الطبع والشخصية (2)... بقلم : نبيل حاجي نائف
الطبع والشخصية (2)... بقلم : نبيل حاجي نائف
شارك
أسس الانفعالات الفزيولوجية .
كما ذكرنا ان الانفعالات مرتبط بالجهاز العصبي الخاص بالغدد الصماء الموجودة في الدماغ المتوسط . عندما يلتقط الدماغ تأثيراً معينا تسري آثاره في الجسد بواسطة الجهاز العصبي الانبائي .
في هذا الوقت , وحسب الشخص , سوف يترجم الانفعال بطريقه لا يمكن السيطرة عليها , إما عبر تسارع الحركات " الإثارة " , و إما عبر الشعور بالشلل و الجمود " الكبت " .
الإحساس هو فقط نوع من الاعلام , و اما طريقة التعامل مع هذه المعرفة فهي التي ستحدد الانفعال . و الانفعال في الواقع هو نوع من التعبير , لذلك فإن إحساساً ما قد لا يؤدي إلى الانفعال . و نستنتج من هنا أن الانفعالي حساس بالتأكيد , اما الحساس فليس بالضرورة انفعاليا .
اذا قلنا ان الاحساس يتولى التقاط المعلومات والانفعال يتولى نقلها فان التأثر هو الهدف المقصود الوصول إليه . و هذا الهدف قد يكون . متجها نحو الذات , مما يعطيه معنى المجهول " لقد اثر فينا أمر ما . أو متجها نحو الآخرين , مما يعطيه معنى الفعل .
وهناك فرق بين الانفعال والتأثر . ان شخصا ( سواء رجلا او امرأة ) غير انفعالي , قد يكون شديد التأثر قوي الاحساس و مرهفا ولكنه لا ينفعل بسهولة . ان مثل هذا الشخص يتمتع بالهدوء ولا يمكن إخافته او إقلاقه بسهوله ولا حمله على الانفعال , غير انه في الوقت عينه يشعر بالحنان و الحزن والألم المعنوي و الشفقة , إي انه يمتلك قلبا كبيرا .
في المقابل قد نقع على شخص انفعالي ( سريع الغضب , غير صبور , حساس .. ) ولكنه قاسي القلب جاف العاطفة و متصلب الرأي .
تعريف الترجيع البعيد
ذو الترجيع البعيد : هو الشخص الذي يكون " وقع " الانطباع لديه بطيئا وثابتا و عميقا .
وذو الترجيع القريب أو الفطري : هو الشخص الذي يكون " وقع " الانطباع عليه سريعا ويزول بسرعة.
ان الوقع " وقع التصورات " بالرغم من مظهره المعقد , انه يعني السرعة التي تظهر بها ردة فعل الفرد اتجاه عوامل يواجهها ويعني أيضاً مدة ردة الفعل هذه , وبقاء التأثر و ردة الفعل .
يمكننا تشبيه الوقع بنابض نضغطه على دفعات متتالية إلى أن تؤدي حركه خاطئة إلى انفراجه بصورة فجائية و وفقا لردة فعل الشخص , يمكننا التحدث عن وقع سريع " فطري " اذا كانت رده الفعل فورية " ينفرج النابض فورا " , او عن وقع بطيء " ترصني " إذا أتت ردة الفعل بعد فترة طويلة " النابض لاحقا .
فسريعي التأثر ردة فعلهم فورية عند مواجهتهم أمراً محزنا او مفرحا , هذا النمط من الاشخاص يسمى في علم الطباع النمط الفطري او البدائي . والشخص في هذه الحالة يستجيب بسرعة , اي ان ردة فعله تأتي في اللحظة الأولى . أما الانفعال فلا يدوم بل ينسى .
يفضل الاشخاص سريعي التأثر العيش في اللحظة الراهنة دون التفكير في المستقبل . وهذا امر يساعد في انفتاحه على الآخرين , لكنه يؤدي إلى عدم الاستقرار في عواطف الشخص وعلاقاته .
سريع التأثر أو الفطري شخص تواق دائما الى التغيير . يحب المفاجآت , يمكن إرضاؤه بسرعة و تزول أحقاده بالمصالحة . هو سريع الاندماج في الأوضاع المختلفة , ولديه القدرة على التأقلم مع المتغيرات حتى الغير منتظرة بليونه و مرونة . غير ان شدة إحساسه بتقلبات بيئية قد تؤدي به إلى حاله من عدم الاستقرار .
ذلك كله يجب الا يدفعنا الى الخلط بين النموذج سريع التأثر و النموذج الانفعالي
فسريع التأثر هو :- مندفع - غير مستقر - لجوج أو غير صبور - يرضى بسرعة- غير حقود
أما بطيء التأثر أو الترصيني فيعتبر اكثر اتزانا في ردات فعله من الشخص الفطري " السريع التأثر " . يستطيع البقاء لفترة طويلة تحت تأثير انطباع معين , فتتراكم الأحداث عنده قبل أن تظهر ردة فعله . هذا الميل إلى الانفعال بعد فوات الأوان يتلاءم في علم الطباع مع الفئة التي سنتكلم عنها هنا . فالترصني , اي الذي تظهر ردة فعله في وقت لاحق فيبقى انفعاله ولا ينساه بسهولة . فهو يهتم بنتائج افعاله ؛ يفضل التفكير قبل التصرف . يحتفظ لمدة طويلة بذكرى انطباع معين , ويظل مرتبطا بذكرياته القديمة , لذلك لا يمكن ان يرضى بسهولة . وعلى عكس الشخص الفطري . فهو مستقر ومخلص في صداقاته و عواطفه . يحتاج الى الاستقرار و يشعر بالامان في الرتابة . يوصف عادة الترصني بأنه " جاد " طبيعته حذرة , ويميل إلى الانطواء على ذاته . هو رزين - منظم- مستقر- حذر- رتيب
بالنسبة للنمط الترصني " إي البطيء التأثر " , الخبرة هي التراكم الناتج عن انفعالات تلقوها , ما اسهل الكتابة على الرمال ولكن ما نكتبه سرعان ما يمحى وما أصعب الحفر على الرخام ولكن ما نحفره يبقى ابدا .
أما الفطري : قد يلتقى الشتائم , فيهتز وينفعل لها و ينفعل فورا و بشدة , وينسى بعدها كل شيئ .
علاقة الترجيع البعيد بالأسس الفزيولوجية الموروثة , والمكتسب أثناء الحياة .
