حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $jumpsel - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Trying to access array offset on value of type null - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$forumjump_select - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined variable $avatar_width_height - Line: 2 - File: inc/functions_post.php(344) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(344) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 344 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumrcvtyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumptyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumtyls" - Line: 602 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 602 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "posttime" - Line: 33 - File: inc/functions_post.php(947) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(947) : eval()'d code 33 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 947 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval





{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الرابع
عزالدين بن حسين القوطالي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 220
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الرابع


"التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "
للدكتور علي شريعتي
(1933 –1977)


اسم الكتاب : التشيّع العلوي والتشّيع الصفوي
اسم المؤلف : د. علي شريعتي
اسم المترجم : حيدر مجيد
تصحيح لغوي : نوال سعادة النيحاوي
الطبعة الأولى : 1422 هجرية - 2002 ميلادية
الناشر : دار الأمير للثقافة والعلوم ش . م .
عدد الصفحات الكتاب: 336 صفحة


الجزء الرابع






التشيّع الصفوي ، قبل الدولة الصفوية!

البعض يوجّه إلي انتقادات ومحور تلك الانتقادات أن الروايات التي تزعم أنها منقولة على الطريقة الصفوية موجودة في كتب ألّفت في أزمنة سابقة على ظهور الدولة الصفوية مثل كتاب الكافي وغيره ، كما أنني أرجع أحياناً إلى كتب ومراجع أقدم من الصفوية في توضيح عقائد التشيّع الصفوي فكيف تحل هذه المفارقة ؟
كنت أتصور أن هذه المسألة واضحة وجلية لا تحتاج إلى بيان ، فالمعروف في ألسنة الأدباء أن الأحكام تصدر في الغالب على ضوء التغليب ، أي أننا عندما نريد أن نتطرق لبيان وتسمية ظاهرة معينة فإننا نعمد إلى انتخاب أبرز معالم هذه الظاهرة ونتعامل معها على أساس أنها رمز للظاهرة واسم معبر عنها . فمثلاً عندما نقول المذهب ( الجعفري ) فليس المراد هو أن المذهب الشيعي اخترعه الإمام الصادق (ع) بل كلنا يعلم أن التشيّع بدأ مع بداية الإسلام ، وأن الإمام الصادق لم يوجد هذا المذهب وإنما أرسى دعائمه الفكرية وأوضح خطوطه العريضة بالنحو الذي جعل له هوية مشخصة تميّزه عن سائر المذاهب كالمذهب المالكي والحنبلي والحنفي والشافعي وعن الشيعة الزيدية والإسماعيلية والكيسانية مستفيداً من فرصة الانفتاح السياسي التي كانت موجودة في زمانه وإلاّ فمن الواضح أن مبادئ التشيّع العلمية والعملية كانت موجودة قبل زمان الإمام الصادق سواء في القرآن أو السنة أو سيرة الأئمة السابقين للإمام الصادق (ع).
ما جرى بشأن (التشيّع الصادق ) هو بعينه –وبدون تشبيه- ما جرى مع (التشيّع الكاذب) إبان العهد الصفوي ، حيث عمل الصفويون على تشييد أركان هذا التشيّع الدخيل على أشلاء التشيّع الأصيل ، مستفيدين من إمكانياتهم الهائلة وقدراتهم السياسية العسكرية من المتاجرين بالدين أو العلماء المغفّلين ، لقد بني هيكل التشيّع الصفوي الكاذب ؛ تشيّع الشرك والخرافة والفرقة على نمط الهيكل الظاهري للتشيّع العلوي الحقيقي ؛ تشيّع التوحيد والحقيقة والوحدة .
ومن ثم منح المدّ الصفوي الشرعية والرسمية للتشيّع الجديد وجعله مذهباً رسمياً للبلاد وفرضه على المجتمع ، وعمل على تخريج أربعة آلاف تلميذ لهذه المدرسة –أصبحوا لاحقاً جنوداً لشريعة شاه عباس الصفوي ؛ مهمتهم تبرير ممارسات وأعمال ( الولاية الصفوية) –ولأن السلطة كانت بيد النظام الصفوي فقد حرص هذا النظام على إرسال تلاميذ مدرسته إلى المجتمع وبثّهم بين صفوف الناس بدلاً من علماء أهل البيت وتلاميذ مدرسة الإمام الصادق (ع)، وبالتالي تمت تقوية أولئك وتجهيزهم بكل وسائل التأثير ، وفي مقابل ذلك تجريد هؤلاء من كل تلك الوسائل إلى أن جرى تصفيتهم نهائياً وقطع علاقتهم بالمجتمع الإسلامي بشكل تام ، فبقوا معزولين محاصرين يعيشون خارج المجتمع والحياة ! فيما أصبح علماء الصفوية هم الكل بالكل يأمرون فيطاعون وينهون فتمتثل نواهيهم وأصبح بيدهم سلطان دين الناس ، حيث يتم تعيينهم من قبل الحكومة وعلى شكل سلسلة مراتب إدارية ورسمية ومناصب وعناوين وألقاب خاصة بهم تماماً كما هو الحال لدى القساوسة المسيحيين . مثلاً عندما تبعث الدولة بحاكم إلى إحدى المدن تبعث معه إمام جمعة لتلك المدينة ليكون دين الناس بيده رسمياً وليدعم وجود الحاكم أيضاً ، كما كانوا يرسلون شخصاً ثالثا يدعى (الخطيب) مهمته الرسمية التحرك الإعلامي لصالح الدولة وتأييد الحاكم .
أما في المركز فكان كبار الشخصيات الروحانية تؤلف كتباً ضخمةً في إثبات الولاية والرد على ظلمة أهل البيت وشجب الحكومات الفاسدة والمترفة كل ذلك على نفقة الحكومة ! وفي ظل هذا الجهد التعبوي ورفع الشعارات المقدسة كان هؤلاء يعملون على استقطاب جميع وجوه التشيّع الكاذب وتلفيق عناصره المختلفة لتدوين مذهب محدّد ومشخص ليمنحوه الصفة الشرعية والرسمية بين أوساط المجتمع ومن ثم يتم تصدير هذه العناصر الجديدة إلى أقصى أنحاء البلاد بواسطة علماء أو قل عملاء الدين الذين سبق وأن بعثت بهم السلطة إلى مراكز المدن ليقوموا بدورهم بتسويق هذه القنا عات المختلفة إلى الناس البسطاء تحت عناوين براقة من قبيل حبّ علي ونشر مناقب آل علي ، الأمر الذي يجعل الأهالي يشعرون بالامتنان لهذه الدولة التي ترعى المذهب الشيعي وتراعي شأن رجاله الأبرار .
فالدولة أصبحت الآن دولة الإمام الصادق والمذهب الجعفري الحق هو المذهب الرسمي للبلاد وإذا بذكر عليّ يجري على جميع الألسنة ؛ الدولة والشعب والمسجد والمنبر ، والعالم والعامي ، والفقير والغني ، والمدني والعسكري …
من هنا نعبر عن هذا التشيّع بالتشيّع الصفوي وإلاّ فإن عناصره المتفرقة كانت موجودة قبل زمان الصفوية ، وقد تسلّلت بشكل لا شعوري حتى إلى الكتب القديمة المعتبرة حالها حال الكثير من العناصر الدخيلة التي تسلّلت إلى هذه الكتب سواء من الديانات القديمة أو من الحضارات المعاصرة أو حتى من عقائد الجاهلية الأولى ، وصفوة القول أن عناصر لا شيعية قد تجمعت في غضون القرون الثلاثة السابقة على العهد الصفوي ، بعد أن اكتسبت صبغة شيعية ظاهرية ومن هذه العناصر استطاع الصفويون أن يصنعوا المذهب الذي حقق لهم أغراضهم فكان (التشيّع الصفوي )!
