Enki
عضو رائد
المشاركات: 1,490
الانضمام: Mar 2007
|
مغامرات أبطال الديجيتال
لقد انتصرنا.....مرحى لقد انتصرنا....لقد هزمناهم....يا فرحتي !!!
قرأتُ هذا الخبر فغلبتني الدهشة، ركضت إلى النافذة وأزحت الستار وألقيت نظرة فاحصة على الشارع لعلّي اعرف ما الذي جرى، لكن كان كل شيء على طبيعته، ما تزال السيارات تسير كما كان الحال بالأمس وأول أمس.
بحثت في كل القنوات الإخبارية على كل الأقمار الصناعية ولم أجد ذكراً لمن انتصر ومن انهزم، قلت في نفسي لعل الإعلام لم يرد أن يطلعنا على هذه الحقيقة وهذا الخطب الجلل، فألقيت نظرة على مدن العالم وعواصمها المهمة عبر خدمة جوجل للبث الحي لأشهر مدن العالم، مرة أخرى .... لم اعرف ماذا حصل ومن الذي انتصر ومن الذي هزم !
يظن أبطال الديجيتال حينما يكتبون بضعة اسطر في منتدى أنهم فتحوا الأندلس ودمروا سور الصين العظيم، فتجد احدهم يصرخ بوجهك انه انتصر وانه قد هزمك وكأن العالم كله لم يعد يهتم بأي شيء سوى أن يطلع على آخر أخبار فتوحاته الانترنتية وكتاباته التنويرية العظيمة، يخيل لهؤلاء أن العالم كله تم اختصاره بمنتدى فيروح صاحبنا يتصور انه إذا زعق وصرخ وهرج وقفز عدة مرات فان العالم كله سيقتنع بجماله وقوة منطقه وأيدلوجيته العظيمة التي أثبتت التجارب الانترنتية إنها دائماً تنتصر على الآخرين.
إسلوب الخطابة
أثبتت البحوث العلمية التي أجريت على الآلاف من الكلمات المستلة من منتديات الانترنت أن المشاركين في هذه المقالات يستخدمون لغة خطابية في كلامهم (Wallace, 1999) فنمط الكتابة في المنتدى يختلف عن نمط الكتابة في الشات أو الايميل، والسبب في هذا أن الكاتب يعرف أن هناك جمهور سيقرأ مداخلته فيحاول أن يتحول إلى خطيب شعبوي، والمأساة كل المأساة إذا كان صاحبنا من أبطال الديجيتال ممن يستخدم المنتديات للنضال والجهاد وتفريغ العقد النفسية التي قد تسمى في بعض الحالات "تنوير"، يتحول احد هؤلاء إلى خطيب رقيع فيبدأ مهرجان تحريك عواطف الناس وغرائزهم الهمجية أو التلبس بلباس المثاليات، تجد بعضهم ينهال عليك موعظة ووعظاً عن الفضيلة والأخلاق والعدالة وحسن الجوار والإنسانية واحترام الكبير والعطف على الصغير ويغرق في المثاليات والطوباويات حتى يحصل على التصفيق من الجمهور وآهات وإعجاب الكواعب الحسان. ويكتفي آخرون بإغراقك بمقالات مقتبسة من عدة مواقع وهم واثقون إنهم بهذا النقل قد انتصروا عليك، بل هم واثقون ان كل أبناء مجتمع بلاد العرب أوطاني قد قرأ وسمع ووعى لهذه الحجة العظيمة الخطيرة.
في احد المنتديات المعروفة، تجد حفنة من هؤلاء الأبطال لا هم لهم سوى أن يعلنوا الانتصار على كل ملحد يسجل في منتداهم وكأن هذا النصر سيثبـّت في التاريخ أن كل الملحدين خسروا الجدل وكل المسلمين ربحوا الجدل على الملحدين، بينما تجد آخرين لا هم لهم سوى تحرير المواطن العربي من الجهل والتخلف والدين والبدع والانبطاح والخيانة والتصهين، بارك الله فيكم إخوتي على هذا الجهد المتميز، مع تمنياتي لكم أن تصحو من بلاء الوهم الانترنيتي والجهاد والنضال الالكتروني.
تجربة في احد المنتديات
مشكلة من يريد أن يغرق في أحلامه انه يكره كل من يحاول أن يوقظه ويرشده للحقيقة القاسية، في منتدى الحاد، قمت بعمل استفتاء لمستعرضي المنتدى والشبكة، في الاستفتاء كان الزائر يسأل عن السبب الذي من اجله يستعرض المنتدى، رد اغلب الزوار المسلمين والذين لم يزد عددهم عن 20% من المشاركين بأنهم يفعلون ذلك لكي يضحكوا على عقول الملحدين ! لم يكن هذا هو الجواب الذي ينتظره أبطال الديجيتال ممن يريدون أن يستخدموا المنتدى للنضال الالكتروني ونشر ما يسمونه مما صار يعرف هذه الأيام بأنه "تنوير".
مثقفي الملخصات
حين كنت في التصنيع العسكري أيام القائد المقبور (صدام حسين) كان يجتمع بنا مسؤول حزبي نصف أمي لم يكمل دراسته الإعدادية، ولم يكن للرجل من فضل علينا سوى انه عن طريق الحزب صار يشخط وينهر ويأمر، كان هذا الرجل يحس بالنقص، فهو لم يكمل تعليمه ومع هذا فالمطلوب منه أن يدير اجتماع ويعطي محاضرات توجيه ثقافي لمهندسين وأساتذة جامعات يفوقونه علماً وخبرة، صاحبنا هذا حتى يعوض إحساس النقص عنده كان يقرأ بعض الكراسات الدعائية البعثية التي تتضمن مقارنات وملخصات لأقوال وأراء المفكرين، ثم يأتي إلى الاجتماع ويروح يتحدث عن الفلاسفة والعلماء والمفكرين على طريقة: قال المفكر الفلاني الشهير في كتابه العلاني كيت وكيت، بينما رد عليه الفيلسوف الأفغاني بعبارة شهيرة هي كذا وكذا، وهكذا كان يوقع في ذهن السامع انه قارئ خطير وانه قرأ عشرات بل مئات الكتب !
لكن سطحية ثقافته لم تكن لتخفى علينا، إذ إن مثقفي الملخصات غالباً ما يجترون كلامهم، فقد كان صاحبنا يعيد ويكرر كلماته مرة بعد أخرى فكلما ذكرت اسم مفكر ذكر لك نفس السطر الوحيد الذي لا يعرف غيره في كل مرة. عندها تعرف انك أمام مثقف ملخصات، يقرأ كتاب واحد أو كراس واحد ثم بعد هذا يتحدث وكأنه قرأ ثلاثين كتاب !
وأبطال الديجيتال كثيراً ما يكونون مثل مسؤولنا البعثي هذا، تجد بعضهم ينهال عليك بأسماء مجعلصة ومصطلحات لاتينية وانكليزية وألمانية وفرنسية حتى يثبت لك سعة إطلاعه، ثم بعد هذا تجده في كل شريط يعيد الإشارة إلى نفس العبارة ونفس الكتاب وهو يتفشخر على الآخرين: هل قرأتم الكتاب الفلاني؟ هل تعرف تفسير شعيط للظواهر والمجتمعات المريخية وكيف رد عليه بعيط؟
مثل هؤلاء توجد طريقة بسيطة لفضح ثقافتهم السطحية: الطريقة هي أن تسألهم أن يفصلوا لك ما كتبوا ويعرفوا المصطلحات ويذكروا المصدر ورقم الصفحة واسم المطبعة التي طبعت الكتاب الذي يدعون أنهم قرؤوه وسنة النشر، في اغلب الأحيان ستجدهم يتحججون ويتعذرون ويصطنعون تغيير الموضوع.
ذو رسالة خالدة
كلنا حينما نكتب في منتدى نحاول أن نخلق شخصية تختلف قليلاً أو كثيراً عن شخصيتنا الحقيقة، من يقول لك أنا صادق وأنا هو من أنا بالواقع، فانه بأغلب الأحيان يكذب، هناك سبب يجعلنا نخلق هذه الشخصية التي نكتب من خلالها حتى نصل إلى درجة الإدمان على منتدى، منا من ينشد "العون الاجتماعي" (Young, 1997) فانا كملحد مثلاً أجد نفسي محاصراً، أنا لا أستطيع أن أقول رأيي في كثير من الأحيان، أنا لا أستطيع أن أصرح عن الكثير من آرائي العقائدية والاجتماعية والسياسية في الواقع، لهذا فانا أشارك حتى أتواصل مع من هم مثلي وهكذا يتحول المنتدى إلى أشبه بمجتمع من أشخاص تجمعهم نفس الأفكار حيث أجد التقبل لما اطرح والذي افتقده في الحياة الواقعية. إنني اخلق شخصية قادرة على نقد الدين وهو شيء فقط انكي يستطيع أن يفعله، أما في الواقع فلا أستطيع أنا أن افعل ذلك، إنني مكره وما على المكره من حرج.