علاقته بطول فترة بقاء التأثيرات الحسية والعصبية والانفعالية . فالعامل الأساسي الموروث للترجيع البعيد هو طول أو قصر زمن بقاء التأثيرات العصبية وبقاء جريان التيارات العصبية في الدماغ ( أي طول زمن بقاء الطنينات الحسية ) . أما علاقة الترجيع البعيد بالتربية والتعلم وظروف الحياة , فهي قوية وإن كان تأثيرات الحياة والتربية يلزمها وقت طويل لتترسخ , فكلنا عندما نتقدم في السن نصبح بعيدي الترجيع وإن كان بنسب متفاوته تابعة لما مورثناه بيولجياً .
عوامل الترجيع البعيد :
1 – شدة الحساسية أو التأثر , وبالتالي شدة الأحاسيس , وشدة اللذة والألم
2 – فترة زمن بقاء التأثيرات الحسية والعصبية والانفعالية .
3 – فترة زمن تكرار إعادة الإدخال لساحة الشعور , هل هي بضعة دقائق أم بضعة ساعات أم بضعة أيام
4 – قوة الذاكرة وقوة الذكاء , أو القدرة على التعلم أي عدد مرات التكرار لحدوث التعلم , وهذا تابع أيضاً لقدرات العقل والذكاء . فالترجيع البعيد هو تعلم نتيجة تأثيرات ظروف الحياة والسعي للتوافق معها , وهو أيضاً يدل على شدة الذكاء .
5 – قوة أو شدة الرغبة والنهم للأحاسيس اللذيذة والسعيدة , أو قوة السعي لملذات الحياة والابتعاد عن ألامها ومآسيها .
6 – طريقة التقييم وسلم الافضاليات التي يعتمدها الفرد .
7 – مقدار الصبر والتحمل الفرد للأوضاع والظروف الصعبة أو المؤلمة . . , وهذا بالتالي تابع لشدة التأثر وشدة الأحاسيس والانفعالات
8 – الملل وحب التغيير والتجديد , شدة المحافظ المحافظة وعدم التعيير .
9 – القدرة على التأقلم مع المتغيرات حتى غير المنتظرة بليونة و مرونة
من ملاحظة تعدد عوامل وأصول الترجيع البعيد , نجد أنه مرتبط بعوامل موروثة ومكتسبة ومتداخلة مع بعضها في تأثيراتها . وهذا يجعله عامل غير أساس للطبع لأنه معمل مركب موروث ومكتسب , بعكس الفاعلية والانفعال فهما عاملان أسسهم غالبتها العظمى موروثة
تأثيرات خصائص الدماغ الحوفي والتي تكون أساسية موروثة في تحديد طبع الفرد , ومنها :
1 – طريقة التقييم التي يعتمدها الفرد , وطريقة التعامل مع النجاح أو الفشل .
2 – قوة الأحاسيس والمشاعر وبشكل خاص أحاسيس اللذة أو أحاسيس الألم , وقوة المشاعر الناتجة عن النجاح أو الفشل .
3 - زمن بقاء التأثيرات وطول زمن فترة تكرار دخولها إلى ساحة الشعور .
4 – مقدار قوة الانفعالات وأبعاد تأثيراتها .
5 – تأثير طريقة التفكير , أكانت تسلسلية أم تفرعية , على طريقة معالجة الأمور , وطبيعة ذكاء الفرد .
6- تأثير سعة ساحة الشعور .
عندما يكون لدى الفرد الدماغ الحوفي تأثيره قوي وواسع , بالإضافية لانفعالية قوية , وفاعليته متوسطة أو ضعيفة , تكون الإدارة والقيادة بيده , وبالتالي تأثير اللحاء متواضع . وعندما تقوى الفاعلية يكون هذا على حساب قوى وتأثيرات الدماغ الحوفي فتضعفها بشكل واضح ,
طباع المرأة وطباع الرجل
أن مدرسة الطباع الهولندية الفرنسية لم تتطرق إلى فروق الطباع بين المرأة والرجل , مع أن هناك فروق أساسية في طباع لك منهما . فهناك فروق أساسية موروثة ناتجة عن خصائص الأنثى والمميزة عن خصائص وهي يؤدي لفروق أساسية وهامة لطباع لك منها . أهمها : المرأة ترجيعها البعيد أكثر من الرجل , وفاعليتها تتأثر كثيراً بانفعالاتها , وتقيماتها , التي تكون مختلفة بشكل كبير عن تقيمات الرجل . . .
إلى أي مدى نستطيع التأثير على ما هو موروث وبالذات على الطبع . وما هي عوامل الطبع التي يمكن التأثير عليها بواسطة التربية والتعلم , أو بواسطة التغذية والأدوية . وإن كان ضمن حدود معينة .
مثال : يمكن أن تعوض قوة الانفعال ( ضمن حدود معينة ) ضعف الفاعلية , فكثير من الانفعالات تستنفر طاقات وقدرات الجسم والفكر التي يمكن أن تعوض ضعف الفاعلية , ولكن عند انتهاء تأثير الانفعال تعود فتنخفض الطاقة والقدرات التي ولدها الانفعال , وعندها يمكن أن يحدث الإحباط أو التشاؤم أو اليأس أو الكآبة , أو الشعور بالخسارة ,عدم الإنجاز .
مثال : تأثير الكحول والمخدرات على الدماغ الحوفي وبالتالي على الشخصية نتيجة تأثيرها على طريقة التقييم , وتأثيرها على زمن بقاء التأثيرات وتكرار دخولها ساحة الشعور فتخفض هذا الزمن , وترفع طاقة وفاعلية الجسمية والعصبية وتزيد التفاؤل , فتمنح السرور والسعادة المؤقتة .
وكذلك تأثير القهوة والشوكلاتة والسكريات وبعض أنواع الأطعمة والمشروبات , وتأثير الأدوية العصبية وغيرها .
مثال آخر : الاحتفالات والرقص الجماعي والغناء . . كلها هدفها رفع الفاعلية وإشاعة التفاؤل والانشراح والسعادة .
وكذلك العبادات وتقوصها تمنح المشاعر والأحاسيس المريحة وتولد حالات نفسية متفائلة وسعيدة وخاصة إذا كانت جماعية وذلك لحدوث انتقال وتضخم للحالات النفسية السعيدة والمتفائلة , بين المتعبدين أو المصلين .
وخلال الحياة والتقدم بالعمر ونتيجة الحياة الاجتماعية تحدث ضغوط تؤدي إلى :
زيادة الفاعلية لدى الفرد وإن كانت هذه الزيادة ضمن حدود معينة , فصفة الكسل مزمومة جداً , بالإضافة إلى أن غالبية أمور الحياة تستدعي زيادة الفاعلية .
تناقص الانفعالية أو السيطرة عليها وخاصة الانفعالات الغريزية القوية والتي ليس لها داعي .
زيادة الترجيع البعيد .
الطبع والشخصية (1).... بقلم : نبيل حاجي نائف
شارك
الطبع هو مجموعة العوامل أو الاستعدادات الوراثية , فيمثل الطبع الركائز الأساسية للشخصية أي العناصر الثابتة الموروثة بيولوجياً , فالموروث البيولوجي هو ما يكون الطبع فرد .
