زلزال سياسي واجتماعي في مصر.. وآلهة لا تفهم؟
خالد الشامي
2011-01-27
هل اندلعت في مصر الانتفاضة التي طالما حذرنا وحذر المراقبون منها؟
لقد تحرك قطار التغيير ولا ريب، ولن تعود مصر ابدا كما كانت قبل 25 كانون الثاني/يناير، مهما حدث او لم يحدث، طال الزمن ام قصر قبل ان تتحق كل المطالب المعلنة لهذه الهبة التاريخية.
لقد قال الشعب المصري كلمته عالية واضحة، وانصت اليها التاريخ جيدا، كما فعل دائما، رغم التعتيم الاعلامي على الانتفاضة، الذي تعددت اسبابه وحساباته داخل مصر وخارجها.
اصدر هذا الشعب المكافح الاصيل حكمه بعد ان طال صمته، وظن البعض ان قدرته على الصبر ضعف واستكانة، او تصديق لحالة مرضية تسمى في علم النفس (الخنوع الجمعي) وهي التي تنتج عن العيش لزمن طويل تحت الحكم الديكتاتوري، واستشهد بها تقرير التنمية البشرية الخاص بالعالم العربي في العام 2004.
وليست هذه النظرية الوحيدة التي اثبتت الانتفاضة المصرية عدم دقتها، بل ليس من المبالغة القول ان اولئك الشباب والكهول الشيوخ والنساء، الذين تدفقوا كالغيث من كل حدب وصوب، وغالبيتهم الساحقة يخرجون في مظاهرة للمرة الاولى في حياتهم، اعادوا رسم الخريطة السياسية في مصر، وفرضوا اجندتهم الخاصة على النظام والمعارضة معا، عبرهتافاتهم التلقائية، وقدرتهم المدهشة على هدم جدار الرعب التاريخي في مواجهة ماكينة القمع الجبارة للحكم.
وليس هذا الصمت الرهيب الذي خيم على الساحة السياسية المصرية في ذلك اليوم التاريخي، باستثناء بيان من وزارة الداخلية في تأكيد جديد لمفهوم الدولة البوليسية، سوى انعكاس لمشاعر الذهول وعدم التصديق، التي تملكت المتحصنين في قصورهم والمتشبثين بمناصبهم لعقود ومن يدور في فلكهم من منافقين، بل ان قوى المعارضة نفسها، وقد اخذها التحرك الجماهيري على غرة، بدت لاهثة وهي تحاول صياغة مطالب ترتقي الى مستوى الانتفاضة. وقد اعرب عدد من المتظاهرين انفسهم عن دهشتهم من حجم التحرك وصلابته، وهم يرون عشرات الالاف يخرجون في مدينة صغيرة، بالمقاييس المصرية، كالمحلة الكبرى.
انه زلزال اجتماعي وثقافي بقدر ما هو سياسي، يفتح صفحة جديدة في علاقة المواطن المصري التاريخية والمعقدة مع الفرعون. ويخطأ بعض 'الخبراء الجدد' في الشأن المصري عندما يقارنون انتفاضة 25 يناير بانتفاضة 18 و19 يناير في العام 1977، التي اسماها الرئيس الراحل انور االسادات 'انتفاضة الحرامية'، حيث ان تلك الانتفاضة ارتبطت بحدث معين هو رفع جزئي للدعم الحكومي عن بعض السلع الرئيسية، وانتهت بتحقيق هدفها، عندما تراجع السادات عن قراراته خاضعا لشرط الجيش للنزول الى الشوارع لاستعادة النظام. اما هذه الانتفاضة فقد تحدثت للمرة الاولى في التاريخ عن ضرورة رحيل الفرعون نفسه، بل وتغيير النظام، كما جاء في الهتاف الذي كان الاكثر شيوعا في ميدان التحرير، مساء الثلاثاء، الا وهو (الشعب يريد تغيير النظام)، فليس مقبولا ان يرحل شخص وتبقى 'جوقة التوريث والفساد' التي اوصلت البلاد لهذا الانفجار. ومن هنا فاننا امام انتفاضة غير مسبوقة في حجمها وطبيعتها ومطالبها في التاريخ المصري، حديثه وقديمه معا.
وليس السؤال ان كان الحكام الذين حولهم طول البقاء في السلطة والصلاحيات المطلقة الى اشباه الهة، قد تبلغوا الرسالة، ولكن ان كانوا فهموها بما يكفي ليجنبوا انفسهم والبلاد السيناريو التونسي؟
ورغم ان مصر مازالت 'في غرفة الولادة' وليس واضحا الى اي مدى ستذهب هذه الانتفاضة في اعادة تكوين المشهد السياسي، الا انها نجحت بالفعل في خلق حقائق جديدة على الارض بينها.
اصبح ضروريا على كافة مكونات النظام السياسي، اعادة النظر في استراتيجيته، ليحجز مكانا في هذه الرمال المتحركة، ثم يضبط ايقاعه على الدينامية الجديدة التي خلقتها الانتفاضة. ولا يستثنى من ذلك احد سواء في المعارضة او الحكم.
ان الحديث حول ان جماعة الاخوان هي اكبر قوى المعارضة، اصبح شيئا من الماضي بعد ان تحرك الساكنون وتكلم الساكتون، فتوارت العناوين السياسية، وتهمشت الكيانات التنظيمية على اختلاف احجامها واوزانها.
ان النظام في مصر، ليس انفعاليا مثل نظام بن علي، ومن غير المرجح ان يرتكب الاخطاء نفسها التي عجلت برحيل الرئيس التونسي، كاالمسارعة الى التخلي عن رموز الحكم، وسيعمل غالبا على احتواء الصدمة قبل ان يتخذ اجراءات متوازية على المسارين الامني والاقتصادي، لتخفيف الاحتجاجات حتى تهدأ تلقائيا، الا ان هذا لن يعفيه من الاجابة عن السؤال الصعب الذي تطرحه حول مستقبل الرئاسة، ولن يضمن له النجاح في مواجهة شارع اصبح خبيرا في خدع 'الالهة' ومماطلاتها.
ان رحيل الرئيس المصري، الذي هو قاعدة النظام، اصبح المطلب الجامع لهذه الانتفاضة والمكون الرئيسي لها منذ يومها الاول، ما يعني ان محاولة الالتفاف عليها باجراءات جزئية او فئوية، كعلاوات او تخفيضات في الاسعار لن تجدي.
ان قيام الانتفاضة بقيادة (الشارع) في مصر بعد تونس، يكرس ايضا نمطا ثوريا جديدا لا يحتاج الى قيادة تنظيمية، ويستند الى وسائل التنظيم التي يوفرها الاعلام الجديد، خاصة الفيس بوك، ما يقوض الجدل حول الاسماء والاشخاص، الذي طالما استهلك طاقات النخبة، واستفز خلافاتها من دون طائل.
ان المعارضة مطالبة بتوفير المعطيات اللازمة لهبوط آمن يجنب البلاد الوقوع في فراغ دستوري، ناهيك عن الفوضى التي اصبحت 'التعريف الرسمي' الذي اقره النظام لهذه الانتفاضة.
ان اهمية التغيير المرتقب في مصر لخصه دبلوماسي امريكي عندما اشار الى 'ان السياسية الامريكية في الشرق الاوسط ترتكز على النظام المصري خلال الاربعين عاما الماضية'، وهو ما يبرز الفارق عن التغيير في تونس، رغم اهميته. وليس من المبالغة القول ان تغييرا ديمقراطيا حقيقيا في مصر قد يفتح الباب امام سلسلة تغييرات اقليمية قد تعيد رسم الشرق الاوسط.
ان الولايات المتحدة ابدت تمسكها بمصر كحليف استراتيجي، الا انها بدت اقل حرصا على مصير النظام الحاكم، الذي بدا التمسك به في هكذا اجواء نوعا من الانتحار السياسي.
وفي حال استمر النظام في اصراره على اعتبار الانتفاضة 'فوضى' فان السؤال ليس ان كان التغيير سيحدث، لكن متى وبأي ثمن.
' كاتب من اسرة 'القدس العربي'


التغيير في مصر بات وشيكا
رأي القدس
2011-01-27
تواصلت الاحتجاجات الشعبية طوال اليومين الماضيين وامتدت الى مناطق عديدة من العمق المصري، اي انها لم تقتصر على المدن الكبرى مثل القاهرة والاسكندرية، مما يعني انها يمكن ان تتحول الى انتفاضة شاملة في الايام القليلة المقبلة.
مظاهرات اليوم التي من المتوقع ان تنطلق بعد صلاة الجمعة قد تأتي بمثابة التيرمومتر لقياس حركة القاع المصري بالشكل الصحيح، اللهم الا اذا فرضت السلطات المصرية حظر التجول لمنع الاحتجاجات من التوسع، وهذا امر غير مستبعد بالنظر الى حالة الارتباك التي تعيشها حاليا.
الشعب المصري بدأ يتخلص من ثقافة الخوف مثله مثل نظيره التونسي، فلم يعد يخشى دبابات الامن المركزي ولا عصي جنوده الغليظة، وبات يستنشق دخان القنابل المسيلة للدموع بمتعة غير عادية، وكأنها اغلى انواع البخور واطيبه.
النظام المصري يترنح.. قبضته الحديدية على مجريات الامور بدأت تضعف وتتآكل امام زخم الاحتجاجات وشعاراتها القوية التي تطالبه بالرحيل، وتندد بالفساد والقمع ومصادرة الحريات، لا نعرف كم سيصمد، ولكن ما نعرفه ان الانتفاضة الشعبية الحالية مختلفة عن كل نظيراتها السابقة، كما ان حجم المعاناة المتضخم الذي ادى الى انفجارها مختلف ايضا.
اربعون مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، وهذا لا يعني ان ظروف من يعيشون فوقه افضل كثيرا، وباستثناء، حفنة صغيرة تشكل بطانة النظام وقاعدته الاساسية، وتتعيش من ضرع فساده، يمكن القول ان الغالبية الساحقة من المصريين تعيش ظروفا مغرقة في السوء.
اعداد شهداء هذه الانتفاضة ما زال محدوداً بالمقارنة مع نظيراتها في تونس واليمن، ولكن مؤشرها البياني في ارتفاع مطرد ربما لأن رجال الامن المركزي الذين يفوق تعدادهم المليون لا يريدون سفك دماء مواطنيهم واهلهم، وهذا توجه على درجة كبيرة من الاهمية يمكن ان تكون له انعكاساته في المستقبل القريب، من حيث تسارع انحياز الامن المركزي الى الشعب في نهاية المطاف حقنا للدماء، وافساح المجال امام قيادة جديدة تمسك بزمام الامور، وتعيد للبلد كرامته وعزته ودوره الذي افتقده طوال السنوات الثلاثين الماضية، عربيا واقليميا ودوليا.
من حق واشنطن ان تقلق، فانهيار النظام المصري هو انهيار لكل سياساتها الخارجية في الشرق الاوسط، وفشل حربها على الارهاب، وتصعيب موقف قواتها في كل من العراق وافغانستان، فالادارات الامريكية المتعاقبة استثمرت الكثير من الجهد والمال لترسيخ دعائم هذا النظام، ليس حبا به وانما حرصا على تأمين حدود اسرائيل، واستمرار دوران عجلة العملية السلمية معها بغض النظر عن اعطائها النتائج المرجوة ام لا.
من المؤكد ان الاسرائيليين يعيشون حالة من الرعب والهلع، وهم يتابعون التطورات في مصر، فلن يأتي نظام مصري افضل بالنسبة اليهم من النظام الحالي، يوفر لهم الحماية والأمن مقابل مكاسب ميكروسكوبية قليلة.
ولعل دول الاعتدال العربي التي تعتبر النظام المصري محورها تقف امام مفترق صعب، بعد ان خسرت حلقة تونس المهمة، وباتت على وشك ان تخسر الحلقة المصرية الاهم.
المخاض المصري بدأ، وولادة عملية التغيير باتت وشيكة جدا، وبات رحيل النظام مسألة وقت، ولا نستبعد ان يكون بعض عناصره قد هرب فعلا بحثا عن امان، ولكن لا امان لمن سرقوا عرق الشعب وثرواته.


إفلاس بنك القمع العربي
د. عبدالوهاب الأفندي
2011-01-27
(1) هنالك مقولة لعالم السياسة والرئيس السابق للجامعة الأمريكية في بيروت، جون واتربيري، يشبه فيها أجهزة قمع الدولة بالمصارف التي تظل فعالة ما دامت تحتفظ باحتياطي معتبر، وما لم يهجم كل المودعين على المصرف في نفس الوقت لسحب ودائعهم. عندها يتعرض المصرف لانهيار محتوم. وكذلك نظام القمع في الدولة، يظل فعالاً ما لم ينتشر تحدي الدولة ويصبح حالة عامة. فليس من الممكن لأي نظام أن يجند من الشرطة ما يكفي لقمع الملايين أو ينشىء من السجون ما يسع مئات الآلاف.
(2)
لهذا السبب فإن الأنظمة القمعية تعتمد على الإرهاب بمعناه الحقيقي، أي نشر الرعب والخوف بين الناس بحيث لا يجرؤ أحد على تحديها. ويتحقق هذا الغرض بالتنكيل بوحشية بعدد من المعارضين حتى يكونوا عبرة لغيرهم، ونشر الإشاعات عن القدرات الخارقة لأجهزة الأمن في التجسس والاطلاع على خبايا الناس، بحيث يفقد الناس الثقة في بعضهم البعض، ويخشون عواقب مصارحة الأقران وحتى أفراد العائلة بحقيقة مواقفهم من النظام. وبالتالي يتعذر التعاون بين المعارضين.
(3)
ولعلها مفارقة أن بعض قوى المعارضة قد تساعد الأنظمة القمعية في هذا الأمر، وذلك حين تنشر الشائعات والتقارير عن أساليب القمع وأصناف التعذيب التي تمارسها الأنظمة، وقدراتها الخارقة على التجسس، مما يعطي صدقية للقدرات القمعية لهذه الأنظمة ويعطيها حجماً أكبر من حجمها، فيرتعب المواطن العادي ويتخاذل عن تحدي السلطة.
(4)
يخلق هذا في معظم الحالات وضعاً يتم فيه 'استبطان' آليات القمع لدى المواطن، بحيث يصبح الفرد أداة رقابة ذاتية على نفسه، ومساهماً فعالاً في القمع الذاتي. بل إن كثيرين يتشربون دعاية تقديس الحاكم، ويصبحون بالفعل من محترفي طقوس عبادته، ويصابون بالرهبة أمامه وحتى أمام صورته وصوته. وقد يصدق هؤلاء الدعاية بأن هذا الحاكم لو ذهب فإن البلاد سوف تواجه خطر الانهيار. وقد يقع كثير من هؤلاء في خداع الذات وتبرير أوضاع البلاد المتدهورة بأن الحاكم غير مطلع بما فيه الكفاية على أحوالهم لأن من حوله يخدعونه.
(5)
بلغ خداع الذات هذا حالة إبداعية في أرض الكنانة، حيث تبيع النخبة الإعلامية نفسها الوهم بأن الحكومة المصرية وما يسمى بالحزب الحاكم يتمتعان بشيء من الاستقلال عن الرئيس، بحيث يكثر التوسل إلى الرئيس للتصدي لفساد الحزب أو قصور الحكومة، كأن أي فساد أو تقصير كان سيكون ممكناً بدون إذن سيادته. نفس الشيء يمكن أن يقال عن حال الأردن. حتى بعد أن تفجرت الأوضاع في مصر أخيراً، وظهر أن الشارع في مصر، كما كان الحال في تونس، يعرف تماماً من المسؤول عن حال مصر المتردي، نتابع في الصحافة من يتوسل إلى سيادة الرئيس للتدخل 'بعد أن سمع صوت الشعب'.
(6)
الأحداث الأخيرة في تونس ومصر كشفت عن حقيقة إفلاس مصارف القمع العربية وانهيارها الكامل. وهذا الإفلاس لم يقع اليوم ولا بالأمس، بل أصبح واقعاً معاشاً منذ عقود، وتحديداً منذ نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، التي شهدت تطورات متلاحقة بدءاً من الطفرة النفطية والثورة الإيرانية واتفاقية كامب دايفيد والحرب الأهلية في لبنان وضرب الثورة الفلسطينية هناك. وقد وصلت هذه التطورات مداها مع حرب الكويت ثم اتفاقية أوسلو وعودة الاستعمار المباشر، حيث سقطت كل الأقنعة وأوراق التوت عن الأنظمة التي فقدت كل شرعية، حتى بمنطقها هي وأيديولوجياتها التي تنكرت لها.
(7)
لفترة طويلة لم تعد الأنظمة العربية تثير الرعب والرهبة عند المواطن العربي، وإنما تثير التقزز والاحتقار. لم يعد المواطنون يلعنون الأنظمة، بل أصبحوا يتخذونها مادة للتندر والسخرية. وإذا كان المواطنون لم يقرروا حتى اليوم الخروج إلى الشارع لاقتلاع الأنظمة من جذورها فذلك لأن الأنظمة لم تعد تثير عندهم سوى الشفقة، ولأن المصالح الذاتية لكثيرين، بمن فيهم زعماء المعارضة، تجعلهم يفضلون الانشغال بأمور وحسابات أخرى.
(8)
ولكن الأنظمة تصر إلى الدفع باتجاه تفجير الأوضاع حين تصل بممارساتها القمعية البلهاء إلى أبعاد تتجاوز كل الحدود، فتوصل الأمور إلى نقطة الانفجار. قد يكون ذلك قراراً برفع الأسعار وتوجيه صفعة مؤلمة من الطبقة المتخمة بالترف للمواطن الذي يصارع للبقاء، أو بحادثة اغتيال اعتباطية فجة، كما في اغتيال الحريري في لبنان، أو بدفع شاب للانتحار بقفل كل أسباب الحياة في وجهه كما حدث في تونس، أو بالقمع العنيف لمظاهرات الاحتجاج كما وقع ويقع في الجزائر وتونس ومصر وغيرها.
(9)
ولكن المؤكد أن الإفلاس الكامل لبنوك القمع العربية قد أعلن الآن، لأن كل المودعين يقفون بالصفوف أمام أبوابها التي ستغلق وشيكاً ويتم تسليم المفاتيح لأجهزة التصفية. بعض هذه البنوك القمعية كانت تتوهم أن لها احتياطيا خارجيا، وأن 'منقذين' سيهبون من الخارج لنجدتها، ولكن هذا وهم لأن القوى الأجنبية تدعم هذه الأنظمة ليس حباً فيها ولكن لاعتقادها بأنها قادرة على البقاء والخدمة. وهذا أيضاً مثل الوهم بأن لهذه الأنظمة مخزونا من القمع والتخويف، كما يظهر من إعلان وزارة الداخلية بأنها لن تسمح بمظاهرات جديدة، كأن المتظاهرين ينتظرون إذنها!
(10)
لا يوجد نظام قمعي في العالم يستطيع البقاء بقوة القمع وحدها، وإنما يعتمد بقاؤه على أوهام ضحاياه بعدم القدرة على التصدي له أو عدم رغبتهم في ذلك لأن لكل مصالحه وحساباته. وإلا فلو أن نصف مليون شخص من سكان مصر البالغ عددهم ثمانين مليوناً قرروا الخروج إلى الشارع ومواجهة النظام، أي سجون ستسعهم وأي قوة شرطة تستطيع صدهم؟ ويكفي أن نسأل: فأين هو الاتحاد السوفييتي اليوم؟ يبدو أن عام 1989 وصل إلى العالم العربي، متأخراً عشرين سنة.

