منذ امد بعيد وانا اقرا كثيرا ..قرات روايات كثيرة ودواوين شعر غير قليلة تمعنت في كتب الاولين والاخرين واطلعت على عد دوفير من الاعمال المترجمة للعربية مثل اعمال تولستوي وتشيخوف وتورغانييف ودويستوفسكي وبلزاك وفيكتور هوغو وصولا الى ماركيز وبورخيس ويوسا.
في الادب العربي اطلعت بنهم شديد على اعمال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف ادريس وحنا مينا والياس خوري وعبد الرحمن منيف وهدى بركات وحنان الشيخ ونوال السعداوي واميل حبيبي وغيرهم الكثير ومع المطالعة كانت لي قصة فانا كما لا تعرفون ولدت لابوين اميين لم يصيبا شيئا من العلم
ولد ابي في مضارب احدى القبائل البدوية في جنوب بئر السبع وكانت ولادته في عام نكبة فلسطين والعرب سنة 1948 ويذكر ابي دائما قصته الطريفة مع التعليم وهي ان الصبية في ذلك الزمن كانوا يتلقون مبادىء القراءة والكتابة في في خيمة على يد احد الشيوخ, ولقد قرر جدي ان يبعث بوالدي الى ذلك الشيخ كبقية اترابه وفي اليوم الاول في المدرسة تشاجر الطفل ابي لاحقا مع صبي اخر ويذكر ابي انه ابلى بلاء حسنا في معركته تلك حتى انه لا يذكر انه عاد الى الدر س مرة اخرى اذ قرر جدي ان يكتفي ابي عن التعليم بما ناله في تلك الغزوة التي كانت اخر عهده بالمدرسة
والدتي هي الاخرى لم تكن اكثر حظا من ابي فلم تنل شيء من العلم مع انني دائما اتخيلها باحثة او محاضرة في جامعة ما لما تبديه من فطنة وذكاء
انا كنت الصبي الوحيد بين عدد لا باس به من الاناث اخواتي ارسلني والدي مع اختي الكبرى الى المدرسة وهو عاقد الامل على ان يجعل مني شيئا كبيرا او عل الاقل ان اكون احسن حظا منه في الدراسة واعبر اليوم الاول في هذا على الاقل نجحت وبامتياز اذ انهيت الدراسة الابتدائية والثانوية والتحقت بالجامعة
اما قصتي مع المطالعة فقد بدات عندما كنت في الصف السابع وقد كنت صبيا يافعا في الثالثة عشرة من عمري حتى هذه السن لم اعرف كتابا غير كتب المقرر المدرسي في تلك الفترة من عمري كنت ازور اخوالي بين الحين والاخر وفي احدى تلك الزيارات دخلت الى غرفة خالي الذي يكبرني بعامين ووجدت عدد من القصص البوليسية ملقاة باهمال على طاولة باهتة للوهلة الاولى لم اعر اهتماما كبيرا لتلك الكتب لكنني شيئا فشيئا صرت اتصفحها لا بل ابد بقراءتها قرات عدد من الصفحات وقررت ان استعيرها من خالي فسارع الاخير بالتنازل عنها تماما ففرحت بهذا وعدت الى الدار حاملا كنوزي بين يدي ولم اعلم حينها ان تلك الكتيبات الصغيرة ستغير مسير حياتي وستنحو بي منحى مختلف ومغاير لمحيطي الاجتماعي والثقافي الذي يميل الى الثقافة الشفوية ويتطير من الكلمة المكتوبة والمقروءة اذكر الان بعد مضي اكثر من عقدين من الزمان صراخ امي علي في ذلك النهار السعيد الذي اتيت فيه على كل القصص البوليسية التي حصلت عليها من خالي حتى انني نسيت تماما وجبة الغداء في ذلك اليوم وقد تعرضت لغضب امي التي استغربت واستنكرت العزوف عن الغداء انا غرقت تماما في ذلك النهر الساحر والمنساب بنعومة ورقة ..المطالعة ما الذها من سويعات استحضرها الان وانا استرجع لحظات بعيدة هاربة من بين اصابعي احاول ان التقطها رغم الضجيج وتعب الحياة الذي يحاصرني ويضيق علي الخناق ذلك اليوم الذي يبدوا لي الان سعيدا حدث فيه تحول تراجيدي بمعنى ما حذا بي الى الاتجاه الى المطالعة وعشقها والتنازل عن كثير من ملذات الحياة في سبيل الحصول على المزيد من اللذة مع تلك العشيقة الخالدة.