أهلا بك بيننا أولا

و ثانيا:

أعجبتني عدة ميزات رائعة في هذا النص منها:

- النفس الانساني الرافض للوضع القائم

- الدعوة للمقاومة من أجل خلاص جماعي

- تعداد ملامح طبيعية و اجتماعية وهبت ميزة التخصيص للنص و للشعب المخاطب و هي النيل و القطن و النخيل و الحصاد .. فايرادها دل القارئ على الشعب المقصود و أوضح اللوحة.

- هناك صور بلاغية جميلة مثل: ماء النيل فاضت من قذاها .. بكت فوقه الغمائم .. تلهو الولائم .. داستك الهزائم .. سارق الخبز .. الخ. كما أن الطباق أعطى قوة للصور المتناقضة.

أما بعض الملامح التي أراها بحاجة لاهتمام أكثر فهي أن بعض العبارات أخذت صيغة التقرير و افتقدت اللغة الشاعرية فمثلا: أطول الوقت نائم .. لا تنم بل قاوم.

عموما نص جميل و شكرا لك

سوف نبدأ بملحوظة موسيقية وهي الشكل الذي جاءت هذه القطعة عليه ,أهو الشكل الحر أم الشكل التقليدي ؟
من الشكل الذي أورد الشاعر به القطعة فإنه يبدو حرا , ذلك أنه يضعها في شكل سطور وليس أبياتا , ويضع كل جزء صغير في القطعة في ثلاثة سطور أو أربعة ولكن إذا تأملنا قليلا نجد أنه يمكن رد هذا الشكل الحر إلي الشكل التقليدي فالجزء الأول مثلا يكون هكذا

أيـّها الشـعْبُ :أطول الوقــْتِ نائــِم ْ؟ ... مـَنْ يــُطيلُ النوم تنـْســاهُ العوالم

والجزء الثاني هكذا

قــُم ْ ..فمـاءُ النيل ِ فاضـتْ مِنْ قـَــذاها…أنــِفــَتْ من شـُرْبها حتى البــَهائــمْ

والثالث

قـُطـنكَ المشــْـهورُ أرْداهُ سِـــواهُ ……..فــَبكتْ فوق زَرابيــهِ الغمـــائِـم

وهكذا كل القطعة , والسؤال هنا , لماذا لم يستعمل الشاعر الشكل التقليدي وفضل أن يستعمل الشكل الحر وكبف نحاسب الشاعر ؟ أنحاسبه علي الشكل الحر أم علي الشكل التقليدي ؟
أري أنا ( كوكو ) أن نحاسبه علي الشكل التقليدي لأسباب ثلاثة بسيطة أنه التزم في كل جزء من القطعة ست تفعيلات وهي تفعيلات الرمل فاعلاتن وقام بالتصريع في البيت الأول والذي تأتي فيه آخر تفعيلة في العروض كاملة دون حذف ( فاعلاتن ) هكذا

أيـّها الشـعْبُ :أطول الوقــْتِ نائــِم ْ؟ ... مـَنْ يــُطيلُ النوم تنـْســاهُ العوالم

المشكلة الآن أنه جعل كل الأبيات تأتي فيها آخر تفعيلة في العروض كاملة ( فاعلاتن ) دون حذف وهذا لا يحدث في بحر الرمل أبدا بل تأتي التفعيلة الأخيرة في العروض محذوفة وتكون ( فاعلن ) ويكون البحر هكذا
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن ..... فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
ماعدا البيت الأول الذي يحدث فيه التصريع فتأتي التفعيلة الأخيرة كاملة ( فاعلاتن ) ويكون البيت هكذا
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن .... فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

أما السبب الثالث والأخير فإن الشاعر قد التزم القافية الميمية في كل جزء
لكل هذه الأسباب أري أن نحاسب الشاعرعلي الشكل التقليدي وليس الحر , فالشعر الحر كما تقول الزميلة / هالة دعوة إلي الحرية من القيود التي كبلت القصيدة وكبلت الذات الشاعرة معا ولكننا هنا نجد الشاعر يكبل نفسه ( ست تفعيلات في كل جزء مهما كان شكلها , التزام التصريع في البيت الأول , التزام القافية الميمية ) , إذن ما الضرورة الفنية وراء ارسال القطعة في شكل سطور؟
أري أن السبب ربما يكون نفسيا بحتا

يتبع

كوكو

نأتي إلي الجزء الأخير في القطعة وهو هذا البيت

خــُذ ْ حـُـقوقَ الأمـْس ِ واليـوم ِ وأكــْــثــَر….وتــَحــرَّرْســـارقُ الخــُــبز جــبانٌ لا يــُــسالم

سوف نجد أن الشاعر أورد في الشطر الأول ثلاث تفعيلات وفي الشطر الثاني أربع تفعيلات
لماذا فعل ذلك ؟ ليوهمنا أنه يكتب الشكل الحر بينما لو حذفنا ( وتحرر) من صدر الشطر الثاني أو حذفنا ( وأكثر) من آخر الشطر الأول لاستقام البحر ثلاث تفعيلات في كل شطر ويكون البيت هكذا