أصحابنا أبطال الديجيتال يخلقون شخصيات لا هدف لها سوى الحصول على الاهتمام من الآخرين (Young, 1997)، إنهم كمثل الطواويس، قد يسجل احدهم باسم فتاة ويضع صورة لفتاة داعجة متغنجة حتى يحصل على الاهتمام الذي يفقده من الآخرين، تجد البعض منهم يصرخ يميناً وشمالاً ويملأ الدنيا بكاءاً حزناً وفرقاً من هذا الملحد ألانبطاحي الخائن الذي يريد أن يحبط مسيرتنا التنويرية العظيمة ويسيء إلى سمعة المنتدى الذي يتابعه القاصي والداني وتتسمر أمامه الناس زرافات ووحداناً وقد تركوا عمالهم وأولادهم خلفهم بلا ندم، انه يظن أن هذا الموقف سيجعله شهيراً ويحصل على التقدير والتصفيق من الآخرين على هذا الموقف الوطني الأصيل.
تجد بعض هؤلاء ينهالون عليك بأنهم أصحاب رسالة عظيمة وأنهم سجلوا لكي ينقذوا امة بلاد العرب أوطاني من الجهل والتخلف ويوقظوهم من النوم والأفيون الذي يتناولونه آناء الليل وأطراف النهار، وعندها يعوض صاحبنا عقدة النقص التي يعاني منها في حياته الواقعية كونه عاجز عن فتح فمه بكلمة، انه يصيح بك: خائن متأمرك، متلبر، بينما هو يعيش في أمريكا أو كندا أو السويد ! انه خائن في حياته العملية وقد يكون عضو في احد الأحزاب السياسية، ولكنه على ألنت، مفكر يدافع عن العروبة والوطن والقومية والقضية الفلسطينية التي ربما كان من ألد أعداءها واقعياً، انه الشعور بالنقص والعياذ بالله.
ترى باتريشيا والاس إن من يغير من شخصيته على ألنت لا يشعر بأنه يكذب بل يشعر أنه باحث يجري تجربة على شخصيته ويحاول أن يستكشف أمورا جديدة رغبة منه في اكتشاف المناسب بالنسبة له (Wallace, 1999) فقد تجد مسلم يسجل كملحد أو تونسي يسجل على انه عراقي، أو شاب بعمر 16 يسجل على انه عجوز، وهو يفعل هذا رغبة منه في استكشاف الطريقة التي يتعامل بها الآخرين مع من يكون هكذا.
تضخم الذات
مشكلة الانترنت والمنتديات بصورة عامة هي خلوه من أي هرم تنظيمي، فلا يوجد أعضاء درجة أولى وأعضاء درجة ثانية أو من مكتوب عليهم عالم ونصف عالم أو أمي، ولهذا فان كلمات من يكتب غالباً ما تأخذ حجماً اكبر من حجمها الطبيعي (Wallace, 1999) وحينها فان سنفور الديجيتال يصاب بالتضخم والانتفاخ المرضي الافتراضي، فهو في الحياة الواقعية لا يتجاوز حجمه الصفر المكعب حيث يقول ولا يهتم احد له، أما على ألنت فقد صار شيئاً، صار يكتب سخافة وتقيؤ فكري واستمناء ثقافي فيجد هناك من يضغط على زر الرد ويكتب له شكراً أو كم أنت عظيم، فيظن صاحبنا انه تحول إلى "مفكر" خطير فيملأ الدنيا زعيقاً ونعيقاً ويمشي في الأشرطة مختالاً فخوراً.
واكتفي بهذه اللمحات من صفات أبطال الديجيتال
شكراً لقراءة المقال.
----------------------------------
(1) انظر Wallace, P. (1999) The psychology of the internet. Cambridge: Cambridge University Press.
(2) Young, K. (1997) What makes the internet addictive: Potential explanations for the pathological internet use. Paper presented at the 105th annual conference of the American psychological association, August 15, 1997, Chicago, IL.
(3) Ibid
(4) Wallace, P. (1999) The psychology of the internet. Cambridge: Cambridge University Press: 47
(5) Ibid: 99
|
|
07-08-2008, 01:12 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
الحر
عضو رائد
المشاركات: 2,763
الانضمام: Mar 2006
|
مغامرات أبطال الديجيتال
القمني !!
وهل يختلف القمني عن صبي المقهى !, سوى انه قرا مجموعة من الكتب , واعاد تركيب الافكار الواردة فيها متذرعا بالنقد الموضوعي, فكتبه لا تستحق القراءة اطلاقا , لضحالة الطرح والاسلوب, فما يفعله هذا الرجل لا يعدو عن جمع المجزء وتجزيء المجموع, وتفكيك المركب وتركيب المفكك من العبارات والافكار من المصادر الاولية لتلك الافكار, وما منح هذا الرجل كل هذه الشهرة هو قولبته لافكاره النقدية في قالب تهجمي لتابو الدين في المجتمع العربي المسلم.
في ظني لو ان هناك ناقد يستحق ان يقرا نقده لموضوعيته ولمستواه الاكاديمي فهو جورج طرابيشي وليس الزاعقون من امثال القمني .
تحياتي
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-08-2008, 10:37 PM بواسطة الحر.)
|
|
07-08-2008, 10:34 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}