{myadvertisements[zone_1]}
التعريف بالقدّيس أوغسطينوس
Jugurtha غير متصل
Banned

المشاركات: 567
الانضمام: Jun 2008
مشاركة: #1
التعريف بالقدّيس أوغسطينوس

هل تعرفون يا سادة أنّ أول آباء الكنيسة الذي جمع بين الفلسفة والايمان هو أوريليوس أوغوستينوس من عائلة أمازيغية مترومنة Romanisé (المترومنون هم من الأهالي الذين اندمجوا في ثقافة روما التي أصبحت ثقافة عالمية كالانجليزية اليوم) ومن البلاد التي تسمّى اليوم إقليم الشاوية في الجزائر، آسف أن يكون ابناء تلك البلاد لا يعرفون اليوم شيئا عنه

قراءة ممتعة :97:


القديس أوغسطين-
Sainte Augustin


(( القديس أوغسطين هو أعظم سلطة بعد رسل الكنيسة )) بطرس الموقر.. أشهر قساوسة القرن الثاني عشر.

((يحتل الأب أوغسطين بلا منازع المكانة الأولى، بين آباء الكنيسة )) مارتن لوثر.. مؤسس المذهب البروتستانتي .

(( أوغسطين الذي لا يضاهي ، ذلك المعلم المتوقد الذكاء ، ذلك المعلم الأستاذ ... نسر الآباء ... فقيه الفقهاء)) بوسويه.

(( القديس أوغسطين أول آباء الكنيسة، كل كلامه دفق من فضيلته . كتبه تخرج من حرارة نفسه )) سان – سيران

(( القديس أوغسطين يتكلم أحيانا بطريقة يبدو معها أنه اقتبس كلامه من ديكارت؟؟ أو أن ديكارت اقتبسه منه)) الأب بواسون.

