماذج الأسطورية ( الأسطورة اليوهيمرية ) .

في القرن الرابع قبل الميلاد كتب رجل صقلي اسمه ( يوهيميروس ) كتاب بعنوان ( التاريخ المقدس ) ، يتكلم فيها عن رحلة خيالية إلى جزيرة اسمها ( بانكائي ) في المحيط الهندي . فوجد في هذه الجزيرة كتابات تدل على أن ( زوس )(2) ولد في جزيرة ( كريت ) ثم رحل إلى الشرق ، فنصب هناك إلها ثم عاد لوطنه كي يموت . هذا الكتاب - التاريخ المقدس - يعتبر من الإرث المفقود . و قد قيل عن هذا الكتاب أن كاتبه قد يكون يستهزئ بالاسكندر الأكبر على تجربته في الهند ، و يهزئ منه في تأليهه لنفسه لأهداف سياسية . كما يعتبر هذا الكتاب ( أول عمل إلحادي في العالم ) كما قال عنه بلوتارك (3) ، فهذا الكاتب الساخر يعتبر بكتابه الرجل الذي بفضله هدمت الوثنية و وضع الأساس الأول لعلم الإنسان الحديث .
و قد كشف يوهيميروس عن أن كبير الآلهة الوثنيين كان كائناً بشرياً !! ، فأطلق " بول " عليها ( اليوهيميرية العكسية ) ، كما أن كليمنت الأسكندراني بناء على شهادة يوهيميروس يقول في " رسالة إلى وثني " : ( إن الآلهة التي تعبدونها كانت بشراً ذات يوم ) .
و قد كان نزوع كليمنت الشديد إلى الأعتقاد بأن جميع الآلهة الوثنيين قد بعثوا مجددا بهذه الطريقة و قد روع المسيحيون الأولون بالطبع من طبيعة الأديان الوثنية المشركة . كان كبير آلهتهم يمقت التكتلات . ( ليس لكم أن تتخذوا إلها قبلي ) هكذا يصدر أمره ، طالبا ًمن أتباعه أن يقتلوا أقرب المقربين إليهم ممن يعبدون آلهة غريبة (4) ، و ثمة فقرة في أسقاء (5) ، تنبه إلى مدى السهولة المرعبة في إمكان ارتكاب الزنا الروحي بنية حسنة فضلى . ولعل هذا هو ما دفع دعاة الاصلاح ، في تنقيبهم عن الدعوة ضد الدجل الكاثوليكي الفاضح ، على الإستفادة من اليوهيميرية لاتهام الكاثوليكية بتحديث الوثنية .


الأساطير السومرية
( كأول حضارة على مر التاريخ )

في بلاد سومر تعددت الآلهة لدرجة أن أصبح لكل شيء إله و لكل ولاية آلهة . فمثلاً لهم آلهة الأرض ( انيني العذراء ) ، إله الشفع ( ننكرساج ) ، إله الرب و رب الفيضانات ( تنجرسو ) ، إله الزرع ( تموز أو أبو ) ، إله القمر ( سـِـن ) ، .. .
و كانوا يعتقدون أن السماء ممتلئة بالملائكة و الأرواح و الشياطين ، كما أنهم كانوا يتقربون من المعابد الممتلئة بالآلهة عن طريق الأزواج و الطعام و المال .
و تصف إحدى الأساطير السومرية كيف علمت آلهة الحكمة آداب الحكمة لإريدو جميع العلوم ، و لم تخف عنه من أسرارها إلا سراً واحداً - هو سر الحياة الأبدية التي لا تنتهي بالموت . و تقول أسطورة أخرى أن الآلهة خلقت الإنسان منعما سعيدا ، لكنه أذنب و ارتكب الخطايا بإرادته الحرة ، فأرسل عليه طوفان عظيم عقاباً له على فعله ، فأهلك الناس كافة و لم ينج منه إلا رجل واحد هو تجتوج الحائك ، و إن تجتوج هذا خسر الحياة الخالدة لأنه أكل فاكهة شجرة محرمة .

- قناعة البشر( أبناء أرض سومر ) بالأسطورة الإلهية.

