ماذا عن ثورة اللاذقية؟
اللاذقية عروس المتوسط كانت أول مدينة سورية تخرج لنصرة أهل درعا وتحديدا في 19 و20 و21 آذار من سنة 2011 حيث بدأ الحراك الجدي في اللاذقية.
منذ اللحظة الأولى لانتفاضة وثورة اللاذقية وانضمامها لركب الحرية كان واضحا لكل أهلها ان النظام سيكون عنيفا وشرسا ومتوحشا في التعامل معها..كيف لا وهو يظن أنها معقله وخطه الخلفي؟
كانت صدمتهم كبيرة جدا عندما عرفوا ان اللاذقية ثارت عن بكرة أبيها وخرج فيها الالاف للشوارع يفدون درعا ويطالبون بالحرية.
تعامل المنحبكجية والنظام مع أهل اللاذقية كان مستفزا بدرجة لا يمكن وصفها، فوصفوهم بالحشاشة والسكرجية وان من خرج لنصرة درعا انما خرج لكي يحصل على وظيفة او كما استهزؤوا وقالوا لكي يحصل نادي حطين على بطولة الدوري، فيما استهزأ اخرون وقالوا أن بعض الحشاشة طالبوا بتسهيل بيع الحبوب المخدرة لهم في الصيدليات، لم يكترث النظام ومنحبكجيته بكرامة أهل اللاذقية وعزة نفسهم، بل تعاملوا معهم كقطيع وعبيد ويجب تركيعهم واخضاعهم.
الخروج القوي الصريح الكبير بدأ يوم الجمعة 25-03-2011 بتظاهرة اختلف تقدير عددها ولكنه كان على اقل تقدير اكثر من عشرين الف متظاهر، من ساحة العلبي لساحة الشيخ ضاهر، طوفان بشري تقشعر له الابدان وفي هذا اليوم بدأ سقوط الشهداء في اللاذقية...
لم تهدأ اللاذقية بعد هذا اليوم وفي كل تشييع كان يسقط المزيد من الشهداء، واعتصم اهل اللاذقية في الصليبة ورفعوا شعارات الحرية ونددوا بالطائفية ومن يروج لها، ولكن كما العادة وكما كنا نتوقع كان تعامل الامن وحشي وهمجي بما للكمة من معنى...كيف لا فصدمتهم صدقا كانت أكبر من ان يستوعبها عقلهم المحدود؟؟
كيف تعامل معنا اعلام النظام؟
بدأت بحشاشة وسكرجية، انتقلت لعصابات مسلحة يركبون فورد حمرا تنتقل من شارع لاخر لترهيب الاهالي، عادت لتكون حشاشة عبر دفعة حبوب الجزيرة ماركة بندر للمتعة والكيف، تحولت لتصبح حريرية قطرية تركية، استقرت تنظيم قاعدة وسلفية واخوان...لم يعترفوا ليوم واحد وللحظة واحدة انه شعب سوري حر يرفع مطالب محقة...
صرخنا وكتبنا وقلنا توقفوا عن العنف، توقفوا عن التخوين، لشسنا خونة ولسنا عملاء، لنا مطالب ولنا حقوق، استجيبوا للاصلاحات، لا للدوس على كرامات الناس، الدم لن يحل المشكلة، القتل والاعتقال لن يحل المشكلة، لم يستجب أحد بل تعنتوا وفظعوا وقتلوا واعتقلوا واحتلوا..
هاجمت قوات الشبيحة المعروفة سابقا لكل أهل اللاذقية الأحياء الثائرة واستعرضت عضلاتها وسلاحها وحاول اهل تلك الاحياء قطع الطرقات بحاويات القمامة ونجحوا في بعض الاحيان من منع الشبيحة من ترهيب الاهالي وترويعهم ..
خلال هذه الفترة ايضا حصلت أحداث قرية البيضا في بانياس والتي أنكرها النظام وكلابه بالقول أنها حدثت في العراق وهؤلاء بشمرغا ولكن ولأن غباؤهم ينصرنا قاموا بعد فترة بعرض لقاء مع محمد بياسي على الاخبارية السورية لينفي خبر مقتله معترفين ضمنا ان محمد كان من بين من تم الدورس عليهم البياض ومعترفين بان ما حصل في البيضا قد حصل حقيقة وليش في العراق كما ادعوا وكذبوا.
كان لأحداث بانياس أثر كبير في نفوس أهل اللاذقية فثارت عن بكرة ابيها وعاش أهل اللاذقية ايام عصيبة جدا من الارهاب المنظم، اذ كلنا نعرف أن أهل مدينة اللاذقية لا يملكون اي قطعة سلاح للدفاع بها عن انفسهم وكلنا ايضا نعرف جيدا من لديه السلاح في اللاذقية والى من ينتمون ومن يؤيدون فمن أين كانت تأتي تلك العصابات المسلحة ونحن لا زلنا في شهري 3-4 من 2011 أي في الوقت الذي لا زالت قبضة الامن على البلد كالقبضة الحديدية و منذ ما يزيد عن اربعين عام..
تخلل هذه الفترة أحداث في منطقة الرمل الجنوبي وقصة ابو نظير الشهيرة التي حاول فيها النظام تكريس فكرة تغييب كرامة ابن مدينة اللاذقية وتصويره على انه تابع مأجور مع العمل أن ابو نظير هو كلب من كلاب أيمن جابر شبيح معروف للنظام...
ايضا خلال شهر 4 وتحديدا يوم 18 منه حصلت مجزرة بن العلبي وراح ضحيتها عشرة شهداء على الاقل وتم اعتقال الأطباء مشفى الطابيات وكان كل جريح يصل للمشفى يتم اعتقاله، لن ننسى سيارات اطفاء النظام التي أتت لتغسل دماء الشهداء عن أرض الساحة معتقدين أنهم بمسحهم لاثار الدماء على الارض ستزول أثار الجريمة ونتائجها...
خلال شهر 4 وتحديدا في يوم 30 منه سقطت الطفلة رهف بطيخ شهيدة برصاص شبيحة كانوا يطلقون النار لارهاب الاهالي..
تكررت مشاهد الارهاب واحتلال المساجد قبل كل يوم جمعة وتم عمليا وبعد مجزرة بن العلبي احتلال أحياء مدينة اللاذقية بالكامل، وحدها منطقة الرمل الجنوبي بقيت صامدة وبقي أحرارها ثائرون يوميا حتى عملية الاجتياح التي سبقها قصف من البحر وقنص من محطة القطار لكل شيء يتحرك بما فيها القطط...
الرمل الجنوبي وثورتها لوحدها فيها من قصص البطولة والشجاعة ما يعجز اللسان عن الوصف...
لان اللاذقية كانت ثاني مدينة ثائرة في سوريا غيبها المشهد الاعلامي العربي او لم ينصفوها كبافي مدن الثورة، اللاذقية التي قدمت عدد كبير من الشهداء والمعتقلين تستحق منا كل التحية في الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية، تحية لك يا عروس المتوسط، تحية لأهلك وشبانك الشجعان، تحية لاحرارك الذين رفضوا الذل حين قالوا الموت ولا المذلة...