ظهرت ظاهرة التسلح والتفجيرات لدى السنة بناء على حالتين إما أن تكون الحاضنة السنية هي حاضنة أقليلة بدول غير مسلمة كالحال في الفلبين في جنوبه تحديدا والاتحاد السوفيتي الذي ورثتها روسيا الاتحادية والاتحاد اليوغسلافي الذي انقسم إلى كرواتيا وصربيا والبوسنة والهرسك أو أن الحاضنة السنية هي حاضنة الأكثرية كما هي الحال بالبلدان العربية فظهر منها أقلية تفجيرية كما شاهدنا بالجزائر والمغرب والأردن والسعودية.
ولو راجعنا أدبيات الفكر السني السلفي نجده يركز على تلك الأقليات في تلك الدول بالإضافة إلى كشمير نتيجة النزاع بين الهند وباكستان وأفغانستان نتيجة الاحتلال السوفيتي وأنهم بحاجة للنصرة والجهاد ضد الكفار وكثيرا ما تسمع بخطباء الجمعة الدعاء لتلك الأقليات ودفع الناس للجهاد بالمال والنفس ولم يلتفت الفكر السني السلفي لفلسطين التي كانت على مرمى عصى منه إلا بعد أن تبنى ابن لادن هجمات سبتمبر على أمريكا عندها أثار القضية الفلسطينة بشكل مباشر وأنه يريد ضرب رأس الأفعى ولكن طيف آخر من الفكر السني السلفي المرتبط بالحكومات المرتبطة بأمريكا والمصالحة الغربية اختلف معه وقامت بينهم الخلافات والنزاعات ولكنهم أبدا لا يختلفون ولا يتنازعون في تضليل غيرهم من الفرق الإسلامية كالصوفية والمعتزلة والزيدية والأباضية والأشاعرة ولكن يبقى عدوهم الأكبر هم الشيعة نتيجة وجود إيران الشيعية وما توفره من قوة ودعم وبهذا أخذنا الفكر السني السلفي من عقود إلى الهاوية بطرحين طرح أكثري مستلب يخضع لطاعة ولي أمره وطرح أقلي مستعر يقوم بالتسلح والتفجيرات ولا شك أن الحكومات المستبدة بالمنطقة وظفت الطرفين بخدمتها وما زالت تقوم بذلك على نحو مطرد فالحكومات الخليجية خاصة السعودية ثم قطر تستخدم الطرح المستلب داخل بلدانها وتستخدم الطرح المستعر للخارج كما هي الحال بالعراق ثم سوريا وغدا مصر من جهتين الأولى حتى تخلص منه فتقوم بتصديره للخارج والجهة الثانية حتى تكسب به بضرب تلك البلدان الخارجية وهذا ظهر بشكل مكشوف بالحالة السورية.

لاحقا سأتكلم عن الحاضنة الشيعية التحشيدية في مقابل تلك الحاضنة السنية لعقد مقارنة بين الفكر والموروث السني والفكر والموروث الشيعي ليتبين لنا أن هناك فروقا فاعلة ومؤثرة بين الفكريين وليس كما يضن بعض اللبرالين والعلمانيين أنه كله "صابون"

بداية أحب أن أوضح المقصود بصفة "مستلب " في الفكر السني بمعنى "مسلوب" وكلمة "مستعر" بمعنى "مسعور"
لكون تلك الحاضنة السنية المسلوبة وهي الغالبية عاجزة عن الحشد خانعة للحاكم المستبد من عدة عقود تفجرت منها الفئة المسعورة والتي تشكلت لاحقا باسم القاعدة لابن لادن وكونها نتجت من العجز عن التحشيد لدى الغالبية انخرطت بالقتل والتسليح والتفجير والعنصر المشترك بين الحالتين هوعدم الثقة بالجمهور أو رعاع الناس كما يسمونهم فلا معنى لحشدهم فالأمر موكول لأشخاص معينين يسمونهم أهل الحل والعقد وبهذا لا يملك الموروث السني أدوات التحشيد ففي أشد حالات الضغط الشديد لم تستطع حماس السنية حشد الجماهير على الحدود مع مصر في وقت الملعون مبارك ولا بعده لفك الحصار.
