ثلاثة مثقفين علمانيين، أحدهم أديب لبناني، وثانيهم مصري وثالثهم أردني، يجلسون سوية حول طاولة في بار في بلد غربي، يبدأ تلفاز هذا البار بعرض صور ضربات التحالف على مواقع داعش في سوريا، فيبتهج ويطرب الثلاثة ويقرعون كؤوس الخمر ببعضها نخب هذه الأخبار السعيدة، وفي غمرة انتشائهم المزدوج – نشوة الخمر ونشوة الخبر – انتبه شخص عربي في البار إلى حديث هؤلاء الثلاثة، فاقترب ومنهم وقال: عفواً، الأخوة عرب؟
فرحب به الثلاثة ودعوه للجلوس معهم، فجلب الرجل كرسياً وجلس معهم.
أبو جورج اللبناني: من وين حضرتك خيي؟
مصطفى: من سوريا من حمص.
أبو جورج: إنت إجيت هون كلاجئ؟
مصطفى: إيه والله.
- إجيت لوحدك ولا مع عيلتك؟.
يظهر الحزن على وجه مصطفى ويقول: إجيت لوحدي. العائلة صارت عند ربها، لما كنا بحمص نزل على بيتنا برميل متفجر فماتوا كل عيلتي إلا إختي.
حسنين المصري: يللا يا عمي بسيطة ما إحنا كلنا حنموت في الآخر مش كده ولا إيه؟
أبو جورج: صح، يقول المتنبي "من لم يمت بالسيف مات بغيره*** تعددت الأسباب والموت واحدُ". وبيقول شاعر تاني "ولا تجزع لحادثة الليالي *** فما لحوادث الدنيا بقاءُ" (هنا تجنب أبو جورج ذكر اسم الشاعر لكراهيته للإسلاميين، فقائل هذا البيت هو الإمام الشافعي.)
مصطفى: الله ينتقم من بشار الأسد ومن جيشه.
المصري: يمكنني ان آتي لك بفيديو لكل جيوش العالم ترتكب مجازر اسوأ من التي فعلها الأسد، بل وأذكر لك فظائع قام بها صحابة محمد صلى الله عليه وسلم...ما رأيك؟ هل ذلك دليل على أن كل أمة محمد يجب حلها وانهاء وجودها مثل سائر الجيوش العربية؟
الأردني مصعب الخصاونة: هاظ هو الحكي! قال بدهم يدمروا جيش دولة علمانية إلها سيادتها وإستقلالها عشان رموا كم برميل عالمدنيين! ومين بدهم يجي بدال الأسد؟ داعش والنصرة! الله يخليلنا جلالة الملك عبد الله هو اللي حامي الأردن من هيك حثالات. وهاظ الربيع العربي المزعوم كلو مؤامرة لتدمير جيوشنا وتفكيك دولنا. أنا عشان هيك لما كانت تصير مظاهرات بالأردن كنت بنزل أوزع مي على رجال الأمن اللي بيقمعوا المظاهرات.
أبو جورج: برافو والله! هودي هيي الناس اللي بتفهم. وما حدا يقلي هودي الأنظمة بتقتل الأبرياء، هيدا شي عادي وكل دول العالم بتساويه، أصلاً كل يوم آلاف الناس بتموت من حوادث السيارات، فشو فرقوا هودي عن اللي بيموتوا من براميل الأسد؟ لشو هالطنة والرنة؟
هنا يبدأ تلفاز المقهى بعرض تقرير عن أفعال وجرائم داعش، فيتم عرض صور الأسيرين الأمريكيين لدى داعش وكيف أن داعش ذبحتهما، فاحمرت وجوه المثقفين الثلاثة من الغضب وزمجروا وكشروا عن أنيابهم، فقال أبو جورج وعروق وجهه صارت بارزة:
- شوفوا المجرمين المتوحشين الكلاب! شوفوا كيف بيقتلوا الأبرياء!
الخصاونة: تفو عليكم يا كلاب داعش والله لازم كلكم تنمحوا من الأرض يا مجرمين.
حسنين المصري: يا ريت السيسي يطلب من الجيش المصري يشارك بالتحالف ده، وحياة النبي أنا مستعد إني أروح أحارب الدواعش دول بنفسي، بصوا ازاي بيدبحوا اتنين أمريكان مساكين مالهومشي أي زنب! منتهى الإجرام.
أبو جورج: لا تسامح مع القتلة! دكوهم يا طائرات التحالف دكوهم والعنوا أبوهم.
بعد لحظات تهدأ فورة غضب المثقفين الثلاثة، فيقول حسنين لمصطفى: يعني إنت كل عيلتك ماتت؟ مافيش حد غيرك دلوقتي؟
مصطفى: إختي ظلت عايشة.
- وهي جات معاك لهنا؟
- إيه هي إجت معي، بس هي حالياً صرلها كذا يوم بالمستشفى عمتتعالج.
أبو جورج: خير شو معها؟
مصطفى: حاولت تنتحر.
أبو جورج: له له له!! ليش طيب؟
مصطفى بحزن: لما كنا بحمص جندي من جنود الأسد اغتصبها قدام زوجها، وهي لهلأ عمتعاني نفسياً من هالشي ومانها طايقة الحياة. الله ينتقم منك يا بشار!
أبو جورج: طيب جيش بشار فرض عليها إنها تلبس النقاب شي؟
مصطفى مستغرباً: شو؟؟؟
- عمبسألك النظام فرض شي عليها وعلى نسوان حمص إنهم يلبسوا نقاب؟
- لأ.
- إيه منيح يا زلمة احمد ربك! شوف النسوان اللي تحت حكم داعش شو عميصير فيهم! فارضين عليهم النقاب ومانعينهم يلبسوا جينز. يخرب بيتهم شو إنهم سوفاج!
حسنين: وما تنساش إنهم مانعين الخمر برضو! ازاي نعيش من غير خمر؟ والنبي أنا لو كنت تحت حكم داعش حعمل زي أختك وأخلص من الحياة دي! يا محلى الأسد قدام الإسلاميين!
الخصاونة الأردني: الله يخلي جلالة الملك المفدى، محلات الخمر فاتحة عندنا بنص البلد وما حدا بيسترجي يفتح تمو عليهم.
يرفع الثلاثة أقداحهم ويقرعونها ببعضها ويقول أبو جورج: هيدي نخب حرية شرب الخمر في البلاد العلمانية.
ويشرب الثلاثة من كؤوسهم. ويعود التلفاز لعرض صور ضربات التحالف على داعش فتعود البهجة والفرح إلى الثلاثي المثقف، فتقدم جرسونة حسناء سويدية المزيد من الخمر لهم وهي تنظر إليهم بتعجب لمدى السعادة البالغة التي يبدون عليها، فيصدح أبو جورج بأبيات مرتجلة من العتابا قائلاً:
"صِبّي، دخل عينك، بعد صِبّي
وميلي بقدّك، تقبري قلبي
وكلّ ما نزل صاروخ عا داعش
قولي - فديتك -: من فضل ربّي"
وعرض التلفاز صوراً لطيارين أردنيين شاركوا في القصف على مواقع داعش، فامتلأ الخصاونة بالفخر حتى كاد أن "يطفطف" فخراً، ووقف وراح يغني النشيد الوطني الأردني بأعلى صوته وسط دهشة الحاضرين في البار، ولما انتهى صفق له زميلاه المثقفان، وواصلا شرب الخمر.
يقول أبو جورج لمصطفى الحمصي: ما بدك تشرب يا خيي؟
مصطفى: لا والله، ما بشرب خمر.
أبو جورج: ليه؟ مرضان شي؟
مصطفى: شرب الخمر حرام.
ينظر الثلاثة إلى مصطفى باستغراب وكأنه كائن فضائي بثلاثة أعين وأربع أيادٍ وستة أرجل، فيمد أبو جورج كأس خمر إلى مصطفى قائلاً:
دع المساجدَ للعباد تعمرها*** واعمد بنا حانة الخمار يسقينا
ما قال ربك ويلٌ للأولى سكروا*** وإنما قال ويلٌ للمصلينا

مصطفى: آسف أخي، ما بشرب.
ينظر إليه أبو جورج باشمئزاز قائلاً في نفسه: "العمى شو سوفاج".
فيقول الخصاونة: هلأ أنا فهمت إنت ليش بتكره الأسد، لإن فكرك هو نفس فكر داعش.
حسنين: أنا خايف يكون معاه حزام ناسف! ورّينا كده يا مصطفى!
يضحك الثلاثة بشكل هستيري بفعل تأثير الخمر حتى أن الجرسونة السويدية نبهتهم وطلبت منهم خفض أصواتهم، فاعتذر لها أبو جورج، وقال لزميليه: له له! هيك خليتوا هالحلوة تزعل منا؟
حسنين: أنا مستعد أسيب الخمر طول حياتي والأمورة دي ما تزعلش.
الخصاونة: وأنا مستعد أبيع عمري كله مقابل ليلة حامية الوطيس معها.
يعود الثلاثة للضحك الهستيري، فيذهب إليهم هذه المرة مدير البار ويحذر كل من على الطاولة بأنهم لو ضحكوا بهذا الشكل مرة أخرى فسيتم طردهم، فيعتذر له الجميع، ويعودون لحديثهم.
مصطفى: لك رح توقعوني معكم إنتو! اهدوا يا شباب!
الخصاونة: أبشر. قلي، في ثانيين من عيلتك ماتو بهالأحداث؟
مصطفى: عندي ابن خالتي كان بالجيش الحر، استشهد وهو عميحارب داعش.
يظهر الحزن والأسى على وجوه الثلاثي المثقف ويمطرونه بعبارات الماوساة والتعزية والترحم على البطل الفقيد، حتى أن أبو جورج قام إليه وعانقه قائلاً:
- لا تزعل يا سندي، هيدا ابن خالتك بطل استشهد وهو عميدافع عن الحضارة ضد التخلف. هيدا الرجل فخر لإلك.
يشكرهم مصطفى على مواساته، ثم يقول:
- عندي ابن عمي كمان كان بالجيش الحر، استشهد وهو عميحارب الأسد.
بقي الثلاثي المثقف صامتاً للحظات، فقطع المصري هذا الصمت قائلاً:
- إيه العبط ده؟ في حد يروح يحارب الأسد ويسيب داعش؟
أبو جورج: أنا رأيي لازم الجيش الحر يتصالح مع الأسد كرمال محاربة داعش، صار لازم تنسوا خلافاتكم وترموها ورا ظهركم.
الخصاونة: مزبوط! لازم إنتو والأسد تعملوا قعدة عرب وتبوسوا شوارب بعض وتتصالحوا، لو بدكم تعالوا لعند شيخ عشيرة الخصاونة بالأردن وهو بيصالحكم. أنا مستعد أجهز للقاء.
مصطفى: كتر خيرك والله!
الخصاونة: أنا بالخدمة.
يضحك الثلاثي بشكل هستيري، وهذه المرة يأتي المدير ومعه رجل أمن البار فيطلبان من الأربعة مغادرة البار وإلا فسيتم استدعاء الشرطة.
فيمتعض الثلاثة ويغادرون مع مصطفى وهم يكيلون الشتائم لمدير البار ولكن بالعربية كي لا يفهم عليهم (يعني هيك بيفشوا خلقهم من دون ما تصير مشاكل).
وفي الخارج دخل أبو جورج في نوبة غضب وقال: هيدي أهانة كبيرة! هيك بيطردونا كإنا ولاد صغار؟ والله بعمري ما رح أروح لهيدا المقهى مرة تانية بحياتي!.
يؤكد حسنين والخصاونة بغضب على أنهما سيفعلان ذات الأمر، فيقول مصطفى بتعجب:
- سبحان الله! إنتو لإن صاحب بار طردكم زعلتوا وما بدكم تروحوا لعنده مرة تانية بحياتكم، وبنفس الوقت بدكم يانا إحنا السوريين نتصالح مع الأسد وننسى الميتين ألف اللي انقتلوا وعشرات الألوف اللي ماتوا تحت التعذيب وآلاف النسوان اللي تم اغتصابهن ومئات ألوف المنازل اللي تم تدميرها؟
يتبادل الثلاثة النظرات بينهم، فيرتجل أبو جورج أبياتاً من العتابا قائلاً:
يا شباب بلاش من هيدا القرار، بكرا راجعين على نفس البار، نشرب ونسكر على طول ونفرفش، وكل ما نخلص شرب بنرجع نـْبَلِّش، وهيك أخينا ما بعود إلو حجة، وبنرجع للأخبار وبنتسلى بالفرجة.

الخريدة النفيسة في وصف التهليسة.

شعر الثلاثة بهزيمة ثقافية عنيفة، لا يعوضهم عنها سوى إستكمال السهرة في بار آخر يحترم خلفياتهم الثقافية المعتبرة...ومع أن شكوكا حامت حول إنتماء "مصطفى" الى تنظيم إخواني، إلا أن الثلاثة ألحوا عليه بالذهاب معهم..فمن هو سعيد الحظ ذاك الذي يجد إخوانيا لا يشرب ليسكر معه في بار!

وبعد جدال طويل، تبادل فيه الثلاثة خبراتهم الشخصية في معرفة أفضل البارات، وأحسن أماكن السكر والعربدة، إستبى الجميع على إحداها..والحقيقة أن الإختيار كان للخصاونة، صاحب الباع الطويل بالبيرة الطازجة التي يشتهر بها ذلك البار، إضف إلى ذلك شقراء سويدية ذات قوامٍ محترم تعمل هناك، يقال أنها تفضل العرب على غيرهم.

بعد دورتين من كؤوس الجعة ذات الرغوة، والأحاديث المطولة التي شملت كل ما يناقشه العرب عادة، من سياسة ودين وأثداء الشقراء السويدية..إستأذن مصطفى الجماعة للعودة الى بيته، حامدا ربه في قراره نفسه أنه لا يقرب المنكر، وداعيا إياه في نفس الوقت أن يرزقه بشقراء كتلك...وما أن هم بالخروج، وصور الضربات الجوية على داعش ما زالت تتوالى على التلفزيون، حتى دخل رجل أسمر السحنة وقال صارخا: الله أكبر!! ثم سحب ما يشبه الخيط في سترته وإنفجر بالبار حتى غطت بقاياه الحي....قتل كل من فيه، بمن فيهم الذي يسكر...والذي لا يسكر

وفي اليوم التالي كتب أحدهم مقالا في جريدة سويدية مغمورة بعنوان: "الإسلام دين سلام، وداعش فرقة مسيحية"...التوقيع: "البراجماتي".

ليك هاظ الثاني، مفكر البراجماتية مسبة..

عادي، يللي ما بيعرف النسر بيشويه.

نصٌ لا على التعيين

أجلستها على " طيزها" فلم يكن ادبياً

اوقفتها على " الحائط" فلم يكن سياسيا

ممدتها على " ظهرها" فلم يكن فكريا

شقلبتها على " رأسها" فلم يكن رمزيا


وقبل قليل عدت لها فوجدتها تصيح انا " مسطحة سطحياً "

بل وأصلح ن اكون سيناريو " فيلما هنديا"

ومهمتي استجرار الدموع ، الدموع يا خويا

وليد، بمن أعجبت هذه الغادة السويدية من الزبائن الثلاثة وتمنت ان تقضي ليلة حمراء معه؟ هل كان ابو جريج ام الخصاونة ام العتريس؟

للتوثيق: هذه القصة كتبت تعليقاً على الشريط التالي وما فيه من مشاركات خنفشارية
http://nadyelfikr.com/showthread.php?tid=51558

إنكيدو، كل واحد من الثلاثة ادعى بعد ذلك أن الحسناء السويدية تهيم به حباً، ولكن الحقيقة هي أنه "كلاً يدعي وصلاً بليلى** وليلى لا تقر لهم بذاكا"

وليد، إليك ما قالته السويدية ( مترجم من اللغة السويدية الى العربية) بعد ان تم طردهم من البار:

سكبت لهم حليب الروح من فرجي و من شرجي
بلا خوف مددت يدي لفك غلالة العقل
فباتوا بضع ساعات مع اللذات و الرغد

هي بالضبط قالت

Fy fan, vad tråkig var de!

فو فان، فا تروكي فار دوم

وترجمتها بالعربية بالضبط كما قال انكيدو مع شرح لبعض المعاني ليستقيم الوزن والقافية، بلا قافية.