تستفزني عبارة (دين صالح لكل زمان ومكان ) والتي تجدها دائما وابدا على لسان المؤدلجين ولتوضيح
كذب هذه المقولة سأقوم بسرد بعض ما ورد في كتب السيرة

"عندما فتح سعد بن ابي وقاص المدائن سنة 16 للهجرة (اثناء خلافة عمر) ,ارسلت الغنائم الى المدينة وكان فيها مال كثير من مال كسرى ومن جملة ذلك سوارا كسرى وتاجه وبساطه الكبير وكان 60 ذراعا منظوما باللؤلؤ والجواهر وارسل ايضا مع الغنائم بنات كسرى وكن ثلاثا وعليهن من الحلي ما لا يمكن وصفه

طبعا امر عمر بالمال والغنائم وجعلها في وسط المسجد وقسمها بين المسلمين والبس سراقة بن مالك سواري كسرى(وعده النبي بذلك اثناء لحاقه به خلال هجرة النبي من مكة الى المدينة)
كما قام عمر (الخليفة العادل) بتوزيع البساط بين المسلمين واصاب علي قطعة منه باعها بخمسين الف

بعد الانتهاء من الاموال حان دور السبايا حيث جيء ببنات الملك الثلاث وامر عمر المنادي ان ينادي عليهن وان يزيل نقابهن ليزيد المسلمون في سعرهم فامتنعن من ذلك فغضب عمر واراد ان يضربهن بالسوط (عادل فعلا) فاراد علي ان يمنعه وقال له مهلا يا امير المؤمنين فقد سمعت رسول الله يقول ارحموا عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر فسكن عمر فقال له علي ان بنات الملوك لا يعاملن مثل غيرهن من بنات السوقة فقال عمر وما العمل فقال علي :يقومن ومهما بلغ ثمنهن يقوم به من يختارهن
فقومن واخذهن علي فدفع واحدة لعبدالله بن عمر وواحدة للمحمد بن ابي بكر وواحدة لولد الحسين جاءت بزين العابدين "

يرى معروف الرصافي في تلك الحادثة(معاملة عمر لبنات كسرى وانتصار علي لهن) انها الضمير الذي ارتكزت عليه وشائج مذهب التشيع لعلي وبنوه فان الفرس المغلوبين على ملكهم كانت نفوسهم تتقد غيظا وحقدا على العرب الذي كانوا رافعين لواء النهضة واكتسحوا بلاد فارس بجيوشهم الجرارة
ثم انهم دخلوا الاسلام كرها واخذوا يعملون على اعادة ملك الاكاسرة من طريق الدين فتظاهروا بحب علي واولاده من ابناء الحسين النازلين من صلب زين العابدين الذي يمت بنسبة من جهة امه الى الاكاسرة .

هذا هو اساس فكرة التشيع ثم اتسعت وتفرقت بمرور الزمان فافترق لها المسلمون الى فرق وطوائف مختلفة

ولم يقتصر الامر على القومية الفارسية بل وقد غرٌ طلاءها الديني الاغرار من العرب فانخدعوا بها وتمذهبوا بها حتى تفرقوا شيعا وكلما مر الزمان زاد تفرقهم حتى رجعوا الى ما نهى عنه محمد(لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)

كان من نتائج هذا الاختلاف سقوط الدولة الاموية فقد اوقع الفرس التفرقة بين العرب وتوفقوا الى حل عقدة الاخوة الدينية التي صنعا محمد بين العرب

ونحن عندما نرى الفارسي يتستر بستار التشيع فيلعن عمر واولاده ويبغضه اشد البغض ويمثله بحمار معمم ينهال عليه بالسوط ضربا وباللسان شتما ولعنا فاننا لا نستغرب ذلك فقد اسقط عمر دولة الفرس واهان بنات ملك الفرس اما ما نستغربه هو ان نرى العربي يفعل ذلك الفعل المنكر فانظر ماذا تفعل المذاهب بالناس وتمسخهم مسخا .

النبي محمد كان ينتمي لقبيلة بني هاشم التي تمثل الجانب المعارض للسلطة بمكة هذه السلطة التي كانت تملك المال والنفوذ والسطوة وما يستتبعها من ظلم وطغيان وفجور وعلى رأسهم بنو أمية وكون النبي كان ثائرا على الأوضاع بمكة كان يعرف جيدا أن ضمان استمرار النهج الذي خطه هو في استمرار النهج الهاشمي وكان علي بن ابي طالب وبنوه خير ممثل لذلك وبعد وفاة النبي رجعت العصبية القبلية التي كانت بمكة للظهور على يد أبي يكر وعمر وعثمان وهذا أدى لتولي الأمويين الحكم في الشام والمواجهة الصدامية مع علي بن ابي طالب ومن ثم الحسن والحسين ليتم رسم خط جديد ، خط بني هاشم الثائر والخط الذي تم ضربه من قبل الرسول ثم استعاد عافيته على يد بني أمية بتمهيد من الخلفاء الثلاثة
وعليه فالمرتكز على التشيع كان سابقا جدا أما كون الفرس تشيعوا لأن ابنة كسرى كانت والدة زين العابدين فهي عملية توافق أكثر منها سبب رئيسي بمعنى يمكن أن يكون داعما ولكن ليس محركا ورؤيتي أن الفكر السني الذي يمثل الجانب العصبي القبلي بتولي الأمويين وبعدهم العباسيين الذين اتبعوا خطاهم بحيث انفصل الجانبى العلوي تماما عن غيره من الهاشميين هذا الفكر السني يعيش أزمة كبيرة اليوم ويفقد قواعده لمصلحة الفكر الشيعي .. تحيتي