{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
ألف وجه لألف عام ....ابراهيم العريس
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
ألف وجه لألف عام ....ابراهيم العريس
ألف وجه لألف عام - «دون كيشوت» لأورسون ويلز: أنا هو الفارس الأندلسي!
ابراهيم العريس الحياة - 19/03/08//


لقطة من «دون كيشوت» أورسون ويلز
من «نابوليون» ستانلي كوبريك، الى «كالييدوسكوب» ألفريد هتشكوك، ومن «هاملت» يوسف شاهين الى «جبران» برهان علوية، وصولاً الى «يوليسيز» و «لتحيا المكسيك» لأيزنشتاين، ثم بخاصة «قلب الظلمات» هذا المشروع الذي تنقّل بين أحلام عدد من كبار مبدعي السينما قبل أن «يحققه» فرانسيس فورد كوبولا، جزئياً في «يوم القيامة الآن»، هناك «أفلام» سينمائية صارت على مدى الزمن أسطورة وجزءاً أساسياً من «تاريخ» الفن السابع وتاريخ أصحابها، من دون أن تُحقق أبداً، أو من دون أن تنجز بعد أن بوشر في تحقيقها. بل لعلها استقت أسطوريتها وأهميتها لكونها لم تحقق أو لم تكتمل. ومن هذه الأعمال «دون كيشوت» الذي كان من أوائل مشاريع أورسون ويلز، لكنه بعد أن صور ما يقارب الـ 300 ألف قدم، لم يكمله أبداً، وأنهى حياته، عام 1985، مردداً أنه لا بد من أن يأتي يوم وينجز فيه هذا الفيلم الذي كان يعتبره أكبر أفلامه وأهمها. طبعاً نعرف أن أورسون ويلز رحل عن عالمنا من دون أن يحقق هذا الفيلم في شكل كامل. تماماً كما أن ستانلي كوبريك رحل من دون أن يحقق «نابوليون».

> ومع هذا هناك فيلم عرض في مهرجان «كان» السينمائي عام 1992، عنوانه «دون كيشوت» ويحمل اسم أورسون ويلز. تماماً كما أن هناك فيلماً سوفياتياً متداولاً أنجز عام 1978 عنوانه «لتحيا المكسيك» يحمل توقيع سيرغاي ايزنشتاين. وواضح لمن يتابع تاريخ السينما أن عزو كل من هذين الفيلمين الى مبدعه الكبير أمر منطقي، غير انه ليس صحيحاً تماماً. ذلك أن ثمة في الحالين، مساعدين أو هواة أو حالمين أو مجرد تجار، أخذوا على عاتقهم إكمال ما لم يتمكن المبدع الكبير من إكماله. فجيء بما هو مصوّر، ليركّب الى بعضه بعضاً وتكون النتيجة فيلماً يبدو الفارق، على أي حال، هائلاً فيه، بين المادة الأولية التي حققها المبدع، والتركيب النهائي الذي قام به الحرفي المتحمس. وهذه الحال تنطبق بخاصة على «دون كيشوت» أورسون ويلز. وكان هذا الأمر واضحاً عندما عرض الفيلم في مهرجان «كان»: كانت الغاية أن يشكل مفاجأة طيبة، لكن العمل أتى ليشكل مفاجأة سيئة. وقال كثر من النقاد: ليت الفيلم بقي نتفاً وحلماً في ضمير صاحبه، بدلاً من أن يهزه في قبره الآن.

> مهما يكن من أمر، ليس همنا هنا التوقف عند النسخة الجديدة، من «دون كيشوت»، كما حققت انطلاقاً من العمل الذي كان ويلز شرع في العمل عليه عام 1955. بل ما يهمنا هو أن نطل على الفيلم الأصلي نفسه متسائلين عن السبب الذي حال دون ويلز وإنجاز «مشروع حياته» هذا كما كان يسميه وظل يسميه حتى اللحظات الأخيرة من تلك الحياة. ولهذه المناسبة قد يكون مفيداً أن نذكّر بأن «دون كيشوت» لم يكن المشروع الوحيد الذي تركه ويلز من دون استكمال. فهو كان يحمل دائماً في عمق أعماقه عشرات المشاريع الكبرى، وثمة ما لا يقل عن نصف دزينة شرع فيها فعلاً. ولن نكون مبالغين ان قلنا إن ويلز أمضى عقد سنوات الخمسين من القرن العشرين وهو يتأرجح بين المشاريع، يكتب بعضها ويبدأ في تصوير البعض الآخر. ثم يضطر الى تحقيق أفلام لا تفرحه كثيراً، أو التمثيل في أفلام الآخرين، أو تأجير صوته الرخيم معلقاً إذاعياً أو على بعض الأفلام، لمجرد أن يجمع من المال ما يكفيه لتحقيق هذا المشروع أو ذاك. ولكن نعرف اليوم أن «دون كيشوت» كان المشروع الذي عاش معه أكثر من أي مشروع آخر. وربما يعود السبب الى ذلك التطابق المدهش، والذي وعاه هو نفسه باكراً، بين شخصيته وشخصية «الفارس» الإسباني العريق. إذ حسبنا هنا أن نضع هوليوود مكان طواحين الهواء، ونبدل معركة «دون كيشوت» من أجل إعادة الاعتبار للفروسية والفردية، بمعركة ويلز من أجل سينما جادة وعبقرية، حتى نفهم كنه تلك العلاقة الضمنية التي قامت دائماً بين حياة ويلز – أو على الأقل نظرته هو الى حياته – وبين مغامرات «دون كيشوت». إذاً، عام 1955، شرع ويلز يصور فيلمه بين المكسيك وإسبانيا وإيطاليا. وهو تصوير بات في مقدورنا الآن أن نقول انه لم ينجز أبداً... مع أنه تواصل طوال أكثر من عشر سنوات. كيف؟ لقد تحلقت حول ويلز، مجموعة من الممثلين وطاقم العمل. وراح – طوال السنوات التالية – يتنقل معهم تبعاً للمال الذي كان يتمكن من جمعه بين الحين والآخر لمواصلة التصوير. وهكذا، كلما كان يتمكن من إقناع صديق ما، أو تاجر ما، أو موزع ما، بتقديم بعض المال مؤكداً له أن ما سيقدمه سيكون كافياً لإنجاز الفيلم وجعله صالحاً للعرض، حتى يصور بعض المشاهد ثم يتوقف – وأحياناً شهوراً طويلة – لأن المبلغ الذي حصل عليه، يكون قد انفق ولا بد الآن من الانتظار للحصول على مبلغ آخر. وبين «المبلغ» و «المبلغ» يكون من حق ويلز ومن حق العاملين معه على الفيلم، الانصراف الى شؤونهم الخاصة وأعمالهم في انتظار المرحلة الجديدة.

> انطلاقاً من هنا، إذاً، قيل دائماً عن «دون كيشوت» انه – وفي الوقت نفسه، حُقِّق ولم يُحقق. وصار في الآن ذاته فيلماً شبحاً وفيلماً حقيقياً. ولعل في إمكاننا أن نقول عند هذا المستوى من الكلام، ان مجرد تركيب «دون كيشوت» في نسخة «معاصرة» وعرضه في «كان» بصفته فيلم أورسون ويلز المنتظر منذ ثلاثين سنة، في ذلك الحين وأكثر، أرجع العمل برمته الى شبحيته، سامحاً لـ «دون كيشوت» أن يُصنف – في شكل قاطع هذه المرة – بصفته واحداً من أفلام أورسون ويلز التي ظلت – بعد موت صاحبها – قيد التحقيق. ولكن ماذا عن صوغ – أو إعادة صوغ – أورسون ويلز لكتاب سربانتس الشهير، والذي يصنف بين الروايات والأعمال الأدبية الأكثر قوة وتعبيراً والأعلى مكانة في تاريخ الأدب العالمي، بل الذي يصنف بخاصة بداية لإنسانية الأدب. ان من الصعب علينا، اليوم، بالطبع، أن نسبر أغوار ما كان أورسون ويلز يريد قوله من خلال أفلمته لهذه الرواية الكبرى، خصوصاً أن نسخة عام 1992 خلطت الأمور ببعضها بعضاً، وقدمت فيلماً بالكاد يمكن اعتباره تصويراً بصرياً لمجرى الرواية بالشكل الأكثر سطحية. أما «الفيلم الحقيقي» فلعل في إمكاننا العثور عليه في أحاديث أورسون ويلز عن مشروعه هو الذي كان لا يفتأ يقول: «إن أكثر ما يثير اهتمامي – ولا يزال – في اتجاه هذا المشروع هو أنه يمكنني من التعبير عن قيم تبدو اليوم بائدة – مثل قيمة «الفروسية» على سبيل المثال لا الحصر -، ومن ثم التساؤل عما يجعل مثل هذه القيم لا تزال قادرة على أن تخاطبنا، بينما يقول لنا المنطق إنها لم تعد على أية علاقة معنا أو اتصال بنا». ومن الواضح أن هذه العبارات إذ قالها ويلز، تحدد تماماً الغاية التي كان يتوخاها من تحقيق الفيلم، ولكن كذلك، السبب الذي جعل المنتجين والموزعين غير راغبين أبداً في تمويل مشروع كهذا، خصوصاً أن صاحبه أراد في هذا الفيلم أن يقول لنا إن «دون كيشوت» شخصية تقف خارج كل زمان ومكان، في الوقت الذي تبدو داخل كل زمان ومكان.. وبالتالي لم يكن غريباً على ويلز، والحال هذه، أن يجعل بطله يبارح ذات لحظة أندلس القرن السادس عشر، التي كان يعيش ويغامر فيها ليصل الى إسبانيا المعاصرة ومن خلالها الى العالم والزمن المعاصرين.