لو قدر لحماس رؤية باصرة وموروث فاعل لطمرت الأنفاق ولأشعلت الجماهير لفك الحصار رغم أنف مصر وإسرائيل والغرب ولكنه انعدام النظرة الشاملة فغزة ليست ساحة تصلح للقتال حتى أهرب السلاح لها من تحت الأرض بل القطاع محتاج لأن يتنفس وينمو ويزدهر ولتعطل كل ما يتحجج به الصهيوني من قتل واغتيال وتدمير.
أما فيما يتعلق بالفكر الشيعي والموروث الشيعي فإنه متحرر من السلطة السياسية الخانعة للحاكم فلا تقبل بمصطلح ولي الأمر في المجال السياسي ولكونها أقلية في الخضم السني بنت لها رؤية خاصة مستقلة ومعارضة بحيث أنها لم تكن مسلوبة من السلطة السياسية ولا مسعورة ضد هذه السلطة السياسية إلا بحالات قليلة ولظروف خاصة ولفترة لا تطول بل عمدت للحراك الشعبي والجماهيري لتعبرعن نفسها.
في جنوب لبنان استطاعت الحاضنة الشيعية أن تحمي المقاومة والمقاومين بعد أن تم التخلص من ياسر عرفات الذي سبب جروحا نازفة للقضية الفلسطينة انطلاقا من الأردن في أيلول الأسود مرورا بسوريا ثم حربا طائفية في لبنان هذا الرجل الذي يحلو لأنصاره أن يسمونه "الرمز الخالد" ما هو إلا مثل سوسة نخيل ما تحل بنخلة إلا تفسدها وتحطمها والمآسي التي حلت بالفلسطينيين من بين يديه وتفرده وعنجهيته مذكورة مشهودة
بعد طرد ياسر عرفات تمكنت المقاومة الإسلامية الشيعية بجنوب لبنان أن توجه البوصلة تجاه الكيان الصهيوني حتى تحرير الجنوب واستطاعت أن تتجاوز المشكلات التي ظهرت بين حزب الله وأمل الشيعيين لنتبين القدرة على تجاوز الأخطاء التي صاحبت بداية ظهور النجم الشيعي بلبنان على ركام ما سببه ياسر عرفات وزمرته من جروح نازفة في لبنان المريض بطوائفه.
في البحرين يسطر الشيعة البحرينيون أعلى درجات الانضباط الجماهيري السلمي على الرغم من حقهم بمقاومة التدخل العسكري من السعودية والمرتزقة
في اليمن ينحو الحوثييون منحى البحرينيين في الحراك الجماهيري السلمي
في العراق يحتشد الملايين من الشيعة في كربلاء وغيرها من الأماكن المقدسة بالعراق برؤية باصرة ضد الهيمنة الغربية وليس كحال الحشد بمكة "السنية" للحج حيث يقتصر الحشد على تأدية طقس عبادي مفصول عن واقعه وهذا من بركات الفكر الوهابي الصحراوي البارد شتاء الحار صيفا مع أشواك وغبار!
في السعودية استطاعت الأقلية الشيعة بالمنطقة الشرقية أن تسير مظاهرات رغم أنف النظام السياسي ضد الاعتداء على غزة في حين لم يجتمع ثلاثة أشخاص ببقية المناطق الأخرى السنية بالسعودية وتستمر الأقلية الشيعية في تسيير المظاهرات لنيل حقوقها رغم أنف السلطة السياسية وسلطتها الدينية التي تحرم المظاهرات!

لو اقتربنا أكثر للحالة السورية فإن كثيرين سيقرون بأن المشكلة بالنظام والمعارضة معا ولكن رؤيتي أن عدم الحل هو في الموروث الثقافي لدى الشعب السوري فالحاضنة السنية الغالبية بسوريا هي حاضنة قابلة للتفجير أشبه بعنصر مشع أو نجم انهار على نفسه هي حاضنة تحطم نفسها من الداخل وتحطم ما حولها سيتم ضرب الأقليات وسيتم ضرب المرأة وسيتشظى الفكر السني بين سلفي وصوفي ولاديني وستنهدم الدولة وجيشها وستعيش سوريا بالفوضى بضعة سنوات يتباكي فيها المتباكون ويتلاعن فيها المتلاعنون والغربان من الغرب تنعق والعربان من العرب تبصق والضحايا من السوريين تشرق بدمائها ولا ذنب لها إلا أن الغرب الصهيوني يريد أن يلعب بساحتها الضعيفة حتى يهزم إيران المنيعة.
لنعقد مقارنة بين الأكثرية الشيعة بالبحرين مقارنة مع الأكثرية السنية بسوريا حيث لم تنجر الحاضنة الشيعية لمثل هذا العنتف الدامي بسوريا مع أن البحرين محتلة من العربان في حين كانوا يتحدثون عن خلايا نائمة لإيران بالخليج خاصة البحرين والشرقية تنتظر ساعة الصفر ومع ذلك لم تتورط بمثل ما يحدث في سوريا والسبب أن الحاضنة الشيعية بالبحرين والشرقية غير قابلة لتفجير نفسها كما هي الحاضنة السنية بسوريا وإلا كان من الممكن أن تدخل محموعات مسلحة فيها ولكن الحاضنة نبذتها ورفضتها.
النظام السوري يقابل استبداده الداخلي خور وضعف أمام التحدي الخارجي وكل أدائه خلال المرحلة الماضية يؤكد ذلك بدال من مجابهة التحدي الداخلي بالانفتاح يقابلة عدم مجابة للخارج بالخنوع والخضوع وهو بمكانه يترنح وكل ما أحس الغرب أنه تداعي قليلا يرفعه من الأرض ويصفعه على وجهه مرة أخرى وهكذا هي الحال لأن الغربيين لا يريدون سقوط النظام بل يريدون سقوط سوريا وهذا النظام الاستبدادي مستمر يحاول أن يظهر للغرب والعالم أنه قوي ومتماسك ولا يعرف أنهم يلعبون به وبسوريا رقصة الموت.

حادثة "الحولة" ثمثل شاهدا ظاهرا على ما سميته فكرا سنيا " مسعورا" له حاضنته بسوريا كما أن الفكر السني "المسلوب" له حاضنته بدول الخليج خاصة السعودية والمفارقة أن هذا الفكر المسلوب يقوم بتغذية هذا الفكر المسعور بالسلاح والمال
ينبغي أن نفتح عيوننا واسعا وعميقا لنسأل لماذا هذا الفكر المسعور المحضون ظهر بالجزائر في التسعينات وقبله بسوريا بالثمانينات ونراه في اليمن والعراق يقتل ويفجر ويرتكب أشنع الجرائم ولا أدل على تلك البشاعة من مثال من سوريا ظهر فيه حشد من الناس مجتمعين حول شخص مشنوق ويصورونه بجوالاتهم حتى نتبين حقيقة ما على الأرض أنهم ليسوا فقط جماعات مسلحة بل لهم حواضنهم.
الغرب يذرف دموع التمسايح على ضحايا "الحولة" والأمريكي يهدد بالتدخل العسكري حتى نرى سبعين حولة وحولة لن يسال عنهم أحد كما هم ضحايا ليبيا الذين سقطوا بنيران قوات الناتو ورفض الحلف إجراء تحقيق ما يجعلنا نعيش المهزلة في أجلى صورها من هذا الغرب المجرم الذي يعقد المحاكمات الدولية للضحايا الذين يسقطون بغير نيرانه ما يبين أن هذا الغرب أفلس تماما وسيتم نبذه من قبل حركة التاريخ والإنسانية وفي الجهة المقابلة نرى مهزلة النظام السوري لمواجهة تكالب الغرب عليه بطرد سفرائه يرد يطرد القائمة بالأعمال الهولندية كم هو نظام بائس تعود أن يعيش ذليلا للخارج ولا يستطيع تجاوز هذه العقدة وفي المقال يفرط في الداخل ويفقد السيطرة ويرتكب أكبر جريمة لنظام بحق شعبه أنه عاجز عن حماية الشعب لنرى كل هذا القتل وكل هذا الإجرام بين يديه خاب وخسر كحال معارضيه خيبة وخسرانا!