أما بالنسبة بقناعة البشر ( أبناء أرض سومر ) بالأسطورة الإلهية فقد كانوا بكامل الإيمان بها و دون أي احتجاج ، و لكن عندما زاد الأمر بالنسبة للكهنة الذين يتحدثون باسم الإله فيقومون بطلب المزيد من المال و الطعام .. ، ثار بعض الأشخاص مثل أورو كاجينا و لوثر من بعده ، فأخذوا ينددون بنهمهم و جشعهم ، و يتهمونهم بالرشوة في توزيع العدالة ، و بأنهم يتخذون الضرائب وسيلة يبتزون بها الزراع و الصيادين ثمرة كدهم ..

و هذا النص التالي دعاء تضرع به الملك جوديا للآلهة " بو " و يقول فيه :
ملكتي ، أيتها الأم التي شيدت لكش
إن الذين تلحظينهم بعينيك ينالون العزة و السلطان ،
و العابد الذي تنظرين إليه تطول حياته ،
أنا ليس لي أم – فأنت أمي ،
و ليس لي أب – فأنت أبي ...،
إن عندك علم الخير ،
أنت التي وهبتني أنفاس الحياة ،
و سأقيم في كنفك أعظمك و أمجدك ،
و أحتمي بحماك يا أماه .

نماذج من تأثر الأدب بالأسطورة السومرية :
- نموذج من الشاعر الروماني أوفيد (6) ( ق . م - م ) :
" كنت أنا من اصطفته فينوس وصياً على الفتى الغض كيوبيد رب الهوى ،
و نصبتني لهذا الفن أستاذاً .
و إذا كان تيفيس للسفن رباناً ، فأنا ربان الهوى .
و إذا كان أوتوميدون للمركبات قائداً ، فأنا قائد قافلة الهوى " .


أسطورة قصة الخلق عند السومريين :

إن أسطورة الخلق هي مثال جيد على الخيال الأسطوري السومري و واحدة من أطول القصائد القصصية السومرية الموجودة . إذ يتكون النص فيها من 466 سطراً حفظ منها 375 سطراً بشكل كامل أو جزئي . يبدأ الشاعر بترتيلة يحمد فيها الإله انكي باعتباره الإله الذي يراقب الكون و الموكل بأمور الخصب و تكاثر الأغنام و الماشية . ثم يلي ذلك أنشودة في تمجيد الذات قيلت على لسان انكي نفسه توضح علاقته بالآلهة العظيمة الأخرى في سومر مثل آنو و انليل و ننتو . يتبعها أنشودة أخرى في تمجيد الذات أيضاً يمتدح فيها انكي قدرة كلمته على نشر أسباب الخير و الرخاء في البلاد و يشير فيها أيضاً بعظمة معبده المسمى " ابزو " ثم يصف رحلته الممتعة في أهوار سومر في قاربه " ماركور " الذي اسماه " وعل ابزو " ، و هي رحلة نتج عنها أن قامت بلدان مكان " عمان " و دلمون " البحرين " و ملوخا " الهند " بإرسال السفن المحملة بالبضائع للإله السومري انليل في نفر و بعد ثغرة في النص نجد الإله انكي في قاربه مرة أخرى و هو يقوم بنشر أسباب الخير في الكون ( و بتقرير المصائر ) للبلدان ابتداء وقبل كل شيء ببلاد سومر فرفع من قدرها باعتبارها أرضاً مختارة مقدسة ذات نواميس إلهية لا تمس و هي بلاد اتخذ الآلهة مساكن فيها . ثم بارك انكي أسرابها و قطعانها و معابدها و مزاراتها . و بعد أن ينتهي من سومر ينتقل الإله انكي إلى مدينة أور فيسبغ عليها نعمه و خيراته ثم يتوجه إلى الجنوب نحو ملوخا و دلمون و يفعل الشيء نفسه من أجلها . لكنه على النقيض من ذلك ينزل لبلاد سومر . أما في الغرب و هي المنطقة التي عرفها السومريون باسم " مارتو " فيقدم الإله انكي إلى سكانها البدو هدية مناسبة هي الماشية .
بعد أن فرغ انكي من تقرير المصائر لسومر و البلدان المجاورة لها ينصرف إلى انجاز سلسلة من الأعمال الحيوية للأرض و خصوبتها و قدرتها على الإنتاج . فملا النهرين العظيمين دجلة و الفرات بالمياه العذبة و أوكل مهمة الإشراف عليها إلى الإله ENBILULU و ملأ الأهوار بالأسماك و البردي و عين عليها إلها قال عنه الشاعر السومري ، أنه " كان يحب السمك " . ثم اتجه انكي بعد ذلك إلى البحر حيث أقام له معبداً هناك اسماه " ابسو أو ابزو " ( بمعنى مياه العمق ) . و نصب الآلهة نانشة مشرفة عليه . و أخيراً دعا الإله انكي المطر لينهمر على الأرض و أوكل مهمة الإشراف عليه و تنظيمه إلى أشكور إله العواصف .
ثم تذكر الأسطورة أن الإله انكي توجه بعد ذلك لتفقد احتياجات الأرض فأولى عناية خاصة بالمحراث و الفدان و الحقل الممهد المنظم و يخلق الحبوب و الخضروات على اختلاف أنواعها و أصنافها و أنه نصب الإله اشكان مشرفا عليها . ثم أوجد المعول و قال الآجر و جعل الإله kulla مشرفاً عليهما . و أخيراً فإنه أرسى الأسس وصف الآجر و بنى البيت و جعلها تحت إشراف إله البناء mushadamma . ثم توجه الإله انكي إلى السهول العالية فغطاها بالنباتات و ضاعف ماشيتها و نصب الإله سمو كان مشرفاً عليها . و وضع مرابط الغنم و حظائرها و أمدها بالسمن و اللبن وأقام عليها الإله دموزي . ثم قام بعد ذلك بتحديد حدود المدن و البلدان بأحجار خاصة مميزة و عهد مهمة تنظيم إلى الشمس أوتو . و أخيرا فإنه جعل فن الحياكة من نصيب المرأة و نصب آلهة النسيج UTTU مسئولة عن تلك الحرفة .