> طبعاً رحل أورسون ويلز (1915 – 1985) من دون أن يتمكن من إنجاز هذا العمل. غير أن «دون كيشوت» يظل، الى جانب «المواطن كين» و «سيدة من شانغهاي» و «المحاكمة» و «فالستاف»، واحداً من أهم أعمال هذا السينمائي الساحر الروائي الكبير الذي، حتى وإن كان قد جعل معظم أعماله ينتمي الى التاريخ والى أعمال مستقاة من أدب ونصوص كبيرة، عرف دائماً كيف يطوّع هذا كله ليستحوذ عليه ويجعله، ليس فقط جزءاً من مشروعه الفني والفكري، بل كذلك جزءاً من سيرته الذاتية، علماً أنه، مع مبدعين مثل أورسون ويلز، لا ينفصل المشروع الفكري – الفني عن السيرة الذاتية.

03-19-2008, 06:59 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
ألف وجه لألف عام ....ابراهيم العريس
ألف وجه لألف عام - أفلام سعفة «كان» الذهبية (1952) ... «تصوير عطيل» لأورسون ويلز: الفن من خلال السينما والسينما من خلال فيلم
ابراهيم العريس الحياة - 25/05/08//


لقطة من «تصوير عطيل»
صرنا نعرف الحكاية ...ولا نمل من تكرارها في كل مرة حلت فيها دورة جديدة لمهرجان «كان» السينمائي وخلت الدورة تقريبا من حضور عربي، أو امتلأت بهذا الحضور . مثل هذا الأمر يفرض عادة ان نذكر بكيف ان المغرب كان اوائل سنوات الخمسين أول بلد عربي يرفع علمه في مهرجان «كان» انطلاقا من كون الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية «عطيل» الذي كان صور في مدينة الصويرة المغربية لأسباب انتاجية من دون ان تكون له اي علاقة بالمغرب، اللهم إلا إذا اعتبرنا كون الشخصية الرئيسة «عطيل» ذات أصول مغربية !

المهم ان هذا ما حدث في ذلك الحين حيث كان يفترض بالفيلم، أول الأمر، ان يصور في فرنسا اذ كانت تنتجه شركة فرنسية - إيطالية .ثم انسحب الطرف الفرنسي، فتقرر أن يصور الفيلم في ايطاليا إذ اصبح ايطالي الإنتاج .ثم انسحب الطرف الإيطالي بعد إفلاسه فانتقل ويلز ليصور الفيلم في «ديكورات طبيعية» مغربية . وحين عرض في «كان» قرر ويلز، اذ لم يعثر له على طرف إنتاجي محدد يتبناه، قرر ان يقدمه باسم المغرب. وهكذا كان ودخل هذا البلد تاريخ المهرجانات من باب واسع بفضل أورسون ويلز .

هذه الحكاية التي لم يعد هناك من يجهلها بين هواة السينما يحكيها ويلز بنفسه في واحد من آخر الأفلام التي حققها في حياته وهو فيلم «تصوير عطيل» الذي أنجزه سنة 1978، يبلغ طوله نحو ساعة ونصف وتم تحقيقه بفضل تمويل أميركي - ألماني مشترك، ما يعني ان ويلز الذي كان عجز قبل نحو ربع قرن عن إيجاد تمويل أميركي لفيلمه عن عطيل تمكن من ان يحصل على ذلك التمويل لتحقيق فيلم عن عطيل. «إنها واحدة من دورات القدر التي اعتدت عليها!». كان هذا تعليق ويلز على الموضوع .

> على رغم ان «تصوير عطيل» عملا شبه وثائقي ضمن نوعية السينما عن السينما، فإنه في الحقيقة يبدو عملا مستقلا في ذاته لا يكاد يشبهه أي عمل سينمائي من قبل، حتى وإن قلد كثيرا من بعد .من ناحية أولى يحاول ويلز في هذا الشريط ان يجيب عن أسئلة كثيرا ما راودت ذهن معجبيه حول الفيلم، لكن الرجل شاء من هذا العمل ان يكون أكثر من مجرد أجوبة توضيحية. أراده ان يكون مساهمة بصرية وعملية في تاريخ السينما وتاريخ اللغة السينمائية نفسها. وهكذا تحت مظلة الحديث عن «عطيل» وتصويره، قال ويلز أشياء كثيرة يصح ان يعتبر بعضها أشبه بوصية سينمائية له.

> من ناحية شكلية يتكون «تصوير عطيل» من أربعة أجزاء أطولها وأهمها أولها .إذ فيه نرى أورسون ويلز منذ اللقطة الأولى وهو بالقرب من «الموفيولا» - أي طاولة المونتاج - حيث ستمر مشاهد ولقطات من الفيلم.وفي ذلك الموقف يعمد ويلز من فوره الى تأكيد أهمية المونتاج في تحديد اللغة السينمائية. فعنصرا السينما الأساسيان هما بالنسبة إليه الحركة والبنية الإيقاعية - حتى وإن كان كثر ينظرون الى هذين العنصرين على اعتبارهما واحدا وهذا غير صحيح يقول ويلز -. وويلز يؤكد هنا ايضا ان الفيلم لا يكون شيئا إن لم يكن ذا سمة موسيقية. وإذ يفتتح ويلز كلامه بهذا التأكيد الدقيق، ينتقل الى منحى آخر من حديثه ليروي لمتفرجيه الحكاية الخلفية لفيلم عطيل قائلا ان البداية كانت مع منتج ايطالي تخصصت شركته في الأفلام التي تصور الأعمال الأوبرالية. اتصل به ذلك المنتج يومها من طريق اصدقاء واقترح عليه ان يحقق فيلما عن «عطيل». ولكن «في الوقت الذي كانت تدور فيه في ذهني على الفور الصيغة السينمائية التي سأقدم من خلالها شكسبير، كان المنتج يفكر، طبعا، بفردي»... ولتوضيح هذا الكلام نوضح هنا ان المنتج الإيطالي كان يفكر بأوبرا «عطيل» كما لحنها فردي وليس بمسرحية شكسبير، إذ كان يرى ان الأوبرا اذ تتحول فيلما تكون - على عكس المسرحية - قادرة على اجتذاب جمهور عريض. إذا، بالنسبة الى المنتج كان الهدف تجاريا - فنيا. اما ويلز فأراد ان يحقق مراميه الفنية من خلال «أفلمة» شكسبير مباشرة. من هنا نتج عن ذلك اللقاء مشروع ملتبس يفكر كل من صاحبيه به، في اتجاه غير اتجاه تفكير الآخر. ومع هذا راح العمل يجرى على قدم وساق، وكلف الفرنسي تراونر بتصميم الديكورات بل حتى بتنفيذ بعضها في استوديوات فكتورين الفرنسية. وراح ويلز يجري تدريبات في مواقع في بولونيا قرب باريس. ولكن من دون سابق إنذار انسحب طرف فرنسي كان يفترض ان يدخل الإنتاج - ما يبرر ان يجرى التصوير في فرنسا - ليصبح الإنتاج إيطاليا. وهنا تزامن اكتشاف المنتج الإيطالي ان ويلز يريد العمل على شكسبير، مع إفلاس شركة هذا المنتج. فتوقف العمل لينتظر ويلز بضعة شهور قبل ان يتمكن من إقناع منتجين جدد والانتقال للتصوير كيفما اتفق في المغرب .هذا كله يرويه ويلز في هذا القسم الأول من الفيلم. اما في القسم الثاني فإننا نراه يلتقي، خلال مأدبة، بعدد من الذين اشتغلوا معه على الفيلم ومن بينهم ماكليامور الذي لعب دور اياغو وهيلتون إدواردز. وهنا يدور حديث شيق بين الثلاثة يكشف عن تصورات مختلفة وغنية للمسرحية كما للشخصيات. ويعرف ماكليامور شخصية اياغو قائلا: «إنه في رأيي، ليس شخصا شريرا بالضرورة، لكنه شخص يمارس ذلك الفن الخاص الذي كان رائجا عند نهاية القرن التاسع عشر: الفن الذي يقوم في لعب لعبة القط والفأر مع عطيل»، حتى وإن كانت اللعبة تنتهي هنا نهاية مأسوية، وعند نهاية هذا الحديث الشيق يتوافق الثلاثة على السمة الرهيبة للغيرة، إنها، كما يقول ويلز ويوافقه الآخران «أكثر ضروب الشغف دناءة، بل أسوأ من هذا، إنها مرض حقيقي».