إنه أحد قوانين التاريخ ، حيث يضفون على الباطل هيئة الحق ، وعلى المغشوش هيئة الصحيح وكما قال الشاعر المولوي: (لولا رواج العملة لما تمّ تزويرها ) .
ولقد كانت البذور الأولى لهذه الظاهرة سابقةً على الصفوية بوقت طويل بل يمكن القول أنها بدأت في الظهور منذ زمان الإمام عليّ ، ولا يهمنّي هنا أفكار ( الشيعة الغلاة) الذين يؤلّهون عليّاً ، وقد ظهروا في زمانه ، وقد أقدم عليٌّ بنفسه- طبق ما جاء في بعض كتب التاريخ ككتاب ((الملل والنحل)) للشهرستاني –على حرقهم بالنار بغية اجتثاث جذور الشرك والغلوّ والقضاء على هذه الأفكار المنحرفة في أذهان المحبّين لعليّ؛ الرجل الذي كانت شدة عبوديته لله تعدّ سرّ عظمته وسبب أفضليته المطلقة على من سواه.


الأسس الإعتقادية للمذهبين !

بعد قبول الافتراض الذي مفاده أن ثمة مذهبين يوجدان الآن وكلاهما يدعى بالتشيّع ، نأتي على بيان المبادئ والأسس الاعتقادية لكلا المذهبين ليتاح لكم أنتم المقارنة بين الاثنين وإدراك الفارق بينهما مع الانتباه إلى أن المذهبين لهما من حيث الاسم نفس الأصول ونفس الفروع مما يجعل قضية الفرز أكثر تعقيداً ، ذلك أن التشيّع الصفوي جاء وأرسى دعائمه على هيكلية مشابهة لهيكلية التشيّع العلوي . واستعار نفس القوالب الفكرية والعقائدية بعد أن أفرغها من مضمونها وبالاستعانة بعلماء ذوي خبرة واختصاص ليتسنى له تمرير هذه العملية على ذقون الناس وقد نجحوا بالفعل إذ لم ينتبه الناس لعملية التبديل تلك رغم أنها طالت كل شيء وشملت الله والكتاب والنبي والإمام وسائر الشخصيات البارزة في الدين والتاريخ وتم الإبقاء على القشور فقط.
ليتهم أعلنوها صراحة وقالوا رسمياً بأن ديناً جديداً قد جاء ،وأنّ فرقة جديدة قد ظهرت إلى الوجود ، ولكن كيف يفعلون ذلك وهم يدركون أن مسعاهم هذا لن يكتب له النجاح ولن يخدم مصالحهم … فعملية التمويه التي سبق الإشارة لها كانت دقيقة ومخططة ، واندفع الشيعة وراء المظاهر الظاهرية والمراسيم الشكلية و الشعائر المفرّغة من المضمون .
1-العترة:
الإسلام لدى التشيّع العلوي يقوم على دعامتين رئيسيتين : القرآن والعترة ، وكما هو واضح فإن التشيّع العلوي آمن بالعترة من خلال إيمانه بالسنّة ، وأن أصل ( العترة) ليس في مقابل السنّة ولا في مقابل القرآن ، بل ولا في مرتبتهما وإنما هي طريق مباشر ومأمون للوصول إلى القرآن والسنّة .إن العترة هي الضابط والمعيار في معرفة روح الإسلام الأصيلة ، ورؤية الوجه الحقيقي للنبي ومضمون القرآن ، وقيمة ( أهل البيت ) في التشيّع العلوي لا يمكن أن تستمد وجودها من كونهم أهل بيت النبي فحسب ، بل لأن هذه الأسرة الكريمة هي أسرة مثالية يتجلى فيها مفهوم القدوة الحسنة في الإسلام ، حيث تمثل نموذجاً كاملاً وشاملاً ومثالياً ومتعالياً للأسرة الإنسانية .
ولو كانت قيمة عليّ تقتصر على كونه ابن عم النبي أو صهراً له ، أو كانت قيمة فاطمة في كونها ابنة للنبي ، فكيف يتاح لغيرهم من النساء والرجال أن يقتدوا بهم في حال أنهم يفتقرون إلى هذه القرابة والعلاقة ، وما معنى أن يترك النبي القرآن وأهل بيته دليلين يهتدي بهما المجتمع الذي أسسه النبي إذا لم تكن هذه الأسرة مرتبطة برابطة القرابة مع النبي هل كانت ستفقد قيمتها وصلاحيتها لأن تكون قدوة لسائر الناس ؟ كلاّ ، دون شك أن هذه الأسرة كانت ستحتفظ بكونها أسوة وقدوة حتى لو ظهرت في اليونان أو الرومان .
إن أي أسرة يكون الرجل فيها هو علي والمرأة فاطمة والأولاد الحسن والحسين وزينب سوف تكون هي العترة والأسرة التي تتسم بالأصالة ، وسيكون الناس بحاجة إلى وجود أسرة كهذه للاقتداء والتأسي بسلوكها .
أما التشيّع الصفوي فالعترة عنده هي عبارة عن أسرة ، وهي وسيلة لتعطيل العمل بالقرآن وسيرة النبي وتشويه الوجهة الحقيقية للرسالة ولمبادئها الأولى كالتوحيد، وبالمقابل إرساء قيم مبتدعة تقوم على أساس العنصر والدم والوراثة .
2-العصمة:
وهي تعني أن قائد الأمة ومن بيده أمور الناس والمجتمع و يتحمل أعباءهم الدينية يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن الفساد والخيانة والضعف والخوف والمداهنة ،ولا يحدّث نفسه بارتكاب الرذائل أبداً ، واعتقاد الشيعة بالعصمة جعلهم على الدوام في حصانة اجتماعية وفكرية تصونهم عن التلوث بمفاسد السلطات والقوى الجائرة .
أما في التشيّع الصفوي فإن العصمة عبارة عن حالة فسلجية وبيولوجية وبار سيكولوجية خاصة لدى الأئمة تمنعهم من ارتكاب الذنوب والمعاصي ، حسناً إذا كنت أنا مخلوقاً كذلك فلن أستطيع ارتكاب الذنوب حينذاك فما قيمة تقواي إذاً ؟ ما قيمة التقوى الناجمة عن العجز عن ارتكاب المعاصي . إن الجدار وفق هذا المفهوم سيكون من أتقى الأشياء لأنه –بالطبع- لا يستطيع أن يذنب ، ومثل ذلك ما يدّعيه بعض الوعاظ وأصحاب المنابر من أن السيف لم يكن يمض فى جسد الأمام في محاولة لإختراع كرامة وفضائل للمام إغفلة منهم أنهم بذلك إنما يقللون من شأن الإمام ومن مقدار شجاعته .
إن الإمام في التشيّع الصفوي – يتمتع بنوع من العصمة الذاتية الفاقدة لأي قيمة . لا قيمة إنسانية لأن الإمام المعصوم عاجز عن ارتكاب الذنب ، ولا قيمة علمية وتربوية لأن الناس لن يكونوا قادرين على التأسي والاقتداء بشخص يختلف عنهم ذاتياً ، وحول التشيّع الصفوي الأئمة إلى موجودات ميتافيزيقية وكائنات مجردة وغيبية مصنوعة من نوع خاص من الماء والطين ،وبالتالي أفرغوا الإمام منة من محتواها القيمي كما أفرغوا الاعتقاد بالإمامة من قيمته وأثره السلوكي والعملي وهو الاقتداء !
كل ذلك جرى تحت خيمة تقديس الإمام وتكريم مقامه بواسطة الملالي التابعين لجهاز الحكم الصفوي فلقد رفع الملاّ مقام الإمام إلى مستوى الملائكة واكتشف فضائل ومناقب عظيمة جداً لمحمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين .ومنح المعصومين الأربعة عشر مقاماً سامياً إذ نسبهم إلى طينة وجوهر غيبي من جنس ما فوق البشر وما وراء الطبيعة ، وزعم أن ذواتهم ليست ذوات إنسانية وأن خلقتهم ليست خلقة آدمية بل هم عناصر من النور الإلهي اكتسبت ظاهرة الآدميين ، وطبقاً لما زعمه الملالي فإن لأهل البيت نوعين من المناقب والفضائل بعضها مختصة بهم لا يمكن أن يتحلى بها أحد غيرهم والنوع الآخر هي مزايا إنسانية سامية لا يدانيهم فيها أحد وإن وجدت لدى إنسان غيرهم فبدرجة ضئيلة وعلى طريق الاكتساب بينما تلك الصفات لدى المعصومين هي صفات ذاتية تقتضيها طبيعة ذواتهم وليست اكتسابية ، ما يعني بالتالي-حسب هذا المنطق السقيم-أن أتباع الأئمة سيكونون أفضل منهم لوضوح أن المناقب الإرادية أفضل من المناقب الثابتة للمرء بالجبر والطبع الذاتي أو الموروث.
من قبيل النوع الأول كونهم (ع) يعلمون الغيب وغيرهم ليسوا كذلك ، وهم قادرون على تحويل عدوّهم بنفخة واحدة إلى كلب أو ذئب أو خنزير أو أي شيء آخر يريدون بينما لا يقدر الإنسان العادي على ذلك ، مضافاً إلى فضائل ومناقب أخرى تختص بهم مما يصعب نقله وتصوّره لما يثير من الاشمئزاز والتقزز في نفوس السامعين :
(( إن في الجنة نهر من لبن لعليّ والزهراء وحسين وحسن))!
ومن قبيل ما ذكر أعلاه القول بأن السيدة خديجة كانت بكراً لدى زواجها من الرسول خلافاً لما هو الثابت والمعروف تاريخياً من أنها كانت متزوجة من قبل ولها ولد كبير ، ومثل هذه المزاعم ما يقال بشأن (زوجة الإمام الحسين) من أنها كانت تصير بكراً في كل ليلة !
في القاموس الصفوي ساد تصوّر مفاده أن الحاكم يجب أن يكون متقياً ومعصوماً، ولما كان الوصول إلى الإمام متعذّراً فإن هذا الشرط سيسقط عن الاعتبار وإلاّ يلزم التكليف بغير المقدور ، وينتج من ذلك أن أفعال الحكومات وأخطاءها ستصبح مبرّرة لأن العصمة لا يمكن تحصيلها في زمان الغيبة ، يقولون (( إننا غير قادرين، لأننا غير معصومين ، وعلينا أن نتوسل فقط )) ، بهذه الحيلة باتت القيادة الشيعية غير مكلّفة بمراعاة جانب التقوى الشديدة ، وبهذه الطريقة تم القضاء على هذا المبدأ الثوري والحضاري السامي وحذفه من مسرح الحياة السياسية والاجتماعية ورفعه إلى عنان السماء وطرده من عالم الناسوت إلى عالم الملكوت !
3-الوصاية:
إن الوصاية بحسب التشيّع العلوي وما نفهمه نحن ليست بتنصيب ولا انتخاب ولا ترشيح بل هي بمعنى قيام النبي- من منطلق موقعه القيادي للمجتمع - بتحديد أفضل الأشخاص وأكثرهم جدارة بتحمّل عبء مواصلة المسيرة وحمل الرسالة التي جاء بها ، لكي تتخذه الأمة قائداً لها وتنقاد لأوامره وتوجيهاته .
وليست هذه الوصاية بتوصية اعتباطية من حق الآخرين أن يلتزموا بها أو لا يلتزموا ، بل إن الناس ملزمون بالانقياد لقيادة أنزه وأعلم إنسان على وجه الأرض حسب تشخيص النبي ، ولو أن الأمة الإسلامية قد التزمت بمبدأ الوصاية لكان المجتمع الإسلامي بمأمن عن خطر الانحراف على مدى اثني عشر جيلاً ولاكتسب في غضون هذه الدورة التربوية الخاصة عمقاً ونضجاً اجتماعيين كفيلين بجعله مصداقاً لقوله ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) ،أمة لا توجد فيها مظاهر فساد وعبودية واستغلال وخداع وتزوير ، وكل فرد من أفرادها يتمتع بتجربة ورصيد سياسيين ودينيين يؤهلانه لتقرير مصيره على ضوء القاعدة الإسلامية الأخرى لتعيين الحاكم وهي ( الشورى والبيعة ) التي ستكون بديلاً عن قاعدة الوصاية .
هذا هو المعنى الذي يفهمه الإنسان الواعي من سيرة محمد وعليّ حول مفهوم( الوصاية)، في مقابل المعنى المقرّر لها في التشيّع الصفوي حيث تكون (الوصاية) عبارة عن نظام وراثي وسلالات حكم تنتقل القيادة فيها من الأب إلى الابن ومن الأخ لأخيه ومن جيل إلى جيل يليه ، وعلى ضوء هذا الفهم الخاطئ للوصاية ، يقال أن الإمام الأول صار إماماً أول لأنه ابن عم النبي وصهره وأول السلسلة ، أما الإمام الثاني فصار إماماً ثانياً لأنه ابن للإمام الأول والإمام الثالث صار إماماً لأنه أخ الإمام الثاني ومن ثم استمرت الإمامة نسلاً بعد نسل ، فالأصالة ليست لشخصيّة الوارث والموروث وإنما لعلاقة النسب والقرابة القائمة بين الاثنين ، وفي هذا توجيه واضح لقانون انتقال الحكم بالوراثة وهو القانون الذي كان متبعاً إبان العهد الساساني والنسخة طبق الأصل منه أعني العهد الصفوي !
4-الولاية:
وهي في التشيّع العلوي بمعنى التزام الناس بحكومة علي بكل أبعادها وضوابطها والتبعية له والاقتداء به وقبوله كأسوة حسنة ، والتسليم المطلق لحكومته ونظامه هو فقط لا غير !
أما الولاية عند التشيّع الصفوي فهي بمعنى ولاية (مولائية) نجم عنها بالتالي عناصر دخيلة مثل الإسماعيلية والعلي اللهية والباطنية والحلولية والصوفية والهندية ، ولا داعي للتوضيح أكثر !
