حذار للمغتربين أصحاب النوايا الحسنة من الوقوع بالفخ من منظمات مشبوهة
ولو ظهر الغرض نبيل لمن يستقطبوا للكتابة عما حل من ظلم وقهر لهم ولذوييهم
لأن كثيرا من النوايا الحسنة تؤدي الى جهنم ,,,,,,,,,,,,,,,,,

فيسك تقرير يكشف عن حكايات المختفين في السجون السرية في سورية ومشكلته في ناشره 'فريدم هاوس' المدعوم من الحكومة الامريكية
'سنوات الخوف ' يقول ان 17 الف سجين معظهم اسلاميون اختفوا وراء الشمس



لندن- علق الصحافي البريطاني المقيم في بيروت ومراسل صحيفة 'اندبندنت' في الشرق الاوسط على تقرير اصدره مشروع التحول القانوني في العالم العربي وبدعم من بيت الحرية 'فريدم هاوس' في واشنطن عن مجزرة حماة التي ارتكبت قبل اكثر من عقدين في سجن تدمر الامني في سورية، وحمل التقرير عنوان 'سنوات الخوف' الحقيقة والعدالة في قضية المختفين قسريا في سورية' والذي جاء فيه ان ما يزيد عن 17 الف سوريا اختفوا بشكل قسري خلال فترة حكم الرئيس السابق حافظ الاسد. ويحتوي التقرير الذي جاء في 117 صفحة على شهادات عن المختفين والاعدامات ،ووصف انتظار عائلات وابناء وزوجات واقارب المختفين منذ 30 عاما عودة الاباء الذين يعتقد انهم ماتوا في فترة الثمانينات من القرن الماضي وهي فترة المواجهة بين الحكومة السورية والاخوان المسلمين.
وحذر الكاتب من ان تقارير مثل هذه يجب ان توضع عليها علامة حمراء لانها صادرة من جهات لها 'نوايا'، ففي هذا السياق ذكر الكاتب قارئه بما صدر عن 'فريدم هاوس' العام الماضي من تصريحات وصف فيها اسرائيل على انها دولة 'الحرية' الوحيدة في المنطقة ، فيما حصل لبنان على علامة تمنحه بانه بلد 'حرية نسبية'. وذكر الكاتب ان المؤسسة التي دعمت المشروع تحصل على نسبة 66 بالمئة من دعمها المالي من الحكومة الامريكية، بما فيها وزارة الخارجية ووكالة الدعم الخارجي الامريكي 'يواس ايد'، وتعود جذور المؤسسة الى عام 1941 حيث كان الينور روزفلت اول من دعمها.
ومن هنا فقد اتهمت المؤسسة بأنها لا تدعم الا الجماعات والحركات المؤيدة للغرب، وفي الشرق الاوسط لا تستهدف المؤسسة الا العرب، من مدرائها السابقين جيمس ووزلي، المدير السابق للاستخبارات المركزية الامريكية (سي اي ايه) المعروف بتصريحاته المتشددة. ويقول الكاتب ان الشخص الذي قام بتحرير التقرير هو باحث سوري يقيم منذ مدة طويلة في امريكا، وهو رضوان زيادة، ويدير مركز دمشق لدراسات حقوق الانسان.
ويرى فيسك ان كل هذا لا يعني ان تقريره يفقد المصداقية، فهو يكتب اي زيادة في مقدمة التقرير محذرا قراءه انه والفريق المعد للتقرير قرروا حجب اسماء الاشخاص الذين قدموا شهاداتهم ولاسباب امنية، كما وتم تغيير بعض المعلومات امعانا في اخفاء هوية الاشخاص الشهود. كما ويؤكد زيادة انهم قاموا بالبحث والتنقيب في المعلومات وتدقيقها خاصة تلك التي تتعلق بناشطي حقوق انسان الذين تمت مقابلتهم.
وعلى الرغم من ذلك يقول فيسك ان الرؤية البحثية والتدقيق لا تعطي القارئ ثقة كاملة في التقرير، مشيرا الى ان السلطات السورية ستقوم بالتشكيك بمصداقيته كونه مدعوما من مؤسسة هذا وصفها. ولكن التقرير يغطي سنوات حكم الرئيس حافظ الاسد، قائد القوات الجوية السابق والذي واجه الكثير من التحديات من اجل تثبيت حكمه خاصة من الاسلاميين الذين امتلأت بهم السجون السورية والاف من السجناء السوريين، وواجه حربا مع جماعات مسلحة بدأت في عملية الكلية الحربية في حلب عام 1979. وعندما تعرض الرئيس نفسه لمحاولة اغتيال قامت سرايا الدفاع التي كانت تتبع شقيق الرئيس رفعت الاسد بمهاجمة سجن تدمر الذي كان يعتقل فيه غالبية الاخوان المسلمين حيث قتل السجناء من خلال القصف المدفعي في زنازينهم. وشهد عام 1980 حربا مفتوحة بين النظام والاخوان المسلمين واصدرت الحكومة في 7 تموز (يوليو) من نفس العام قانون 49 سمح بموجبه اعدام اي شخص ينتمي للاخوان المسلمين او يرفض اعلان براءته منهم. وتصاعدت المواجهة بين النظام والاخوان لتصل ذروتها في عام 1982 بمجزرة حماة التي سيطر عليها المسلحون التابعون للاخوان وحصلت مواجهة ادت لتدميرها بشكل شبه كامل، وقتل فيها 15 الف شخص تقريبا، وبحسب تقرير زيادة فهناك من يضع الرقم بحوالى 20 الفا.