في الجزء الثالث من الفيلم، تدور الكاميرا من حول اورسون ويلز وهو يتناقش حول فيلمه هذا، ضمن اطار مناقشات حافلة حول سينماه ككل، مع طلاب السينما في جامعة بوسطن الأميركية. وهذا النقاش يلي كما نفهم عرضا للفيلم، وخلاله يجيب ويلز عن أسئلة كثيرة لطلاب من الواضح انهم اذكياء ومهتمون بالأمر، ناهيك بأن أسئلة كل منهم تكشف عن انهم يعرفون فيلم «عطيل» بل سينما اورسون ويلز كلها عن ظهر قلب. وخلال ذلك النقاش الساحر يتجاوز ويلز الحديث عن فيلمه ليسهب في تحديد اساليبه وتصوراته لفن السينما.

في الجزء الرابع والأخير من الفيلم ثمة ما يمكننا ان نسميه عود على بدء. إذ هنا كما في مفتتح الفيلم ترانا في مواجهة اورسون ويلز وهو في حالة المونتاج امام «الموفيولا» من جديد. انه هنا وبكلمات بسيطة لا تخفف لهجة ويلز الفخمة من بساطتها، يلخص لنا كل ما سبق ان شاهدناه وسمعناه في الأجزاء الثلاثة السابقة، خاتما حديثه بطريقته المسرحية المعهودة قائلا: «تلاحظون انني حاولت طوال الوقت ان أكون صادقا، لذا أطلب منكم ألا تتوقعوا مني أن أكون موضوعيا».

على رغم طابعه التوثيقي التسجيلي، عرض هذا الفيلم في الصالات والمهرجان ونال نجاحا كبيرا، إذ شكل وثيقة اساسية عن سينما هذا الذي يعتبر دائما واحدا من اهم مبدعي فن السينما في القرن العشرين. وإذا كان «تصوير عطيل» ألقى أضواء كاشفة على هذا الفيلم وعلاقة أورسون ويلز (1915 - 1985) به، فإنه في الوقت نفسه ألقى أضواء أكثر سطوعا على السينما ككل وعلى سينما ويلز التي زينتها دائما جواهر مثل «المواطن كين» و «السيد اركادان» و «لمسة الشر» و «فالستاف»...

05-25-2008, 10:32 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
ألف وجه لألف عام ....ابراهيم العريس
ألف وجه لألف عام - أفلام سعفة «كان» الذهبية (1946) ... «روما ... مدينة مفتوحة»: المقاومة بلا أساطير
ابراهيم العريس الحياة - 15/05/08//



لعل أغرب ما في شأن «روما... مدينة مفتوحة» هو ذلك القدر من النزعة السلمية الذي يسيطر عليه، مع ان هذا الفيلم حين حقق أواخر العام 1944 وبدايات العام 1945، كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال مستعرة. كما ان ميدانه، وهو ايطاليا وعاصمتها روما، كان خاضعا للمد والجزر بين القوات الألمانية وقوات الحلفاء. وبشكل أكثر تحديدا، كانت روما وحدها قد حررت، فيما بقية أجزاء ايطالية اما محتلة كليا من الألمان وهم في أنفاسهم الأخيرة، وإما تدور فيها رحى معارك عنيفة.

بيد أن هذا كله لم يمنع روبرتو روسليني مخرج الفيلم من أن يحقق عملا لا يزال يعتبر حتى الآن واحدا من أكثر الأفلام سلمية في تاريخ السينما، فضلا عن كونه أعلن بداية ما سمي لاحقا «الواقعية الايطالية الجديدة». وهو تيار ضم، كما نعرف بدايات فيتوريو دي سيكا ولوكينو فيسكونتي وعددا من الكبار الآخرين الذين حققوا للفن السابع قفزة كبيرة الى الأمام.

غير ان «روما... مدينة مفتوحة» يبقى الأشهر والأجمل، وربما الأكثر معاصرة حتى يومنا هذا. ومع ذلك يروي روسليني، مخرجه، أنه حين شاهد عرض الفيلم، خلال الدورة الأولى لمهرجان «كان» السينمائي، وكان موعد العرض الثالثة بعد الظهر، كان هو المتفرج الوحيد في الصالة. أما النجاح والتكريس فقد جاءا بعد ذلك «انطلاقا من باريس»، كما أكد روسليني بنفسه، مضيفا: «ثم حقق نجاحا معقولا في ايطاليا نفسها. أما عروضه الأميركية فقد أسفرت عن نجاح ما بعده نجاح». وروسليني نفسه قال دائما ان الفكرة الأساس التي كمنت خلف رغبته في تحقيق الفيلم كانت الحديث عن المقاومة ضد النازيين في ايطاليا: «اجل. اعتقد ان الفكرة كانت تقوم خاصة على رواية الامور كما حدثت بالضبط. ومن هنا أتت ضرورة لجوئنا الى ذلك الأسلوب الذي سمي بالواقعية الجديدة: كنا قد عشنا كوارث الحرب ومررنا بها، لذلك لم يكن في وسعنا ان نسمح لأنفسنا بترف اختراع حكايات خيالية. كان المهم، بالنسبة الينا، ان نلقي نظرة جادة وصارمة على الأمور التي تحيط بنا».

هذا الفيلم الذي صور بأقل قدر ممكن من الامكانات، في بلد أدمته حرب بالكاد بدأ يخرج منها، كان مجرد تعبير عن موقف أخلاقي أكثر منه انعكاسا لمنظومة جمالية. وما يمكن قوله عن «روما.. مدينة مفتوحة» يمكن قوله في الوقت نفسه - وحسب تأكيد روسليني - عن أفلام سينما الواقعـية الجديدة كلها. فالفيلم، وذلك التيار كله، «انما كانا وسيلة للتعبير عن معاناة العالم وآلامه، بكل ما يمكن من تواضع وامحاء»... ولئن كان من الصعب ملاحظة هذا الواقع البسيط يوم كانت «الواقعية الجديدة» في ذروة تـألقها، فإن الفاصل الزمني الآن يسمح لنا برصد هذا وادراك كم كان روسيليني محقا في فرضيته.

تدور الاحداث التي يصفها لنا الفيلم في روما، شتاء العام 1944. وفي ذلك الحين كانت روما ميدانا لصراعات هائلة بين الغستابو (البوليس السياسي الألماني) وخلايا المقاومة الايطالية. ومن بين مناضلي هذه الخلايا كان هناك الشيوعي المقاوم مانفريدي، الذي كان الألمان يبحثون عنه بشراسة وعنف. وهو كان عثر على ملجأ له لدى رفيقه عامل الطباعة فرانشسكو، الذي كان في سبيله لأن يقترن خلال أيام من خطيبته وجارته الأرملة بينا (وقامت بالدور الفنانة الكبيرة آنا مانياني في ظهور لها لا ينسى على الشاشة الكبيرة). ومع وجود مانفريدي في شقة فرانشسكو تتحرل البناية التي توجد فيها الشقة الى وكر يعج بالمقاومين... وينضم الصغار والكبار الى القتال ضد الألمان، من ابن بينا، الى أطفال صاحب البناية الى القس الدون بياترو... بيد أن الألمان سرعان ما يعرفون بالأمر، لأن ثمة واشيا ينم عن المناضلين. وهكذا يحاصر جنود النازيين البناية ويعتقلون رجالها بعد ان يقتلوا بينا بدم بارد. وكان من بين المعتقلين الشيوعي مانفريدي الذي سرعان ما يقضي تحت التعذيب من دون ان يعترف بشيء. وكذلك يكون مصير القس الذي يعدم بالرصاص فوق تلال روما عند الفجر. ويكون من بين شهود الاعدام الفتيان الذين أمام ما يحدث يجدون انفسهم تلقائيا يصفرون نشيد النصر والوحدة قبل ان ينزلوا التلال عائدين الى المدينة التي كانت في تلك اللحظات تنهض من نومها.