أسطورة قصة الطوفان عند السومريين :

قصة الطوفان السومرية تقول : خلق الإله الكبير البشر و عين آنو و انليل و ننخرساك آلهة ( مجلس الشيوخ ) و لما أرادت الآلهة للبشر الهلاك بالطوفان و تحسر كل إله على شعبه - كعشتار – شكى أحد الآلهة المتحسر على الإنسان للجدار كاشفاً ما يدور بين الآلهة عن الطوفان و الذي يجهله البشر و حينها كان هناك الملك زيوسدرا الذي سمع كل شيء و قام بصنع قارب له و لأهله يحميه في الطوفان و لما أتى الطوفان هلك كل شيء على الأرض و بقى القارب وحده يترنح و لما دخلت أشعة الشمس للسفينة ركع زيوسدرا لإله الشمس و رجاه أن يتوسط له عند الآلهة ليشفعوا له و يبقى و قد حدث ذلك فعلا كما قد وهبته الآلهة سر البقاء الأبدي و الحياة الأزلية .



الأسطورة الفرعونية
( كثاني حضارة على مر التاريخ )

صحيح أن العهد الفرعوني يحمل الكثير من الأساطير عن الآلهة و الفراعنة ، و لكن لقلتها - حيث لم يكتشف منها غير القليل – سأذكر لكم إحدى الأساطير الخيالية أو بالأخرى هي أسطورة قصة خيالية ألا وهي قصة أنوبو و بيتيو و تقول هذه القصة : ( أنوبو و بيتيو أخوان ظلا يعيشان عيشة راضية سعيدة في مزرعة لهما حتى هامت زوجة أنوبو بحب بيتيو ، فردها عن نفسه ، فانتقمت منه بأن وشت به إلى أخيه و اتهمته بأنه أراد بها سوءا . و جاءت الآلهة و التماسيح لتعيين بيتيو على أنوبو و لكن بيتيو ينفر من بني البشر و يضيق بهم ذرعا و يبتر نفسه ليبرهن ذلك على براءته ، و يعتزل العالم إلى الغابات كما فعل تيمن الأثيني (7) فيما بعد . و يعلق قلبه في أعلى زهرة في شجرة لا يستطيع الوصول إليها أحد . و تشفق عليه الآلهة في وحدته فتخلق له زوجة رائعة الجمال يشغف النيل بحبها لفرط جمالها ، و يختلس غديرة من شعرها . و تحمل مياه النهر هذه الغديرة فيعثر عليها الملك ، فيسكره عطرها ، و يأمر أتباعه بالبحث عن صاحبتها . و يعثر هؤلاء عليها و يأتون بها ، و يتزوجها ، و تدب في قلبه الغيرة من بيتيو فيرسل رجاله ليقطعوا الشجرة التي علق عليها بيتيو قلبه ، و يقطعها هؤلاء و لا تكاد الزهرة تلمس الأرض حتى يموت بيتيو ) . ألا ما أقل الفرق بين أذواقنا و أذواق من سبقونا من الخلق !! .





