(12-23-2011, 11:42 AM)جمال الحر كتب: ثم يا حبيبي , ثبت من قبل أن القول بالتجسد يخيرك بين أمرين , لم تختر أنت منهما واحدا حتى الآن :
-عدم وجود يسوع . لأن يسوع هو صورة مادية للرب.
-أنك تؤمن بتعدد الآلهة .فالرب شيء و يسوع شيء آخر .
تحياتي .لن تفلت من مآزق المسيحية إلا بالبراءة منها .
شكرا .
ما معنى : " إذ كان فى صورة الله " ( فى 6:2 ) ؟
الجـــواب:
* قال معلمنا بولس الرسول : " فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً " الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاساً . لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس . وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " ( فى 5:2 – 8 ) .
* كلمة ( صورة ) التى وردت فى النص السابق عن صورة الله وصورة العبد باللغة اليونانية هى ( مورفى ηфρμΟ ) بمعنى الصورة مع الطبيعة ، وليس ( إيكون νωкιε ) اليونانية بمعنى الصورة الخارجية بدون الطبيعة ، فالصورة الخارجية لا تحمل نفس الطبيعة ، مثل واحد التقطت له صورة – هذه الصورة مادتها مجرد ورق وألوان – ولكن صاحب الصورة هو إنسان ، ففى هذه الحالة الصورة طبيعتها غير طبيعة الأصل ، وإن كانت تعلن عن الاصل إلا أنها مجرد صورة ، وتسمى ( إيكون νωкιε ) .
ومثال أخر : الإنسان ، فهو على صورة الله ولكن طبيعته غير طبيعة الأصل أى الله فالإنسان مخلوق والله خالق ... هناك فرق واضح فى الطبيعة .
* أما كلمة ( مورفى ηфρμΟ ) التى قيلت عن الابن الوحيد فى علاقته مع الآب فهى تعنى الصورة التى تحمل الطبيعة نفسها فالابن الكلمة حمل صورة أبيه القدوس ، وحمل نفس طبيعة وجوهره بغير انقسام . وفى تجسده أيضاً حمل نفس طبيعتها البشرية – بغير خطية – جاعلاً إياها واحداً مع لاهوته . ولهذا فقد استخدم أيضاً القديس بولس فى نفس النص السابق كلمة ( مورفى ηфρμΟ ) للإشارة إلى صورة العبد التى اتخذها كلمة الله ، بمعنى أنه أخذ طبيعة بشرية حقيقة .
ما معنى : " أخلى نفسه " ( فى 6:2 ) ؟
الجـــواب:
* إذ كان فى صورة الله ... أخلى نفسه " معناها أنه قبل أن يوجد فى هيئة غير محاطة بالمجد المنظور لكن لا تعنى أنه أفرغ المحتوى الخاص به من طبيعته الأصلية بحيث أنه يكون قد فقد طبيعته ، فعبارة " أخلى نفسه " تعنى أنه وجد فى هيئة غير محاطة فى ظهوره فى الجسد بمجده المنظور – الذى تراه الكائنات العاقلة مثل الملائكة – محيطاً بلاهوته .
* الأمر الجميل ، أنه مع هذا يقول القديس يوحنا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " ( يو 14:1 ) ... السيد المسيح أخلى نفسه من المجد المنظور الذى يليق بطبيعته الإلهية التى هى نفسها طبيعة الآب والروح القدس .
وبالرغم من أنه عندما إلتحف بالناسوتية وأخفى هذا المجد المظور ، ظل أيضاً محتفظاً بمجده غير المنظور فى البعد الروحى الذى قال عنه يوحنا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة حقاً " .
* وشعاع من المجد قال عنه بطرس الرسول : " رأينا مجده إذ كنا معه فى الجبل إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى " ( 2بط 17:1 ) فهذا شعاع من المجد المنظور على جبل التجلى قبل الصليب ، لكى يقدم للتلاميذ معونة تسندهم فى وقت التجربة الرهيبة عند آلامه وصلبه وموته المحيى على الصليب .
* لكن العجيب أنه وجد فى صورة عبد وليس هذا فقط بل " إذ وجد فى الهيئة كإنسان ، وضع نفسه وأطاع حتى الموت " ( فى 8:2 ) كلمة هيئة باليونانى ( سيكما αχημσ ) مثلما نقول : ( إسكيم ) الرهبنة أى ( شكل ) الرهبنة .
* مجرد أنه أخلى نفسه كإله بالتجسد ، فهذا عمل عظيم جداً . ولكنه هذا لم يكفه ، بل بعد أن أخلى نفسه آخذاً صورة عبد ، فمن حيث تصرفه كإنسان قال : " وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " . فهو أخلى نفسه ولم يكتف بذلك بل وضع نفسه كإنسان فى طاعة للآب ، ووضع نفسه تحت الجميع حتى أنه غسل أرجل تلاميذه ثم احتمل الآلام والاهانات والتعييرات التى لا توصف ... فحتى كإنسان كان متضعاً ووديعاً لكى يكون هو المثل والقدوة .