صور روسليني هذا الفيلم، بعد أسابيع قليلة من جلاء الألمان عن روما. وهو، اضافة الى بعده السياسي، كان مطلوبا منه - أي من الفيلم - في ذهن صانعه، ان يكون شهادة آسرة ليس فقط على يقظة الشعب الايطالي وبطولاته، بل ايضا على يقظة السينما الايطالية نفسها، بعدما كانت طوال العقد السابق قد اكتفت بإنتاج أفلام ذات طابع فاشي، أو محايد متواطئ مع الفاشيين في أحسن الاحوال. وهذا ما جعل روسليني «رغم انفه» كما كان يحلو له ان يقول، زعيما تاريخيا لذلك التيار السينمائي الذي كان همه ان يلتقط الواقع وهو يتكون، بكل تلقائيته وعفويته وقوته ايضا.

كما أشرنا كانت افلام روسليني السابقة لا تخلو من نزعة سلمية ومن حس اجتماعي، لكن هذه المرة عرف كيف يتجاوز الحدود السياسية ليقدم ما يمكننا ان نسميه ميتافيزيقيا سياسية: حيث نجـده يهتم بتصوير «التضحيات المثالية»، موجدا في طريقه وعبر لوحة حية تصور مجتمعا مدمى، «السيرة الكونية لدرب الآلام» حسب تعبير الناقد الفرنسي كلود بيلي. اما الشاعرية القصوى، التي ستطبع لاحقا سينما روسليني كلها، فإننا نجدها في «روما... مدينة مفتوحة» وقد وصلت الى أوجها في المشهد الذي تقتل فيه بينا، راكضة وقد راح الجنود الألمان يطلقون عليها رصاص رشاشاتهم من دون رحمة.

غير ان كل ما قيل لاحقا عن الفيلم، في مجال وضعه في مكانته الأولى في سينما العالم وفي تاريخ الفن السابع، لم يلحظ أول الأمر، لا من قبل المتفرجين، ولا من الموزعين. بل ان روسليني يروي كيف أنه حين أنجز الفيلم وحمله الى الموزع لكي يشاهده، شاهده هذا الأخير وكان رد فعله المباشر ان الغى عقد التوزيع، لأنه، حسب رأيه رأى «كل شيء في الفيلم ما عدا الفيلم نفسه».

روبرتو روسليني، مخرج «روما... مدينة مفتوحة» يعتبر من كبار السينمائيين الايطالين، وواحدا من الذين صاغوا للسينما الحديثة حداثتها، بفضل «روما... مدينة مفتوحة» ولكن، ايضا، بفضل سلسلة أخرى من افلام، دنت في أكثر الاحيان من الواقع لتطلع منه بشاعريته. ولقد بدأ روسليني (1906-1977) عمله كمخرج منذ العام 1936 في الفيلم القصير «دافني» أما الفيلم الاول الذي اطلقه فكان «السفينة البيضاء» في العام 1941، وكانت تلك بداية مساره الذي تواصل حتى أواسط الستينات، وبرزت فيه افلام عدة، منها «باييزا» (1946) و«المانيا العام صفر» (1948) و«ستـرومبـولي» (1949) الذي قامت ببطولته زوجته - في ذلك الحين - انغريد برغمان. وحقق لاحقا أعمالا تقل قيمة عما ذكرنا مثل «أوروبا 51» و«نحن النساء» (1953)، ليعود قويا في «الخوف» (1954)، ثم يعرج على الهند حيث حقق «انديا» وعلى مصر حيث حقق واحدا من أفلامه التاريخية التي كرس لها آخر سنوات حياته ومنها فيلم عن سقراط وآخر عن استيلاء لويس الرابع عشر على السلطة، وثالث عن موسوليني...

05-25-2008, 10:35 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS