اللغة عند توماس هوبس
اهتم توماس هوبس كثيرا باللغة ، وكان مصدر هذا الاهتمام هو العبث الذي اتسم به التفكير السكولائي طوال العصور الوسطى ، فاللغة نعمة عظيمة لكهنا خطيرة .قد تكون طريقا للمعرفة اليقينية ، إذا استخدمت استخداما جيدا ،يراعي تحديد الألفاظ و الكلمات التي تستعمل في خطاب ما ، وقد يساء استخدامها فتكون سبب لمشاكل لا حصر لها. لقد نشأت المشاكل الفلسفية الزائفة نتيجة استخدام الاستخدام الخاطئ للغة ،بالإضافة إلى أنها كانت سبب في انتشار الخرافات ،و في الابتعاد عن العقل السليم ، فلقد ظهرت مشكلة الكليات نتيجة الفهم السيئ للغة ، من هذا المنطلق فدراسة هوبس للغة نابعة من رغبة في فضح أوهام السكولائيين و كذلك كسبيل للعلم و المعرفة فنظرية المعرفة عند هوبس تستند إلى اللغة بالدرجة الأولى ، فالعقل لا يستقيم إلا باللغة ، إذا كيف يمكننا الاستدلال في غياب الكلمات و الألفاظ .

1نشأة الكلام- اللغة-

تلعب اللغة دورا مركزيا في فلسفة توماس هوبس ، فلقد خصص الفصل الرابع من كتاب التننين للغة و الكلام la parole و في بدايته يتحدث توماس هوبس عن أهمية الكلام- اللغة- و يقول :
" إن اختراع الطباعة رغم أهميته ، لا يعد شيء إذا ما قورن باختراع الحروف ، فأعظم الاختراعات كلها ، و أعمقها أثرا هو اختراع الكلام الذي يتألف من أسماء nom و تسميات les appellations و ما بينها من ارتباط "

يرى هوبس أن بداية الكلام هي بداية مجهولة ، و لكن بالاستناد إلى الكتاب المقدس يتبين لنا أصل اللغة و الكلام و خصوصا في الرواية المأثورة بين آدم و الله ..

"أول مؤلف للكلام هو الله نفسه الذي علم آدم الأسماء كلها ، يعني كيف تسمى المخلوقات ،و نادي الرب الإله من الأرض كل الحيوانات البرية و كل الطيور السماء ، و أحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها ، و كلما دعى به آدم ذات نفس حية فهو اسمها "
يخبرنا الكتاب المقدس أن كل ما تعلمه الإنسان من لغة ضاع منه ، فكل اللغة التي اكتسبها آدم و ذريته فقدت مرة أخرى في برج بابل عندما ضربت يد الله القوية كل إنسان لتمرده فنسي لغته السابقة
" كانت الأرض كلها لسانا واحدا ، و لغة واحدة وحدث في ارتحالهم أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار و سكنوا هناك ، و أقاموا لأنفسهم مدينة و برجا رأسه في السماء ، فقال الرب هلم ننزل و نبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض ، فبددهم الرب من هناك على وجه الأرض "

من خلال هذا النص نستنتج أن غضب على الإنسان حرمه من اللغة ، فقام الإنسان بصياغة اللغة من جديد. من الناحية المبدئية تحيلنا القصة التي استوحها هوبس من الكتاب المقدس إلى مسألتين .

1. رغم من الله اللغة للإنسان إلا أن شره و بطشه جعله يفقد اللغة في بابل ، فكان على الإنسان اختراع لغة جديدة لتكون هذه المرة صناعة بشرية ، يعني أن البشر هم الذين صاغوا الكلمات وهم من سموا الأسماء .
إذن فاللغة- حتى من المنظور الديني- صناعة بشرية ، أي مجرد اتفاق بين الناس و ليس أمر إلهي خالد .

2. الحاجة إلى اللغة دعت الإنسان إلى اختراعها ، فالحاجة إلى الكلمات دفعت الإنسان إلى اختراع لغة جديدة و كلمات جديدة .

يهدف توماس من تقديم هذه القصة إلى تبيان الأصل التعسفي للغة ، فاللغة بالنسبة لهوبس بناء صناعي مثل المجتمع ، و ليس كنتيجة حتمية و لا ضرورة طبيعية و في كثير من الأحيان نجد هوبس يتكلم عن الكلام و اللغة كما لو كانت عقدا اجتماعيا .

2استخدام اللغة

يرى هوبس أن اللغة نتيجة اتفاق و مواضعة ، و أنها صناعة بشرية خالصة ،وحصر استخدام اللغة في ضربين أو استخدامين : الاستخدام العام للغة و الاستخدام الخاص .



