كما جرت العادة عند التهاب الخواطر والأفكار، أعود لأهرب إلى الماضي أو بالأحرى أخترع ماضيا أجمل من واقعي لعلي أطفئ جمر الحيرة وأشبع لوعة الغياب....

تذكرت تلك الفتاة التي ألهبت حماسي للحياة، وفي نفس الوقت أشبعتني اشتياقا للموت، لكن ليس أي موت بل هو الموت بين يديها!!!
كنت كلما هربت من واقعي أراني مرتميا على الأرض والظلام يلفني أينما التفت، أغمض عيني أكثر لأجدها تلمني بين ذراعيها ... اجدها تلتقط دموعي الهاربة رغما عني لتمسح بها وجنتي التي أرهقها العرق! حتى يخرج من داخلي نفس محترق حاملا معه غيظ اللحظة وحرارة العشق والوله....

لا زال رقم هاتفها محفورا في داخلي بين آثار الجراح وندبات الدموع، حملت الهاتف يوما لعلي أسمع صوتها بعدما أعيتني الحاجة للبكاء فلم تقدر أصابعي التحريك ساكنا من شدة الخوف من ماضٍ قد يعود....

:rose:

كم كانت تلك اللحظات قاتلة ... وكم هي الآن مضحكة ومُنفّرة ... تلك اللحظات التي عشقت فيها وهما جلفا قاسيا كالصخر ... أحببت كطفل صغير يجري وراء لعبة ... حتى أعياني العشق، وألقت بي الأوهام في غياهب الوهن والمرض، فأفقت في غرفة مظلمة والأسلاك تلفني من كل حدب وصوب!!!

لحظات هي لا زالت عالقة في ذهني كأنها البارحة، مرّت عليها سنوات ثلاث لكن مرارتها لا زالت تهين أحلامي ... ساعات قضيتها أجول بخواطري بين متأمل ومستسلم، أصحوا مستبشرا لأعود إلى فراشي باكيا واهنا .... لحظات ولحظات، كادت تملي علي حياتي لولا إفاقة شبه متأخرة!!!!

الأسبوع الماضي صادف ذكرى ذلك اليوم المشؤوم، عدت وقلّبت ذكرياتي لأجد ما كتبته على فراش الشفاء ليلتها، ضعيف البناء والإنشاء، لكنه أعاد إلي ذكرى ما كان ينبغي لها أن تعود، هاكم ما كتبت:

[CENTER]...

تبا لضَعْفي وأحْلامي
تبا لهُما ما عرفتُ يوماً أن أنامَ اللّيالي
تبا لهُما ما جَعَلاني إلا قائلاً
دعوني لوحدي ... دَعوني أعيشُ أوْهامي
دعوني أشربُ الكؤوسَ في ذِكرى حُبّي لها
دعوني أسكَرُ في عِشقي وهِيامي
دعوني في ذِكرى حُبّي لها
أقتُلُ روحَ عاطِفَتي وأحْلامي
أدوسُ ما تَبقّى من هَيبَتي واحتِرامي
أنحِلُ الجَسَدَ وأجعَلهُ يُعاني
أمَزّقُ كُتُبي وأحرّق أوراقي
أبكي أمامَ الدُّنيا بأسْرِها
لا أرى إلا خيالها أمامي
دعوني أفقدُ كل إحساسٍ
دعوني أزيدُ همّي هُموماً، ووَهْماً إليها أوْهامي

دعوني أبني قصوراً لا عمادَ لها
قصوراً بعثَرَتْها رياحُ الحَقِيقَةِ كما بَعْثَرَتْ آمالي
دعوني أعلّقُ عُيونَها قَنَاديلَ لِقَصري
أُنيرُ بها وحدتي وظَلامي
دعوني أفرِشُ الأرضَ من شَفتَيْها لَعلّي
أضُمُّها أُقبِّلُ أرضَها إذا يوماً فَقَدْتُ احتمالي
دعوني أجعلُ أبوابي جُفُونَ عُيُونِها
أفتحُ الأبوابَ لأرى العيونَ قمراً كلما مللتُ أيّامي
دعوني أجعلُ شَعرَها نافورَةَ حُبّي وهِيامي
دعوني أرسمُ وَجهَها بالطّبْشورِ عليها جُدراني
دعوني أحفرُ اسمها في قلبي ووِجداني

دعوني أُخَطِّطُ رُموشَها على دفاتِري لعلّي
لرُموشِ عُيونِها أبكي وأشكي لها همّي وأحزاني
دَعوني أُزَيِّنُ قَصري بجَسَدِها كأنَّها مريَمُ العذراءُ
دعوني إليها أُوَجِّهُ ابتِهالاتي واحتِرامي
دعوني أُؤلِّفُها مَعْزوفَةَ حزني وآلامي
دعوني على العود أعزفها ... لَعَلّهُ يُجَسِّدُها أمامي