الأسطورة البابلية

إن الحضارة البابلية هي أكثر الحضارات المزدهرة بالأساطير في نظري و خاصة تلك الأساطير التي تتعلق بآلهة بابل التي يبلغ عددها 65,005 إله !! . كما أن هذه الآلهة في الغالب ما تكون امتدادا لآلهة السومريين ، لذلك اخترت الآلهة عشتار نموذجا للإله الأسطورة :

عشتار ( الآلهة) :
لأن عشتار - و لها مسميات أخرى كعشتروت اليهود و إستارثى و افرديتي اليونان و فينوس سومر و إيزيس مصر ، فكل مسمى يرمز لعشتار بالنسبة لأمة من الأمم - أكثر الإلهات ذكرا و تأثيراً فأني سأذكرها كنموذج الإله المكسورة ( كامرأة ) .
عشتار إله للخصب و الحرب و الجمال و الازدهار و الحب و الربيع و الرحمة و الأمومة و إله العاهرات و الأمهات ، و هي العذراء المقدسة و الأم العذراء . لقد عرضت عشتار بكل عظمتها الزواج على جلجامش ، لكنه رفض بحجة أنه لا يثق به ، أليست هي التي أغوت أسداً ، ثم قتلته ؟

و قصة عشتار و تموز – أو كما تقول الأسطورة السومرية فينوس و أدونيس – حيث تقول الحكاية أن تموز و هو إبن الإله العظيم " إي " كان يرعى غنما تحت الشجرة العظيمة إريد ( التي تغطي الأرض كلها بظلها ) و بينما هو يرعاها إذ شغفت بحبه عشتار و أختارته زوجا لها في شبابه ، و لكن خنزيرا بريا قتل تموز فهوى تموز ككل الموتى للـ أرالو ( الجحيم ) و حيث كان الجحيم تحت حكم إرشكجال ( أخت عشتار ) التي تغار منها . فتحزن عشتار ثم تعتزم الذهاب للجحيم لتعيد الحياة لتموز ، وذلك بغسل جروحه في مياه إحدى العيون الشافية . و عندما تقف عند باب الجحيم تطلب الدخول ، و كما هو القرار القديم الذي ينص بأن لا أحد يدخل الجحيم إلا العراة ، قامت عشتار بخلع شيء مما تلبسه كلما دخلت من بوابة ، ولكن عندما رأتها ارشكجال غضبت و أمرت نمتار بحبس عشتار و تسليط كل الأمراض عليها . و بينما عشتار في الجحيم أسيرة يتوقف كل شيء على الأرض فتحس الآلهة بهذا الأمر ، فتأمر ارشكجال بإطلاق سراح عشتار فتخضع للأمر لكن عشتار ترفض الخروج دون حبيبها تموز ، فيجاب طلبها ، وتعود عشتار للأرض فتعود الأرض إلى ما كانت عليه .

