السيناريو معقول بحد ذاته ,, ولو قمنا بجمع الأحداث وسردها خلال الأيام القليلة الماضية لخرجنا بشيء مشابه .. وقد سبق وقلت في إحدى المداخلات هنا في النادي عقب أحداث 28 يناير أو موقعة الجمل التاريخية, "أن إسقاط مبارك تحول إلى مطلب رمزي من أجل الأحتفاظ بالنظام .. ولن نستعجل التاريخ, فهو ما يزال يكتب حتى هذه اللحظة ...

بالنسبة للمؤسسة العسكرية وعن رغبتها في الاحتفاظ بالنفوذ داخل الحياة السياسية وتخوفها من وصول قيادات مدنية إلى سدة الحكم, فهو أمر مفروغ منه, وقد جرى تسريب أخبار عن أن القيادة العسكرية ترفض وجود البرادعي في أي حوار أو مشاركة في حكومة انتقالية .. كما أن هناك نقطة في غاية الأهمية تدلل على قوة هذه المؤسسة عبر العقود الماضية, وهي مسألة مدى وجود أو نفوذ مبارك الضعيف - نسبياً - داخلها, وقدرته على إجراء تغييرات هيكلية داخل قياداتها أو مسألة تعيين أبنائه وأقاربه على رأس الوحدات العسكرية كما هو حاصل في عدد من الدول العربية الأخرى ..

طنطاوي في اعتقادي وبسبب "اختلافه" عن القيادات الأخرى في الجيش, أرى - وقد أكون مخطئاً - بأن صورته حتى الآن هي أقرب إلى صورة محمد نجيب في 52 ..

وهناك نقطة أود التعقيب عليها وهي قضية "البيان رقم 2" والذي ذكر كاتب المقال أن المؤسسة اضطرت إليه لضمان وعود مبارك و"سليمان" حتى لا تهتز صورة الرئيس, فهو تحليل مقلوب في رأيي, والسبب هو أن لجوء الجيش إلى ضمان وعود مبارك و"سليمان" يمثل اعترافاً ضمنياً باهتزاز هذه الصورة أمام الناس وعدم وثوقهم في الرئيس و"نائبه" ولذلك فالجيش يتدخل ويقول ضمنياً : "أعرف أنكم لا تثقون في خطاب مبارك وسليمان". ولذلك فهو من سيضمن تنفيذها أمام الجماهير .. وليس العكس ...

عدا عن ذلك, فأعتقد أن المقال يحاول تلميع صورة عمر سليمان وبعض رموز المؤسسة العسكرية وإعفائهم من أي مسؤلية أو أي دور سلبي خلال العقود الماضية, بالرغم من الإقرار بالدور الرئيسي لهم في حكم البلاد .. بالنسبة لعمر سليمان وبرغم غموض الدور العسكري له خلال الفترة الأخيرة إلا أن نشاطه السياسي كان بارزاً للجميع, ولا يخفى على أحد ما كان له من دور في رسم سياسات البلاد الداخلية والخارجية وإدارة شؤونها, وما ترسب حتى الآن من وثائق أمريكية ودبلوماسية يظهر ذلك الدور السلبي الذي لعبه الرجل والذي أدى أخيراً إلى سقوط البلاد في هذه المتاهة .. وكل الحديث عن نصاعة الجبهة وبياض اليد والموهبة الإلهية والكاريزما والخطورة والشهادات السياسية والدبلوماسية بحقه وسواد العينين والنظرة الثاقبة و"الرجل رقم 1" والراجل اللي واقف ورا عمر سليمان كل ذلك أقرب إلى تصور ذهني مستوحى من قصص وروايات رجل المستحيل وأدهم صبري ...

أخيراً وليس بآخر - وكان ينبغي أن يكون أولاً - أن هذا التحليل يغفل وبشكلٍ شبه كامل الدور الأساسي للشعب وللجماهير الذي فرض هذه الإجراءات, ويجعل الأمر وكأنه مجرد خيوط تحركها بضعة عشر قيادة من خلف غرف العمليات ... الناس خلاص عرفت طريق ميدان التحرير كما قال نيوترال ..