دعوني أكتُبُها قصيدةَ خوفي وغَرامي
دعوني أُغَنّيها كلمةً كلمة ... أعيش عليها أيّامي واللّيالي
دعوني أجعَلُ أصابِعَها سَكاكينَ تغرزُ في أعماقِ وِجداني
دَعوها تُمَزّقُ الشرايينَ لَعَلّي أشفي غليلي واحتِراقي
دعوني أعيشُ لها، أو لا أعيشُ لِغَيرِها
دعوني أُقَبِّلُ سَرابَها، لا أُقَبّلُ فتاةً تَقِفُ أمامي
دعوني أبكي هُمومي وأُلَمْلِمُ فُتاتَ قلبي
دعوني أُحَطِّمُ النفْسَ في داخلي لعلّي
بتحطيم النّفْسِ أنسى همومي

دعوني أرحلُ إلى دُنيا كلُّ من فيها يَبْكي ويُعاني
دعوني أَموتُ في تابوتِ وَجَعي وكلامي
دعوني أصيحُ باسمِها حتى تَسمَعَ الدُّنيا كُلّها
سبب مرضي وهيامي
دعوني أُرسِلُ الدّمعَ أنهارا أروي بها
ظَمَأَ قلبي وروحي ووِجداني
دعوني ألْعَنُ الدُّنيا لوحدي
لعلي باللّعْنِ أُعيدُ هَيْبَتي واحترامي
دعوني أسُبُّ قَيساً وليلي
لعلّي بالسّبابِ أشفي غليلي واشتِعالي
دعوني أشيخُ في عِزِّ الشبابِ لعلّي
أموتُ قَبْلَ أن تُفارقَ عيناها عُيوني
جَعَلْتُم مجنون ليلى، ولِبُثَيْنَةَ مجنونُها
أحَرامٌ عَليْها لُما أن تكون عِشقي وهيامي؟؟؟

دعوني لهمي ... دعوني لوحدي
دعوني لأبكي ... دعوني لأعاني[/CENTER]

(إلى الفتاة التي جنت بها كل جوارحي ... إلى الفتاة التي أحرقت قلبي .... وجعلت الرماد مداد لتقول كلمة "أحبك")

(f)

يعاود الألم معزوفته الحزينة فيقتل القلب ويفتح فيه جرحاً قديماً لم يبرأ


ماذا أقول ؟؟؟





عندما التقيت به .... شعرت أنه مختلف
همست عيناه في قلبي بكل جرأة: أحبيني
ولأول مرة شعرت بأني طير يحلق في السماء
ولأول مرة أستسلم لنداء العشق
نعم أحببته .. أحببته أكثر من أي شيء في هذه الدنيا
عشقت جفونه وغرقت في بحر عيونه .. حتى أني رسمت أحلامي على طريقه
شعرت دائماً أنه معي في كل مكان ...
أصحو من حلم معه ..أرتدي ثيابي وأنا خجلة منه ..أنام وصورته آخر ما أراه
شعرت بأن في قلبي بركان شوق إليه..
فكانت كلماته العذبة تروي شوقي وعطشي ونظراته تحلق بي عالياً
وأخيراً همس بحبه ..... كان كطيراً ماسياً يحلق في قلبي
فجعلت من شعره الأسود ليلي وسهري
ورسمت من ألوان عينيه لوحة دربي وأملي
إنها السعادة .. إنها ما كنت أبحث عنه ..
وجدتها وكان يجب أن أشعر بها
ولكن .. وفجأة .. أخبرني عن المشاعر التي كان يخفيها باحتراف
أخبرني عن حقيقة عواطفه: لقد اعتقدت بأني أحبك
آآآآآآآآآآه ... غرس سيف كلماته في صدري .. صفعني بنظراته الباردة
شعرت بأن روحي تخرج من جسدي ببطء شديد
رحلت كلماته الدافئة .. ونظراته المشتاقة
وكانت كل تلك الأحاسيس مجرد رماد سفته الرياح


لم يعد هناك طريق سوى نزعه من قلبي .. وأن أجد دواء للجرح الذي تركه في روحي
ظننت أن بعدي عنه سيجعل أقداري تهاجر بعيداً عن عشه
فركبت قارب الغياب وسافرت في بحار النسيان .. لكنني لم أجد أي بر أرسو عليه
فماذا أفعل؟
هل أعود إلى بر عذابه .. أم أبقى هائمة في محيط لم أجد له أي حدود ؟



:rose:

اقتباس:  bareya   كتب/كتبت  
هل أعود إلى بر عذابه .. أم أبقى هائمة في محيط لم أجد له أي حدود ؟

:rose:

رحلت بعيدا وراء الذكريات تبكي
لهثت بخواطري أجري وراء صورتها الباهتة
أرحلت هي بلا عودة؟ أم أنها الدنيا غدرت بنا؟
ما زلت أسمع صوتها المخملي يتردد في صدى النعاس
لم أحبها يوما
أم أنني أحببتها؟ ... لست أدري بعد
خلتها صورة عابرة ككثير من الصور
جمال جامح أطل من بين أطلالي
فأنكرتها وألقيت بنظراتي بعيدا عنها
حتى عادت السنون لترمي بثقلها على قلبي
عدت من جديد فأحببتها
لكنها كانت قد رحلت
توارت خلف أسوار عشق آخر

بريئة (f)

هذه الليلة سأثملُ على أنغام العشق والغرام
أحضرتُ كأسي وبدأتُ رحلة الثمالة

...

لا حياةَ لي ... لأنني بكِ أحيا
لا قوّة في ... لأنّكِ قوّتي وبأسي
ألقيتُ علمي وثقافتي وراء ظهري
لأنني بكِ "عالم"

(f)

أينَ رحلتَ يا فؤادي؟

لم تطرُق الذكرى أبوابي منذُ عصور! أقول عصورا لأن القلب بلا عشقٍ يفترشُهُ كالقصرِ البالي، غادرتهُ أميرتُهُ وغاب عنهُ مليكُه...

عاد يطرُقُ أبوابي ... يغشاني كضوء القمر المُنبعثِ خجلا من بين الغيوم ... يلُفُّني بقشعريرة بردِ المساء ... ويكويني بالأرق ...

غرفتي موحشةٌ على امتلائها، عبقةٌ براحة العشقِ وعبير الأمل، أملٌ لا زلتُ فاقده إلا أنّهُ مرّ بالجوار فقرّرَ التعريج عليّ كضيفٍ ثقيل!!

لستُ أدري ماذا أقول أو بماذا تنطِقُ كلماتي، بل هي الأصابعُ تقودني خلفها تسطُرُ مشاعراً تكادُ أن تفيض غيثا من دموع...

(f)

دعيني لوحدي وابتعدي ...
أتركي ظلامي لي وحدي ...
لا تُنكري حقّي في أن أُحبّك، ولا تستنكري خيالاتي ...

دعيني لوحدي ...
أفرّ من فراغٍ إلى فراغ ...
باحثا عن لحظة، أم أنّها دقيقة أو حتى ساعة؟
مهما كانت، دعيني أبحثُ عنها لعلّها تكونُ مُختبئة هنا أو هناك!!!

دعيني فأنا
جائعٌ
باردٌ
خائفٌ ... مرضٌ ... مُتشائم

بماذا أكمل يا ترى؟ أظن أن شعرها بحاجة إلى وصف!!
لكن من أين آتي بوصف؟

(f)

هو الذنبُ ذنبكم!!! لأنها جُعلت منكم، تمشي على الأرض، بين الناس ... أغوت فؤادي فأضحيتُ كشيطانُ يناطحُ السماوات، لا بحثا عن أخبار السماء بل بحثا عن فُرصة، همسة، أو حتى طرفةَ عينٍ تائهة!!! والحياةُ تقذفُني كُل مرة بشهابٍ يحرقُ أحلامي....

صرتُ أسرقُ نظراتها من الصّور...

عيناكِ ... قصيدةُ شعرٍ أزلية
سماءٌ زرقاء مُخملية
كلما ناظرتُهما أكثر، أكتشفٌ سماء أكثر زرقة وأكثر عمقا
عيناكِ يا فتاةُ آيُ مُفعمٌ بالألوهية
ما ظننتُ أن تكوني آدمية

حبيبتي ... إليكِ عني!!! فما عادت عباراتي تعرفُ سبيلا لرسمِ صورتك، وما عاد لساني قادرا على ترديد نفس الأشعار الغبية!!!

:rose:

يا قابعة خلف جدران البعيد لا تنتظريني فإنني راحل
سأغترب وأهجرُ قلبي المُمزّق
سأغترب لأبحث عن قلبٍ جديد
يا قابعة خلف جدران البعيد
إليكِ عني، فما أنا إلا فؤاد وحيد
مرميٌ على جنبات طريق أعمى لا يرى النور
مذبوحٌ ألفَ مرةٍ من الوريد إلى الوريد
دعيني وارحلي، دعيني وابحثي لنفسكِ عن مُريد
فلستُ أنا قيسا، ولا عنتر الصنديد
أنا إنسانٌ وحيد