إن لعشتار تجليات مرهفة تكاد تمزقك ، تسابيح كتبها أهل بابل بعشتار الإله الذي لا يفوقها إله ، لذلك سأعرض لكم فقرة من تلك التسابيح :
" أتوسل إليك يا ربة الربات يا سيدة السيدات يا عشتار يا ملكة المدائن و هادية الرجال . أنت نور الدنيا ، أنت نور السماء ، يا إبنة سـِـن العظيم ( إله القمر ) … ألا ما أعظم قدرتك ، و ما أعظم مقامك فوق الآلهة أجمعين . أنت تحكمين و حكمك عادل . و إليك تخضع قوانين الأرض و السماء . و قوانين الهياكل و الأضرحة ، و قوانين المساكن الخاصة و الغرف الخفية . أين المكان الذي لا يذكر فيه اسمك ؟ و أين البقعة التي لا تعرف فيها أوامرك ؟ إذا ذكر اسمك اهتزت لذكره الأرض و السماء ، و ارتجفت له الآلهة أنك تنظرين إلى المظلومين ، و تنصفين في كل يوم المهانين المحقرين إلى متى يا ملكة السماء و الأرض ، إلى متى ؟ إلى متى يا راعية الرجال الشاحبي الوجوه تتمهلين ؟ إلى متى أيتها الملكة التي لا تكل قدماها ، و التي تسرع ركبتاها ؟ إلى متى يا سيدة الجيوش ، يا سيدة الوقائع الحربية ؟ يا عظيمة ، يا من تهابك كل أرواح السماء و يا من تخضعين كل الآلهة الغضاب ، و يا قوية فوق كل الحكام ، و يا من تمسكين بأعنة الملوك ؟ يا فاتحة أرحام جميع الأمهات ، ما أجل سناك ! يا نور السماء البراق ، يا نور العالم ، يا من تضيئين كل الأماكن التي يسكنها الإنسان ، يا من تجمعين جيوش الأمم يا آلهة الرجال ، و يا ربة النساء ، إن مشورتك فوق متناول العقول ، حيث تتطلعين تعود الحياة إلى الموتى ، و يقوم المرضى و يمشون ، و يشفى عقل المريض إذا نظر إلى وجهك ، إلى متى ، أيتها السيدة ، ينتصر علي عدوي ؟ فأمري ، فمتى أمرت ارتد الإله الغضوب " .

صديقتي ،
لننشد القصيد على سفينة بارمينيدس ،
فأنا أريد مدينة تحتضنني بصمت ،
ربما سوف أمضي إلى ارض اوفيد لأزور آلهتهم
و اغني لديونسوس إله الخمر ،
فلم تعد طلاسمي توقف حب عشتار لأدونيس
لقد أحيته من جديد ونسيت أن تزرع التربة .
***
عشتار بعد أن أحييتِ غيري
سوف أنكر انك كنتِ ذات يوم
آلهة للخصب و الحب و الجمال و الحرب
ارحلي من بلاد النهرين
و لا تأخذي معك رائحة الأرض .
***
عشتروت ..
اعلم أنني سوف اغرق بطوفان الخطيئة مع الآثمين !
و لكن ربما سنلتقي في النهاية
بمدينة ٍ تحتضننا بصمت
على ألحان اراتو ربة الشعر الغنائي حاملة الغيثارة ،
و تغفري لي
عندما أقدم لك نبيذ و سجائر و جسد من مرمر ؟! .(8)


قصة الخلق عند البابليين :

