اقتباس:ان فكرة تعليقك القائمة على " المصلحة" وليس المنطق الاخلاقي هي نفس الفكرة التي قدمها مواطن مصري وليس بينكم اختلاف في الفكرة. بل وان اتفاق مواطن مصري مع النقطة السادسة من تعليق الاخ بهجت، واعلاني اتفاقي معها انا ايضا من اجل ايصال الفكرة اليكم (لاحظ الان اننا نحن الاربعة متفقين على النقطة المصلحية ذاتها ) ومع ذلك لم تتغير نقطة الخلاف الرئيسية التي (ترفضون رؤيتها) وهي ان سلوك الاصوليين هو الإستهزاء الحقيقي بالرسول، لانه قائم على تجاهل بديهية سمو الرسول وقبول الاهانة مع مايترتب على ذلك من اسقاط منزلة الرسول
حسنا سأبين لك أن الأمر ليس كما تتصور ، وأن تحججك العقلي يمكن دحضه ، أنت هنا تفترض منطقا أخلاقيا وتتوقع من الأصولين أن يعملوا وفقا له ، والأصوليون سيحاججونك عقليا ومنطقيا أن الغضب للإهانة لا يعني بالضرورة قبولها مما يؤدي لسقوط سمعة الرسول لسقوط سموه كما تدعي ، وقد رد عليك كل من الزميلين: احذروا الفتنة و مواطن مصري أن شخصا يسب أهل شخص آخر ويصفهم بالحيوانات فإن غضب المسبوب من الساب لن يعني أن أهله فقدوا إنسانيتهم كما فقد الرسول سموه ، وقد ترد بقولك: ههنا يوجد تساوي ولا يوجد علو ولا دنو بين الساب والمسبوب ، لا بأس ، سنأتي بعد قليل لمعالجة العلو والدنو ولنرى أمثلتك التي عرضتها لتثبيت موقفك:
حديثك عن أن آينشتاين لو سبه شخص ووصفه بأنه حمار فسيكون موضع سخرية من الآخرين ومن آينشتاين نفسه ؛ لأن ذلك راجع لأن الشخص الذي وصف آينشتاين هو أدنى منه وآينشتاين أعلى . أليس كذلك؟
دعنا نسأل:
لماذا يصف شخص آينشتاين بأنه حمار؟
وكيف قدرت أن الشخص الذي سب آينشتاين هوأدنى منه؟
عندما يكون الشخص الذي يسب آينشتاين ويصفه بأنه حمار في الرياضيات أو في الفيزياء عندها يكون لمثالك معنى ويكون للدونية ولعلو آينشتاين معنى أيضا
أما أن يسب شخص آينشتاين بأنه حمار هكذا فلا معنى له ولا معنى لدونية الشخص ولا لعلو آينشتاين معنى هنا أيضا
وهذا ينطبق على مثالك اللاحق عن سيبويه كونك وصفته بعلوه في العربية مقارنة بغيره وهذا له معنى هنا
حسنا لنرجع الآن لموضوع سب الرسول من قبل شخص لنرى على أي أساس سبه؟
وكيف حكمت على ذلك الشخص أنه أدنى من الرسول والرسول أعلى منه؟
ربما تقول أنه أدنى منه من خلال نظرة أتباع الرسول أو ستقول أن ذلك الشخص أدنى من الرسول كونه ليس نبيا
إن قلت أنه أدنى منه نظرا لاعتبارات أتباع الرسول فهذا مقبول إذا كان الشخص الذي سبه مؤمنا به وهذا ممتع ، وإن كان غير مؤمن به فلا يوجد دونية لانعدام المقياس بين الطرفين. بينما لطفل في مثالك عندما يصف رجلا بالحمار تحققت الدونية كونه طفلا لا يعتد به وانعدم المقياس في حين أن وصفه للحاكم العربي بالحمار تحققت الدونية للطفل وتحقق المقياس من خلال العقل الجمعي كون الحكام العرب حمير ولا ريب في هذا الزمن.
وإن قلت أنه أدنى من الرسول لاعتبار محمد نبيا وهو ليس بنبي فهذا غير مقبول كون الشخص لا يؤمن بمحمد نبيا ، فلا يوجد دونية ولا يوجد مقياس بين الطرفين كما ورد سابقا مع الحالة الأولى ، هاهنا لديك مشكلتان: دونية الرسام وانعدام المقياس.
افتراضك أنه أدني من الرسول لاعتبارات أتباعه واعتبارات غير أتباعه اعتمادا على نبوة محمد لا يلزم منه كون هذا الشخص أدنى من محمد كما بينت لك سابقا لاعتبارات الدونية والمقياس كما أن السمو الذي يحمله محمد لا يقوم على دونية هذا الشخص أو غيره حتى يفقده والتي اعتمدت عليها لتثبيت الإهانة ، بل سموه يعود لذاته فلا يمكن أن يفقد سموه بسبب خارج عن ذاته وقولك أن محمدا فقد سموه بسبب قبول أتباعه لتلك الإهانة هو فرض تحكمي
وفي الحالتين فإن مرتكزك القائم على الدونية للساب والعلوية للمسبوب لتتحقق الإهانة في هذه القضية تم دحضه عقلا ومنطقا من عدة وجوه.
أما استشهادك عن نهي القرآن عن سب آلهة الكفار حتى لا يسبوا الله فلا معنى له ، لأنه الكفار يعتبرون عبادة آلهتهم صحيحة وعبادة الله باطلة فهو يتعامل معهم بناء على معتقدهم فهناك تساوي وهو ما تطلبه لتحقق الإهانة بين الساب والمسبوب ، وهو يوجه الكلام لأناس يعتبرون عبادة الله صحيحة وعبادة آلهة الكفار باطلة فمبادلة السب بين الفريقين بناء على اعتقادات كل فريق قائمة بذاتها
أما مثالك عن القرود لو سخرت من إنسان فليس مدعاة للغضب فهذه شطحة وليست بعقل ولا منطق لدعم حجتك!
لاحظ أني جاوبتك بالعقل والمنطق لدحض حجتك وأنت تتحجج بالعقل والمنطق وليس هناك مقياس قاطع لحسم هذا الجدل ومن أجل ذلك طالبتك بمقياس للنتائج المترتبة على هذه التصرفات الاحتجاجية لأن حجتك العقلية والمنطقية غير حاسمة وأنت فسرت هذا الطلب مني أنه أمر مصلحي ولكني طلبته لسببين: أن حجتك العقلية والمنطقية غير حاسمة والأمر الثاني رؤيتي أن القضايا الغيبية لا فائدة من التحجج معها أو ضدها عقلا ومنطقا لأن طبيعتها غيبية وجودية وليست معرفية وفسرت ذلك وكأنه أمر ايجابي للقضايا الغيبية أو يبرؤها من تصرفاتها والحقيقة أنه ليس إيجابي ولا سلبي فعندما أقول أن قضية غيبية ما لا تقبل التحجج العقلي والمنطقي فهذا يعني أنها لا تملك الحقيقة ولا الفرض ولا الإلزام ومن هنا تأتي عملية اختراق الفكر الديني بتعطيله من استخدام التحجج العقلي والمنطقي لأنه غير حاسم وكونه يستند لأمر غيبي بينما طريقتك وياللمفارقة تدعم الفكر الديني دون أن تعلم فأنت تفترض بالأصوليين أن يكون أخلاقيين ومثاليين وهذه مبنية على أمرين:
أنك تراهم أخلاقيين مثاليين في حالة عدم الغضب من الإهانة وهذا غير صحيح لأنهم بالتالي أشخاص يعيشون بحياة غير أخلاقية ولا مثالية (وأنت تعرف ذلك جيدا) فكيف تفترض أمرا غير موجود؟!
أو أنك تريد أن تلزمهم كي تحرجهم وعندها فعدم غضبهم لا يعدو كونهم خالفوك رأيك!
مداخلتك الأساسية بالموضوع تقوم على فكرة الإهانة بين الأدنى والأعلى في عالم المشاهد وببساطة لا يمكن مقارنتها مع عالم الغيب من حيث انعكاس تأثيراتها على المتلقين فالرسول وأن كان بشرا فهو مبلغ للوحي الذي هو أداة غيبية والمتلقين هم جميع من في الأرض وكلهم يعرفون أن النبي محمد نبي ليس مبرمجا ولا عالم رياضيات والإسلام دين ليس برمجة حاسوبية ولا معادلة رياضية وإنما محمد والإسلام يمثلان وغيرهما عبر التاريخ رحلة بحث الإنسان عن معنى وجوده الذي ما زال يصارعه ويجهل الكثير حوله.
وأرجع لبعض التعليقات معك
اقتباس:كما استغرب ان تكون واثقا ان رسام الكاريكاتور الدانماركي هو " مسيحي"، إضافة الى اني استغرب اعتقادك ان الامر بدأ وانتهى من هذا الدانماركي، على الرغم من ان الشعلة اطلقها آية الله العظمى الامام احمد الخميني على خلفية كتاب الكاتب الباكستاني " المسلم" سلمان رشدي.
لقد تكلمت عن ثقافة مسيحية رضعها ولم أحدد معتقده من عدمه كما لا أعلم من أين جئت بقولك عن اعتقادي أن الأمر بدأ وانتهى عند هذا الرسام ، ما قلته أن الآثار على سمعة الإسلام تجلت بشكل أكبر بعد أحداث سبتمبر وهذا الرسام من ذيول أحداث سبتمبر اللاحقة إلا إن كنت ترى أن هذا الرسام فعل فعلته بأثر رجعي لفتوى الخميني وأحداث سبتمبر بريئة براءة قميص يوسف من دم يوسف ولكن الذئب لم يتم العثور عليه!
وبما أنك ذكرت تلك النقطة السادسة التي اتفقتم الثلاثة حولها فهي مثيرة للجدل وأنا لا أوافق عليها
خاصة ممن يدعي العلمانية واللبرالية كما أني لا أوافق على الغوغائية بالتخريب والتكسير ولكن هذا لا يعني أن ردود الأفعال السلبية المتفرقة بالضرورة تؤدي لنتائج سلبية في مثل هذه القضايا , لا إهانة يمكن أن تلحق بالرسول والإسلام من جراء ردات أفعال غير منضبطة لسبب بسيط أن قولك أن قبول الإهانة من خلال الغضب بسببها يعني سقوط السمعة لسقوط السمو مردود كون هذا السمو غيبيا وكون المتلقين من جموع الناس يدركون أنها تتعلق بقضايا دينية غيبية لا يمكن محاكمتها عقليا ومنطقيا بسبب العجز الإنساني تجاه الوجود فسواء كانت بيئة المتلقين إسلامية او مسيحية فهناك عذر تفرضه الظاهرة الدينية على الجميع.
وبالتالي هناك صراع ديني ينفخ فيه الغرب قبل الشرق لا فكاك منه وما يحدث اليوم أن الصراع الإسلامي اليهودي الصهيوني الغربي من ستين عام بدأ يتحول إلى صراع إسلامي صهيوني مسيحي غربي و هذا ما يحتاج البعض تبينه ومواجهته.
ثم أنه ليس ميزة تفضيلية للمسيحية الغربية أنها لا ترى غضاضة من التعامل مع غيبها وذلك راجع بسبب أن المعتقد الديني المسيحي أنزل الغيبي المقدس من خلال فلسفة الأقانيم في صورة جسد وهذا الجسد معرض للدنس لاختلاط المقدس الكلي الغيبي مع المدنس الجزئي المشاهد وهذا غير وارد في العقيدة الإسلامية ولا يمكن تفضيل العقائد الدينية لأن مرجعيتها غيبية
اقتباس:ان منطقك يعني " اننا لسنا المسؤولين عن تصرفاتنا لانها ظاهرة دينية غيبية"، فهل انت فعلا تتبنى هذا المنطق؟
أقول إن التصرفات المسنودة لأمر غيبي لا يمكن محاكتمها عقليا ومنطقيا بحيث يمكن أن تكون لها نتائج معينة لدى جموع الناس المتلقين لها من داخل ذلك الدين أو من خارجه ؛ بمعنى لا يمكن أن تراهن على آثارها على الناس سلبا أو إيجابا بالتحجج العقلي وما سيحكم هو الصراع على الأرض لا غير!
وتقبل تحياتي..