هو: أورليوس أوغسطينوس، أشهر آباء الكنيسة اللاتينية، ولد في مدينة:ثاغست Thagaste بنوميديا، تسمي اليوم بسوق: اهراس بالجزائر، في 13 تشرين الثاني 354 م، ومات في: أيبونا في 14 آب 430 م ، كان أبوه وثنيا ويدعى: باتريكيو، وأمه نصرانية تدعى: مونيكا.
درس أولا في مسقط رأسه، ثم انتقل اٍلى: مادورا، ليدرس الخطابة، أولع باللاتينية وبالأدب اللاتيني، وكان غير ميال لليونانية التي لا يبدو أنه أتقن منها سوى بعض المبادئ الأولي. وعلى الرغم من أن أمه المتدينة قد حضته مبكراً على العماد إلا أٍنه لم ينتصر، وعاد اٍلى: طاجسكا، حيث عاش حياة منحلة، ندم عليها فيما بعد كما يشهد على ذلك كتابه: (الاٍعترافات). تسنى له أن يواصل دراسته، وفق أمنية أبيه، فارتحل اٍلى: قرطاجا، حيث تردد فيها على مدرسة البيان والبلاغة، وكان شغوفاً بمباهج المسرح وألعاب السيرك ومولع بها أشد الولع، وهناك تعرف إلى فتاة من أسرة متواضعة رافقته على مدى 12 عاما، وأخلص لها كما لو أنها زوجة شرعية، ورزقا ابنا اسماه: آديوداتس (هبة الله).
كشفت لجدنا: أوغسطين، قراءته مؤلف: هورتنسيوس لشيشرون، عن دعوته الفلسفية، ومن يومئذ شغف شغفا منقطع النظير بجمال الحكمة الذي لا يبطل، وتأدت به دراسة الحكمة الوثنية اٍلى الاٍطلاع على المذهب المسيحي، فقرأ الكتاب المقدس، فخاب أمله فيها، ولم يستوعبه..؟ وانتمى وهو على ما هو عليه من تردد وحيرة، إلى الشيعة: المانوية، والتي كانت واحدة من الشيع النصرانية المتعددة في زمانه، وقد تحكم سببان في اختياره هذا: اٍستحالة قبوله باٍيمان مفروض، غير مبني على العقل..،ومسألة مفهوم الشر التي ستشغله طيلة حياته.
لما أنهى دراسته عاد وعائلته اٍلى: طاجسكا، حيث انصرف اٍلى تعليم الخطابة ونشر مذهب: المانوية، وجمع حوله عددا من التلاميذ، ومنهم: ليقنتيوس - نبريديوس، وتبعوه فيما بعد اٍلى: قرطاجا.
بين عام 380 و 381 م، كتب كتابه الأول في مجلدين أو ثلاثة: (في الجمال واللياقة)، وعندما قدم الأسقف: فاوستوس، من روما إلي قرطاجا، وكان فقيها مانويا شهيرا، استقبله الشاب: أغسطين، استقبال من به شوق لأن يبدد كل شكوكه، لكن أمله خاب، فقد بدا: فاوستوس، لـ: أوغسطين، خطيبا مفوها، ولكن جاهلا وعاجزا عن اٍلقاء أي ضوء على أي من المسائل، فبردت حماسته للمانوية، وعقد العزم بعدئذ على السفر اٍلى روما علي أمل أن يصيب فيها شيئا من الثروة والمجد، وما كانت أمه ترغب في أن يرحل، خصوصاً بعد موت ابيه في سنة 379م.
لم تمنحه روما ما كان يتوقع من أمال وأماني، فألم به مرض عضال، ولم يجن ثراءً كبيراً من تدريس الخطابة، مع أنه شغل منصب أستاذ للخطابة في ميلانو،إلا أن أحواله تحسنت، وكان له من العمر يومئذ 30عاما. وأستقدم لاحقاً امرأته واٍبنه، وفي العالم التالي أمه وتلاميذه الأوفياء .
على الرغم من أنه بات مذاك فصاعدا مطمئنا إلى مستقبله المباشر، إلا أن القلق ظل يعتمله، وكان في أثناء مقامه في روما قد انجذب إلى شكية: أركاسيلاوس، أكثر منه اٍلي شكية مواطنه: كرنيادس، وبات بحكم موقعه يستمع إلى مواعظ القديس: أمبروزيوس، أسقف ميلانو الكبير، لكن أمورا ثلاث كانت لاتزال تبقي: أوغسطين، بعيدا عن الايمان وكنيسة الكاثوليكيين: - استحالة تصور جوهر لامادي مطلق في لا ماديته.
- واستحالة الاستغناء عن النساء ؟؟.
إلا أنه تمكن فيما بعد من اجتياز المانعين الأولين بقراءاته للأفلاطونيين، أو بالأحرى الأفلاطونيين المحدثين "وربما أفلوطين نفسه"، ووجد لديهم حول الماهية الاٍلهية وطبيعة الشر تصورات فتحت له سبلا جديدة. فقد فهم أن الله نور، جوهر روحي وكل شيء تابع له وهو غير تابع لأحد؟؟؟ أما مشكلة الشر فقد تبدي له حلها في أن الأشياء بحكم ارتباطها بالله ، لا تحوز لا الوجود المطلق ولا عدم الوجود المطلق، فهي غير موجودة وجودا مطلقا، لأنها ليست هي الله.. وعلى هذا فما هي بقابلة للفساد اٍلا بقدر ما تشارك في الخيرية الاٍلهية، ولو تجردت من الخيرية لامتنع أصلا حتى فسادها.. فما الفساد إذن إلا فقدان للخير وعدم وجود.؟
ولئن أمسى: أوغسطين، مقتنعا على هذا النحو بالحقيقة، فاٍنه لم يغير مع ذلك شيئا في طراز حياته. وبناء على إلحاح أمه التي كانت راغبة في تزويجه بفتاة من أسرة كريمة، صرف رفيقته، واٍنما ليتخد له محظية أخرى ..؟.. وعندئذ حدثت النبوءة الحاسمة : فقد طلب لنفسه ذات يوم الوحدة والسكينة تحت شجرة في بستانه، فإذا به يسمع على (ما تراءى له)، صوتا يهتف به أمراً: (( خذ واقرأ .. إقراء ؟ ..)) فعجب للأمر، وتساءل بينه وبين نفسه عما يمكن أن يكون ذلك الكتاب، وسارع يأخد مشورة أحد أصدقائه، فوقع بصره لديه على رسائل: بولس الرسول، ففتحها بغير ما تعيين، فطالعته هذه الفقرة: (( لا تمضوا حياتكم في الولائم وملذات المائدة، ولا في الفسق والفجور.. بل البسوا سيدكم يسوع المسيح، وحاذروا من تلبية شهوات الجسد الفاسدة ))، فقرر على الأثر، وقد ((حلت به النعمة)) كما يقول، أن يعتكف في بيت صديقه: فيركوندوس، في: لومبارديا، مع تلاميذه وأصدقاءه وأمه وابنه، وهناك أمضوا وقتهم في الصلاة والدراسة والنقاش، وهناك أيضا رأت النور كتاباته الفلسفية الشهيرة: (ردا على فلاسفة الأكاديمية - في الحياة السعيدة - في النظام - مناجاة النفس)، ثم استقال من عمله كمدرس للخطابة، وتعمد في ليلة 24 – 25 نيسان 387م، على يد القديس: أمبروزيوس، ووقف نفسه مذاك فصاعدا على خدمة الله، وكتب في ميلانو: (في النفس الخالدة)، وارتحل صيفاً إلى موطنه: أفريقيا، لكن موت أمه في 387م، أعاده إلى اٍيطاليا، ومكث في روما اٍلى صيف 388م، وأثناء مقامه في إيطاليا، ساند البابا: سيريسيوس، في صراعه ضد المانويين، وكتب رسالتين ضدهم، وكان ذلك مبتدأ تصانيفه الكثيرة في المنافحة عن أصول العقيدة الكاثوليكية. في روما أيضا كتب: (في عظمة النفس)، وهو مؤلف صوفي تجلت فيه بوضوح مواهبه كعالم نفس، والجزء الأول من كتاب:(حرية الإختيار)،"سوف يؤلف الأجزاء الأخرى في أفريقيا سنة 395 م"، وتطرق فيه اٍلى مسألة الشر، وبعد أن أقام لفترة وجيزة في: قرطاجا .
