أولاً : هناك فرق بين التنظير المتجرد والذي يستند للعقل والرأي ويحاول الإقتراب بقدر الإمكان من الحقيقة والصواب وبين الواقع والتعامل معه ، فحماس يا - صديقي - كانت ولا زالت تؤمن بالمد العربي والعمق الإسلامي لقضية فلسطين وكانت كلما رفعت هذا الشعار قوبلت بالسخرية والإستهزاء وقد كان العرب في أوج حالات استعبادهم واذلالهم ، فما بالك الآن وقد بدأت الشعوب تخط مشرقها بحريتها ؟

ثانياً : نحن ندرك بأن اسرائيل لن تلتزم بأي تهدئة ، ان لم يكن من منظور سياسي كان ذلك من منظور إيماني " أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم " ، ولكن القضية ليست بهذه البساطة ، فسابقاً كانت اسرائيل تقصف مواقع عشوائية في القطاع ، وتتجنب قتل المدنيين وتتجنب قتل عناصر الأجهزة الأمنية وعناصر كتائب القسام ، انما كانت تحاول أن ترسل رسائل مشفرة لحماس من خلال هذه الخروقات وخصوصاً عندما تنطلق صواريخ مجهولة المصدر باتجاه المستوطنات الإسرائيلية ، ولكن قبل أسبوع الوضع تطور واختلف تماماً ، فقد أصبحت اسرائيل تركز على أهداف نوعية وتتعمد اغتيال عناصر القسام وقصف نقاط الرباط ، ووصل الأمر لقصف دورة عسكرية كاملة كان فيها ما لا يقل عن 30 عنصراً ولولا لطف الله لحصلت كارثة ولكن أستشهد 2 وأصيب آخرين ، وكانت هذه الرسائل مجرد جس نبض لحماس ، وخصوصاً بعد ورود التقارير التي تتحدث عن نية اسرائيل قصف قيادات من حماس وفي الجناح العسكري ، وصمت حماس - لو حصل - كان سيعطي لإسرائيل دافعاً قوياً للإستمرار في القصف والاغتيال النوعي لأفراد وقادة المقاومة النشطة .

ثالثاً : بعد ازدياد حجم الخروقات الإسرائيلية بدأت معظم الفصائل تتذمر من حالة التهدئة الموجودة ، وبدأ الأمر ينفلت من زمام حماس رويداً رويداً ، وهذا سيضع حماس أمام خيارين صعبين وهما
1- ردع هذه الفصائل ، وهذا سيجر لمشاكل داخلية دموية وخصوصاً لو وصل الأمر لقتال حركة الجهاد الإسلامي ، وفي نفس الوقت الصمت على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وخروقاته المتكررة .
2- ترك الأمر لهذه الفصائل وحرية الرد على الخروقات المتكررة ، وهذا سيقودنا لنفس الوضع الموجود الآن ولكن مع ظهور حماس بمظهر غير لائق .

وبناءً على ما سبق قررت حماس وضع استراتيجية جديدة وهي " الرد على الخروقات بالمثل " وهذا التشجع كان بسبب اكتمال قدرات حماس العسكرية تقريباً وجاهزيتها القوية لأي حرب جديدة وأي تصعيد جديد ، وتصعيدها لم يكن عشوائياً أو بدون تخطيط ، انما كان تصعيداً ذكياً بكل المقاييس ويعتبر كأول تصعيد يأخذ هذا الشكل الإحترافي والذي يعتمد عل الرسائل المشفرة من خلال :
1- قذف أغلب المواقع العسكرية الحدودية المتاخمة لقطاع غزة بأكثر من 50 قذيفة هاون وبدقائق معدودة وبدقة عالية نسبياً ، وعدم الرد بضرب صواريخ باتجاه مستوطنات مدنية ، وهذا سيفقد اسرائيل أي مبرر قانوني أو دولي لضرب القطاع ومدنييه .
2- ضرب دبابة عسكرية بصاروخ " فوغيت " وهذه تحصل لأول مرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية ، وصاروخ الفوغيت ذو تأثير مدمر ، كحال الكورنيت والذي أطلق قبل شهرين من الآن أيضاً ، وهذا يعني افقاد اسرائيل أي حسم عسكري على الأرض .
3- اطلاق صاروخ أرض جو البارحة باتجاه طائرة عسكرية اسرائيلية ، وفرار الطائرة بسرعة من الجو ، وهذا مؤشر خطير على قدرة حماس المتصاعدة .
4- العملية التفجيرية في القدس والتي استهدفت باصا اسرائيلياً بعبوة جانبية ، وهذا يعني بأن أي حرب جديدة سيصل صداها لداخل اسرائيل ، وهذا يعني نقل نصف المعركة للمجتمع الإسرائيلي .
5- تجربة اطلاق الصواريخ على شاطئ غزة والتي وصل مداها من 60 ل70 كم ، وهذه المسافة كافية لوصول الصاروخ لتل أبيب .

كل هذه الأمور ستفرض على اسرائيل قضايا وتكبيلات جديدة ، ستجعلها تذعن في النهاية وتتوقف عن خروقاتها النوعية وربما توقفها بالكامل ، ويضاف لذلك حالة التغير العربي ودخول مصر على الخط وخاصة بعد تحذيرها لإسرائيل بعدم شنها أي حرب جديدة ضد القطاع ، مما حذى بوزير الخارجية الإسرائيلي ليعبر عن رغبة اسرائيل في وجود تهدئة على القطاع الآن .

وما ستراه من قصف اسرائيلي ضد المدنيين والأجهزة الأمنية ونقاط الرباط ، ورد المقاومة عليه ، يندرج ضمن قاعدة " عض الأصابع " وارادتهم لن تكون أقوى من ارادة حماس وشعب غزة .

وأخيراً ان حالة التغيير العربي ، متفائلون بها جداً ، ولكن هذه التغييرات ستبقى لسنوات حتى تستفيد القضية ايجابياً من هذا التغير ، وفي هذه الفترة تكون اسرائيل قد فعلت " السبعة وذمتها " في حماس والقطاع ، ونحن لسنا حمقى أو مجرد متحمسين لا مشروع ولا منهج لدينا ، انما لدينا مشروع ثابت ونسير عليه بتدرج وبطئ حتى نحقق او نموت دون ذلك ، ولقد قال عنا في ذلك المفكر محمد الراشد " إن الوسطية السياسية الجهادية هي الركن الأوثق الذي أسندت له حماس ظهرها ، فاستقامت مواقفها وصار التعقل سمة لها والنسبية باب تأويل لما يظن أنه من التناقض والجمع بين الصوابين مخرجا آمنا من أحادية النظر "

لا ليس الأمر كذلك يا رفيقي ، فمنتقدي حماس كثر ، وكل طرف أضعه موضعه الطبيعي وأنزله منزلته الطبيعية ، والأخ عدلي ما زلت أحترمه على مواقفه " وأقول في نفسي ماذا انتظر في النهاية من فتحاوي رأى تنظيمه يخرج من القطاع بشكل مؤلم " ولكن بعد انكشاف علاقته مع دحلان " وأنا أعتبر كل شخص يتبع هذا الشخص عليه ألف علامة استفهام فالطيور على اشكالها تقع " قل احترامه ، ولقد قلت سابقاً " فرق بين التحيز وبين الانصاف " أنا لا أطلب منه أن يتحيز لحماس ولا ان يبصم لها بالعشرة ، انما اطلب منه الانصاف فقط مثلما فعل بعض قادة فتح والذين أيضاً شتمو حماس مثل خالد الحسن والقدومي والذين أحترمهم كثيراً .

فأنت مثلاً تهاجم عبد الباري عطوان وتصفه بالبحث عن المال " وأظني قرأت لك رداً هكذا " ولا أعلم لماذا هذه الهجمة سوى أن الشخص ينتقد فتح على الطلعة والنزلة .

حبيبي يا حج فلسطيني ، صدقني كلما قرأت لك رداً قلت أحمد الله أن الروح الثورية " والبعد عن الحكمة المصطنعة " ما زالت تغذي أنفس الشباب وتدفعهم نحو المقاومة أكثر فأكثر .

ومجمل الوضع العام في غزة الآن ، هو هدوء حذر وخصوصاً بعد هطول الأمطار المباركة والتي غطت كامل أرجاء القطاع ، مما سيمنع تحليق طائرات استطلاع والطائرات الحربية لبعض الوقت ويعطل مهماتها .
** نقلاً عن الاذاعة الإسرائيلية يقر سلسلة من العمليات الهجومية التي ستنفذ ضد قطاع غزة
** ايهاب الغصين الناطق باسم الحكومة يعلن بان الحكومة أعدت خطة طوارئ عليا .
** تحليق خفيف من حين لآخر من قبل طائرات استطلاع في أجواء الوسطى والشمال .