لماذا يعارض البعض نظرية التطور؟ .

الأخوة الأعزاء .
خلافا لكل المسلمات العلمية مثل كروية الأرض ودورانها حول الشمس ،الديناميكا الحرارية،ميكانيكا الكوانتم ،و غيرها من النظريات التي أصبحت جزءا من النسيج المعرفي للبشرية ، والتي لا يقاومها بل و لا حتى يبالي بها أغلب الناس، فإنّ نظرية التطور وحدها تثير رفضا لدى مئات الملايين من البشر ليس في الشعوب المتخلفة فقط بل أيضا في المجتمعات المتقدمة ، ففي دراسة نشرت في مجلة Science عام 2006 فإنّ ما يقرب من 40% من الأمريكيين البالغين يعدون نظرية التطور البيولوجي "نظرية فاسدة".
مدى قبول نظرية التطور في العالم .
اضغط هنا

هناك سابقة مشابهة لهذا الرفض للحقائق العلمية الصادمة عندما أدانت الكنيسة جاليليو بسبب نظرية النظام الشمسيّ و أجبرته على إنكارها - هناك فقهاء مسلمين مازلوا ينكرون هذه النظرية حتى اليوم - إلا أن الكنبسة اعتذرت له بعد ثلاثة قرون على وفاته و ردت له إعتباره ( ما كان لسه بدري !) . لكن حالة داروين تبقى مختلفة، فرغم أنّ الفاتيكان ليست لديه أية مشكلات مع نظرية النشوء والارتقاء فإنّ البروتستانتية الأصولية ومعظم المسلمين يرونها هرطقة معادية للرب .
منذ أن نشر كتاب "أصل الأنواع" عام 1859 م ، واجه داروين مقاومة شرسة من الجمهور و الصحافة ،و انبرى العالمان توماس هوكسلي وتشارلز ليل للدفاع عن داروين و نظريته، ولكنّ الجدال استمر بشدة مما دفع البعض لرسمه على هيئة قرد ،
رغم هذا الموقف استطاعت الحقيقة أن تفرض وجودها و تنتصر ، ففي سبتمبر من العام قبل الماضي قامت كنيسة انجلترا، نظرا لاقتراب الذكرى المائتين، بتقديم الاعتذار لداروين لأنه "أسيء فهمك وكان ردّ الفعل الأوّل خاطئا مما شجّع البعض على إساءة فهمك حتى يومنا هذا".
كي نعرف مدى شراسة المعركة التي يشنها الأصوليون في أمريكا ضد فكرة التطور ، نجد أنه في عام 1925، في مقاطعة دايتون بولاية تنيسي، حوكم "جون سكوبي" المدرّس بإحدى المدارس الثانوية لتدريسه نظرية النشوء والارتقاء وفقا لأصل الأنواع لداروين؛ كانت قضية شهيرة صُنعت أفلام من وحيها، والذين أدانو سكوبي تمّ تسخيفهم، لكنّ السجال لم ينته بعد.
في حربهم الشرسة ضد الحقيقة ظهرت في الولايات المتحدة عام 1987حركة جديدة تحاول تعليم نظرية الخلق الخاص تحت مسمى "التصميم الذكيّ" دون الإتيان على ذكر " المسيح " ،و قوبل هذا الاقتراح بالرفض من قبل المحكمة العليا، على أساس الدستور الذي يفصل الدين عن المدارس العامّة. مع ذلك فإنّ الأصوليين في الجنوب الأمريكي لم يتوقفوا فأخذوا يصدرون المنشورات ويطلقون البرامج التليفزيونية للدعاية لموقفهم ويشاركهم فيه عشرات الملايين في أمريكا الشمالية.
أما في العالم الإسلامي فالموقف أكثر سوءا بما لا يقارن ، كما تبين دراسة استقصائية أجريت في مصر وماليزيا وباكستان واندونيسيا وتركيا وكازاخستان . في كازاخستان وحدها- التي كانت حتى عام 1991 جزءا من الاتحاد السوفيتي - كان رفض النظرية أقلّ من 15%، أما في البلاد الأخرى التي شملها الاستطلاع فإن أكثر من 50% من السكان يعتقدون أنّ نظرية النشوء والارتقاء غير صحيحة .
رغم هذا كله فستبقى حقيقة أنه بعد قرن ونصف من نشر "أصل الأنواع"، أصبح التطوّر جزءا محوريا من البيولوجيا، له تطبيقات عديدة في مختلف المجالات الحيوية .
