نقلا عن المصرى اليوم بتاريخ ٢٠/ ١١/ ٢٠١٠
بقلم د. وسيم السيسى
ما هو الدين؟ يجيب عن هذا السؤال ويل ديورانت فى موسوعته قصة الحضارة: الدين هو عبادة القوى الكائنة فوق الطبيعة.
كل المجتمعات لها دين، ماعدا قبائل الفيدا فى سيلان.. فإنهم يعبدون الشجرة لأنها تعطيهم الثمار، والظلال، وتطعم الإنسان والحيوان! أما قبائل الأقزام فى أفريقيا فلا دين لها! أما هنود أمريكا الشمالية، فهم يعرفون أن هناك إلهاً، ولكنهم لا يتعاملون معه لأنه انصرف عنهم وأصبحوا فى أسوأ حال!
كانت مصادر الأديان البدائية ثلاثة ١- الموت ٢- الأحلام ٣- الكوارث الطبيعية كالزلازل والحرائق والفيضانات. وجد الإنسان البدائى الفرق بين الميت والحى هو التنفس، فسمى التنفس الروح، والروح من ريح، وريح هو الهواء، ويؤكد هذا: روح فى اللغات الأجنبية Spirit، وهى من RESPIRATION أى تنفس! اعتقد الإنسان البدائى أن هذه الروح هى التى تزوره فى الأحلام بعد موت هذا الإنسان، فآمن بعالم آخر تسكنه الأرواح!
كما اعتقد الإنسان البدائى بآلهة (جمع إله) شريرة وراء الظواهر والكوارث الطبيعية، فأخذ يتقرب لها بالعبادات والأضاحى!
كانوا يضحون برئيس القبيلة، ومرت الأيام فأصبحوا يضحون برجل من القبيلة، ثم امرأة، ثم طفل، ثم بجزء من هذا الطفل، ومن هنا نشأت فكرة الختان، التى أصبحت حلا عبقريا بدلاً من الأضاحى البشرية، فعلى سبيل المثال، كانت هناك قبيلة تدعى قبيلة «هنوم» تحرق الابن البكر على مذبح الإله مردوخ فى جنوب أورشليم، ومنها جاءت «جى هنوم» أو جهنم! حيث إن «جى هو» (إله الزلازل فى باطن الأرض)، وهنوم هى قبيلة المحرقات والأضاحى البشرية! نجد حتى الآن قبائل الساموا فى أفريقيا تنبش الأرض بأظافرها.. تبتهل ساجدة للإله «جى» أن يكف عن التقلب فى باطن الأرض، لأن الأرض ستنفجر من الزلزال! جيولوجيا.. علم طبقات الأرض من «جى»!
ظلت هذه الطقوس الدموية حتى «فجر الضمير»، حين أشرقت شمس الحضارة المصرية القديمة (سبعة آلاف سنة).. فأبطلت مصر الأضاحى البشرية، واستبدلتها بالتقدمات الزراعية، كالخس لإله الخصوبة، والقرابين للإله آمون (آمين الآن).
رفض إله اليهود تقدمة قابيل لأنها من ثمار الحقل، وقبل ذبائح هابيل، رمزا لقبوله الراعى، ورفضه الفلاح! يقول سيجموند فرويد فى كتابه (موسى والتوحيد)، (إله اليهود عنصرى.. دموى.. ضيق الأفق.. ص١١٣)!
جاءت العقائد السماوية بداية بالتوراة، فاستبدلت الإنسان بالحيوان، وبعد أن كان إبراهيم على وشك تقديم ابنه ذبيحة للرب، أمره الله بأن يستبدله بكبش فداء عنه، يحمل عنه أوزاره، ويصد عنه غضب الإله، وأصبحنا نحتفل بعيد الأضحى المبارك كل عام.
تكاد الأعياد كلها تكون من مصر (إميل لودفيج) فقريب من عيد الأضحى الآن.. هو عيد أوزيريس.. الذى قتله ست (SATAN) أى الشيطان.. فصعد أوزيريس إلى السماء فداء للإنسان، ولكن العذراء إيزيس (عزة) أنجبت منه الطفل الإلهى (المولود من روح أوزيريس) حورس، الذى قتل عمه الشرير «ست» بعد أن تنكر «ست» فى هيئة خنزير أسود، فأبطلت مصر الفرعونية أكل لحم الخنزير، لأنه رمز للشر.
أما عيد عاشوراء فهو عيد مصرى قديم.. كانوا يحتفلون فيه برمى بذور القمح فى اليوم العاشر من شهر طوبة (ديسمبر)، أخذ اليهود هذا العيد من مصر، ثم المسلمون.
أما عيد ميلاد أوزيريس فقد كان يتفق مع ٢٤ ديسمبر (كريسماس)، وكانوا فى هذا العيد يزينون البيوت بشجرة عيد الميلاد! كما كانوا يحتفلون بوجبة الإوزة البرية! حتى الآن تحتفل سويسرا وألمانيا بالإوزة وليس الديك الرومى الذى دخل أمريكا وأوروبا بعد القرن الـ١٨ الميلادى! وحتى عهد قريب كان جروبى يقدم إوزة شيكولاتة فى أعياد الكريسماس.
أما عيد وفاء النيل الذى يجب أن يعود.. خصوصاً أن ادعاءات القفطى والكندى والبغدادى بخصوص عروس النيل، قد فندها أربعة علماء كبار ١- إدوارد جيبون ٢- إرنست رينان ٣- الفريد بتلر ٤- لوبون كما فندوا ادعاءات المؤرخين العرب الثلاثة أنفسهم بخصوص حرق عمرو بن العاص مكتبة الإسكندرية، وكيف أن المكتبة احترقت عام ٢٨٠ ميلادية فى ثورة المصريين الكبرى ضد الرومان، كما أن المؤرخ أورسيوس زار المكتبة عام ٤١٦ ميلادية، أى قبل دخول العرب بـ٢٢٥ سنة، فوجدها: أرففها خالية من الكتب، والمكتبة بلقعاً يباباً (خراباً).
http://www.almasry-alyoum.com/article2.a...sueID=1960