http://www.aljazeera.net/NR/exeres/AC52B70...8AF1A2071B1.htm
المؤلف والاهتمام الأميركي بسوريا
رضوان زيادة: الكتاب الذي سنتحدث عنه هو The truth about Syria "الحقيقة حول سوريا" لمؤلفه باري روبن، وقد صدر عن دار نشر بالكريف ماكميلان عن عام 2007 حديثا وتحديدا في الشهر الفائت. يتحدث الكتاب للمؤلف الذي صدر له ما يعادل تسعة كتب عن الشرق الأوسط وعن سوريا بشكل خاص، عن السياسة الخارجية السورية بشكل خاص وعلاقتها مع دول الجوار الإقليمي وعلاقتها مع الولايات المتحدة. باري روبن كما نعرف هو رئيس مركز يدعى The Global Research for International Affairs يعني مركز البحوث الدولي للشؤون الدولية، في هيرتزيلا في إسرائيل. باري روبن يعتبر من المؤيدين للسياسة الإسرائيلية في الشرق الأوسط وهو يعتبر من المؤلفين الذين ينتمون إلى دائرة المحافظين اليمينيين في الولايات المتحدة أو على الأقل أن أفكارهم تتقاطع مع أفكار المحافظين اليمينيين الذين يهتمون بشؤون الشرق الأوسط. نعرف أن هناك عددا كبيرا من الباحثين المختصين في الشرق الأوسط ينتمون إلى انتماءات يسارية وانتماءات يمينية ورؤيته في هذا الكتاب واقتراحاته وتوصياته لطبيعة تعامل الولايات المتحدة مع سوريا إنما تصب في هذا الإطار. يأتي هذا الكتاب في سياق عدة كتب صدرت في الولايات المتحدة باللغة الإنجليزية عن سوريا وتعكس الاهتمام الأكاديمي والبحثي والمؤسساتي بسوريا وبالسياسة الخارجية السورية وبالأوضاع الداخلية في سوريا. صدر قبل عامين كتاب فلينت ليفيريت "وراثة سوريا أو لعب بشار بالنار"، ثم فيما بعد صدرت السيرة الذاتية للرئيس بشار الأسد لديفد ليشThe new lion of Damascus، "أسد جديد في دمشق"، ثم كتاب باري روبن، وسوف تصدر عدة كتب أيضا عن سوريا تتحدث عن السياسة الخارجية السورية وعن السياسة الحالية في عهد الرئيس بشار حافظ الأسد. هذا المؤلف باري روبن ينتقد ما يسميهم الخبراء الأميركيين عن سوريا، ينتقد فلينت ليفيريت وينتقد أيضا ديفد ليش الذين برأيه يتحدثون عن سياسة واقعية مع سوريا لم تنجح خلال التاريخ السوري، وأنهم لا يقدمون التوصيات الناجعة فيما يتعلق بالتعامل مع سوريا، وبرأيه أن الاطلاع على مجمل هذه الدراسات تكشف حجم التخبط وعدم وجود سياسة واضحة لدى الولايات المتحدة للتعامل مع سوريا و لما تطلبه أيضا ولما ترغب به السياسة الأميركية الحالية تجاه سوريا، فمثلا وجدنا كتابي فلينت ليفيريت وديفد ليش يتحدثان عن ما يسمى بسياسة واقعية للتعامل مع سوريا، القبول بالمصالح الإقليمية لسوريا في محيطها الإقليمي وفيما بعد التفاوض فيما يتعلق بالعراق ولبنان، في حين باري روبن يتبنى نظرية الضغط العسكري من أجل تحقيق المصالح الأميركية وأن الطريق الأمثل للتعامل مع السياسة السورية هو الضغط العسكري النسبي عليها من أجل تقديم تنازلات جدية فيما يتعلق بالعراق ولبنان وفلسطين.
كتاب عدائي يعكس انتماء مؤلفه
"
الكتاب ينقسم إلى عشرة فصول تحدثت عن تاريخ سوريا منذ فترة الرئيس السابق حافظ الأسد ثم انتقال السلطة إلى الرئيس بشار الأسد، ويتصف الكتاب بنزعة توصيفية وإنشائية وفيه جمل كثيرة عدائية تجاه سوريا
"
رضوان زيادة: ينقسم الكتاب إلى عشرة فصول يتمتع الفصل الأول بالأهمية الكبرى، وهو لماذا تتمتع سوريا بالأهمية، ثم الفصل الثاني يتحدث عن تاريخ سوريا ويصفها بأنها البلد الأكثر انعداما للاستقرار في العالم، من عام 1946 إلى عام 1970 حيث شهدت سوريا أكبر عدد من الانقلابات العسكرية كبلد خلال تاريخها، الفصل الثالث والرابع يتحدثان عن تاريخ سوريا منذ عام 1970 إلى عام 2000 خلال فترة الرئيس السابق حافظ الأسد ثم فيما بعد يتحدث عن انتقال السلطة من الرئيس حافظ الأسد إلى الرئيس بشار الأسد، وفيما بعد يتحدث عن السياسة الخارجية في عهد الرئيس بشار الأسد، والتوصيات التي يقدمها للتعامل الأميركي الأمثل مع سوريا. في الواقع الكتاب يتصف بنزعة توصيفية وإنشائية وفي جمل كثيرة عدائية تجاه سوريا، وهذا ليس مستغربا طبعا بالنسبة لانتماءات الكاتب.