تعتبر أسطورة الخليقة البابلية المعروفة بفاتحتها اينوما – ايليش ( عندما في العلا ) من أهم المؤلفات الشعرية التي عرضت تفصيلاً لمسألة خلق الكون حسب المعتقدات الدينية لسكان وادي الرافدين . و قد اصطلح المعنيون بالدراسات المسمارية على تسميتها بأسماء أخرى مشابهة تقريباً مثل " قصة الخليقة " و " ملحمة الخليقة " و " ألواح الخليقة السبعة " .
كتبت أسطورة الخليقة البابلية شعراً على سبعة ألواح و يروي مجموع أبياتها 900 بيت ( سطر ) دون احتساب الأجزاء المفقودة من اللوح الخامس . و لذلك يمكن القول أن القصيدة بشكلها الكامل كانت تناهز ألف بيت شعر . و نظراً لأهميتها من الوجهة الدينية ، باعتبارها تتضمن الأفكار و المعتقدات الأساسية الخاصة بخلق الكون و الإنسان في بلاد وادي الرافدين . فقد كانت القصيدة تنشد ، و ربما يجري تمثيل أحداثها أيضاً ، في عيد رأس السنة البابلية وهي عيد اكيتو . و بالرغم من هذه الأهمية التي تمثلها أسطورة الخليقة البابلية ، إلا أنها كقصيدة لا ترقى في أسلوبها و في صورها إلى مستوى قصائد بابلية أخرى نخص بالذكر منها ملحمة جلجامش . و لا يعرف على وجه اليقين الزمن الذي ألفت فيه هذه القصيدة لأول مرة ، و لكن المتفق عليه بين الباحثين أن آخر جمع و تأليف لها حدث في أواخر العصر البابلي ( 1500 –1400 ق . م ، أي ربما في العصر الكشي ) علماً بأن القصيدة تستمد كثيراً من الآلهة و خلق الكون و الإنسان من أطول سومرية تعود إلى زمن أقدم من هذا التاريخ بعدة قرون . و يشخص بدور البطل في أسطورة الخليقة البابلية الإله مردوخ كبير الآلهة بابل ، أما الآشوريون فأنهم جعلوا من إلههم القومي آشور بطلاً لهذه الأسطورة .
تقول الأسطورة أن الكونية بدأت من أبسو ( مياه العمق ، العذبة ) و زوجته تيامة ( المياه المالحة – البحر ) و نتيجة بالامتزاج بينهما خرجت الكثير من الآلهة كلخمو و لخامو ثم انسار و كيشار . إلى أن بلغوا 65,005 إله . ملئوا الكون لدرجة أن جدهم أبيسو لم يستطع أن يشعر من ضجتهم بالنوم و الراحة . فقام الجد وفقا لخطة ممو وزيره بالعزم على قتلهم ، و عندما علم أحفاده الآلهة بذلك استشاروا ايا ( انكى السومري ) إله المعرفة و الحكمة ، فقال لهم : شلوا حركة أبسو ثم أقتلوه ففعلوا ما قاله و ارتاحوا ، و عندما علمت تيامة بمقتل زوجها قررت الانتقام له فحضرت جيشاً كبيرا برئاسة كنكو الذي عينته قائدا للجيش و زوجا لها . و لما وصل الأمر للآلهة الفتية ارتعدوا مما سمعوه عن قوة الجيش ، فهم أيا باستشارة الجد انشار الذي نصحه بمواجهة تيامة ، لكنه جبن ، فطلب من إله السماء آنو فعل ذلك ، لكنه أيضاً فشل رغم عظمته .
حينها أجتمع الآلهة الفتية و اختاروا مردوخ أقوى و أعظم الآلهة كي يقوم بالمهمة و أعطوه القوة السحرية التي تحطم الكواكب ، ثم هموا لمحاربة تيامة و قتلها بل شطرها لنصفين صنع منهما الأرض و السماء و قتل كنكو الذي خلق الإنسان من دمه .


أسطورة قصة الطوفان عند البابليين :

تقول أسطورة الطوفان البابلية أن الآلهة كانت مثل البشر تعمل و تعاني شقاءا كبيرا ، ذات يوم تعب الآلهة كثيراً و قد قرروا الذهاب للبطل ، الحاجب القديم انليل في معبده و إعلان الحرب عليه ، و لما رأى حارس المعبد ذلك أيقظ سيده انليل ، فتساءل انليل عن سبب الحضور و أرسل الحارس ليسأل الآلهة عن سبب إعلانهم الحرب عليه فأجابوه أنهم تعبوا و يريدون أن يأتوا ببشر يحلون مكانهم و يوفرون لهم الراحة بدل من المشقة فاجتمع انليل و الآلهة و آلهات النسل ( الوالدات ) حيث قرروا خلق الإنسان من الطين و ذلك من خلال ذبح آلهة و مزج لحمها و دمها بالطين و لتكن صوت الطبل – روح الإله - روح للإنسان . بعد سنين انزعج الإله من ضجيج البشر فأمر بقطع المؤن عن الناس و بحبس المطر و لتعصف الرياح الأرض و ليقمع الإنسان . و كان هناك إلهين عظيمين واحد منهم هو الذي أمر بالطوفان الذي سينزل على البشر و الإله الآخر الذي نبه الفقير النجار فقال له ابني سفينة لك و لأهلك لتبقيك على قيد الحياة ففعل النجار ما أمره الإله ، وهكذا استطاع الإنسان أن يبقى على قيد الحياة بحماية الإله .
أساطير اليهود :

