أقدم المسرحيات التي عرفها الوجود في ظل كيانها المستقل هي المسرحيات الإغريقية ، وكان لنشأتها في بلاد اليونان علاقة بعقائدهم فقد آمن الإغريق بآلهة متعددة والتي كان منها الآلهة ((ديونيسوس)) إله النماء والخصب ، وبخاصة العنب والخمر ، وقد اعتادوا أن يقيموا لها حفلين أحدهما في أوائل الشتاء ، بعد جني العنب وعصر الخمور ، ويغلب عليه المرح وتنشد فيه الأناشيد الدينية ، وتعقد حلقات الرقص ،وتنطلق الأغاني ،ومن هذا النوع المرح نشأت الملهاة {الكوميديا} ، والحفل الثاني في أوائل الربيع حيث تكون الكروم قد جفت وتجهمت الطبيعية ، وهو حفل حزين ومنه نشأت المأساة {التراجيديا} ، وكان التمثيل أول الأمر يتكون من الرقص وبعض الأناشيد والأغاني التي تعبر عن حزنهم لغياب الإله والابتهال له لكي يعود سريعا ثم تقمص أحدهم شخصية ديونيسوس فكانت (الجوقة) الفرقة تشير إليه وهو على مسرح مرتفع ، ثم أدخل الحوار بينه وبين الجوقة .وكان الممثلون يظهرون وسط قومهم على هيئة البشر في نصفهم الأعلى وصور الماعز في نصفهم الأسفل ، ومن هنا اشتقت كلمة {تراجيدي} أي المأساة وهي مركبة من كلمة (أغنية) وكلمة (الجدي)تركيبا مزجيا .
وأخيرا وضع (( أسخيلوس )) 525 -456 ق.م أول مسرحية شعرية وهي الضارعات حوالي سنة 490 ق.م وكان فيها ممثلان رئيسيان بجانب الفرقة ، ثم ظهر ((سوفوكليس )) الشاعر الذي أدخل ممثلا ثالثا إلى المسرحية وقوى جانب التمثيل على جانب الغناء . وقد أدى هذا إلى تقدم سريع في الحوار المسرحي بدل ترانيم الجوقة. وإلى اهتمام الذين يكتبون للمسرح والقاء المزيد من العناية بالفن المسرحي .وكان أول من استخدم الممثلين أو بالأصح أول من مثل هو(( تسبس )) في سنة 535 ق.م وبهذا نجد أن اليونانين هم أول من اهتم بالمسرح ، ووضعوا له نظاما خاصا ، وعنهم أخذ العالم هذا الفن .
ويعد إسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس أعظم رواد التراجيديا ( المأساة) الإغريقية كما يعد أرستوفانيس رائد الكوميديا الإغريقية.
المراجع
1. عمر الدسوقي ، المسرحية : نشأتها وتاريخها وأصولها ، دار الفكر العربي.
2. شلدون تشيني ، تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة ، مكتبة الآداب ومطبعتها.
لمزيد من الإطلاع
1. إلاردس نيكول ، علم المسرحية ، مكتبة الآداب ومطبعتها- المطبعة النموذجية.
و الآن دعنا ننتقل إلى المسرحية الرومانية التي لها كبير الأثر في المسرحيات الأوربية الحديثة ولكنها كانت تقليدا للمسرحية اليونانية ، وأول من اشتهر من الرومان في كتابة المسرحيات والذين هم من أصحاب الملهاة (الكوميديا) {بلوتس} ، { ترنس} وإليهما يرجع الفضل في إحياء بعض الملاهي الإغريقية التي عفا عليها الزمن ، وقد ولد بلوتس حوالي سنة 254 ق.م ، ومات في السبعين من عمره عام 184ق.م وكان قد نشأ في البؤس ، واضطر إلى كسب عيشه بالعمل الشاق ، والتجأ إلى المسرح ليحسن حالته ؟ ولذلك كانت لكل مسرحياته نكهة شعبية قوية ، إذ كان يريد النجاح ، ولذلك كان يمالئ الجمهور ويقدم له ما يسره ويضحكه ، ولم يكن يتلمس تقدير الأدباء والنقاد.أما ترنس فقد ولد حوالي 159ق.م ، ومات 195 ق.م ، وكان من سكان قرطاجة ، وأغلب الظن أنه كان زنجي الأصل ، وقد أحضر إلى روما مملوكاً في شبابه ، ويبدو أنه كان على صلة بدائرة صغيرة من الأدباء ، وأنه قد كتب ملاهيه باعترافه لإمتاع هذه الحلقة لا للحصول على تصفيق الجمهور ، ولذلك كان أرقى من بلوتس أسلوبا وأقرب إلى الروح الإغريقية منه .
أما عن المأساة فكان {سنكا} من أشهر الكتاب الرومانيين وكان من سماته أنه لم يتورع عن تمثيل الغلظة و القسوة والمفزعات والأشباح والمناظر الحزينة والفظائع على المسرح ومع ذلك لم يعرف سنكا بأنه كاتب بقدر ما يذكر بأنه فيلسوفا يعتنق مذهب الرواقيين.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
المراجع
1. عمر الدسوقي ، المسرحية : نشأتها وتاريخها وأصولها ، دار الفكر العربي.
2. شلدون تشيني ، تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة ، مكتبة الآداب ومطبعتها.
لمزيد من الإطلاع
1. إلاردس نيكول ، علم المسرحية ، مكتبة الآداب ومطبعتها- المطبعة النموذجية.
انصبت معظم جهود ايطاليا في التأليف المسرحي عقب عصر النهضة ،في الأوبرا من ناحية ،وفي الكوميديا الإرتجالية الشعبية من ناحية أخرى .ولم يحدث أي استثناء لهذ القاعدة إلا في النصف الأخير من القرن الثامن عشر بأعمال ( كارلو جولدوني 1707 -1793) و (كارلوجوتزى 1720 - 1806). زعم جوتز بأن جولدوني يحرم الضحك غير أن من يتعرف على مسرحيات جولدوني يرى أنه أمر مبالغ فيه . وأقرب وصف توصف به مسرحيات جولدوني هي الرشاقه والحيوية الدافقة ، صحيح أن جولدوني لا يرقى إلى مستوى موليير ،ولكن مسرحياته التي تبلغ مائتين وخمسين تقريبا طالما أبهجت الجماهير.
بعد وفاة جولتزي في عام 1806 ،لا مفر من الوثوب إلى جابريل دانوزيو (1863 - 1938 ) لكي نلتقي بمؤلف إيطالي آخر على درجة معقولة من البروز.وكانت إيطاليا على غرار غيرها من البلدان قد استشفت تأثير ابسن والواقعية ،الا أن الحركة المسرحية في هذا المضمار كانت لا تزال فاترة ، ربما لأن الواقعية لا توائم الطبع الإيطالي ، أو ربما لأن قوة دانوزيو وتنوع انتاجه حطما أي نزوع إلى الواقعية ببلاغته الرومانسية النارية. فقد كان يتمتع برواج شعبي ضخم في إيطاليا ، وحتى ولو يرى بقية العالم في أعماله أكثر من خواء أجوف. فإن نفس الشيء لا ينطبق على لويجي بيرانديلو (1867 -1936) الذي يعتبر بوجه عام أعظم مؤلف إيطالي منذ بلوتاس ، من بين إعماله ( الحق معك) و (كما تهواني) و (هنري الرابع) و (المرايا) و (غدا نرتحل) .
كانت الفطنة والحساسية التي يمتلكها تجعلان من المادة الذهنية مادة درامية تمتزج فيها عناصر المأساه الحادة بمقومات الملهاة اللاذعة . ولم يحدث من قبل أن استطاع أحد أن يصوراضطراب القرن العشرين ومعاناته بمثل هذا القدر من الحيوية والجدير بالذكر أنه نال جائزة نوبل للآداب في عام 1934.
و الآن دعنا ننتقل إلى المسرحية الرومانية التي لها كبير الأثر في المسرحيات الأوربية الحديثة ولكنها كانت تقليدا للمسرحية اليونانية ، وأول من اشتهر من الرومان في كتابة المسرحيات والذين هم من أصحاب الملهاة (الكوميديا) {بلوتس} ، { ترنس} وإليهما يرجع الفضل في إحياء بعض الملاهي الإغريقية التي عفا عليها الزمن ، وقد ولد بلوتس حوالي سنة 254 ق.م ، ومات في السبعين من عمره عام 184ق.م وكان قد نشأ في البؤس ، واضطر إلى كسب عيشه بالعمل الشاق ، والتجأ إلى المسرح ليحسن حالته ؟ ولذلك كانت لكل مسرحياته نكهة شعبية قوية ، إذ كان يريد النجاح ، ولذلك كان يمالئ الجمهور ويقدم له ما يسره ويضحكه ، ولم يكن يتلمس تقدير الأدباء والنقاد.أما ترنس فقد ولد حوالي 159ق.م ، ومات 195 ق.م ، وكان من سكان قرطاجة ، وأغلب الظن أنه كان زنجي الأصل ، وقد أحضر إلى روما مملوكاً في شبابه ، ويبدو أنه كان على صلة بدائرة صغيرة من الأدباء ، وأنه قد كتب ملاهيه باعترافه لإمتاع هذه الحلقة لا للحصول على تصفيق الجمهور ، ولذلك كان أرقى من بلوتس أسلوبا وأقرب إلى الروح الإغريقية منه .
أما عن المأساة فكان {سنكا} من أشهر الكتاب الرومانيين وكان من سماته أنه لم يتورع عن تمثيل الغلظة و القسوة والمفزعات والأشباح والمناظر الحزينة والفظائع على المسرح ومع ذلك لم يعرف سنكا بأنه كاتب بقدر ما يذكر بأنه فيلسوفا يعتنق مذهب الرواقيين.
المراجع
1. عمر الدسوقي ، المسرحية : نشأتها وتاريخها وأصولها ، دار الفكر العربي.
2. شلدون تشيني ، تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة ، مكتبة الآداب ومطبعتها.
لمزيد من الإطلاع
1. إلاردس نيكول ، علم المسرحية ، مكتبة الآداب ومطبعتها- المطبعة النموذجية.
لا بالشرقية ولا بالغربية ،وإن توطدت معاناتها بالأرض وبالمعاناة كمارد ضخم يبدو في بعض الأحيان مضطربا وفي البعض الآخر فضا .تلك هي روسيا القديمة التي ظلت متخلفة عن بقية الدول في ميدان التطور، وإن حظيت بالتقدير دون الإستخفاف في ميدان الفنون بسبب حساسيتها وإنطلاقها الخيالي وتعطشها إلى المثل العليا..فالغناء والشعر والدراما أمور قريبة إلى طباع الروس ،وإن لم يتح تاريخ البلاد المضطرب فرصة لازدهار هذه الدوافع الكامنة لدى الشعب .
إن الدراما الروسية -التي تمت الآن إلى البروليتاريا- نشأت في أحضان القياصرة إذ كان بطرس الأكبر يدعو الممثلين الأجانب لعرض مسرحياتهم الأجنبية في قوة، وكانت كاترين العظمى تشجع تأليف الدراما ،كما أن للأباطرة نصيبا في هذا المجال . وأول كاتب يسترعي الإنتباه الجاد هو الكسندربوشكين(1799-1837)الذي كتب في عام 1825 مسرحيته التاريخية العظيمة (بوريس جودونوف)،وتعتبر هذه المسرحية نقطة تحول في تاريخ الدراما الروسية لسببين : أولهماإن كاتبها من أعظم شعراء روسيا ،وثانيهما أنها تحتذي حذو شكسبير .
بعد أحد عشر عاما من ظهور (بوريس جودونوف) جاءت أول ملهاة روسية ذات أهمية عالمية ، وهي مسرحية (المفتش العام) من تأليف نيكولاى جوجول (1809 - 1852) ،وهي كشف رائع لأعمال الرشوة والفساد السياسي في روسيا القديمة.
ملهاة تعيد إلى الفكاهة مكانتها الأولى في عهد أرستوفانيس ،كسوط مسلط على الفساد والآثام ،يحز فيها جوجول بقلمه على غرار (أرستوفانيس) ( وموليير) ( وشو) .
أما (الكسندر أوستروفسكي 1823 - 1886) فيختلف عن جوجول وبوشكين اللذين لم يكتب كل منهما أكثر من بضع مسرحيات ،إذ ألف أكثر من أربعين مسرحية .ومن مسرحياته (لكل حكيم غلطة).
يسترعي انتباهنا بعد هذا كاتب آخر من أعظم كتاب الرواية والقصة القصيرة في العالم ، وهو (الكونت ليوتولستوي 1828 - 1910 ) الذي تحول إلى المسرح في أخريات أيامه ، ومع ذلك استطاع أن يسهم فيه بانتاج هام ، وعلى الأخص في مأساة (سلطان الظلام) التي تقدم دراسة رهيبة للشر من خلال قصة تتناول عوامل الشهوة والقتل بين الفلاحين الروس على مستوى حيواني فظ.
أما مسرحيته الأخيرة (نور الظلام)التي عاجلتة المنية قبل أن يتمها فتكاد تكون من نوع السيرة الذاتية.
وتتبدى براعة الروس في تصوير الحياة الواقعة التي لا ينبغي أن تسير فيما هي عليه، ولكن بمزيد من اللمسات الخافتة اللماحة، في أعمال أعظم كتاب المسرح الروسي (انطون بافلوفتش تشيكوف 1860 - 1904)الذي يرى فيه معظم النقاد قمة الطبيعة، وإن كانت مسرحياته في الترجمة، تتميز بجو عام فيه من سمات المزاج والحنين ما يكاد يقرب إلى الشاعرية.وتعتبر مسرحية (بستان الكرز) بصورة عامة أروع أعمال تشيكوف، فالمسرحية قصة رمزية مفعمة بالحنين عن الضياع الذي يحل بطبقة النبلاء الروسية وعجزها عن الإلتقاء والتفاهم مع العالم الحديث، ومع ذلك فإنها تتناول شخصياتها بتعاطف وفهم .
وعلى نفس المستوى تقريبا من النوع والشهرة ،تأتي مسرحياتة (الخال فانيا) و (النورس) و (الشقيقات الثلاث) ، وتعتبر مسرحيتة (النورس) الشعار الرسمي لمسرح موسكو الفني إلى اليوم.، الذي يعتبر أشهر مجموعة للإخراج المسرحي في العالم.
عندما زار مسرح موسكو الفني مدينة يلتا في عام 1900 تولى تشيكوف تعريفه بمؤلف شاب يتصف بالقوة والجاذبية، كان قد شق طريقه من أعماق الفقر والمعاناة، بل والسجن أيضا، اسمه(مكسيم جوركي)(مكسيم المرير)(1868 - 1936) ومن مسرحياتة (الأعماق السفلى) و (البرجوازى الصغير) والأخيرة مسرحية عرضها مسرح موسكو الفني.
ومن أهم الكتاب العديدين في هذة الفترة(ليونيد اندرييف1871 - 1919)وله عدة مسرحيات منها (حيا ةالإنسان) و (ملك الجوع) و (هو الذي يصفع1906).