1-2 الاستخدام العام للغة
يبدأ الاستخدام العامة للغة مند البدايات الأولى لعمليات الإحساس ، فالمعرفة تبدأ من الإحساس ثم تنتقل إلى الكلام و اللغة ، يقول هوبس :

"وسيلة تخطي التجربة الحسية لا بد أن يكون شيء محسوس sensible و هذه الوسيلة هي اللغة أو الكلام المؤلف من أسماء"

يعني تحويل سلسلة من الأفكار التي تنبع من الحس إلى سلسلة من الألفاظ و الكلمات و التي تحمل معنى . و يتم هذا بواسطة هدفين :
1 يجب علي تسجيل سلسلة الأفكار التي تدور بداخلي و التي هي عرضت بأن تضيع من ذاكرتي ، من أجل استرجاع نفس الأفكار بنفس الكلمات التي حددتها ، أي استخدام اللغة و استخدام الأسماء كعلامات و إشارات أتذكرها بها .
2 الهدف الثاني فهو استخدامها كدلالات ، أي عندما يستخدم الناس نفس الكلمات ليدلوا بها عن طريق ربط الكلمات و ترتيبها كما يتصوره كل واحد منهم الآخر ، أو كما يفكر فيه أو يرغبه أو يخافه أو ينفعل به أي انفعال ..

2-2 الاستخدام الخاص للغة

يميز هوبس في استخدم الخاص للغة بين ثمانية استخدامات ، أربعة منها إيجابية و أربعة سلبية

1-2-2 الاستخدام الخاص الإيجابي للغة

1 نحن نستخدم اللغة لكي نسجل ما وجدنا أنه علة شيء ما في الماضي أو الحاضر عن طريق عمليتي التأمل و التفكير
2 نستخدم اللغة من أجل توصيل أفكارنا لآخرين حتى يعلم بعضنا بعض و يستفيد بعضنا من بعض .
3 هناك منفعة مشتركة بيننا و بين الآخرين ، فنحن ننقل ما نريده للآخرين و الآخرين ينقلون ما يريدونه .
4 استخدام اللغة من أجل اللهو و التسلية ، وبحيث ندخل البهجة على الآخرين .

2-2-2 الاستخدام الخاص السلبي للغة

1 عندما يسجل الناس أفكارهم بشكل خاطئ، لانعدام الاتساق في معاني الكلمات ، أو عندما يستخدم الناس الكلمات دون أن يدرون بمعانيها
2 عندما تستخدم اللغة بشكل مجازي، لأن المجاز يقتل اللغة و يخدع الآخرين .
3 استعمال الناس لكلمات لا تحمل أي معنى ، لكنها حفظت عن ظه قلب مثل تحول جسد المسيح إلى الخبز المقدس .
4 استخدام اللغة من أجل إلحاق الأذى بالآخرين ، يعتبر هوبس أن الطبيعة منحت لإنسان أخطر الأسلحة على الإطلاق و هي اللغة ، فاللغة وسيلة فعالة لإيذاء الآخرين .
Hobbes ,thomas [1651] Léviathan .introduction et traduction M tricous francois . 1971 siery p :27
سفر التكوين ، الإصحاح الثاني . 19- 20.
سفر التكوين ، الإصحاح الحادي عشر .1-8
Hobbes , thomas : Léviathan .op-cite .p :28
Ibid p :28
Ibid p :28.
Ibid p :28.
Ibid p p :28-29
Ibid p 29
Ibid p : 29
Ibid p :29
Ibid pp :39-40

أ.مصطفى قشوح ، فاس، المغرب ، 18 شتنبر 2010.

صاحب الشر لا يحتاج إلى اللسان و اللغة بل إلى الهراواة ...

صاحب الشر لا يحتاج إلى اللسان و اللغة بل إلى الهراواة ...

فعلا اللغة هي المترجم للمحسوسات البشرية والمدارك العقلية. و بدون فهم لمعانيها و امتلاك لكم كبير ومتنوع من المفردات، لا يمكننا التعبير عن تلك المدارك والمفاهيم العقلية.

أعجبني المقال لكن للأسف أجده مختصرا أكثر من اللازم.

شكرا لك

شكرا لك استاذ بن شبيبة بالفعل المقال مختصر حاولت ان ألخص تصور توماس هوبس حول مفهوم اللغة، ولكن سأحاول في مقبل الأيام الوقوف عند بعض الجوانب التي لم أعطها حقها في المقال بكثير من الإسهاب و الإطناب ...

اللغة هي ... . . التواصل بين الشعوب و الحضارات , كما كتبها الفراعنة او البابلين و غيرهم .
و لكن لا ينطق بالكلام الا العقل , الذي لة الفعل الأول في كل حركة في التاريخ . . ..



تحياتي عزيزي و جزيل الشكر على الموضوع




بالتوفيق . ..