في سورية ثورة متواصلة منذ مايزيد عن ثمانية عشر شهراً وهي تزداد وتمتد وتكبر يوماً بعد يوم رغم كل العنف والطغيان والوحشية من طرف عصابات الأسد الطاغية ،والتي تنتهك كل الحرمات من قتل للأبرياء وتمثيل بجثث الأطفال واغتصاب للنساء، وهذه الثورة الجديد فيها ,كما هو الحال في كل ثورات الربيع العربي هو ثورة الشباب ،وهو الشيء الذي لم يفهمه حتى الآن بشار الأسد أو بوتين أو أحمدي نجاد الذين لا هم لهم سوى الاحتفاظ بالسلطة مستخدمين مبررات من مثل الممانعة أو المقاومة أو حتى المصالح القومية لروسيا القيصرية.
وبالتوازي مع ثورة الشعب السوري هناك حرب أهلية ,نعم حرب أهلية هذه هي حقيقة وهي حرب بين دوة الظلم وشباب الحرية ...بين أزلام الاستبداد وطالبي الكرامة....بين غالبية الشعب وشبيحة العصابة الأسدية، فلقد استطاعت عصابة الأسد وعلى مدى سنين طويلة من امساكها بحكم سورية أن تجمع حولها فئات من المجتمع عن طريق المخاوف أو الأوهام أو بالمصالح أو بالتهديد ,وقد اثبت هذا الجزء الملتف حول السلطة الاسدية والمجتمع حول عصابة آل الأسد بالذات استعداده أن يحارب من أجلهم والموت في سبيلهم ...ومعه مجموعة مازالت مستمرة في تأييد العصابة ونظامها الاستبدادي متعامية عن عنفه ووحشيته، ورافضة بشكل لايصدق أن تقر بأفعاله وجرائمه وانتهاكاته ضد أهلها من أفراد الشعب السوري ،وهم جميعاً يعرفون في عمق وجدانهم أن هذا النظام قائم على القمع والقتل والترهيب والكذب والدجل ،لكنهم لاينفكون يرددون أن هذا النظام يحميهم وأنه في حال سقوطه ستنفلت الوحشية وسُتفقد الانسانية,مع علمهم ويقينهم بأن الوحشية هي التي تمارس في زنازين النظام وأن الانسانية هي التي تستباح في معتقلاته...
لقد تكون وتأسس نظام عائلة الأسد وعاش منذ البداية على الكذب وعلى ممارسة شتى أنماط العنف والتعذيب كافة والتشويه والكراهية وتجريد الناس من إنسانيتهم ولا أدل على ذلك من قيام جلاديه في أقبية التعذيب باطلاق الشتائم بحق الموقوفين من مثل "ياحيوان" أو ياكلب" قبل المباشرة بتعذيبهم وجلدهم .. فتجريد الناس من إنسانيتهم هو جزء لا يتجزأ من سياسات السلطة المستبدة وممارساتها،وقد نتج عن هذه الممارسات حالة عامة من التكاذب والنفاق الجماعي وعبادة الفرد وتقديس رموز السلطة ..ومن هنا أصبح الكذب والنفاق والرياء جزءاً أساسياً من أخلاقيات النظام الشائعة وممارساته الضرورية التي يتواطأ عليها ويرتكبها الكثيرين من الناس العاديين بشكل عام ومن المؤيدين للنظام على وجه الخصوص بما فيهم من مفكرين ومثقفين ورجال سياسة وأعمال والكثيرين من رجال الدين ومن الطؤائف كافة،حيث نتج عن ذلك ولادة إنسان مزدوج،يختلف بين الصورة التي يراها داخل بيته والصورة التي يمارسها في الخارج ويقدمها للأخرين,.
وبعد مضي كل هذه الفترة على الثورة الشعبية في سوريا واتساعها وبعد كل هذه الجرائم والموبقات والقتل والتشريد والاعتقال لخيرة شباب الأمة والتي أمعن خلالها نظام الإجرام تدميراً وتخريباً وحرقاً لمدن وبلدات وأحياء بكاملها من أقصى سورية الى أقصاها.... وبعد كل الدماء التي سالت والفظائع التي ارتكبت والبيوت التي أحرقت والأرزاق التي نهبت وهذا البلاء العظيم الذي أصاب سورية والذي لم تشهد له مثلاً في تاريخها القديم أو الحديث،هل يتوقع أي عاقل أو راشد أنه يمكن لبشار الأسد وعصابته ،أن يستمروا في حكم سورية،وهل يمكن أن يصدق احد نبوءة مشايخ ايران بأن اسم بشار وعائلته قد وردا في كتاب الجفر بأن سلالة الأسد ستحكم سورية الى الأبد" .