دعونا نؤكد إذا أن معارضة نظرية التطور البيولوجي لا تقوم على أسس علمية جديرة بهذه الصفة أو خلال نظرية علمية أخرى لتفسير أصل الحياة في الكون ، فنظرية التطور وحدها هي النظرية العلمية التي يقبل بها 99.9 % من العلماء لتفسير التنوع البيولوجي . و لكن هذه المعارضة التي يبديها الأصوليون و المؤدلجون تكون دائما على قاعدة أخلاقية من أجل دعم المنظومة القيمية و المعنوية التقليدية ، معظم مناهضي التطور يعتقدون أنها مناقضة لعقائدهم الدينية ،وهم يرون تلك العقائد ضرورية لإعطاء الحياة قيمة و غاية ، كذلك يرون تلك العقائد محورية ولا غنى عنها في دعم الأخلاق و الحفاظ على القانون ، رغم هذا فكل الشواهد تقودنا إلى أن القانون و حقوق الإنسان يكونان غالبا في حالة أفضل في المجتمعات التي لا يلعب فيها الدين دورا مهيمنا في الحياة العامة ، و تلك الملاحظة في حاجة بالفعل إلى النقد و التفسير .
يلاحظ كثير من رجال الدين و بشكل صائب تماما أن الدين لا يكون فعالا بين العامة إلا عندما يقدم عددا كبيرا من التفسيرات السديدة عن الحياة و نشأتها ، و عندما يفشل في ذلك فإن هذا الفشل يقوض مصداقيته لديهم ، وعلى ضوء تلك الحقيقة يمكننا أن نفهم لماذا تشكل نظرية التطور البيولوجي خطرا على اليهودية و بالتبعية على المسيحية ، و ذلك لأنها تتعارض كلية مع نصوص العهد القديم و التفسير الديني لنشأة الحياة و أصل الأنواع ، و سنجد أن المحاولات التي سعت لتصالح اليهودية المسيحية مع العلم كانت كلها تسير في إتجاه واحد هو تقويض العلم ودعم نظام غيبي أثبت بالفعل زيفه ،و لهذا لم تنجح و لكنها دفعت بالنصوص الدينية إلى خارج نطاق العلم بشكل نهائي .
إن معظم الناس حتى في الغرب لا يدركون إلى أي مدى أثرت المسيحية في الدعامات الأساسية التي قامت عليها المجتمعات الغربية ، كما لا تدرك أيضا حقيقة أن كثيرا من الثقافات التاريخية و حتى المعاصرة الأخرى لا تتشارك مع المجتمعات الغربية في منطلقاتها بل ليس نادرا أن تتناقض معها كلية ، فالإفتراضات المسيحية التقليدية تذهب إلى أن الأرض لا تتغير ،و أن عمر الكون لا يتجاوز عدة ألوف من السنين ،و أن البشر خلقوا خطاة و أن الأصناف المختلفة بما في ذلك الإنسان خلقت كما هي الآن ،و ألا علاقة بين البشر و الحيوانات ، مثل هذه الإفتراضات لا تتوافق مع الثقافات الأسيوية أو الإفريقية على سبيل المثال .
لهذا فمن المثير للدهشة أن نظرية التطور التي هي وليدة العلم الغربي تتعارض بشكل كامل مع العقائد المسيحية بأكثر من تعارضها مع أي عقيدة أخرى ، بل يمكن القول أن تلك النظرية متوافقة مع أي ثقافة معاصرة أكثر من توافقها مع المسيحية ، لذلك ليس غريبا أن يقبل الأسيويون نظرية التطور لأنها لا تتعارض مع معظم الثقافات الأسيوية ، أما عن مدى تعارض نظرية التطور مع العقائد الإسلامية ، فالأغلبية من الفقهاء تلحق موقف الإسلام بموقف الأصوليات المسيحية و اليهودية ، و ترفض النظرية على نفس الأسس الأخلاقية ، يبقى أن هناك قلة نادرة لا ترى هذا التعارض أو لا تراه بهذا الشكل التصادمي ، على سبيل المثال الشيخ حسن الترابي يرى :"لا أرى تعارضا في القول بإن الإنسان أصله قرد مع النص القراني".
أما لماذا ظهرت العلوم في الغرب بالرغم من منطلقاته المسيحية ، فنجد الإجابة في الأساس الإغريقي الروماني للحضارة الغربية ، إن الأفكار اليونانية المادية التي ظهرت للحياة مرة أخرى في عصر النهضة بعد أن طمستها المسيحية لقرون طوال هي التي أعادت صياغة العقلية في الغرب لفهم العالم على قواعد مادية و عقلانية صلبة ، و هي التي وفرت الإطار لتطور العلوم و النظرية الذرية و نظرية التطور و غيرها من دعامات العلم في الغرب خلال عصر التنوير و ما بعده ،إن العلوم الحديثة مؤسسة كلية على القواعد اليونانية التي أعلنتها المسيحية نوعا من الكفر و الهرطقة ، و لهذا كان هناك هذا العداء بين المسيحية و العلوم ، هذا أيضا السبب في تناقضات العلم مع الإفتراضات الأساسية للغرب المسيحي .

Man is descended from a hairy, tailed quadruped, probably arboreal in its habits.
Charles Darwin

نقد الخلقيين

كما رأينا سابقا وجدت نظرية التطور البيولوجي مقاومة شرسة منذ ظهورها ، هذه المقاومة بدأت من العلماء الذين يحملون فكرآ مخالفا ،و لكن تلك المقاومة من العلماء توقفت كلية منذ 100 عام تقريبا ، فلا يوجد عالم واحد يستحق هذه التسمية و يعارض نظرية التطور في مفهومها العام . منذ ذلك الوقت يجري مقاومة نظرية التطور على أسس دينية . هذه المقاومة تكاد تكون محصورة بشكل أساسي في الولايات الجنوبية في الأمريكية و في العالم الإسلامي و بعض البؤر في استراليا و نيوزلنده و أيضا بين الجماعات المتدينة في الهند ،و لكن تلك المقاومة الأخيرة تهبط باستمرار مع إنتشار التعليم ، و تدل الإحصائيات ان 77% من الهنود الذين سمعوا بنظرية التطور يؤمنون بها .
خلال متابعة الخطاب الرافض لحقائق التطور البيولوجي يمكن تمييز عدة مجموعات واضحة : المجموعة الأولى هي الرافضة للتطور على أساس أيديولوجي ، وهي خليط متنافر من الأصوليين و يشملون اليمين المسيحي و الأصوليون السنة و الشيعة . المجموعة الثانية هم الأشخاص الدينيون homo- religious وهم الأشخاص الذي لا يرون الحياة سوى خلال المنظور الديني فقط بلا أي أفق آخر ،وهؤلاء دائما أحادي الفكر لا يمكنهم تقبل أي فكر يخالف موروثهم الثقافي مهما كان علميا و منطقيا ،و بالتالي هم يعادون العلوم كلها التي تقدم رؤية مخالفة لأساطير الأديان القديمة مثل رفض ابن باز لحقيقة كروية الأرض . المجموعة الثالثة ترفض نظرية التطور لأسباب متعددة أخرى أهمها النقص في المعلومات عن النظرية ، او لأسباب أخلاقية أو ثقافية أخرى .

هناك أشكال مختلفة للتعبير عن رفض نظرية التطور أبرزها .
أولآ : محاولة اعطاء هذا الرفض شكلآ علميا و ليس مجرد رفض ديني تقليدي ، و هذا ما يحدث في الولايات المتحدة ، و هناك حركات متعددة تحمل هذا الطابع تتبنى أفكارآ مثل " التصميم الذكي Intelligent Design" ،و " علم الخلق Creation Science" و " الخلقيون الجدد neocreationism " ،وهؤلاء جميعا يتبنون المطالبة بتدريس نظرية الخلق الخاص كنظرية علمية جنبا مع جنب مع نظرية التطور . و لكن العلماء يرفضون تلك المطالب كمجرد أفكار تلفيقية لا سند علمي لها .
ثانيآ : اللجوء إلى ما يمكن أن نطلق عليه الجدل الشعبي ،وهؤلاء جميعا من غير العلماء يقينا . أهم الأساليب الذي يلجأ إليه الشعبيون :
1- يشكك الخلقيون في النظرية النسبية و يعلنون أنها مجرد نظرية "just a theory", و لكنها ليست حقيقة تم تأكيدها علميا ، و هذا سوء فهم للمعنى العلمي للنظرية ، فالنظرية في الحديث الدارج تعني مجرد رأي أو تخمين ، أما علميا فالنظرية تعني أنها " تفسير أو نموذج للعالم تقدم تنبؤات قابلة للإختبار" . نحن عندما نستخدم تعبير نظرية في وصف التطور ، فنحن نعني به تفسير التنوع في الأحياء و أصولها . هناك نموذج للتطور كنظرية هو ما يعرف علميا ب modern evolution synthesis ، و هو ناتج من تآلف من فكرة الإنتخاب الطبيعي لداروين مع نتائج أبحاث مندل في الوراثة . أما عن كون التطور " حقيقة " فهنا أيضا سوء الفهم الناتج عن الإستخدام الدارج لتعبير حقيقي و المعنى العلمي له ، فتعبير حقيقي يعني الشيء الذي تؤكده الشواهد بلا معارضة ، مثل دوران الأرض حول نفسها ،و سقوط الأجسام على الأرض بفعل الجاذبية ،و لكننا علميا نسمى ذلك كله " نظريات " ، التطور أيضا مثله مثل الجاذبية تماما يمكن أن نعتبره حقيقة ، لأنه يظهر أنه صحيح دائما عندما نراقب التطور في تجمعات من الأحياء ، و بالتالي فالتطور هو حقيقة و نظرية أيضا كالجاذبية تماما . أما كون أن التطور ام يتم إثباته ، فهذا ناتج أيضا عن التداخل بين التعبير الشائع و العلمي ، فكل العلوم إحتمالية ترجيحة و ليس التطور فقط .