[مقطع من الكتاب]
"ينتمي العالم العربي وإيران إلى الحقبة التي شكلت كارثة حقيقية وتم فيها تمجيد الأفكار والإستراتيجيات التي أدت مرارا وتكرارا إلى نكبات، ولا أحد يفوق سوريا في مسؤوليتها عن هذا التحول المهم والمأسوي، فسوريا هي الوحيدة التي بقيت سببا لعدم الاستقرار والراديكالية. إن دولة صغيرة وفقيرة شكلت قطب رحى التغيير في الشرق الأوسط الذي بدوره هز العالم بأسره. ومن أجل فهم الخاصية التي تتمتع بها سوريا يجب العودة إلى فؤاد عجمي الذي يقول: إن قوة سوريا تكمن في قدرتها على إثارة الشغب بخلاف مصر التي تعتمد على الهيمنة والسعودية التي تعتمد على ثروتها".
[نهاية المقطع]
رضوان زيادة: العلاقة السورية مع إيران يعتبرها أنها محور السياسة الإستراتيجية فيما يسميه الشرق الأوسط الجديد بالمفهوم السوري، بحيث هو يخاتل على الكلمات بمعنى أنه صحيح نشأ مفهوم شرق أوسط جديد لكن ليس بالمفهوم الذي طرحته كوندليزا رايس بأنه مفهوم شرق أوسط جديد قائم على دعم الديمقراطية وعلى دعم دول الاعتدال ومأوى البراغماتية فيما يتعلق بالولايات المتحدة، وإنما شرق أوسط جديد قائم على المفهوم السوري الذي هو محور الشرق الأوسط الجديد هو سوريا وإيران وحماس وحزب الله. يتصف هذا الشرق الأوسط الجديد أنه يعيد استنساخ السياسة العربية في السبعينيات والثمانينيات نفسها، رغم أن التاريخ أثبت فشل السياسات العربية في السبعينيات وأكبر دليل هو ما يسميه أن حرب حزيران 1967 عندما اعتبر العرب أن الطريق الأمثل للتعامل مع إسرائيل هو القوة والهجوم على إسرائيل فخسروا في حرب شاملة ثلاثة أضعاف الأرض التي خسروها في حرب عام 1948، ثم عادوا واعتبروا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وفشلت السياسة نفسها في الثمانينيات، وبالتالي يعيد مفهوم الشرق الأوسط الجديد الآن إعادة مفهوم إحياء الاستشهاد وأن النصر والقوة والتضحية هي أفضل سبيل للتعامل مع إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة دون إدراك أن هذه السياسة سوف تلاقي فشلها كما لقت السياسات السابقة فشلها في المرات السابقة. يقدم الكتاب فيما بعد توصيات للسياسة الأميركية لتعاملها الأمثل، ونلاحظ أن هذه التوصيات تنطلق من المنظور المحافظ، من اليمين المحافظ بأن القوة هي الأجدى نفعا في التعامل مع السياسة السورية، فهو يعتبر أن الطريقة الوحيدة لجعل سوريا معتدلة في سياستها الخارجية هو بالضغط عليها من أجل إقناعها بأن إثارة الشغب، سياسة إثارة الشغب لن تثمر أو تجدي نفعا. ويدرس التاريخ السوري في ما يتعلق بالتراخي تجاه الضغط وليس التراخي تجاه السياسة، فالتراخي تجاه الضغط أثمر اعتدالا نسبيا في عدة أمور، أولا في خلال الضغط على سوريا من أجل الدخول في مفاوضات سلام في التسعينيات ثم الضغط التي مارسته تركيا لوقف دعم حزب العمال الكردستاني في عام 1998 وأخيرا الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة على سوريا للتعاون فيما يتعلق بملفات الإرهاب بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001. ولذلك يعتبر أن هذه ردة الفعل السورية المتعاونة مع المجتمع الدولي ومع الولايات المتحدة أثمرت فقط عندما كانت هذه السياسة تمارس ضغطا شديدا على السياسة السورية ولا تدخل معها في منطق المساومات أو المقايضات لأن النظام السوري سوف يفهم سياسة المقايضات على أنها مصدر قوة له ومصدر تأثير له أكثر مما يفهم أنها هي نتاج مفهوم، ما يسميه، مفهوم الكرم الأميركي فيما يتعلق بالتعامل مع سوريا.
برأيي أن الكتاب يقع في أخطاء كثيرة أولها عدم استناده إلى المراجع الأصلية التي تعتمد على اللغة العربية وبالتالي هو يقع في بعض الأخطاء فيما يتعلق بالأسماء والتواريخ وفيما يتعلق ببعض التفاصيل الدقيقة التي تعتمد على التاريخ السوري، إضافة إلى أن الكتاب فضلا عن أنه يستغرق في الإنشائية والتوصيفية يعتمد على ما يسمى سياسة التهويل تجاه الدور السوري الإقليمي وأيضا عدم الاستناد إلى سياسة واقعية في رؤية السياسة الخارجية ضمن المصالح الوطنية للسوريين، فمثلا كل بلد يعتمد في سياسته الخارجية على مصالحه وعلى دول الجوار الإقليمي وبالتالي من الطبيعي أن يكون لسوريا مصالح مع دول الجوار الإقليمي لأنه بشكل أو آخر سوف تحقق مصالحها الوطنية الداخلية.