(05-25-2011, 10:25 PM)السلام الروحي كتب: من جهتي وأتمنا سماع رأيكما أن العدم مكون في الوجود علميا وفلسفيا
فعلميا مبني على أساس انتقال الطاقة حول النواة من مستوى طاقة إلى مستوى طاقة عبر قفزات الاكترون بيين تلك المستويات ، فحتى ينتقل الاكترون بينها يلزمه القفز ، والقفز يعني وجود "هوات" جمع "هوة" بين تلك المستويات ، وهو ما عنيته بكون العدم مكون في الوجود ، أما فلسفيا فميني على الفلسفة الوجودية التي ترى انفصال كل ذات عن أخرى ما يعني وجود "هوات" بين الذوات ، والقول بالعدم مكون في الوجود يعني إمكانية اجتماع الأضداد فكون الضدين ظهرا بالوجود يستلزم انبثاقهما من سابق لهما متكونان فيه وهما الوجود والعدم ، فلولا العدم لما كان الوجود ، والوجود هو الصورة المنعكسة للعدم ، وبهما معا يتحقق ظهور العالم ، وكذا الفلسفة الوجودية تقول بإمكانية تحقق اجتماع الضدين بالنفس البشرية عندما يبلغ التوتر شدته بينهما فقالوا في العاطفة حب كاره وألم سار وكذا الحال بالإرادة.
سلام،
كلامك صحيح، ما تتكلم عنه هو نظرية الفلاسفة الطبيعيين الذريين —اقصد ديموقريطس و لوسيبوس— الذين نادوا بالوحدة التي لا تتجزأ —الذرة؛ رداً على امبدوقليس الذري اللاعدمي— والتي تتحرك في العدم، وإذا لم يكن عدم، لم يكن حركة، لكن هناك حركة، فإذاً هناك عدم.
بالطبع تم تقسيم الذرة وتجزيئها، وتم تقسيم الجزئيات الى جزيئاتٍ اصغر، والقول صحيح، الإشباع بين الذرات او اجزائها يحتاج الى قفز في الفراغ.
على نحو مشابه، في المعلوماتية، وفي نظرية المجموعات (Set Theory) وحتى البرمجة، الفراغ مهم جداً بالنسبة لنا. فكيف يمكننا جمع وفصل المجموعات إذا لم يكن لدينا عدم؟ فحتى في المجموعات الغير متطابقة ظاهرياً، والتي لا تمتلك قواسم مشتركة بينها، لديها بالفعل قاسم مشترك، الا وهو العدم (∅). وبالبرمجة كل ما يخلق دون تحديد(initialization)، يُخلق عدمي: int number = void;
ثم يتم ملئه.
وهناك معضلة الحلاق التي لا تحل الا بالعدم:
يوجد قرية فيها رجل حلاق واحد، وفي القرية كل رجل يحافظ على نظافته عبر القيام بأحد هذين الأمرين:
1- يحلق ذقنه
2- او يذهب عند الحلاق
أي ان الحلاق يحلق ذقون كل وفقط من لا يحلق ذقنه بنفسه.
المشكلة هنا: من يحلق ذقن الحلاق؟!
إذا لم يحلق ذقنه، فعليه ان يذهب الى الحلاق، لكنه هو الحلاق!
وإذا قام وحلق ذقنه، فالحلاق لا يحق له ان يحلق ذقنه... لكنه هو الحلاق!
كيف تحل هذه بغير العدم؟ —اقصد في البرمجة—...
اما فلسفياً، فأكثر من تكلم عن العدمية هو بالأخص نيتشه، الذي يعتبر العدمية، التي تنبع عن الإنصياع للأوهام، والخضوع والقنوط والسكينة، كلها اشكالاً من العدمية، والأديان هي المسؤولة الأولى عن الفراغ والعدم الذي انتاب البشرية وحطمها ودمر الحياة والإنسان.
ولسارتر ايضاً رؤية مشابهة فيما يسميه الإيمان الفاسد —أي التخلص من الحرية وعدم التجرأ على الإختيار، وترك "الله" والأديان وتحميلهم المسؤولية عن قدرنا وخيارنا في الحياة، وهذا كله وجهاً اخر للعدمية.
اعتقد هذا هو ما تقصده من العدم الفلسفي الوجودي؟ الا اذا كنت تقصد الترقي النيتشوي من الإنحطاط الى التسامي والفراغ والعدم الذي يحدث فيما بين؟
دمتم،