اشتقت كلمة طبع من كلمة بصمة أو علامة أو محفور ثابتة . اقترح " ابقراط " تصنيف الطباع وفقاً لنظرية الأخلاط التي كانت معتمدة ذلك الوقت في تكوين جسم الإنسان . فصنف الطباع حسب أخلاط جسم الإنسان الأربعه : الدم , اللنفا , المرة الصفراء , والمرة السوداء ؛ تقابلها الطباع الاربعة: الدموي , اللنفاوي ( البلغمي ) الصفراوي و السوداوي .. وذلك تبعا الطبع الطاغي لدى الشخص .
ولكن العصر الحديث هو الذي وضع الأنظمة الكبرى للطباع . فنجد عدة طرق لتحليل الطبع و وصفه . فبعضها يحلل الطبع عبر تكوين الانسان الجسماني , اما البعض الآخر فيستند إلى مراقبة التصرفات الناتجة عن تاريخ الفرد . وأهم مدارس علم الطباع والتي سوف نعتمد على أسسها التي بنت عليها تصنيف الطباع , هي التي أسسها استاذان هولنديان في جامعه " غرونينغ " , احدهما اختصاصي في علم النفس ويدعى " جيرار هيمنو " والذي خصص الجزء الأكبر لهذه الدراسة , و الآخر طبيب اختصاصي في الأمراض النفسية اسمه " اينود . ويرسما " . تناولت دراستهما فرز وتحليل نحو 2523 اختبارا نشرت مابين سنة 1906 و 1909 , وشكلت احد مناهل المعلومات الأساسية المتعلقة بعلم الطباع الذي نعرفه اليوم . فهي رصدت علامات ثلاث كعناصر أساسية وخمسة فرعية يتم تصنيف طبع الشخص حسبها . والأساسية هي :
الفاعلية أو الحيوية - الانفعالية - والترجيع البعيد .
والمكملة هي : سعة ساحة الشعور أو اتساع مجال الوعي , القطبية ( فينوس - أو مارس) , النهم , الاهتمامات الفكرية والذكاء , الاهتمامات الحسية
وقد لعب الفرنسي الشهير " رينيه لوسين " الفيلسوف و الاستاذ الشهير , دورا مهما , اذ رفع من شأن مادة علم الطباع عندما طور مفهومها بصورة ملفته , و نشر كتاباً بعنوان " مقالة في علم الطباع " عام 1945 .
تعرف هذه الطريقة اليوم باسم ( علم طباع هٍمنز - لوسين ) , او ( علم الطباع اللوسيني ) ,الواسع الانتشار في البلدان اللاتينية . كما تعرف ايضا بـ ( المدرسة الفرنسية - الهولندية في علم الطباع )
وقد ساهم الى جانب رينية لوسين " غاستون بيرجيه " الفيلسوف والاستاذ و مدير التعليم العالي في جامعه ايكس مارسيي في تطوير هذا العلم , مضيفا الى العوامل الأساسية العوامل الخمسة الأخرى .
يتكون طبع الفرد حسب هذه المدرسة بشكل أساسي من العوامل الثلاثة الأساسية بالإضافة للعوامل الخمسة المكملة , وهذا يجعل مجال تصنيف طبع الشخص واسع جداً نتيجة امتلاكه نسب مختلفة من هذه العوامل الأساسية والمكملة . ولحصر مجال تحديد طبع الشخص اعتمدت العوامل الثلاثة الأساسية , وتتم تصنيف الطباع إلى ثمانية , لن نتكلم بالتفصيل عنها الآن .
إن مدرسة علم الطباع الهولندية الفرنسية كما ذكرنا اعتمدت أهم الأسس الموروثة ( في نظر روادها ) والتي تحدد طبع الشخص وهي : الفاعلية أو الحيوية والنشاط – الانفعال – الترجيع البعيد أو الوقع . سنركز على ما نراه موروث أساسي ومهم من العوامل التي اعتمدتها هذه المدرسة , والذي يمكن التأكد من إرجاعه لأسسه البيولوجية والفزيولوجية التي تورث .
الملاحظ أن الفاعلية أو الحيوية , وكذلك الانفعال يمكن إرجاعهم إلى أسس بيولوجية موروثة , فأسس الفاعلية والانفعال موروثة وليست مكتسبة لذلك , وتأثير الحياة والحياة الاجتماعية عليهم متواضع جداً , وهما من أهم عوامل الطبع . يمكن التحكم بالفاعلية بالتربية ضمن حدود صغيرة جداً, وبالعقاقير والمنشطات والأغذية ( وضمن حدود معينة ) ولكن عندما تنتهي تأثيراتها يعود الوضع كما كان عليه بالإضافة لإمكانية حدوث إحباط أو يأس . وكذلك يمكن التأثير على شدة الانفعالات والتحكم بها بالكحول والمشروبات والمخدرات والعقاقير . . , وهذا له سلبياته في أغلب الأحيان .
أما الترجيع البعيد أو الوقع , فهو غير واضح أساسه البيولوجي العصبي لأنه يتداخل مع عوامل تورث اجتماعياً أي مكتسبة وليست موروثة بيولوجياً , لذلك يمكن التحكم بهذا العامل بالتربية والتعليم . يمكن استبداله بعامل " زمن فترة بقاء التأثيرات الحسية والعاطفية والانفعالية " بالإضافة لزمن فترة تكرار الإدخال لساحة الشعور . فهتين الخاصيتين موروثتان ولا تكتسب .
والملاحظ أن تأثير مقدار الفاعلية وكذلك مقدار الانفعال , على تشكل شخصية الفرد وتحديد مجمل مسار حياته وغالبية مناحيها , هو الأقوى والأهم والحاسم . أما الترجيع البعيد فتأثيره أقل وإن كان قوياً .
والقطبية ( مارس – فينوس ) لها أسس بيولوجي موروثة . وكذلك الذكاء وأسلوب أو طريقة التفكير , ( تسلسلي سببي منطقي – أم تفرعي أي متوازي ) . وأيضاً ( النهم ) له أسس بيولوجية موروثة .
تعريف الفاعلية أو الحيوية :
هي كمية الطاقة العضوية التي يتمتع بها الفرد , وتستعمل هذه الطاقة في أفعال غالبا ما تكون مثمرة , فالفرد الفعال أو الحيوي إنتاجية الطاقة لديه يكون وفير وغزير , فهو دائم الحركة والنشاط , أما الإنسان غير الحيوي أو غير الفعال فيمتلك مخزونا ضعيفا من الطاقة العضوية , وهو يستنفذ طاقته بسرعة .
