عام 2003 قام البيلوجي Rupert Sheldrake بتجربة مسجلة مباشرة لصالح التلفزيون لمعرفة فيما إذا كانت هناك حقيقة في الادعاءات الشهيرة عن معرفة من الذي يخابر قبل رفع السماعة. Colleen Nolan هي التي تجلس قرب التلفون بإنتظار ان يرن. على بعد كيلومتر توجد اختاها حيث احداهن هي التي ستخاطبها، وعليها ان تحزر ايهن قبل ان ترفع السماعة. هذه التجربة كانت محاولة لكشف مدى صلاحية مايسمى parapsykologi, كعلم علناً، وهو علم يدعي دراسة الظواهر البسيكولوجية التي لايمكن تفسيرها من خلال النظريات العلمية السائدة.
العلنية حول parapsykologi امر ضروري لكونه يواجه شكوكا كبيرة بين الاوساط العلمية في العالم، بالرغم من ان 50% من شعب الولايات المتحدة والكثير من شعوب العالم يؤمنون بوجود " الحاسة السادسة". حسب الساحر البريطاني والبروفيسور في البسيكلوجيا Richard Wiesman, لايتعدى الامر خداع النفس، إذ نحن نتذكر فقط المرات القليلة التي توفقنا فيها ولكن ننسى المرات الفشل العديدة.
في التجربة التلفزيونية تتوفق Colleen Nolan في ان تذكر الاسم الصحيح ستة مرات من اثنى عشرة، بمعدل 50% بالرغم من ان نسبة الاحتمال لاتزيد عن 25% اي واحد من اربعة. Sheldrake كان مضطرا للاعتراف بأن التجربة يمكن اعتبارها تعبير عن وجود توارد الخواطر (التيليباتي)، وهو دعم هذا الاستنتاج بنتائج 850 تجربة سابقة. مجموع التجارب تشير الى ان الانسان توفق بالاجابة بنسبة 42% عندما واحد من اربعة خابروا. ان تكون هذه النسبة من التوفيق حدثت بالصدفة هو احتمال صغير، ومع ذلك لم تقنع النتائج اغلب المتشككين.
إذا كان للمنضوين تحت parapsykologi ان يأملوا ان يصبحوا فرعا من الفروع العلمية المعترف بها عليهم تقديم براهين علمية صلبة. لهذا السبب اضطر الكثيرين من الباحثين لدخول المختبرات الحديثة لقياس النشاط الدماغي. النتائج كانت مثيرة للغاية، إذ ان بعض المعطيات تشير الى تطابق في النشاط الدماغي بين المرسل والمتلقي.
البسيكولوجي Marios Kittenis وزملائه من العاملين في جامعة ايدينبورغ السكوتلاندية قاموا بفحص الموجات الدماغية عند الاشخاص الذين قاموا بمحاولة الوصول الى مستوى توارد الخواطر. الموجات الدماغية عبارة عن نتائج نشاط الخلايا العصبية وهي اشارات كهرمغناطيسية قصيرة في اللحاء الدماغي. هذه الاشارات يمكن قياسها بواسطة EEG (electroencefalografi). في التجربة التي قام بها كيتينيس جرى توزيع المشاركين الى مجموعات من شخصين، احدهم سيكون المرسل والثاني المتلقي. كل واحد منهم وضع في غرفة منفصلة لايستطيع السماع او الرؤية من خلالها. على طول ربع ساعة جرى تعريض المرسل لمرات متقطعة غير منتظمة لضوء، في ذات الوقت الذي كانت تجري فيه قياسات لنشاطات كلا الدماغين عند المرسل والمستقبل . لقد اظهرت القياسات انه عند تحفيز دماغ المرسل يتزايد النشاط الدماغي عند المتلقي ايضا في مركز البصر بالرغم من انه لم يرى الضوء. احتمال الصدفة في هذه الظاهرة اقل من 1/100.
من اجل المزيد من التأكد وضع الباحثين خمسة متلقيين في غرفهم واخبروهم ان هناك مرسلين في الغرف الاخرى. في الحقيقة لم يكن هناك مرسلين على الاطلاق، وعلى الرغم من القيام بإشعال الضوء واطفائه في غرف المرسلين كما لو انهم فعلا كانوا موجودين، إلا انه لم يحدث نشاط موازي في ادمغة المتلقين.
تجربة كيتنيس الى جانب بقية التجارب في هذا المجال فتحت الطريق للدخول الى الساحة العلمية. الباحث في مجال البارابسيكلوجيا Dean Radin يشير الى ان العديد من الابحاث الاخرى تؤكد هذه المعطيات. في هذه الابحاث تتدخل دراسة النبض وقدرة الجلد على نقل الكهرباء عند الاشخاص المشاركين بالتجارب.
عند مجموعة من الباحثين بقيادة البروفيسور في الراديولوجي، Todd Richards من جامعة واشنطون في سيتله الامريكية قام بالتعاطي مع المشكلة من زاوية اخرى. بعد ان قام بقياس النشاط الدماغي كما جرى في التجارب السابقة اختار الشخصين الذين قدموا افضل المعطيات. هذان الشخصان جرى فصلهم عن بعضهم، وخلال رؤية "المرسل" لصورة رقعة شطرنج على شاشة الكمبيوتر جرى تصوير دماغ المتلقي بالاشعة المغناطيسية (fMRI). هذا النوع من التكنيك يرينا النشاط في مختلف اقسام الدماغ، وتوزيع الدم في الدماغ الذي يزداد عندما تكون الخلايا العصبية نشيطة.
التصوير اظهر ان هذا النوع من الاشارات يتناقص في حجمه في مركز البصر عند المتلقي، في اللحظة التي يحاول فيها المرسل ارسال صورة رقعة الشطرنج عبر التوارد. في حالات الرؤية العادية يتحفز نشاط هذه الاشارات ولايتناقص. غير ان الباحث يشير الى ان التناقص يمكن ان يكون بسبب ردة فعل المتلقي للرسالة المرسلة التي تختلف عن ردة الفعل عند الرؤية. وبغض النظر عن العلاقة فأن العلماء يقفون امام ظاهرة محيرة.
الباحثين ينبهون الى ضرورة الحذر في التسرع بالاستنتاجات ويشيرون الى ضرورة القيام بالمزيد من الابحاث لضرورة الاظمئنان. الباحثين يؤكدون جزئيا صحة النتائج لكون معطيات احدى التجارب لم تدعم البقية. ومع ذلك لاينفي العلماء وجود شئ ما.
الباحثة الامريكية Jeanne Achterberg وهي بسيكلوج من معهد سابيروك في كاليفورنيا قامت بتجربة مثيرة. لقد دعت اثنى عشرة شخصا وطلبت منهم ان يصحب كل ممنهم معه شخص قريب الى نفسه. الشخص المصحوب وضع تحت المراقبة التصويرية لدماغه، في حين ان المدعوين جلسوا في غرفة اخرى الى جانب الباحثة وعند ايعازها قاموا بمحاولة ارسال رسائل فكرية الى اصحابهم. التصوير اظهر ان العديد من المناطق الدماغية جرى تحفيزها عند حصول محاولات الاتصال. احتمال ان يكون الامر صدفة هو 2/10000
إذا وثقنا بهذه المعطيات فذلك يعني ان العلماء يقفون امام معضلة التوضيح. حتى لو قام شخصين بضغط رأسهم على بعضهم البعض فأن الحقل المغناطيسي الناشئ ليس من القوة بمايكفي للتأثير على الدماغ الاخر، حسب توضيح البروفيسور John Jeffreys, من جامعة برمنغهام البريطانية.
في الوقت الذي لازال العلم الكلاسيكي يفكر في الموضوع يتقدم باحثي الباراسيكلوجي بتقديم مفهوم جديد entanglement, او الترشيح الذاتي، وهو مفهوم مقتبس عن الفيزياء الكفانتي (الكمي). بإختصار يمكن عرض المقصود ان جزيئين مرشحين ذاتيا يمكن ان يؤثروا على بعضهم البعض في لحظة ما، بغض النظر عن المسافة بينهم. حسب بعض البارسيكولوجيين فأن الترشيح الذاتي موجود ايضا في المستوى البيلوجي وبالتالي يمكنه ان يفسر ظاهرة التوارد، خصوصا عندما يكون الشخصيين المعنيين قريبين من بعضهم البعض مثل الام وابنها. الباحث Dean Radin يعدنا بأن هذه الفرضية سيمكن البرهنة عليها قبل عام 2011.
الكثير من علماء الفيزياء يرفضون هذه الفكرة انطلاقا من ان هذا المفهوم لايخص المنظومة البيلوجية. المتشككيين يشيرون الى ان جميع الحجج قائمة على اعتقادات لارابط بينها غير السعي لاعطاء الباراسيكولوجي ظل من العلمية. ان يكون فيزياء الكفانت مفسر او لايكون مرتبط بالدرجة الاولى في ان تكون هناك ظاهرة حقا تحتاج الى توضيح، حسب مااشار العالم Rupert Sheldrake, والذي يؤكد ان الطريق الوحيد للبرهنة على وجود الظاهرة يمر عبر المختبرات التجريبية.
حتى اليوم تبقى افضل مالدى اتباع الباراسيكلوجية هي تجربة "نقل الصورة" المسماة بتجربة Ganzfeld. وهي كلمة المانية تعني "كامل الحقل" وتقصد ان الشخص الخاضع للتجربة يجري عزله بشكل كامل. في التجربة يقوم الباحث بعرض صور لاعلى التعيين الى الشخص المرسل والمتلقي في غرفة اخرى. المتلقي بدوره يقوم بإختيار الصورة المعنية من بين اربع صور احداهم الصحيحة. احتمال الوصول الى الصح من خلال التحزير هو 25%. التحاليل لجميع التجارب التي جرت بهذه الطريقة وصلت الى ان نسبة الوصول الى الحل الصحيح في المتوسط كانت 32%. احتمال ان تكون هذه النتائج فقط من خلال التحزير امر قليل الاحتمال. باحثين اخرين اثبتت معطياتهم ان المتلقي قام بالتحزير فقط. الناقدين يشيرون الى ان النتائج تختلف من تجربة الى اخرى كما ان المعطيات تتأثر بإيمان الباحث نفسه.
بالاختصار نستعرض حجج كلا الطرفين (راجع الموقع الرئيسي من اجل رؤية الجدول بشكل صحيح):
المعارضين الموالين
النتائج دائما صغيرة، إذا كانت اصلا موجودة النتائج صغيرة ولكنها مؤكدة احصائيا
من النادر اعادة الحصول على النتائج البعض اكثر تقبل من غيرهم، والظاهرة بطبيعتها ضعيفة
اغلب الباحثين يؤمنون مسبقا بالظاهرة التي سيدرسونها ولذلك ينشرون النتائج الايجابية فقط المختصين بالباراسيكلوجي يقومون بجهود اكبر لكونهم يعلمون انهم مطالبين ببراهين اكثر ومراقبين اكثر
البارابسيكلوجي بحثت منذ عصور عن نتائج مقنعة قوة توارد الخواطر لاتعمل من خلال الامر والتنفيذ
البارابسيكولوجي علم ذاتي لعدم قدرته على عرض الظاهرة ووضع فرضية يمكن فحصها البارابسيكلوجي علم تام طالما ان اتباعه يستخدمون الطرق العلمية قائمة على المنطق والطرق التجريبية
[
عن موقع الذاكرة
بقلم حمدي الراشدي