الحدود فى الاسلام
احيانا يدور حوار بين عقلى وقلبى او بين روحى ونفسى او بينى وبين الله.
لا اعلم ولكن هكذا أؤمن بالامر واصدق به.
يستحيل على اى انسان متحضر ان يقر بممارسة الحدود فى الاسلام ، وكيف لى ان اشاهد رجل يبكى وهو يجلد او أمرأة تضرب او رجل يقطع يده او عنقه.
مستحيل ان اقبل هذا ، وإننى لو رأيت الدماء تسيل من انسان او جرح غائر اجد قلبى ينفطر حزنا على صاحبه،
ولكننى نسيت إننى شخصيا هو نفس الانسان الذى يسعد برؤية دماء ظالم او طاغية او بلطجى او جلاد تسيل ، بل قد اسعد برؤية اوصاله وهى تتقطع.
إذا المشكلة ليست فى الاصابة او طريقتها ولكن المشكلة فيمن يقع عليه العقوبة.
إذا هناك شئ هام قبل تطبيق الحدود الاسلامية ، يجب ان انشر روح المحبة بين قومى وروح الأخوة حتى يشفق منفذ العقوبة على من تقع عليه العقوبة.
وهناك شئ اخر: فمن شروط الايمان ان احب لأخى ما أحب لنفسى ، ومعنى ان يقوم شخص بالسرقة فمعنى هذا أننى قد أوصلته لذلك سواء عن طريق عدم توفير حياة كريمة او لم أرعاه وهو مريض أو لم اشعره بأبوتى وهو يتيم او أو لم أوجه له أى نوع من التكافل عندما احتاج لهذا التكافل.
ومن هنا وجب فى المشروع الاسلامى ان يوفر كل اوجه منع السرقة فى المستقبل سواء تم هذا بــ (العدالة الاجتماعية – رعاية الايتام والمشردين والأرامل – الرقابة على كل اوجه الفساد الادارى بين القضاء والجند والشرطة خاصة وباقى اوجه الجهاز الادارى عامة – زيادة البحوث الاجتماعية – دراسة سلوكيات الافراد وكيف تنمو العادات السلوكية .... إلخ).
بمعنى يجب على المجتمع الاسلامى قبل تطبيق الحدود القيام بدور كبير الاسرة او الاب للمواطن (ولكنه اب جاد حازم فى مواقف ورؤوف رحيم فى مواقف اخرى)
قدم لنا الاسلام وسائل لهذا النوع من التكافل بصورة بسيطة تمثلت فى كفالة اليتيم وثواب المسح على رأس اليتيم والنهى عن الظلم وكافة اوجه الخير الفردية سواء تم ادائها بالنفس او بالمال ، وجعل هناك اسلوب لتفعيل التواصل الاجتماعى بين الافراد لمعرفة حالهم والانتقال من مرحلة ممارسة الخير فرديا الى العمل الجماعى ،
ومن هنا فقد شرع الله صلاة الجماعة وهدد احيانا بعدم قبول صلاة الفرد فى بيته، بل لم يعطى الحجة للأعمى ان يصلى الفجر فى بيته.
تخيلوا كيف يكون حال الاعمى الذى لن يجد من يوصله الى المسجد ليصلى ، هل عندما يصل بعدما تخبط وتعثر فى الطريق ، ألن يرفع صوته فى المسجد قائلا يا رب أنت ظلمتنى وحملتنى ما لم تحمله لعبادك المبصرين ، فإما ترفع الظلم عنى وتعيد لى بصرى او تسخر لى من عبادك المبصرين من يقضى لى شأنى ويعيننى عليه ، او تعطنى فى الجنة اضعاف ما اعطيت للمبصر.
كل الخيارات مطروحة للاعمى والله اعلم به ، وكذلك كل الخيارات مطروحة لمن يحتاج للمال لسبب مشروع ولم يحصل عليه ،
وحتى ينجوا الحاكم المسلم من تعسير شئون الدنيا على الناس فيجب بذل قصارى جهده حتى لا يكون لأحد الرعية حجة على الحاكم ، يجب ان لا تكون هناك اسباب مقنعة للسرقة حتى يتم تنفيذ الحد بضمير مرتاح ، يجب لا يكون للناس على الحاكم حجة أمام الله حتى لا يكون لله عليه حجة امام الناس.
