اقتباس:إنجاز يستحق التقدير والاحترام
أن تصنع سيارة تكون 100% من قيمتها المضافة محلية
عزيزي ثندر, قد يكون كلامك صحيحا فيما لو كان في الامر فعلا انجاز صناعي و نية لاقامة مصنع سيارات و معدات ثقيلة بناء على اسس اقتصادية و علمية و خطط مدروسة...
لكن كل ما في الامر لا يعدو كونه تجربة هواة لتصنيع سيارة كظاهرة موجودة في جميع انحاء العالم يقوم بها الهواة و الميكانيكيون فيبنون سيارة في كاراجاتهم و بمجهودات شبه فردية, و هناك اندية و جمعيات و محلات متخصصة في أغلب دول العالم لمصممي و منفذي هكذا سيارات (ابحث في الغوغل عن الcustom made cars) او شاهد محطة الناشيونال جيوغرافيك هناك برنامج كل اسبوع متخصص في هكذا امور...
و عندنا في لبنان قبل سنتين قام طالب جامعي في ال AUST ببناء سيارة اسماها (افرام-1) على اسمه و بمجهود شبه فردي و قام ببنائها كاملة باستثناء المحرك و الفيتاس.
http://www.al-akhbar.com/ar/node/42624
و كلف المشروع برمته بلغت 60 آلاف دولار (أي اقل ربما من ثمن الكوكتيل الذي وزع في حفل استقبال الملك السعودي عند الاعلان عن السيارة البعير -1) اتساءل كم كلف المشروع فعلا و هل الامر ليس سوى نصبة من قبل استاذ ماكر و مساعديه في جامعة الملك طنفوس على الملك الاهبل ...
صديق والدي و هو ميكانيكي مخضرم كان يصنع قبل الحرب الاهلية حسب الطلب سيارات اسمها Buggy شبيهة بهذه:
و كانت رائجة جدا بين جيل الشباب في بيروت في السبعينات, و لو تطور به الامر لكان اليوم يصنع سيارات ذات مواصفات عالمية..
ليست العبرة في صنع نموذج وحيد و الاحتفال به, أي مجموعة من الطلبة الجامعيين بامكانهم ان يبنوا نماذج متطورة لاي شيئ ان توافرت الامكانات التقنية و المالية البسيطة , العبرة هي في مراكمة الخبرات المكتسبة من صنع هذا النموذج و استثمارها في انتاج نسخ بطرق اقتصادية تلبي الحاجيات , و تراكم المعرفة و الخبرة و تطويرها و ساتخدامها في مجالات اخرى هي المفتاح..
فلا يكفي ان تنحت قطع الطائرة او السيارة بالمطرقة و الازميل بيدك كما عندما تبني النموذج الصناعي الاولي, بل عليك ان تبني قالب صب المعادن و انتاجه لاحقا بتصنيع تسلسلي و كثيف Mass production ,
في جامعتي كل عام يكون بين مشاريع طلاب الهندسة بضعة مشاريع متميزة, صديقي صنع روبوتا يتحكم به من اللابتوب, و آخر بنى سيارة صغيرة تسير على الطاقة الشمسية و احدهم يعمل على بناء طائرة صغيرة يتحكم بها عن بعد, كل تلك مشاريع لا يجدر بنا التطبيل و التزمير لها كانجازات وطنية الا عندما يتم استثمار المعرفة المكتسبة في الانتقال الى مرحلة الانتاج الصناعي التسلسلي الذي يلبي الحاجات و يطور قطاعات و مجالات تصنيعية اخرى....
و صدقني لو كان في الامر فعلا تقدم تصنيعي او اقتصادي و ان السيارة السعودية اعلاه ما هي سوىprototype اولي انتجته المصانع السعودية و سيكون باكورة انطلاق صناعي للسيارات و الباصات و الشاحنات و الطائرات... لكنت اول من سأرحب بالامر (و انا من الذين يؤمنون بأن التقدم غير ممكن سوى باعتماد الاقتصاد الصناعي و الانتاجي -شأن جميع الدول المتقدمة- و ان الاقتصاد الريعي هو بمثابة قصر من رمال)
نأتي للسعودية قبلة الرجعية و التبعية للغرب في منطقتنا...
فقط بودي اعرف كيف ان بلدا بحجم كالسعودية يتمتع بالموارد البشرية و الطبيعية الهائلة, و دخل اليه ترليونات منذ اربعينات القرن الماضي و يمتع باستقرار مدهش و لم يخض اي حرب و الاهم من ذلك, يتمتع بحظوة و دلال منقطع النظير لدى الغرب و أنظمته منذ ايام روزفلت و لديه جيوش من المستشارين و المخططين الغربيين, و رغم ذلك, هو ما زال قزما بالمقاييس العالمية على الصعد الاقتصادية و السياسية و العسكرية (هل تعرف بالمناسبة ان ميزانية السعودية العسكرية تفوق مثيلتها لدى روسيا الاتحادية؟؟؟؟)...
يبقى ان أقول -للامانة-ان السعودية تبقى -مع كل عللها- افضل حالا من باقي المشيخات الهزلية الاعرابية... الا ان ذلك لا يشفع لها تبديدها معظم ثروات شعبها على يد العائلة الحاكمة و خصيانهم و لا ان نطبل و نزمر كلما بنت مجموعة من الهواة سيارة يبنى مثلها -و على ايدي هواة و طلاب و اطفال - آلافا منها كل عام في العالم...