ويكتب فيسك معلقا ان تقرير زيادة يفشل او يتجاوز الحديث عن انتحاريات من الاخوان قمن بتفجير انفسهن في صفوف القوات السورية، والعنف الذي مارسه الاخوان قبل الهجوم في المدينة حيث قاموا بقتل عائلات كاملة منتسبة لحزب البعث، في اشارة الى ان الرواية عن تلك الفترة لا تزال محل جدل. ويضيف ان معد التقرير زيادة يعتقد ان من بداية الثمانينات والسنوات التي تبعتها ابتلعت السجون السورية تقريبا 25 الفا. ويقول التقرير ان معظم هذه الحالات حدثت قبل عام 2000. فيما تم الافراج عن العديد من السجناء منذ تلك الفترة.
ويشير التقرير الى سنوات الخوف التي شهدت حسب شهادات حالات قتل مدروسة، فحسب شهادة سجين في تدمر قال فيها ان جلادي السجن كانوا 'يستدعون كل اثنين وخميس مجموعة من الاخوان لاعدامهم في ساحة سجن تدمر'.
ويتحدث التقرير عن حالات سجناء حكموا لفترات قصيرة لكن اقاربهم لم يسمح لزيارتهم ولمدة عشرة اعوام ولكنهم في هذه الايام يستطيعون زيارتهم بعد كل هذه السنوات كما يقول زيادة. ويكتب فيسك قائلا ان زيادة جيد في جرد القوانين والاجراءات القانونية التي تحمي المواطنين السوريين من الاعتقالات العشوائية والتنكيل الجسدي والنفسي والاهانة الان. الساخر في الامر كما يقول فيسك ان الولايات المتحدة، حكومتها داعمة فريدم هاوس وهي من قامت بترحيل قسري للسجناء لسورية، لاعتقاد الامريكيين ان سورية ستتجاهل كل المعايير الدستورية التي تحمي المواطنين كما يقول. ويشير قانون اخر الى مسؤولية الدولة لاتخاذ كل المعايير القانونية والادارية والقضائية لمنع او وقف اعمال تؤدي الى اختفاء قسري. ويستخدم تقرير زيادة شهادة منشورة لعبدالله ناجي للاشارة الى المحاكم الميدانية القاسية والتي طبقها النظام ووضعت من اجل مواجهة العدو الصهيوني ولكنها طبقت على السوريين وهي المحاكم التي كانت تخضع لسيطرة غازي كنعان، مسؤول الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان سابقا.
ويقترح التقرير ان عمليات الاختفاء القسري اثرت على حياة مليون سوري تقريبا اي ما يمثل نسبة 5 بالمئة من السكان، وتشير شهادة عامر الذي كان يبلغ من العمر ثمانية اعوام انه لم يكن يستطيع الحديث عن وضع والده لان الامر يثير مخاوف الناس وشكوكهم. وتقول الشهادة 'عشت نصف يتيم مع ان والدي لم يكن ميتا بشكل رسمي'. وهناك عدد من الاشخاص ممن اعلن رسميا عن وفاتهم ثم ظهروا من جديد كما في حالة شاب اعتقل وهو في سنة السادسة عشرة في سجن حلب وقضى فيه 14 عاما.
ولاحظ فيسك عددا من الاخطاء البارزة في التقرير منها شهادة امرأة تتحدث عن اعتقال ابنها ثم يظهر وبدون تقديم اسباب انه والدها. وينقل التقرير عن ناشط حقوق انسان قوله ان بنايات اقيمت على مقابر جماعية . ويزعم ان هناك مسجدا كبيرا اقيم في مكان مقبرة جماعية. وبدأ فيسك مقاله بحكاية عن احمد حريري، وهو صديق سابق للكاتب في وزارة الاعلام، توفي الآن، ومن مدينة تدمر التي تم فيها رمي جثث القتلى من الاخوان في السجن في مقبرة جماعية بدون علامة، ويتذكر فيسك الحديث مع حريري في طريقهم لتدمر مرة. وقال حريري انه' بعد وفاة الرئيس سيتدفق سكان تدمر على التلة 'هم يعرفون انه توجد المقبرة التي دفن بها الموتى، معظمهم قتلهم رفعت، وعندما يتأكدون من ان الرئيس مات، سيقومون بوضع الزهور على المقبرة كذكرى لمن يسكنون فيها' كما قال الحريري. وحتى الآن ينتظر الموتى الزهور وتدفق سكان تدمر على مقبرتهم!