والفاعلية بحسب علم الطباع ليست الأفعال المحمومة او التقلب الناتج عن الانفعالية , بل الاستعداد الطبيعي العميق و الخلقي الذي يدفع الإنسان الى التصرف . ان المعيار لتقدير الفاعلية هو تصرف الفرد أمام العقبات . فالفرد الفعال هو الذي تقوي المصاعب من عزيمته و تدفعه للمواجهة , أما غير الفعال فهو الذي تثبط عزيمته إي مواجهة صعبة . فالفعال هو ذلك المثابر , وفي بعض الحالات قد تكون العقبة سببا لاهتمامه بأمر ما كان لفت انتباهه لولا تلك العقبة . فالفعال لا يتعب بسهولة , وقادرا على استعادة طاقاته العضوية بسرعه بعد المجهود الكبير . انه يبحث دائما عن الحركة .
اما غير الفعال فيتصرف بصعوبة . و سرعان ما يستولي عليه التعب أو الملل . وهو غير قادر على استعادة طاقاته بسرعة .
الفاعلية طاقه قيّمة تنشط مجمل وظائف الطبع . انها تشجع الاندفاع و تعطي الثقة بالنفس و تقوي روح المغامرة والبحث . و تشجع الفاعلية أيضا البشاشة و التفاؤل على عكس ضعف الفاعلية التي تؤدي إلى الكآبة والتشاؤم .
قد يجهد الإنسان نفسه لسببين مختلفين . أولهما الانفعالية , و الآخر الفاعلية . و في الحالتين سوف يبدو للوهلة الأولى فعالاً , لكنه لن يكون فعالاً إذا نتجت أفعاله عن انفعالات تحفزه وتنشطه لأنه عند زوال تلك الانفعالات سوف تخمد طافته ويتوقف .
والفعال هو : جريئ - مثابر - دائم الانشغال - واثق من نفسه- عملي , فالإنجازات الواسعة والنجاح والتفاؤل والمرح والسعادة وقلت العقد النفيسة . . كل هذا يمكن أن تساعد بشكل كبير الفاعلية العالية لدى الفرد في تحقيقه .
وكذلك ضعف الفاعلية ( أو الكسل ) هو من أهم عوامل قلت الإنجاز وعدم الرضى والتشاؤم . .
يمكننا أن نلاحظ بوضوح قوة تأثير الفاعلية لدى الأطفال , فعندما يكونوا في قمة طاقتهم و نشاطهم يكونوا مرحين متفائلين يتحملوا الفشل أو الخسارة ويعاودوا المحاولة ليحققوا إنجازاتهم , ولكن عندما يستنفذوا طاقتهم يصبحوا ملولين ومحبطين ويسهل بكاؤهم وحزنهم , وغالباً ما يسعوا للنوم ليستعيدوا طاقتهم . وهذا ما يدل بوضوح على تأثيرات الواسعة للفاعلية والطاقة العالية .
والفاعلية العالية لها القدرة على السيطرة على الانفعالات وضبطتها ( ضمن حدود معينة ) . والتأثيرات السلبية للدماغ الحوفي ( مثل التردد والوسوسة وغيرها ) تظهر بشكل واضح عندما تضعف الفاعلية , وبالتالي تضعف هذه التأثيرات عندما تقوى الفاعلية .
إن كمية إنتاج الطاقة للفرد أي مقدار فاعليته تؤثر بشكل كبير على حالته الفزيولوجية والعصبية وبالتالي النفسية والفكرية , فزيادة إنتاج الطاقة لدى الفرد تجعله يتقبل الفشل , لشعوره بأن لديه القدرة على إعادة المحاولة وتحقيق النجاح , وغالباً الفعال يحقق النجاح من المرة الأولى في الأوضاع السهلة , أما في الأوضاع الصعبة فهو أيضاً غالباً ما يحقق النجاح وإن كان بمحاولات متعددة فهو نادراً ما ييأس . لذلك الفعال واثق بنفسه ومتفائل ويصعب وصوله لحالات اليأس أو الإحباط .
فالندم والتردد والوسوسة بالإضافة للكثير من مسببات الأمراض والعقد النفسية التي تنتج بشكل أساسي عن قوة تأثيرات الدماغ الحوفي وشدة الانفعالات , يمكن للفاعلية العالية التعامل معهم والسيطرة عليهم بشكل كبير . والفعّال جسمياً هو على الغالب فعال عصبياً أيضاً , فهو له القدرة على التحكم بشكل كبير في مدخلات ساحة الشعور لديه .
أن التصميم القوى والاستمرارية ( والعناد ويباسة الرأس . . . ) من أهم خصائص الفعال , وهو غالباً يستطيع سيطرته على ألامه وانفعالاته .
تعريف الانفعال :
إن الوظيفة الأساسية للانفعالات هي رفع جاهزية وقدرة الفعل والاستجابة , إلى الدرجة التي تعتبر مناسبة وفعالة في مواجهة ما يتعرض له الكائن الحي , وهي موجودة فقط لدى الحيوانات الراقية بدأً من الثدييات . فهناك انفعالات أساسية نشترك بها مع الثدييات الراقية والرأسيات, وهي انفعال الغضب والخوف والحب. . وهي انفعالات أساسية قديمة لدينا . وقد نشأت لدينا نتيجة حياتنا الاجتماعية انفعالات جديدة وهي خاصة بنا , فهي تكونت نتيجة العلاقات الاجتماعية , و الحضارة والثقافة والعقائد . . . , فقد نشأت وتطورت أنواع كثيرة من الانفعالات نتيجة لذلك .
والانفعالات دوماً تكون مترافقة مع أحاسيس خاصة بها , وهناك انفعالات إخبارية مثل الدهشة والتعجب والترقب والضحك, وهناك انفعالات مثل الحب والحنان والصداقة, والزهو, الغيرة, الحسد , والكراهية....., وكل هذه الانفعالات ترافقها أحاسيس معينة خاصة بكل منها.
وأحاسيس الانفعالات لا تنتج عن واردات أجهزة الحواس فقط , فهي تنتج بعد حدوث تفاعلات وعمليات في الدماغ والذاكرة بشكل خاص , وتقييم الوضع , بالإضافة إلى عمل وتأثيرات الغدد الصم , فالغضب لا يحدث لدينا إلا بعد معالجة فكرية , والتي تتأثر بالذاكرة وما تم تعلمه , وهناك تأثير متبادل بين الدماغ والغدد الصم, ويمكن المساعدة في إحداث الانفعالات باستعمال تأثيرات كيميائية وفسيولوجية . فهناك الأحاسيس الناتجة عن انفعالات النصر أو الفوز والنجاح , أو الهزيمة والفشل, وغيرها .
