الشيخ عرفة رجل بحر في العلم رأس في الحكمة أهل لتحكيم العقل والاتزان في كل شأن .
يوما كان الشيخ عرفة بكل ابهته واتزانه يسير من عطفة لعطفة متأملا في خلق الله ، حتى قادته قدماه إلى حارة لم يرها من قبل أبدا وبينا هو يتأمل دورها وإيغالها في الفقر و القذارة إذا بإمرأة تفترش الأرض وتبكي .
اقترب الشيخ عرفة متسائلا
- ما شأنك يا امرأة؟!
لكن المرأة لم تلتفت إليه بل ازدادت نحيبا.
وعبثا افلح الشيخ عرفة في أن يعرف منها ما يبكيها ، فجأة انعطف فتى في مقتبل العمر ، ناداه الشيخ سائلا
- ناشدتك الله يا ولدي أخبرتني بما يبكي هذه السيدة؟
لكن الفتى ما لبث أن انفجر باكيا دون أن يجيب .
وظلت هذه حال الشيخ عرفة مع أهل هذه الحارة العجب حتى أضحى محاطا بمئات من الباكين ، ففكر مليا وتأمل ثم رفع بصره نحو التمثال الصامت الباسم المنتصب في باحة الحارة فاجتاحه الحزن والألم وانفجر باكيا!