كشف أول تقرير رسمي حول أزمة التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني المصرية بعد الثورة، عن تلقي جمعيات مبالغ تصل إلى 65 مليون دولار من الولايات المتحدة الأميركية، وتلقي السلفيين مبلغ 296 مليون جنيه مصري من دول خليجية، منها 181.7 مليون جنيه مصري من قطر، و114.5 مليون جنيه مصري من الكويت.
كما تلقت مؤسسة خيرية باسم حفيد الرئيس السابق حسني مبارك مبلغ 86 مليون جنيه مصري من الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، فيما نفت قيادات سلفية الحصول على تلك المبالغ.
ووفقاً لتقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها وزارة العدل لجمع المعلومات والتحقيق حول ما أعلنته السفيرة الأميركية بالقاهرة عن تقديم دولتها مبلغ 40 مليون دولار لمنظمات أهلية مصرية عاملة في مجال تنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان من دون علم السلطات المصرية، فإن "مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني من دولة قطر قدمت ما مجموعه 181مليون جنيه و724 ألفاً إلى جمعية أنصار السنة "المسجلة قانوناً" تمت الموافقة عليه بتاريخ 12-2-2011 من قبل وزير التضامن الاجتماعي السابق الدكتور علي المصيلحي".
وأضاف التقرير أن "جمعية إحياء التراث الإسلامي بدولة الكويت، قدمت مبلغ 114 مليون جنيه و493 ألفاً إلى جمعية أنصار السنة المحمدية، ليكون مجموع ما تحصلت عليه 296 مليون جنيه، و218 ألفاً. وتعتبر جميعة أنصار السنة المحمدية ثاني أكبر جمعية للسلفيين بعد الجمعية الشرعية".
ووصف التقرير مبلغ الـ 296 مليون جنيه بأنه "أضخم وأكبر مبلغ يرد في صورة تبرع من الخارج لجمعية أهلية في عامي 2010 و2011 على مستوي الجمهورية"، بل وهو أيضاً أضخم مبلغ يرد على الإطلاق كتبرع في شهر واحد بالمقارنة مع مجموع المبالغ التي ترد لجميع الجمعيات الأهلية على اختلاف أنواعها". والجدير بالذكر في هذا المقام أن كل محاولات الجهات المانحة لتمويل تلك الجمعية من قبل كانت تقابل بالرفض الأمني.
وأشار التقرير إلى أنه "بالتحري عن نشاط وانتماءات وأغراض جمعية أنصار السنة المحمدية تبين أنها ذات ميول تتصل بالتيار السلفي، وأن الأغراض المعلن عنها لدى وزارة التضامن بشأن هذه الأموال هي مساعدة الفقراء وكفالة الأيتام وترميم وإنشاء المساجد". واعتبرت لجنة تقصي الحقائق أن تلك الأغراض لا تتفق مع حجم التمويل الوارد إليها، "مما يثير الشبهة في نشاط هذه الجمعية".
وتابع التقرير: "تلاحظ الجنة من خلال الأوراق المرسلة من وزارة التضامن أن مبلغ الـ 181 مليون التي تلقتها الجمعية من الأمير القطري، خصصت منه مبلغ 30 مليون جنيه فقط، للصرف على كفالة اليتيم ورعاية الفقراء بينما تم توجيه مبلغ 133 مليون جنيه للصرف على ما تمت تسميته بـ"قضايا تنموية مختلفة".
ومن جانبها، نفت جمعية "أنصار السنة المحمدية" تلقي تلك الأموال من قطر أو الكويت، وقال الأمين العام الشيخ أحمد يوسف إن الجمعية لم تتلق أي أموال من الخارج بدون علم الحكومة، وأضاف في بيان له، أن حجم التبرعات التي وصلت للجمعية هذا العام بلغت أقل من مليون جنيه، ولم يتم صرفها حتى الآن انتظارا لموافقة وزارة التضامن.
وقال الشيخ محمود عامر من قيادات التيار السلفي إن السلفيين لم يتلقوا أية مبالغ من دول الخليج لأغراض سياسية أو غير سياسية، وأضاف أن هذا الحديث يأتي في سياق الحرب السياسية والإعلامية ضد السلفيين لتشويه سمعتهم قبيل إجراء الإنتخابات البرلمانية المزمعة نهاية شهر شباط (نوفمبر) الجاري. واتهم الليبراليين والعلمانيين بالوقوف وراء تلك الحملات التي تستهدف النيل من ثقة المصريين في التيار السلفي.
وكشف التقرير أن مؤسسة محمد علاء مبارك وهو حفيد الرئيس السابق من إبنه علاء، تلقت مبلغ 86 مليوناً و150 ألف جنيه مصري من مؤسسات إماراتية وعمانية، وأوضح التقرير أن المؤسسة تلقت مبلغ 28 مليون و500 ألف جنيه مصري من " دولة الإمارات العربية المتحدة " بتاريخ 2 شباط (فبراير) الماضي.
كما تلقت مبلغ 29 مليونا و200 ألف جنيه من مؤسسة منارة الإمارات العربية المتحدة بأبو ظبي بتاريخ 24 حزيران (يناير) الماضي، وحصلت على مبلغ 28 مليونا و450 ألف جنيه من وزارة المالية بسلطنة عمان 14 تموز (يوليو) الماضي.
ولفت التقرير إلى أن جمعية كاريتاس، وهي تعمل في مجال رعاية الطفولة، ولا سيما أطفال الشوارع، تلقت مبلغ 155 مليوناً و734 ألف جنيه من جهات خارجية، منها 79 مليوناً و625 ألف جنيه في تشرين الثان (نوفمبر) 2010، و 76 مليوناً و109 ألاف جنيه في 21 شباط (فبراير) الماضي. وقالت لجنة تقصي الحقائق في تقريرها "ما تلحظه اللجنة بشأن جمعيتي "محمد علاء مبارك" و"كارتياس" ضخامة المبالغ النقدية المحولة إلها قبل وبعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011".
وأوضح التقرير أن السيناتور الأميركي جون ماكين ينفذ عدة أنشطة في مصر عبر مكتبه التمثيلي في القاهرة من خلال المعهد الجمهوري الدولي، وأنه لديه علاقات تعاون مع العديد من الجمعيات الأهلية في مختلف المدن المصرية، خاصة القاهرة والإسكندرية، ومنها جمعية الأكاديمية الديمقراطية المصرية، مشيراً إلى أن ماكين يدعم أيضاً مؤسســــــة Pontis السلوفاكية التي تقوم بتمويل جمعيات مصرية.
وأكدت اللجنة أن هيئة المعونة الأميركية قدمت مبلغ 65 مليون دولار إلى جمعيات تعمل في مصر بمجال تنمية الدمقراطية، منها 40 مليوناً لصالح المعهد الديمقراطي الأميركي، والمعهد الجمهوري الأميركي. مشيرة إلى أن باقي المبلغ 25 مليون دولار ذهب بالفعل لمنظمات أخرى غير معروفة لدعم الديمقراطية أيضاً في مصر.
وقال مصدر قضائي أن النيابة العامة تجري تحقيقاتها في الأوجه التي أنفقت فيها تلك الأموال، مشيراً إلى أن جهات سيادية أيضاً تجري تحقيقاتها في الأمر بالتنسيق مع النيابة العامة، لا سيما بعد التأكد من أن بعض الجمعيات قامت بإجراء إستبيانات في مختلف المحافظات في الريف لصالح المعهد الجمهوري الأميركي وتضمن معلومات عن أوضاع البلاد الإقتصادية والإجتماعية، معتبراً أن تلك المعلومات تدخل في سياق الأمن القومي المصري، على حد قوله.
http://www.dostor.org/politics/egypt/11/...r/18/61885