فالانفعالات تنتج الطاقات الجسمية والعصبية , وتجهز الجسم لمواجهة الظروف التي أدت لإنتاج تلك الانفعالات , وهي مصدر إضافي للفاعلية . فالفرد الانفعالي هو الذي تكون لديه العناصر والعوامل الجسمية والعصبية التي تنتج الانفعالات , بسهولة وسرعة , فهو ينفعل بقوة وبسرعة وسريع الاثارة .
اما غير الانفعالي فهو ليس كذلك على العكس يتمتع بطاقة انفعالية متدنية , انه عادة : هادئ , رصين . .
قد يكون الشخص " حساسا " دون ان يكون " انفعاليا "
الدولة الناجحة والدولة الفاشلة (1)... بقلم : نبيل حاجي نائف
شارك
كان مصطلح الدول الفاشلة قد استخدم للمرة الأولى في عهد الرئيس بيل كلينتون، ونعت به الدول التي فشلت في القيام بوظائفها الأساسية، مما جعلها تشكل خطرا على الأمن والسلام العالميين، مثل أفغانستان في عهد طالبان، ومثل الصومال حاليا، حيث أصبحت القرصنة البحرية تنتشر على سواحلها....
ولكن التقرير لم يستند على نفس الرؤية الرسمية الأمريكية في تحديد الدول الفاشلة، وكانت نظرة الخبراء المستقلين الذي أعدوا التقرير اقرب إلى نظرة المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، الذي أصدر العام الماضي كتابه "الدول الفاشلة"، ليؤكد من خلاله أن الولايات المتحدة الأمريكية ينطبق عليها تعريف الدولة الفاشلة، والتي احتلت المرتبة 161 في مؤشر هذا العام، خلف بريطانيا، ولكن الاثنين خرجا من المساحة الخضراء، ليكونا في آخر المساحة الصفراء.
إن تقرير مجلة «السياسة الخارجية» ومؤسسة صندوق السلام يستخدم 12 مؤشراً لتحديد مواقع الدول المختلفة في ترتيب الفشل، ويقدم تقديراته الكمية لكل من هذه المؤشرات.
اعتمدت مجلة السياسة الخارجية الأمريكية المختصة بتقدير حالة الدول , مسألة القلق الأمني وتدني مستويات الخدمات وما يحصل فيها من نزعات، وكوارث طبيعية وغير طبيعية.
و"صندوق السلام" هو منظمة تسعى إلى منع الحروب ومكافحة الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع صراعات مسلحة، وتتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقراً لها.
المؤسستان تعرِّفان الدول الفاشلة بأنها تلك التي لا تستطيع أن تقوم بوظائف أساسية وتحديداً التعليم والأمن والحكم.
وهناك تقرير «بروكنغز» يتعامل مع أربعة مؤشرات فقط، هي النمو الاقتصادي، والمؤسسات السياسية وخصوصاً قوة البرلمان، والأمن، والرفاهية الاجتماعية. ويميز تقرير «بروكنغز» بين دول فاشلة ودول ضعيفة ودول ذات وضع مقلق.
اعتمد التصنيف على عدد من المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن بينها شرعية الدولة، مستوى الخدمات العامة، الضغوط الديمغرافية وحقوق الانسان , وعلى 12 مؤشرا اجتماعيا، اقتصاديا ، سياسيا، وعسكريا، مؤشراً لقياس مدى نجاح وفشل حكومات الدول في التعامل مع المشكلات المختلفة التي تواجهها , مثل الزيادة في عدد السكان، وسؤ توزيعهم، الحركة السلبية للهجرات و اللجوء ، الميراث ألعدائي بين الطوائف، والقبائل، والأعراق . غياب التنمية . مستوى الفقر , وانعدام المساواة. فقدان شرعية الدولة، وغياب القانون. تدخل دول خارجية في شئون الدولة بما في ذلك التدخلات العسكرية، كما يحدث في العراق وأفغانستان.
ووفق التصنيف السنوي الرابع الصادر عن المجلة الأمريكية، بالاشتراك مع "صندوق السلام"، فقد جاءت الصومال على رأس قائمة الدول "الفاشلة"، برصيد 114.2 نقطة، تلتها السودان في المركز الثاني برصيد 113 نقطة.
أما الخامسة فكانت العراق، التي جاءت بالمركز الخامس برصيد 110.6 نقطة، ثم لبنان في المركز الثامن عشر برصيد 95.7 نقطة، فاليمن في المركز 21 برصيد 95.4 نقطة , وبالنسبة لمصر، فقد احتلت المركز 40 بالتصنيف الدولي، الذي شمل 177 دولة، برصيد 88.7 نقطة، لتصبح سابع دولة عربية تأتي ضمن المراكز الـ60 الأولى، في حين جاءت إسرائيل في المركز 58 برصيد 83.6 نقطة، ولأول مرة منذ بدء التصنيف العالمي قبل أربع سنوات. بحسب (CNN)
وفي تقرير هذا العام ترتبت الدول العشر الأكثر فشلاً في تقدير الباحثين الذين أعدوا هذا التقرير كما يلي: الصومال- السودان- زيمبابوي- تشاد- العراق- الكونغو- أفغانستان- كوت ديفوار- باكستان- إفريقيا الوسطى . ثم تلتها عشرون دولة أخرى فاشلة أكثرها يقع في إفريقيا جنوب الصحراء، ولكن بعضها في آسيا: كوريا الشمالية (رقم 15)، وأوزبكستان (رقم 26)، و طاجيكستان( رقم 39).
وجاءت النرويج في المركز 177 والأخير برصيد 16.8 نقطة، ففنلندا في المركز 176 برصيد 18.4 نقطة، والسويد بالمركز 175 برصيد 19.8 نقطة.
وأشار التقرير إلى أن التصنيف اعتمد على 12 على مدار العام، تتنوع ما بين مؤشرات اجتماعية، وأخرى اقتصادية، وثالثة سياسية، بالإضافة إلى مؤشرات عسكرية.
وتم التوصل إلى هذه المؤشرات بعد استطلاع آراء نحو 30 ألف خبير دولي خلال الفترة من مايو/ أيار 2007 إلى ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، وفقاً لما جاء في التقرير.
واكتست قائمة ضمت الدول الـ35 الأولى ضمن التصنيف باللون الأحمر، في إشارة إلى أن تلك الدول دخلت المرحلة الحرجة، ثم الدول من 36 إلى 127 باللون البرتقالي، وهي مرحلة الخطر، ثم الدول من 128 إلى 162 باللون الأصفر، أي المرحلة المتوسطة، ومن الدول 163 حتى 177 باللون الأخضر، وهي مرحلة الأمان.