حاء عصر النهضة وأسبانيا مسيطرة على الجانب الأعظم من إيطاليا والكثير من أوروبا ،وكانت أبرز دول العالم آنذاك ، ومع ذلك فإن ما حققته في ميادين الفن والمعرفة كان أقرب إلى أن يكون فارغا مخيبا للآمال .
والسبب في ذلك ربما يرجع إلى أن روح النهضة في أسبانيا تعثرت أمام عقبتين رئيسيتين هما عهد محاكم التفتيش من ناحية وهزيمة (الأرمادا) الأسبانية من ناحية أخرى ،أيضا حيث لقيت حرية التفكير المعارضة والقمع التي أبدتها محاكم التفتيش الأسبانية .كانت هذه المحاكم تقمع أي حرية للتفكير في الدين قمعا ناجعا بالعذراء الحديدية ،أما حرية التفكير السياسي فلم تكن أسعد حظا فلقد نجح النبلاء الأسبان في الاحتفاظ بسلطانهم ومكانتهن العالية بأن فرضوا على الناس قانونا للسلوك هو غاية في التعسف والافتعال . وأيضا التزام الكاتب الأسباني ببضعة قوانين عامة تتفق مع المنطق والفهم السليم للناس .ولكن القوانين الأسبانية كانت معظمها للأسف ، تخالف حتى هذه الحدود البسيطة وليس أوضح من أثر مثل هذه الحالات على الكتابة المسرحية .
إن الهزيمة التي أصابت (الأرماد) شجعت الكتاب على يستمرئوا جانب الكسل الفكري وتجنب التعمق في التفكير ، فولا شك أنه أسهل على النفس وأكثر إمتاعا لها أن يتخذوا الدراما وسيلة من وسائل الهرب .
فقد عرف العصر كثيرا من الكتاب المسرحيين من أمثال (سرفانتس) ، (جوان رويز دى) ،(لوب دى فيجا) و (كالدرون) ،وكان (لوب دى فيجا) أكثرهما إثارة للاهتمام ولفة للنظر .كان الكاتب المسرحي الوحيد الذي أخرج أعمالا لا يكاد يتصورها عقل .
بلغ عدد مسرحياته يتراوح بين 1600 و 2200 مسرحية إلى جانب أعمال أدبية أخرى .
ولا يمكن أن ندرج أعماله تحت صنف واحد من أصناف المسرحيات ،فلم يكن فيها خط واضح يفصل بين التراجيديا والكوميديا كما كانت في المسرحية الكلاسيكية ،فمسرحياته يجتمع فيها الجانبان التراجيدي والكوميدي .وتندرج مسرحياته تحت صنف من الدراما أطلق علية (دراما القلنسوة والسيف) وهي عبارة تعبر أحسن التعبير عن أسلوب (لوب) في الكتابة المسرحية بما فيها من اندفاع وتوتر . وله مسرحيات منها (بئر الخراف).ويصح القول أن مسرح لوب كان يؤدي لعصرة ما تؤديه هوليود لأبنا ء عصرنا .
أما الكاتب الثاني الذي ذاع صيته من كتاب هذا العصر فهو (بدرو دى لابركا) .لا تفضل مسرحياته عن مسرحيات (لوب) إلا في جانب واحد هو أن شعرها يعد أعلى درجة أو أكثر صقلا على الأقل .أفضل مسرحياته (عمدة زالاميا) و (الحياة حلم) والمسرحية الأخيرة تعتبر عادة العمل الكبير ل(كالدرون) .ولولا أن (كالدرون) قد أحيط بمجموعة من الأوضاع والقوانين التي قيدته لأمكن له أن يصبح (كشكسبير) أو (سوفوكليس) واحدا من كتاب المسرح في العالم.
بعد أن غرقت أسبانيا في لجة التفاهة عقب عصر (كالدرون ولوب دي فيجا) الذهبي شهدت في القرن العشرين انتفاضة للروح الدراميه .فمن أشهر الكتاب الذين برزوا في العصر الذهبي (خاسنتوبينافنتي 1866 - 1954) الذي حصل على جائزة نوبل عام 1922 ،وكان على غرار (لوب دي فيجا) غزير الكتابة ،سواء في المسرح أو في غيرة من صنوف الأدب .ولم يكن يختص بلون واحد في مسرحياته .
ومن معاصري (بيتافنتي) نجد (جريجوريو مارتينيز سييرا 1881 - 1947) وتتجلى رقته التي تكاد تشبه برقة المرأة في مسرحيته الدينية (أنشودة المهد) التي تحظى برواج كبير.
ويعتبر (فيدريكو جارسيا لوركا 1889 - 1936)أكبر مؤلف أسبانيا الحديثة الذي جاء إنتاجه ،على النقيض من الإنتاج الغزير لمعظم كتاب الأسبان ،محددا باثنتي عشرة مسرحية حتى الساعة التي كتب علية بالإعدام إبان الحرب الأهلية في أسبانيا .وإن كانت هذه الحفنة القليلة التي ترجح في الميزان على مئات من أعمال (بيتافنتي) ،فبعضها ممتع في شاعريته مثل(زوجة صانع الأحذية الهائلة)والبعض الآخر يتميز بالقوة والمرارة مثل (بيت برناردا البا).
والمواهب التي كان يتمتع بها (لوركا) سواء في معالجة الملهاة أو المأساة أو الشعر ,لتجعل من العسير على المرء أن يقدر مدى ما كان يستطيع إنجازه لو لم تعجل رصاصات (فرانكو) بالقضاء على واحدة من أشرق الآمال الباسلة في القرن العشرين.
المسرح العراقـي
عرف التمثيل طريقه إلى الشعب العربي في العراق من خلال التمثيل الديني الذي كان يؤدى في الميادين والساحات الشعبية خاصة حول ضريح الإمام الحسين –رضي الله عنه- حيث كانت تمثل مأساة صمود الحسين واستشهاده وقد كانت مأساة شبه كاملة إذ تتوفر بها القصة والشخصيات والحوار والملابس فكان الأمويون يرتدون الملابس الحمراء رمزاً للدم والعنف بينما يرتدي الحسين وأتباعه الملابس الخضراء. كان هذا المشهد التمثيلي يظهر شجاعة الحسين ورجاله والآلام التي كان منها النساء والشيوخ والأطفال من جهة وقسوة الأمويون من جهة أخرى.
وجد كذلك فن الإخباري التمثيلي طريقه إلى الشعب العربي في العراق وكان هذا الفن عبارة عن مشاهد تمثيلية هزلية ساذجة بين شخصيتين أو أكثر، وكانت القصة بسيطة، حيث كان الممثلون يعتمدون على التهريج والحركات البدنية، وبجوار فن الإخباري عرف كذلك فن خيال الظل والقراجوز وبعد ذلك نعلم أن الكاتب العراقي ( نعوم فتح الله) كتب أول مسرحية عراقية عام 1893م وكان عنوانها "لطيف وخوشابا" وهي مترجمة عن أصل فرنسي مفقود وكانت بمثابة مسرحية أخلاقية تدعو الوالدين إلى حسن تربية أبنائهما والصفح عن إساءتهم ومن الطريف في المسرحية ازدواجية الحوار فاستخدمت الفصحى للسادة والعامية للخدم .
ولقد عرف المسرح طريقه إلى أهل العراق عندما قدمت فرقة الجيش البريطاني الذي كان يحتل العراق آنذاك عروضاً مسرحية باللغة الإنجليزية ولقد جذب إتقان التمثيل والإخراج في هذه المسرحيات انتباه الجماهير.
في عام 1922م ظهرت في بغداد جمعية "التمثيل العربي" التي كانت بمثابة البداية لنهاية فن القراجوز فلقد غرست هذه الجمعية حب المسرح في نفوس العرب هناك.
ونحن في سيرنا التاريخي لابد أن نشير إلى فرقة جورج أبيض المسرحية حيث زارت العراق و قدمت عروضها في بغداد و البصرة عام 1926م ، فكان هذا أول اتصال حقيقي بين الجمهور العراقي ، و بين المسرح الحديث و قد شارك الفنان العراقي حقي الشبلي مع هذه الفرقة فقام بدور اثيوكليس ابن أوديب في مسرحية " أوديب ملكا "
لقد أعطت هذه الزيارة الفرصة الحقيقية لظهور أول فرقة مسرحية عراقية ، التي ألفها الشبلي ذاته عام 1927م ، لكن لابد من الإشارة إلى مشاركة مجموعة من الممثلين السوريين و المصريين بجوار الممثلين العراقيين .
و أخذت فرقة الشبلي تتجول في كل مدن العراق و هي تدعو للاهتمام بفن التمثيل ، و تعمل على تغيير نظرة الناس إليه .
و لكي يدرس الشبلي فنون المسرح بالشكل الأكاديمي تتلمذ على يد " عزيز عيد " عام 1929م ولما عاد إلى العراق كون فرقة مسرحية باسمه ، إلا أنها لم تلق نجاحا مسرحيا كبيرا مما دفعه للسفر إلى فرنسا عام 1935م و عاد عام 1939م بسبب الحرب العالمية الثانية.
لكنه استطاع خلال إقامته بفرنسا أن يدرس المسرح الغربي ، و أحدث أساليب الإخراج ، و نظريات التمثيل .
و عندما عاد إلى بغداد أسس قسما للتمثيل و الإخراج في معهد الفنون الجميلة ببغداد ، و ذلك لإعداد الممثلين و المخرجين و مهندسي الديكور ليقدموا جميعا مواسم مسرحية دائمة ، و من هنا بدأت الفرصة الذهبية لظهور فرقة مسرحية محترفة عملت على إثراء الحركة المسرحية من خلال تقديم عروض مسرحية جيدة.
و حتى الآن لا نستطيع القول بوجود مسرح عراقي متكامل ، بسبب عدم وجود المؤلف العراقي المحلي ، لكنه في عام 1951م ظهر أول كاتب مسرحي عراقي هو : يوسف العاني ، و يماثل ظهوره ظهور الحكيم في مصر ، و سعد الله ونوس في سوريا.
لقد كتب العاني مسرحيات تتميز بالنقد الاجتماعي المباشر ، حيث كتب ( راس الشليلة ) كاشفا فيها الفساد الإداري الموجود بالدوائر الحكومية ، واصفا كيف يأتي مدير المصلحة متأخرا وكيف ينصرف مبكرا ، أما الموظفون فهم مهملون لأعمالهم و يؤجلونها مضيعين بذلك مصالح الناس الذين يأتون إليهم فلا يهتمون إلا بمن يحمل كارت توصية.
و أيضا كتب يوسف العاني مسرحيات ذات طابع وطني ، مثل مسرحيته " أنا أمك يا شاكر" حيث تصور هذه المسرحية أما تتميز بروح الفداء غذ استشهد ابنها شاكر و سعودي حيث قتل المحتلون شاكرا في أول المسرحية و ابنها الثاني سعودي في آخر المسرحية ، فيصور العاني صمود الأم و ابنتها الجامعية كوثر التي تتدفق وطنية ، مهاجمة خالها و ابنه اللذان يوشيان بالثائرين العراقيين لدى المحتل من أجل بعض الدنانير . و في نهاية المسرحية يتم القبض على الابنة و تسجن ، و تذهب الأم لاستلام جثة ابنها سعودي لتدفنه ، و تترك وحيدة واقفة في شموخ في آخر المسرحية.
و لقد كتب العاني مسرحيات عدة أخرى منها " ست دراهم " و " المفتاح " و " الخان و أحوال ذلك الزمان ".
المراجـع
لمزيـد من الإطـلاع
إعداد/ هـلال بن سيف البادي
عرف التمثيل طريقه إلى الشعب العربي في العراق من خلال التمثيل الديني الذي كان يؤدى في الميادين والساحات الشعبية خاصة حول ضريح الإمام الحسين –رضي الله عنه- حيث كانت تمثل مأساة صمود الحسين واستشهاده وقد كانت مأساة شبه كاملة إذ تتوفر بها القصة والشخصيات والحوار والملابس فكان الأمويون يرتدون الملابس الحمراء رمزاً للدم والعنف بينما يرتدي الحسين وأتباعه الملابس الخضراء. كان هذا المشهد التمثيلي يظهر شجاعة الحسين ورجاله والآلام التي كان منها النساء والشيوخ والأطفال من جهة وقسوة الأمويون من جهة أخرى.
وجد كذلك فن الإخباري التمثيلي طريقه إلى الشعب العربي في العراق وكان هذا الفن عبارة عن مشاهد تمثيلية هزلية ساذجة بين شخصيتين أو أكثر، وكانت القصة بسيطة، حيث كان الممثلون يعتمدون على التهريج والحركات البدنية، وبجوار فن الإخباري عرف كذلك فن خيال الظل والقراجوز وبعد ذلك نعلم أن الكاتب العراقي ( نعوم فتح الله) كتب أول مسرحية عراقية عام 1893م وكان عنوانها "لطيف وخوشابا" وهي مترجمة عن أصل فرنسي مفقود وكانت بمثابة مسرحية أخلاقية تدعو الوالدين إلى حسن تربية أبنائهما والصفح عن إساءتهم ومن الطريف في المسرحية ازدواجية الحوار فاستخدمت الفصحى للسادة والعامية للخدم .
ولقد عرف المسرح طريقه إلى أهل العراق عندما قدمت فرقة الجيش البريطاني الذي كان يحتل العراق آنذاك عروضاً مسرحية باللغة الإنجليزية ولقد جذب إتقان التمثيل والإخراج في هذه المسرحيات انتباه الجماهير.
في عام 1922م ظهرت في بغداد جمعية "التمثيل العربي" التي كانت بمثابة البداية لنهاية فن القراجوز فلقد غرست هذه الجمعية حب المسرح في نفوس العرب هناك.
ونحن في سيرنا التاريخي لابد أن نشير إلى فرقة جورج أبيض المسرحية حيث زارت العراق و قدمت عروضها في بغداد و البصرة عام 1926م ، فكان هذا أول اتصال حقيقي بين الجمهور العراقي ، و بين المسرح الحديث و قد شارك الفنان العراقي حقي الشبلي مع هذه الفرقة فقام بدور اثيوكليس ابن أوديب في مسرحية " أوديب ملكا "
لقد أعطت هذه الزيارة الفرصة الحقيقية لظهور أول فرقة مسرحية عراقية ، التي ألفها الشبلي ذاته عام 1927م ، لكن لابد من الإشارة إلى مشاركة مجموعة من الممثلين السوريين و المصريين بجوار الممثلين العراقيين .
و أخذت فرقة الشبلي تتجول في كل مدن العراق و هي تدعو للاهتمام بفن التمثيل ، و تعمل على تغيير نظرة الناس إليه .
و لكي يدرس الشبلي فنون المسرح بالشكل الأكاديمي تتلمذ على يد " عزيز عيد " عام 1929م ولما عاد إلى العراق كون فرقة مسرحية باسمه ، إلا أنها لم تلق نجاحا مسرحيا كبيرا مما دفعه للسفر إلى فرنسا عام 1935م و عاد عام 1939م بسبب الحرب العالمية الثانية.
لكنه استطاع خلال إقامته بفرنسا أن يدرس المسرح الغربي ، و أحدث أساليب الإخراج ، و نظريات التمثيل .
و عندما عاد إلى بغداد أسس قسما للتمثيل و الإخراج في معهد الفنون الجميلة ببغداد ، و ذلك لإعداد الممثلين و المخرجين و مهندسي الديكور ليقدموا جميعا مواسم مسرحية دائمة ، و من هنا بدأت الفرصة الذهبية لظهور فرقة مسرحية محترفة عملت على إثراء الحركة المسرحية من خلال تقديم عروض مسرحية جيدة.
و حتى الآن لا نستطيع القول بوجود مسرح عراقي متكامل ، بسبب عدم وجود المؤلف العراقي المحلي ، لكنه في عام 1951م ظهر أول كاتب مسرحي عراقي هو : يوسف العاني ، و يماثل ظهوره ظهور الحكيم في مصر ، و سعد الله ونوس في سوريا.
لقد كتب العاني مسرحيات تتميز بالنقد الاجتماعي المباشر ، حيث كتب ( راس الشليلة ) كاشفا فيها الفساد الإداري الموجود بالدوائر الحكومية ، واصفا كيف يأتي مدير المصلحة متأخرا وكيف ينصرف مبكرا ، أما الموظفون فهم مهملون لأعمالهم و يؤجلونها مضيعين بذلك مصالح الناس الذين يأتون إليهم فلا يهتمون إلا بمن يحمل كارت توصية.
و أيضا كتب يوسف العاني مسرحيات ذات طابع وطني ، مثل مسرحيته " أنا أمك يا شاكر" حيث تصور هذه المسرحية أما تتميز بروح الفداء غذ استشهد ابنها شاكر و سعودي حيث قتل المحتلون شاكرا في أول المسرحية و ابنها الثاني سعودي في آخر المسرحية ، فيصور العاني صمود الأم و ابنتها الجامعية كوثر التي تتدفق وطنية ، مهاجمة خالها و ابنه اللذان يوشيان بالثائرين العراقيين لدى المحتل من أجل بعض الدنانير . و في نهاية المسرحية يتم القبض على الابنة و تسجن ، و تذهب الأم لاستلام جثة ابنها سعودي لتدفنه ، و تترك وحيدة واقفة في شموخ في آخر المسرحية.
و لقد كتب العاني مسرحيات عدة أخرى منها " ست دراهم " و " المفتاح " و " الخان و أحوال ذلك الزمان ".
كان فضل المخرج العراقي إبراهيم جلال على المسرح العراقي والعربي هو فرض ملكة الجدل ، بمعنى التحاور والجدل مع النص والممثل والجمهور والواقع ، لأنه يفهم التاريخ الإنساني على أنه حلقات مترابطة لا يمكن الفصل بينهما، فيعطي أهمية ومكانة للفلسفة في العرض المسرحي . ولقد ساعده فهمه لنظرية برخت على التوصل إلى أسلوب شعبي في المسرح ، فتخلص من ذلك المفهوم الذي لم يكن مستنداً على تبرير درامي ـ فلسفي كما في مسرحياته الأولى .
وقد كان يؤكد دائما على ضرورة إبراز التناقضات الاجتماعية والفهم الصائب للعلاقة الجدلية بين القديم والجديد ، اعتماداً على إستلهام ودراسة واعية للجذور الأصيلة للقديم من أجل أن يكون الجديد منسجماً مع تطور العصر . و هذا هو منطق الحياة القائم دائماً على التناقض والصراع ، فكل يحمل نقيضه وعليك أن تبحث عنه من خلال رؤيتك الخاصة للكشف عن الجوهر .
وتأكيد المخرج ابراهيم جلال دائماً على هذه المفاهيم يوضح فهمه للجدلية في الإبداع الفني ، ويدفعه إلى أن ينظر للقضية الاجتماعية من منظور مناقشتها ضمن المفهوم المعاصر للصراع والتناقض والتجديد ، فالواقع يحمل في داخله تناقضه الحاد . ومن هنا جاء حرص إبراهيم جلال على طرح السؤال الصعب في الفن : ما هو الفن ؟ وما هي المشكلة ؟ ومن هو المتلقي ؟
إن مواجهة إبراهيم جلال لهذه الأسئلة دفعته إلى عدم الفصل بين مفهومه للفن ومعايشته للواقع والحياة وفهم متناقضاتها.فالمسرح بالنسبة إليه لا يقدم أجوبة جاهزة بل أسئلة متواصلة تثير القلق لكنها تمنح سعادة الاكتشاف.
لأن وعي المخرج هو حصيلة للوعي الاجتماعي والفكري ،لذا فأنه حسب رأي برخت يأخذ مهمة الراوي لحادثة تاريخية أو واقعة معاصرة لها خلفياتها الاجتماعية ولا يمكن للمخرج أن يحقق هذا ـ حسب منطق برخت ـ ما لم يعمد إلى مخاطبة فكر وعقل الإنسان ، إضافة إلى احترام عواطفه النبيلة .واعتماد المخرج المسرحي البرشتي على هذا المبدأ يمنحه القدرة على أن يكون مفكراً في داخل عمله .
ولهذا كان إبراهيم جلال يحاول الوصول وامتلاك هذا الأسلوب المتميز في المسرح من خلال المزاوجة بين نظرية برشت الملحمية وبين واقعية ستانسلافسكي العاطفية . وقد أخذ إبراهيم جلال من برشت الجدل العقلي وأسلوب الإخراج الملحمي ومن ستانسلافسكي الأسلوب الواقعي والحس الشعبي . وهو لم يفهم برشت على أنه قاموس لمقولات فلسفية وعقلية جامدة ، وإنما استوعبه أيضاً من حيث أن هذه المقولات لا يمكن أن تصل إلى الجمهور كعاطفة ثرثارة ، حتى لا يكون المسرح متحفاً للشمع وألا يكون الممثل مهرجاً فكهاٌ ، لهذا فأن المخرج يؤكد دائماً على المزاوجة بين الفكر ، والعقل وجذوة الروح .
لقد كان إبراهيم جلال في بداية عمله الفني مولعاً بضخامة الديكورات مما يساعده على تشكيل حركي (ميزانتسين) خارجي للممثل . ولكن في عروضه المسرحية الأخيرة وخاصة مسرحيات برشت استغنى عن كل شيء تقريباً معتمداً على الفضاء كخلفية للحدث والممثل ومستغلاَ أجساد الممثلين كجزء من سينوغرافيا العرض المسرحي . وأصبح واضحاً بأن إبراهيم يتعامل مع الجوقة والمجموعات وكأنها شخص واحد يحركها بما يتناسب مع منطق العمل المسرحي . وبالرغم من أنه كان يسمع موسيقى جسد الممثل ويحاول أن يعبر عنها بصورة فنية متكاملة إلا أنه حاول دائما وبعناد إلغاء عناصر الايهام في عروضه المسرحية لأنها لا تتناسب مع عقله المسرحي الجدلي .
لقد أخرج إبراهيم جلال مسرحية البيك والسايق من إعداد الشاعر صادق الصائغ عن مسرحية برشت (السيد بونتلا وتابعه ماتي) ، فتحولت لديه إلى عرض شعبي عراقي فيه الكثير من الشاعرية ، خاضعاً النص للبيئة العراقية أو العربية والراوية أو الجوقة البرشتية تحولت إلى قصخون عراقي يروي لمستمعيه غناءً وشعراً ما حدث من غرائب في قلعة ( البيك )بونتلا الذي تحول لدى عرض إخراج إبراهيم جلال وفي نص المعد الصائغ ، إلى شبيه بإقطاعي عراقي ، كذلك فأن مشكلة ماتي أصبحت مشكلة أي عامل عراقي فقير . وحاول المخرج إستغلال الأغنية الشعبية العراقية للربط بين المشاهد والتعليق على الاحداث . إن مهمة إبراهيم جلال المخرج قريبة من مفهوم المسرح الملحمي حيث يطالب برشت المخرج بأن يكيف النص إلى احتياجات مجتمعه وأن يخضعه إلى الأساليب الفنية والتراثية لذلك المجتمع . ومن أجل هذا يعمد إبراهيم جلال إلى الحذف والتغير في النص العالمي. ومن أجل تحقيق رؤياه الإخراجية لا يمنع نفسه من أخذ بعض المشاهد الإخراجية من الإخراج العالمي ـ وخاصة في مسرحيات برشت ـ لمعالجة ذات المشهد .فمثلاً مشهد خطبة بونتلا ولقائه بصاحبة الصيدلية وبائعة اللبن … إلخ ، إن هذا المشهد معروف ومكرر على خشبة المسرح العالمي وجلال يعتمده حرفياً في إخراجه .
وكذلك المشهد الأخير عندما يدعو ( بونتلا) سائقه (ماتـي) لصعود الجبال ، فأن تركيبة المشهد والديكور المكون من منضدة وعليها كراسٍ وحركة الممثل والميزانتسين معروفة في الاخراج الألماني أو العالمي ، وعندما يلتزم به جلال في إخراجه للمسرحية فأنه لا يعد هذا سطواً على أفكار مخرج آخر ، ولا يعني أيضاً بأن فناننا ناضب الخيال في تحقيق المشهد ذاته برؤية جديدة ، وإنما يعني تكاملاً للعقل والخيال الفني باختلاف المكان والزمان .
إن المنهج الذي أتبعه جلال في تقريب مسرح برخت من وعي وتقاليد الإنسان والبيئة العراقية إعتمده عند إخراجه لمسرحية دائرة الطباشير القوقازية أيضا والتي أعدها للمسرح الكاتب عادل كاظم بإسم دائرة الفحم البغدادية .إن هذه المسرحية كانت متفردة من خلال اعتماد مخرجها على تطبيق منهج برشت في مجادلة عقل وعواطف الجمهور ، اعتماداً على الحس الشعبي للإنسان العراقي وكذلك استخدام الأجواء والأساليب الفنية في التراث الشعبي وادخاله واستخدامه للأغنية الشعبية كوسيلة فنية من وسائل الإخراج .
كان يمكن لهذه المسرحية أن تشكل علامة بارزة في تطوير المسرح العراقي أو العربي لو قدر للجمهور مشاهدتها حيث عرضت يوماً واحداً فقط وبعدها منعت بقرار من وزير الثقافة العراقي آنذاك طارق عزيز بحجج غير مقنعة حتى للممثلين أنفسهم . غير أن السبب الحقيقي هو الخوف من عرض سلوك بطل المسرحية (أزدك )( مثله الفنان منذر حلمي ) الصعلوك والسكير والمبتذل والسطحي والمستغل و نتيجة لظروف إستثنائية يصبح حاكماً وقاضياً على المدينة . وبالتأكيد كان سبب المنع هو الخوف من أن يربط الجمهور بين وصول أزدك لمنصبه مع الكيفية التي استلم بها حزب البعث السلطة في العراق كنتيجة لظروف إستثنائية واضطرابات مشابهة لكنهم نسوا بأن أزدك هذا حكم بالعدل وهو على الكرسي حيث كان ضميره مرشده . إن منع هذا العرض أثبت خوف السلطة من تأثير أفكار برشت على وعي الجمهور المعاصر .
كان إبراهيم جلال مخرجاً دائم القلق ، وهذا ما كان يدفعه إلى التأكيد بأن العرض المسرحي يبدأ من البروفة الأولى ويستمر تأثيره على الممثلين ، ومن ثم تأثير العرض والأسئلة الصعبة التي يطرحها على الجمهور حتى بعد خروجه من المسرح لمواجهة حياته من جديد . إذن أين هو ذلك الشهاب الناري ؟ وماهي الكلمة الأخيرة التي نطق بها ؟ألا تكون هي صرختنا جميعاً لأننا لم نستطع تحقيق مسرحنا الذي نبغي عندما سرق زماننا الإبداعي عندما بدأ التخطيط للويلات والحروب اللامجدية ؟أو قد تكون هي كلمته الأخيرة يشكر فيها أحد تلامذته لانه دفع فاتورة الحساب المكلفة عندما رقد الفنان قبل موته في أحد مستشفيات الكويت ، وكأن مأساة السياب تتكرر كتعويذة في رقبة العراقيين من جديد ، فالنظام مشغول بحروبه عن آلام الفنان . مات إبراهيم جلال منفياً في وطنه غير أنه بالتأكيد لعن كما هي عادته تلك الهوة بين طموح الفنان وفقر عصره . لقد غبن الفنان لأنه عاش في زمن الجهالة كما غبن المسرح العراقي أيضا . حقاً لقد غادر إبراهيم جلال خشبة المسرح لكنه نسي معطفه الموشى بالحرير متعمداً في ظلمة المسرح العراقي كقدر سيلاحقنا جميعاً .
[SIZE=5]المسرحي العراقي عوني كرومي:
تقديس بريخت يقتله
من الموصل في العراق خرج المخرج المسرحي عوني كرومي ليجول العالم حاملاً رسالة ثقافية فنية من خلال خشبات المسارح والأكاديميات المسرحية العديدة التي درّس فيها،والورشات المسرحية التي نظمها في دول عربية وأجنبية مختلفة.
يعتبر كرومي من المسرحيين الذين قدموا نصوص بريخت بأسلوب متجدد يطرح تساؤلات الواقع الراهن،كان آخرها «العرس» مع طلاب السنة الرابعة في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 1998. قدم أكثر من 70 عملاً مسرحياً عرضت على مسارح عربية وأجنبية،وعمل لسنوات مع المخرج الألماني روبرتو تشوللي في مسرح الرور على مشروع درب الحرير.زار دمشق مؤخراً مع المخرجة الألمانية فريدريكا فيلبك للاتفاق مع مديرية المسارح والموسيقا لانتاج عمل مسرحي مشترك مع ألمانيا عن نص الكاتب الراحل سعداللة ونوس (طقوس الإشارات والتحولات والذي كتبه أثناء مرضه:
* عملت لفترة مع مسرح الرور الألماني والمخرج الألماني روبرتو تشوللي. كيف انعكس عملك في هذه الفرقة على أسلوبيتك المسرحية؟
** كانت تجربة مثيرة وهامة العمل مع مسرح الرور حيث نظام العمل فيه يقوم على فكرة الورشة،والاستقلالية الذاتية،إداريا وفنياً،فهي فرقة مساهمة عمرها أكثر من 22 سنة،تساهم الدولة في رأسمالها،وتساعدها مع شركات خاصة على الاستمرار والديمومة.تضم خبرات من بلدان متعددة،فيها الايطالي والألماني والعربي واليوغسلافي والأمريكي اللاتيني،وكل هؤلاء لديهم نظرة خاصة للفن تركز على خدمة الانسان وحريته وتطلعه،وهم على المستوى الفني الجمالي يتعاملون بروح جماعية وبروح التفكير المشترك،وكل ما يفكر فيه الفنانون من معالجات ابداعية جمالية فكرية تُطرح أمام المجموع ويستمع اليها المجموع لهذا التمرين فيها تمرين جماعي لا يغيب عنه شخص واحد ولا يتعاجز عن ابداء ملاحظاته النقدية.
اختيار المسرحيات في الفرقة يبدأ بالموضوع،يبحثون عن النص الذي يعالج هذا الموضوع،بغض النظر عن مصدر النص،المهم ان يجسد الفكرة المختارة والمخرج والدراماتورج هما الشخصان الأساسيان اللذان يضطلعان بهذه المهمة يساعدهما الكثير من المخرجين والمساعدين.
عملت في هذا المسرح كمستشار لفكرة درب الحرير،وهي محاولة لخلق تواصل بين الشرق والغرب،بعد ان كان هذا الدرب للتجارة، أصبح الآن درب الدموع والآلام والجوع والمافيا والقتل والحروب،نحاول في هذا المشروع اعادة الصفة الثقافية والابداعية لهذا الدرب،لنجعله درباً للحوار بين الثقافات والشعوب من أجل السلام والمحبة والتقدم.وقد تحول هذا المشروع الى مشروع استضافة فرقة ألمانية في دول درب الحرير ،واستضافة فرق من دول درب الحرير في المانيا الى مهرجان يسمى(المشهد المسرحي لدول درب الحرير). استفدت كثيراً من هذه التجربة،ففيها يمكن ان يتعلم الانسان كيف يعمل بحرية،ويفكر بحرية وينطق آراءه الجمالية والمعرفية،ويتناقش ويتحاور مع الآخر بحرية. النقطة الثانية،هي ان العمل لا يبدأ من أشياء مسلمة ومألوفة،انما يبدأ بالاجتهاد والحفر في ذاكرة المجتمع وفي فن الممثل،والحفر في المشاهد،لأن مسرح الرور ينظر الى المشاهد كمبدع اساسي للمسرح لانه هو الذي يتلقى ابداع الممثل أولاً،ومن ورائه الكاتب والمخرج والتقنيات وغيرها من مكونات العرض المسرحي،تعلمت انه لا توجد قواعد ثابتة،وان البحث والاجتهاد والتجريب يقودنا الى معطيات جديدة.
* قلت انك تعلمت كيف تعمل بحرية في مسرح الرور،هل في ذلك اتهام للمسرح العربي الذي عملت فيه أيضاً؟
** المحرمات في مسرح الرور تُختبر وتقدم على المسرح،ولا تحرّم بشكل مسبق،أي أنك تجرب الشيء وبعدها تفكر اذا كنت تريد الغاءه أو إزاحته،فتعمل عندئذ على مبدأ التكثيف والارتجال.،..أما إذا أردنا ان تفهم المحرمات بمفهوم العقل الاجتماعي الذي يصادفه المسرح العربي فأول هذه المحرمات هي غياب التمويل والدعم للمسرح وهذه اكبر كارثة يواجهها المسرح العربي، وثاني كارثة هي تقييد المسرحي قبل ان يسمح له بالافصاح عما يريد قوله،ودون ان يفسح مجالاً للخطأ الذي أريد ان أمارسه في العمل المسرحي لإثبات انه خطأ،ومن أين لي ان أعرف الصواب اذا لم أجرب،وكيف أجرب وهم يضعون الصواب في قناة نسير فيها،حتى الماء يتمرد على الطبيعة ويتمرد على مساره عندما تمنحه الطبيعة رخاوة ما..وفي المجتمع يوجد الكثير من الرخاوات يجب ان نتغير معها لان المجتمع ذاته يتغير،ولأن الحياة تتغير والطبيعة كذلك،النقطة الثالثة هي اننا دائماً سباقون في الحكم عما في طوية الفنان،فالفنان متهم قبل ان يعلن عن رأيه.وأهم من كل ذلك ان دول منطقتنا العربية قد تنازلت عن العقد الاجتماعي بينها وبين المجتمع في مجال الثقافة،وبدأت تتأثر بالعولمة.
* تحدثت عن دور الدراماتورج في مسرح الرور.وهو شخصية نادراً ما نجدها في المسرح العربي لماذا؟
** الدراماتورج هو الشخص الناقد والمنظر،وهو الذي ينبه جميع العاملين الى سير العمل والى سير الفكرة،والى وسائل تجسيد الموضوع،واذا ما وجد خللاً في الفهم والادراك يعيد تفكيك النص من جديد . هذا الدور يقوم به المخرج في المسرح العربي أو مساعد المخرج،وربما يقوم به الكاتب نفسه.
* قدمت عدة أعمال لبريخت«القاعدة والاستثناء» ،«كوريولان» «غاليلو»،«الطباشير النوفارية»،«العرس» وغيرها،ماذا تجد في نصوصه وكيف تقاربها مع واقع الجمهور الذي قدمتها له؟
** اخترت بريخت لأنه يتناسب مع موضوع التحولات الاجتماعية التي نعيش فيها،فهو يسلط الضوء على الظواهر الاجتماعية التي نعيشها،ومن هذا المنطلق عملت على انتاج مسرحياته،لأنني وجدت الموضوع الانساني الفكري والاجتماعي في نصوصه،وليس لأن بريخت يتميز بأسلوب فني معين أو ببيئة مسرحية معينة،أو بأفكار فلسفية معينة،فكل الافكار بالنسبة لي تخضع للموضوع الذي أريد تقديمه.
* إذاً أنت اخترت نص بريخت ولم تختر أسلوبه وخاصة أسلوب(التغريب) القائم على اشراك الجمهور في العرض المسرحي؟
** كل ما صنعه بريخت من ناحية التقنية الدرامية والفكر المسرحي صنعه لكي يجعل القاعدة القديمة في حالة شذوذ وشك، من أجل ان يرى الانسان الواقع المعروض بأسلوب آخر مغرب،أي يجعل المشاهد يرى هذا الواقع ليس كما هو مألوف بل كما يجب ان يدرك. وربما بريخت نفسه سعى لتقديم موضوعاته بهذه الأساليب لكي يغيرها عندما تصبح مألوفة. الهدف من الفكر الجدلي عند بريخت هو ان يجعل المشاهد في حالة يقظة لما يراه على انه واقع بعين مغربة،وكأن هذا الواقع الذي يراه،يدفعه للتأمل والمناقشة،قد نضع مسرح بريخت ضمن قائمة المسرح التقليدي لأن هناك مسارح تسعى لخلق الوهم وتجميل الواقع وعدم نقده وعدم التصدي للواقع.
بريخت،بشكل ما،حاول ان يجد لنفسه مساحة في هذا التاريخ،ولأن بريخت أصبح كلاسيكياً،يعني حتى ولو حولنا كل العروض بهذا الشكل وفقدت وأصبحت مألوفة ومكرورة وممجوجة في بعض الأحيان ولهذا يجب علينا عندما نختار بريخت أن نختاره لموضوعه وليس لشكل التقديم.
* ألهذا تقول ان تقديس بريخت وتحنيطه هو قتل له؟
** بالضبط ،عندما أقدم سعد الله ونوس مثلاً،بالشكل المألوف والتقليدي فأنا أقتله مئات المرات،يجب ان نعمل لكي نعيد الحياة لنص ونوس وكأن هذا النص يتجدد بناء على الحياة اليومية،عندها أرى سعد الله ونوس يتجدد معي،لهذا أقول:لننسى من أجل ان نحيا،لننسى حتى لا نعيد المقولة نفسها،إنما اذا ما اضطررنا لإعادة المقولة نفسها يجب ان نعيدها بوعي آخر. * تجول عوني كرومي بين الكثير من مسارح العالم،ماذا علمتك هذه الرحلة الطويلة؟
** علمني الرحيل بين مسارح العالم،ان أحب المسرح،وعلمني كيف أصبر واتحاور مع الآخرين واستفيد من تجاربهم،كما علمني ان الارادة هي الأهم في انجاز اي عمل وفي أي مكان. الشعور بالاغتراب الجغرافي والاجتماعي جعلاني انظر بعين غريبة الى الواقع وانظر الى أنه ما زالت امكانية التطور قائمة.
* يرى البعض في التلفزيون احياء للمسرح،هل أنت مع تقديم المسرح من خلال التلفزيون؟
** غياب جمهور المسرح هو غياب للموضوع الحقيقي الذي يجعل الجمهور يأتي الى المسرح لكي يكتسب الخبرة.والمسرح الجيد لا يخسر جمهوره،فهو قائم مهما تكن وسائل الاتصال متعددة،وأنا مع استفادة المسرح من كل التقنيات الحديثة،لكن الاستفادة لا تكون على أساس البدعة أو النخبوية أو على أساس قتل المألوف دون وجود مبرر حقيقي لكل مبدع، وكلما ازدادت التقنية بساطة ووضوحاً كلما كان استعمالها بالمسرح أجدى لإيصال الموضوع بالوسائل الأكثر تأثيراً.
* ألا يؤثر ذلك في خصوصية خشبة المسرح؟
** لا..الذي يخاف على المسرح من الموت هو الذي يقتل المسرح بتجميده، المسرح يجب ان يتحرك مع الحياة ويتطلع اليها ليس بعقلية المنافسة إنما بعقلية انه المكان الذي يتبادل فيه البشر الخبرة والتجربة. المسرح يجب ان يكون اشكالياً غير مهادن في رؤية الأشياء،دون ان يكون تخريبياً وفوضوياً.فالمسرح الحي هو الذي يمتلك صوت الآخرين داخل المجتمع، وهو الذي يجيب على اسئلة الزمن والعصر والمجتمع،وكلما شعر المشاهد ان هذا المسرح هو ما يحتاجه،يذهب اليه وهو مقترن ايضاً بالجودة والرقي والخبرة والتجربة وبالجمالية العالية اذ لا يمكن لعمل سياسي بأداء تافه ان يستقطب الجمهور.
* العرض المسرحي بالنسبة الى عوني كرومي اعادة خلق للحياة،كيف يصنع من الممثل انساناً فاعلاً في هذه الحياة المسرحية؟
** انا لا أصنع الممثل،صناعة الممثل وانتاج الممثل كلمات فيها نوع من النرجسية العالية،الممثل هو العنصر الخلاق في المسرح،اتحاور معه،واتعلم منه،اثيره واشجعه على الخلق.
* معظم العروض المسرحية العربية تقوم على نصوص أجنبية،هل يساهم ذلك في تكوين خصوصية المسرح العربي؟
** في العالم العربي لا يوجد شيء اسمه انتاج النص،الكاتب المسرحي العربي يكتب وهو يعرف ان عمله لن ينتج.الكتابة المسرحية العربية تأتي إما لنزوة أو لرغبة او لعكس فكر الكاتب نفسه،المسرحي الأوروبي يكتب وهو يعرف ان عمله سينتج وانه سيكافأ لقاء عمله.
الكتابة المسرحية العربية تبقى محصورة في ذات الكاتب لانه لا توجد عملية انتاج،وعندما نريد ان ننتج مسرحاً نذهب الى الجاهز من أجل السهولة ومن أجل تغطية العيوب او من أجل التبجح والتفاخر والحذلقة.فنحن نعيش في اغتراب عندما نضع اسماءنا مع أسماء كبيرة من دون معرفتنا ان هذه النصوص قد تكون لها فعالية أولا تكون، لهذا فالنص الأجنبي عندما يقدم،يجب ان يجيب عن تساؤلات زمن الانسان العربي ومشكلاته.عند ذلك يصبح النص العالمي نصاً عربياً ما دام هذا النص ينقل خبرة وتجربة وفكرة انسانية تساهم في تطوير المجتمع،فالمسرح وسيلة تساعدنا على تحدي الموت وتساعدنا على الخلود في الزمن القادم،وليس فقط في هذا الزمن.
* انطلقت من المسرح العراقي وساهمت في تجديده مع جماعة المجددين،ماذا عن المسرح العراقي الحالي؟
** المسرح من الناحية العملية والانتاجية هو انعكاس للواقع ،فإذا كان المسرح العراقي لا يمتلك الأمن ولا الاستقرار،ولا المكان،لا يمتلك الجمهور ولا المال ولا الحرية،فهو انعكاس لحالة اسمها احتلال،ولحالة اسمها تخلف.انا افكر في اعادة بناء المسرح العراقي في مرحلة ما بين توديع مرحلة تاريخية وزمنية فنظام سياسي بائد الى نظام سياسي قادم،هذه المرحلة اذا ما طال أمدها اعتقد انه يجب ان يكون المسرح من المساهمين في عملية انهائها من خلال السعي لإعادة السيادة والحرية والتأكيد على الشخصية الوطنية والعمل على بناء المجتمع الحديث مجتمع الانسان الحر الذي يتمتع بحقوقه الديمقراطية .إذاً مهام المسرح العراقي القادم يجب ان تكون ادانة الحرب والعنف وثقافة العنف ودعوة الى ثقافة الأمل والتحرر.
* ما هو مشروعك الجديد القادم؟
** يوجد مشروع لتقديم (طقوس الاشارات والتحولات) باللغتين الألمانية والعربية من خلال فرقتين مسرحيتين عربية وألمانية،ينتج مختبراً مسرحياً لاحقاً لتقديم نسخة ثالثة متداخلة اللغات بناء على مسرحية سعد الله ونوس الذي نعتقد انه استطاع انجاز تحولات في مسرحية التحولات والمشروع ما يزال في مراحله التنظيمية الأولى.
أستاذ متمرس في العلوم المسرحية بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد .
حاصل على ليسانس الحقوق ودبلوم من الأكاديمية الملكية لفنون الدراما في لندن وماجستير في العلوم المسرحية من جامعة اورغون الولايات المتحدة
رئيس اتحاد المسرحيين العرب
عضو لجنة المسرح العراقي
عضو المركز العراقي للمسرح
عضو فرقة المسرح الفني الحديث
نقيب سابق للفنانين العراقيين
الف عدة كتب تخص الفن المسرحي منها : فن الإلقاء ، فن التمثيل ، فن الإخراج
ترجم عدة كتب تخص الفن المسرحي منها : العناصر الأساسية لاخراج المسرحية الكسندر دين ، تصميم الحركة لاوكسنفورد ، المكان الخالي لبروك .
كتب عشرات البحوث من أهمها الملامح العربية في مسرح شكسبير ، السبيل لإيجاد مسرح عربي متميز ، العربية الفصحى والعرض المسرحي ، صدى الاتجاهات المعاصرة في المسرح العربي .
شارك في عدة مؤتمرات وندوات تخص المسرح عربيا ودوليا .
شارك في عدة مهرجانات مسرحية ممثلا ومخرجا أو ضيفا منها مهرجان قرطاج ، مهرجان المسرح الأردني ، مهرجان ربيع المسرح في المغرب ومهرجان كونفرسانو في ايطاليا ومهرجان جامعات الخليج العربي وأيام الشارقة المسرحية .
حصل على الكثير من الجوائز والأوسمة منها :
جائزة التتويج من مهرجان قرطاج ، وسام الثقافة التونسي من رئيس جمهورية تونس ، جائزة الإبداع من وزارة الثقافة والإعلام العراقية ، جائزة افضل ممثل في مهرجان بغداد للمسرح العربي الأول .
من اشهر أعماله الإخراجية المسرحية :
ثورة الزنج ، ملحمة كلكامش ، بيت برناردا ، البا ، انتيغوني ، المفتاح ، في انتظار غودو ، عطيل في المطبخ ، هاملت عربيا ، الزنوج ، القرد كثيف الشعر .