وهناك امر اخر يجب النظر له ، وهو لماذا اتخيل ان السارق مظلوما ، لو وصلت الى مرحلة يصير بها المجتمع اخوان لوجب عقاب الاخ الذى يظلم اخاه عقابا مشددا ، فتخيل ان اخاك سرقك وجارك سرقك وشخص غريب سرقك.
حكم مراراتك من الفعل تكون مع من ، تخيل حجم الغدر من الاقربين ،
قد تقول لى هذا أدعى ان اسامح أخى ، اقول لك ان الاسلام يشترط فى تطبيق الحد اربعة شهود مما ينفى صفة الاخوة عن فاعله وكذلك هناك قول ادرءوا الحدود بالشبهات وهناك قول تراضوا فى الحدود قبل ان تصل لولى الامر.
ومن لا يستطيع التواصل مع المجتمع فى زماننا هذا ولم يؤدى صلاة الجماعة ، عندها ننظر للامر من زاوية اخرى منفصلة عما سبق او مكملة له.
يقول الله (احكم الجاهلية تبغون) وما هو حكم الجاهلية ، فقد اكد الله ان من يحكم على الضعيف ويسامح القوى او يحاكم الفقير ويسامح الغنى فهو يحكم بحكم الجاهلية.
اما حكم الله فهو قائم على المساواة بين الناس.
وكم من انسان يسعى نحو المساواة بينه وبين غيره ، فما رأيك ان تكون ضريبة المساواة هى الحدود وبدلا من اراقة الدماء والوقت والجهد للبحث عن المساواة فما رأيك ان تكون الحدود هى ثمن المساواة.
لا توافق.
حسنا ولماذا تعتبر ان من يتم تنفيذ الحد عليه هو من سرق متجر او بعض المال ، سوف انفذه ايضا على من يسرق موارد الدولة ويتسبب فى افقار وتخلف وفساد شعب بأكمله ويحول حياتهم الى جحيم بسبب نهب موارد الدولة.
لن اطبق الحدود إلا بشروط :
1) لا حجة للسارق ولا مبرر له الا المرض بالسرقة والله يقول ليس على المريض حرج ، فإن ثبت لى مرضه فينبغى الا اقيم عليه الحد ولكن قد الجأ الى السجن او الرعاية النفسية او أى شئ أخر مما يتيحه لى العلم الحديث والمدنية.
2) لن اطبق الحدود إلا لو أمكن محاسبة كل انسان فى الدولة عن ما يملك حتى رئيس الجمهورية نفسه.
حسنا ايها المسلم وماذا عن المسيحى وغير المسلم ؟
سأسله هل لديك مبرر لفعل ما يستوجب الحد ؟
هل تقبل نفس العقوبة على المسلم لو فعل معك نفس الذنب ؟
هل ترضى على نفسك بأن يفعل معك احد هذا الذنب ؟
ولكن عند تطبيق الحدود ينبغى ان يكون احد طرفى الجرم مسلم ولن اطبقها على جريمة طرفيها من خارج الاسلام .
ومن هنا يجب انشاء محاكم لغير المسلمين مع اتاحة المحاكم الاسلامية لمن يرغب من غير المسلمين.
حسنا أنا لن ارضى بالاسلام وسوف اخرج منه ؟
كما تحب ولكن لو ارتكبت جرما مع مسلم فسوف اطبق عليك حد الردة وقتها، ولك ان تقول فى الحياة لا مساس وانت حر ما لم تضر مسلم.
أسف صدعتكم معى ولكن شعورى اننى احبكم فتح قلبى للحديث عن ما يجول بصدرى.
ولا زلت اجد صعوبة فى رؤية العقوبات الاسلامية وأسال نفسى كيف اصل لمرحلة قبول العقوبات الاسلامية ، ليس قبولها مشهدا فنحن نشاهد سلسلة افلام Saw وكذالك نشاهد اشلاء العراقيين والفلسطينين واللبنانيين على يد الامريكان واليهود.
ولكن اسأل نفسى متى اصل لمرحلة من العطاء للفرد تجعلنى أقر فى نفسى صحة العقوبة عليه وأقول يستاهل.
نعم يجب أن يكون هناك عطاء قبل العقوبة.
أوليس مشهد جسد الخائن متدلى من حبل المشنقة يسعد الوطنيين.
وشكرا لوقتكم.