القبض علي مهدي عاكف علي ذمة قضية التنظيم الدولي
محمد الباز
كان التصريح الذي خرج من مكتب الإرشاد خلال الأيام الأخيرة من رمضان بأن الجماعة مستعدة للتعامل مع كل الاحتمالات والسيناريوهات أيا كانت، له دلالته التي لا تخفي علي الكثيرين ممن يتابعون أخبار الجماعة وتحديدا خلال الشهور الأخيرة.
لا توجد احتمالات كثيرة أو سيناريوهات مؤجلة في التعامل بين الحكومة والإخوان، إلا احتمال واحد وسيناريو واحد، وهو اعتقال المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف،ولا أعتقد أن هذا القرار أصبح بعيدا الآن لا عن تفكير النظام ولا عن توقع الإخوان المسلمين.
بعد الضربة الضخمة التي تعرضت لها الجماعة في قضية غسيل الأموال الأولي التي راح فيها خيرت الشاطر و15 آخرين من قيادات الجماعة، توقع البعض أن آلة الحصاد التي أعملتها الحكومة لن تتوقف وأنها يمكن أن تطول رأس المرشد العام شخصيا.
لكن هذا التوقع لم يكن دقيقا وقتها، كانت هناك محاذير كثيرة وحسابات وضعها النظام في اعتباره، فقد كان هناك اعتقاد أن جماعة الإخوان قادرة علي أن تتصدي وأن تتظاهر وأن تعتصم وأن تحتج بكل الأشكال علي ما يحدث لقادتها، لكنها سقطت في اختبار قطع يد الشاطر ورفاقه، وكانت حجة الجماعة في ذلك أنها يمكن أن تحتج علي ما يحدث للنائب الثاني لمرشد الجماعة، لكن المكاسب التي يمكن أن تتحقق من هذا الاحتجاج لن تقاس مطلقا بالخسائر التي ستلحق بالجماعة.
وعندما جاء موعد الضربة الثانية التي راح فيها عبد المنعم أبو الفتوح علي ذمة قضية التنظيم الدولي للإخوان،كانت هناك توقعات أن تعبر الجماعة عن غضبها، إن لم يكن قادتها فعلي الأقل شبابها الذين كانوا أقرب إلي عبد المنعم أبو الفتوح ويتعاملون معه علي أنه النبي المخلص الذي يستطيع أن يخرج الجماعة من عثرتها،لكن شيئاً لم يحدث علي الإطلاق، وتعاملت الجماعة مع الأمر وكأنه لا يعنيها، وكان غريبا أن يصدر مجموعة من المثقفين والسياسيين اليساريين بيان تضامن مع عبد المنعم في حين التزمت الجماعة الصمت تماما، بل إنها قاطعت أبو الفتوح لأنه تعامل مع محامين خارجين علي الجماعة أمثال مختار نوح وثروت الخرباوي،ورفض التعامل مع محامي الجماعة.
وقتها تردد بين أروقة الأجهزة الأمنية أنه لابد من القبض علي مهدي عاكف،فهو ليس بعيدا عن الاتهامات التي وجهت إلي عبدالمنعم أبو الفتوح ورفاقه في قضية التنظيم الدولي،وليس منطقيا أن يكون كل ما جري في الجماعة بعيدا عن المرشد أو بدون علمه.
لكن يبدو أن الأصوات التي طالبت باعتقال مهدي عاكف لم تجد أي صدي لها، فقد كان هناك تخوف من ردة فعل الإخوان، خاصة أن مهدي عاكف لعب بهذه الورقة وتم توزيع الأدوار بشكل جديد، فمن ناحيته هو صرح بأنه مستعد للاعتقال وأن حقيبته جاهزة في أي وقت، ومن ناحية رجال مكتب الإرشاد فقد بالغوا في أن الاقتراب من المرشد خط أحمر، وكأنهم يستبقون النظام قبل أن يعتقل مهدي ويحذرونه من أن يقع في حماقة لا يعرف أحد إلي أين يمكن أن تنتهي.
لكن عجز الإخوان المبالغ فيه والذي أكد أن الجماعة ليست إلا ظاهرة صوتية جعل هناك حالة من إعادة الحسابات،وليس بعيدا أن يتم القبض علي مهدي عاكف علي ذمة قضية التنظيم الدولي وقضايا أخري يتم الإعلان عنها في وقتها،وكالعادة لن تتحرك الجماعة وسيكون لديها وقتها ما تبرر بها حالة صمتها.
القبض علي مهدي عاكف يأتي في إطار الخطة العامة التي تنتهجها الأجهزة الأمنية بتصفية الجماعة بشكل نهائي،فلا يبقي أو يتبقي لها أي شكل تنظيمي،وهو ما تحاول الجماعة أن تتفاده بكل الطرق، حتي لو ضحت بكل رجالها وقياداتها، فيمكن أن تقدم الجماعة مهدي عاكف قربانا للنظام وتقدم تنازلات هائلة من أجل الحفاظ علي يافطة مكتوب عليها الإخوان معلقة ولو علي غرفة صغيرة في أي مكان في مصر، وذلك حتي يتسني لهم العمل بعد ذلك في فترات قادمة، فاليافطة عند الجماعة أهم من الرجال.
http://www.elfagr.org/NewsDetails.aspx?nwsId=14309&secid=3402