5-الإمامة :
وهي- في قاموس التشيّع العلوي – عبارة عن الاعتقاد بنظام ثوري قادر على بناء مجتمع ينهض بواجبات نظام دولي مؤهل للوقوف بوجه الأنظمة القائمة ، وأمّة تحمل رسالة سامية بحجم الرسالة التي تطرقت لها لدى الحديث عن الوصاية ،ومصاديقها الخاصة بعد النبي هم الأئمة الذين يتحلّون بمقامات ذاتية تؤهلهم لتقلّد وسام القيادة للمجتمع وتلبية مستلزمات هذه المهمة ، وبناء على ذلك فإن الاعتقاد بالأئمة يعني في مفهوم التشيّع العلوي أن المعتقد يأبى التسليم أمام أي نظام حكومي لا ينسجم مع نظام الإمامة ، وأن الشيعي لا يعترف بأي حكومة في زمانه غيبة الإمام المعصوم ما لم تكن تلك الحكومة قد اكتسبت الشرعية من خلال نيابتها عن الإمام ، وحكمت في الناس على ضوء الضوابط والمقرّرات المنسجمة مع هدف الأئمة المعصومين وأسلوبهم في الوصول إلى ذلك الهدف .
ولكن التشيّع الصفوي ينظر إلى الاعتقاد بالأئمة من زاوية أخرى يكون فيها الاعتقاد بهم ليس سوى اعتقاد ب(12) شخصية من جنس ما وراء الطبيعة واثني عشر رقماً واسماً مقدساً يجب علينا أن نحبّ أصحابها ونثني عليهم ونتقرب إليهم دون السعي إلى الالتزام بالتبعية والاقتداء بهم ، وذلك لأننا عاجزون عن اتباع الأئمة وتقليد سيرتهم لأن ذاتهم تختلف عن ذواتنا اختلاف جوهرياً ، وعليه يكون الاعتقاد بالأئمة في منظار التشيّع الصفوي عبارة عن عبادة (12 اسماً ) والتعبد بها كما نتعبّد بوجود (124)ألف نبي ، وبالتالي يكون بمقدورنا التعاطي مع أي نظام حكم قائم في زمان غيبة الأئمة ، شريطة أن يقترن ذلك مع الإيمان القلبي بهم والتودّد لأصحاب هذه الأسماء الاثنتي عشرة ، ولا يهمّ ما سوى ذلك من نوع الحكم والنظم القائم وطبيعة التعامل مع الناس لعدم ارتباطه أساساً بموضوع الحب والتولي فالإمامة عقيدة غيبية وتاريخية ليس ذات علاقة مع طبيعة الحياة وخصوصيات الزمان والمكان !
6-العدل :
وهو هنا بمعنى الإيمان بأن الله عادل ، وهو في التشيّع العلوي بمعنى أن كل موبقة سيكون وراءها حساب شديد كما أن كل منقبة ستكون سبباً للفوز بالثواب الجزيل .
الإيمان بأن الله عادل ، يعني أن العدل ليس بمثابة نظام وضعي يستحدث في المجتمع ونهج سياسي أو حزبي ، بل هو في التشيّع العلوي مبدأ مرتبط بالله بمعنى أن العدل هو أسّ بناء الخلقة ، وعليه تتمحور الرؤية الكونية للإنسان المسلم ، وإذا لم يكن البناء الاجتماعي راسياً على دعامة العدل فإن المجتمع سيصبح مجتمعاً مريضاً منحرفاً متزلزلاً ومهدّداً بالزوال .
أما في التشيّع الصفوي ، فالعدل معناه أن الله ليس بظالم ، وأن يزيد سيذهب بعد الموت إلى جهنّم، بينما الحسين سيذهب إلى الجنة وليس ثمة علاقة لذلك بحياتنا الدنيوية وأوضاعنا الراهنة بل هو مجرد بحث علمي من شأن الفلاسفة الإلهيين ولا علاقة له بالناس .
7-التقية:
وهي عبارة عن نوعين من التكتيك ؛ الأول هو (تقية الوحدة):ومعنى التقية من هذا المنظار أن الشيعي لا ينبغي له أن يبرز موارد الاختلاف في المجتمع الإسلامي الكبير لئلاّ يتسبّب في إثارة الفرقة وتشتيت وحدة المسلمين فالتقية إذن هي غطاء يلجأ إليه الشيعي في الحفاظ على عقائده من الضياع والاندثار دون أن يعرض المجتمع المسلم إلى خطر التشتّت والفرقة والخصام . ولذلك يقال مثلاً أنه إذا ذهبت إلى مكة فصلّ معهم ، ويوصينا علماؤنا الكبار بالصلاة خلف إمام الجماعة في مكة والمدينة من هذا المنطلق أيضاً ، هذه هي التقية، نبذ للطائفية والتعصب ، وتجنب لترويج موارد الاختلاف والمسائل المثيرة للفرقة ، وتحمّل للرأي الآخر المخالف لرأيك ، واحترام لأفكار الأخوة وأعمالهم ، التقية هي منهج لسلوك الأقلية في مقابل الأكثرية في مجتمع معين بهدف الحفاظ على الوحدة الداخلية وضمان عدم تعريض الأهداف المشتركة إلى الخطر وشماتة الأعداء ( ومثالها الأبرز هي سيرة عليّ حيال معارضي حكومته في الداخل ) .
والمعنى الآخر للتقيّة هو عبارة عن مراعاة الشروط الخاصة بمواصلة النضال في دوره السلبي حفاظاً على قوى الإيمان ( لا على نفس المؤمن)!، ومعناه أن الشيعة يجب أن يستمروا في مزاولة نشاطهم الفكري والاجتماعي والسياسي مع رعاية جانب الكتمان وحفظ الأسرار وعدم إعطاء ذريعة للحكام الظلمة و دليل يسوّغ لهم إبادتهم وتدمير تشكيلاتهم بلا مبرّر منطقي ومعقول ، إذن فالتقية هي منهج علمي وعملي لضمان سلامة الكيان الشيعي مقابل أجهزة السلطة التي تتحين الفرص للإجهاز على هذا الوجود والقضاء عليه .( والمثال الأبرز لهذا النمط من التقية هي سيرة الأئمة إبان الحكم الأموي و العباسي ).
أما ما تفهمه العقلية الصفوية من التقية فهو واضح ولا يحتاج إلى مزيد بيان .كما أن أمثلته واضحة لديكم ، وخير من عبّر عن هذا المعنى من التقية هو الشاعر مولوي في قوله:
(لا ينبغي قول الحق إلاّ تحت اللحاف)!
إن المؤمن بالتقية على الطريقة الصفوية عندما يسأل عن عنوان منزله يضطرب ويذهب لون وجهه من شدّة الخوف ، وهو من شدّة تقيته وتكتمه على معتقده يكاد ينسى الشيء الذي يعتقد ويدين به !
التقية في التشيّع الصفوي ، تعني السكوت أمام كل الانحرافات وأعمال الضلال والظلم التي تمارسها السلطات الحاكمة ، بحجة الحفاظ على النفس من الضرر مهما كانت درجة ضئيلة ومهما تسبّب ذلك في تعطيل المسؤوليات الاجتماعية والعقائدية !
ومن هنا نجدُ أن التقية حسب التصور العلوي هي عامل وحدة وانسجام مع الأخ وكفاح للعدو، بينما هي في التصور الصفوي مبرر لشلّ إرادة الرفض والنضال أمام العدو وفي نفس الوقت هي سبب فاعل في إثارة النعرات الطائفية والفرقة والاختلاف بين الأخوة !
التقية، في التشيّع العلوي ، عبارة عن تكتيك عملي يخضع لضوابط وظروف معيّنة يقدّرها القائد ، ولذا قد تجب التقية وقد تحرم ، بينما التقية في المنظار الصفوي هي جزء من عقائد الشيعة الثابتة والملازمة لشخصية الشيعي في كل الأحوال !
8-السنّة ونبذ البدعة:
وفق المفهوم الصحيح للسنة فإن التشيّع العلويّ يعد أكثر المذاهب والفرق الإسلامية تسنّناً ! بمعنى أنه أقرب المذاهب وأضبطها في الاعتقاد بالسنّة النبوية والالتزام بها عملياً .
علي (ع) كان يعتقد بأن سنة النبي لا توجد قوة قادرة على تغييرها والتلاعب بها بزيادة او نقصان أو تحريف هذا في حال أن منافسي عليّ ممّن ادعوا حمل لواء التسنّن هم أكثر من أعطى لأنفسهم الحق في التلاعب بالسنة وعدم الالتزام بها إلاّ حسب اجتهادهم ، وجوّزوا لأنفسهم الاجتهاد مقابل النص وهو ما حرّمه عليّ على نفسه .
في ضوء ذلك يجب القول أن التسمية الحقيقية للتشيّع العلوي هو أن يقال بأنه المذهب الحافظ للسنة والمناهض للبدعة ، وأن علياً هو أجلى مصاديق التبعية الحقة والالتزام الدقيق بالسنّة سواء على صعيد الروح والمضمون والاتجاه العام (المنهج النبوي) أو على صعيد الأحكام والأفعال والأقوال (السنّة النبوية).
غير أن التشيّع يبدو في حلّة أخرى عندما ننظر إليه بعدسة صفوية فيتحول إلى فرقة ومذهب مناوئ للسنة النبوية بحيث يضع العترة وأهل البيت في مقابلها .
يقول أحد المعتقدين بالتشيّع الصفوي : هل رأيت في هذا الكتاب نصّاً عن النبي يقول فيه ( إني تارك لكم الثقلين كتاب الله وسنتي ) ؛ إذن من أين جئت بذلك ؟! النبي قال ( كتاب الله وعترتي) و لم يقل (كتاب الله وسنتي)!
التشيّع الصفوي ينفي –إذن – وجود حديث فيه عبارة (كتاب الله وسنتي ) مثلما أن أركان التسنن الأموي ينفون النصّ القائل (كتاب الله وعترتي) ، هذا في حال أن ( كتاب الله وعترتي ) ليست سوى تفسير وتتميم ونتيجة ! ( كتاب الله وسنتي ) ،ويجب الاعتقاد بالاثنين معاً إذ لا تنافي بينهما ، بل أحدهما مكمّل للآخر كمصراعي باب ؛ لا فائدة من وجود أحدهما منفرداً!
بيد أن التشيّع الصفوي يرى أن (كتاب الله وعترتي ) هي بديل عن (كتاب الله وسنتي) ولا يمكن أن يجتمعا معاً ، بينما يسعى التشيّع العلوي لتأكيد حقيقة أن (العترة) هي الناطق الرسمي باسم كتاب الله وسنة النبي وعناوينها … كم هو التناقض بين هذين التشيعين؟!
9-الغيبة:
الغيبة لها فلسفة دقيقة وأبعادها الاجتماعية والسياسية أكبر وأهم بكثير من الجانب الميتافيزيقي فيها.
في التشيّع الصفوي يحمل الانتظار مفهوماً سلبياً ويعبّر به عن منهج التسليم والتحمّل والصبر والسكوت ، وفيه يكون الإمام المعصوم غائباً ممّا يعني ضرورة تعطيل الإسلام ببعده الاجتماعي وعدم إعادته إلى مسرح الحياة إلاّ بعودة الإمام وظهوره من جديد . ذلك أن الإمام غير موجود وبالتالي لا مجال لإقامة الجمعة ولا الجماعة ولا الدعوة إلى الجهاد .
إن نائب الإمام موجود بالطبع ، ولكن وجوده ليس لأجل الجهاد وما شابه ، بل لأجل جمع الحقوق و(الضرائب) الشرعية واستلام سهم الإمام الغائب ، أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهما وظيفتان ساقطتان إلاّ في المجالات الفردية والأخلاقيات الشخصية والنصائح الأخوية فيما يرتبط بفوائد الأعمال الحسنة ومضار الأعمال السيئة ! وتجنب الخوض في المنكرات الاجتماعية من قبيل (الكلام بأمور الدنيا في المسجد) والانحرافات السلوكية نظير أكل المشمش مع اللبن وأسوأ من ذلك إطلاق شعر الرأس وحلق اللحية ، مضافاً إلى مقارعة البدع التي تظهر في المجتمعات الإسلامية وتحذير الناس من الأخطار التي تهدد هذه المجتمعات في أيامنا هذه كاستبدال منبر النبيّ بمنصة وميكروفون ومكبرات صوت وتصفيق الحاضرين ! وتناول الماء أثناء الخطبة …
والأهم من ذلك كله الوقوف بوجه الأخطار الناجمة عن الوحدة بين المسلمين في مقابل الاستعمار والصهيونية !
ويعود السبب في ذلك إلى أن التشيّع الصفوي هوفي الأساس فرقة طائفية مناوئة للمجتمع المسلم وتقوم فلسفة وجوده على أساس بثّ الفتنة وزرع الاختلاف بين أعضاء الجسد الإسلامي الواحد ، والانفصال عن الجسد الإسلامي الأم الكبير ، وما وجد التشيّع الصفوي إلاّ من أجل تحقيق هذا الغرض ويؤيد هذا التصور أن التشيّع الصفوي ظهر وتحالف مع القوى الصليبية والبرجوازية العدوانية في أوروبا لضرب القوة الإسلامية الوحيدة التي كانت تتصدى لهم ولو باسم الإمبراطورية العثمانية البغيضة ، وقد كانت الضربة التي وجّهها التشيّع الصفوي بمثابة طعنة في الظهر ، تجلّت على شكل لقاءات مشتركة بين السلاطين الصفويين وسلاطين أوروبا الشرقية تمخّضت عن اتفاقات ومخططات للقضاء على العدو المشترك للمسيحية الغربية والتشيّع الصفوي والتمثل آنذاك بالدولة العثمانية .
في الوقت الذي شعرت به كل معسكرات الغرب بالخطر يداهمها متمثلاً بهجوم الجيش الإسلامي الهادر ، وبعد أن تحوّل اسم القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشقية والمركز العالمي المقتدر للمسيحية إلى مدينة (إسلامبول ) ، فيما خضعت اليونان وبلغاريا ويوغسلافيا وغيرها إلى هيمنة المسلمين وسيطرت القوات الإسلامية على البحر الأبيض المتوسط وحاصرت كلاً من النمسا وإيطاليا ، آنذاك تعرّض التشيّع العلوي القائم على أساس العدل والإمامة والحامل لهمّ الدفاع عن الحق حيال الباطل وعن السنّة تجاه البدعة وعن الخط الإسلامي الأصيل بازاء النظم المنحرفة التي طرأت على الإسلام وغصبت الخلافة من أهلها وتنكّرت لوصية النبي ؛ التشيّع العلوي الذي يسخط نفسياً على غصبه الحق ومردة كربلاء ويشجب فكرياً كل من يرضى بأعمالهم ويتبع منهجهم ويسير على خطاهم ؛ هذا التشيّع تبدّل فجأة إلى التشيّع الصفوي وهو تشيّع يتعاطى مع كل العقائد والعواطف النبيلة المشار إليها أعلاه بشكل مختلف ويحولها إلى أحقاد دفينة وضغائي سياسية وقومية وعداء بين العرب والترك والإيرانيين ، ويحيل الاختلاف بين التشيّع والتسنن الذي يعكس في واقعه الاختلاف بين إسلام الشعب وإسلام الحكومة بين إسلام الرب وإسلام الأرباب ، بين إسلام النبي وإسلام الخليفة المزعوم !… يحيله إلى حقد أعمى بين السنة والشيعة ، بين المجتمع السني الموجود الآن وبين المجتمع الشيعي الذي يعايشه وبالتالي عمل على توظيف كل العواطف والعقد الشيعية في سبيل تحقيق أهدافه ومراميه المتمثلة بإقامة الدولة الصفوية ، وبدلاً من أن يوظف هذه العواطف والمشاعر الجياشة في العمل من أجل إنقاذ الناس من مظاهر الزور والتزوير وإقرار العدالة الاجتماعية عمد على العكس من ذلك إلى جعلها مادة استهلاكية على الصعيدين الإعلامي والعسكري لتدعيم موقعية الجيش ( القزلباشي) ،وإيجاد رابطة وآصرة بين سلالة السلطنة الصفوية وسلسلة الإمامة العلوية . وبِمَنْح رجال الصفوية لقب (السيادة) –وهم أحفاد الشيخ صفي - تمّ ربط الدم الصفوي بآل البيت النبوي ، وتحول الشاه عباس الفاسد ، والذي لم يتورع حتى عن إبادة رجال أسرته ، إلى (الخضر) الموعود ليصبح فارس أحلام العوام.
لقد ظلّ التشيّع يرفض كل أشكال الحكم إلاّ ما كان ينطبق وينسجم مع نظام حكم وقيادة عليّ وأتباع عليّ ، وقد شمل هذا الرفض –بحق- حتى حكومة عمر بن عبد العزيز الوجه الذي تمتع بتقوى وعدالة نسبية عاليتين ، وذلك لأن الرفض العلوي لم يكن رفض أشخاص بل رفض مناهج وأفكار وأشكال حكم خالفت المنهج الإلهي الأصيل ، بيد إن هذا التشيّع تعرّض إلى عملية تحوير شاملة انتهت به إلى أن يعتبر قيام الدولة الصفوية نصراً تاريخياً له ! ومن ثم عمل على شدّ أزر الشاه عباس الصفوي لجهاد الأخوة المسلمين أمام أنظار الغرب الكافر !
ونظراً لأن التشيّع الصفوي يرى ضرورة تجميد كل الفعاليات والأنشطة الاجتماعية في زمان الغيبة ، فلقد بات من غير المبرّر الاهتمام بصلاح أو فساد المجتمع وشكل الحكومة حقاً أو باطلاً ، وذلك لأن حكومة الحق مختصة بحكومة الإمام المعصوم بشخصه ولأن الإمام غائب بالفعل ، فليس للإسلام ما يقوله خلال فترة الغيبة على صعيد الحياة الاجتماعية والسياسية للمجتمعات ، فالإسلام صامت تجاه هذه الأمور وأمثالها ،وكون الإسلام ساكتاً يفتح المجال للشاه عباس في أن يتحدّث بحرية ويقول ما يشاء دونما إشكال عليه ! وهكذا أصبحت فترة تعطيل وتجميد للطاقات والنشاطات ولا ينبغي فيها سوى الانتظار والتحمل وكفى !
وبسبب انتفاء موضوعة المجتمع وموضوعة الحكومة وما لازمهما ، فمن الطبيعي حينئذ أن تتحدد المسؤوليات الاجتماعية في إطار الوظائف الأخلاقية والواجبات الفردية ، ويتعين على كل إنسان أن يحفظ نفسه لصعوبة حفظ المجتمع ،لأن القاعدة والتيار العام يؤول إلى انحطاط المجتمع وزوال الإيمان وانهيار النظام وتفسخ الأخلاق الاجتماعية وفساد الثقافات إلى حين ظهور الإمام ! من هنا نرى أن الغيبة تصبح وفق هذا المنظور بمثابة صكّ غفران لقوى الهيمنة وأنظمة الجور لتفعل كل ما يحلو لها ، وهي في الوقت ذاته فتوى بوجوب التسليم بل الاستسلام للأمر الواقع ؛ أيّ شيء كان ومن أيّ مصدر وعلى أيّ شاكلة !
هذا النوع من التثقيف الديني يؤدي بالتالي إلى تحجيم الشعور بالمسؤولية العامة لدى أفراد المجتمع ليحلّ محلّه الاتجاه الفردي في التعاطي مع الأوضاع والمستجدات الاجتماعية والسياسية ، واختزال جميع الآمال والتطلعات و الأحاسيس والمسؤوليات للإنسان الشيعي في دائرتين ضيقتين هما : العزاء ،والعداء للسنّة ، ولا غير !
هذا ، بينما نرى بالمقابل أن فترة الغيبة في أفق الذهنية التي يتبنّاها التشيّع العلوي تعدّ من أحرج الفترات على صعيد تحمّل المسؤوليات الاجتماعية والسياسية والعقائدية والفكرية ، وبكلمة أوضح ، فإن التاريخ الإنساني ينقسم في منظار التشيّع العلوي إلى أربعة مراحل : المرحلة الأولى تبتدأ من زمان آدم ( بدء البشرية ) إلى زمان الخاتم ( نبي الإسلام ) وهي مرحلة النبوة ، وفيها يتحمل الأنبياء مهمة حمل الرسالة الإلهية .
أما المرحلة الثانية فتبدأ بعليّ وتنتهي بنهاية الغيبة الصغرى – الزمان الذي اختفى فيه الإمام الثاني عشر عن الأنظار واستمرّ يتصل بالناس ويقودهم عبر وكلائه الأربعة – وهي مرحلة( الوصاية) بازاء اصطلاح الخلافة الخاص بالحكومات القائمة آنذاك !
المرحلة الثالثة ، وتبتدئ مع بداية الغيبة الكبرى عام 319 ﻫ ، حيث اختفى الإمام لمدة طويلة مجهولة الأمد وانقطعت صلته بالناس رسمياً ، وهي المرحلة الغيبية التي نحن الآن فيها .
والمرحلة الرابعة ، هي مرحلة ما بعد الظهور حيث تنتهي غيبية الإمام ويعود إلى تولي قيادة العالم بعد ثورة عالمية شاملة لإرساء العدالة على مستوى البشرية جمعاء .
والملاحظ أن في المرحلتين الأولى والثانية وكذلك في المرحلة الرابعة تقع مهمة حمل رسالة القيادة على عاتق النبي أو الوصي حيث يتمّ تعيين كل منهما سماوياً لتولّي مهمة القيادة السياسية والاجتماعية والفكرية والتربوية شخصياً ، بينما الأمر يختلف في ظل المرحلة الثالثة إذ لا نبي ولا وصي ظاهر ، وبالتالي تقع مسؤولية الأنبياء والأوصياء على كاهل المجتمع نفسه ، وعلى الناس أن يعرفوا الإسلام ويشخصوا الحق ويجروا الحدود ويديروا أمر المجتمع بأنفسهم ، ويختاروا الشكل الأنسب لطريقة قيادة المجتمع والأسلوب الأمثل للدفاع عن الإسلام والمسلمين إزاء الخطر المحدق بهم من اليهود والنصارى وغيرهم من أعداء الدين ،وعليهم تبعاً لذلك أن يفتحوا باب الاجتهاد وأن ينفر منهم طائفة ليتفقهوا في الدين واستنباط الأحكام والقوانين وحلّ مشاكل المجتمع والتعاطي مع المستجدّات والمظاهر المعاصرة ، وأن يتولوا بأنفسهم مهمة قيادة المجتمع فكرياً وسياسياً ويختاروا الرجل الأصلح والأجدر بالقيادة من حيث الوعي والكفاءة والتخصص والالتزام وينتخبوه للتصدي لمهام القيادة كبديل عن الإمام الذي هو بدوره بديل عن النبي ، ما يؤهلهم للإحساس بالمسؤولية أكثر تجاه الوظائف الحساسة المناطة به ، وهي بالطبع نفس وظائف الإمام ويجعلهم ذلك جديرين بإقامة حكومة العلم وتحديداً العلم الملتزم كما تمنّاها أفلاطون - !
وهكذا نرى أن الغيبة في التشيّع العلويّ هي على طرف نقيض من الغيبة في التشيّع الصفويّ الذي يدعو إلى تعطيل المسؤوليات الاجتماعية وتفويض مصير الناس إلى عامل الجبر المهيمن على الزمان والمكان.
الغيبة في التشيّع العلوي تحمّل الناس مسؤوليات أكثر وأكبر من تلك المسؤوليات التي يتحتّم عليهم القيام بها إبان مرحلة النبوة أو مرحلة الوصايا أو مرحلة ما بعد الظهور ، وتضع في أعناق الناس مهام ّحساسة وخطيرة من قبيل بذل أقصى الجهد في مجال نشر الحق ومقارعة الباطل والجهاد والتربية والحكم وهداية المجتمع ، إن المجتمع الشيعي يتحمل جميع هذه المسؤوليات مضافاً إلى أن عليه اختيار الشخص الذي تناط به مهمة القيام بدور الإمام في قيادة الأمة نحو الصالح العام وفي إطار الإسلام. وصفوة القول أن الشخص الذي يختاره الله في مرحلتي النبوة والوصاية ، يتعين على الناس أنفسهم اختياره في المرحلة الثالثة (الغيبة)!
في ضوء ما ذكرناه تتبين فلسفة الغيبة في التشيّع العلوي وأنها لا تكتفي بعدم تعطيل الوظائف الاجتماعية لأبناء المجتمع الشيعي بل على العكس من ذلك تضيف إليها وظائف إلهية أعظم خطراً!
وباختصار نقول إن الأمة الإسلامية تضطلع بمهمة اختيار أشخاص يتحلّون بالتقوى والورع والعلم والوعي والكفاءة للقيام بدور النيابة عن النبي أو الإمام في قيادتها على الصعيد الفكري والاجتماعي ، ومعنى ذلك أن مهام القيادة تناط بأشخاص ينتخبون بواسطة الناس الذين يصبحون وفق ذلك بديلاً عن النص الإلهي في تحديد مورد القيادة المعنوية والمادية لمجتمع المسلم ، إن مرحلة الغيبة هي في الواقع مرحلة الديمقراطية التي فيها مهمة انتخاب القائد مهمة اجتماعية يشترك جميع أفراد المجتمع في إعداد مقدماتها وتهيئة ظروفها ومزاولتها عملياً ! وإذا كان مصدر تحديد القيادة في المرحلتين الأولى والثانية (النبوة والإمامة ) يأتي من فوق فإن مصدر تعيينها في المرحلة الثالثة يأتي من تحت ، من صلب المجتمع ومن إجماع أبنائه على اتخاذ قرار!
10-الشفاعة :
إنني أؤمن بالشفاعة، ليس ذلك فحسب بل أعتبرها عنصراً فاعلاً وبنّاء ًفي تحقيق التكامل المعنوي والتربوي والثقافي وإنني لا أكتفي بقبول مبدأ شفاعة النبي والإمام بشخصيهما بل أعمم ذلك لكل الشخصيات الصالحة العظيمة ( الصلحاء والأولياء بالمعنى الحقيقي للكلمة أي أولئك الذين يتحلّون بروح عالية وزاخرة بالجمال والعطاء المعنوي والقيم الإلهية المتعالية ) وأرى أن ذلك أمر منطقي يدركه العقل وتؤيده تجربتي الخاصة!
والتشيّع الصفوي يقول بذلك أيضاً ، هنا وفي أي مكان آخر ، فقد أكدت في أكثر من موقع على أن التشيّع الصفوي حافظ على نفس معتقدات التشيّع العلوي غير أنه جرّ نفع وفائدة ذلك إلى نفسه وبما يضرّ المجتمع ككل .
الشيعي الصفوي يقول أن الإمام الحسين وأبا الفضل العباس وزينب وعلي الأكبر والأصغر سوف يشفعون له في لحظة الامتحان النهائي.
في تلك اللحظة الحرجة ، حيث ينصب ميزان العدل الإلهي ليزن بدقة بالغة الأعمال الحسنة والسيئة لكل إنسان ويعلن عن النتيجة وليصدر الحكم في ضوئها على الشخص بنجاة أو سقوط ، هناك يعمد الشيعي الصفوي إلى الغش في قاعة الامتحان فيتواطأ مع أحد المراقبين في القاعة من أقربائه أو معارفه ليسرّب إليه بخفاء الأجوبة الصحيحة ، أو أنه لا يتجشّم حتى عناء الكتابة فيعطي ورقته بيضاء أو محشوّة بكلام هراء من سب و سخرية أو طلاسم وأوراد فالولد لم يتصفح كتاباً من قبل ولم ير مدرسة أصلاً ، فإذا بالنتيجة تأتي عشرة من عشرة وربما كان صاحبنا هو الأول بين سائر التلاميذ ؛ إذا كانت تربطه صلة خاصة بالمشرفين على نتائج الامتحانات أو أنه قد نسّق معهم من ذي قبل !
إن الشفاعة –في المنظار الصفوي-لها آثار أخطر من أثار الغش في الامتحان أو الرشوة في القضاء أو دفع الضرائب ، فإن أقوى (واسطة ) في الامتحان هي تجاهل أخطاء واشتباهات الطالب الكسول ، كما أن أكثر ما يمكن أن يفعله موظف في دائرة الضرائب أو قاض في محكمة هو إعفاء من يدفع الرشوة من دفع الضرائب أو من عقوبة التهمة الموجهة إليه ، بيد أن الشفاعة في التشيّع الصفوي تذهب أبعد من ذلك فتمنح الجواب الخاطئ درجة إضافية وتحوّل مبلغ الضرائب إلى استحقاقات للفرد على الدولة كما تحول التهمة بقتل النفس إلى معجزة بإحيائها وفق قانون ( يبدل الله سيئاتهم حسنات ) حيث تفهمه الصفوية على هذا المنوال : إن سيئات الإنسان الشيعي تتبدل يوم القيامة إلى حسنات لا إنها تمحى عنهم فقط ! ومعنى ذلك بالجملة إن الإنسان الشيعي يعتبر مغفلاً للغاية إذا لم يسرف في ارتكاب الذنوب ولم يسوّد صحيفة أعماله ، إذ لن تكون لديه مادّة وفيرة صالحة لتبديلها إلى حسنات !
بالطبع فإن للشفاعة في المنظار الصفوي للتشيّع ضريبة وتكاليف ، وهذا أمر طبيعي لأن المهمة صعبة ، إذ كيف يمكن الاحتيال في امتحان يشرف عليه بصورة مباشرة الله سبحانه وتعالى ويتولى بنفسه فيه طرح الأسئلة وتصحيح أوراق الامتحان وهو الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ! ويعلم ما تبدي الأعين وما تخفي الصدور ، ويطلع على ما تخفيه السرائر والضمائر وما يدور في الأذهان من خواطر ، وأن كل شيء عنده إلا بمقدار ، يزن أعمال الخير والشر فمن عمل مثقال ذرة خيراً يره ومن عمل مثقال ذرة شراً يره ، كل ذلك على أساس قرآنه الذي وبّخ فيه نبيّه العزيز ، لا شيء إلاّ لمجرد أنه عبس وجهه في وجه الأعمى الذي زاحمه وهو عاكف على تبليغ رسالة السماء وأداء وظيفته الإلهية في هداية الناس إلى الدين القويم .