عاد في خريف 388م، اٍلى: طاجسطا، وهناك باع جزء مما كان يملكه ووزع ثمنه على الفقراء، وطلب من الذين يرغبون في اتباعه أن يفعلوا مثله. وفي أثناء مقامه الذي دام سنتين في: طاجسكا، أنجز كتابه: (ردا على المانويين - المعلم - في الموسيقى)، وفي سنة 390م كتاب: (في الدين الحق)، وفيه طور الحجج التي كان أوردها في مؤلفه: (الرد على فلاسفة الأكاديمية).
في هيبونيس سنة 390م، اصبح كاهناً وأسس الرهبانية التي تحمل اسمه، ووضع لها دستورا، ثم عـُين نائبا للأسقف التقي والطاعن في السن: فالاريوس، وعهد اٍليه بمهمة الوعظ ، فأداها على أحسن وجه حتى مماته تقريبا، وكان في المدينة الكثير من الهراطقة الدوناتيين وعلى رأسهم: بروكولايانوس القوي، والمانويين ومنهم واحد يدعى: فورتوناتوس. وفي أعقاب مناظرة عامة مع الكاثوليكيين(في 28 -29 آب 392 )غادر المدعو: فورتونانوس، المدينة مغلوبا على أمره، وقصة هذه المساجلة هي موضوع الكتاب الذي وضعه الأب: أوغسطين، بعنوان: (ردا على: فورتوناتوس المانوي)، وكان ذلك فصلا من فصول المعارك الشرسة والمتعددة المشاهد التي خاض غمارها على جميع الجبهات ضد الشيع الهرطوقية والاٍنشقاقية التي كانت تتهدد العقيدة القوية الكاثوليكية: المانويين، الذين كانوا ينكرون وحدة الكنيسة ورسالتها - البيلاجيون الذين كانوا ينكرون الخطيئة الأصلية وفعالية النعمة، والوثنيون الذين كانوا لا يزالون ينكرون رسالة المسيح ويكذبونه.
وهكذا كتب: (في نفع الاعتقاد)، واتبعه بكتابين: (في ثنائية النفس 392م - في سفر التكوين 393م). وفي مجمع الأساقفة الأفريقيين الكاثوليك، الذي دعا اٍلى عقده في هيبونيس الأب: أوراليوس، أسقف: قرطاجا، ألقى ضد الدوناتيين العظة الشهيرة المعروفة باسم: (في الاٍيمان والرمز)، ثم كتب بعدها مباشرة: (ردا على رسالة دوناتيوس الهرطوقي)، وبين نهاية عام 395م، وبداية عام 396م، عـُين بعد وفاة: فالاريوس، أسقفا على: هيبونيس، فأوفى بجميع فرائض منصبه الجديد على أكمل وجه، وكان في آن واحد راعيا واٍداريا وواعظا وقاضيا.
والعظات الـ 300 التي خلفها الأب: أوغسطين، ما هي إلا جزء يسير مما ألقاه، وبعضها كـ: (المواعظ)، هي من أجمل ما تحوزه الكنيسة من شروح، ولا تقل أهمية عن عظاته: (الرسائل)، والتي وجهها اٍلى خصوم وأصدقاء وأغراب ورهبان وعلمانيين علي السواء. وفي عام 396م، حرر جزء من: (المذهب المسيحي)، وفي عام 401م، نشر الأجزاء الثلاثة عشرة التي تتألف منها: (الاٍعترافات)، ولنا هنا أن نعرج علي فيلسوف ليبي عظيم، ذكره: أوغسطين، في الجزء السابع، الا وهو: فكتورين كايوس، والذي كانت سيرتة المجلجلة إلي النصرانية، وردوده علي الفيلسوف: أريوس، عنصراً حاسماً في إهتداء: أوغسطين، ومسير فلسفته.
وفي نحو عام 400م، شرع الأب: أوغسطين، في تحرير رسالته الفلسفية واللاهوتية الكبرى التي تحمل عنوان: (في الثالوث)، التي عمل فيها زهاء 15 عاما متواصله.
وبعد انقشاع الخطر المانوي، وجه كل حربه ضد الدوناتيين الذين ارتأى أن خطرهم على وحدة الكنيسة كبير، فشارك في المجمعين الكنسيين المعاديين للدوناتية اللذين عقدا في: قرطاجا سنة 403 و 411 م، وتولى وحده تقريبا عبء النقاش، وقد كرس لصراعه هذا ضد الوناتيين عددا كبيرا من النصوص، ومن أشهرها: (في العماد ردا على الدوناتيين 401م - وردا على الرسالة الدوناتية أو وحدة الكنيسة 405م) .
في 2 أغسطس 410م، اقتحم القوط بقيادة ألاريك، روما وأعملوا فيها نهبا وسلبا ثلاثة أيام بلياليها، فتدفق اللاجئون بأعداء غفيرة على افريقيا، وزرعوا فيها الرعب والفوضى وأشاعوا أن المسيحية هي المسؤولة عن مصائب روما، وتفنيدا لهذه الشائعات كتب: أوغسطين،(مدينة الله)، وهو الكتاب الذي يبقى أرحب تصور للتاريخ الاٍنساني كما يراه مسيحي، وقد خاض: أوغسطين، صراعا ضاريا مع: سيلاستيوس، تلميذ: بيلاجيوس،عن طريق المواعظ والمجامع الكنسية، الذي تجسدت حصيلتها في عدد من الرسائل المضادة للبيلاجية، ومنها: (في الطبيعة والنعمة ردا على بيلاجيوس 413 – 415م) و(ردا على دفاع: يوليانوس، عن الهرطقة البيلاجية 423م). وكتب أيضا بروح أكثر نظرية وأقل جدالية: (في النعمة وفي حرية الاٍختيار- في الفساد والنعمة 426م). ولم ينج الآريوسيون بدورهم من لذع فكره وقلمه، فكتب ضدهم رسالة في عام 419م ، ثم خاض بعد عشر سنوات غمار مناظرة عامة مع الأسقف الآزيوسي: مكسيموس، تمخضت عن رسالة بعنوان: (ردا على الأسقف الأريوسي مكسيمونس). وفي عام 429م، شرع باٍعادة النظر في جميع تآليفه، فكانت نتيجة المراجعة كتاب: (الاستدراكات).
اجتاحت موجات الغزو القوطي اٍفريقيا الرومانية، ففي عام 429م، اٍجتازت قبائلهم بقيادة: جنسريك، مضيق جبل طارق، وزرعوا الخراب في أكثر مدن اٍفريقيا المسيحية، ولم تبق قائمة في وسط الأنقاض سوى كنائس: قرطاجا وسرتا وهيبونس، وفي الشهر الثالث من حصار مدينة: أوغسطين الأسقفية ، سقط الأب المتعب المنهك فريسة للمرض ومات في 14 أغسطس 430 م.

