(10-01-2011, 06:51 PM)jafar_ali60 كتب: وليسمح لي زميلي وصديقي بأن القي حملي عنده
........................
سنتوه في دهاليز الثورة وستر الثورة واولاد الثورة الذين سيأكلون لحوم بعضهم احياءاً ، سنتيه 50 عام قادمة ، تكون اسرائيل هضمت جميع ما احتلت على وجبة غداءها ، وربما لحقها بعض الجوع لتلتهم شيئا من اطراف ومقادم المجاورين
وبعد 50 عام سيقوم احفادنا ايضا بثورات ليست على الفيس بوك المنتهي صلاحيته بل بالليزر والانفرا رد
الأخ الكريم جعفر علي .
أشكرك على رؤية شجاعة جديرة بالتوقف و التفكير .
أعتقد أن المشهد العربي اليوم ليس بسيطا و لا تقليديا و لكنه مركب من عناصر متعددة ، هناك الحراك الداخلي الاعتباطي غالبا ، هناك المشروع الخارجي الجاهز دائما بأمواله و خططه و عملائه ، هناك المشروع الإسلامي الغيبي المتخبط ... الخ .
اعتدنا تقليديا أن نقارن كل المنتجات الثورية العربية ( إنقلابات عسكرية – انتفاضات شعبية - مشاجرة في شبرا
... الخ ) بالثورات التاريخية الكبرى ، مثال ذلك الثورة الفرنسية 1789 ،و البلشفية 1917 ،و أخيرآ الثورة الإسلامية الشيعية في 1979 . وهناك من هو أكثر تواضعا فيقارن الإنتفاضات العربية بالثورات ضد الأنظمة الشيوعية التي اجتاحت أوروبا الشرقية بما في ذلك الإتحاد السوفيتي خلال عقد التسعينات من القرن 20 ، تشيكوسلوفاكيا و بولندا ورومانيا و المجر عام 1989 ، ألمانيا الشرقية ، بلغاريا ، و ليتوانيا 1990 ، ألبانيا ، استونيا ،لاتفيا ، عام 1991 .الإتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991 ... و هكذا .
و لكني أرى التشابه موجود بالفعل و لكن في مكان آخر .. هناك تشابه ملموس بين الانتفاضات العربية و الانتفاضات الديمقراطية الجديدة في أوروبا الشرقية السابقة ، و التي اندلعت في صربيا 2000 ، جورجيا 2003 ، أوكرانيا 2004 ، قيرغزستان 2005 و 2010، كما أحبطت في بيلوروسيا و أذربيجان . هناك عدد من العناصر المشتركة بين الانتفاضات العربية و تلك الانتفاضات الديمقراطية أهمها .
1- الطابع الشبابي لتلك الانتفاضات ، فكلها بدأت كانتفاضة شبابية سرعان ما انضم إليها الشعب للتحول إلى انتفاضة شاملة . و يمكننا أن نقارن بين حركات مثل " شباب 6 إبريل " و " شباب من أجل العدالة و الحرية " و " حركة كفاية " في المقابل هناك حركات مشابهة مثل " أوتيور " في صربيا ،و " كمارا " في جورجيا ،و " بورا " في قيرغزستان .
2- الطابع السلمي لتلك الثورات .
3- التوسع في استخدام المنتجات التكنولوجية الحديثة ، الموبيلات في بدايات القرن ،و شبكة التواصل الإجتماعية ( الفيس بوك و التويتر ) في الحالتين المصرية و التونسية ،و أيضا في مولدافيا عام 2009 م .
4- السيولة التنظيمية و افتقاد الكيان السياسي المتماسك و القيادات ذات الكاريزما . و بالتالي لم تتكمن تلك الحركات السياسية من تنظيم حزب كبير قوي يعبر عن أهداف الثورة ،و كان هذا سببا في ارتباك تلك الثورات ، و بالتالي تعثر التحول الديمقراطي . و لعل من الجدير بالتأمل أن الثورة البرتقالية في أوكرانيا ضد الرئيس " يانكوفيتش " التي ألهمت الجميع ، قد انتهت بعودة نفس الرئيس " يانكوفيتش " إلى الحكم نتيجة انتخابات ديمقراطية حرة تمت عام 2010 أي بعد 6 سنوات من الثورة الشعبية ضده !. أما حركة " كمارا " أو " كفاية " الجورجية ، فقد ذابت في تكتل شمولي أقامه الرئيس الجورجي " سكاشفيللي " ، لتعيد إنتاج نفس النظام الشمولي الذي ثارت ضده .
5- عدم وجود قطيعة أيديولوجية مع النظام الذي ثارت ضده ، نتيجة أنها ثورات ديمقراطية بلا عقائد أيديولوجية مخالفة .وهذا الأمر يختلف كلية عن الثورات التاريخية السابقة ، سواء الثورة البلشفية أو الثورة الإسلامية ، و أيضا ثورات أوروبا الشرقية في التسعينات من القرن الماضي ضد الشيوعية .
قياسا على الإنتفاضات المناظرة يمكن أن نتوقع :
1- يمكن أن تؤدي الإنتفاضات الثورية الديمقراطية إلى تغيرات سياسية أساسية ، و لكنها لن تؤدي إلى تغيرات إجتماعية أو اقتصادية كبيرة لغياب البعد الأيديولوجي .
2- وجود تداخل بين النظامين ماقبل الانتفاضة و ما بعدها ، و استمرار عدد كبير من الشخصيات السياسية متصدرة الواجهة السياسية . و في أسوأ الحالات يمكن للثورة إعادة إنتاج النظام السابق بوجوه جديدة .
3- إمكانية عودة النظام الذي تم اسقاطه – ديموقراطيا - مع بعض التعديلات الشكلية غالبا .
4- لن يمكن للقوى الثورية الآن ولا في المستقبل تنظيم نفسها في كيان سياسي واحد ، فأهداف مثل هذه الثورات الديمقراطية هي مجرد اسقاط النظام دون إمتلاك رؤية محددة لكيفة بناء نظام جديد ، وبالتالي فأهداف "الثورة" تتحقق بمجرد اسقاط النظام ، و سيترك واجب إقامة النظام الجديد للقوى القديمة التي يمكنها النجاة بنفسها من مقصلة الثورة .
5- نتيجة غياب القيادة المسيطرة على الحركة الثورية فستكون الفوضى بديلآ قائما و بفرص عالية جدا ، نتيجة استمرار الحالة الثورية بلا نهاية . الآن تظهر ثقافة التغيير عن طريق الحشد و التجيش بحيث يصبحان فنا قائما بذاته ، و تختفي و تشحب سلطة القانون و النظام ، خاصة في مجتمعات فقيرة حديثة العهد بالحرية ، تفتقد التقاليد الثقافية التي تجعل من النظام غريزة جماهيرية .
6- الثورات القديمة كانت تعرف متى تتوقف لتصبح نظاما نتيجة وجود القيادة الحاكمة ، أما الآن فسيكون التثاقل الذاتي و عودة السلطات القديمة وحدهما ما يمكن أن يوقف الفوضى.
أتمنى أن نقارن النتائج الأخيرة التي تنبأت بها منذ بداية شهر مايو في موضوع طرحته بعنوان " نظرة جديدة للثورات العربية" و ما تحقق بالفعل .