إن اليهود شعب متحرك استوطن في كثير من الأماكن لذلك تاريخه و أساطيره كلها تقع في مسرد الأمم الأخرى . و من أشهر القصص المذكورة في التوراة و التي يعد التوراة السبب في الحفاظ عليها قصة الطوفان التي سأعرضها بكل اختصار و التي هي أكثر القصص انتشارا من قصص التوراة حتى من قصة الخلق نفسها .

الطوفان :

عندما رأى أبناء الله بنات الناس الجميلات دخلوا عليهن و أنجبوا منهم الأبناء ( الجبابرة ) ، و نظراً لما فعله الإنسان من فساد في الأرض غضب الله و قرر أن يهلكه و كما قيل في سفر التكوين " 6 : 3 " : ( لن يمكث روحي في الإنسان أبداً ) . قام الطوفان في تاريخ السابع عشر في الشهر الثاني من عام 600 من عمر نوح ، تفجرت كل عيون الأرض و نزلت الأمطار الغزيرة ، و استمر الطوفان 40 يوما دون توقف ، فدخل نوح و زوجته و أبنائه للفلك و بعض من مخلوقات الله ( في ذلك اليوم الذي بدأ فيه الطوفان دخل نوح و زوجته و أبناؤه سام و حام و يافث و زوجاتهم الثلاث إلى الفلك المصنوع من السرو الذي قد أمره الله بصنعه. و دخل معهم أيضاً من الوحوش و البهائم و الزواحف و الطيور و ذوات الأجنحة كل حسب أصنافها ؛ من جميع المخلوقات الحية أقبلت على الفلك ، و دخلت مع نوح زوجين زوجين ذكراً و أنثى دخلت ، من كل ذي جسد ، كما أمره الله . ثم أغلق الرب عليه باب الفلك ) (9) ، و امتد الطوفان فوق الجبال بـ 15 ذراعاً ( 7 متر ) فأبيد كل شيء على الأرض عدا نوح و من معه في الفلك ، و ظلت المياه طافية على الأرض 150 يوما .

أسطورة الخلق عند اليهود :

تقول أسطورة الخلق اليهودية أن الله خلق الكون بستة أيام و جاء اليوم السابع ليستريح و ها هي القصة باختصار :
في البدء خلق الله الأرض و السماء . في اليوم الأول أمر الله أن يكون نور فصار ، ففصله الله عن الظلام وجعل النور نهار و الظلام ليل فمر يوم و مر معه أول يوم ( و رأى الله النور فاستحسنه و فصل بينه و بين الظلام )( 10 ) .
في اليوم الثاني أمر الله أن يكون جلد يفصل بين مياه الأرض و مياه السماء و سمى الرب الجلد سماء ثم أتى المساء و مر اليوم الثاني . ( ليكن جلد يحجز بين مياه ومياه ) ( 11 ) .
في اليوم الثالث أمر الله بجمع المياه بمكان واحد ( بحار ) و بقيام اليابسة ، ثم أمر بأن تنبت الأرض ثماراً فكان ذلك ( لتنبت الأرض عشباً و بقلاً مبرزا ) ( 12 ) ، وجاء المساء و انتهى اليوم الثالث . في اليوم الرابع أمر الله بأن يكون هناك ضوءين كبيرين يفرقان بين الليل و النهار ( لتكن أنوار في جلد السماء لتفرق بين النهار و الليل ) ( 13 ) . في اليوم الخامس خلق الطيور و الكائنات الحية و باركها ( انتجي و تكاثري و املإي مياه البحار و لتتكاثر الطيور فوق الأرض ) ( 14 ) . في اليوم السادس خلق الله الحيوانات و الإنسان مثل صورته – أي صورة الرب – ( لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا ) ( 15 ) ثم سلطه على المخلوقات و الأرض مباركا له و قائلا له أنه منحه كل الميسرات . و في اليوم السابع و الأخير ارتاح الرب و بارك هذا اليوم لأنه استراح به و أتم عمله و حيث أن الكون لم ينبت به نبات فلم يكن الرب قد أنزل مطر لكنه سلط ضبابا يسقيها ، ثم قام الله بجبل الإله آدم من الأرض و نفخ في أنفه نسمة الحياة ، و قد خلق الرب جنة في شرقي عدن بهية النظر ممتلئة بالثمر و الشجر ( و استنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة بهية للنظر و لذيذة للأكل ) ( 16 ) فيها شجرة تعلم الخير و الشر و شجرة للحياة و نهر ينقسم لأربعة أقسام : فيشون وهو منبت الذهب و جيحون بأرض كوش حداقل في شرق آشور و الرابع و هو نهر الفرات .