لقد حان الوقت للذين مازالوا يراهنون على عصابة الأسد وعلى استمرارية بشار في حكم سورية،أن يتخلصوا من اوهامهم وأن يعودوا الى رشدهم،فالرهان على بشار وعصابته هو رهان خاسر كونه رهان على بيضة فاسدة مكانها الطبيعي هو مقلب النفايات...وعلى هؤلاء الغافلون وخصوصاً من أبناء الطائفة العلوية الذين ما زالت أكثريتهم على الولاء الأعمى للطاغية حيث استطاع تجييشهم لصالح مآربه وأوهامه، ونجح في تخويفهم من أخوانهم وأهلهم ومن فزاعات اخترعها هو كالفزاعة الاسلامية وجعلهم خداماً وعبيداً لمشروعه المتمثل بحكم سورية الى الأبد او يحرق البلد.
نحن في سورية خلقنا لنعيش مع بعضنا بعضاً،التاريخ يطلب هذا ،الجغرافيا تطلب هذا،اللغة تطلب هذا، وحدة المصير تطلب هذا...ومن أجل أن نعيش سوياً تحت مظلة العيش المشترك والسلم الأهلي علينا أن نزيل الأسد ونسقط الرهان عليه من حساباتنا،لنبدأ صفحة المصالحة وتحقيق شروطها ،والتي أساسها رحيل بشار وعصابته عن حكم سورية،وإعادة الحقوق لأصحابها،فهناك مجرمون قتلة يجب محاكمتهم والقصاص منهم،وهناك يتامى يجب تضميد جراحهم واطفاء آلامهم والتعويض عليهم ،وهناك بيوت دمرت ويجب اعادة بنائها،وهناك أرزاق دمرت وآثاث سرق من بيوت اصحابه وبيع في الأسواق بأبخس الأثمان يتوجب إعادته لأصحابه،والأهم من ذلك يجب ايقاف نزيف الدماء في سورية واطفاء الحرائق على أرضها.
نحن في سورية لم نتمنى يوماً ولازلنا لانتمنى قتالاً طائفياً أو استنجاداً بأي قوة خارجية، ولكننا ندعو عقلاء الطائفة العلوية من مشايخ ورجال فكر وأدب وثقافة وما أكثرهم بأن يتدخلوا قبل فوات الأوان ليلجموا جماح شبيحتهم الذين يقودونهم الى الهاوية.ونقول للمتهورين منهم أن بإمكانكم مع من والاكم ومن يدعمكم أن تقتلوا عشرين ألفاً آخرين زيادة على من قتلوا حتى الأن او مئة ألف او ربما مليوناً ولكنكم لن تستطيعوا إبادة عشرين مليون ثائر يريدون الخلاص والانعتاق والحرية وإقامة دولة القانون.......
فارحموا مصيركم قبل كل شيء وارحموا دماءً بريئة يسيلها شبيحتكم كل يوم،واعلموا أن فاتورة مصير طائفتكم هي في أعناقكم وهي تزداد كل يوم.
أما باقي الفئات التي مازالت على ولائها لنظام القتلة فلتراجع نفسها وتسأل نفسها هل اليوم كالأمس وهل ساحات الثورة هي نفسها قبل عام أما زادت واتسعت .....وهل الأكثرية التي كانت صامته انحاز أكثرها الى النظام أم الى الثورة ؟ تحت تأثير مناظر القتل والترويع التي تشاهدها كل يوم بحق أهلها من قبل كتائب وشبيحة النظام حتى بحق الذين كانوا بالأمس محايدين أو موالين فالجزار لم يعد يفرق عند القتل بين أحد...
أنظروا الى الحال الذي وصلت اليه الأمور وفكروا قليلاً فقط بما ينتظركم في قادم الأيام والسنوات ان استمريتم في غيكم وغفلتكم وغروركم، واعلموا أن العصابة الأسدية زائلة لا محالة وغداً سيهربون وستبقون وحدكم أمام شعبكم واخوانكم واهلكم ،ولن ينفعكم عند ذلك الا مواقفكم الوطنية المشرفة التي تأبى القتل والظلم والاستبداد والطغيان.
ونقول لمن يشعر منكم بأن هذه الثورة ليست ثورته،لابأس،ولكن لتكن حيادياً فذلك اجدى وأنفع لك من أن تبقى متآمراً مع عصابة تقتل أهلك وتدمر بلدك ،وتريد أن تجعل منك مجرم حرب ،فثورة الشعب السوري ،قدرها النجاح بإذن الله ... بعد أن فوت بشار كل الفرص التي وضعها السوريون بين يديه ولم يحسن استغلالها،وبعد كل الضحايا البريئة التي أزهقت من أبناء الشعب السوري,،فإن الله لايضيع دماء الشهداء ولاعذابات اليتامى والأرامل ولايفرط بتضحيات أبناء سوريا.