الإخوان السوريون
الإخوان السوريون
شاهر جوهر
إسم "سوريا" بات يعذبني .. يذبحني .. يدغدغ أوجاعي إن أنا سمعته في كتاب مدرسة أو خطبة جمعة أو تلفاز أو إنترنت .. هو وجع في كل مفصل من مفاصل حياتي .. وجع المستقبل .. وجع الماضي ... ومرارة الحاضر ... من يقول لها إذاً ... من يقول لسوريا ولشبيبتها الرائعة أن شفتاي لصمتها وقلبي الممزق لمحبتها النائمة .. من يقول لها أن حبها قديم أقدم من هذا العالم بأسره وأننا كسوريين يمكن أن نصرخ يوم الجمعة لكن لسنا نقدر ألا نكفكف دمعنا ودمنا وقتلانا يوم السبت .
من يقول لها أن كل الأفعال صالحة ووحده الشيطان من يرسم خطانا اليوم .. إذاً فليخن من يقدر على خيانتها , ولنحتفظ بجراحاتتنا لأنفسنا ..من يقول لشبيبتنا في سوريا... من يجيبهم على سؤالهم ..؟ من يقول لهم : من يذبح من في سوريا ..؟ من يقطّع أوصال من ..؟ ومن يقاتل من ..؟
من يقول لهم ليس في عالمنا الصغير هذا مكان للعدالة .. من يقول لهم هو عالم مضطرب تكثر فيه الحيتان كما فيه كثر يقتاتون على فتات الآخرين ..على دم السوريين ..
فكلما كبر وإمتد ضل الإنسان تناقص حجم المعدمين الملتفين حوله لأجل هذا لم يسمع صوتنا من كانت رؤوسهم عضيمة , لأجل هذا لم يفهم روايتنا من كانت أشداقهم كبيرة , لأجل هذا لم يصل إلحادنا الى أولئك اللذين لم يفهوا ما نؤمن به يوماً .
ولأجل كل هذا لم يرمق أولئك الساكنين قممنا ما يجري في أعماقنا , لأن المسافة بعيدة جداً بين مايؤمنون وبين ما نؤمن , لان البون شاسع بين ما يحبون وبين ما نكره .
حاربنا طويلاً عدواً واحداً .. شيطاناً واحداً هو "اسرائيل" وكنا دوماً نصدق كذبة .. كذبتين وأحياناً أكثر عندما يتحدثوا عن النصر .. فأرضي لا زالت محتلة ودمي لا زال ينزف كما عيناي ما فتئت تقطر من غازهم المسيّل للدموع .. فأي نصر ذاك الذي مخر صملاخنا .. وبنفس المسلك أي حرية تلك التي ستفتت ديارنا ..
لطالما إنحنيا سوياً ولطالما تضرعنا الى الله .. الى الله وحده في كل جمعة وصباح كل عيد حتى يهدم اسرائيل ويشل أركان الإمبرالية , ولكم صرفنا من العمر ونحن نظن أنفسنا " دون كيشوت " وبعد كل تلك السنين والآن فقط لسنا أكثر أهمية عند غيرنا من تابع وضيع يمتطي حماراً ويسعى الى التطور , لسنا أكثر قوة من " سانتشو بانتشا " .
بعد كل شيء , بعد كل ذاك التجويع ذاك التعذيب ذاك الذبح المنظم لسنا في نظر الآخرين في الخارج وحتى الداخل سوى همج ثرثارين .. ما عادت تجارة الامل تكفينا ... ما عاد شيء يكفينا إذاً.. لأننا مؤمنون " أنه من عاش على الأمل مات صائماً " .
ففي كل مدن العالم , في كل هذي الزوايا الضيقة من هذا العالم المجنون يكثر التطرف , وبنفس الوقت يكثر الباحثون عن المعجزة , فأي عالم هذا الذي يغص بالإشارات الحمراء , اي جنون هذا الذي يجعلنا نولد ونلتقي عند مفترق طرق وعلى الرصيف قد ننتهي , واي عالم هذا الذي ليس كأي عالم , أي عالم هذا الذي يموت الناس فيه إما من التخمة أو من الجوع .. إما من البرد وإما من الحرق ... وأي الدول تلك هي سوريا التي تختصر العمر في فنجان شاي وأغنية رقيقة لفيروز عند كل صباح دون أن تنسى .. دون أن ننسى كل أولئك الحفاة العراة في أزقتها .
أي تلك المدن التي لا تعرف سوى الاحتجاج , كما لا تعرف سوى أن الله هو عدو الشيطان , فمن بين كل الدول تأتيك سوريا بأصوات ديكها قرب السماء , فلنتب الى الله , كلنا ... قوميين عرب وقوميين سوريين شييوعيون وإخواناً مسلمون ومسيحيون ولنكن كلنا إخواناً سوريون .
ولنفهم أن كل شيء في الحياة يتم بالتدرج الا الحرية لا نقبلها إلا جرعة كاملة ... لهذا لنكن أولئك السوريين الطيبين المعتدلين اللذين لا يرضون سوى الحوار بديلا, اللذين لا يختصرون سوريا في حزب , أو جماعة , أو هيئة او مؤسسة أو طائفة او منطقة او عرق أو لون..
نحن سوريون ... كلنا سوريون , فإن حككتنا وجدت إخواناً سوريون , كمن إذا حككت مسلماً وجدت مسيحياً ويهودياً ... لكن كثرٌ من أعدائنا هم لا يفهمون .
يا أهلي الطيبين عقود طوال هو عمرنا وعمر أجدادنا وترابنا فدعونا لا نسمح لأعداء الحضارة .. يهود الداخل والخارج .. أولئك اللذين يتشدقون بالإنسانية صبح مساء , أولئك اللذين ما برحوا يبتسوا لمصّ دمنا ونزف ثرواتنا وهتك عرضنا . فلنقذف بحقنا إذاً على باطلهم ولنطهر هذي الربى من زبلهم المر ، لهذا سنخرج لهم كالفطر من بين الرجوم , كلما أرعدت آلآتهم وأبرقت ظغينتهم , سنقف أمامهم كالطود وسنطبق هذي الوديان على أذنابهم ، ولتلكع حرابنا اليوم أيديهم الآثمة ولنحرر أرضنا حتى لو لثمت هذي الشمس أكفاننا النازفه , لستُ أقول بالإقتتال ولا بحمل السلاح ولا بنفي الأكثرية للأقلية , كما لستُ أدعوا طائفة أو منطقة دون سواها , إنما مقولتي هي الحوار هي التفاوض .. مقولتي هي لكل السوريين ... فلستُ محتملاً نزفاً آخر ولا عداواتٍ أخرى ..
بالله عليكم ألسنا كلنا إخواناً سوريين ..
والله ولي التوفيق
|