نقطة ضوء
ما حدث يوم أمس..!!
حسن خضر
على ضوء ما حدث ثمة أشياء ينبغي الكلام عنها، وحقائق ينبغي تأكيدها:
أولاً، بعد خروج ما يصل إلى مائتي ألف من الـمتظاهرين في غزة يوم أمس، ليس من قبيل الـمجازفة القول: إن غزة جوزة صلبة، لن تتمكن حماس من كسرها، بل الأرجح أن ينكسر فك حماس.
ثانياً، وعلى ضوء ما حدث يوم أمس، لـم يعد الكلام عن صراع بين فتح وحماس على السلطة منطقياً أو مقبولاً، حتى وإن تجلّت سماته الخارجية بطريقة كهذه. الـمجابهة، في الواقع، بين الوطنية الفلسطينية، وبين جماعة أصولية متطرفة، ذات امتدادات إقليمية ودولية، ألحقت الضرر بالفلسطينيين شعباً وصورة وقضية.
ثالثاً، من الـمنطقي تصوّر أن من بين آلاف الـمشاركين في إحياء الذكرى الثالثة لرحيل ياسر عرفات في غزة، من صوّتوا لحماس في انتخابات الـمجلس التشريعي. لكن خروج هؤلاء يوم أمس يعني، ضمن أمور أخرى، أن الصمت إزاء الأخطاء والخطايا لـم يعد ممكناً، وأن الناس بعدما أفاقوا من صدمة الانقلاب، شرعوا في تأمل ما في أيديهم من وسائل القوّة والتغيير.
رابعاً، ومن الـمنطقي، أيضاً، تصوّر أن من بين الـمشاركين أشخاص لـم يكونوا من أنصار عرفات، ولا من الـمعجبين بنظامه وسياسته، لكن خروجهم في ذكرى رحيله، يعني ضمن أمور أخرى، الانحياز إلى الوطنية الفلسطينية، رغم ما أصابها من وهن، وما ارتكبته من أخطاء، وما بذلته من وعود لـم تتمكن من تحقيقها. ففي فلسطين، كما في كل مكان آخر، ستنتصر الوطنية على الإسلام السياسي، رغم فداحة الثمن، ومجانية العذاب، وعبث الأقدار.
خامساً، وعلى ضوء ما حدث يوم أمس، تبدو القوّة العارية وسيلة حماس الوحيدة لتمكين الانقلاب، والانقلابيين من البقاء على قيد السياسة، والتداول. فسياسة التخوين لـم تعد مقنعة، وشعارات التطرّف لـم تعد مجدية، والكلام عن الحوار لـم يعد مثيراً للاهتمام. القوّة هي البند الوحيد على جدول الأعمال. وهي، دائماً، وصفة مجرّبة للسقوط.
خامساً، وإذا ما قرأنا علامات لـمعت هنا وهناك خلال الأشهر القليلة الـماضية، يمكن الاستنتاج بأن البعض في حماس ينتابه قلق على مصير الحركة، ويتحفظ على سياسة الفريق الذي استولى عليها في غزة، وأوصلها إلى صدام صريح مع الوطنية الفلسطينية، إلى حد يستدعي القيام بمحاولات جدية واستثنائية للإنقاذ.
سادساً، ما حدث في غزة يوم أمس جريمة، لا تُعالج بالحوار، أو بالكلام عن الوحدة الوطنية، بل بالوسائل القانونية، أي بتشكيل لجان قضائية مختصة، وتكليفها بالتحقيق، ووضع اللوائح الكفيلة بتقديم الـمجرمين إلى العدالة، بصرف النظر عن الفترة الزمنية التي يحتاجها أمر كهذا، والوسائل الـمتوفرة في الوقت الحالي لتحقيق العدالة.
سابعاً، وكما في كل الجرائم السياسية، فإن من يطلق النار يتحمّل مسؤولية جزئية، لكن من يصدر الأمر بإطلاق النار يتحمّل مسؤولية أكبر. وبالتالي الجريمة لا تنحصر في، أو تقتصر على، الـمراتب الدنيا في حماس، بل تطال مركز صنع السياسة والقرار.
ثامناً، سترد حماس بتظاهرات مضادة للتدليل على شعبيتها، وستراهن على عوامل إقليمية ودولية لإخراجها من الـمأزق، لكن الطريق الـمسدودة كانت واضحة يوم أمس أكثر من أي وقت مضى.
http://www.al-ayyam.com/znews/site/templat...Date=11/13/2007