(1)

تسعة أسابيع ونصف فيلم من إنتاج عام 1986 من إخراج (ادريان لين) و تمثيل (ميك روك ) و (كيم باسنجر)، و هو نفسه مخرج فيلم (عديمة الوفاء) الذي تكلمنا عنه سابقاً، واضح أن المخرج مولع بهكذا نوعية من القصص التي تتكلم عن التصرف أو العلاقات الجنسية, في العصر الحديث ( المدينة على وجه الخصوص وبما تحمله من دلالات واسعة للإغراء و الرغبة ) فهي محل كل رغبة وشهوة بما توفره من خدمات وتقارب إنساني, و قديماً قيل :المدينة أرض الاحرار , و الريف أرض العبيد . في المدينة كل الأجواء والفضاءات مفتوحة لكل رغبة مكبوتة و لكن الثمن يجب أن يدفع , لا يوجد شيء من دون ثمن , مثل فيلم (كاوبوي منتصف الليل ) حلم البطل بمدينة نيويورك (التفاحة الكبيرة ) تحوله إلى مجرد بائع جسد , جسده لا غير .

اليزابيث (وهي مطلقة حديثاً ) و تعمل في مجال الفنون و بيع الدعايات ( وتعاني من بعض الكبت الجنسي ), و (جون) وهو رجل ثري من خلال سوق الأسهم (ولستريت)، غامض يحمل كمية كبيرة من الإبهام و الغموض , و واضح أنه يحب السيطرة، تحصل العلاقة بين الإثنين و من البداية يكتشف (جون) أن اليزابيث (مكبوته) و يجب تطويعها، وهو مهووس بالخيالات الجنسية, و بناء عوالم غريبة لشهواته و إختياراته للأوقات الحميمة غريبة, من حيث المكان و الزمان، حيث شهيته الجنسية تشمل : زقاق مظلم .. برج الساعة القديم .. فنادق رخيصة .. تحت المطر .. في وضح النهار ..و عند الظهر، رغبات جون لا تعتبر من النوع الرخيص مثل القصة القصيرة (اميل زولا : الوحل ) عندما يقرر : الزوج والزوجة الفراق و يركب الزوج قارب ويبحر به بعيداً عنها , في تلك اللحظة تأتي ريح قوية بعض الشيء وتُحرك تنورة الزوجة, و تجعلها تلتف حول ساقيها, فتخلق إنسكاباً جميلاً للساقين الرائعتين ..فيرجع الزوج ويحضن الزوجة, و يمارسان الجنس في الوحل ,بشهوة ورغبة .

(2)

جون مهووس بالسيطرة و رسم عوالمه الجنسية ( هُنا نظرية تتجسد على أرض الواقع و التي تتكلم عن آليات الجنس من حيث أنه ميكانكية عصبية و لكن تغذيها و تعطيها القوة الخيالات و رسم عوالم للشهوة ) إذن الجنس لا يختلف عن غريزة العدوان و العنف : عندما يفقد الشخص القابلية (قابلية التواصل مع العالم من حوله ) فيبدأ في تصرف عدواني (خارجي أو داخلي) لأنه يفقد الآلية الصحية و الصحيحة في التعامل مع العالم, إما بتصرفٍ عدواني خارجي أو بعنف داخلي و تطويع من يقع تحت يديه (مثل الزوجة أو الأولاد أو العشيقة أو كلهم جميعاً ) .

(3)

وهنا تتجلى عبقرية الإغريق في خلق مفاهميهم الخاصة بالعالم , عندما جعلوا (إيروس) :إله الشهوة و الرغبات الجنسية ابناً لـ(إيرس) إله الحرب و الدماء و القتل، الجنس و العنف وجهان لعملة واحدة لا غير، مثل معادلة آينشتاين : الطاقة والمادة وجهان لعملة واحدة .

(4)

عندما تكتشف إليزابيث أن جون يريد منها فقط الطاعة و أنها وعاء لرغباته (خاصة بعدما طلب منها جون أن تمارس معه الجنس الثلاثي ((threesome)) فترفض بشدة أن تشاركها فتاة أخرى جسد حبيبها, وحادثة أخرى عندما يرفض جون التكلم عن حياته الخاصة و أعماله حين طلبت اليزابيث منه هذا، و يتم الإنفصال بينهما ..

(5)

إذا كان فيلم (عديمة الوفاء ) يتكلم عن آليات الإغواء من قبل الرجل و الموّجه إلى الأنثى , ففي هذا الفيلم يتكلم عن آليات التصرف الجنسي ( عند الرجل ) و تلميح قوي أنَ الجنس و الرغبات الجنسية عند الرجل (هي آليه إستبدال و محو الآخر ( الأنثى- العشيقة- الزوجة ) تعويضاً عن العنف الذي يوجد في داخله, وأنَ المدينة بما تحويه من قانون وسيادة الدولة و التي حدت من رغبات العنف داخل الرجل (ككائن عنيف ) فإن الرجل بحث عن مكان آخر للتنفيس عن العنف الذي في داخله في غزو أجساد النساء و رسم (دائرة نفوذه) بشكلٍ لا يختلف عن ذكر الأسد عندما يتبول حول منطقة نفوذه أو وحيد القرن و غيرها من الحيوانات الشرسة ..

(6)

خلاصة : الفيلم يسلّط الضوء على الجنس و مفهومه عند الرجل (والذي هو مفهوم تسلطي و تحكمي ) و مفهوم الجنس عند الأنثى ( هو عاطفة و ترابط و توحد و تضحية ).

[صورة: B00004XMV6.01.LZZZZZZZ.jpg]

محارب النور:redrose:

حمزة الصمادي · 08-11-2008, 07:13 PM

اختيار رائع كالعادة محارب :97:

الفيلم يركز على ان الجنس قد يتحول لوسيلة تفريغ للعواطف والمشاعر المكبوتة سواء الايجابية او السلبية.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني