النادي علماني، ولأنه علماني فهو يمارس "الحياد الإيجابي"، أي إعطاء الفرصة للجميع للتعبير عن رأيهم بحرية وعلى قدم من المساواة.

التعبير عن الرأي "بحرية" يعني أن "الحرية تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين". بمعنى آخر، الحرية تقتضي "الضوابط للحرية". هذه الضوابط يراها النادي في "وثيقته".

وثيقة النادي تمنع "الإساءة إلى المقدسات الإنسانية والدينية". ولكن ما هي "الإساءة" ومن يقرر أنها "إساءة"؟ وما هي القاعدة التي علينا استعمالها للحكم على تصرف ما بأنه "إساءة"؟

إذا حكمنا على تصرف بأنه إساءة من خلال "استشعار الأذى والإحساس به" للمتلقي، فالإسلاميون لديهم كل الحق في التشكي، لأنهم استشعروا هذا الأذى، وما غضبهم وثورتهم إلا رد فعل لهذا "الأذى" الذي شعروا به. ولا يهم هنا إن كانوا "أحسوا بالأذى" من خلال خرق "قاعدة دينية" عندهم أم لا... فالمهم هو "الإحساس بالأذى" كي يصبح التصرف "إساءة".

إذا كانت الإساءة هي "تعد على ملكية الآخر دون موافقته وغصباً عنه"، فالإسلاميون معهم حق أيضاً. فهذه الصور تنعت "نبيهم بالإرهابي" وتجرح "كيانهم المعنوي" و"تهتك رموزهم". وكما أنني لا أقبل بأن يأتي أحدهم كي "يبول" على قبر أحد أقربائي (مع أن الفعل نفسه ليس إساءة بشكل عام)، ولا أقبل أن يبصق إنسان ما أمامي على صورة شخص أحبه، فإنني أتفهم الإسلاميين عندما يغضبون على من "يتعدى" على "رموزهم الدينية" ويعتبرونها إساءة.

إذا كانت "الإساءة" هي "أعراف وتقاليد اجتماعية"، فلقد وجد الإسلاميون أعرافهم وتقاليدهم بعدم تصوير نبيهم على مدار 1400 سنة تنتهك بشكل سافر في صحيفة عامة تطال صفحاتها المسلمين أيضاً وفي نادي فيه الكثير منهم.

هل نستطيع أن نعرف "الإساءة" الآن؟
أعتقد أن بوسعنا القول بأن "الإساءة عبارة عن كل أذى مادي أو معنوي يلحق بكائن آخر نتيجة لتصرف من التصرفات".

المسلمون أصيبوا في معنوياتهم بانتهاك حرمة رمز رموزهم وعرضه على الملأ بثوب هزلي ساخر مُدان بشكل عام من قبل معظم سكان العالم. وإحساسهم بهذه "الإساءة" دفعهم إلى الاستنكار والاحتجاج والغضب والتكسير والتحطيم وحرق السفارات. هنا لا نستطيع أن نقول بأنهم احتجوا لأنهم يحافظون على "حرفية شريعتهم" بعدم "تصوير نبيهم"، فهذه الجموع ذات الآلاف المؤلفة قد تنتهك في يومها الكثير من نصوص شريعتها، وخروجها ليس لأن قانونها خرق فقط، ولكن لأنها أحست "بالأذى" ... و"الإساءة".

نعود كي نقول، "نادي الفكر العربي" - عندنا - هو ناد علماني الوجه والهوية. ولكن "ضوابط حريته" المتمثلة في "وثيقته" تمنع "الإساءة" إلى المقدسات الدينية والإنسانية، لذلك فللمسلمين الحق في مطالبة الإدارة بعدم ترك الرسومات التي "تسيء" إلى نبيهم بشكل مباشر على صفحات النادي.

الآن، ما الفرق بين "الكلام" والرسومات، كي نترك المواضيع التي تطعن بمقدسات الآخر على صفحات النادي في بعض الأحيان؟

أسجل فرقين (ولربما كان هناك أكثر بعد): 1) مع الكلمة يمكن حذف الشتائم والسباب وتعديل الكلمات النابية مع ترك النص بما يحويه من أفكار قد تؤدي إلى حوار مثمر ونقد بناء.

2) مع الكلمة، عادة، يكون هناك مجال للطرف الآخر كي يرد ويدافع عن نفسه وعما تم توجيهه إلى "رمزه" من اتهامات. أي أن هناك تساو للفرص لا يعرفه "الكاريكاتير" بين الأطراف المختلفة.

خذ لك خسه :wr:

واسلم لي
العلماني