خــُذ ْ حـُـقوقَ الأمـْس ِ واليـوم , تــَحــرَّرْ........ســـارقُ الخــُــبز جــبانٌ لا يــُــسالم

أو هكذا

خــُذ ْ حـُـقوقَ الأمـْس ِ واليـوم ِ وأكــْــثــَر…….ســـارقُ الخــُــبز جــبانٌ لا يــُــسالم

فالأمر سيان , فكلا الكلمتين مجرد حشو مثلما كان يصطنع الشعراء التقليديون , فلا قيمة فنية لكلمة ( أكثر) طالما أنه ذكر الماضي والحاضر فالباقي هو المستقبل وهو بيد الشعب , أما كلمة (تحرر) فلا قيمة فنية لها أيضا لأن أخذ الحقوق هو الحرية نفسها فالكلمة إذن مجرد تكرار

نأتي إلي التجربة الفنية وهنا أقول كما قالت الزميلة / هالة أنها لا بأس بها , فهذه الأبيات

قــُم ْ ..فمـاءُ النيل ِ فاضـتْ مِنْ قـَــذاها…أنــِفــَتْ من شـُرْبها حتى البــَهائــمْ !!
نــَخـْلكَ الممْشـــــوقُ لا يــَعـْلو طلــيقا…فـَمنــاخُ الروض تــَكــْسوهُ المــظالمْ !!

وحـَصادُ الأرض هل يضْـحى وفيــرا ً؟..كمْ بطـول العــمْر تــُـخْــزيكَ المواسم

هذا الأبيات من الجودة بمكان ذلك أن الشاعر جعل العلاقة بين رخاء الطبيعة وقحطها صورة لفساد ونقاء المناخ السياسي , فكما كان الملك في العهد الفرعوني ( الملك المؤله ) هو الذي يمنح الطبيعة خصبها فهنا المناخ السياسي هو الذي يمنح الطبيعة خصبها أو قحطها

كما أن طرائق تعبير الشاعر بغلبة الأسلوب الإنشائي علي الأسلوب الخبري صنع هذه الجودة وقد تنوعت الأساليب الإنشائية بين النداء والأسلوب الطلبي ( الأمر والنهي ) وأسلوب الاستفهام
وأن كان لروح الشعر التقليدي التي تجثم علي الشاعر دورها في خنق فرصة الانطلاق فمثلا لو نظرنا إلي هذين البيتين

أيــّها الشــّعب:كـــفى جُـبْــنا ً وجــُــوعا ً…تــَـأكلُ البــاقى وتــَبـْـقى العُـــمر صائـِـمْ !!

أحـَقيــرٌ ؟تــَتـَلــهّى بــِفــُــتاتٍ ………….حيث ُ تلـْهــو حول عيــنيْــكَ الولائــِم ْ ؟؟

سوف أبدل الشطر الثاني لكل بيت بالآخر وسوف تكون النتيجة واحدة ولننظر


أيــّها الشــّعب:كـــفى جُـبْــنا ً وجــُــوعا ً… حيث ُ تلـْهــو حول عيــنيْــكَ الولائــِم ْ

أحـَقيــرٌ ؟تــَتـَلــهّى بــِفــُــتاتٍ … تــَـأكلُ البــاقى وتــَبـْـقى العُـــمر صائـِـمْ !!

لا فرق , وهذا ليس من روح الشعر الحر الذي تأتي فيه كل جملة وكلمة في مكانها

كذلك فإن هذا البيت

وحـَصادُ الأرض هل يضْـحى وفيــرا ً؟..كمْ بطـول العــمْر تــُـخْــزيكَ المواسم

من الأفضل استعمال ( لن ) بدلا من ( هل ) , ذلك أن الاستفهام لا قيمة له هنا لأنه سبق وأن أفاد هذا المعني بجمل خبرية تدل علي نفس المعني والاستفهام يوحي بالانتظار لمعرفة النتيجة والنتيجة معروفة لسبق الإخبار عنها في الجمل السابقة .

أما الأخطاء النحوية ففي هذا البيت لا أستطيع أن أفهم الحرف ( من ) إلا أداة شرط جازمة

أيـّها الشـعْبُ :أطول الوقــْتِ نائــِم ْ؟ ... مـَنْ يــُطيلُ النوم تنـْســاهُ العوالم

وبالتالي يجب أن يكون الشطر هكذا ( من يطل النوم تنسه العوالم ) بجزم فعل الشرط وجوابه .

وهذا الشطر

فــَإلاما يـــسْرقوا العمــْرَ وترْضى

ماهو الجازم أو الناصب لفعل يسرقون ؟

وهذه الكلمة ( زرابيه ) في هذا الشطر

فــَبكتْ فوق زَرابيــهِ الغمـــائِـم

بوضعها هكذا غير صحيحة لأن ياء ( زرابي ) مشددة وهنا ينكسر الوزن حتما ولا ضرورة شعرية


كوكو