الأسطورة العربية :

إن الأمة العربية أمة مشهورة بالكرامة و الكرم و لما تذكره المراجع عن كثرة كنوز الحكمة العربية تذكر لنا الوقائع المشابهة لما يسمى بالأسطورة. وكوني بنت عربية عاشت طوال حياتها تسمع أسطورة من الأساطير قبل أن تنام كل يوم من لسان أمها و ذاكرتها . و من أكثر القصص الأسطورية التي سمعتها قصص الطائي الكريم فهذا الطائي من كرمه سردت عنه الأسطورة التالية التي تقول : أن أحدا نوى قتل الطائي و كلما وضع السيف على عنقه لم يستطع قتله و السبب أن الله يحب الطائي لكرمه .
أما الحكاية الأخرى عن الطائي فتقول أن أخ الطائي أراد أن يفوقه كرما ، فكلما قام بفعل سأل أمه : هل أصبحت أفضل من حاتم ؟ و هكذا ، إلى أن أجابته أمه ذات يوم قائلة : يا ابني لن تكون يوماً أكرم من حاتم ، فعندما كنت رضيعا أنت وحاتم كان هو يبقي لك من الحليب ، لكنك كنت تشرب كل الحليب حتى الذي كان يبقيه !! .


• الهوامش :
1. اعترافات : 11 : 14.
2. زوس هو كبير الآلهة .
3. موراليا ( 360 أ ) .
4. سفر تثنية الاشتراع في التوراة 13 : 6 – 10 .
5. أبوكريفا ، سفر الحكمة 14 : 15 – 21 .
6. صفحة 24 من فن الهوى لأوفيد عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ت : ثروت عكاشة .
7. انظر كتاب ( قصص من شكسبير ) .
8. قصيدة لـ منى كريم بعنوان ( لقاء الآلهة ) .
9. الكتاب المقدس – العهد القديم ( التوراة ) – ( 7 : 13-16 ) .
10. التوراة ، سفر التكوين ، 1 : 4 .
11. التوراة ، سفر التكوين ، 1 : 6 .
12. التوراة ، سفر التكوين ، 1 : 11 .
13. التوراة ، سفر التكوين ، 1 : 14 .
14. التوراة ، سفر التكوين ، 1 : 12 .
15. التوراة ، سفر التكوين ، 1 : 26 .
16. التوراة ، سفر التكوين ، 2 : 9 .



• المراجع :
1. قصة الحضارة لول ديورانت .
2. الكتاب المقدس – العهد القديم ( التوراة ) .
3. الأسطورة لـ راثفين عن دار عويدات سلسلة زدني علما ، ت : جعفر الخليلي .
4. الميتولوجيا اليونانية لـبيار غريمال عن دار عويدات سلسلة زدني علما ، ت : هنري زغيب .
5. الطوفان في المراجع السماوية – فاضل عبد الواحد علي – دار الأهالي .
6. سومر أسطورة و ملحمة – الكاتب و المصدر السابق



بقلم : منى كريم
01-07-2005, 09:22 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Jupiter غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,240
الانضمام: May 2003
مشاركة: #2
الأسطورة .. بشكل عام


دراسة مختصرة ومكثفة وجميلة يا أستاذة منى .

أتفق معك حولها وأشكرك على هذا الجهد ..


(f)
01-13-2005, 03:17 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS