ِ
(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ 106 وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 107) آل عمران
![[صورة: JozefMariaKind.jpg]](http://www.marypages.com/JozefMariaKind.jpg)
صورة "فوتوغرافية" لرب المجد الأبيض وأبويه البيض
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ --- إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً --- أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ
أبو الطيب المتنبي
إذاً هل نحن "البيض" (بلا فخر) عنصريين تجاه الملونين ...؟
بداية مرحباً للجميع
لا أعرف إن كان ما سأقوله سيلقى آذاناً صاغية لدى الآخرين (بيضاً ودجاج)* أم أنه سيكون عديم الفائدة .
ولكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه علينا من هم البيض ومن هم الملونين وماذا نعني بأبيض وملون ؟
بالطبع جميعنا يعرف مشكلة أو بالأصح قضية إفراز الميلانين وتأثيراته اللونية على الجلد البشري ، والذي بات (أي المفهوم) بالنسبة للإنسان العلمي المعاصر قضية بيولوجية لا علاقة لها بالخير أو الشر ولا بتفضيل "الله" رب المجد الأبيض لسلالات على أخرى ، ومن هنا لو ابتعدنا عن الإنسان المتدين على اختلاف مشاربه مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً ، سوف نكون قد تجاوزنا نصف الإشكالية التي تحتل مساحة في لا وعيه لا يستطيع تجاوزها إن من ناحية بياض بشرة محمد أو من ناحية لون رب المجد الأبيض وعائلته البيضاء طبعاً أو من ناحية هلوسات تقسيم البشرية إلى ساميين وحاميين وفقاً للقصص التوراتية* !!.
وحتى نكون أكثر دقة فإن اللون الأبيض لا يتبع لإنسان الشرق الأوسط فإنسان الشرق الأوسط ملون وحتى إن كان أبيض البشرة ، فأبيض البشرة صفة تختص بالأوروبي حصراً .
وكلمة الملون لا تعبر عن الإنسان الأفريقي الأسود لإن الإنسان الملون متدرج اللون إلى أن يصل إلى البني الغامق ، ولكن عندما نقول أسود أو "زنجي" فنحن نقصد صفات شكلية معينة أيضاً إلى جانب السواد .
وحتى لا أدخل في مباحث البيولوجيا والتاريخ وتصنيف تاريخ العبودية على اختلافه كون العبودية لم تكن من نصيب الأفارقة السود وحسب بل كانت تطال معظم الشعوب التي تتعرض للغزو ، ولكنها ظلت لصيقة "كصفة" بالأفارقة على مر العصور .
أقول ، إن محاولاتنا الحثيثة لعدم ذكر الاختلاف أمر جيد ولكن الاختلاف واقع ... فما الحل إذاً ؟
الحل هو في فهم أبعاد هذا الاختلاف على أساس علمي وبالتالي القفز فوق الفروق إلى ما بعدها والسؤال الصحيح ماذا بعد ؟
فلا ينفع الرجل الأبيض أو من في حكمه أي نحن (بلا فخر) ، أن نظل نمارس تفرقة مقتعة تحت أوجه كثيرة متوطنة في اللاوعي لدينا .
وأيضاً لا ينفع الرجل الأسود ومن في حكمه (ابن ست البرين)* ، ان يظل يمارس عقدة النقص تجاه أي تصرف أو كلمة تصدر عن إنسان مختلف عنه في اللون .
ولإن أشكال التفرقة والتمييز في هذا العالم لا تبدأ من اللون ولا تنتهي عند العقائد ، بات من الضروري أن ندرك إن عملية الانتصار على الموروث البشري "المتخلف" هي حاجة أكثر من أي وقت مضى ولكنها لن تتم بهذه السرعة التي يأملها البعض ، وإلا كنا خياليين غير واقعيين .
فليس من الحقيقي أن المرأة باتت تأخذ حقوقها كما أنه ليس من الحقيقي أن وضع الملونين بات أفضل* فعلاً ، فالتفرقة تمارس بأشكال مقنعة لا تقل سوءاً عن سابقتها المباشرة .
وليس من الصحيح أن أمارس مساواة المرأة مع الرجل في الحالات الشاذة ، وعندها سأسأل نفسي كيف أجبر الطبيعة على أن لا تمارس هذه التفرقة بين البيض والسود على المستوى البيولوجي التطوري !!.
ولإن الإنسان كان يخضع لقوى الطبيعة وبات يتحرر منها شيئاً فشيئاً ، أيضاً سوف يصل إلى التحرر من سطوة الطبيعة في تحديد ألوان واشكال البشر شيئاً فشيئاً من ناحية المفاهيم أيضاً .
نعم إني أساند الحكيم الرائي في دعواه* للتخلص من العنصرية الكامنة فينا الناتجة عن موروث فكري امتد على عصور والقابعة في اللاوعي تجاه الألوان والأعراق الأخرى من البشر ، وفي المقابل أهمس في أذنه أن عليه التأني في تقييم الآخرين فليس كل تصرف أو كلمة تعني عنصرية مقصودة* .
إلى هنا سأكتفي من الكلام فأنا أعاني التصحر الفكري ....
الهوامش :
- بيضاً ودجاج : خطأ مطبعي والمقصود به بيضاً وملونين .
- من الملفت أن البعض لا زال يتمسك بهذه الهلوسات .
- ابن ست البرين : لقب محبب إلى قلب زميلنا العلماني للتدليل على عقدة نفسية للرئيس "المؤمن" أنور السادات سلط عليها محمد حسنين هيكل أضوائه الكاشفة وقرأ تاريخ مصر الحديث بطريقة أفقية عن طريق الأشخاص كي يحلل الأحداث وتناسى أن هناك قراءات عامودية عن طريقة الظروف الموضوعية كي لا تطاله - أي هيكل - بشكل أو بآخر .
والغريب والملفت أن زميلنا الحكيم الرائي انتفض للتعبير العنصري الذي يطال المصريين كملونين بشكل غير مباشر والذي كان شخص ملون كهيكل هو باعثه ، ولم تنتفض زميلتنا هالة للتعبير العنصري الذي يطال النساء بشكل مباشر والذي كان سببه ذكر !!.
- فكما أن البعض يهرول ليقول لنا أن وصول أوباما إلى الحكم في أمريكا دليل على تلاشي العنصرية ، فإنه يتناسى بالمقابل على أن وصول أوباما من خارج السياق إنما هو إثبات حقيقي على أن العنصرية موجودة كالنار تحت الرماد وإن مسرحية توليه السلطة محاولة مفضوحة من قبل القوى الرأسمالية الأساسية والحاكمة الفعلية للديمقراطية الأمريكية لتلميع صورة هذه الديمقراطية .
- أعتقد أن الحكيم الرائي محق في هذه النقطة وهي قضية المورث العنصري الذي نعاني منه حتى وإن كانت طريقة عرضه فجة بعض الشيء .
- أنصح الجميع بمشاهدة فيلم (The Human Stain) فهو أفضل تعبير عن وضعنا كبشر . فكثير من المفاهيم نهرب منها وهي لصيقة بنا .