الزميل ماجد جمال الدين .
بداية لماذا لا نتوقف عن التحدث عن السذاجة و أخوتها ، فقد أرى مثلآ أنه من السذاجة أن تناقش قضايا لا تعرف الكثير عنها ، حسنا سنتوقف عن تلك المواقف الإرشادية و نتحدث بشكل علمي يلائمني على الأقل ، ماذا تريد أن تقول بالتحديد ، سأحاول ترجمة ما تريد بلغة أكثر دقة .
1- أنت ترى أن الجيش لن يتنازل عن السلطة ،و لكنه سيمارسها من وراء الكواليس مثل نظيره التركي .
2- أنت ترى أن جماعة التحرير تمارس السياسة عندما تتظاهر و تعتصم كما حدث أمس مثلآ .
3- أنت كنت تتحدث عن إنتفاضة ثورية ، ثم تتحدث عن ثورة لن تنتهي حتى تغيير المجتمع كله و ليس فقط النظام .
4- أنت ترى ألا نذهب إلى صناديق الإنتخاب لأن الأحزاب السابقة كانت متعفنة ،و علينا تثقيف الشعب اولآ .
5- أنت لا تثق في مؤسسة الأهرام بعد 25 يناير لأنك تراها فاسدة قبل ذلك التاريخ ،و تريد نتائج استطلاع من مؤسسة أجنبية ..!.
مازلت أراك غريبا عن مصر ، أنت تتحدث عن الواقع المصري ليس نتيجة معرفة به بل قياسا على تركيا و العراق وبلاد تركب الأفيال ، هذا يصلح فقط عند مناقشة غير المصري ، فالمصري يعرف واقعه مباشرة و من الممارسة اليومية . سأحاول هنا أن أعلق على أفكارك لتعميم الفائدة .
1- موقف المؤسسة العسكرية .
المؤسسة العسكرية لم تطلب السلطة و لكنها فوجئت بها عندما انهارت كل مؤسسات الدولة ، و فرضت الضرورة مستتبعاتها فتركزت في المؤسسة العسكرية ممثلة في مجلسها الأعلى سلطات السيادة و السلطة التشريعية و التنفيذية . المؤسسة العسكرية أثبتت تجردها و سعت منذ اليوم الأول لإعداد الشعب لتسلم السلطات ، و هناك بالفعل خريطة طريق لذلك ، قائمة على استفتاء شعبي شفاف شارك فيه الشعب بأعلى نسبة مشاركة في تاريخ مصر الحديث .
السلطة في مصر الآن غير مغرية ، فمصر على وشك الإنهيار ، حتى أن أقوى الكتل السياسية وهي الإخوان تسعى لمشاركة السلطة مع رئيس من خارج التيار الإسلامي كله ، فهي تعلم ان من سيجوز السلطة سيمسك بكرة مشتعلة من النيران ،وهذا تحديدا هو تعبير المجلس العسكري .
يبقى أن القوى الليبرالية هي التي تطالب بمد الفترة الإنتقالية حتى تستعد سياسيا و لكن الإسلاميون يرفضون ذلك ،و يجاريهم في ذلك المجلس العسكري نفسه . أما أن يمارس المجلس العسكري دورا خلف الستار ، فهذا ما نأمل فيه كمعادين لأسلمة الدولة حتى ان البعض اقترح ذلك في الدستور القادم ،و لكن الإسلاميين يرفضون . كل شيء سيتوقف على نتائج الإنتخابات القادمة ، فلو فاز الإسلاميون بنسبة ساحقة (وهذا ما اتوقعه ) فلن يسمحوا وقتها بأي شريك مدني او عسكري .
2- جماعة التحرير .
يا زميلي الطيب .. أي أساليب سياسية يمارسها جماعة التحرير ؟. هل التظاهر بدون تصريح مسبق ، و هل الإستيلاء على أرض من الدولة و جعلها خارج القانون و السيادة كأنها موروث أمهم ،و هل إغلاق المؤسسات الحكومية و منعها من أداء عملها ،و هل إغلاق الطرق و التهديد بالإستيلاء على قناة السويس و البورصة و محطات الطاقة و المياه ،و هل مهاجمة الشرطة و حرق الأقسام و المباني الحكومية ،وهل الإستيلاء على السفارات الأجنبية و تعريض امن البلاد في الداخل و الخارج ..... هل ذلك ما تسميه نشاط سياسي ؟، هل هو النشاط السياسي الذي يمارسه الإنجليز و الفرنسيين ، رغم فوضى العراق هل توافقون على مثل هذا النشاط السياسي ؟، يبقى ان اخبرك ان الإخوان المسلمون لا يشاركون في هذا الإرهاب و تلك البلطجة .. فهل أنت جاد أم تهزل ؟.
3- الثورة و الإنتفاضة .
أنت تخلط بين ثورة و إنتفاضة شعبية محدودة ، مالدينا وما لدى غيرنا ليس ثورة بل انتفاضة محودة الهدف ، التغيير المنشود لا يتحقق في المجتمعات المعاصرة سوى خلال الجهود الشعبية الدؤوبة في إطار ديمقراطي كما تفعل تركيا و غيرها من الدول الشيوعية السابقة ، بل كل دول العالم .
4- الإنتخابات .
أنت تناقض نفسك فإعداد الشعب للعملية الديمقراطية قد يستغرق 25 سنة ،وهذا يعني تمكين الحكم العسكري الذي تحذر منه !، ألا ترى مثل هذا التناقض حقا ؟.نحن لا نتحدث عن أحزاب قديمة بل عن أحزاب جديدة و مناخ حر و انتخابات شفافة سيعمل فيها الجميع . أعلم ان ذلك كله سيؤدي إلى تمكن الإسلاميين الان ،و لكن لو كانت تلك إرادة الشعب فلا بد من قبولها ، خاصة ان البديل هو الحرب الأهلية تماما كما حدث في العراق .
5- مؤسسة الأهرام .
أوضحت أن مركز الأهرام للدرسات السياسية و الإستراتيجية هو مؤسسة دراسية و بحثية مستقلة ،ولا علاقة له بصحيفة الأهرام او أي صحيفة أخرى ، كما ان المناخ الآن مختلف بالفعل عن مناخ العمل في ظل نظام مبارك السلطوي . يبقى أن هناك استطلاع أجرته صحيفة أجنبية منذ عدة أشهر و كانت النتيجة هي أن المجلس العلى يحظى بنفس النسبة على مقياس الثقة ، رغم اني لا أحب النسب التي تزيد كثيرا عن 60-70 % .