ردا على العقل الذي يسأله في: مناجاة النفس: " ماذا تريد أن تعرف ؟ " ، يجيب أوغسطين: " الله والنفس - لا شيء آخر - لا شئ أخر"، ففلسفة: أوغسطين، هي عبارة عن محاورة محتدمة، وغير منقطعة بين المخلوق والخالق، بين الإنسان الذي يطلب الله، والله الذي الذي يأتي لملاقاته، رحلة روحية للموجود المتناهي نحو الموجود اللامتناهي. ومعرفة الإنسان لذاته في الماهية الحقيقية لوجوده تعني في نظر: أوغسطين، المعرفة بأن الله موجود، وملاقاته على طريق المحبة هي رحلة حب ..؟ أي فلسفة تصوفية عميقة عريقة، فيها أن الإنسان، موجود مفكر لأنه يشارك في الحقيقة، والله هو الحقيقة، وأن نتعقل يعني أن نحب كثيرا، ولكن هذا لا يعني أن: أوغسطين، كان من أنصار المذهب المضاد للعقل، وسنخون فكره روحا وحرفاً، فيما لو نسينا أن فلسفته تندرج بصرامة في خط المثالية الأفلاطونية وأن جل طموحها أن تكون ترجمة مسيحية لها، وحذاري أيضا من الخطأ المعاكس الذي يحول: أوغسطين، اٍلى منطيق مجرد وصوري : فالحقيقة ليست عنده رؤية للذهن، واٍنما حياته بالذات، الحقيقة ليست موضوعا برسم التأمل فيه من الخارج، كما لو أنها شيء متميز عنا، بل هي تـُتعقل شيء وتـُحيا داخليا لأنها والاٍنسان شيء واحد . "التفلسف" عند: أوغسطين، هو ارتداد الاٍنسان نحو ذاته ليجد ذاته وليجد فيها حقيقة تتجاوزه.