2- إغفال التعديلات الكبيرة في نظرية التطور منذ ظهروها على يد داروين منذ 150 سنة ، و التركيز على نقد ما قاله دارون و تم تصحيحه لاحقا بالفعل . لم يدع داروين ولا غيره من العلماء أن نظرية التطور ظهرت بشكلها النهائية ، فلا توجد نظرية علمية تستحق الإهتمام تدعي ذلك ،و لكن أهم إنجازات داروين هي أنه وضع حجر الأساس والإعلان الأول الصريح بحدوث التطوّر . نعلم ان دارون إكتشف آلية واحد فقط من آليات التطوّر هي الانتخاب الطبيعي، ورغم أنه تحدث عن اختلاف الصفات الوراثية عبر الأجيال إلا أنه لم يكن على دراية بآليتها والطفرات الجينية التي تسببها، بينما يناقش العلماء العديد من آليات التطور يشكل الانتخاب الطبيعي واحدة منها.
3- هناك مشكلة بنيوية في تفكير الدينيون وهم النقاد الرئيسيون لنظرية التطور ألا وهي ؛ أنهم في لا وعيهم يسقطون المقدس والثابت على كل شيء، حتى على النصوص العلمية والمعرفة البشرية، والتي تنشأ من رؤية معرفية مفارقة كلية ، فالمعرفة كلها بما في ذلك الحقائق العلمية ذات المصداقية العالية إحتمالية ترجيحية ،وهي دائما مشروع لم يكتمل معرضة للنقد العقلاني . هذه الرؤية الدوجمائية لا تظهر فقط في نقد التطوّر بل في تناول كل الأفكار والفلسفات والنظريات . فالإسلاميون مثلآ ينتقدون الماركسية أو فكر هيغل أو العلمانية وكأنها جميعا مقدس أو ديني . سنجد أيضا أن نيوتن و حتى أينشتين و غيرهما لم يدعيا أنهم يقدمون النظرية النهائة لكل شيء ، و لكن في المقابل لا يهاجمهم الأصوليون لسبب بسيط ، ان علماء الفيزياء لم يهدموا فكرة دينية بالوضوح و الحسم الذي هدم به دارون قصة الخلق.
4- العرض المشوه للأفكار و اقتطاع التصريحات العلمية و النصوص من سياقها ،و من ثم تعميمها كأدلة تدحض نظرية التطور ، هذه المحاولة تتجاهل حقيقة علمية هي أن حدوث التطور كحدث تاريخي لم يعد مطروحا للنقاش ،و أن ما يجري نقاشه علميا هي آليات و حوافز و نتائج التطور . هذا الخلط الشديد يجد سوقا رائجا لدى العامة و أشباه المثقفين ، مثل المواد الهزلية التي يقدمها زغلول النجار و أترابه من النصابين . يلجأ ناقدو التطوّر إلى الخداع حين يقتطعون بحوثآ واكتشافات علمية جديدة تتعارض مع أفكار كانت قائمة و تصححها في إطار الصحة العامة للنظرية – كأي نظرية علمية أخرى – و عرضها كأدلة دامغة على انهيار نظرية التطور ، ودائما ما يلجأ هؤلاء المدعون إلى إستخدام لغة ومصطلحات علمية مخادعة ، مما يجعل المتلقي يعتقد بقوة الطرف المحاور علمياً ، و تكمن المشكلة في انعدام وجود أي قاعدة معرفية أو حتى مفاهيم أساسية و أسس المنطق لدى الأغلبية الساحقة من المتلقين ، مما يجعلهم عرضة دائما للخداع ،ومما يزيد الطين بلة تواطؤ الإعلام العربي مع الإتجاهات التغيبية و المعاونة النشطة في سحق الفكر العلمي و تهميشه .
5- تسطيح فكرة التطوّر و تعليبها في عبارات محفوظة " كليشهات " من عينة " أن الإنسان أصله قرد" ،و " لماذا لم نجد قردآ يلد إنسانا ؟ " ، و " هل لو اعطينا قردآ آلة طباعة - كمبيوتر الان كنوع من التقدم - هل يستطيع كتابة قصيدة لشيكسبير بعد عدد من المحاولات؟ .تلك كلها طرح صبياني لنظرية علمية تنير الآن مجالآ هاما للبشرية متعدد المنافع .
6- الاستشهاد بالأخطاء وحتى بحوادث التزوير التي ظهرت في الوسط العلمي متناسين أن من كشفها ونقدها هو الوسط العلمي الداعم للتطور والذي يملك أقوى آلية تصحيح ذاتي مبنية أيضاً على أسس نظريات المعرفة البعيدة عن العامة بشكل عام ومجتمعاتنا بشكل خاص.

شريط جميل ورائع
متابع بصمت مع شكر جزيل وكبير للاستاذ بهجت

(10-29-2010, 02:43 PM)مسلم كتب:  شريط جميل ورائع
متابع بصمت مع شكر جزيل وكبير للاستاذ بهجت

.
يا صديقي العزيز
يسعدني تقديرك سعادة كبيرة ، فلا شيء يعادل ان تجد من يقدر جهدآ بذلته بلا غاية سوى نشر الحقيقية كما تراها .
هذا الشريط و غيره من الموضوعات التي أطرحها يرحب بكل المشاركات الجادة من جميع الزملاء على إختلاف مواقفهم و إنتمائهم ، لا أفضل أحدآ على الآخر طالما يظل ملتزما بجدية الحوار و الإحترام المتبادل .
أكثر من ذلك لا أراني أبدآ المالك للحقيقة المطلقة فمثل تلك الحقيقة هي ملكية مشاعة بيننا جميعا ،و هي فقط أقرب لمن يسعى إليها متجردا من كل شيء سوى الإخلاص لتلك الحقيقة

الزميل / بهجت

اعتقد انني قلت كل ما عندي في هذا الموضوع وسأترك للقارئ الحكم والقناعة لصاحب الحجة الأقوى على النحو الذي يـرتــئـيـه.

لأني أعتقد أن الأدلة التي ذكرتها عن وجود الله وحتمية وجود المسبب الذكي لا يستطيع أي كان أن ينقضها وهي بالمناسبة مجرد امثلة بسيطة جدا على تهافت فكرة غياب المسبب الذكي ، لذلك لن أنسى هذا الحوار كما لن انسى حواري حول علة وجود ثمار الفواكه بالعالم مع احد الزملاء اللادينيين الذي عجز عن تفسيره ، حينما قلت له أن الفاكهة غير ضرورية البتة لرعاية البذرة بل هي فقط لجذب المخلوقات الاخرى لتأكلها و لترمي بالبذرة في مكان اخر لتنمو او عبر خروج البذرة عبر البراز لتنموا في مكان اخر إذن فالمسألة لا تتعلق بحفظ البذور بل بنشرها بواسطة المخلوقات الأخرى تماما كما تعتمد الأزهار على جذب المخلوقات الأخرى لتلقيحها

وقلت له في حينه انه في احيان كثيرة تبدو المخلوقات و كأنها على علم بكثير من تصرفات المخلوقات الاخرى و الظروف المحيطة فإذا سلمنا بالتطور فهل يعقل أن النبات الذي لا يرى و لا يسمع و لا يعقل و لا يفكر ولا يعني وجوده ناهيك عن وجود غيره وسلوكه قد تطور لوحده بهذه الصورة الذكية.

على اي حال لا يوجد ما اضيفه سوى تعليقات سريعة على مداخلتك الاخيرة الموجهة لي.

اقتباس:يمكن أن نتصور ظهور الحياة على الأرض بدون تصميم ذكي يعيدنا للسؤال القديم و من صنع الصانع ؟.
رغم هذه الفرضية فإن العلم لم يتركنا حيارى ، علينا إذآ أن نسأل ماذا حدث يوم 19 مايو 2010؟
يعتبر هذا اليوم يوما تاريخيا بكل المقاييس فى مسيرة الإنجاز العلمى..ففيه أعلن د.كريج فنتر رئيس المعهد الذى يحمل إسمه فى كاليفورنيا - الولايات المتحدة الأمريكية..عن تصنيع أول خلية حية فى المعمل..أو بتعبير آخر "خلق حياة صناعية"..وهو بالطبع إنجاز لم يسبقه إليه أحد..وقد أنفق المعهد 40 مليون دولارا على هذه التكنولوجيا..وقال الدكتور فنتر فى معرض تصريحاته عن هذا التطور أنه سيعود على البشرية بنفع هائل خاصة فى مجالات إنتاج الأدوية والوقود ومكافحة تلوث البيئة..وتواردت الأنباء عن عقد اتفاقات بين شركات الأدوية الكبرى وشركات إستغلال الطحالب لتمويل أبحاث د. فنتر فى مقابل الإستفادة التجارية من خلاصة تجاربه المعملية..
وعلى الرغم من أن الإنجاز أثار جدلا كبيرا ليس فقط بين العامة ولكن أيضا فى قلب الأوساط العلمية ،فقد اتفق الجميع على أهميته المحورية البالغة وأنه نقطة تحول هائلة فى تاريخ العلم..
لكى يصل الدكتور فنتر ورفاقه إلى هذا الإنجاز..كان عليهم أن يكدوا لعشر سنوات عبر رحلة كفاح مبهرة داخل معاملهم...وأثمرت تلك الرحة عن صنع الخلية الحية عبر الخطوات التالية

1- قام الفريق بتحليل تركيب المادة الوراثية (الدى ان ايه) لبكتيريا بدائية تسمى "مايكوبلازما مايكويدس" وهو نوع بدائى من الميكروبات يصيب الماعز..وفى حالة هذه المخلوقات البدائية تعتبر المادة الوراثية هى المركز الذى يتحكم فى كل وظائف الخلية وسلوكياتها..نستطيع أن نقول أنها جهاز التحكم فى الخلية...

2- قام العلماء بتصنيع مادة وراثية من مجموعة أحماض محضرة معمليا ثم ركبوها عن طريق الكمبيوتر بنفس الترتيب الطبيعى الخاص بالمايكوبلازما فى داخل خلايا فطرية طبيعية..مع إضافة بعض الشفرات للتمييز بين الخلايا التى ركبوا مادتها الوراثية والخلايا الطبيعية
الدوائر الصفراء هى الشفرات التى ميز بها الفريق الدى ان ايه الصناعى والباقى عبارة عن تقليد منسوخ للدى ان ايه الطبيعى تم تركيبه فى المعمل..
3- بمجرد أن تم زرع الخلايا الجديدة داخل الفطريات قامت بالتكاثر وأنتجت ملايين البكتيريا المماثلة تماما للخلايا ذات المادة الوراثية الصناعية بشفراتها المميزة..
هذا هو التطور المعملى المذهل الذى يفتح آفاقا لاستخدام نفس التكنولوجيا مستقبلا فى توليد خلايا ذات خصائص مميزة مؤثرة...مثلا خلايا تمتص العوادم من الجو...أو خلايا تنتج لقاحات..طاقة فى حالة حسن الإستخدام أو أمراض فتاكة فى حالة سوء الإستخدام..ناهيك عن إستعمالات أخرى ربما يعجز العقل البشرى المعاصر عن تخيلها..
وصلة

هذه الخبر بالذات قمت بمتابعته والتعليق عليه لأن بعض وسائل الاعلام العربية نقلته مترجما بشكلل مضلل للغاية

اسمح لي أن أقتبس هذا الرد على الزميل فلسطيني كنعاني ونفس السياق

وأقتبس


أنا أتحدث عن خلق الحياة الذي زعمت أن باحثين غربيين تمكنوا من انجازه ، في حين أن ما جرى كما قال أحد الزملاء مجرد زرع لجينوم في بكتيريا .اي نقلة من زرع الاعضاء الى زرع الحمض النووي أما القول ان ما جرى هو انتاج خلية اصطناعية حية كما فعلت في عنوان موضوعك هذا فهو ليس فقط مبالغة وخطأ في التعبير اللغوي بل أيضا تجني على الحقيقة .

اقتباس:تم استخدام جدار خلية مفرغة من ال DNA أما ال DNA نفسه فتم تصنيعه From scratch على راي الدكتور فنتر بواسطة برنامج كومبيوتر

اقتباس:حين تصمم DNA على الكومبيوتر و تضعه في جدار خلية فارغة .... و تنقسم هذه الخلايا مليارات المرات ، نعم تكون قد خلقت شكلا من اشكال الحياة .... أما ال DNA نفسه tتم تصنيعه From scratch على راي الدكتور فنتر بواسطة برنامج كومبيوتر

لسة بقولك صنع الـ DNA بالمختبر

يا زميل البشرية ما بتعرف تصنع سلاسل DNA كما انها لا تصنع خلايا وانسجة حية بطبيعة الحال لأنها لا تصنع DNA من أساسه ، عمرك شفت خيار وتفاح وموز تم انتاجه في مصنع عوضا عن زراعته وعمرك شفت بيوض دجاج جرى تصنيعها وتعبئة بياضها وصفارها داخل القشرة على خطوط إنتاج ، انت اللي مش عارف تترجم -مع احترامي- وخصوصا كلمة الاستنساخ ومش عارف أصلا ايش هو المقصود بتصميم الـ DNA على الكومبيوتر ، وبتفكر انو الجينات اللي بتتصمم على كومبيوتر مربوطة بماكينة بتعمللها Print out بنفس الطريقة البسيطة التي يتم فيها تحضير الماء H2O بالمختبر من خلال عمل اتحاد بين الاوكسيجين والهيدروجين ،،، مع انو نفس الدكتور فينتر على موقع اليورو نيوز بقولك وبالحرف الواحد انه تم الحصول على الـ DNA عبر مزج 4 مواد كيمياوية مع الخميرة أي مع الكائن وحيد الخلية بعبارة أخرى تم التلاعب في DNA ثم تم زرعه في جدار خلية بكتيرية

وقبل أن تحدثني عن تصميم الجين ممكن تلقي نظرةة على تعاريف المصطلحات التالية :

الاستنساخ الجيني لمادة : هو فصل الجزء المراد استخدامه و زرعه في بعض أنواع البكتيريا القابلة للانقسام السريع و دمجه مع DNA آخـر


الهندسة الوراثية (Genetic engineering‏) : هي التقنية التي تتعامل مع الجينات، وبضمنها جينات الأحياء الدقيقة، فصلاً ووصلاً وإدخالاً لأجزاء منها من كائن إلى آخر بغرض إحداث حالة تمكن من معرفة وظيفة (الجين) أو بهدف زيادة كمية المواد الناتجة عن التعبير عنه أو بهدف استكمال ما نقص منه في خلية مستهدفة.

يعني تصميم DNA على الكومبيوتر اللي ماسكلي فيه يتم من خلال الوصل والفصل والاضافة وليس من خلال التصنيع المباشرة كما اختلط عليك الأمر وللعلم فحتى بالدول العربية التعبانة تجري هذه العملية غي مراكز بحوث زراعية بهدف تحسين الانتاج والسلالات للمحاصيل و الثمار

ما جرى تركيب جينات على خلايا ، فلا الجينات من صنع الباحثين ولا الخلية الحية كانت كذلك فأين الخلق في الموضوع.

هل التخصيب الصناعي أو الاستنساخ ونقل الجينات بين الخلايا والكائنات الحية هو خلق برأيك.؟؟!!!

إذا كنت مصر أن ما جرى هو خلق للحياة ففي هذه الحالة أستطيع أن أقول لك أن أي ذكر وأنثى يمكنهم من خلال الاتصال الجنسي أن يخصبوا بويضة ويخلقوا حياة ليس فقط من بني الإنسان بل من جميع الكائنات الأخرى وبهذا المعنى المضروب فالكل أصبح خالقا ابتداء من الإنسان والثديات مرورا بالحشرات والأحياء الدقيقة.



انتهى الاقتباس

اقتباس:وبتفكر انو الجينات اللي بتتصمم على كومبيوتر مربوطة بماكينة بتعمللها Print out

هذا صار أمرا ممكنا. الآن تستطيع بنفسك تحديد تتالي القواعد الأساسية الاربعة A G T C على برنامج كمبيوتر. ثم تقوم أجهزة مناسبة بتركيب الـ DNA بالترتيب الذي اخترته.

(10-30-2010, 01:47 PM)thunder75 كتب:  الزميل / بهجت

اعتقد انني قلت كل ما عندي في هذا الموضوع وسأترك للقارئ الحكم والقناعة لصاحب الحجة الأقوى على النحو الذي يـرتــئـيـه.

لأني أعتقد أن الأدلة التي ذكرتها عن وجود الله وحتمية وجود المسبب الذكي لا يستطيع أي كان أن ينقضها وهي بالمناسبة مجرد امثلة بسيطة جدا على تهافت فكرة غياب المسبب الذكي ، لذلك لن أنسى هذا الحوار كما لن انسى حواري حول علة وجود ثمار الفواكه بالعالم مع احد الزملاء اللادينيين الذي عجز عن تفسيره ، حينما قلت له أن الفاكهة غير ضرورية البتة لرعاية البذرة بل هي فقط لجذب المخلوقات الاخرى لتأكلها و لترمي بالبذرة في مكان اخر لتنمو او عبر خروج البذرة عبر البراز لتنموا في مكان اخر إذن فالمسألة لا تتعلق بحفظ البذور بل بنشرها بواسطة المخلوقات الأخرى تماما كما تعتمد الأزهار على جذب المخلوقات الأخرى لتلقيحها
...............

ثندر .
يا زميلي الفاضل .
الحوارات العلمية تختلف كلية عن تلك الأيديولوجية و الثقافية .
الفيصل في الحوارات العلمية هو العلم ذاته و ليس استحسان الناس .
الحقائق العلمية لا ينقضها سوى حقائق علمية أخرى أكثر مصداقية .. أي أكثر قدرة على التفسير و أن تكون لها تنبؤات تدعمها التجارب العملية ،ولا يوجد بديل آخر .
كل دورنا ليس الدفاع عن نظرية ثبت صحتها تماما ،و لكن بذل بعض الجهود في تفسيرها و شرح الجوانب المستغلقة منها .
هناك مشكلة تعريف : هل نحن نناقش نظرية التطور البيولوجي أم نناقش تأثيرها على الإيمان بالله ( رب المسلمين تحديدا ) . و رأيي هو ضرورة الفصل بيت النظرية كعلم ،و بين ما يترتب عليها من رؤى ثقافية ،و كيف يتأقلم الدارس معها نفسيا .
أرى أن فكرة الإله الشخصي الخارق للطبيعة و المستهدف بالعبادة هي فكرة متسربة إلى حضارتنا من الحضارات القديمة ،و ليست مطروحة في المجتمع العلمي . اما فكرة الإله - الأكاديمي -المطلق المصمم ، فهي وحدها الفكرة القابلة للحوار ،و التي تناولناها بالفعل .
لا أعتقد في النهاية ان تعبير مثل ( كسب الحوار) هو تعبير مناسب . الحوارات الحقة هي شراكة نساهم فيها بأفضل أفكارنا و بأوضح طريقة للعرض .
الفوز و الخسارة تعبيران مستمدان من الحياة العملية و لا علاقة لهما بعالم الأفكار . كي يمكن تحديدالفائز لابد من محكم و معايير موضوعية للفوز و كلاهما غير متاح .
في النهاية أشكرك لإهتمامك و جديتك ،ولا يمكن لأي إنسان يسعى لحوار حقيقي ان يطلب المزيد .
يبقى أني اتمنى أن تقرأ الشريط او أجزاء منه لو توفر لديك الوقت و سأحاول تحديد بعض المداخلات الأساسية لمن يريد متابعة الشريط و ليس لديه الوقت الكافي .

(10-30-2010, 02:29 PM)سهيل كتب:  هذا صار أمرا ممكنا. الآن تستطيع بنفسك تحديد تتالي القواعد الأساسية الاربعة A G T C على برنامج كمبيوتر. ثم تقوم أجهزة مناسبة بتركيب الـ DNA بالترتيب الذي اخترته.

أشكر الزميل العزيز سهيل على مساهماته النيرة .
الزميل سهيل يعلن أنه مؤمن و لكنه لا يرى ذلك سببا لإنكار العلم . هذا ما يهمني فمن وجهة نظري ليس مهما ما يرتبه الإنسان على الحقائق العلمية من نتائج عقيدية .
هناك 40% من العلماء الأمريكيين يؤمنون بنظرية التطور و أيضا يرون أنها موجهة من إله ما ، الخطأ كله هوأن يتعامل الإتسان مع العلم بشكل إنتقائي فيرفض مالا يلائم معتقداته ،وهذا ما لايفعله سوى 5% فقط من العلماء في أمريكا يؤمنون بأن العالم حديث و ان الأحياء مخلوقة بشكلها الحالي ! ، أما لو تحدثنا عن علماء البيولوجيا ف99.9% منهم يؤمنون بالتطور البيولوجي .
.................
هذه وصلة بفيديو كليب لمجموعة من العلماء الأمريكيين يتحدثون عن التطور البيولوجي في مواجهة الخلق الخاص .
أذكي هذه الوصلة لأنها سهلة العبارة ،و لأنها لعلماء موثوق بهم و مشهورون عالميا كمتخصصين في البيولوجيا .
اضغط هتا .
.................................

مخطط توضيحي للتطور

.........................................................................................

شجرة الحياة

...................

المخطط السابق يصلح لوصف الخوارزميات الجينية " Genetic Algorithms" في مجال علوم الكمبيوتر .

(11-01-2010, 08:39 PM)بهجت كتب:  أشكر الزميل العزيز سهيل على مساهماته النيرة

هي مجرد سطرين لتسجيل حضور و اهتمام بالمتابعة بمواضيعك و مواضيع بعض الزملاء. بدل اغراقكم بكلمات الثناء بعد كل مشاركة

و هذه اضافة من نفس النوع, رابط من برنامج عرض على البي بي سي السنة الماضية. لمن ليس عنده وقت يستطيع القفز إلى الدقيقة 3:00 حتى يرى كيف يركبون الـ DNA بدءا من برنامج كمبيوتري. أعتقد أن الزميلين وليد غالب و فستق تحدثا عن محتوى الفيديو من قبل و أوردا روابط مترجمة له.

http://www.youtube.com/watch?v=i4ZoBUJDO84

بالمناسبة, حصلت من البي بي سي على مجلة مع بوستر جيد عن شجرة الحياة بمناسبة الذكرى المئتين لمولد داروين. علقت البوستر في غرفتي فترة من الزمن كلوحة فنية جميلة. ثم أزلته و حفظته حتى أجد له إطارا كبيرا يحفظه من التلف.

كل تقدير