لم يشفع ذلك له كلّه ، فاستحق التقريع والعتاب بشكل صريح وواضح وعلى مرأى ومسمع جميع الناس بل جميع من يخلق منهم إلى يوم القيامة .وهذا يعني أن الإرادة الإلهية لم تكن مستعدة لأن تشمل بكرمها الواسع شخص النبي المصطفى رغم تضحياته الجسيمة وإيثاره العظيم ، فتغفر له هذه ( التعبيسة )حفاظاً على كرامته وحرمته بين الناس ، أو على الأقل يوبّخ ولكن ليس في القرآن الذي سيبقى مقروءاً إلى الأبد !
ومثل ذلك ما حصل مع نوح الذى ظل تسعمائة عام يدعو قومه إلى الهدى لإنقاذهم من المصير المحتوم الذي كان بانتظارهم ، وفي تلك اللحظات وعندما كان نوح يُدخل الحيوانات والطيور إلى سفينة النجاة ، وقعت عينه على ابنه الذي كان في معرض الغرق في الطوفان ، فسأل الله سبحانه أن يغفر له إكراماً لأبيه فجاء الردّ الإلهي حاسماً بالرفض ، وجاء الجواب على شفاعة نوح النبي العظيم بتعبير قاطع وعميق ودقيق –لا تستوعبه العقلية الضيقة والمحدودة للشيعي الصوفيّ الصفوي – (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) !
هذا هو تمام القول في معنى الشفاعة عند التشيّع العلوي –وهو ليس إلاّ الإسلام المحمدي – فلا شيء غير سنّة الله التي لا تتبدّل في هداية الإنسان وكشف واستخلاص كنوز الوعي والمعرفة والإحساس والقيم والقابليات الإعجازية المذخورة في فطرة الإنسان والمحبوسة بين أنقاض وجوده الحيواني الظاهري ،وذلك ضمن عملية التكامل المعنوي للإنسان !
نلاحظ في هذه القصة أن طلب النبي نوح لم يكن اعتباطياً بل مستنداً إلى وعد إلهي محدّد لأن الله تعالى هو الذي وعد نوحاً بإنقاذ أهله إذا حصل الطوفان وهيمن الماء على كل شيء .
وهذا بخلاف الطلبات الشائعة فيما بيننا والمنطلقة في الغالب من عواطف جوفاء غير منضبطة ، من قبيل أننا ( الأمة المرحومة) فلنا حصانة اسمها (الدمع) وضمانة اسمها (الولاية) لم يكن يتمتع بها مَن هم قبلنا من أنبياء أولي العزم ولا حتى نبي الإسلام ووصيّه و عترته من أئمة التشيّع العلوي الذين لا يجمعهم مع أئمة التشيّع الصفوي سوى الاسم !
كلاّ ، لم يتوجّه نوح -عليه السلام –إلى ربّه بالمطالبة بإنقاذ ابنه إلاّ على أساس الوعد الإلهي السابق له بذلك : ولم يكن خطأ نوح هنا سوى أنه لم يكن يدرك بالضبط المراد الإلهي من اصطلاح (أهلك) ففسّره بما هو المعهود من هذه اللفظة بين أهل زمانه حيث تطلق على من تربطهم بالمرء رابطة الدم فيقال أنهم أهله ! وهو ذات الخطأ الذي ما زلنا نقع فيه نحن بالنسبة لمفهوم أهل البيت حيث نعتبر الأئمة أئمة كراماً ومعصومين فقط لأنهم ذرية النبي ، ومن السلالة الأنقى والأطهر نحن نقدّس عليّاً وفاطمة لأنهم ( أهل بيت الرسول ) فالحسين ابن فاطمة وعلي، وفاطمة ابنة النبي وعلي ابن عمه وصهره !( وكأننا ننسى أو نتناسى أن أبا لهب عمّ النبي وأولاده أصهاره)!.
ها هنا يبين الله تعالى لنوح المعنى الحقيقي للقرابة والأهلية والقومية والوراثة والشفاعة عسى أن نفهم نحن ونعتبر ( ولكن هيهات كيف سنفهم وهناك من يحول بيننا وين ذلك زاعماً أن القرآن لا يمكنه أن يفهمه أمثالنا ، وإلاّ فما فرقه عن سائر كتب المطالعة؟! ) الله سبحانه يقول لنوح أن ابنك ليس من أهلك وذلك لأن قوام الانتماء ليس باللحم والدم والتراب والنطفة والجوهر والماء والعناصر المركبة أو الملّة أو الطبقة أو النسب أو العلم أو المال … كل هذه الأمور لا تصمد أمام عامل أهم في هذا المضمار ألا وهو (العمل)!
وفي ضوء ما تقدّم ، فإن البشرية تنقسم في جميع مناطقها ومراحلها الزمنية إلى رسالتين أساسيتين وخطين منفصلين ينحدران من العمل الصالح والعمل الفاسد ! وكل من كان عمله صالحاً فهو من أهل بيت نوح ! ربان سفينة النجاة في طوفان الهلاك المحتّم على العالم ، ( كل شيء هالك إلا وجهه) … أما العمل غير الصالح فهو عمل محكوم بالعدم والبطلان وهذه سنّة إلهية ، والسنن الإلهية لا تتبدل ولا تتحول حتى الإرادة الإلهية فكيف يمكن للشفاعة أن تفعل ذلك ؟!
لا يوجد شيء في مسرح الوجود بوسعه أن يمنح العمل غير الصالح مصيراً يضاهي المصير المترتب على العمل الصالح . ولكن ثمة عوامل لا تحصى يمكنها أن تبدل العمل غير الصالح إلى عمل صالح .والشفاعة هي أحد هذه العوامل ، وليس المراد من الشفاعة هنا شفاعة نوح وإبراهيم ومحمد وعلي والحسنين وزينب فقط ، بل شفاعة التراب وشفاعة الدم ، كلمة الشفاعة تستبطن هذه المضامين كلّها على خلاف ما ربّينا عليه في الأنظمة الاستبدادية و النبلائية إذ فهمناها وفق هذه التربية على أنها عبارة عن توسط شخصية ذات جاه ونفوذ لتخليص صاحب الذنب أو الجريمة من عواقب الجرم الذي ارتكبه . كلاّ ! ليس هذا معنى الشفاعة ، الشفاعة في اللغة تأتي من ا
05-12-2008, 11:18 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  النواصب والتشيع الاثني عشري والسياسة خالد 142 11,440 04-23-2013, 03:31 PM
آخر رد: على نور الله
  التشيع الاثني عشري وفقه النوازل، ونازلة سوريا خالد 28 1,728 03-16-2013, 01:15 PM
آخر رد: خالد
  الجيش العلوي السوري؟ the special one 0 735 10-17-2012, 11:35 PM
آخر رد: the special one
  حتمية الإلتصاق الجزء الأخير فخري الليبي 1 690 12-13-2011, 01:14 PM
آخر رد: حائر حر
  حتمية الإلتصاق الجزء 4 فخري الليبي 0 477 12-13-2011, 08:47 AM
آخر رد: فخري الليبي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS