اقتباس:و من قال لك أن تفريقك سليم؟ هات لي تعريفين للمؤرخ و للفيلسوف أو للتاريخ و الفلسفة نحتكم اليهما. فرأيي أن الفلسفة تعرف بأنها "أم العلوم" بينما التاريخ "أحد" فروع المعرفة. و الأم -لكونها شاملة- هي المؤهلة للتعبير عن العصر.
الزميلة هالة ماركس ..
وضّحي كيف كان تفريقي غير سليم وبدقة هذه المرة ، لو سمحتِ .. و بناء على كلامك فما الفائدة من التاريخ – بل وحتى الجغرافيا والطب - ما دامت الفلسفة هي أم العلوم وهي الناطق الرسمي عن الواقع ؟ لماذا وضعوا هذه العلوم إذاً ما دامت الفلسفة تكفي ؟ وأيضاً أهل العلوم في هذا الزمان يعلنون موت الفلسفة وإحلال العلم محلها ، فكلمة "العلم" هي السائدة ، وإن كان لي رأي آخر في هذا . فماذا تقولين لهم ؟
وما زالت مشاكل الفلسفة وأسئلتها قائمة منذ العصور القديمة حتى الآن ، رغم تغيّر العصور .. أي أن الفلسفة غير مرتبطة بالعصور المتغيرة ، والأسئلة التي طرحها فلاسفة اليونان لا زالت تطرح حتى الآن .. ومن الممكن أن تدرِس الفلسفة الواقع بل وحتى التاريخ بدافع البحث عن الحقيقة أيضاً ، و ليس لأنها منطلقة من الواقع ، لهذا سُمّيت الفلسفة بأم العلوم ، لأنها تصنع العلوم ، فالفيلسوف يبدي رايه حول ظاهرة من الظواهر ، ثم يأتي العلم ليدرسها لإثباتها أو نفيها ، فتتحوّل إلى علم . وكلمة (حقيقة) تشمل كل شيء ، سواء في الماضي أو المستقبل أو مصير الإنسان أو الواقع ، والذي يفرقها عن العلم هو أنها مجهود عقلي نظري ، والعلم مجهود عقلي تطبيقي ، والعقل ينطلق بحريّة أكثر من العلم ، لهذا تسبق الفلسفة العلم ثم يأتي ويلحق بها طفلها بعد أن يُعطَى إسماً يميزه عن بقية أبنائها وبناتها ..
والمؤرخ يصف فترة زمانية من جميع النواحي السياسية والإجتماعية والأدبية والفلسفية أيضاً .. إلخ . أي أن المؤرخ ينطلق من الواقع ، ولو خالف الواقع لأصبح مشكوكاً فيه ، أما الفيلسوف وتعريف الفلسفة هو البحث عن الحقيقة عن طريق التعليل والتدليل العقلي ، وهذا هو تعريفه السائد وإن كان لدي بعض التحفظات عليه .. وأيضاً هدف الفلسفة هي أن تصنع واقعاً جديداً ، لا أن تنساق معه ويترك الواقع آثار الحديد على ادمغة الفلاسفة كما تركها على ايدي العمّال ..
ومن خلال تعريف الفلسفة نجد أنها مرتبطة بالحقيقة ، لا مرتبطة بالواقع كما أراد ماركس أن تكون ، وسر هذا الإنحراف الذي صنعه هو وغيره من الفلاسفة الماديين هو أن يتآمروا على الحقيقة عن طريق التآمر على الشعور الإنساني الذي يكمن فيه جوهر الحقيقة ، ويقولوا أن الواقع هو الحقيقة ، أي أن المادة هي الحقيقة ، فهم ينصرون المادة على الإنسان . لأن الواقع مليء بالشر المادي ، وكأنهم يريدون أن تنطلق الفلسفة من الشر بحجّة الواقعية ، حتى يُشبعوا أهوائهم وأحقادهم وشهواتهم ، ( يبغونها عوجا ) . هؤلاء هم الفلاسفة الماديون باختصار ، وليس حكراً على القدّيس ماركس الذي جعلتي نفسكِ (هالة) حوله ، غير مكتفية بلحيته المحيطة من حوله ، وكأنها لا تكفي تلك اللحية بدون هالة أخرى حول ثقب أسود له هالتان ، وليس قمراً جميل ..
اقتباس:هذا صحيح فالبشر سواسية في بشريتهم ... و لكن هل يعني هذا أيضا أن من حقك الرد على رسولك و تفنيد بعض ما أتى به فهو بشر أيضا و أنت من جماعة أحرار التفكير؟
نعم ، وهذا ما حصل بخصوص أشياء منسوبة إليه ، وأنا لا اراه إلا كما وصفه ربه ( بشراً مثلنا ) ، وتقييمه بناء على الحقيقة ولست أقيّم الحقيقة بناء عليه ، ولو ذُكر عنه كلام أو وصف يخالف الحقيقة فسأرفضه ، وهو نفسه وقع في أخطاء وعاتبه ربه على ذلك ليثبت لنا بشريّته . ولا نراه معصوماً من الخطأ بل معصوماً من الناس ، بدليل أنه مات على فراشه رغم كثرة أعدائه .
اقتباس:نعم. و صراحة هذا كل ما أستطيع فعله. فأنا لا أعرف ماركس. و أتوقع أن أكتسب من هذا الحوار معك كنزا معرفيا عنه فاسمه مشهور و سمعته كذا مرة دون أعرف ماذا يعمل و ماذا يبيع
من هذا الكلام الساخر يبدو أنك تعرفين الكثير عن ماركس مما لا أعرفه ، وتبخلين عليّ به ، وهذا من التكبّر . وكأنني لا استطيع أن أفهم هذه المعرفة التي تعرفينها عن فكر ماركس ، ويبدو أنها لا تُقدّم إلا للمؤهلين تأهيلاً عالياً ، ويبقى هذا ظنا وليس واقعاً ، فالواقع أنك إلى الآن لم تعرفي كيف تدافعي عن ماركس وافكاره ..
اقتباس:أخيرا:
ليتك تأتينا بالمرة بتعريف ل"الحقيقة". حتى لا نضيع الوقت في الحوار حولها فلا انهل من علمك الكثير
من يثبت لي أن هذا السياق ليس سياقاً ساخراً ؟ فأكون قد أهنت الحقيقة وقدّمتها لأحد يسخر منها وأضعت وقتي ووقتك ؟ أنا مستعد لإفناء وقتي لأجل شخص واحد يبحث عن الحقيقة وهو جاد في ذلك ، ولكني أرى أن اهتمامك بماركس أكبر من اهتمامك بالحقيقة ، وكأنه رب تنتظري ثوابه . بينما كل ما قدّمه هو مخالف لطبيعة الإنسان ويتناسب مع شخصية الطماع الحقود الذي يرى الحياة صراعاً على امتلاك المال ، وماركس من اشد الماديين احتقاراً للأخلاق والمشاعر الإنسانية ، وتعظيماً للمال والسيطرة ، ولست أدري ما الذي يعجب إمرأة بالذات بهذه الشخصية الفكرية المنفّرة ..
والواقع أثبت فشل وانهيار أفكاره الشيوعية الإلحادية إن كنت ممن يعتبرون النتائج هي مقياس الصواب والخطأ .
وأما المسطرة فهي تعبّر عن الإستقامة ، والصراط المستقيم ، والإستقامة توصل للغاية بأقصر مسافة بين نقطتين ، فهذا مدحٌ جاء بنيّة ذم . والمسطرة المستقيمة خير من الثعابين المتلوّية والمتعرّجة لاجل أن تفرغ السم والشر في القلوب البريئة من الشباب ..
(06-04-2010, 09:29 PM)السلام الروحي كتب: (06-04-2010, 08:42 PM)هاله كتب: ليتك تأتينا بالمرة بتعريف ل"الحقيقة". حتى لا نضيع الوقت في الحوار حولها فلا انهل من علمك الكثير.
أرى أن (تتسلح ) يا زميل الوراق بنداء الحقيقة لهايدجر وهو موجود على الشبكة
عندها ستعرف حقيقة موضوعك حول ماركس
تسلّح أنت بها ، فربما تحتاجها ، فالقوي هو الذي يصنع سلاحه بنفسه ، غير معتمد على وجهات نظر الآخرين ، فإذا كنت تأخذ سلاحك من غيرك ، فأنا لا أتّبع مثل هذا الأسلوب .
أعرف أنك لا تصدّق أن أحداً يستطيع أن يناقش دون أن يحتاج إلى شخصيات ومراجع تدعم موقفه ، الجميع يستشهدون بأسماء ويعلّقون صوراً وتعاويذ لتدعمهم وتحميهم ، أما أنا فأستشهد بنفسي وبالحقيقة فقط . فكيف أتّهم أفكار وفلسفات الغرب بالخطأ ، ثم استشهد ببعض منها ؟
هذا شأن من لا يريد الحقيقة الخالصة ، وشأن الضعيف الذي يريد أن يتقوّى بسلاح غيره . من يرضيه مثل هذا الوضع فأنا لا أراه مشرّفاً لي .. والذي لا يستشهد بأسماء هو من يستحق أن يتفلسف ، وأما الذي ينقل من الآخرين فعليه أن يترك المجال لمنقولاته ويختبئ وراءها لتحميه ..
أنا لا اقول كلاماً يخالف واقعي ، وكل كتاباتي وردودي تجدها خالية من استشهادات التقوية والدعم التي يفعلها غيري ، فطالب الحق لا يتقوّى بالباطل .