اٍن القديس: أوغسطين، هو احد آباء الكنيسة الذين دارحولهم أعظم جدال في العالم المسيحي :
فالكاثوليكيون والبروتستانتيون، الجانسينيون واليسوعيون، احتموا وراء سلطته ليعقدوا اٍزار النصر لمذاهبهم. والحق أن فكر: أوغسطين، وبحكم كثرة المعارك التي خاض غمارها وتعدد الخصوم الذين واجههم، مطبوع بطابع التناقض وقابل للتفسير في اتجاهات متباينة(وقد تراجع غير مرة عن بعض أفكاره في أثناء مساجلاته)، بل حتى ديوان التفتيش نسب نفسه اٍليه، لأنه وجد عنده تعريفا مفصلا لعقيدة التعذيب في موضوع الدين؟؟ والنقطة التي ثار حولها عبر العصور أهم جدال هي تلك المتعلقة بالجبر والنعمة، أي ما يعرف لدي العقائد الأخرى بالقضاء والقدر، وجدلية هل الإنسان مـُسير أم هو مـُخير؟ فقبل: أوغسطين، كان كل آباء الكنيسة يتفقون على الاٍعتقاد بأن الله قدر للبشر قاطبة الخلاص أوالهلاك، والكنيسة الشرقية، التي لم تقبل قط بعقيدة الخطيئة الأصلية التي فرضها على الكنيسة الغربية القديس: أوغسطين،( إدانة مجمع أفسس سنة 431م، للبيلاجية)، بقيت وفية لذلك المذهب، وبالفعل لئن يكن: أوغسطين قد أقر في صراعه مع المانويين الذين كانوا يلحون على الطبيعة الشريرة جوهريا للإنسان، بدور للحرية الإنسانية، إلا أنه اختزل بالمقابل في سجاله مع البيلاجيين، الإنسان إلى عجز يسترقه كامل الاٍسترقاق للنعمة الإلهية، والحل الذي اقترحه لمسألة خطيئة آدم وانحطاط ذريته، أن الإنسانية في نظره غارقة في الخطيئة اٍلى حد أن طبيعتها، التي غدت كتلة من الخطيئة والفساد والهلاك، تحول بينهما وبين أي صبو نحو الخير، وعلى هذا فاٍن الخلاص لا يمكن أن يكون اٍلا من صنع الله وحده، والله يضن على بعضهم بما يمنحه مجانا لبعضهم الأخر، وهو يبدي عن رحمته في شخص أولئك الذين يتركهم للهلاك؟؟ والواقع أن هذا المذهب فيه نفي لقيمة الأفعال، ولم تقبل به قط الكنيسة الكاثوليكية بتمامه، ولئن كانت لا تجرؤ على المساس بما جاء بشأنه في كتابات: أوغسطين، فإنها تحاول بالمقابل أن تأوله وتخفف من غلوه، وعلى نحو ما فعل اليسوعيون حينما سعوا مع: مولينا، إلى التوفيق بين حرية الاٍختيار والنعمة، أما في أوساط البروتستانتيين فقد قال: لوثر، مؤسس المذهب بالجبر، فافترق عنه بصدد هذه النقطة: ميلانختون، الذي رأى في الخلاص نتيجة لتعاون بين الاٍنسان والله.
يقول أوغسطين:" أفعالنا هي أفعالنا، بسبب حرية الاٍختيار التي أنتجها،وأنها كذلك أفعال الله بسبب نعمته التي تجعل حريتنا هي المنتجة لها ".