عربيا احتلت عمان المرتبة الأولى حيث حلت في المرتبة 146، متقدمة على بولندا، وبعد اليونان مباشرة، ولكنها في المساحة الصفراء مع كل من الإمارات العربية المتحدة، قطر، والبحرين، أما بقية الدول العربية فقد احتلت المساحة البنية، ما عدا الدول الستة التي احتلت المساحة الحمراء ، أما ليبيا فقد احتلت المرتبة 111 متقدمة عل كلا من أوكرانيا وأرمينيا.
وبحسب التقرير فإن الدولة "الفاشلة " هي : الدولة التي لا يمكنها السيطرة على أراضيها، وعادة ما تلجأ للقوة، وتفشل حكومتها في اتخاذ قرارات مؤثرة، بالإضافة إلى عدم قدرتها على توفير الخدمات لأبناء شعبها، فضلاً عن فشلها في التعامل بفاعلية مع المجتمع الدولي، وعادة ما تشهد معدلات فساد وجريمة مرتفعة.
ولو نظرنا إلى الدول الثلاثة الأولى المتربعة على قائمة الدول الفاشلة وهي:
الصومال - والسودان - والعراق ، لوجدنا أنها لم تكن فاشلة كما هي الآن , قبل التدخل الخارجي في شؤونها .
فالصومال أبان المحاكم الإسلامية شهد أمنا واستقرارا . لكن بعد اجتياح القوت الإثيوبية لأراضيه، ليمارس الاحتلال بالنيابة عن القوات الأمريكية، فقد الأمن والاستقرار، وباتت أرضه تعج بمسميات التنظيمات المسلحة المقاتلة للاحتلال، علاوة على قطاع الطرق والقراصنة الذين يمتهنون خطف الرهائن لمبادلتهم بالدولارات وأصبحت حركة الشباب المجاهد من أقوى التنظيمات المسلحة بالصومال، وحلت محل المحاكم الإسلامية المشهود لها بالاعتدال.
السودان لا يختلف الحال فيه عن الصومال، فما الذي حوله إلى دولة فاشلة سوى التدخل الخارجي بجنوبه وفي دار فور، فتحولت تلك المنطقتين إلى مرتع للجماعات المسلحة ، وأصبح حرق مدن وقرى بأكملها خبرا يوميا.
العراق أيضا، لم يكن قبل احتلاله دولة فاشلة، وكان ينعم بالأمن والاستقرار، ولم يكن به لا مليشيات ولا حتى أحزاب، غير الحزب الحاكم آنذاك، وأصبح الآن بعد خمس سنوات من الاحتلال، يعج بعشرات المليشيات، من مختلف الطوائف المتصارعة .
تلك النماذج الثلاثة تؤكد أن التدخلات الخارجية هي التي حولت تلك الدول إلى دول فاشلة , لأنها هزت أسس دستورها وتشريعاتها وقوانينها وأبطلت فاعليتها.
لنشبه الدولة الناجحة أو الفاشلة كما يفعل الكثيرين بجسم الكائن الحي مقارنة بخلاياه وأعضائه , فهذا يوضح لنا الأمور , ويسهل تحديد عوامل نجاح أو الفشل .
في الأساس عوامل النجاح أو عوامل الفشل أكانت للشخص أو الجماعة أو أي كائن حي , هي متعددة . يمكن أن يكون الحظ أي الظروف والأوضاع هي مصدر النجاح أو مصدر الفشل , وعندها يكون النجاح أو الفشل , كاذباً , وغالباً يزول بزوال الظروف والأوضاع , فهناك فرق بين الدولة الناجحة والدولة الغنية .
ويرى البعض أن التصنيع أو العلمانية أو الديمقراطية أو التنوير أو الحداثة , هم من أهم عوامل نجاح الدول , ولكن هذه العوامل في رأي البعض الآخر غير كافية وغير أساسية .
عوامل نجاح وقوة الدولة :
1 - أرض وموارد مناسبة وكافية للنجاح
2 - يتطلب في أول الأمر انتماء موحد وقوي يوحد الأهداف والطاقات والموارد , وتوفر عوامل بناء دولة المؤسسات والقوانين , والانتماء القوي لا يكفي إذا كان هناك عوامل وظروف معادية كبيرة . لماذا مصر لم تستطع الآن بناء دولة ناجحة مع أن أفرادها لهم انتماء قوي موحد . بينما إيران الآن مثلها,هناك انتماء قوي موحد لغالبية أفرادها , وهي سائرة في بناء دولة ناجحة وقوية .
دولة الولايات المتحدة مثال :
تعتبر دول ناجحة وقوية , ولكنها مؤلفة من ولايات وجماعات وانتماءات متعددة ومختلفة , أي الانتماء القوي للدولة غير محقق من قبل كافة الأفراد أي ليس هناك قومية أو أمة واحدة متماسكة , وهذا يعني أن شرطاً هاماً لنجاح الدولة لم يتحقق , ما تفسير ذلك ؟
في الواقع إن بناء الدولة ذات الدستور والتشريعات والقوانين المناسبة والفعالة والمطبقة على الجميع , قد تم نتيجة جهود وتضحية مؤسسي الدولة . وأصبحت مشكلة تعدد و تضارب الانتماءات مسيطر عليها بالتشريعات والقوانين النافذة . وسوف يظهر تأثير الانتماءات المتضاربة إذا ضعفت سلطة الدولة , وعندها سيحصل انهيار كامل للدولة , كما هو حادث الآن في العراق والصومال ولكن على مستوى أكبر .
3 – بناء أنظمة وتشريعات وقوانين مناسبة ويلتزم الجميع بها , بناء حكومة ومؤسسات المناسبة والفعالة والمتطورة ( السياسية الداخلية ) .
4– نشاط و فاعلية وثقافة ( التعليم ونسبته) وحضارة الأفراد , فمن عوامل نجاح أو فشل الدولة , درجة نشاط وتعليم وثقافة وحضارة الأفراد , والملاحظ بشكل عام أن شعوب الشمال البارد أنشط من شعوب الجنوب الحار . أفريقيا – أمريكا الجنوبية - المكسيك – بعض الدول العربية
5 – قدرات مناسبة وكافية للحماية والدفاع عن الدولة , والمشاركة المناسبة والفعالة مع الدول الأخرى ( السياسية الخارجية ) .
6- عدم وجود عوامل طبيعية معادية , أو أعداء من الخارج
7 – استغلال غيرها من الدول ( استغلال مواردها أو شعبها ) .
عوامل فشل وضعف الدول :
1 - انتماءات متعددة ومتضاربة وصراعات داخلية .
2- أنظمة وحكومة غير مناسبة وعدم قوانين مناسبة ويلتزم الجميع بها .
3 – أرض وموارد غير كافية .
4 – نشاط وثقافة ( التربية والتعليم ) وحضارة الأفراد غير كافية .
5 – ظروف طبيعية غير مناسبة , وأعداء أقوياء من الخارج .
أمثلة على الدول الناجحة وأهم عوامل نجاحها .
الصين الآن : تحقق العوامل النجاح الخمسة , وهي لا تستغل غيرها من الدول .
اليابان : حققت الشروط الأربع , مواردها متواضعة , استغلت في وقت سابق دول أخرى .
إنكلترة : مثل اليابان , مواردها متواضعة واستغلت دول أخرى .
الولايات الأمريكية المتحدة : محققة الشروط الأربعة , الانتماء الموحد القوي غير محقق , فهناك الكثير من الجماعات والانتماءات المختلفة المسيطر عليها بالقوانين والتشريعات , تستغل غيرها من الدول .
النيروج - والسويد - كندا : محققة الشروط الخمسة , لم تستغل غيرها من الدول
ماليزيا : محققة الشروط الأربع , هناك انتماءات متعددة مسيطر عليها , ولم تستغل غيرها من الدول .
ظاهرة سنغافورة - هونغ كونغ – تايوان – الإمارات العربية المتحدة .
أن الشركات والمؤسسات الجبارة التي نشأت نتيجة التطورات الاقتصادية , قد نمت وأصبحت بعضها بنيات تفوق بعض الدول قوة وتأثيراً . تؤثر الآن و تتحكم في الدولة فتجعلها ناجحة أو تجعلها فاشلة , وهونغ كونغ مثال وكذلك دبي أو دولة الإمارات . . . مثال على ذلك .
لماذا نجحت دولة كوريا الجنوبية وفشلت دولة كوريا الشمالية , وكذلك ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية , وكذلك تايوان والصين الشيوعية . مع أنهم شعب واحد , وبنفس الظروف والخصائص انقسم إلى قسمين ؟
في رأيي البعض : هذا كان فقط نتيجة اختلاف أنظمة الحكم , أي اختلاف الدستور والتشريعات والقوانين هو الذي أدى لذلك.
الدولة الناجحة والدولة الفاشلة (2 ) ... بقلم : نبيل حاجي نائف
شارك
نجاح دول وإمبراطوريات قديمة :
الصين القديمة : محققة الشروط الخمسة ولم تستغل غيرها من الدول .
حضارة الفراعنة : محققة الشروط الخمسة , ولم تستغل غيرها من الدول .
الإمبراطورية الرومانية : محققة الشروط الخمسة , الانتماءات متعددة .
المغول : محققة الشروط الأربعة , انتماءات موحدة في البداية , موارد قليلة في البداية , استغلت غيرها من الدول .
الأمويين والعباسيين : انتماءات موحدة في البداية وموارد قليلة , استغلت غيرها من الدول .
الدول القديمة التي كانت ناجحة : الفرس – الرومان - المايا – الأزتك –
إن نجاح الدول ليس ضرورياً أن يكون نتيجة مبادئها و تصرفاتها الحميدة , بل يمكن أن يكون نتيجة طغيانها واعتدائها على الدول الأخرى .
والملاحظ أن الدول الكبير الضعيفة يمكن أن تتفكك إلى دول صغيرة نتيجة تعدد وتضارب الانتماءات وضعف أو عدم صلاحية الدستور والتشريعات والقوانين , أمثلة على ذلك تفكك الاتحاد السوفيتي وتفكك يوغسلافيا , وتفكك الإمبراطوريات في السابق .
وبالعكس الدول الناجحة ونتيجة تطورها الاقتصادي والإداري والسياسي وبراعتها في هل الصراعات وتحويلها إلى صفقات , تسعى لتعزيز المشاركة مع بعضها وزيادة نجاحها , الاتحاد الأوربي وغيره مثال .
يمكن للدولة الناجحة أن تهدد باقي الدول أو تستغلها , ألمانيا النازية هددت دول – إنكلترة استغلت واستعمرت دول ضعيفة - والولايات المتحدة الآن تستغل وتهدد دول ضعيفة . أي مثلما الدول الفاشلة يمكن أن تهدد وتسيء لدول أخرى كذلك بعض الدول الناجحة تسيء وتستغل بعض الدول . فإسرائيل يمكن اعتبارها دولة ناجحة , ولكنها تعتدي على جيرانها وتضر بهم .
فبعض الدول الناجحة تؤذي الدول الفاشلة أو تستغلها وتزيد فشلها والولايات المتحدة الآن هي مثال على ذلك .
أصل نشأة الدولة
هناك العديد من المذاهب والنظريات لتفسير وبيان نشأة الدولة أهمها :
ا - نظرية تطور الأسرة
هذه النظرية ترجع أصل الدولة إلى الأسرة وأساس سلطة الحاكم إلى السلطة المتمثلة في رب الأسرة وهو الأب
تصور هذه النظرية للدولة
ب - النظريات العقدية
ظهرت فكرة العقد كأساس لنشأة الدولة منذ فترة زمنية بعيدة ، استخدمها الكثير من المفكرين في تأييد أو محاربة السلطان المطلق للحاكم . هذه النظريات ترجع إلى القرن السادس عشر ، والتي ساهم في صياغتها وإبراز مضمونها كل من هو بز ، ولوك ، و روسو .
علماء هذه النظرية ارجعوا نشأة الدولة إلى فكرة العقد وان الأفراد انتقلوا من الحياة البدائية التي كانوا يعيشونها إلى حياة الجماعة المنظمة بموجب العقد . ركز فلاسفة هذه النظرية حول حياة الأفراد الفطرية والبدائية .
ج - نظرية التطور التاريخي :
إن هذه النظرية تمتاز عن أخواتها من النظريات أنها لا ترجع أصل نشأة الدولة إلى عامل محدد بذاته وإنما إلى عوامل متعددة منها ( القوة ، الاقتصاد ، الدين ، والفكر … الخ ) . هذه النظرية تقول أن هذه العوامل اجتمعت مع بعضها البعض وشكلت تجمع للإفراد وأدت إلى ظهور فئة من الأفراد استطاعت أن تفرض سيطرتها على باقي الجماعة ( ظهور هيئة عليا حاكمة ) .
تفاعل العوامل من اقتصادية واجتماعية وفكرية ومادية لم تحدث فجأة وفي تجمع واحد إنما حدثت في فترات زمنية طويلة ونطاقان مكانية متباعدة .
عناصر الدولة : يوجد خلاف بين الدراسات والأبحاث على عناصر الدولة الأساسية فمعظمهم يركز على ثلاث عناصر أو أركان للدولة وهي :
1- السكان .
2- الأرض والموارد .
3- السلطة أو أنظمة الحكم
السلطة
إن الدولة لا يمكن ان تنشأ بتوافر مجموعة من الأفراد وإقليم يعيشون به ، وإنما يجب أن يكون على هذا الإقليم سلطة ليخضع الأفراد لقرارات هذه السلطة . والسلطة الحاكمة لا يكفي مجرد وجودها في الدولة للقول بوجود الدولة ، فالسلطة تستند إلى القوة ، لان ممارسة السلطة تتم عبر القوة .
