قال "خبير" على محطة ال CNN و هو كاتب في مجلة نيوزويك السياسية أن هناك ثلاثة سيناريوهات في المستقبل القريب في مصر، قام بذكرها بالترتيب، من الاكثر احتمالا، الى الاقل احتمالا:

1) الجيش المصري سيبقى مسيطرا على الامور، و سيضع حكومة شبيهة بالحكومة السابقة، مع الكثير من التغييرات التي تعالج المشاكل التي ادت الى سقوط نظام مبارك. من كلامه، فهمت أنه يظن ان هذا هو الشكل الوحيد للنظام السياسي الذي يقدر المصريون في الوقت الحاضر على انتاجه و العيش فيه. كما قلت، التغييرات الوحيدة ستكون في مجال التخفيف عن المواطن المصري من ناحية اقتصادية، و ايضا عدم المغالاة في الظلم السياسي للمعارضين. الامر قد يكون شبيها لما حصل في تركيا في الماضي، حين سُمح ببعض الحريات و الديمقراطية، لكن بقي الجيش مسيطرا على الموضوع، و تدخل عدة مرات لانقاذ الموقف كلما هددت الظروف الوضع الراهن. الخبير رجّح أن تكون أميركا و اسرائيل على اتصال متواصل الان مع أطراف في الجيش المصري للابقاء على الموضوع قيد السيطرة. قد تكون هناك أيضا كفالات أمريكية لمواصلة دعم الجيش ماديا، و أيضا اعطاء مساعدات اقتصادية لإرضاء الشعب و اسكاته. اسرائيل و اميركا على علاقة جيدة مع بعض قيادات الجيش المصري.

2) الامر الاخر الممكن هو أن الجيش لا يتمكن من البقاء مسيطرا على الموقف، و فعلا يتخلى عن صلاحياته في المجال المدني و يترك مهمة ادارة الدولة للقوى المدنية. هذا الشيء سيحصل اذا حصلت تشققات في تماسك القيادة العسكرية، و معارضة داخلية في الجيش، او حتى اتجاه بعض الشخصيات العسكرية الى مساندة القوى المدنية ضد القياديين العسكريين الاخرين. في هذا السيناريو، يُرجّح الخبير الامريكي أن تحقق جماعة الاخوان المسلمين انجازات سياسية هائلة و سيطرة كبيرة على الموقف، و ذلك بسبب تنظيمهم عالي المستوى، سيطرتهم على العديد من المؤسسات و النقابات و غيرها من لبنات المجتمع، و أيضا قدرتهم الفعالة على النجاح في الانتخابات. و أضاف الخبير أن تصريحات الاخوان الاولية بخصوص عدم رغبتهم في الترشح للرئاسة و عدم رغبتهم في السيطرة على الحكومة، هي ليست الا تصريحات تهدف الى تحييد مخاوف القوى الخارجية و أيضا تجنب أي مشاكل ممكنة او حتى مواجهة مع القوى العسكرية التي طالما قاومت المد الاسلامي في العقود الاخيرة. بمعنى آخر، الثورة الاسلامية ستكون تدريجية و ليست فجائية، و قد لا تصل الى الحد الذي وصلت اليه ايران من الاصولية، و ذلك بسبب عدم استعداد الشارع المصري لذلك.

3) السيناريو الثالث، و هو السيناريو الذي لا يرجحه الخبير على الاطلاق، هو ميلاد دولة ديمقراطية ليبرالية، تتميز بتعدد القوى السياسية و الاحزاب التي تنخرط كلها في الحكومة و البرلمان و المؤسسات، و يخرج الجيش من اللعبة السياسية بالكامل و يلتزم بواجباته العسكرية فحسب، واضعا نفسه كليا تحت سيطرة القادة المدنيين. الخبير لا يرجح ذلك على الاطلاق، زاعما ان مصر و المصريين يفتقرون الى الثقافة الاولية و الأساسات المجتمعية التي تُبنى عليها مثل هذه الانظمة في دول اخرى في العالم.

و قال أن الشيء الذي سيحدد ما اذا كان الخيار الاول او الثاني هو الذي سيحدث، هو مدى تماسك الجيش المصري و قدرته على السيطرة على الموقف و البقاء في موقع القيادة، و الحد من صلاحيات الاحزاب و القوى. اذا فشل الجيش في ذلك (سواء عن رغبة او بدون قصد)، سيتمكن الاخوان المسلمون في النهاية من تحقيق جزء كبير من حلمهم في مصر.

ملاحظة: أظهرت استطلاعات الرأي في اميركا ان ثلاثين في المائة من الشعب الامريكي تابع الثورة المصرية عن كثب، و هو رقم عال و مثير للاهتمام حيث ان من عادة الامريكيين عدم الاهتمام كثيرا بامور سياسية ليست اميركا في منتصفها. و بدى لي من مشاهدة وسائل الاعلام أنه انقسم الرأي العام الامريكي بين مؤيد للمعارضة، و اغلبهم من الليبراليين و اعضاء الحزب الديمقراطي، حيث دعى بعض الساسة في هذه المجموعة مبارك الى الاستقالة من اوائل ايام الثورة، و المجموعة الاخرى عارضت الثورة، و اغلبهم من المحافظين و اعضاء الحزب الجمهوري، و هم من ابدوا مخاوفهم ان تحضر الثورة الاسلاميين الى سدة الحكم. و قد ذهب بعض المعلقون في فوكس نيوز الى درجة انهم زعموا ان الثورة هي مؤامرة اسلامية، و لاموا اوباما بسبب فشله في دعم مبارك بشكل أفضل.

تحليل شديد السذاجة