ويقول عنه : فينيلون :
" لا مراء في أن القديس أوغسطين، كتب في زمن فاسد بالنسبة اٍلى الذوق، و طريقته في الكتابة تحمل أثر ذلك ظاهرا، فقد كتب بلا نظام وعلى عجل، وبفرط من خصوبة الذهن، بقدر ما كانت حاجات التعليم أو الدحض تلح عليه، فأفلاطون وديكارت ما كان عليهما اٍلا أن يتأملا في هدوء، وأن يكتبا متى شاءا، بدون أن يعني هذا أن هذين الكاتبين براء من العيوب، فلو جمعنا جميع الفقرات المتفرقة في مؤلفات القديس: أوغسطين، لوجدنا أن لديه من الميتافيزيقا أكثر مما لدى ذينك الفيلسوفين.. إني لن أكون مغاليا مهما أعجبت بتلك العبقرية الوسيعة ، المشرقة ، الخصبة ، السامية ".

" يبقى: أوغسطين، أيا ما كان اٍسهام المتقدمين عليه الرائد المؤسس والمحرك للفكر الكاثوليكي وللفلسفة المسيحية " (موريس بلونديل)

" ما من أحد خضع مثله، وبمثل تصميمه وتواضعه لمعطيات إيمانه، ومع ذلك ما من أحد أراد أكثر منه ألا يفعل بإيمانه، بل أن يتعقله وأن يستكشف كل محتواه " (ب . دي لابريول)

" إن سر عظمته ككاتب، وكذلك كمفكر، يكمن في انه يحيا ما يتأمله ويستشعر بعمق ما يقوله... أرفع المسائل ردها اٍلى أناه الخاص، واللاهوت استدخله، والفكر المجرد صهره في بوتقة قلبه، والايدولوجيا حلق بها إلى سمائها، وإنما بأجنحة من نار ... وبهذا النداء اٍلى التجربة الداخلية للفرد، وكذلك بقلقه المشبوب، يمكن القول مع التحفظ المطلوب اٍنه الرومانسي الأول في الغرب، الإنسان العصري الأول " ( جيوفاني بابيني)

" القديس: أوغسطين، لا يكف أبدا عن اٍلقاء دروس وفي الجنة، وأمام الله سيستهل درسا في التباكي، اٍنه يثرثر على مد النظر، إن نوميدي روما هذا، أو روماني نوميديا ؟؟؟ هو أقل الناس يونانية " ( أندريه سواريس)

ويقول الفيلسوف الفرنسي الشهير: فولتير:
" كان القديس: أوغسطين، أول من اعتمد تلك الفكرة الغربية (الخطيئة الأصلية) الخليقة بالرأس الحامي والخيالي لأفريقي فاسق وتائب، مانوي ومسيحي، غفور وظالم، أمضى حياته يناقض نفسه ".

" الأسقف القديس: أوغسطين يتبدى لنا في إهاب شيشرون مسيحي، وصحيح أنه يتكلم لغة أخرى ؟؟؟، لكنه يخلط مثله الخطابة بفلسفة أشد قلقا وأكثر حمية في نشدان الحقيقة " (فريدريك شليغل)

" .. عندما أنهل من ما كتب القديس: أوغسطين، بغزارة وقوة، أتساءل: ماذا لو كتب بلغته الأم ؟" (يوحنا بولس الثاني – بابا الفاتيكان الراحل).

و وصلاً بتعليق بابا الفاتيكان، أختم لكم بحدث ذا صلة ومغزي لكل ما سبق في هذه السلسلة:
(( في العاشر من شهر ديسمبر الماضي، والذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، تظاهرنا وإخواننا مناضلي الحركة الأمازيغية، من كل أقطار شمال أفريقيا، ضد زيارة الديكتاتور: القذافي لفرنسا، وانطلقنا من ساحة: القديس أوغسطين، في قلب العاصمة باريس، فأُعتقلنا ومـُنعنا في بلد الحريات وحقوق الإنسان، بلاد ديكارت وفولتير وروسو وغيرهم ممن تتلمذوا علي فلسفة وفكر أجدادي، أُعتقلنا وقـُمعنا في بلد يقتات ويزدهر علي حساب شخصيتنا وحضارتنا الأمازيغية المغيبة، منذ زمن : أوغسطين وما قبله، إلي عصر: زين الدين زيدان ... فتباً لك يا زمان)).
07-31-2008, 08:21 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS