حول الأسهم والراسمالية ..

يلاحظ دائما ارتباط الراسمالية باشعال الحروب ، لكي يتكسب الراسماليون من وراءها .. ففي حين ان الحكومات تتضرر و تخسر حروبها و يقتل من مواطنيها و جنودها ، يجر الراسمالي وراءه اكياس نقوده الممتلئة من جراء البيع على الحكومات و المتحاربين .. و الحروب هي اكثر شيء يضطر الناس الى المال ، والمال لا ياتي الا بالربا المركب والرهون في هذه الظروف . و الحرب مسالة حياة او موت ، والمحارب مستعد ان يقترض بسبب ظروفه .. والحرب تحرق المال ، و المستفيد هو طبعا الراسمالية . اذا الراسمالية لا تساعد على الاستقرار كما يزعمون .. فالعالم يحكمه تجار راسماليون بالدرجة الاولى .

المضاربات بالاسهم المفروض انها تـُحرَّم من وجهة نظري ، لأنها كسب مال بمال ، و لأن المتحكم بالقيمة ليس شيئا موجودا حقيقيا ؛ فعند شراء مقص ؛ المقص له وظيفة ، و وظيفته تحافظ على قيمته في اي حال من الاحوال ، لكن السهم ليس له وظيفة ، هو شيء مجرّد و ليس ثابت . وقيمة هذا السهم مرتبطة بالاعلام وظروف اخرى ، بينما المقص مرتبط بوظيفته وحديده كخام ومادة اولية و تستفيد منه بأي شكل .

من اين جاءت قيمة السهم الحقيقية ؟ هي قيمة وهمية مرتبطة بالاعلام والمؤثرات : السياسة ، الاجتماع ، الاقتصاد ، و أهم المؤثرات هي ألاعيب تجار الاسهم الكبار الذين يؤثرون في السوق ، خصوصا اذا اتحدوا بدافع المصلحة المشتركة .. والسهم وضعه متوتر اكثر من توتر السلع .. يشبه الشمعة خارج المنزل .. اما أن تنطفئ او تشعل حريقا .. دون القدرة على التحكم فيه . فقيمته ليست مستمدة منه ولا من الشركة المنتجة .. و حتى لو انخفضت اسعار السلع المعينة فهناك طرق للاستفادة منها ، اما التخزين او التحويل إلخ ..

و هكذا تكون المضاربة فيها غرر لأنها مبنية على الفوضوية .. ثم ليس للمساهـِم يد تطوير او حماية للسهم ، لكن عند شراء سلعة معينة من الممكن تطويرها و حمايتها .. أي لا توجد قيمة للجهد او التفكير او الذكاء في عالم الاسهم ، لكن مثل الصناعة و الزراعة فتوجد لها خطوط و طرق وكتب تعليم وخبرات ويمكن تطويرها وحمايتها ، بحيث تقل نسبة الغرر .. فهل هناك خط منطقي يستطيع ان يجعل منك ناجح في الاسهم ؟ لا .. إنهم يعتمدون على الحظ والصدفة ، والحظ هو القمار .. وخسارة الاسهم لا تبقي اصلا يمكن الاستفادة منه ويمكن مقارنته بقيمة الشراء ..

وطالما ان المجهود العقلي والجسمي لا قيمة له في الاسهم ، فإذاً هذا هو القمار و الغرر ايضا .. فهل يوجد علم يسمى النجاح في الاسهم ؟؟ لا يوجد ..

والاسلام حرم الربا لانه لا يوجد مجهود ، و كذلك القمار والاسهم ، فالمال هو الذي يعمل بنفسه وليس فيه مجهود ، وكذلك الاسهم .. ومن الخطأ ان يوضع المال المعلوم في شيء مجهول .. المال نفسه مجرد ، وقابل تحويله إلى صور معينة من المادة (سكر – بلح – عطر .. إلخ) .. و لكن الأسهم هي تجريد التجريد .. فتضع المال المجرد في السهم المجرد ، والمجرد لا تستطيع حمايته وتنميته .. ولذلك بعد خسارة الاسهم ، يقبل الناس إلى شراء المعيّن وبقوة ، وعلى رأسها العقار ، مما يؤدي إلى غلاء الاسعار .. اصحاب الرساميل الضخمة يستخدمون الاغراء ليغرون المستثمرين الصغار ، ليجمعوا اموالهم ..

البورصات هي البحيرات الصغرى للصيد بالشباك للراسمالي .. و اسواق الاسهم هي التي تسبب الاهتزازات الاقتصادية في العالم وارتفاع الاسعار الغير معقول والغير مبرر والانهيارات والارتفاعات المفاجئة .. الربا والقمار والاسهم هي امراض الاقتصاد ، لأنها تجريد متحكم في قيمة المُجسّد . والمفترض ان القيمة تنبع من المجسّد ولا تفارقه .. ولا ان تفرض عليه من الخارج . الاصل ان كل شيء ثمنه فيه .. هذه تسمى (مؤثرات القيمة) : الربا ، الاسهم ، القمار ، والإعلام . الغرر ، والسياسة . تجعل القيمة من خارج الشيء ..

البورصات هي ملعب ، على جانبه الراسماليين ، و على جانبه الاخر بقية الناس .. و هم الوحيدون الذين يستطيعون التحرك ، والبقية مكبلة لا تتحرك .. تخيل عدد الاهداف التي سيسجلها الفريق المتحرك في مرمى الفريق المكبّل . لو لم توجد هذه المجالات للراسمالية ، لما وجدت الراسمالية كشبح ، و أقصد : البورصة ، الربا ، القمار ، الاحتكار ، الغرر ، هذه هي اجنحة الراسمالية . وهذا ما فعله الاسلام بتحريمها .

لقد كان الاسلام رحيما بالعالم وليس فقط المسلمين (و ما ارسلناك إلا رحمة للعالمين)

(لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون)

جميل ما قدمت يا زميل ولكن ما الحل برأيك ؟ فتشخيص المرض وحده ليس كافيا للعلاج

الحل اخبرك به في الموضوع (التحريم، وجهنم لمن عصى)
المضاربات يجب ان تحرم برأيه، والربا حرام (هو يعتقد ان الفائدة والربا شئ واحد)..والاسهم بالنسبة له هي قمار، في حين ان الصناعة يمكن تقليل الغرر فيها ام الاسهم فلا ( على الرغم من ان الاسهم هي وحدة قيمة الصناعة).
وهو يتهجم على الاسهم لمجرد انها تجريد لايفهمه وليس بقادر على التحكم فيه ولايعرف القواعد التي تحكمه، فيغضب ويحكم عليها بالعنة الاسلام.
الجميل ان يسمح بالنقد الذي يعترف بأنه تجريد (والنقد الورقي لم يعرفه محمد) في حين الاسهم تصبح بالنسبة له " تجريد التجريد" على الرغم من انها في الواقع يمكن استخدامها مثل النقد تماما. الفرق بينهم ان الاسهم وحدة تحددها وتضمنها وحدة اقتصادية معينة ومحدودة ، في حين ان النقد وحدة اقتصادية عامة تضمن قيمتها الدولة وتحقق سهولة في المقارنة.
لهذا السبب ليس من المريح استخدام السهم كوحدة لشراء كيلو سكر كما هو الحال مع النقد، لفقدان القدرة على المقارنة، اي ليس لان السهم " تجريد التجريد" وانما لان قيمته مستمدة من وحدة اقتصادية صغيرة ليس بالضرورة معروفة القيمة لطرفي التبادل في لحظة التبادل.

كم كنت أتمنى يا أستاذ طريف أن يكون لدى زميلنا الوراق حل واقعي وليس فقط التحريم والادانة, لكن الاسلاميين دائما ما يفعلون كذلك ففرج فودة ناظرهم كثيرا وطالبهم بالبدائل الاسلامية لحل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكنهم لم يجدوا ما يواكب عصرهم الحديث وأرادوا ارجاعنا مئات السنين الى الخلف !

(01-28-2012, 08:20 PM)علي هلال كتب:  (لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون)

جميل ما قدمت يا زميل ولكن ما الحل برأيك ؟ فتشخيص المرض وحده ليس كافيا للعلاج

(01-28-2012, 08:52 PM)طريف سردست كتب:  الحل اخبرك به في الموضوع (التحريم، وجهنم لمن عصى)
المضاربات يجب ان تحرم برأيه، والربا حرام (هو يعتقد ان الفائدة والربا شئ واحد)..والاسهم بالنسبة له هي قمار، في حين ان الصناعة يمكن تقليل الغرر فيها ام الاسهم فلا ( على الرغم من ان الاسهم هي وحدة قيمة الصناعة).
وهو يتهجم على الاسهم لمجرد انها تجريد لايفهمه وليس بقادر على التحكم فيه ولايعرف القواعد التي تحكمه، فيغضب ويحكم عليها بالعنة الاسلام.
الجميل ان يسمح بالنقد الذي يعترف بأنه تجريد (والنقد الورقي لم يعرفه محمد) في حين الاسهم تصبح بالنسبة له " تجريد التجريد" على الرغم من انها في الواقع يمكن استخدامها مثل النقد تماما. الفرق بينهم ان الاسهم وحدة تحددها وتضمنها وحدة اقتصادية معينة ومحدودة ، في حين ان النقد وحدة اقتصادية عامة تضمن قيمتها الدولة وتحقق سهولة في المقارنة.
لهذا السبب ليس من المريح استخدام السهم كوحدة لشراء كيلو سكر كما هو الحال مع النقد، لفقدان القدرة على المقارنة، اي ليس لان السهم " تجريد التجريد" وانما لان قيمته مستمدة من وحدة اقتصادية صغيرة ليس بالضرورة معروفة القيمة لطرفي التبادل في لحظة التبادل.

اذا هي تجريد التجريد !

هذا هو التجريد كما شرحته أنت ! كان معك مال ممكن ان تداوله في كل شيء ، و اصبح التداول متعذرا إلا على نطاق ضيق . و النقد اوسع مجالا ، لكن النقد ايضا ليس مثل السلعة . لاحظ ان التذبذب في القيمة يزداد و نطاق التداول يضيق ، انا لم اقل ان الاسلام حرم الاسهم و لست مفتيا ، ولكن من وجهة نظري ان كل ما بنته الراسمالية هو خادم لها ، و ليس في صالح الطبقات الاخرى . و الواقع شاهد بذلك ، فالضعفاء هم ضحايا دار القمار (البورصة) . كل ما صنعه الاقوياء هو لصالح الاقوياء . و ليس في الراسمالية ولا جزئية واحدة تفيد الضعفاء فائدة حقيقية و مستمرة ، و ها هم يتظاهرون ضد الراسمالية في قمة البلاد الراسمالية و راعيتها الاكبر امريكا ، وهذا يؤيد كلامي ولا يؤيد كلامك .

اذا الواقع معي و ليس معك . لو كانت الراسمالية خيرا لهم لما تظاهروا بكل هذه الاعداد على مدى خمسين ولاية . بل و في كل العالم الراسمالي ، مما يعني انه نظام مجحف للاكثرية وخادم للاقلية المهيمنة ليس فقط على الاقتصاد بل حتى على الاعلام والسياسة ، و بقيت الديموقراطية والمساواة مجرد وهم للاستهلاك العام .

اما عن البديل ، فلا يوجد بديل إلا الإسلام الحقيقي الذي يـُطلب ولا يـُفرض . و ستظل البشرية تتخبط ويأكل بعضها بعضا ما دامت لا تريده . ولا فكاك او حل آخر لهم ، حتى لو غضبت و زمجرت .

(01-31-2012, 06:45 PM)الــورّاق كتب:  اذا الواقع معي و ليس معك .
اما عن البديل ، فلا يوجد بديل إلا الإسلام الحقيقي الذي يـُطلب ولا يـُفرض . و ستظل البشرية تتخبط ويأكل بعضها بعضا ما دامت لا تريده . ولا فكاك او حل آخر لهم ، حتى لو غضبت و زمجرت .

بالهنا والشفا، ولكن لماذا تتخبط حتى دول الشريعة؟ لماذا لانرى فيها نظام اقتصاد " الاسلام الحقيقي" ونجدها تتبنى النظام الرأسمالي في اكثر اشكاله اجحافا، بحيث انها ملكية اكثر من الملك؟
في الواقع ، لايوجد مايدل على انه كان هناك "نظام اقتصادي إسلامي" منذ عهد محمد وحتى اليوم، لماذا؟
او لربما انا مخطأ، فهل تدلنا على نموذج للنظام الاقتصادي الاسلامي، في التطبيق، الذي تتدعي بوجوده وتسوقه على انه الحل؟

(01-31-2012, 08:08 PM)طريف سردست كتب:  

(01-31-2012, 06:45 PM)الــورّاق كتب:  اذا الواقع معي و ليس معك .
اما عن البديل ، فلا يوجد بديل إلا الإسلام الحقيقي الذي يـُطلب ولا يـُفرض . و ستظل البشرية تتخبط ويأكل بعضها بعضا ما دامت لا تريده . ولا فكاك او حل آخر لهم ، حتى لو غضبت و زمجرت .

بالهنا والشفا، ولكن لماذا تتخبط حتى دول الشريعة؟ لماذا لانرى فيها نظام اقتصاد " الاسلام الحقيقي" ونجدها تتبنى النظام الرأسمالي في اكثر اشكاله اجحافا، بحيث انها ملكية اكثر من الملك؟
في الواقع ، لايوجد مايدل على انه كان هناك "نظام اقتصادي إسلامي" منذ عهد محمد وحتى اليوم، لماذا؟
او لربما انا مخطأ، فهل تدلنا على نموذج للنظام الاقتصادي الاسلامي، في التطبيق، الذي تتدعي بوجوده وتسوقه على انه الحل؟

طبعا : "بالهنا والشفا" للاقوياء ، لمص دماء الضعفاء شعوبا وافرادا ، كما تشتهي الراسمالية .

انت حرفت الموضوع . انت تقيم موضوع فكري من خلال الواقع و التاريخ ، والواقع والتاريخ مجال بحث لدراسات اخرى عدا مجال الفكر . هذا هو القرآن تستطيع ان تستشف منه النظام الاقتصادي الذي يريده الاسلام و تقيمه بطريقة فكرية ، اما الدخول في الدول و الواقع والسياسة والمؤثرات فهي متاهات لا نهاية لها و مؤثرات ليس المجال لحصرها .

انا مثلا لا اسمح لنفسي بان انتقد الشيوعية من خلال انها فشلت في التطبيق ، مع ان فشلها كان ذريعا ، بل انتقدها من خلال افكارها ؛ لان التطبيق تؤثر فيه عوامل كثيرة وليس فقط الافكار .

أخي الوراق

نهارك سعيد

موضوع ممتاز وأتفق معك فيه في جانب وأختلف في جانب.

السوق المالي ضروري لتمويل النشاط الإستثماري فمثلا لو كان معك أنت وأنا ومجموعة رجال أعمال 40 مليون دولار وأردنا أن ننشأ مشروع استثماري ضخم يحتاج إلى رأس مال قدره 70 مليون دولار على أقل تقدير.

ففي هذه الحالة نذهب إلى السوق المالي ونطرح أسهم للشركة بقيمة 30 مليون دولار للإكتتاب وهكذا نؤمن تكاليف المشروع بالكامل عوضا عن أن نذهب للبنك ونقترض وبالتالي تبدأ الشركة بداية قوية بدلا من أن تبدأ مكبلة ومديونة بقروض للبنوك هذا إن وافقت البنوك على إقراضنا. تخيل لو أن السوق المالي غير موجود ، كيف سوف نتصرف هل سننزل إعلان بالصحف لمن يرغب بالاستثمار أو نكلف سماسرة وشركات استشارات مالية بالبحث عن مستثمرين ،،، صدقني سيكون الأمر صعبا جدا بدون السوق المالي وشبه مستحيل.

لكن على الجانب الآخر ليس هذا هو كل شيء فأنا أتفق معك تماما أن المضاربة بالأسهم عمل مدمر للإقتصاد مثلها مثل القمار وهو ما حدى بكثيرين إلى اقتراح تشريعات تمنع المضاربة وبيع السهم قبل مرور عدة سنوات على تاريخ شرائه ، فالسهم هو حصة لي في شركة ما وبموجبه أستحق نسبة من الأرباح السنوية الموزعة تساوي حصتي بالشركة ، لكن ما يحدث هو أنه يجري تداول هذه الأسهم بشكل يومي بحيث فالشركة ومساهميها لا يستفيدون بشكل مباشر من نشاط المضاربين بعد أن يشتري أول دفعة للمساهمين أسهمهم من السوق الأولي الذي تطرحه الشركة للإكتتاب العام والذي يمول نشاط الشركة ويذهب إلى خزينتها، فمن يتداول الأسهم بعد ذلك هم في معظمهم من المضاربين وليسوا المستثمرين الذين لا يختلفون بشيء عن المقامرين فهم يشترون السهم لأنهم يراهنون على ارتفاع قيمته السوقية ومن ثم بيعه في ايام او اسابيع محدودة وهو عمل لا يمثل أي نشاط إنتاجي ولا يختلف بشيء عن المراهنات التي تجري على سباقات الخيل واللوتري.

حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الأرقام الموجودة في البورصات والبنوك والمؤسسات المالية هي عملياً 300 تريليون أي أي أكثر من 9 أضعاف القيمة الحقيقية للسلع والخدمات على كوكب الأرض (الناتج القومي لدول العالم) البالغة 40 تريليون دولار ناهيك عن بورصات الذهب والنفط والسلع الاستراتيجية الأخرى وهو ما جعل كمية النقد المتبادل في أسواق الصرف ، أكبر من كميات إجمالي الناتج المحلي لجميع أمم الأرض بمئات المرات وهو ما تسبب بتضخم الأسعار بسبب تحول وول ستريت وبورصات الأسهم وبورصات السلع أيضا إلى كازينو و صالة للقمار يتلاعب بها مقامرون متخصصون ، بينما يقع الصغار ضحايا البحث عن الربح السريع