RE: مـا هو الآشـعور ؟ كـيف يـشرح أنـعدام الوعـي ؟
تحياتي أسير الماضي وشكرا طريف
أن الوعي يحدث نتيجة عمل أجزاء معينة من الدماغ وبتوقفها عن العمل يتوقف الوعي , ولدي العلماء براهينهم وإثباتاتهم التجريبية المادية الكثيرة , إن كان من ناحية عمل فزيولوجيا وكيمياء الدماغ أو من ناحية قياس التيارات الكهربائية الدماغية(مقاييس موجات الدماغ الكهربائية) , فالوعي مرتبط بمناطق معينة في الدماغ وهي التشكيل الشبكي واللحاء بشكل أساسي وبتوقف عمل التشكيل الشبكي يطفأ أو يتوقف الوعي الذاتي , ودليلهم على ذلك أن تلف التشكيل الشبكي يوقف الوعي نهائياً , وتثبيط أو كف عمل التشكيل الشبكي يوقف الوعي طالما الكف موجود(أثناء النوم العميق أو أثناء التخدير أو غير ذلك) , وكذلك تلف اللحاء أو بعض مناطقه يؤثر على الوعي .
مفهوم الوعي
عرف ويليم جيمس الوعي بأنه صيرورة وليس شيئاً ملموساً , والوعي يمثل خبرة هذه اللحظة واللحظة التي تليها . ويقصد بالوعي اليقظة وأن الشخص الواعي هو الشخص المتيقظ . والذي يشعرك بأنك واعي هو شعورك بأنك هو أنت ولست شخصاً آخر . فالوعي عبارة عن تحول قائمة من المثيرات الحسية والنشاطات العقلية إلى مشهد له صورة متكاملة يستغرق بقاؤها فترة زمنية كافية . والحيوانات المتطورة تمتلك جهاز الوعي على خلاف الكائنات الحية البسيطة والنباتات فإنها لا تمتلك جهاز الوعي مهما بلغ تركيبها من التعقيد. لقد كانت العمليات لدى الكائنات الحية الأولية البسيطة (وحيدات الخلية ) فزيولوجية فقط ، ثم نشأت الأجهزة الحسية ثم العصبية ( والتي هي بنيات فزيولوجية متخصصة ) لكي تساعد في الإدارة والتحكم بعمليات واستجابات الكائن الحي , وذلك حسب الخيارات المتاحة . ثم نشأت الأجهزة الحسية والعصبية المتطورة , التي أنتجت الإدراك والوعي .
فالوعي بالنسبة لنا هو القدرة على كف كل أوجه نشاط اللحاء و واردات الحواس ( منعها من دخول ساحة الشعور) فيما عدا المتعلق بناحية معينة , وهذه الناحية هي ما يمكن أن نسميه بسلسة أو قطار الأفكار . فالوعي هو عبارة عن مصباح كشاف يضيئ ذلك الموضع في اللحاء أو بعض واردات الحواس , بنشاط هام ذي قيمة للبقاء على قيد الحياة , وبشكل عام يضيء الوعي فكرة أو مجموعة أحاسيس معينة , في وقت واحد .
ويمكننا أن نعرف الوعي البشري الذاتي , بأنه ما يحصل في الدماغ الفرد أثناء صحوه , أو أثناء الأحلام من شعور وإحساس وإدراك . ويطلق على المنطقة التي يحدث فيها الوعي ساحة الشعور أو سبورة الوعي أو الذاكرة العاملة , أو النفس أو الروح, أو الأنا الواعية , أو الذات المدركة .
وإن الوعي الذاتي مرتبط بالشعور بالزمن وبنشوء الإحساس بالزمن لدينا , فهو نتيجة رصد الحركات والتغيرات التي نحس بها , وصياغتها في سلسلة متتالية مترابطة , وهذا يكون بشكل حسي واع . وكذلك الوعي الذاتي مرتبط بالذاكرة , فلولا وجود الذاكرة لما نشأ الوعي الذاتي لدينا بهذا الشكل , لأن الأحاسيس أو الوعي سوف تحدث وتنتهي فوراٌ ولا يبقى شيء . فالوعي الذاتي مرتبط أيضاً بطبيعة وخصائص ذاكرتنا , التخزين والاسترجاع . و بتغيير ذاكرة شخص بذاكرة شخص آخر تنتقل ذات كل منهم إلى الآخر . فالوعي الذاتي ( الوعي بالأنا ) تابع لمخزون الذاكرة بشكل أساسي , وهذا يدل على أن الوعي كل منا بذاته عندما يسترجعه بعد أن يصحو من نومه أومن التخدير العام , يتم استعادته بناء على ما هو مخزن في ذاكرته . وهذا يعني أن ذات كل منا تنعدم عندما يطفأ وعيه , وتعود وتتشكل عندما يعود يعمل وعيه , وبالاعتماد على ما يتم استدعاؤه من الذاكرة .
لا يوجد دليل مؤكد على وجود مركز محدد للوعي بالذات , والشيء المحتمل أن هذا النشاط , يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالطبيعة المتلاحمة للاتصالات , بين النظام الشبكي والجهاز أو الدماغ الحوفي واللحاء , فعندما يصل هذا البناء الكلي إلى درجة كافية من التعقيد , عندئذ فقط , يمكن للوعي أن ينشأ ( أو ينبثق ) , ويكون تفسيره وفقاً لتلك الرؤيا طبيعياً تماماً . إذ يزداد مستوى الوعي بازدياد تعقيد الجهاز العصبي , وعند الكائنات الأكثر تعقيداً فقط - الإنسان و الشمبانزي والثدييات العليا - يستطيع اللحاء أن يحمل فكرتين في وقت واحد , الفكرة المعطاة , والفكرة عن تلك الفكرة . فإذا كانت المعالجة المتزامنة للمعلومات ممكنة , فالاحتمال الوارد , أن نشاطاً معيناً يرتبط بفكرة معينة , يمكن أن يولد تفكيراً بشأنه في نفس الوقت , ويكون ذلك تفسيراً فيزيقياً للوعي بالذات . ويبدو أن ذلك " يمكن يحدث أيضاً " بانتقال المعلومات بين نصفي اللحاء , فعندما نقطع الجسر بين هذين النصفين , فإن كل نصف على حدة , يستطيع معالجة المعلومات المتباينة , عن ما يعالجه الآخر . وبذلك ينقطع التأثير المتبادل , وتتوقف هذه الدورة من التأثيرات المتبادلة , وهذا يؤدي إلى ضعف واختصار الوعي .
و يرى البروفسور " ماجون " :إن النظام الشبكي في علاقاته الصاعدة والنازلة باللحاء , يربط ارتباطاً وثيقاً , ويساهم مساهمة فعالة , في معظم فئات النشاط العصبي الراقي . ولسوف تزداد بلا شك على مر السنين , المعلومات عن المخ التي تمكننا من السيطرة على مستويات الوعي والإدراك , ولكن النتيجة الأهم ستكون النمو في إدراك ما يعنيه ذلك التحكم .
|