التميز بين صاحب السلطة وبين من يمارسها
في القديم كانت هناك فترة سادت فيها ما سميت بشخصية السلطة وهذه الفترة جاءت نتيجة تربط السلطة السياسية بفكرة الحاكم . إلا انه ومع تقدم الجماعات بدأت هذه الفكرة ( الارتباط بين السلطة السياسية والحاكم ) بالانهيار ، وبدأت ظهور فكرة جديدة وهي فكرة السلطة المجردة عن شخصية الحاكم ونتج عن هذه الفكرة الفصل بين السلطة والممارس وهو الحاكم.
السيادة
إن تمتع الدولة بالسيادة يعني أن تكون لها الكلمة العليا التي لا يعلوها سلطة أو هيئة أخرى . وهذا يجعلها تسمو على الجميع وتفرض نفسها عليهم باعتبارها سلطة آمرة عليا . لذلك فسيادة الدولة تعني وببساطة أنها منبع السلطات الأخرى . فالسيادة أصلية ولصيقة بالدولة وتميز الدولة عن غيرها من الجماعات السياسية الأخرى .
مصدر السيادة وصاحبها : أهم النظريات التي قيلت في بيان صاحب السيادة :
النظرية الثيوقراطية : ترجع هذه النظرية إلى ان السيادة لله وحده ، أي ان الحكم والقرار الأول والأخير لله وحده .
الانتقادات التي وجهت للنظرية الثيوقراطية :
1- نظرية مصطنعة فقط لخدمة مصالح معينة .
2- نظرية لتبرير استبداد السلطة .
نظرية سيادة الأمة :
بعض العلماء اخذ يقرب مفهوم سيادة الأمة إلى مفهوم الديمقراطية واعتبارهم تعبيران عن فكرة واحدة ولكن من ناحيتين .
حيث أن الديمقراطية هي تعبير عن الشكل السياسي أما مبدأ سيادة الأمة ، فهو عبارة عن التعبير القانوني .
أول ما ظهرت فكرة السيادة ظهرت على لسان القانونيين الذين كانوا يدافعون عن سلطات الملك في فرنسا ضد البابا والإمبراطور ، مؤكدين أن الملك يتمتع بالسيادة الكاملة في ممتلكاته ، وان هذه السلطة العليا لا ينافسه عليها أحد في الدولة .
ومع قيام الثورة الفرنسية بقيت فكرة سيادة الأمة قائمة بما لها من صفة الإطلاق والسمو والأصلة ولكنها انتقلت من الملك إلى الأمة ، لتصبح بذلك إرادة الأمة هي السلطة العليا ان لا تنافس .
إن مبدأ سيادة الأمة يعني أن الصفة الآمرة العليا الدولة لا ترجع إلى فرد أو أفراد معينين بل إلى وحدة مجردة ترمز إلى جميع الأفراد أي الوحدة التي تمثل المجموع بأفراده وهيئاته وأنها بالإضافة إلى ذلك مستقلة تماما عن الأفراد الذين تمثلهم وترمز إليها .
النتائج المترتبة على مبدأ سيادة الأمة :
1- النظام النيابي التقليدي .
2- الانتخاب وظيفة وليس حقا .
3- الأخذ بالاقتراع المقيد .
4- النائب ممثل للأمة .
5- القانون تعبير عن إرادة الأمة .
نظرية سيادة الشعب :
التطور الذي لحق بالمذهب الفردي ، والانتقادات التي وجهت إلى مبدأ سيادة الأمة هي الأسباب الكافية لظهور أصوات تنادي في التمثيل النسبي الحقيقي للشعب منظورا إليه في حقيقته وتكوينه ، لا بوصفة المجرد كوحدة متجانسة مستقلة عن الأفراد المكونين له .
تقوم نظرية سيادة الشعب على ان السيادة للجماعة بوصفها مكونه من عدد من الأفراد ، لا على أساس أنها وحدة مستقلة عن الأفراد المكونين لها .
وطبقا لنظرية سيادة الشعب تكون السيادة لكل فرد في الجماعة ، حيث إنها تنظر إلى الأفراد ذاتهم وتجعل السيادة شركة بينهم ومن ثم تنقسم وتتجزأ .
الدولة دوما هي مفهوم نظري ، ولذا فانه لا يمكن قيامها بأي صفة ملموسة أو مادية إلا حين تعبر عن نفسها من خلال الحكومة والدولة موجودة فقط لان الشعب يؤمن بأنها موجودة ، وهي كالشركة القانونية ، كيان قانوني .
وهناك تعاريف كثيرة هذه بعضها :
الفرنسي كاري دي مالبيرج carre de mailbag عرف الدولة بأنها " مجموعة من الأفراد تستقر على إقليم معين تحت تنظيم خاص ، يعطي جماعة معينة فيه سلطة عليها تتمتع بالأمر والإكراه
الفرنسي بارتلي bartheley حيث عرف الدولة بأنها " مؤسسه سياسية يرتبط بها الأفراد من خلال تنظيمات متطورة "
الدكتور محسن خليل يعرف الدولة بأنها " جماعة من الأفراد تقطن على وجه الدوام والاستقرار ، إقليما جغرافيا معينا ، وتخضع في تنظيم شؤونها لسلطة سياسية ، تستقل في أساسها عن أشخاص من يمارسها "
ماكيفر mcypher يعرف الدولة بأنها " اتحاد يحفظ داخل مجتمع محدد إقليمها الظروف الخارجية العامة للنظام الاجتماعي وذلك للعمل من خلال قانون يعلن باسطة حكومة مخولة بسلطة قهرية لتحقيق هذه الغاية "
الدكتور بطرس غالي يعرق الدولة بأنها " مجموعة من الأفراد يقيمون بصفة دائمة في إقليم معين ، تسيطر عليهم هيئة منظمة استقر الناس على تسميتها الحكومة . ويحدد ثلاثة عناصر لابد منه لكيان الدولة هي :
(1)مجموعة الأفراد ، (2) الإقليم ، (3)الحكومة .(7)
ديفو defoe يعرف الدولة " مجموعة من الأفراد مستقرة في إقليم محدد تخضع لسلطة صاحبة السيادة ، مكلفة ان تحقق صالح المجموعة ، ملتزمة في ذلك مبادئ القانون " وهو بذلك يحدد أربعة أركان لقيام الدولة هي :
(1) مجموعة من الأفراد، (2) الإقليم ، (3) السلطة ، (4) السيادة .(1)
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 11-10-2011, 12:47 AM بواسطة بسام الخوري.)
|